+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    محمد سنجر is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    27 / 04 / 2006
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    128
    معدل تقييم المستوى
    349

    Qesah دعاء الكروان ( نزف قلم : محمد سنجر )

    ( دعاء الكروان ) ( 1 )


    ( فتح صديقي نافذة غرفة مكتبنا المغلقة منذ شهور،
    تسلل صوت دعاء الكروان من فوق سطح إحدى البنايات ،
    داعب قلبي المتحجر ،
    فتح برفق أبوابه الموصدة ،
    تسرب حنين الذكريات بين حناياه اليابسة ،
    أحسست برغبة في التقاط أنفاسي ،
    امتدت أصابعي إلى ربطة عنقي التي أحكمت الخناق حوله تفكها ،
    أزحت لوحة مفاتيح الكمبيوتر بعيدا و انتفضت واقفا ،
    أتاني صوت صديقي )
    ـ على فين يا ريس ؟
    ـ مروح .
    ـ طب ما لسه بدري ، استنى الساعتين دول و نروح سوا .
    ـ لا كفاية كده قوي ، أنا رايح البلد .
    ـ أيوة يا عم ، رايح تبل ريقك ؟ أمـــــوت و أشوفها .
    ـ هي مين دي إن شاء الله ؟
    ـ أيوة ياله استهبل استهبل ، البت اللي بتخليك تسيب اللي وراك و اللي قدامك و تجري تروح لها ....
    ( قلت بينما أرتدي معطفي )
    ـ و الله ما أنت فاهم حاجة ، سلام ...
    ـ طب و الشغل المتلتل على رأس أبونا ده ؟
    ـ إياكش يولع بجاز .
    ـ طب أقول إيه ل (عز ) بيه ؟
    ـ قول له مات ، جت له شوطة خدته ، اتصرف ، دي مشكلتك أنت ....
    ( انطلقت خارجا ،
    تسللت من تحت الكتل الخراسانية التي طبقت على صدري لسنوات ،
    أدفع هذه الأبواب المعدنية الميتة من طريقي ،
    أخرج إلى الشارع أستنشق نسيم الحرية ، أملأ صدري ...
    أخذت أسعل بشدة ، ملأ صدري عادم السيارات اللعينة ،
    هذه الصناديق المعدنية المحمولة على عجلات ،
    تنفث سمومها طوال اليوم فتحيل الحياة جحيما ،
    نظرت إلى هذه الغيمة من أبخرة البنزين التي حجبت الرؤية حولي ،
    وضعت منديلي فوق أنفي و جريت فارا بنفسي ،
    صرخات أبواقها أخذ يلاحقني ،
    تسللت يدي بسرعة إلى جيبي ،
    انتزعت قطعا من منديل ورقي أحشو بها أذني ،
    حاولت الابتعاد عن هذه الطرق الإسفلتية السوداء ،
    صعدت أول جسر لعبور المشاة ،
    هبطت الناحية الأخرى عند محطة القطار ،
    جريت ألحق بالقطار الذي بدء يتحرك بالفعل ،
    جلست بجانب النافذة أنظر إلى هذه المكعبات الجامدة ،
    أخيرا فلتنا من بين فكاك المدينة الموحشة ،
    تسلل بنا القطار برفق بين الحقول ،
    حملتني الذكريات فوق جناحيها تسابق القطار ،
    هبطت بي بين حقول الطفولة ،
    وجدتني محمولا على كتفيه ،
    سألته على استحياء )
    ـ على فين يا با ؟
    ـ مش كان نفسك تعوم ؟
    ـ آه ....
    ـ طيب خلاص ها أعلمك ....
    ( انهلت على رأسه أقبلها غير مصدق )
    ـ بجد يا با ؟
    ـ أنا عمري وعدتك بحاجة و خلفت ؟
    ـ عمرك .
    ـ طيب خلاص .
    ( وقف فوق الجسر الخشبي و صرخ )
    ـ يلا عوم .
    ( قذفني في الماء ، صرخت )
    ـ لأ يـــا بـــــــــــــــــــا ، ما بعرفش أعــــــــوم .......
    ( ارتطمت بالماء و غصت أغرق ،
    انسحبت روحي ، حبست أنفاسي ،
    أخذت ألوح بيدي و قدمي يمينا و يسارا ،
    فجأة أحسست بشيء يرفعني لأعلى ،
    وجدتني أطفو فوق سطح الماء ،
    وجدته يحملني فوق ساعديه )
    ـ ما تخليك راجل أمال ...
    ( حاولت لملمة الحروف )
    ـ أصل ... أنت .... رميتني فجأة ... ما كنتش واخد بالي ....
