+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 6
  1. #1
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7058

    افتراضي التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، اللهمَّ أعِن وسدِّد.

    أما بعد:
    فقد سألني أحدُ الأصدقاء الأعزاء سؤالاً مفادُه: أنَّ الناس حثُّوه على السعي لأخذ الجنسية الألمانية، وأنه بأخْذها سيَزيد رزقُه من الله - تعالى - فهل هذا صحيح؟


    فأقول:
    قال - تعالى -: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ} [آل عمران: 152]، ولا شكَّ أنَّ أكثر الناس في عصرنا هذا يريدون الدنيا، وقد قال - تعالى -: {إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ} [البقرة: 243]، وقال - تعالى -: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود: 17]، وقال - جلَّ وعلا -: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103].


    فإنَّ عدمَ الشكر لله، وعدمَ الإيمان به يُفضي إلى حبِّ الدنيا، وعدمِ التعلُّق بالله - سبحانه وتعالى - وعدمِ الإيمان أو ضعفه باليوم الآخر، وهذا كلُّه إنما سببه هو الضلال، والجهل بالله وبشرعه؛ ولهذا قال - تعالى -: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [النحل: 38] لا يعلمون بالله، ولا بآياته ولا بأحكامه؛ لأنَّ العلم النافع له ثلاثة أقسام:
    العِلم بالله - تعالى - وأسمائه وصفاته.
    العِلم بأحكام الآخرة والحياة البرزخية.
    العلم بأحكام الشريعة مِن حلال وحرام.


    فعلى الإنسان إنْ جهل شيئًا منها أن يسألَ أهلَ الذِّكْر من العلماء الربانيِّين، وطلبة العلم المخلصين؛ فقد قال - تعالى -: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وفي هذه الآية قسَّم الله الناسَ إلى قسمين:
    أناس يعلمون، وهم العلماء، وأناس لا يعلمون، وهم العوام.

    ولذا قال بعضهم: الناس أربعة: إما عالِم، أو ساع إلى العلم - أي: طالب علم - أو محب لأهل العِلم، أو عوام رعاع، فكنِ الأولى، وإن لم تكن الأولى، فكنِ الثانية، وإن لم تكن الثانية، فكن الثالثة، ولا تكن الرابعة فتَهلِك.

    ولا شكَّ أنَّ على الإنسان سؤالَ أهل العلم الربانيِّين المخلصين الذين يخشَوْن الله ويتَّقونه، ويجب عليه اجتنابُ سؤال مَن هم منتسبون إلى العلم لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - الذي قسَّم فيه المراحل الدعوية إلى خمس مراحلَ، تمرُّ على المسلمين، وهي الشرُّ المحض، وكان في الجاهلية، فقد مرَّ على الصحابة قبلَ إسلامهم، ثم الخير المحض، وهو عصر الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم الشرُّ غير المتمحض، ثم الخير غير المتمحض، ثم الشر المتمحض، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذه المرحلة: ((دُعاةٌ على أبواب جهنمَ، مَن أجابهم إليها قذفوه فيها))؛ أي: سيكثر فيها أمثالُ هؤلاء، فقال حذيفة: يا رسولَ الله، صِفْهم لنا، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((هُم مِن جلدتنا، ويَتكلَّمون بألسنتنا))؛ متفق عليه.

    فيجب على المسلِم التَّقيِّ الوَرِع أن يسأل أهلَ العلم من أهل السُّنة والجماعة، الذين شُهِد لهم بأنَّهم على صلاح وتقوى، ويقتفون أثرَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَّا إن سأل الصنفَ الثاني، وهم طلبة العلم المخلصِين الربانيِّين، فهم من أهل العلم والذِّكْر أيضًا، إن شُهِد لهم بالصلاح والتقوى، وأمَّا إن سألتَ الصنفَ الثالث الذين هم يحبُّون أهل العلم، ولكنَّهم لا عِلمَ لديهم، فهم سيُعينونك على الوصول إلى أهْل العِلم لسؤالهم، إن كانوا فعلاً يحبُّون أهل العلم، ويتحرَّز من سؤال الصنف الثالث أيضًا؛ لأنَّ بعضهم قد يجيب على جهْل؛ لأنَّه قد يستحي أن يقول: إنَّه لا يعلم.

