... الدرس الخامس ...
... رمضان مدرسة للجود و العطاء ...
الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله و آله وصحبه وبعد ...
قال سبحانه وتعالى : ( و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) , و قال سبحانه : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل , في كل سنبلة مائة حبة و الله يضاعف لمن يشاء و الله واسع عليم ) .
في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل , فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة .
إن الصيام يدعو إلى إطعام الجائع وإعطاء المسكين وإتحاف الفقير , وشهر رمضان موسم للمتصدقين , وفرصة سانحة للباذلين و المعطين :
الله أعطاك فأبذل من عطيته **** فالمال عارية والعمر رحال
المال كالماء إن تحبس سواقيه **** يأسن وإن يجر يعذب منه سلسال
ما أجمل البذل و ما أحسن الصدقة وما أجلّ العطاء .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( إن لله ملكين يناديان في كل صباح يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً , ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً )) .
كلما أنفق العبد أخلف الله عليه ببسطةٍ في الجسم وراحةٍ في البال وسعةٍ في الرزق .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار )) , والخطايا لها حرارة في القلوب واشتعال في النفوس , ونار موقدة في الحياة , ولا يطفيء هذه الحرارة و الاشتعال إلا الصدقة .
الصدقة بادرة على القلب طيبة على الروح , تحُتُّ الخطايا حتًّا .
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( كل امرئٍ في ظل صدقته يوم القيامة , حتى يقضى بين الناس )) , عجيب ! جِدُّ عجيب , للصدقة ظل وارف , ولها أوفياء يتظلل في ظلها العباد يوم القيامة , وكل بحسب ظله الذي أنتجته صدقته في الدنيا .
كان عثمان رضي الله عنه صاحب مال وعنده ثراء , فجعل ماله وثراءه في مرضات ربِّه تبارك وتعالى , جهّز جيش تبوك , وشرى بئر رومة للمسلمين , وتصدق وأعطى ولسوف يرضى .
و كان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه غنياً موسراً , فتصدق مرة واحدة بحمل سبعمائة جمل على فقراء المدينة ليكافأه الله على ما فعل .
في الناس صائم لا يجد كسرة خبزٍ ولا مذقة لبن ولا حفنة تمر .
في الناس صائم لا يجد بيتاً يؤويه ولا مركباً يحمله ولا صاحباً يواسيه .
في الناس صائم لا يجد ما يُفطر به أو يتسحر عليه .
وقد صح صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( من فطر صائماً كان له مثل أجره دون أن ينقص من أجر الصائم شيئاً )) .
الصالحون يزيد كرمهم في رمضان , فيبذلون ويعطون وينفقون .
كان كثير من الأخيار يتكفّل بإفطار جماعات من الفقراء و المساكين طلباً للأجر العظيم و الثواب الجزيل من الله تعالى .
كانت مساجد السلف تمتليء بالطعام المقدّم للفقراء فلا تجد جائعاً ولا محتاجاً .
و العجيب أن كل ما ينفقه العبد في أكله و شربه ولباسه , فانٍ زائل لا محالة إلا ما ينفقه في مرضات الله عز وجل .
يقول عز وجل : ( إن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم , والله شكور حليم ) .
أيها الصائم إنك ببذلك وعطائك تقرض ربك ليوم فقرك وحاجتك وضرورتك يوم الفقر والمسكنة , يوم التغابن .
أيها الصائم شربة ماء و مذقة لبن وحفنة تمر وقليل من الطعام و المال واللباس والفاكهة تسديها إلى محتاج هي طريقك إلى الجنة .
أيها الصائم تالله لا يحفظ المال مثل الصدقة , ولا يزكي المال مثل الزكاة , مات كثير من الأثرياء وتركوا الأموال و الكنوز والدور و القصور ما الله به عليم , فأصبح كل ذلك حسرة عليهم , وندامة وأسفاً , لأنهم ما صرفوه مصارفه .
وغداً يظهر لك الربح من الخسران والله المستعان .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)