    ـ ما هو لازم كده عشان تتعلم .... يلا حرك أيدك و رجلك ....
    ( أخذت ألوح بيدي و قدمي بينما يحملني على ساعده ،
    فجأة ،
    وكزني الجالس جواري بالقطار )
    ـ إنت نازل فين يا أستاذ ؟
    ( أفقت على تحرك القطار ثانية )
    ـ شربين .....
    ـ ما هي دي شربين ، إلحق انزل بسرعة....
    ( نظرت حولي فإذا بالقطار يتحرك ،
    جريت إلى الباب بينما صرخ الجالسون )
    ـ حاسب يا اسطى .....
    ( قفزت من القطار بسرعة ،
    تابعني بعض الركاب مطمئنين ،
    الحمد لله نزلت بسلام ،
    رفعت يدي ملوحا متمنيا لهم السلامة ،
    انتظرت حتى مر القطار ، عبرت السكك الحديدية ،
    انزويت من بين الأشجار إلى طريق ترابي صغير ،
    متسللا بين الحقول ،
    أحسست ببرودة بعض قطرات ماء تتساقط على وجنتي ،
    نظرت إلى السماء و إذا بالمطر و قد بدء يهطل على استحياء ،
    طارت العصافير و الحمائم تحتمي بأعشاشها ،
    رائحة المطر تداعب أنفي ،
    عبقت رائحة الأزهار الكون من حولي ،
    ازداد المطر هطولا ،
    انزويت محتميا بإحدى الأشجار ،
    أخذ المطر يتساقط بغزارة ،
    ضممت المعطف طلبا للدفء ،
    أخذت أتابع القطرات التي بدأت تتجمع حتى سالت خلال قنوات صغيرة إلى المستنقعات المنخفضة حول الأشجار ،
    بدأت المياه ترتفع من حولي ،
    ما العمل الآن ؟
    تسربت المياه إلى داخل حذائي ،
    هل سأبقى هكذا ؟
    على ما يبدو أن المطر لن يتوقف ،
    عندها عزمت على تكملة رحلتي تحت الأمطار ،
    تحركت في اتجاه بلدتنا التي تتوارى خلف الحقول في الأفق هناك ،
    حاولت التقدم بين الأوحال ،
    مع كل خطوة أجتهد لنزع حذائي من بين الطين ،
    فلتت قدمي اليمنى من الحذاء الذي أطبق الوحل عليه فظل ثابتا دون حراك ،
    غاصت قدمي في الطين ،
    لا حول و لا قوة إلا بالله ،
    عدت ثانية محاولا استرداد الحذاء فإذا بقدمي الأخرى تفلت لتغوص هي الأخرى ،
    لم استطع السيطرة على ضحكاتي فانطلقت تقرقع في الفضاء ،
    حملت الحذاء بيدي و رحلت أكمل طريقي ضاحكا ،
    حاولت الصعود للأماكن المرتفعة التي لم يغرقها الماء بعد ،
    فجأة ، انزلقت قدمي ، اختل توازني ، فسقطت ممددا في الوحل ،
    ارتطم وجهي يغوص بالطين ،
    انفجرت في الضحك ،
    لم أجد أمامي بد من الفرار ،
    عندها انقلبت ممددا على ظهري بالوحل أضحك ،
    اغتصب سمعي صوت جرس هاتفي المحمول ،
    حاولت الجلوس حتى نجحت ،
    أخرجت الهاتف من جيبي ، دست مفتاح الاتصال ، وضعته على أذني )
    ـ نعم .
    ( جاءني صراخ صديقي )
    ـ محمد ، تعالى بسرعة عشان (عز) بيه جه و قاعد يزعق و قالب الدنيا ............
    ( عندها ، أخذتني نوبة من الضحك ، فألقيت بهاتفي في المياه المتجمعة حولي ،
    لكنه طفا فوق سطح الماء فسمعت طلاسم صوت صديقي )
    ـ بللق ... بللق .... بللق ....
    ( أخذتني نوبة من الضحك )
    ـ اسكت أحسن لك .... هاهاها ....
    ـ بللق .... بللق ....
    ـ ما فيش فايدة ؟ طيب ، تستاهل بقى اللي يجرى لك ....
    ـ بللق .... بللق ..... بللق ....
    ( أمسكت بالهاتف مرة أخرى و أغرقته بالقاع داخل الطين )
    ـ بس بقى ، إنت إيه ؟ ما بتزهقش ؟ ما تبس بقى ، بس ، بس .......
    ( أخيرا اختفى صوته ،
    تحسست الطين حولي ألتمس حذائي حتى نجحت فرفعته ،
    فإذا به و قد ملأه الماء و الطين ،
    رفعته أفرغ ما فيه فوق رأسي ،
    فسال على وجهي و جسدي ،
    أخذت أردد ما قاله صديقي إيليا أبو ماضي )
    ـ نسى الطين ساعة أنه طين حقير فصال تيها و عربد ........

    ( يتبع )






     
  2. #2
    محمد سنجر is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    27 / 04 / 2006
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    128
    معدل تقييم المستوى
    349

    افتراضي رد: دعاء الكروان ( نزف قلم : محمد سنجر )


    دعاء الكروان ( 2 )


    ( عرجت في طريقي إلى هذا البيت الأبيض الصغير القابع بين الأشجار ،
    أخذت أتحسس هذه الرسومات الطباشيرية التي رسمتها و أنا صغير ،
    مازالت كما هي لم تمحوها الأيام و السنين ،
    سمعت أصوات ضحكات براءة الطفولة التي كانت تنطلق منا فتملأ الفضاء ،
    تختلط بأصوات الطيور و العصافير فوق الأشجار ،
    داعبت أنفي رائحة أشجار الليمون و الجوافة ، حاولت التلذذ بأكثر قدر منها ،
    أخذت منتشيا المزيد من الأنفاس العميقة محاولا اختزانها بصدري ،
    وقفت للحظات أمام الباب الخشبي العتيق ،
    ترددت طويلا في طرق الباب ،
    هل هي هنا ؟ أم تراها ذهبت إلى بيت أبي في آخر القرية هناك ؟
    طرقت الباب على استحياء ،
    جاءني صوتها الواهن تسأل )
    ـ مين ؟
    ( هل أرد عليها ؟ أم أجعلها مفاجأة ؟
    أقترب صوتها من وراء الباب تكرر )
    ـ مين ؟
    ـ أنا ....
    ( فتحت الباب ، تسللت رائحة الفرن و الخبز من داخل الدار ،
    و إذا بها تقف أمامي بجلبابها الأسود تناثرت عليه بعض ذرات الدقيق ، كما هي لم تتغير ، صبغ الحزن عينيها بالبياض ،
    مالت برأسها جانبا و كأنها تتحسس النظر بأذنيها ، لمعت أسنانها البيضاء خجلى من وراء شفتيها ، مسحت وجه كفيها و ظهريهما بجلبابها ، سألت مترددة )
    ـ محمد ؟
    ( حاولت استبيان الحقيقة فمدت أصابعها تلامس وجهي ،
    اقتربت مني تشمني )
    ـ أنت لسه عيل زي ما أنت ؟
    ـ الحاج عبد الموجود موجود ؟
    ( أخذتنا حالة من الضحك ، فتحت ذراعيها فارتميت في حضنها )
    ـ كده برضه يا محمد ؟ و لا كأن ليك أهل تسأل عنهم و تطمنهم عليك ؟
    ( أخذت تبكي ،
    حن قلبي لبكائها فشاركتها البكاء )
    ـ هي دي برضه صلة الرحم ؟
    ـ أرجوك تسامحيني يا ( نبوية) ، الشغل واخد كل وقتي و الله .....
    ـ طب على الأقل اتصل اطمن علينا ( انتبهت لبرودة جسدي ، فأبعدتني تسأل ) إنت مبلول كده ليه ؟
    ـ أصلي ازحلقت و وقعت في الطين و أنا جاي ....
    ( فلتت ضحكاتها من بين الدموع )
    ـ هاهاها ، ما فيش فايدة فيك أبدا ؟ حتى و أنت كبير برضه بتزحلق ؟ طب على الأقل زمان لما كنت باشوف كنت بامسك إيدك ، فاكر يا وله لما ازحلقت و شدتني معاك وقعتني في الترعة ؟ ها ها ها ...
    ـ أخبار أبويا إيه ؟
    ـ و الله مش و لا بد ، مش عارفة أقولك إيه يا محمد ؟ أديك ها تشوف بنفسك .
    ـ أمال مين اللي قاعد معاه ؟
    ـ أديني هنا شوية و هنا شوية .
    ـ طب ليه الشحططة دي ؟
