الحمد لله معز من أطاعه ومذل من عصاه..والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه وأصلي وأسلم على أشرف من بعث للثقلين وعلى آله وصحبه أجمعين:

فلا يعرف قلمي طريق للكتابة فكل ما أتذكره من هذه الدنيا... زلات... ومعاصي ... وذنوب... ولكنني متفائل.. ومحسن الظن بالله لأنه قال: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) ونحن بإذن الله لسنا بقانطين ولا يائسين ونحمد الله الذي جعل لنا الناس عبرة وموعظة ولم يجعلنا نحن العبرة فأي فضل أعظم من هذا من الله به عليَّ.

أنا قصتي أخوة الإيمان حدثت بسنه 1421هـ عندما كنت مدخناً وكنت عازفاً وكنت لا أقيم للصلاة وزناً بحياتي وكانت ذنوبي تتعدى عنان السماء.. والله المستعان... وكان لي أحد الأقارب وكان متعاطياً للمسكرات المحليـــة والخارجية وكانت له علاقات محرمة بأنواعها.. وأي شيء يخطر على بالك أخي القارئ.. نعم.... علاقات مجون ومعصية وفواحش والعياذ بالله ومرة من المرات كنت مباشراً في عملي بينما نحن في عملنا وردني اتصال من أحد الإخوة وقال بأن قريبك فلان حصل له حادث سيارة بالشارع المقابل لكم.. فتحركت مسرعا على سيارتي وعندما وصلت له وجدته بصحة وسلامة.. فنهرته وزجرته... لماذا.. لأنه كان يقود السيارة وهو متعاطي مادة المسكر.. فوعدني بأن لا يكررها وأنه إذا شرب سوف يبقى في غرفته لكي لا يكتشف أمره..... مضت الليالي بظلمتها. ومضت الأيام بخيرها وشرها.... وفي ليلة العيد.. عيد الفطر.. يعني ليلة الثلاثين من رمضان.. كانت الفاجعة... هي

أنه قريبي هذا قد حصل له حادث مؤلم وكان وقتها متوجهاً من غرفته بمحافظة الجبيل إلى مدينة الدمام وفي منتصف الطريق تذكر أنه قد نسي شيئاً فعاد لأخذه وعلى الطريق وبالتحديد فوق كبري المدينة الموجود عند مدخل الجبيل حصل له حادث وهو سقوط السيارة من فوق الجسر إلى الأسفل مما أدى إلى ارتطام السيارة من

مقدمتها ونتج عن هذا دخول الفايبر برأسه ومقود السيارة ضغط على صدره..... فتوقفت النبظات... وذهبت الشهوات... وبقيت الحسرات.... ولم نعرف ماذا كانت مسببات الحادث... أدخل بالسرعة القصوى إلى العناية المركزة في مستشفى الجبيل العام ليتلقى العلاج... لعل الله أن يكتب له عمراً جديداً.... المهم.... عندما وصلني الخبر... تفاجئت بأنه كان في حالة غير طبيعية من جراء تناوله مادة المسكر.... أخبرني بذلك أحد الأخوة من القرابة كذلك الذين حضروه وهو بسيارته مضرجاً بالدماء فوجد بمكان الأكواب قارورة الخمر فقام بأخذها وإلقاؤها بعيد لكي لا يرونها رجال الأمن إذا حضروا الحادث ولكي لا يحاسب عليها بعد استفاقته..

سبحان الله.. ونسينا حساب الله.... هل تظن أنني تضايقت..... أو تذكرت أن هناك من يمهل ولا يهمل.... لا.. توجهت للمستشفى ووجدته مطرحاً على السرير الأبيض وقد عصب رأسه وتمت تغطية العينين بالقطن وتم وضع التنفس الصناعي بفمه... يا لله... منظر مروع.. ولكن لمن كان له قلب... كان يرافقني أحد الزملاء بالعمل... فقال... نسأل الله أن ينجيه... فماذا قلت أنا..... قلت يا رجال ما عليك كلها كم يوم ويصحى وأعلمه كيف يشرب الخمرة وهو يسوق ... قلب ميت.. فؤاد لا يستشعر قدرة الخالق..... يا عبد الله.. مضى عليه سبعة أيام لا يتحرك.. وعندما سألت الدكتور عنه.. قال إن حياته.. واحد بالمئه..

فنفرت.. وقلت.. أنت الله... الله وحده هو العالم... الحياة بيد الله ما هي بيدك.... فذهبت وتركته.... الله المستعان... وفي صبيحة يوم الثامن من الشهر العاشر بعد رمضان اتصل علي رجل الأمن المناوب على قريبي وقال أين إخوانه؟؟ قلت لماذا..... قال فلان انتقل إلى رحمة الله .... فقلت: اتق الله هذا غير صحيح.... قال هذه الأمور لا مزاح بها... أخبر أهله بالقدوم لإنهاء إجراءات تغسيله ودفنه.... حضروا إخوانه وكانت الحالة صعبه جداً جداً.... فعلاً إنني لن أنسى ذاك الموقف أبداً... من الجهل وعدم معرفتي بالدين بأن الميت الذي لا يصلي.. فأنه لا يصلى عليه

ولا يدفن في مقابر المسلمين.. بل يكب على وجهه بعيداً.. المهم أدينا الصلاة عليه بالجبيل البلد في مسجد الورثان... وانطلقنا به إلى المقبرة... وهناك.. كان لي موعد مع الملك... فقد رأيت ما وعدنا ربنا حقاً... رأيت القبر.. ورأيت اللحد.. الذي لا طالما غفلت عنه... وهناك ذرفت دموعي.. ولكن ليست عليه ..... لا والله... لا وألف لا...... لم أبكيه... ولن أبكيه.. فأنا أحق أن أبكي نفسي.. يا أخوتي.... في تلك الليلة.. لم تغمض عيني أبداً وبقيت أسبوعين على حالة يرثى لها... وفي أخر الأسبوع الثاني..... وعندما كنت نائما.. استيقضت على الآذان... نعم أذان الفجر..... حي على الصلاة.... الصلاة خير من النوم... وبدون شعور مني استيقظت. ملبياً النداء... وذهبت للمسجد بعد الوضوء وصليت مع أناس وجوههم نيره تعلو محيياها السعادة والسرور والطمأنينة.... فيا ربي لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين