الحب و الجنون
في قديم الزمان حيث لم يكن على الأرض بشر بعد كانت الفضائل والرذائل تطوف العالم معا وتشعر بالملل الشديد ...
ذات يوم وكحل لمشكلة الملل المستعصية
اقترح الابداع " لعبة " واسماها " الأستغماية "
أحب الجميع الفكرة وصرخ " الجنون " أريد أن أبدأ
أنا من سيغمض عينيه ويبدأ العد وأنتم عليكم مباشرة بالإختفاء
ثم أنه اتكأ بمرفقيه على شجرة وبدأ
واحد...
إثنان...
ثلاثة...
وبدأت الفضائل والرذائل بالإختباء
وجدت " الرقة " مكانا لنفسها فوق القمر
وأخفت " الخيانة " نفسها في كومة زبالة
اختفى " الولع " بين الغيوم
ومضى " الشوق " الى باطن الأرض
" الكذب " قال بصوت عال :
سأخفي نفسي تحت الحجارة ثم توجه لقعر البحيرة
واستمر " الجنون " :
تسعة وسبعون ...
ثمانون ...
خلال ذلك أتمت كل الفضائل والرذائل تخفيها
ما عدا " الحب " كعادته لم يكن صاحب قرار ...
وبالتلي لم يقرر أين يختفي وهذا غير مفاجئ لأحد ...
فنحن نعلم كم هو صعب إخفاء " الحب "
تابع " الجنون " :
خمسة وتسعون ...
ستة وتسعون ...
وعندما وصل " الجنون " في تعداده الى : مائة ...
قفز الحب وسط أجمة من الورد واختفى بداخلها
فتح الجنون عينيه ...
وبدأ البحث صائحا : أنا أت إليكم
كان " الكسل " أول من انكشف لأنه لم يبذل أي جهد في إخفاء نفسه
ثم ظهرت " الرقة " المختفية في القمر
وبعدها .. خرج " الكذب " من قاع البحيرة مقطوع التنفس
وأشار الى " الشوق " ان يرجع من باطن الأرض
وجدهم " الجنون " جميعا .. واحد بعد الأخر
ما عدا " الحب " كاد يصاب بالإحباط واليأس ...
في بحثه عن " الحب " حين اقترب منه " الحسد "
وهمس في أذنه :
الحب مختفي في شجيرة الورد ...
التقط " الجنون " شوكة خشبية أشبه بالرمح
وبدأ في طعن شجيرة الورد بشكل طائش
ولم يتوقف إلا عندما سمع صوت بكاء يمزق القلوب
ظهر " الحب " وهو يحجب عينيه بيديه
والدم يقطر من بين أصابعه
صاح " الجنون " نادما :
يا إلهي ماذا فعلت ؟
ماذا أفعل كي أصلح غلطتي بعد أن أفقدتك البصر ؟
أجابه " الحب " : لن تستطيع إعادة النظر لي ... لكن ~لا زال هناك ما تستطيع فعله لأجلي ..
كن دليلي
وهذا ما حصل من يومها
يمضي " الحب " أعمى يقوده " الجنون " المجنون
لذلك يقال دائما : "أحبك بجنون
مواقع النشر (المفضلة)