    ـ ما أنت عارف دماغه ، مش راضي يجي يقعد معايا ، بيقول ما أخرجش من بيتي إلا ع القرافة ، ده أنا و أبو يوسف غلبنا فيه .
    ـ معلش ، خليه براحته ، طب ها تيجي معايا ؟
    ـ آجي معاك فين ؟ مش الأول لما تدخل تستحمى و تغير هدومك المبلولة دي ؟ و تاكل لك لقمة ؟ تعالى ادخل ادخل ....
    ( أمسكت بيدها أدخلها ، سحبت يدها بسرعة )
    ـ إنت فاكرني ما باشوفش و إلا إيه ؟ تعالى ادخل يا نور عيني تعالى ، خلي بالك من الطشت لتتعتر فيه ، تعالى اقعد هنا على الكنبة ، ثواني و راجعة لك .
    ( تحسست طريقها إلى داخل الدار ،
    ما هي إلا لحظات حتى أتت )
    ـ تعالى يلا خش الحمام ، أنا ولعت لك ( الباجور ) على بستلة المية أهي ، و ( الكوز ) هتلاقيه عندك على كرسي الحمام ، و خد يا عم آدي صابونة جديدة بورقتها ، هدومك و الفوطة متعلقين على المسمار اللي ورا الباب ، و ابقى حط لي بقى المبلول ده كله في ( القروانة ) عشان أغسلهم لك ، إن شاء الله تطلع تلاقيني سخنت لك الأكل ، يلا هم .
    ـ الله يبارك فيك يا نبوية ، مش عارف من غيرك كنا عملنا إيه ؟
    ( انحنيت على يدها أقبلها ، سحبت يدها بسرعة )
    ـ استغفر الله العظيم ، عيب يا وله ، أزعل منك و الله ، ده أنت ابني الكبير ....
    ( دخلت و أغلقت الباب ،
    أخذني صوت ( وابور الجاز ) و رائحة رطوبة الجدران على جناحيها هناك ،
    وجدتني أجلس عاريا بين يدي أمي التي تجلس على كرسي الحمام الخشبي الصغير ،
    تصب الماء الدافئ على جسدي ، أبكي من حرقة الصابون الذي دخل عيني )
    ـ مش قايلة لك تقفل عينك يا نور عيني ؟ وريني ...
    ( أخذت تصب الماء على رأسي و تفرك عيني )
    ـ هيه ؟ راح ؟
    ـ أيوة خلاص ، كفاية بقى .....
    ( لقتني داخل المنشفة و أخذت تجفف جسدي )
    ـ كفاية بقى ....
    ـ استنى لحسن تاخد برد ، هات إيدك ....
    ( ألبستني جلبابي الجديد و أخذت تصفف شعري بمشطها الأبيض الصغير )
    ـ أيوة كده ، قمر اربعتاشر يا ناس ؟ الجلابية ها تاكل منك حتة .....
    ( جاءني صوت نبوية تنادي )
    ـ يلا يا محمد الأكل ها يبرد ....
    ( خرجت فوجدتها و قد وضعت أطباق الطعام فوق الطبلية الخشبية )
    ـ تعالى دوق أكل أختك نبوية ، تلاقيك يا حبة عيني ما بتتهناش على لقمة هناك ...
    ـ لأ ، مين ده ؟ و هو احنا ورانا هناك غير الأكل ؟
    ـ و هو أكل المطاعم ده برضه بتسميه أكل ؟ خد خد ، بالهنا و الشفا ...
    ( أخذت أتناول الطعام )
    ـ بسم الله ما شاء الله ، تعرفي إن أنتي الوحيدة اللي طبيخك زي أمي الله يرحمها ؟
    ـ الله يجبر بخاطرك ، إش جاب لجاب ؟ اسكت أما اضحكك ، مش كنا بندور لأبوك على عروسة ؟
    ـ معقولة ؟
    ـ إيوة و المصحف ، الشيخ مبروك الله يكرمه قال لنا الراجل ده ما ينفعش قعدته كده من غير ست تاخد بالها منه و تراعيه ...
    ـ و هو وافق ؟
    ـ الصراحة قلنا ما نقولوش إلا لما نشوف له واحدة مناسبة الأول ، و ساعتها بقى نبقى نقول له و ناخد رأيه ....
    ـ مش ها يوافق ، أنا عارف ....
    ـ المهم يا سيدي قعدنا ندور لغاية لما لقيت له واحدة مية مية ...
    ـ و دي مين دي إن شاء الله ؟
    ـ خالتك هانم أم البشلاوي ....
    ـ هي لسه عايشة ؟
    ـ عايشة يا خويا و زي الفل ، و صحتها بمب و عال العال ، قلت أكلمها و آخد رأيها ، أهي تخدمه و تراعيه و تاخد بالها منه ...
    ـ و قالت لك إيه ؟
    ـ الست يا خويا باقول لها إيه رأيك أنا جايبة لك عريس ، لقيتها رحبت بيا و طرطقت وادنها و لا بنت أربعتاشر ....
    ـ طب كويس ، المهم ؟
    ـ الست باقول لها يعني إن العريس راجل كبير و نايم تعبان و عاوز يعني واحدة ست كده جنبه تخدمه بس و تسليه ، لقيتها قامت و حطت كيس العنب اللي جايباه في حجري و قالت لي : ما عندناش بنات للجواز يا أم يوسف ، و ابقي يا أختي عدي على المقلة خدي له معاك نص كيلو لب يتسلى بيه أحسن هاهاهاهاها ...
    ( انفجرنا في الضحك )
    ـ شوف يا أخويا الست ها ها ها ....
    ـ لا مش ممكن ، هاهاها ، ما هو أنت برضه اللي غلطانة ، رايحة لواحدة بتعلب في الناشئين تحت سبعين سنة و عاوزة تضيعي الثواني اللي فاضلة ف عمرها ؟ ها ها ها ، أمال أبو يوسف فين ؟
    ـ تلاقيه قاعد ع القهوة بيشرب له حجرين معسل ، ها يروح فين يعني ؟
    ـ على رأيك ، صحيح ، ما فيش أخبار عن يوسف ؟
    ( شردت المسكينة و وجدت الدموع و قد بدأت تترقرق في عينيها ، حاولت المسكينة إخفائها ، ففشلت )
    ـ الواد حسن ابن خالتك ( سنية ) لما رجع م العراق حلف لي ع المصحف إنه شافه مرة هناك بيبيع سجاير في الشارع ، كان ساعتها راكب الأتوبيس ، و قعد ينادي له م الشباك ، بس ما ردش عليه ، و لما نزل في أول محطة و رجع نفس المكان عشان يقابله لقاه فص ملح و داب ...
    ـ لا حول و لا قوة إلا بالله ، الواد ده طالع براوي كده لمين ؟
    ( ضحكت المسكينة رغم ألمها و بادرتني )
    ـ هيه ، ها يكون طالع لمين يعني ؟هم مش بيقولوا في المثل : الواد لخاله ؟
    ( أحسست بطعنة في صدري )
    ـ كده برضه يا نبوية ؟ الله يسامحك ....
    ( حاولت التخفيف من حدة ردها فبادرتني )
    ـ أنا باضحك معاك يا وله ، أهو أنت أهو على الأقل جاي تسأل علينا ، الرك بقى على اللي خد في وشه و راح ما جاش ، كل كل ....
    ـ الحمد لله شبعت ...
    ( وقفت متأهبا للذهاب )
    ـ استنى لما أعمل لك الشاي ...
    ـ لأ معلش ، ها اشربه هناك ، إيه ؟ مش ها تيجي معايا و إلا إيه ؟
    ـ لأ روح أنت و أنا ها احصلك ، عشان بس أغسل الهدوم المبلولة دي بدل ما تعفن .
    ـ طيب سلام عليكم .
    ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ،
    ( خرجت راحلا في اتجاه بيت أبي ، بينما جاءني صوتها يحذرني )
    ـ خلي بالك بقى و أنت ماشي لتزحلق و تقع تاني .........
    ( يتبع )




