... الدرس الرابع ...
... حداء الصائمين ...
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد ...
للصائمين نغمات خاصة وأهازيج موقّرة وحِداء خالد .
الصائمون أكثر الناس ذكراً لله عز وجل تسبيحاً وتهليلاً وتكبيراً و استغفاراً , إذا طال النهار على الصائمين قصّروه بالأذكار , وإذا آلمهم الجوع أذهبت حرارته الأذكار , فهم من ذكرهم في متعة , ومن تسبيحهم في سعادة , يذكرون الله فيذكرهم : ( فاذكروني أذكركم ) , ويشكرونه فيزدهم : ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) .
الصائمون الصادقون يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم .
الصائمون الصادقون تطمئن قلوبهم بذكر الله , و تسعد أرواحهم بحبِّ الله , وترتاح نفوسهم بالشوق إلى الله .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحيِّ و الميت )) , فلا إله إلا الله كم من ميت ما عرف الذكر وهو يعيش في الحياة يأكل ويشرب ويسرح ويمرح ؟ ولكنه ما عرف الحياة أبداً .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( سبق المفردون , قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ , قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات )) .
الصائم الذاكر أسبق الناس إلى الخيرات , سريع إلى الجنة , بعيد عن النار , سجلاته مليئة بالحسنات , مفعمة بالخيرات , فهنيئاً له .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لرجل سأله عن عمل يتشبث به , قال : (( لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله )) .
والتعبير عن هذا جميل كل الجمال , غاية في الروعة , نهاية في الإبداع , كيف يجوع الصائم وهو يذكر الله دائماً , كيف يظمأ الصائم وهو يسبح الله أبداً .
أذكرونا مثل ذكرنا لكم **** رب ذكرى قربت من نزحا
واذكروا صبَّا إذا مر بكم **** سكب الدمع ونادى الفرح
الذاكرون الله كثيراً هم الذين يذكرونه مع خروج الأنفاس وتلاقي الشفتين , وتعاقب اللحظات .
الذاكرون الله كثيراً سجلوا بذكرهم أعظم الأجور وأعلى الأمنيات وأجزل العطايا .
إذا أعرض بعض المقصرين عن ذكر رب العالمين , اجتاحتهم الهموم , وأحدقت بهم الغموم , وتوالت عليهم الأحزان , عندهم الدواء ولكن ما تناولوه , ولديهم العلاج ولكن ما عرفوه : ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) , صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة )) , فكم من النخيل يفوت أهل النوم الثقيل والعبث الطويل .
أتشفق للمُصِرِّ على الخطايا **** وترحمه ونفسك ما رحمتا
تقطعني على التفريط دوماً **** و بالتفريط دهرك قد قطعتا
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( لئن أقول سبحان الله و الحمد لله ولا إله إلا الله و الله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )) .
ما هي الدنيا ؟ ما هو ذهبها ؟ وما هي فضتها ؟ أي شيء قصورها ودورها , هكذا يزنها عليه الصلاة والسلام , ويثمنها فكل ما طلعت عليه الشمس لا يساوي : (( سبحان الله والحمد لله و لا إله إلا الله أكبر ))
فهل من ذاكراً يملأ ساعاته بهذه الكلمات الغاليات ليجدها يوم العرض الأكبر نوراً وحبوراً وسروراً .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب و الورق , وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال ذكر الله تعالى )) .
كان الأبرار إذا صلوا الفجر جلسوا يذكرون الله عز وجل حتى يرتفع النهار , كان بعضهم ينشر مصحفه بعد صلاة الفجر فيسرح طرفه في الآيات البنات و الحكم البالغات فيملأ صدره نوراً وديوانه أجراً , إن المقصر التقصير كله من فاته رمضان , ولم يسعد بذكر ربه , ولم يصرف ساعاته في تسبيح مولاه .
فهل من مثابر يغتنم أنفاس العمر ودقا~ق الزمن ؟
دقات قلب المرء قائلة له **** إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موت ذكرها **** فالذكر للإنسان عمر ثاني
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)