    أما إن سألتَ الصنف الرابع، وهم العوام، وهم أكثرُ الناس، فسوف يضلُّونك، فيُدْلي هذا برأيه وذاك برأيه، فيكون الدِّين عندهم مجرَّد آراء يرونها تبعًا لهواهم... وهكذا؛ ولذا قال - تعالى-: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116]، والعوامُّ هم الذين لا عِلم لهم بالدِّين وأحكام الشريعة، وليس كما يقول البعضُ: إنَّهم الذين لا يكتبون ولا يقرؤون، فأنت قد تجد أساتذة بالجامعات، ومدرِّسين ومحاضرين، ولكنَّهم من العوام الذين لا يعرفون أحكامَ هذا الدِّين أو بعضه.

    ولذلك قال لك أكثرُ الناس بأنَّ الله سيرزقك أكثرَ، ويَزيدك مما عندَه، إن أنت أخذتَ الجنسية الألمانية، فأقول: إنَّ هذه المسألة قد أخطؤوا فيها ولم يصيبوا، وذلك للآتي:
    أولاً: لأنَّ هذا تخرُّص وادِّعاء بمعرفة الغَيْب الذي لا يعلمه إلاَّ الله؛ فشؤون الأرزاق بِيَد الله - تعالى – وحده إعطاءً ومنعًا وعلمًا.
    ثانيًا: أنَّ هذه النظرة هي نظرةٌ دنيوية بحتة، واعلمْ يا أخي، أنَّ العِبرة في البركة، وليست بالدخول والرواتب، فإنَّك قد تجد أناسًا هم من الأغنياء، ولكن أموالهم ذاهبةٌ سُدًى، لا يَعرفون أين صرفوها، وفيما أنفقوها، بل وتجد بعضَهم غارقين بالدُّيون، وقد تجد أناسًا بالكادِّ يجدون أقواتهم، ولكنَّهم في راحةٍ ونعيم، ورضًا بالله، شاكرون له على نِعَمه، وما عليهم مِن ديون، ولا شيء، بل راتبُهم يكفيهم، ويفيض.
    ثالثًا: أنَّ هذا يُنافي كمالَ التوكُّل على الله - سبحانه وتعالى - فالله هو الرزَّاق الكريم، وهو يُعطي ويقسم الأرزاقَ للناس على حسب ما شاء، وعلى حسب تُقاهم، ولا شكَّ أنَّ على الإنسان أن يأخذ بالأسباب، فمعنى التوكُّل هو أن تأخذَ بالأسباب المعينة، وأن تركنَ قلبَك إلى الله - تعالى - بالكلية، وتُعلِّقه به، لا بتلك الأسباب، فأنت إن تركتَ الأسباب كنتَ متواكلاً، وإن ركنتَ إليها دون الله كنتَ غيرَ متوكل عليه، وهذا ضعْف إيمان، وربَّما أفضى إلى كُفْر، فالواجبُ هو أخْذ الأسباب والتعلُّق بمسبب هذه الأسباب الله - سبحانه وتعالى.


    وقد يقول قائل: إنَّ أخْذ الجنسية أليسَ من الأسباب؟!

    فنقول: إنَّ الأسباب منها ما هو منافٍ للتوكُّل؛ لأنَّه محرَّم في أصله، مثلاً كالذي أراد الأولادَ، وقال: أنا متوكِّل على الله، ولا بدَّ بأخذ السبب ألاَّ وهو الزواج، ثم هو تزوَّج زواجًا محرَّمًا كنِكاح الشغار، أو نكاح المتعة، أو نكاح بلا ولي، أو ما أشبه، فهذا سببٌ حرام، ومنها ما هو مباح أو واجب، ينبغي للمرء ألاَّ يدعَه.

    وبقي الآن أن نرى أخْذ الجنسية الألمانية أو الأوروبية، أو أخْذ جنسية بلد كافر بشكلٍ عام من أيِّ الأسباب هو.