     
  3. #3
    محمد سنجر is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    27 / 04 / 2006
    الدولة
    الكويت
    المشاركات
    128
    معدل تقييم المستوى
    349

    افتراضي رد: دعاء الكروان ( نزف قلم : محمد سنجر )

    دعاء الكروان ( 3 )


    ( رحلت إلى دار أبي حذرا محاولا التركيز و الانتباه حتى لا أنزلق فأقع مرة أخرى ،
    من أين ستأتي نبوية بجلباب آخر ؟
    أخذت أتحسس الخطى بأطراف أقدامي ،
    كلما تقدمت خطوة بقدم ثبتها جيدا بالأرض حتى أتقدم بالأخرى متأنيا ،
    و إذا بي أمام دار خالتي ( ليلى ) ،
    آآآآآآه ، ما العمل الآن ؟
    لو رأتني لن تتركني أرحل ،
    دعوت الله ألا تكون جالسة في شرفتها كعادتها ،
    وقفت مستترا بشجرة ( الجميز ) التي أمام دارها ،
    ألتمس النظر من وراء الغصون و الأوراق ،
    لاااااااا، كما توقعت ، ها هي تجلس على أريكتها الخشبية ،
    ما العمل الآن ؟
    هل أذهب إليها ؟
    لا لا مستحيل ، سأتأخر عن الذهاب لوالدي ،
    لن تتركني أرحل مهما اختلقت لها من أعذار ،
    على الأقل ستتمسك بمصاحبتها في تناول فنجال من القهوة ،
    لا ، الوقت لا يتسع لها و لحديثها الآن ،
    الحل الوحيد هو الدوران من خلف دارها ،
    نعم نعم ، و في المساء سأستأذن أبي و أذهب إليها ،
    تراجعت حذرا حتى اختفت شرفتها ،
    أسرعت أدور من خلف الدار ،
    تسللت بين أعواد الذرة هناك ،
    فجأة وجدت كلبا يقف في مواجهتي ،
    ما إن أحس باقترابي حتى اعترض طريقي مزمجرا ،
    لا حول و لا قوة إلا بالله ،
    حاولت الثبات و التراجع ببطء أمامه ،
    وقف الكلب متحفزا ،
    ليس من الحكمة الهرب الآن ،
    كلما تراجعت خطوة علا صوت زمجرته و اقترب مني أكثر ،
    ظهرت أنيابه و بدأ اللعاب يسيل منها ،
    سال العرق على جبهتي ،
    قلبي يكاد يقفز هربا من قفصه الصدري ،
    حاولت التماسك ، أخذت شهيقا عميقا و نفخته بتوتر ،
    لابد من شراء وده ،
    أخذت أمصمص بشفتاي ،
    لا فائدة ، يبدو أنه ليس من النوع الذي يتراجع بالمصمصة ،
    ما العمل الآن ؟
    أصبحت في وضع لا أحسد عليه ،
    بدأ يتأهب للنباح ،
    لا ، إلا النباح أرجوك ،
    زمجر كيفما تشاء ، و لكن إلا النباح ،
    ستخرج خالتي و تراني على هذه الحالة ،
    استغفر الله العظيم ،
    ما العمل الآن ؟
    فجأة ،
    تخلى عن زمجرته و بدأ يهز ذيله و يتراجع ،
    وجدت كفا تضرب على كتفي )
    ـ إيه ؟ مين ؟
    ( التفت مذعورا ،
    فإذا بابن خالتي يضحك )
    ـ ههههه ، ما فيش فايدة ؟ لسه قلبك رهيف ؟
    ( تنفست الصعداء )
    ـ حودة ؟
    ( تعانقنا )
    ـ إيه ياعم الوحش اللي مربيه ده ؟ مش تقوله إن أنا ابن خالتك ؟ هههههه ....
    ـ تعالى تعالى ، إنت كنت مزوغ كده و رايح فين ؟
    ـ أصلي لسه واصل دلوقتي حالا ، و الصراحة كده يعني خفت لأمك تشوفني و تمسك فيا ، ما أنت عارفها ، قلت أروح أشوف أبويا الأول ، بس و اللي قابلنا من غير ميعاد كنت هأرجع لها بالليل على رواقة ....
    ـ آآآآآه ، قول كده بقى ، هي دي برضه صفة الرحم يا متعلم يا بتاع المدارس ؟ بقى تغيب السنين دي كلها و آخرة المتمة ما تعديش تسلم عليها ؟ يا أخي دي برضه خالتك و في مقامك أمك الله يرحمها ......
    ـ أنت ها تركبني الغلط و إلا إيه ؟ مش باقولك كنت هارجع لها بالليل ؟؟؟؟
    ـ طب بس اسكت لتسمعنا ، دي بتسمع دبة النملة ، تعالى تعالى ....
    ( رجعنا إلى بيت خالتي و إذا به يتوقف خلف الدار و يلتقط بعض الحصى من الأرض و أخذ يقذف بها نافذة الدور العلوي )

