بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الحجرات 10
و اعلم أن قوله: «إنما المؤمنون إخوة»
جعل تشريعي لنسبة الإخوة بين المؤمنين لها آثار شرعية و حقوق مجعولة، و قد تقدم في بعض المباحث المتقدمة أن من الأبوة و البنوة و الأخوة و سائر أنواع القرابة ما هو اعتباري مجعول يعتبره الشرائع و القوانين لترتيب آثار خاصة عليه كالوراثة و الإنفاق و حرمة الإزدواج و غير ذلك، و منها ما هو طبيعي بالانتهاء إلى صلب واحد أو رحم واحدة أو هما.
و الاعتباري من القرابة غير الطبيعي منها فربما يجتمعان كالأخوين المتولدين بين الرجل و المرأة عن نكاح مشروع، و ربما يختلفان كالولد الطبيعي المتولد من زنا فإنه ليس ولدا في الإسلام و لا يلحق بمولده و إن كان ولدا طبيعيا، و كالداعي الذي هو ولد في بعض القوانين و ليس بولد طبيعي.
و اعتبار المعنى الاعتباري و إن كان لغرض ترتيب آثار حقيقته عليه كما يؤخذ أحد القوم رأسا لهم ليكون نسبته إليهم نسبة الرأس إلى البدن فيدبر أمر المجتمع و يحكم بينهم و فيهم كما يحكم الرأس على البدن.
لكن لما كان الاعتبار لمصلحة مقتضية كان تابعا للمصلحة فإن اقتضت ترتيب جميع آثار الحقيقة ترتبت عليه جميعا و إن اقتضت بعضها كان المترتب على الموضوع الاعتباري ذلك البعض كما أن القراءة مثلا جزء من الصلاة و الجزء الحقيقي ينتفي بانتفائه الكل مطلقا لكن القراءة لا ينتفي بانتفائها الصلاة إذا كان ذلك سهوا و إنما تبطل الصلاة إذا تركت عمدا.
و لذلك أيضا ربما اختلفت آثار معنى اعتباري بحسب الموارد المختلفة كجزئية الركوع حيث تبطل الصلاة بزيادته و نقيصته عمدا و سهوا بخلاف جزئية القراءة كما تقدم فمن الجائز أن يختلف الآثار المترتبة على معنى اعتباري بحسب الموارد المختلفة لكن لا تترتب الآثار الاعتبارية إلا على موضوع اعتباري كالإنسان يتصرف في ماله لكن لا بما أنه إنسان بل بما أنه مالك و الأخ يرث أخاه في الإسلام لا لأنه أخ طبيعي يشارك الميت في الوالد أو الوالدة أو فيهما - فولد الزنا كذلك و لا يرث أخاه الطبيعي - بل يرثه لأنه أخ في الشريعة الإسلامية.
و الإخوة من هذا القبيل فمنها أخوة طبيعية لا أثر لها في الشرائع و القوانين و هي اشتراك إنسانين في أب أو أم أو فيهما، و منها أخوة اعتبارية لها آثار اعتبارية و هي في الإسلام أخوة نسبية لها آثار في النكاح و الإرث، و أخوة رضاعية لها آثار في النكاح دون الإرث، و أخوة دينية لها آثار اجتماعية و لا أثر لها في النكاح و الإرث
مواقع النشر (المفضلة)