... الدرس الثالث عشر ...
... أخطاء يقع فيها بعض الصائمين ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و بعد ..
يخطيء كثير من الصائمين في عدم التفقه في دين الله تعالى بما فيه الصيام , فكثير منهم لا يعرف ما يفطر صومه و لا ما يجرحه و لا ما يفسده , و ماذا يسن للصائم , و ماذا يجوز له و ماذا يجب عليه و ما يحرم عليه و قد صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : (
من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) , فكأن الذي لا يتفقه في الدين و لا يسأل عن أمور دينه ما أراد الله به خيراً .
يقول سبحانه لعباده : ((
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) , و أهل الذكر هم العلماء , فحق على المسلم الذي يريد أن يعبد الله على بصيرة أن يسأل عما يجهله من أمر دينه و يبحث عن العلم و يحرص على الفقه في الدين .
و يقع بعض الصائمين في ذنوب عظيمة تفسد عليهم صيامهم و تضيع عليهم قيامهم منها الغيبة , و منها النميمة و الفحش في القول و الاستهزاء و اللعن و غيرها من ذنوب اللسان .
و من الأخطاء الإسراف في رمضان في موائد الإفطار و السحور فيوضع من الطعام ما يكفي الفئام من الناس و يكثر من الأنواع و يفنن في عرض كل غال و رخيص من مطعم و مشرب من حال و حامض , و حلو و مالح , ثم لا يؤكل منه إلا القليل و يهدر باقيه مع الفضلات , و يرمى مع النفايات , و هذا خلاف هدي الإسلام العظيم , قال سبحانه و تعالى : ((
و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )) , فكل ما زاد على حاجة الإنسان و استهلاكه فهو إسراف مذموم , و لا يرضى به رب الصائمين و يندرج تحت قوله تعالى : ((
و لا تبذر تبذيراً , إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين , و كان الشيطان لربه كفوراً )) , و قال عز وجل : ((
و الذين إذا انفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا , و كان بين ذلك قواماً)) .
تصبح الأسواق في رمضان مليئة بالمشترين و كلهم يحمل من الأشربة و الأطعمة ما يكفي عشرات الأسر , هناك أسر تموت جوعاً , لا تجد فتات الخبز , تنام في العراء تفترش الغبراء و تلتحف السماء , و أسر هنا أصابتها التخمة من كثرة إسرافها و تبجحها .
من مقاصد الصيام استفراغ المواد الفاسدة في المعدة بتقليل الطعام , و كيف يتم ذلك لمن أسرف في طعامه و شرابه , و بذر في مأكله ؟ .
و كثير من الصائمين قطعوا النهار فكأنهم ما صاموا , منهم من لا يستيقظ إلا عند الصلاة ثم يعود إلى نومه , قطع نهاره بالغفلة و أمضى ليله بالسهر .
فما أطال النوم عمراً و ما **** قصر في الأعمار طول السهر
الحكمة من الصيام أن يعيش الصائم لذة الجوع لمرضاة الله و طعم الظمأ في سبيل الله , و الذي جعل النهار نوماً كله لا يجد ذلك .
و من الصائمين من يلعب ألعاباً أقل أحكامها الكراهة , مثل لعب البلوت , و الإسراف في لعب الكرة , و كذلك ألعاب يزعمون أنها مسلية تضيع الوقت وتفني الساعات في غير منفعة , قال تعالى : ((
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون )) , و قال تعالى : ((
و ذر الذين اتخذوا دينهم لعباً و لهواً و غرتهم الحياة الدنيا )) .
و من الصائمين من يسهر الليل سهراً ضائعاً لا منفعة فيه و لا أجر فهم في لهو و لعب و شرود بينما لا تجد في هذا السهر ركعتين في ظلام الليل .
و من أشنع أخطاء بعض الصائمين تخلفهم عن صلاة الجماعة لأدنى سبب و أتفه عذر , و هذا من علامات النفاق و من براهين مرض القلوب و موت الأرواح , و منهم من ليس بينه في رمضان و بين القرآن الكريم صلة أو قربى , يقرأ كثيراً لكن في غير القرآن الكريم , و يطالع كثيراً و لكن في كتب غير كتاب الله عز وجل .
و من الصائمين من لا تجود نفسه بصدقة في هذا الشهر العظيم , و لا تشرف مائدته بتفطير بعض الصائمين , فبابه مغلق و كفه بخيلة , قال تعالى : ((
ما عندكم ينفد و ما عند الله باق )) , و قال تعالى : ((
و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله )) .
ومن الصائمين من ترك صلاة التراويح و تكاسل عنها , و لسان حاله يقول : تكفيني الفريضة , و هو لا يكتفي من الدنيا بالقليل بل يحرص على الكماليات منها حرصه على الضروريات .
و لو قد جئت يوم الحشر فرداً **** و أبصرت المنازل فيه شتىً
لأعظمت الندامة فيه غبناً **** على ما في حياتك قد أضعتا
و من الصائمين من اتعب أهله بتكلف صنع كثير من الأطعمة و الأشربة حتى أشغلهم عن القرآن الكريم و السنة , و عن ذكر الله و العبادة , و لو اقتصر على الضروري لوجد أهله وقتاً واسعاً للتزود من طاعة الله عز وجل .
اللهم زدنا و لا تنقصنا , و اعطنا و لا تحرمنا , و أكرمنا و لا تهنا و سامحنا و اعف عنا
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)