    ـ ثواني بس لما أطلع الحاجات دي و ألف معاك .
    ـ أنت بتعمل إيه ؟
    ـ هشششششش ، بس ما تفضحناش ....
    ( نظرت زوجته من النافذة ،
    ألقت بحبل يتدلى منه حقيبة بلاستيكية ،
    وضع فيها الأكياس الورقية التي يحملها ،
    قال لزوجته هامسا )
    ـ الحاجات اللي طلبتيها أهي ، على الله بس تيجي بفايدة ، و شوية كده و طالع لك ..
    ( أخذت زوجته تجذب الحبل لترفع الحقيبة )
    ـ يلا بينا .
    ـ إيه اللي أنا شفته ده بقى إن شاء الله ؟
    ـ أصل مراتي حامل يا سيدي ، و قال إيه بتتوحم على التفاح ، فجايب لها تفاحتين أمريكاني كده على ما قسم ، تصدق بإيه ؟
    ـ لا إله إلا الله .
    ـ و اللي خلق الخلق ، قاعد م الصبح أدور عليه و ما لقيته غير في بورسعيد ...
    ـ طب مش المفروض ، لا مؤاخذة يعني تعدي على أمك الأول ؟
    ـ أيوة أيوة ، عشان التفاح يحلى في عينيها ، و ما ينوبش مراتي حاجة منهم ؟ دول يا دوب تفاحتين ، ها يكفوا مين و إلا مين ؟
    ـ لأ إزاي ؟ ما يصحش طبعا ، مراتك أولى ، هههه ، هي دي بقى صلة الرحم اللي بتقول عليها ؟
    ـ و النبي لا تعايرني و لا أعايرك ، طب ما أنت كمان كنت عاوز تروح لأبوك من غير ما تسلم عليها ؟ ها تسكت أحسن لك و إلا أقول لها ؟؟؟؟
    ـ لأ و على إيه ؟ اتكتم أحسن .
    ـ طب يلا بينا ، و ما تخافش ، ها أقول لها يا سيدي إني قابلتك ع المحطة .
    ( لفننا حول البيت ،
    أمسك بيدي يثبتني مكاني و غمز بعينه )
    ـ خليك هنا لما أعملها لها مفاجأة ....
    ( صعد درجات السلم المؤدية إلى الشرفة )
    ـ سلام عليكم ، إزيك يا أمه ؟
    ـ و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته ، إنت كنت فين م الصبح ؟
    ـ ها أكون فين يعني ؟ تخيلي بقى جايب لك مين معايا ؟
    ـ أكيد محمد ابن خالتك ......
    ـ ده أنت ولية ناصحة ، عرفتني منين ؟
    ـ إياكش تكون فاكرني قاعدة نايمة على وداني ؟ تعالى يا د يا محمد ادخل .
    ( عندها جريت أصعد السلم ،
    فتحت ذراعيها فارتميت بين أحضانها )
    ـ كده برضه يا محمد ؟ تغيب المدة دي كلها ؟ و لا كأن ليك أهل .......
    ـ معلش يا أمه سامحيني ، و الله ما منعني عنكم إلا الشديد القوي .
    ـ الشديد القوي ؟ يلا معلش ما كلكم طينة واحدة ، اقعد يا با اقعد ....
    ( وجهت حديثها لابنها )
    ـ اطلع يا وله شوف مراتك عشان تعبانة م الصبح و ابقى طمني عليها .
    ـ حاضر يا أمه ، محمد ، ثواني و راجع لك ...
    ـ لأ ، راجع لمين ؟ أنا ها اسلم على خالتي و أمشي على طول ....
    ( هممت بالوقوف فأمسكت يدي )
    ـ تمشي فين ؟ تلاتة بالله العظيم ما تمشي إلا لما اطمن عليك و أعملك لقمة تاكلها .
    ـ لسه واكل عند نبوية دلوقتي حالا ....
    ـ خلاص اقعد اشرب معايا القهوة ، و اطلع أنت يا وله اطمن على مراتك .
    ـ حاضر
    ( جلست بجوارها ،
    مدت يدها إلى ( السبرتاية ) ترفع غطاءها و تشعلها لتعد القهوة )
    ـ أخبارك إيه يا أمه ؟
    ـ الحمد لله بخير و نعمة و الحمد لله ، ناولني القهوة و السكر اللي جنبك .
    ـ خدي ، الواد ده عامل إيه معاك ؟
    ( تنهدت تنهيدة طويلة )
    ـ عاوزني أقولك إيه يا محمد ؟ ما هو أنتم جيل ما يعلم بيه إلا ربنا ، فاكر إني ها أقولك إني شايفاك و أنت بتلف تهرب من ورا الدار عشان ما تسلمش عليا ؟ و إلا يعني ها أقولك إني شايفاك و أنت واقف مبلول قدام الكلب في الدرة ؟ و إلا أقول لك إنه نادى لمراته عشان تحدف له ( السبت ) يحط فيه الأكل ؟ و إلا أقول لك إنه بيجي آخر الليل و بيسحب زي الحرامية على فوق عشان ما اصحاش و اشوف اللي جايبه لمراته ؟ طب إيه رأيك مش ها أقول لك ،
    إنتم فاكرين إننا مختومين على قفانا ؟ و إلا مش عارفين أنتم بتعملوا إيه ؟ و هو احنا عاوزين إيه يعني ؟ بس هي الواحدة مننا يهمها إيه غير إن ولادها يبقوا متهنيين و آخر انبساط ؟ طب تصدق بإيه ؟
    ـ لا إله إلا الله .
    ـ و اللي خلقك ما ها تحسوا بينا إلا لما تخلفوا و يبقى لكم عيال و تشوف ابنك كده بيتنطط قدام عينيك ، و تبقى ها تتشحطط عليه و عاوز تشيله من ع الأرض شيل و نفسك تحطه في قلبك عشان خايف عليه ، و تبقى لو طايل تجيب له الدنيا دي بحالها و تحطها تحت رجليه ، بس المهم يبقى مبسوط و راضي .......
    ( ترقرقت الدموع في عينيها و حاولت التماسك حتى نجحت فأكملت )
    إوعى تفتكر إني زعلانة منك و إلا منه ،
    لأ و الله العظيم ، و لا على بالي خالص ، قوم يا با قوم عشان تروح لأبوك ، زمانه يا حبة قلبي مستنيك على نار ، بس لو قدرت ابقى عدي عليا في أي وقت هتلاقيني مستنياك .....
    ( ذابت الكلمات فوق لساني ، ترقرقت صورتها بعيني ،
    تناثرت الحروف بين شفتاي ، حاولت لملمتها فلم استطع ،
    دارت الدنيا من حولي ،
    انحنيت على يدها أقبلها ، بللت دموعي كفيها ،
    حاولت التماسك ،
    و رحلت في طريقي إلى بيت أبي يغلفني الصمت ......... )

    ( يتبع )


     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك