... الدرس الحادي عشر ...
... كيف تصوم الأذن ؟ ...
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد .
يقول عز من قائل : ( إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلاً ) .
الأذن مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه , والصالحون هم الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه , و يا لندامة من صرف سمعه عن الهدى , وأغلق أذنه عن صوت الحق .
الأذن تصوم عن سماع الخنا والغناء وعن الفحش و البذاء , و للأبرار صيام عظيم عن سماع ما يغضب الله عز وجل في رمضان وغيره .
كثير من البشر عطّلوا ما منَّ الله عليهم به من أعضاء , يقول عنهم سبحانه : ( و لقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها , و لهم أعين لا يبصرون بها , ولهم آذان لا يسمعون بها , أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ , أولئك هم الغافلون ) .
نعم لهم آذان و لكن لا يسمعون سماع موعظة وسماع تدبر وفهم , سماع كثير من الناس كسماع الأنعام تماماً لا ذكرى ولا اعتبار , لا نفع ولا فائدة , قال تعالى : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون , إنهم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً ) .
من الناس من ملأ أذنيه من النغمة المحرمة و الكلمة الآثمة , و المجون الأثيم , حجب عن أذنيه سماع القرآن الكريم , ذلك السماع الشرعي السنيِّ النبوي العظيم .
سماع القرآن الكريم الذي يثمر الإيمان و الهدى و النور و الفلاح .
سماع القرآن الكريم الذي يملأ القلب حكمة وسكينة وأنساً وطمأنينة .
سماع القرآن الكريم حرز من الواردات المنحرفة و الوساوس الخطيرة و الخطرات الآثمة .
قوت الأذن الذكر والعلم النافع و الموعظة الحسنة و الأدب الجم, و درر المعارف ومحاسن القول .
يا أذنُ لا تسمعي الهدى أبداً **** إنّ استماعك للأوزار أوزار
عن أبي حاتم بسند جيد أنه صلى الله عليه وسلم مرّ على عجوز في المدينة فسمعها تقرأ من وراء بابها هل أتاك حديث الغاشية وهي ترددها وتبكي فأخذ صلى الله عليه وسلم يسمع لقراءتها ويردّد " نعم أتاني نعم أتاني " .
مدح الله قوماً بجودة السماع وحسن الاستماع فقال : ( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق ) , فهؤلاء استفادوا أعظم فائدة واستمعوا أحسن سماع .
آذان الصائمين عاكفة على سماع الجميل , وآذان اللاهين مصغية للباطل الدخيل :
لا تستمع إلا لقول صادقٍ **** يغنيك عن خطلٍ من الأقوال
فالأذن نافذةُ العلومِ وخيرها **** أُذنٌ وعتْ ذكرٌ تلاه التالي
إذا سمحت أذن المسلم للكلمة الآثمة بالدخول أخربت بيت القلب وهدمت قصر الإرادة و أفسدت بستان المعارف .
انظر إلى صنفين وفريقين وطائفتين وصفهما رب العزة فقال : ( وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا , فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون , و أما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم و ماتوا وهم كافرون ) , سماع الحق يزيد القلب ثباتاً على الحق , وسماع الباطل يورث في القلب آثار الباطل .
إن من واجب المسلم أن يحمد الله على نعمة السمع و أن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى فيزداد من سماع القرآن الكريم و دروس العلم و المحاضرات النافعة و الحكم البالغة .
و ينقذ أذنه من سماع الإثم والإصغاء إلى الفحش وكل ما يصد عن سبيل الله , يقول تبارك وتعالى عن عباده الصالحين : ( وإذا مروا باللغو مروا كراما ) , وقال تعالى : ( و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم , سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين )
جعلنا الله ممن يستمع القول فيتبع أحسنه .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)