    لقد فرض الإحتلال على بلاد المسلمين أمورًا كثيرة، هي ليست من الدِّين، فضُربت الحدودُ والحواجز، وأصبح لكل امرئٍ جوازٌ وجنسية، تعتبر كالعنوان له، فهذه الأمور فُرِضت فرضًا على الناس، والناس إن قسمناهم من حيثُ الكفر والإسلام، فهم إمَّا كافر أو مسلم، سواء كان الكفار أهلَ كتاب أم مجوس أم غيرهم، والسؤال الذي يطرح نفسَه الآن: هل يجوز للمسلِم حملُ جنسية بلد كافر، والسعي وراءَها لأخْذها؟

    جاء جواب اللجنة الدائمة للإفتاء كالتالي:
    "لا يجوز لمسلِم أن يتجنَّس بجنسية بلادٍ حكومتُها كافرة؛ لأنَّ ذلك وسيلةٌ إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل، أمَّا الإقامة بدون أخذ الجنسية، فالأصلُ فيها المنع؛ لقوله - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا* إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ…} الآية [النساء:97 - 98]، ولقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا بريءٌ من كلِّ مسلِم يُقيم بين المشركين))، ولأحاديثَ أخرى في ذلك، ولإجماعِ المسلمين على وجوب الهِجرة من بلاد الشِّرْك إلى بلاد الإسلام مع الاستطاعة، لكن مَن أقام من أهل العِلم والبصيرة في الدِّين بين المشركين؛ لإبلاغهم دِينَ الإسلام، ودعوتَهم إليه - فلا حرجَ عليه إذا لم يخشَ الفِتنة في دِينه، وكان يرجو التأثيرَ فيهم وهدايتَهم. وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وآله وصحبه وسلَّم.


    وجاء أيضا لهم:
    "انتقال المسلِم من جنسية دولته المسلِمة إلى جنسية دولة أخرى مسلِمة يجوز، أمَّا انتقال مسلِم من جنسية دولتِه المسلِمة إلى جنسية دولةٍ كافرة، فلا يجوز.
    وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وآله وصحبه وسلَّم".


    وهذا هو الجوابُ الراجح، والذي عليه أكثرُ علماء هذا العصر: أنَّ هذا الأمر حرام؛ لأنَّ الجنسية حتى وإن فُرِضت عليك، فهي كعنوان لك، ولازِمُها أمور كثيرة إن كانت مِن بلد كافر، كالولاء للبلد الكافر، والخِدمة العسكرية، وغيرها.

    وقد يقول قائل: إنَّ القاعدة الشرعيَّة تقول: "بأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًافهل إذا انتفت علَّة التحريم هنا، وهي الموالاة وغيرها، انتفى معها الحُكم بالحُرْمة؟

    فنقول: لا؛ لأنَّ الحُكم لا يتعلَّق بالموالاة فقط، حتى وإن لم توالِهم، فتبقى الحُرمة لأسباب أخرى، ومنها:
    أنَّ أخْذ الجنسية هي ذريعةٌ وفتحٌ لباب الشر، فإن أمنت على نفسك، فلا تأمن على غيرك، والقاعدة الشرعية تقول: "دَرْء المفاسد مُقدَّم على جلْب المصالح"، فيجب سدُّ هذه الذريعة من أصلها، ثم أنت إن أمنت على نفسك، فلا تقدر أن تأمنَ على أهلك وأولادك من شرِّ هذه الجنسية، التي تُعطي الحرية الكاملة للولِد ليعُقَّ والديه، وكم رأينا أولادًا وبناتٍ في ريعان الشباب يهربون مِن آبائهم لأتْفه الأسباب، ويلجؤون إلى هذه الدول الكافرة التي يحملون جنسيتَها، ويبقى الوالدان في حسرتهما، وما كان لهم أن يفعلوا هذا لولا حملُهم لتلك الجنسيات.
    أنَّك ستظلُّ مربوطًا بهم، حتى وإن عشتَ خارج بلادهم، فالأحكامُ التي تسري على مواطنيهم داخلَ البلاد تسري أيضًا عليهم خارجها، ومعلومٌ أنَّ أحكامهم أحكامُ كُفْر.
    أنَّها ذريعة لبقائك في بلادهم، والبقاءُ في بلاد الكفر أصلُه الحُرْمة والمنع، خصوصًا لِمَن لم يكن عنده عِلمٌ يدفع به الشبهاتِ، وإيمانٌ يدفع به الشهواتِ عن نفسه وأهله، وهذا البقاء قد يُفضي إلى حبِّهم وموالاتهم، وإعطاء الدَّنية في الدِّين، وتعظيمهم وخشيتهم، نسأل الله العافية.
    أنَّك إن بقيتَ في بلادهم لرُبَّما أُجبرتَ على الخِدمة العسكرية، إن كنتَ حديث السِّن، أو لربَّما أُجْبِر أولادُك على هذا، وقد سمعْنا أنَّ بعضًا من أبناء المسلمين شارَك الأمريكان في الحرب على أفغانستان وغيرها، والله المستعان.
    أنَّك عند أخْذها ستضطر إلى التوقيع والقَسم، والتلفُّظ والتفوُّه بالكفر، من موالاة لهم ولأنظمتهم وللعلمانيَّة، وهذا لا يشابه قولَ المضطر للكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنتَ هنا لستَ أبدًا في موقف إكراه ولا اضطرار.


    والأسباب كثيرةٌ لحظرها، ولكن يكفينا مِن العِقد ما أحاط بالعُنق.

    قد يقول قائل: إنَّ الحرام يُباح للضرورة، فنقول: نعم، ولكن الضرورة تُقدَّر بقدرها، وليس لأحد أن يُقدِّر الضرورة بحسب ما يرى، أو بحسب هواه، فإنَّ الذي حظر الأمر وأباحه للضرورة هو الله - سبحانه وتعالى - الرحيم الحكيم، فيشترط لها شَرْطان:
    الأول: ألاَّ تجدَ إلاَّ هي؛ أي: إنَّه لا يوجد غيرها، والثاني: أن يغلبَ على ظنِّك أنَّها تفي بالغرض، (وحبَّذا لو مثَّلْنا على هذا لتتضحَ الصورة، مثلاً لو انقطعت من الزاد في الصحراء، وأوشكت على الهلاك، ثم رأيتَ جيفة ميتة، فلا بدَّ لك أن تأكلَ منها؛ لأنَّ هذه ضرورة، لكن إن كان معك بعيرُك أو شاة وجب عليك ذبحُها، فقد وجدتَ البديل الحلال، ومثال الشرط الثاني: لو أنَّك عطشتَ ولم تجد إلاَّ كأسًا من الخمر، فإنَّه يغلب على ظنِّك أنك لو شربتَه ستعطش أكثرَ فأكثر، فهنا نقول: لا تشرب.


    وهذان شرطان يختصَّان بذات البدل، ولأمر الضرورة بشكل عام شرطٌ، وهو أن تُقدَّر بقدرها؛ أي: إنك إن وجدت جيفة في الصحراء، وقد أوشكتَ على الهلاك، ولم تجد غيرَها، وغلب على ظنِّك أنَّها تفي بالغرض، فوجب عليك الأكْل منها بالقدر الذي يُقيمُ صلبَك، ويدفع عنك أمرَ الهلاك فقط، فهذا من القَدَر المدفوع بقَدَر آخرَ، ويحرُم عليك الأكْلُ منها حتى تشبعَ، وتملأ بطنَك.

    وإذا نظرْنا إلى أمر الجنسية، وحال الناس معها، والذين يدَّعون أنَّها ضرورة، فنقول: إنَّ معظمهم يأخذونها للعمل؛ أي: لطلب الرزق، وآخرين يأخذونها لتسهيل التنقُّل والسفر، وفي كلا الحالتين ليست ضرورةً؛ لأنك ستجد طرقًا غيرها في طلب الرِّزق أو في السفر والتنقل حتمًا؛ {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2 - 3].

    وإن سلَّمْنا - جدلاً - أنَّها ضرورة من هذا الجانب، وعلمتَ أنَّ الضرورة تُقدَّر بقدرها، فهل ستتخلَّى عنها عند قضاء حاجتك؟! الغالب، والذي عليه الناس: أنَّهم لا يتخلَّوْن عنها أبدًا، بل هم لا يطلبون الرزق أصلاً ولا السفر والتنقل، فتجدُهم لا يعملون غالبًا، بل يعيشون على ما يأتيهم من الدولة مِن مساعدات، ولا يُسافرون إلاَّ نادرًا جدًّا، لربما مرَّة في العمر كله، ويبقَوْن في بلاد الكفر، فيَنسلِخون من دِينهم شيئًا فشيئًا، حتى إنَّك لا تفرِّق بين أبنائهم وأبناء الكفَّار من حيثُ المظهر والأفكار، وربما العقائد؛ إلاَّ بصعوبة بالغة، نسأل الله السلامةَ والعافية.

    فيبقى مِن أهل الضرورات مثلاً مَن هو مهدَّد بالقتْل في بلاد المسلمين، أو ما أشبه، وعلى كلِّ حال الضرورات الشرعيَّة مرجعها إلى الشرع، فيجب على المرء سؤالُ أهل العلم عمَّا إذا كانت حالتُه ضرورةً تُبيح له المحظور، أم لا.

    وأخيرًا أقول لأخي السائل:
    ينبغي للمسلِم المؤمِن أن يُعلِّق قلبَه بالله وحده - سبحانه وتعالى - وأن يُلقي عن قلبِه همَّ الدنيا وحبَّها، فخذْ بالأسباب المشروعة الصحيحة، وتوكَّلْ على الله فهو حسبُك، وتذكَّر قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الثابت: ((مَن تَرَك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه))، وتذكَّر قوله أيضًا - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ رُوحَ القدس نَفَث في رُوعِي: أنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستكملَ أجَلَها، وتستوعبَ رِزقَها، فاتَّقوا الله، وأجْمِلوا في الطلب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبَه بمعصية الله، فإنَّ الله - تعالى - لا يُنال ما عنده إلاَّ بطاعته)).

    وعلِّقْ نفسك بالآخرة، وكنْ على يقين راسخ بأنَّ الله يُعوِّض أولياءَه بالنعيم التامِّ يوم القيامة، حتى وإن عاشوا في الدنيا بفقْر، فإنهم سيعيشون في الجَنَّة في نعيم، مِن قصور وأنهار، وثمار وحدائق، وسُرر مرفوعة، وأكواب موضوعة، وذَهَبٍ وحُلي وفضة، وحرير وحور عين، ولهم فيها ما يَشتهون، والأعظمُ من هذا أنَّهم سيرون ربَّهم - سبحانه وتعالى.

    واعلمْ أنَّ أولياء الله هم الذين يتقونه ويخشَوْنه، ويُحبُّونه ويُطيعونه، وَيرجُون رحمتَه، ولا يُشرِكون به شيئًا، وتذكَّر قول رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمر بن الخطَّاب عندما قال عمر - رضي الله عنه - عندما رأى حالَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: وإنَّه لعلَى حصير - يقصد رسولَ الله - ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسِه وسادة مِن أدم، حَشوُها ليف، وإن عندَ رجليه قرظًا مصبوبًا، وعند رأسه أُهبٌ معلَّقة، فرأيت أثرَ الحصير في جنبه فبكيتُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمر: ((ما يُبكيك؟))، فقال عمر: يا رسولَ الله، إنَّ كسرى وقيصر فيما همَا فيه - يقصد من نعيم الدنيا - وأنت رسولُ الله – يقصد: وهذه حالك من فقر وقساوة عيش - فقال رسول الله: ((أَمَا ترضَى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟!))، وهذا سؤال محمولٌ على التوكيد، والتذكير بأنَّ للكفار الدنيا، وللمسلمين الآخرة، ونعيم الآخرة أكبرُ لو كانوا يعلمون.

    و صلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارِكْ على سيِّدنا محمد، وآله وصحبه أجمعين


    فادي نضال عمر

     
  2. #2
    محمد ابو الطاهر is on a distinguished road الصورة الرمزية محمد ابو الطاهر
    تاريخ التسجيل
    12 / 04 / 2008
    الدولة
    الاردن
    العمر
    53
    المشاركات
    1,449
    معدل تقييم المستوى
    1646

    افتراضي رد: التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

    شكرا وبارك الله فيك

    اللهم إني اسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يبلغني حبك اللهم اجعل حبك احب اللي من نفسي واهلي واولادي ومن الماء البارد على الظمأ.
    http://mohamedmahroom.maktoobblog.com/

     
  3. #3
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7058

    افتراضي رد: التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

    شكرا لمرورك على مشاركتي أخ محمد

     
  4. #4
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    51
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26548

    افتراضي رد: التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

    جزاك الله كل الخير .. مع الشكر

     
  5. #5
    ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute ابو عيسى has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو عيسى
    تاريخ التسجيل
    08 / 11 / 2007
    الدولة
    ليبيا - بنغازى
    العمر
    58
    المشاركات
    3,311
    معدل تقييم المستوى
    5906

    افتراضي رد: التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

    شكرا وبارك الله فيك على الافادة




     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك