اسمع إلى هذا التائب في رمضان، وهو يحاول أن يصف فرحته وسعادته فيقول: "ما أجمل رمضان، وما أحسن أيامه، سبحان الله! كل هذه اللَّذة، وهذه الحلاوة، ولم أذق طعمها إلا هذا العام، أين هي عني كل هذه السنوات؟؟
إيه.. بل أين أنا عنها، فإن من تحر الخير يعطه، ومن بحث عن الطريق وجده، ومن أقبل على الله أعانه..
صدق الله في الحديث القدسي: "مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا تقربت منه ذِرَاعًا"، سبحان الله!!
أشعر أن حِملاً ثقيلاً زاح عن صدري؛ وأشعر بانشراح فسيح في نفسي، أول مرة في حياتي أفهم تلك الآية التي أسمعها تقرأ في مساجدنا{ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[ الأنعام 125].
أين ذلك الضيق ؟ وتلك الهموم التي كانت تكتم نفسي حتى أكاد أصرع ؟ أين تلك الهَواجِس والأفكار والوساوس؟ أين شبح الموت الذي كان يلاحقني فيفسد عليَّ المنام ؟ إنني أشعر بسرور عجيب، وبصدر رحيب، وبقلبي لين دقيق، أريد أن أبكي! أريد أن أناجى ربى، وأعترف له بذنبي، لقد عصيت وأذنبت، وصليت، وتركت، وأسررت، وجاهرت، وأبعدت، وقربت، وشرقت، وغربت، وسمعت، وشاهدت..
والله لولا الحياءُ ممن بجواري لصرخت بأعلى صوتي؛ أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء بذنبي، فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنب إلا أنت، لسان حالي يقول للإمام: لماذا قطعت عليَّ حلاوة المناجاة يا إمام؟! لماذا رفعت من السجود فحرمتني من لذة الاعتراف والافتقار للواحد القهار؛ يا إمام أريد أن أبكى فأنا لم أَبْكِ منذ أعوام..
يا إمام أسمعني القرآن، فلقد مَلَلْت ملاهي الشيطان؛ يا إمام لماذا يذهب رمضان، وفيه عرفنا الرحمن وأقلعنا عن الذنب والعصيان؟!!
ما أحلاك يا رمضان.. ما أجملك.. سأشغل أيامك ولياليك، بل ساعاتك وثوانيك.. كيف لا وقد وجدت نفسي فيك!! أليس في الحديث: ((رَغِمَ أَنْف رَجُلٍ دَخَل عَلَيْه رَمَضَان،ُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ))؛ كما في الترمذي، وقال حسن غريب..
شكرا للكاتب عبدالله بن عيسى وجعلها الله في ميزان حسناته
مواقع النشر (المفضلة)