اَلْحَمْدُ لِلهِ وَحْدَه؟ لَهُ الْحُكْمُ فِي الْاُولَى وَالْآخِرَةِ وَاِلَيْهِ يُرْجَعُ الْاَمْرُ كُلُّه؟ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْعِبَاد؟ وَخَلَقَ الْاِنْسَانَ فِي اَحْسَنِ تَقْوِيم ؟وَرَزَقَهُ الْعَقْلَ وَبَعَثَ اِلَيْهِ الْمُرْسَلِين وَقَصَّ عَلَيْهِ مِنْ قَصَصِهِمُ الْمَاضِيَةِ لِتَكُونَ عِبْرَةً لِاُولِي الْاَلْبَاب؟ نَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَغْفِرُه؟ وَنَسْاَلُهُ سَلَامَةً لِدِينِنَا وَاُمَّتِنَا وَبِلَادِنَا وَاَوْطَانِنَا؟ وَنَسْاَلُهُ التَّقْوَى فِي الْاُمُورِ كُلّهَا وَالْفُرْقَانَ الَّذِي يَجْعَلُنَا نُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِل؟ وَنَسْاَلُكَ يَارَبَّنَا مِنَ الْخَيْرِ كُلِّه؟ وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّه؟اَشْهَدُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْتَ سُبْحَانَك؟ تَعَاظَمَتْ اَسْمَاؤُك؟ وَتَقَدَّسَتْ صِفَاتُك؟ نِعَمُكَ لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى؟ وَلِكِنَّ النِّعْمَةَ الْبَاقِيَةَ السَّابِغَةَ اَنْ هَدَيْتَنَا اِلَى الْاِسْلَامِ دِينَا؟ وَاَرْسَلْتَ اِلَيْنَا مُحَمَّداً نَبِيّاً وَرَسُولَا؟ وَقُلْتَ لَنَا{كُنْتُمْ خَيْرَ اُمَّةٍ اُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ؟ تَاْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ؟ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ وَتُؤْمِنُونَ بِالله} سُبْحَانَكَ يَارَبّ فَكَمَا هَدَيْتَنَا سَابِقاً فَاهْدِنَا لَاحِقاً؟ وَنَوِّرْ عُقُولَنَا بِنُورِ الْاِيمَان؟ وَاَوْدِعْ قُلُوبَنَا الرَّحْمَةَ وَالرَّاْفَةَ وَالْقُوَّة؟ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَه؟ وَاَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُك؟ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ؟ وَاَدَّى الْاَمَانَةَ؟ وَكَانَ سِرَاجاً مُنِيرَا؟ فَهَنِيئاً لِمَنِ اهْتَدَى بِهَذَا السِّرَاج؟ وَيَاوَيْلَ مَنِ انْحَرَفَ عَنْهُ اِلَى الظُّلُمَات؟ اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلّمْ وَبَارِكْ عَلَى مَنْ اَرْسَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِين؟ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِين؟ وَعَلَى اَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين؟ وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ اِلَى يَوْمِ الدِّين؟ وَسَلّمْ تَسْلِيماً كَثِيراً يَارَبَّ الْعَالَمِين؟ اَمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله؟ فَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ قَوْلُ الْحَقِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِاُولِي الْاَلْبَاب(نَعَمْ قَصَصُ الرُّسُلِ فِي الْقُرْآنِ مَوْعِظَةٌ وَعِبْرَةٌ نَاْخُذُهَا وَنَتَعَامَلُ مَعَهَا؟ لَكِنْ بِاَيَّةِ كَيْفِيَّةٍ سَنَتَعَامَلُ مَعَهَا؟ هَلْ نَتَعَامَلُ مَعَهَا لِنَتَسَلَّى بِهَا لِمُجَرَّدِ تَقْطِيعِ ثُمَّ تَضْيِيعِ الْوَقْتِ بِلَا فَائِدَةٍ تُذْكَر؟ هَذَا يَكُونُ جَهْلاً عَظِيماً مِنَّا؟ لِاَنَّ الْقُرْآنَ مَاجَاءَ بِالْقَصَصِ اِلَّا وَذَيَّلَهَا اَوْ خَتَمَهَا بِالنَّصَائِح؟ وَنَبَّهَ النَّاسَ جَمِيعاً اِلَى اَنَّ مَنِ انْحَرَفَ عَنْ مَنْهَجِ اللهِ فَلَا يَلُومَنَّ اِلَّا نَفْسَه؟وَلِذَلِكَ جَاءَتْ سُورَةُ هُودٍ بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ؟ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً؟ وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيب؟ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ اِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّآت؟ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ اَطْهَرُ لَكُمْ؟ فَاتَّقُوا اللهَ وَلَاتُخْزُونِ فِي ضَيْفِي؟ اَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد؟ قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَالَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ؟ وَاِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَانُرِيد؟ قَالَ لَوْ اَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً اَوْ آوِي اِلَى رُكْنٍ شَدِيد؟ قَالُوا يَالُوطُ اِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ؟ لَنْ يَصِلُوا اِلَيْك؟ فَاَسْرِ بِاَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ؟ وَلَايَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اَحَدٌ اِلَّا امْرَاَتَك؟ اِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا اَصَابَهُمْ؟ اِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ؟ اَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب؟ فَلَمَّا جَاءَ اَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا؟ وَاَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ؟ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّك(وَهُنَا يَاْتِي الْاِنْذَارُ الْاَخِيرُ لَنَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَه{وَمَاهِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد( حَقّاً يَا رَبَّنَا؟ حَقّاً يَااَعْدَلَ الْعَادِلِين؟ يَااَرْحَمَ الرَّاحِمِين؟ يَاكَاشِفَ الضُّرِّ عَنِ الْبَائِسِين؟ يَانَاصِرَ الْمُسْتَضْعَفِين؟ نَجِّنَا مِنَ الْجَبَابِرَةِ الظَّالِمِينَ الْمُسْتَكْبِرِين؟اَلَّذِ ينَ يُنَكِّلُونَ بِشَعْبِنَا الْعَرَبِيِّ السُّورِيِّ الْمَظْلُومِ الضَّعِيفِ الْفَقِيرِ الْبَائِسِ وَالْمِسْكِين؟ يَا مُنْتَقِمُ يَا جَبَّارُ يَاشَدِيدَ الْعِقَابِ يَا اَللهُ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنْتَ الْحَيُّ الْقَيُّوم{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطَا(وَالرُّسُلُ هُنَا بِمَعْنَى الْمَلَائِكَة ؟وَبَعْدَ اَنْ ذَهَبُوا اِلَى اِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ وَعَلَى ابْنِ اَخِيهِ لُوطٍ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَبَشَّرُوهُ بِالْبُشْرَى الْمَعْرُوفَة؟قَالُوا لَهُ اِنَّا ذَاهِبُونَ اِلَى هَذِهِ الْقَرْيَةِ؟اِنَّ اَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِين؟ فَقَالَ اِبْرَاهِيمُ اِنَّ فِيهَا لُوطَا؟ قَالُوا نَحْنُ اَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا؟ لَنُنَجِّيَنَّهُ وَاَهْلَهُ اِلَّا امْرَاَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ الْهَالِكِين؟ فَجَاءَتْ هَذِهِ الْمَلَائِكَةُ اِلَى لُوطٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ وَكَانَ قَوْمُهُ مُشْرِكِينَ بِالله؟ وَكَانُوا اِضَافَةً اِلَى شِرْكِهِمْ يَفْعَلُونَ مِنَ الْمُوبِقَاتِ الْمُهْلِكَاتِ وَالْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ بِهَا اَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله؟ اِنَّهُمْ كَانُوا يَرْتَكِبُونَ جَرِيمَةً تَاْنَفُ النُّفُوسُ الْاَبِيَّةُ اَنْ تَفْعَلَهَا؟ نَعَمْ تَاْبَى النُّفُوسُ الَّتِي تَسْتَقِيمُ عَلَى مَنْهَجِ اللهِ وَعَلَى الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ اَنْ تَقْتَرِفَ مِثْلَ هَذَا الذَّنْبِ الْعَظِيمِ وَالْخَطِيئَةِ الْكُبْرَى؟اَلَا وَهِيَ مَايُسَمَّى فِي اَيَّامِنَا بِالشُّذُوذِ الْجِنْسِيّ؟ وَلَقَدْ ذَكَرَتْ آيَاتُ الْقُرْآنِ مَاذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي النَّوَادِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ لُوط{اِنَّكُمْ لَتَاْتُونَ الرِّجَالَ؟ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ؟ وَتَاْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَر{اِنَّكُمْ لَتَاْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاء بَلْ اَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُون(سُبْحَانَ الله؟ هَكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ فِي النَّوَادِي؟ يَاْتُونَ الرِّجَالَ جِنْسِيّاً وَالْعَيَاذُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلّ؟ وَكَذَلِكَ كَانُوا يَقْطَعُونَ السَّبِيل؟ فَيَقِفُونَ عِنْدَ مُفْتَرَقِ الطُّرُقَاتِ؟ فَيَسْرِقُونَ وَيَنْهَبُونَ وَيَقْتُلُون؟ وَيَقْبِضُونَ عَلَى الرِّجَالِ ثُمَّ يَقُومُونَ بِاغْتِصَابِهِمْ جِنْسِيّاً عَلَناً بِلَا خَجَلٍ وَلَاحَيَاءٍ وَلَاخَوْفٍ مِنَ اللهِ فِي نَوَادِيهِمْ الْمُنْكَرَة؟ وَقَدْ ذَكَرَ الْقُرْطِبِيُّ وَغَيْرُهُ اَنَّهُمْ كَانُوا يَاْتُونَ الْفَاحِشَةَ عَلَناً دُونَ حَيَاء؟ وَكَانُوا يَسْخَرُونَ مِنَ النَّاس؟ وَكَانُوا يُقَامِرُونَ بِالْوَرَق؟ وَكَانُوا يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُون؟ فَلَمَّا دَعَاهُمْ لُوطٌ اِلَى اللهِ؟ قَالُوا اَخْرِجُوهُ مَعَ اَهْلِهِ مِنْ قَرْيَتِكُمْ؟ لِمَاذَا؟ مَاهُوَ الذَّنْبُ الَّذِي ارْتَكَبَهُ لُوطٌ وَمَنْ آمَنَ مَعَه؟ اِسْتَمِعُوا اَيُّهَا النَّاسُ حِينَمَا تَنْحَرِفُ مَفَاهِيمُكُمْ؟ وَتَتَضَاءَلُ قِيَمُكُمُ الْاِنْسَانِيَّة؟ وَيَهْوِي النَّاسُ اِلَى حَضِيضٍ اَدْنَى مِنْ حَضِيضِ الْبَهِيمِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّة؟ لِمَاذَا؟ لِمَاذَا سَتُخْرِجُونَ لُوطاً مِنْ قَرْيَتِكُمْ{اِنَّهُمْ اُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون(نَعَمْ لَقَدْ اَصْبَحَتِ الطَّهَارَةُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ تُعْتَبَرُ ذَنْباً عَظِيماً يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا اَنْ يُطْرَدَ صَاحِبُ الْبَلَدِ مِنْ بَلَدِهِ بِسَبَبِ طَهَارَتِه؟ اَرَاَيْتَ اَخِي اِلَى هَذَا الْمُسْتَوَى الْحَقِيرِ الْوَضِيعِ الدَّنِيءِ الَّذِي وَصَلَ اِلَيْهِ وَاُصِيبَ بِهِ اَمْثَالُ هَؤُلَاء؟ لَقَدْ اَصْبَحَتِ الطَّهَارَةُ جَرِيمَةً عَظِيمَةً فِي نَظَرِ هَؤُلَاء؟ وَاَمَّا الْاِبَاحِيَّةُ الْحَقِيرَةُ بِمَا فِيهَا مِنَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ وَسُعَارِ الْكِلَابِ الْمَحْمُومَةِ عِنْدَ الْعَلْمَانِيِّينَ وَالشُّيُوعِيِّينَ وَالشِّيعَةِ الْاَحْقَرِ مِنْهَا جَمِيعِهِمْ؟ فَهِيَ التَّقَدُّمُ وَالتَّطَوُّرُ وَالرُّقِيُّ وَالْحَضَارَةُ وَالِانْطِلَاق؟ وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً(وَكَلِمَة ذَرْعاً بِمَعْنَى صَبْراً؟ بِمَعْنَى ضَاقَ بِهِمْ صَدْراً وَ صَبْراً؟بِمَعْنَى كَادَ يَفْقِدُ صَبْرَه؟ فَحِينَمَا تَتَضَايَقُ مِنْ شَيْءٍ اَخِي فَاِنَّكَ تَقُولُ صَدْرِي مُنْطَبِق{وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيب(لِمَاذَا ضَاقَ صَدْرُكَ يَالُوطُ عَلَيْكَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟ لِمَاذَا سِيءَ بِكَ وَسَاءَكَ مَا رَاَيْتَ مِنْ جَمَالِ ضُيُوفِكَ وَقُبْحِ قَوْمِكَ وَاَفْعَالِهِمْ؟ لِمَاذَا قُلْتَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيب؟ لِاَنَّ الْمَلَائِكَةَ جَاءَتْ اِلَيْهِ بِصُورَةِ شَبَابٍ حِسَانٍ وَلَا اَجْمَلَ مِنْهُمْ عَلَى الْاِطْلَاقِ فِي قَرْيَةِ لُوطٍ وَهِيَ قَرْيَةُ سَدُوم الْمَعْرُوفَة؟ وَذَلِكَ تَحْرِيضاً جِنْسِيّاً وَسُعَاراً مَحْمُوماً هَائلِاً وَاسْتِدْرَاجاً مِنَ اللهِ لِحُثَالَةِ قَوْمِ لُوطٍ اِلَى الْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى حَتَّى يَقَعُوا فِي شَرِّ اَعْمَالِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نُوح{وَلَايَنْفَعُكُمْ نُصْحِي لَكُمْ اِنْ اَرَادَ اللهُ اَنْ يُغْوِيَكُمْ(وَيَنْتَقِمَ مِنْكُمْ بِسَبَبِ عَنَادِكُمْ وَاِصْرَارِكُمْ عَلَى كُلِّ مَا يُغْضِبُ الله؟وَكَانَ هَذَا الْمَرَضُ النَّفْسِيُّ مِنَ الْمُيُولِ الشَّاذَّةِ الْخَاطِئَةِ مُتَاَصِّلاً فِي قَوْمِ لُوطٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ لُوط{مَاسَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ اَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِين(وَكَانَ بِاِمْكَانِهِمْ اَنْ يَلْجَؤُوا اِلَى اللهِ مُسْتَغِيثِينَ بِهِ سُبْحَانَهُ بَاكِينَ مُتَضَرِّعِينَ اِلَيْهِ اَنْ يَشْفِيَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ؟ قَائِلِينَ يَارَبُّ ارْحَمْ ضَعْفَنَا فَاِنَّهُ يُصِيبُنَا مَايُصِيبُنَا مِنَ الْمُيُولِ الْخَاطِئَةِ الشَّاذَّةِ رَغْماً عَنَّا؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّهُمْ لَوْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَاَخْلَصُوا دِينَهُمْ وَدُعَاءَهُمْ لِلهِ لَاسْتَجَابَ اللهُ لَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ مَخْرَجاً مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْحَقِيرَةِ وَشَفَاهُمْ مِنْهَا؟وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُخْلِصُوا دِينَهُمْ لِله فَوَقَعُوا فِي شُذُوذٍ اَخْطَرَ مِنَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ وَهُوَ الشُّذُوذُ الْعَقَائِدِيُّ فِي عَقِيدَةِ التَّوْحِيد؟وَاَضَافُوا اِلَيْهِ قَطْعَ الطَّرِيقِ وَالْفَسَادَ فِي الْاَرْضِ وَالْمُجَاهَرَةَ عَلَناً بِشُذُوذِهِمْ فِي نَوَادِيهِمْ؟ فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ مَاوَرَدَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ؟ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضَا؟ وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُون}وَلَوْاَنَّهُم ْ آمَنُوا بِاللهِ وَكَانُوا مُوَحِّدِينَ غَيْرَ مُشْرِكِين؟ وَلَوْ اَنَّهُمْ اَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُجَاهِرُونَ بِهَذِهِ الْفَاحِشَةِ عَلَناً وَسُخْرِيَةً وَثَرْثَرَةً بِهَا وَتَبَاهِياً وَمُفَاخَرَةً اَمَامَ النَّاسِ بِهَا اَيْضاً فِي نَوَادِيهِمْ؟ لَكَانَ هُنَاكَ اَمَلٌ فِي مُعَافَاتِهِمْ مِنْ عَذَابِ الله بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام{كُلُّ اُمَّتِي مُعَافَى اِلَّا الْمُجَاهِرُون؟ فَقِيلَ يَا رَسُولَ الله وَمَنْ هُمُ الْمُجَاهِرُون؟ فَقَالَ بِمَا مَعْنَاه؟ هُمُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الْفَوَاحِشَ وَالْمُنْكَرَات؟ ثُمَّ يَسْتُرُ اللهُ عَلَيْهِمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل؟ فَلَا يَاْتِي عَلَيْهِمُ الصَّبَاحُ الْبَاكِرُ اِلَّا وَقَدْ فَضَحُوا اَنْفُسَهُمْ وَتَفَاخَرُوا اَمَامَ النَّاسِ وَتَبَاهَوْا بِمَا فَعَلُوه(فَلَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ اَجْمَعِينَ عَلَى اَمْثَالِ هَؤُلَاء؟ لِاَنَّهُمْ وَسَّعُوا نِطَاقَ الْفَاحِشَةِ كَثِيراً جِدّاً فِي الْمُجْتَمَعِ بَعْدَ اَنْ كَادَ يَضِيقُ شَيْئاً فَشَيْئاً؟ فَكَانُوا مِمَّنْ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{اِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ اَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ اَلِيمُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} وَلِذَلِكَ تَضَايَقَ لُوطٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَثِيراً جِدّاً؟لِاَنَّهُ خَشِيَ اَنْ يَعْتَدِيَ قَوْمُهُ عَلَى هَؤُلَاءِ الشَّبَابِ ذَوِي الْوُجُوهِ الصِّبَاحِ الْوَسِيمَةِ الْوَضِيئَةِ الْمُنِيرَةِ وَلاَ اَحْلَى وَلَا اَجْمَلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْمُورَة؟ وَلِذَلِكَ قَالَ{هَذَا يَوْمٌ عَصِيب(وَاَحْيَاناً اَخِي فَاِنَّكَ قَدْ تَرَى اَقْرَبَ وَاَخَصَّ النَّاسِ اِلَيْكَ زَوْجَتَكَ وَهِيَ تُسِيءُ اِلَيْك بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَاَةَ نُوحٍ وَامْرَاَةَ لُوط؟ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا؟فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً؟وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِين(فَمَاذَا كَانَتْ تَفْعَلُ امْرَاَةُ لُوط؟ كَانَتْ تَصْعَدُ اِلَى السُّطُوحِ وَالْاَمَاكِنِ الْمُرْتَفِعَةِ؟وَكَانَتْ تُصَفّرُ بِصَوْتٍ اَنْكَرَ مِنْ اَصْوَاتِ الْحَمِيرِ مُعْطِيَةً الْعَلَامَةَ وَالْاِشَارَةَ وَالضَّوْءَ الْاَخْضَرَ؟ فَيَعْرِفُ قَوْمُهَا مِنْ تَصْفِيرِهَا اَنَّهَا تَدْعُوهُمْ اِلَى مَا يَشْتَهُونَ مِنَ الْفَاحِشَة؟ وَلَكِنَّ مَكَانَهُمْ كَانَ بَعِيداً فَلَمْ يَسْمَعُوا تَصْفِيرَهَا فَمَاذَا فَعَلَتْ؟ اَوْقَدَتِ النَّارَ عَلَى سَطْحِ بَيْتِهَا لِتُشِيرَ اِلَيْهِمْ اَنَّ هُنَاكَ غَنِيمَةً جِنْسِيَّةً لَذِيذَةً جِدّاً عِنْدَ زَوْجِهَا لُوطٍ فَهَلُمُّوا اِلَيْهَا؟ فَلَمَّا رَاَى قَوْمُ لُوطٍ هَذِهِ الْاِشَارَة{جَاءَهُ قَوْمُهُ يُهَرَعُونَ اِلَيْه(وَيَاْتُونَ بِسُرْعَةٍ يَتَدَافَعُونَ وَيَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً اِلَى مَصِيرِهِمُ الْمَشْؤُوم؟ وَقَدَرِهِمُ الْمَحْتُوم؟ بِسَبَبِ اٍصْرَارِهِمُ الْمُسْتَمِيتِ الْمُسْتَقْتِلِ الشَّدِيدِ الْمُتَكَرِّرِ الْوَقِحِ الْمَلْعُون؟ حَتَّى آخِرِ لَحْظَةٍ مِنْ حَيَاتِهِمْ عَلَى اِرْضَاءِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْمَرْجُوم؟ وَعَلَى عَدَمِ اِرْضَاءِ الْحَيِّ الْقَيُّوم؟ وَالْفَوْزِ بِحُبِّهِ وَاَجْرِهِ غَيْرِ الْمَمْنُون؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ{اِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين(مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَرِجْسِ الشِّرْكِ وَنَجَسِهِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالتَّدْخِين وَالْمُخَدِّرَاتِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْحَشِيشِ وَالْاَفْيُون؟ وَكَانَ بِاِمْكَانِ قَوْمِ لُوطٍ حَتَّى وَلَوْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُمْ هَذِهِ الْفَاحِشَةُ اِلَى آخِرِ حَيَاتِهِمْ اَنْ يَكُونُوا كَقَوْمِ يُونُسَ مَحْظُوظِينَ بِالنَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ الله بَلْ وَدُخُولِ جَنَّاتِ النَّعِيمِ اَيضاً لَكِنْ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَشُرُوطِهِ وَمَا اَسْهَلَهَا وَاَيْسَرَهَا فِي قَوْلِهِ{وَالَّذِينَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَافَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون اُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْاَنْهَارُ وَنِعْمَ اَجْرُ الْعَامِلِين(نَعَمْ اَقْبَلَ قَوْمُ لُوطٍ بِسُرْعَةٍ وَتَدَافُعٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ؟ نَعَمْ يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مِنْ قُوَّةِ تَحْرِيضِ الْجِنْسِ وَاِغْوَائِهِ وَرَعْشَتِهِ الَّتِي اَصَابَتْهُمْ؟لِاَنَّ الْغَنِيمَةَ جَاءَتْ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُرِيدُ اَنْ يَقْتَنِصَهَا وَيَفُوزَ بِهَا وَالْعَيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى؟ وَحِينَمَا تَسُوءُ اَفْعَالُ الْمُجْتَمَعِ وَلَايَرْعَوِي وَلَايَمْتَنِعُ عَنِ الضَّلَالِ وَالْمُنْكَرِ وَلَايَسْتَحْيِي مِنْهُ؟ فَهُنَا تَكُونُ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى؟ فَاِذَا كَانَ الْمُجْتَمَعُ تَسُودُهُ الْقِيَمُ وَاَرَادَ اِنْسَانٌ مَا اَنْ يَرْتَكِبَ ذَنْباً اَوْ فَاحِشَةً فَاِنَّهُ يَتَخَفَّى مُسْتَتِراً بِظُلْمَةِ اللَّيْل؟ وَاَمَّا هَؤُلَاءِ فَكَانُوا كُلُّهُمْ يَنْدَفِعُون؟ وَكُلُّهُمْ يَدْفَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً؟ وَكَلُّهُمْ يَرْتَعِشُ مِنَ اللَّذَّةِ وَالتَّحْرِيضِ الشَّيْطَانِيّ؟وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُرِيدُ اَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ الْجِنْسِيَّةُ الشَّيْطَانِيَّةُ لَهُ وَحْدَهُ فَقَطْ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ مُنْطَلِقِينَ اِلَى الْاِبَاحِيَّةِ الْمَشْؤُومَةِ بِاسْمِ الدِّيمُوقْرَاطِيَّةِ وَتَحَرُّرِ الْاِنْسَانِ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ لِلِه اِلَى عُبُودِيَّةٍ اَخْطَرِ اِلَهٍ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ وَهُوَ الْهَوَى كَمَا تَشْتَهِيهِ اَنْفُسُهُمْ وَتَلَذُّ اَعْيُنُهُمْ وَآذَانُهُمْ وَبُطُونُهُمْ وَاَعْضَاؤُهُمُ التَّنَاسُلِيَّةُ مِنَ الْحَرَام وَقَدْ كَانَ بِاِمْكَانِهِمْ اَنْ يَصْرِفُوا جَمِيعَ هَذِهِ الشَّهَوَاتِ فِي الْحَلَالِ الْمُعْتَدِلِ وِفْقَ الضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي حَدَّدَهَا الله وَلَنْ يَبْخَلَ اللهُ عَلَيْهِمْ بِالْمُتْعَةِ الْحَلَالِ وَاللَّذَّةِ الَّتِي تَفُوقُ بِقُوَّةٍ هَائِلَةٍ كَبِيرَةٍ مَا يَتَلَذَّذُونَ بِهِ مِنَ الْحَرَام وَيَكْفِيهِمْ مُتْعَةً اَنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا الرَّاحَةَ النَّفْسِيَّةَ وَالرُّوحِيَّةَ وَالْقَلْبِيَّةَ وَالْعَقْلِيَّةَ وَالْجَسَدِيَّةَ اِلَّا فِي الشَّهَوَاتِ الْمُعْتَدِلَةِ الْحَلَال فَهَؤُلَاءِ اِنْ لَمْ يَتُوبُوا اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً وَاسْتَمَرُّوا عَلَى اِعْجَابِهِمْ بِالْفَوْضَى الْاِبَاحِيَّةِ الَّتِي يَعِيشُونَهَا مِنْ دُونِ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ اِسْلَامِيَّةٍ فَهُمْ مَحْرُومُونَ مِنْ جَنَّةٍ{عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ{فِيهَا مَاتَشْتَهِيهِ الْاَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْاَعْيُنُ وَاَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُون(وَهُمْ مَحْرُومُونَ اَيْضاً مِنْ اَكْثَرِ شَيْءٍ يَحْتَاجُهُ الْاِنْسَانُ وَهُوَ رَاحَتُهُ النَّفْسِيَّةُ وَعَدَمُ شُعُورِهِ بِالْقَلَقِ وَالْخَوْفِ الْهَائِلِ مِنَ الْمَجْهُولِ الَّذِي يَنْتَظِرُهُ وَالَّذِي قَدْ يُودِي بِهِ اِلَى الِانْتِحَارِ كَمَا يَحْصَلُ فِي دُوَلِ اُورُوبَّا الْاِبَاحِيَّةِ وَبِكَثْرَة؟ وَاَمَّا الْاِنْسَانُ الشَّهْوَانِيُّ الَّذِي يَنْضَبِطُ بِضَوَابِطِ الشَّرْعِ الْاِسْلَامِيِّ فِي شَهْوَتِهِ فَمَهْمَا اَحَاطَتْ بِهِ الضُّغُوطَاتُ فَاِنَّ اللهَ يَرْزُقُهُ رَاحَةَ النَّفْسِ وَالْبَالِ وَالضَّمِيرِ وَالْوُجْدَانِ ثُمَّ يَقْبِضُ رُوحَهُ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ قَائِلاً لَهُ{يَااَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي اِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّة فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} نَعَمْ اَيَّهَا الْاِخْوَة{وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ اِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّآت(وَكَانُوا كَالْكِلَابِ الَّذِينَ لَا يَتَوَقُّف سُعَارُهُمْ اَبَداً؟ وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمَا فَعَلُوهُ قَبْلَ حُضُورِهِمْ اِلَيْه؟ فَقَدْ كَانُوا يَرْتَكِبُونَ الْمُنْكَرَاتِ فِي نَوَادِيهِمْ؟ وَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذَا الِانْحِطَاطِ الْخُلُقِي؟ فَقَدْ كَانُوا يُبَاشِرُونَ ثُمَّ يُعَاشِرُونَ الرِّجَالَ اَمْثَالَهُمْ مَعَ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ اَمَامَ بَعْضِهِمْ بَعْضاً دُونَ خَجَلٍ وَلَا وَجَلٍ مِنَ الله؟ وَكَانَ تَكْذِيبُهُمْ لِنَبِيِّ اللهِ لُوطٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَكْفِي وَحْدَهُ مِنْ اَجْلِ اِهْلَاكِهِمْ وَتَدْمِيرِهِمْ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا اَيَّةَ فَاحِشَة؟ وَلَوْ كَانُوا مِنْ اَطْهَرِ النَّاس؟ لِاَنَّ مَنْ كَذَّبَ نَبِيّاً وَاحِداً فَقَطْ فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الْاَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ فِي مِيزَانِ الله بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِين(وَهُمْ لَمْ يُكَذِّبُوا اِلَّا مُرْسَلاً وَاحِداً وَهُوَ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَام؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ اَضَافُوا اِلَى كُفْرِهِمْ وَاِشْرَاكِهِمْ وَجَرَائِمِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ مَاجَعَلَهُمْ عُدِمُوا مِنْ كُلِّ الْقِيَمِ الْاِنْسَانِيَّةِ بَلْ هُمْ اَعْدَمُوهَا بِاَنْفُسِهِمْ حِينَمَا حَارَبُوا الْفِطْرَةَ السَّلِيمَةَ وَهِيَ مَيْلُ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ لِبَعْضِهِمَا؟ وَكَانَ لُوطٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اِلَى الْآن يَا غَافِل لَكَ الله كَمَا يُقَال لَمْ تُكْشَفْ لَهُ الْهَوِيَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة؟ وَاِنَّمَا ظَنَّهُمْ مِنَ الشَّبَابِ الْبَشَرِ الرِّجَال؟ وَلِذَلِكَ خَافَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهِ خَوْفاً شَدِيداً؟ فَكَيْفَ يَتْرُكُ ضُيُوفَهُ هَؤُلَاءِ وَهُمْ فِي حِمَايَتِهِ لِاَصْحَابِ السُّعَارِ الْجِنْسِيِّ الشَّاذِّ الْمُقْرِف؟ بَلْ كَيْفَ يَضْبِطُ سُعَارَهُمْ؟ بَلْ كَيْفَ يُخَفّفُ مِنْهُ حَتَّى لَايَجْلِبَ الْخِزْيَ وَالْعَارَ اِلَى بَيْتِهِ وَحَتَّى لَا يَتَّهِمَهُ النَّاسُ بِالتَّقْصِيرِ فِي حِمَايَةِ ضُيُوفِهِ وَجَعْلِهِمْ لُقْمَةً سَائِغَةً سَهْلَةً يَسْتَمْتِعُ قَوْمُهُ بِنِكَاحِهَا مِنْ اَدْبَارِهَا؟هَلْ سَيَتْرُكُ بَيْتَ الطَّهَارَةِ يَتَحَوَّلُ اِلَى بَيْتٍ سَيِّءِ السُّمْعَةِ مِنَ الدَّعَارَة؟ وَلَقَدْ كَانَتْ زَوْجَةُ نُوحٍ وَزَوْجَةُ لُوطٍ شَرِيفَتَيْنِ عَفِيفَتَيْنِ وَلَمْ تَقُمْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِخِيَانَةِ زَوْجِهَا مَعَ رَجُلٍ آخَرَ فِي حَيَاتِهَا اَبَداً؟وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ زَوْجَتَيْ نُوحٍ وَلُوط قَدْ جَلَبَتَا اَكْبَرَ عَارٍ مِنْ خِيَانَتِهِمَا لِعَقِيدَةِ زَوْجَيْهِمَا وَدِينهِ وَمُحَاوَلَةِ الْاَخِيرَةِ تَمْكِينَ قَوْمِهَا مِنَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ فِي بَيْتِهَا؟ وَمَعَ ذَلِكَ يَامَنْ تُعَيِّرُونَ الرَّجُلَ الطَّاهِرَ بِزَوْجَتِهِ الْخَائِنَةِ وَاَوْلَادِهَا وَقَدْ يَكُونُونَ اَوْلَاداً شَرْعِيِّين؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانُوا اَوْلَادَ زِنَى فَلَا ذَنْبَ لَهُمْ؟ وَاَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الظَّالِمِين؟ لَقَدَ طَلَّقَهَا الْقَاضِي مِنْهُ وَاَرَاحَ زَوْجَهَا مِنْ خِيَانَتِهَا وَكَانَ مَغْشُوشاً بِهَا؟ فَلِمَاذَا لَاتُرِيحُونَهُ اَنْتُمْ اَيْضاً مِنْ اَلْسِنَتِكُمُ الْقَذِرَةِ اَيَّهَا الْاَوْغَادُ السَّفَلَةُ الْمُنْحَطُّون؟ اَمَا عَلِمْتُمْ اَنَّكُمْ اَعْلَنْتُمُ الْحَرْبَ عَلَى اللهِ وَبِاَرْبَى الرِّبَا حَتَّى وَصَلْتُمْ اِلَى اَعْلَى سَقْفٍ وَقِمَّةٍ مِنَ الرَّبَا بِتَطَاوُلِكُمْ عَلَى عِرْضِ اَخِيكُمْ وَسُمْعَةِ اَوْلَادِهِ الَّذِينَ لَاذَنْبَ لَهُمْ؟ وَكَمْ سَتَتَحَمَّلُونَ عِنْدَ اللهِ مِنْ خَطَايَا الْآلَامِ وَالْعُقَدِ وَالْاَمْرَاضِ النَّفْسِيَّةِ وَرُبَّمَا الْحِقْدُ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الَّذِي قَدْ يَتَطَوَّرُ اِلَى الْاِجْرَامِ الَّذِي قَدْ يُصِيبُهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِسَبَبِ تَعْيِيرِكُمْ لَهُمْ بِاُمِّهِمْ اَوْاَبِيهِمْ؟لِاَنَّكُمْ لَمْ تُبْقُوا لَهُمْ شَيْئاً وَلَوْ بَسِيطاً مِنْ رَاْسِ الْمَالِ الَّذِي يَرْفَعُونَ بِهِ رُؤُوسَهُمْ اَمَامَ النَّاسِ وَهُوَ سُمْعَتُهُمْ وَكَرَامَتُهُمْ بَلْ اَكَلْتُمُوهُ كُلَّهُ بِاَلْسِنَتِكُمُ الْقَذِرَةِ وَبِفَائِدَةٍ رِبَوِيَّةٍ فَاحِشَة قَضَتْ عَلَى جَمِيعِ رَاْسِمَالِهِمْ وَاِلَى الْاَبَد؟ وَاَيَّةُ فَائِدَةٍ جَنَيْتُمْ اَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ سِوَى الثَّرْثَرَةِ بِاَلْسِنَتِكُمُ الْعَفِنَةِ الْوَسِخَة مِنْ اَجْلِ دَعْمِ مَجَالِسِ الْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْاَرْكِيلَةِ وَالْمُعَسَّلِ وَالتَّدْخِينِ وَالْكُرَةِ وَالتَّطَاوُلِ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاسِ وَشَتْمِ اللهِ وَالدِّين؟ هَلْ تَشْتُمُونَ اللهَ وَالدِّينَ وَاَعْرَاضَ النَّاس لِمُجَرَّدِ اَنَّ بَرْشَلُونَة فَازَتْ اَوْ لَمْ تَفُزْ فِي الْمَبَارَيَاتِ اَيُّهَا الْاَوْغَادُ الْمُجْرِمُون؟ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ اَجْمَعِين اِلَى اَبَدِ الْآبِدِين؟هَلْ بَيَضْتُّمْ وُجُوهَكُمْ اَمَامَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ مِنْ شَيَاطِينِ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ لَابَيَّضَهَا اللهُ لَكُمْ؟ حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ خَائِنَةً فَلَا يَحِقُّ لَكُمُ التَّطَاوُلُ عَلَيْهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى سُمْعَةِ اَوْلَادِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَدْ سَاَلَهُ رَجُلٌ قَائِلاً اَرَاَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ اِنْ كَانَ فِي اَخِي اَوْ اُخْتِي مَااَقُول فَقَالَ لَهُ[اِنْ كَانَ مُذْنِباً حَقّاً وَفِيهِ فِعْلاً مَاتَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَه؟ وَاِنْ كان بَرِيئاً وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاتَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّه(وَمِنَ الْمَعْلُومِ اَنَّ الْغِيبَةَ مُحَرَّمَةٌ شَرْعاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اَيُحِبُّ اَحَدُكُمْ اَنْ يَاْكُلَ لَحْمَ اَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوه(فَمَا بَالُكُمْ اَيُّهَا الْمُغْتَابُونَ وَاَنْتُمْ لَمْ تَشْبَعُوا مِنَ الطَّعْنِ فِي سُمْعَتِهَا وَسُمْعَةِ اَوْلَادِهَا حَتَّى قَضَيْتُمْ عَلَى رَاْسِمَالِهِمْ جَمِيعِهِمْ بِقَتْلِكُمْ لِسُمْعَتِهِمْ وَكَرَامَتِهِمْ قَتْلاً مَعْنَوِيّاً اَصْعَبَ وَاَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ الْاِجْرَامِيِّ الْمَادِّيِّ بِمَلَايِينِ الْمَرَّات وَلَمْ تَكْتَفُوا بِذَلِكَ؟ بَلْ اَنْتُمْ فِي مِيزَانِ اللهِ قَتَلْتُمُوهُمْ جَمِيعاً قَتْلاً مَادِّيّاً اَيْضاً وَلَمْ تَكْتَفُوا بِذَلِكَ؟ بَلْ اَكَلْتُم لُحُومَهُمْ وَهُمْ جِيفَةٌ اَمْوَات كَمَا اَكَلْتُمْ لُحُومَهُمْ بِعُيُونِكُمْ وَاَلْسِنَتِكُمُ الْجِيفَةِ الْقَذِرَةِ وَهُمْ اَحْيَاء وَلَمْ تَكْتَفُوا بِذَلِكَ؟بَلْ جَعَلْتُمُ النَّاسَ يَزْدَرُونَهُمْ وَيَحْتَقِرُونَهُمْ وَيَبْصُقُونَ عَلَيْهِمْ؟ فَهَلْ ظَنَنْتُمْ اَيُّهَا الْاَوْغَادُ اَنَّ كَرَامَةَ النَّاسِ هِيَ لُعْبَةٌ عِنْدَ الله؟ وَهَلْ سَمَحَ لَكُمْ سُبْحَانَهُ اَنْ تَلْعَبُوا بِهَا كَيْفَمَا شِئْتُمْ؟ اَلْوَيْلُ ثُمَّ الْوَيْلُ ثُمَّ الْوَيْلُ لَكُمْ مِنَ الله؟لِاَنَّ غَضَبَ اللهِ وَلَعْنَتَهُ عَلَيْكُمْ لَنْ يَتَوَقَّفَا اَبَداً وَخَاصَّةً اِذَا كَانَ الَّذِي تَتَطَاوَلُونَ عَلَى عِرْضِهِ وَسُمْعَتِهِ وَكَرَامَتِهِ بَرِيئاً؟لِاَنَّكُمْ جِئْتُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِبُهْتَانٍ عَظِيمٍ يَجْعَلُ عَرْشَ الرَّحْمَنِ يَهْتَزُّ وَيَتَزَلْزَلُ خَوْفاً مِنْ غَضَبِ اللهِ اَنْ يُصِيبَ الْعَرْشَ شَيْءٌ مِنْهُ وَاَشَدَّ مِنْ زِلْزَالِهِ وَاهْتِزَازِهِ بِاَفْعَالِ قَوْمِ لُوط بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَااكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَاِثْماً مَبِينَا(هَلْ يَحِقُّ لَكُمْ اَنْ تُعَيِّرُوا نُوحاً وَلُوطاً عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام وَاَوْلَادَهُمَا بِزَوْجَتَيْهِمَا الشَّرِيفَتَيْنِ الْعَفِيفَتَيْنِ وَلَكِنَّهُمَا خَائِنَتَانِ لِزَوْجَيْهِمَا فِي الْعَقِيدَةِ بِسَبَبِ تَكْذِيبِهِمَا لَهُمَا؟وَاَنْتُمْ تَعْلَمُونَ جَيِّداً اَنَّ الْخِيَانَةَ فِي الْعَقِيدَةِ هِيَ اَعْظَمُ اَنْوَاعِ الْخِيَانَة؟ بَلْ لَاخِيَانَةَ تُسَاوِيهَا اَوْتَعْدِلُهَا؟ فَاِذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ التَّعْيِيرَ فَقَدْ كَفَرْتُمْ؟لِاَنَّكُمْ مَهْمَا عَيَّرْتُمْ نُوحاً اَوْ لُوطاً بِزَوْجَتِهِ؟ فَقَدِ اصْطَفَاهُ اللهُ عَلَيْكُمْ بَلْ{اِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ اِبْرَاهِيمَ(وَمِنْهُمْ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَام{وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين(مَاذَا اَقُولُ لِلشَّيعَةِ وَنَحْنُ مَازِلْنَا اِلَى الْآن نَتَكَلَّمُ عَنْ مُسْتَوَى اَدْنَى مِنْ مُسْتَوَى رَسُولِ اللهِ بِكَثِيرِ جِدّاً وَهُوَ اَخُوكَ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ الَّذِي تَتَطَاوَلُ عَلَى عِرْضِهِ وَفِيهِ مَافِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ وَالْعَذَابِ الشَّدِيد وَالْحَرْبِ مَعَ الله؟فَمَا بَالُكُمْ اَيُّهَا الشِّيعَةُ وَاَنْتُمْ تَتَطَاوَلُونَ عَلَى عِرْضِ رَسُولِ الله؟مَاذَا اَقُولُ وَلَسْتُ اَدْرِي شَيْئاً عَنْ حَجْمِ الْعَذَابِ الْهَائِلِ وَحَرِيقِ الْجَحِيمِ الَّذِي يَنْتَظِرُكُمْ؟عَلَيْكُمْ مُنْذُ الْآنَ اَنْ تُجَهِّزُوا سِلَاحَكُمْ لِلْحَرْبِ مَعَ الله؟وَاَنْصَحُكُمْ اَنْ تَدْفِنُوا اَسْلِحَتَكُمْ مَعَكُمْ فِي قُبُورِكُمْ؟وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ اَنَّهُ لَااَمَلَ لَكُمْ حَتَّى يَقْبَلَ اللهُ تَوْبَتَكُمْ اِلَّا بِاَنْ يَقُومَ الرَّادُودُ مِنْ شُعَرَائِكُمْ بِاِلْقَاءِ اَجْمَلِ الْقَصَائِدِ مِنَ الشِّعْرِ وَالْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ عَلَى النَّبِيِّ وَاَزْوَاجِهِ وَآلِ بَيْتِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمِنْ دُونِ غُلُوٍّ وَمِنْ دُونِ اِفْرَاطٍ اَوْ تَفْرِيطٍ فِي مَدْحِهِمْ اِلَى دَرَجَةِ الْاُلُوهِيَّةِ كَمَا تَفْعَلُونَ فِي حُسَيْنِيَّاتِكُمْ وَالْعَيَاذُ بِالله؟؟فَمَاذَا فَعَلَ لُوطٌ مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ ضُيُوفِه؟حَاوَلَ اَنْ يُخَفّفَ وَيُهَدِّىءَ مِنْ وَقْعِ التَّحْرِيضِ الْجِنْسِيِّ الشَّاذِّ الْحَقِيرِ لَدَى قَوْمِهِ بِقَوْلِه{يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ اَطْهَرُ لَكُمْ(نَعَمْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنَاتُ اللَّوَاتِي آمَنَّ هُنَّ اَطْهَرُ لَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ فَآمِنُوا بِاللهِ وَبِي ثُمَّ تَزَوَّجُوا مِنْهُنَّ تَزَوُّجاً شَرْعِيّاً؟ فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟هَلِ اسْتَجَابَ قَوْمُهُ لَه؟مَعَ الْاَسَف فَاِنَّكَ اَخِي قَدْ رَاَيْتَ وَمَا زِلْتَ سَتَرَى اَنَّ التَّارِيخَ يُعِيدُ نَفْسَهُ اِلَى الْوَرَاءِ وَبِقُوَّةٍ وَتَقْلِيدٍ اَعْمَى لَامَثِيلَ لَهُ؟ وَبِقُوَّةٍ اَكْبَرَ اِلَى الْاَمَامِ وَبِاَشْكَالٍ اِبَاحِيَّةٍ فَوْضَوِيَّةٍ جَدِيدَةٍ يُزَيِّنُهَا الشَّيْطَانُ وَيَقُومُ بِتَحْدِيثِهَا دَائِماً حَتَّى تَحْلُوَ فِي اَعْيُنِ النَّاسِ وَيَسْتَسِيغُونَهَا مَهْمَا كَانَتْ قَذِرَةً؟ فَحِينَمَا تَنْحَرِفُ الْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ فَاِنَّهُ يَسُودُ مَايُسَمَّى بِمُمَارَسَةِ الْجِنْسِ الْمِثْلِيِّ فِي حَضَارَةِ الْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ الْمَادِّيَّة؟وَلِذَلِكَ صَارَ الزَّوَاجُ الْجِنْسِيُّ الْمِثْلِيُّ اَمْراً مَشْرُوعاً قَانُونِيّاً؟وَكَيْفَ لَايَصِيرُ مَشْرُوعاً اِذَا كَانَ الصَّلِيبُ قَدْ حَمَلَ جَمِيعَ خَطَايَا الْبَشَرِ وَقَذَارَتَهُمْ وَوَسَاخَتَهُمْ وَانْحِطَاطَهُمْ حَتَّى اَنَّهُ لَمْ يَبْقَى لَهُ مَكَانٌ طَاهِرٌ وَلَوْ بِمِقْدَارِ مِسْمَارٍ حَتَّى يَحْمِلَ جَسَدَ الْمَسِيحِ الطَّاهِرِ عَلَيْه؟ فَسُبْحَانَ مَنْ طَهَّرَ الْمَسِيحَ مِنْ وَسَاخَةِ هَذَا الصَّلِيبِ وَقَذَارَتِهِ وَقَذَارَةِ حَامِلِيهِ وَكُفْرِهِمْ حِينَمَا قَالَ لِلْمَسِيح{اِذْ قَالَ اللهُ يَاعِيسَى اِنِّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ اِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا( اَرَاَيْتَ اَخِي اِلَى هَؤُلَاءِ الْحَضَارِيِّينَ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يُكَرِّمُونَ الْاِنْسَان؟ فَكَيْفَ يَنْزِلُونَ اِلَى هَذَا الْحَضِيضِ ثُمَّ يَجْعَلُونَ مِنْ مُمَارَسَةِ الْجِنْسِ الشَّاذِّ اَمْراً مَشْرُوعاً زَوَاجاً وَعَقْداً وَفَرَحاً وَعُرْساً؟ وَالْمَرْاَةُ تَقُولُ لِلْمَرْاَةِ وَالرَّجُلُ يَقُولُ لِلرَّجُلِ زَوَّجْتُكَ نَفْسِي؟وَرُبَّمَا كَانَ هَذَا الْفِعْلُ الشَّنِيعُ مِنْهُمْ هُوَ مَانَاْمَلُهُ وَنَتَمَنَّاهُ دَائِماً وَهُوَ اَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ الْقَذِرُ مُقَدِّمَةً وَاسْتِدْرَاجاً مِنَ اللهِ مِنْ اَجْلِ اِهْلَاكِهِمْ وَتَدْمِيرِهِمْ وَاِهْلَاكِ الظَّالِمِينَ الْمُعْتَدِينَ الطُّغَاةِ وَعَلَى رَاْسِهِمْ طَاغِيَةُ الشَّام؟ لِاَنَّهُمْ يَحْفِرُونَ قُبُورَهُمْ بِاَيْدِيهِمْ مِنْ حَيْثُ لَايَشْعُرُون؟وَلِذَلِكَ قَالَ لُوطٌ لِقَوْمِهِ{هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ اَطْهَرُ لَكُمْ{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً(مِنَ الزَّوَاجِ الْمَشْرُوعِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْبَنَاتِ مِنَ الْجِنْسِ الْآخَرِ{وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{وَعَسَى اَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً(مِنْ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ الْمُقْرِفَةِ وَالْفِعْلِ الشَّاذِّ{وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ (لِاَنَّ رَحِمَ الْمَرْاَةِ يَبْقَى طَاهِراً وَلَايَنْجُسُ اِلَّا فِي اَيَّامِ حَيْضِهَا الْمَمْنُوعَةِ عَلَى زَوْجِهَا مِنْ مُعَاشَرَتِهَا؟ وَاَمَّا شَرْجُ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ فَاِنَّهُ يَبْقَى نَجِساً وَلَايَطْهُرُ غَالِباً بِسَبَبِ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ الْمُتَكَرِّرِ مِنْهُ يَوْمِيّاً؟وَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللهُ عَلَى الرَّجُلِ اَنْ يَضَعَ عُضْوَهُ الذَّكَرِيَّ فِي شَرْجِ امْرَاَتِهِ اَوْ فِي شَرْجِ رَجُلٍ مِثْلِهِ وَالْعَيَاذُ بِالله{فَاتَّقُوا اللهَ وَلَاتُخْزُونِ فِي ضَيْفِي اَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد(هَؤُلَاءِ ضُيُوفِي فَكَيْفَ تَعْتَدُونَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي حِمَايَتِي؟اَلَيْسَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ عَاقِلٌ يَرْدَعُكُمْ وَيَجْعَلُكُمْ تَقِفُونَ عِنْدَ حَدِّكُمْ؟ فَبِمَاذَا اَجَابُوهُ قَبَّحَهُمُ الله{قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَالَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقّ(وَهَذَا هُوَ الْكِبْرُ وَالتَّكَبُّرُ عَلَى اللهِ بِعَيْنِه بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَلْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاس(بِمَعْنَى رَفْضُ الْحَقِّ وَاحْتِقَارُ النَّاس؟وَلِذَلِكَ قَالُوا اَنْتَ تَعْلَمُ يَالُوطُ اَنَّ اَنْفُسَنَا لَاتَمِيلُ اِلَى الْبَنَاتِ وَلَاتَشْتَهِيهِنَّ؟وَاِن َّمَا نَمِيلُ اِلَى الذُّكُورِ بِكُلِّ عَوَاطِفِنَا وَاَحَاسِيسِنَا وَمَشَاعِرِنَا؟وَكُلُّ شَعْرَةٍ مِنْ اَجْسَامِنَا تَرْتَعِشُ لَهُمْ؟وَهَلْ تَجْهَلُ يَا لُوطُ مَا نُرِيدُ نَحْن؟ وَهَلْ اَنْتَ عَبِيطٌ غَشِيمٌ عَنَّا؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى هَذِهِ الصَّفَاقَةِ وَالْحَقَارَةِ وَالدَّنَاءَةِ وَالْوَقَاحَةِ وَقِلَّةِ الذَّوْقِ وَالْاَدَبِ وَالْخَجَلِ وَالْحَيَاءِ الَّتِي لَامَثِيلَ لَهَا مَعَ نَبِيٍّ طَاهِرٍ كَرِيمٍ مِنْ اَنْبِيَاءِ الله{وَاِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَانُرِيد(وَهُنَا لُوطٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَجُلٌ غَرِيبٌ لَيْسَ مِنْ قَرْيَتِهِمْ قَرْيَةِ سُدُوم فِي فَلَسْطِين؟وَاِنَّمَا هُوَ فِي الْاَصْلِ مِنَ الْعِرَاق؟هَاجَرَ مِنْهَا بِاَمْرٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَعَ عَمِّهِ اِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اِبْرَاهِيمَ فَرَاسِخُ وَ مَسَافَاتٌ لَيْسَتْ طَوِيلَة؟وَمَهْمَا يَكُنْ مِنْ اَمْرِ لُوطٍ فَهُوَ غَرِيبٌ عَنْ بَلْدَةِ قَوْمِه؟ وَلَيْسَ عِنْدَهُ عُزْوَةٌ وَلَااَوْلَادٌ ذُكُورٌ يُدَافِعُونَ عَنْه؟وَلِذَلِكَ نَزَلَ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ اَمْرِ قَوْمِهِ وَعَارِهِمُ الْمُخْزِي وَشِدَّتِهِ وَاَهْوَالِهِ وَوَقْعِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَا طَمَّ عَلَيْهِ طَمَّا وَاَحْزَنَهُ حُزْناً شَدِيدَا فَقَالَ{لَوْاَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً اَوْ آوِي اِلَى رُكْنٍ شَدِيد(يَالَيْتَ عِنْدِي مِنَ الْقُوَّةِ مَااَسْتَطِيعُ بِهَا اَنْ اَدْفَعَكُمْ عَنْ بَيْتِي؟فَلَيْسَ عِنْدِي رُكْنٌ شَدِيدٌ آوِي اِلَيْهِ وَاَعْتَمِدُ عَلَيْهِ اِلَّا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُم وَهُوَ اَشَدُّ مِنْكُمْ قُوَّة؟وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا قَرَاَ هَذِهِ الْآيَةَ كَمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَاَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةَ اَنَّ رَسُولَ اللهِ كَانَ يَقُول[رَحِمَ اللهُ اَخِي لُوطاً لَقَدْ كَانَ يَاْوِي اِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ وَهُوَ الله(فَمَاذَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِك؟ كَانَتِ الْمُفَاجَاَةُ كَالصَّاعِقَةِ الْمُدَوِّيَةِ الَّتِي اَذْهَلَتْ لُوطاً عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟حِينَمَا حَاوَلَ قَوْمُ لُوطٍ التَّحَرُّشَ بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ لَايَتَّصِفُونَ بِذُكُورَةٍ وَلَا اُنُوثَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مُيُولٌ جِنْسِيَّةٌ كَالَّتِي عِنْدَ الْاِنْسِ وَالْجِنّ؟فَاِذَا بِالْمَلَائِكَةِ تَضْرِبُ اَعْيُنَهُمْ بِاَجْنِحَتِهَا وَتُصِيبُهُمْ بِالْعَمَى؟فَمَا كَانَ مِنْهُمْ اِلَّا اَنْ خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ لُوطٍ وَهُمْ يَتَلَمَّسُونَ الْجُدْرَانَ مُتَوَعِّدِينَ وَمُهَدِّدِينَ اَنَّهُمْ سَيَنْتَقِمُونَ مِنْ لُوطٍ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ شَرَّ انْتِقَام بَعْدَ اَنْ يُعَالِجُوا مَا اَصَابَ اَعْيُنَهُمْ مِنْ شَرِّ سِحْرِ لُوطٍ بِزَعْمِهِمْ عِنْدَ اَمْهَرِ الْاَطِبَّاء؟وَلَمْ تَتْرُكِ الْمَلَائِكَةُ وَاحِداً مِنْهُمْ يَسْلَمُ مِنَ الْعَمَى اِلَّا رَجُلاً وَاحِداً مِنْ اَجْلِ اَنْ يَقُودَهُمْ فِي الطَّرِيقِ لِيَذْهَبُوا اِلَى حَالِ سَبِيلِهِمْ وَهُمْ لَايَشْعُرُونَ بِمَا يَنْتَظِرُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْاَلِيم بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا اَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُر؟وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرّ؟ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُر(فَاِذَا بِالْمَلَائِكَةِ تَكْشِفُ عَنْ هَوِيَّتِهَا الْحَقِيقِيَّة{قَالُوا يَالُوطُ اِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا اِلَيْك(وَمَاقَالُوا لَهُ لَنْ يَصِلُوا اِلَيْنَا؟لِاَنَّ قَوْمَ لُوطٍ جَمِيعُهُمْ كَالْهَبَاءَةِ الصَّغِيرَةِ جِدّاً وَالَّتِي لَاتُرَى بِالْعَيْنِ الْمُجَرَّدَةِ وَالْمَوْضُوعَةِ عَلَى رِيشَةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً مِنْ رِيشِ اَجْنِحَةِ مَلَائِكَةِ الْعَذَاب؟وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالُوا يَالُوطُ اَنْتَ بَشَرٌ ضَعِيف وَمَعَ ذَلِكَ فَلَنْ يَسْتَطِيعُوا الْوُصُولَ اِلَيْك فَمَابَالُكَ وَنَحْنُ مِنَ الْمَلَائِكَة؟وَهُنَا تَاْتِي الْاَوَامِرُ الرَّبَّانِيَّةُ حَرَكَةً وَرَاءَ حَرَكَة{فَاَسْرِ بِاَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ؟وَلَايَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اَحَدٌ اِلَّا امْرَاَتَك(هَيَّا يَالُوطُ فِي الْجُزْءِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْل اُهْرُبْ بِاَهْلِكَ وَمَنْ آمَنَ مَعَكَ مِنْهُمْ{اِلَّا امْرَاَتَكَ اِنَّهُ مُصِيبُهَا مَااَصَابَهُمْ(فَلَمَّا رَاَتْ زَوْجَةُ لُوطٍ بَعْضَ عَلَامَاتِ ذَلِكَ الْعَذَاب مَاذَا فَعَلَتْ؟ حَاوَلَتْ اَنْ تَنْدَسَّ مَعَ لُوطٍ وَمَنْ مَعَهُ لِتَنْجُوَ؟ وَلَكِنَّهَا حِينَمَا نَظَرَتْ وَرَاءَهَا سَمِعَتْ قَوْمَهَا يُنَادُونَهَا؟ فَرَجَعَتْ اِلَيْهِمْ لِيُصِيبَهَا مَااَصَابَهُمْ؟ وَلِذَلِكَ جَاءَ الْاَمْرُالْاِلَهِيُّ عَلَى لِسَان ِالْمَلَائِكَة{فَاَسْرِ بِاَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَايَلْتَفِتْ مِنْكُمْ اَحَدٌ(وَالِالْتِفَاتُ هُنَا اِمَّا اَنْ يَكُونَ الْتَفَاتاً نَفْسِيّاً أيْ لَاتَلْتَفِتُوا اِلَى مَا تَرَكْتُمْ مِنْ دِيَارٍ وَاَمْوَالٍ فَاِنَّ اللهَ سَيُعَوِّضُكُمْ عَنْهَا خَيْراً مِنْهَا؟وَاِمَّا اَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى لَاتَلْتَفِتُوا بِاَحَاسِيسِكُمْ اِلَى الْوَرَاء وَعَلَى طُولْ اُمْشُوا دُغْرِي بِوُجُوهِكُمُ الثَّابِتَة فِي اتِّجَاهِ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَاب؟نَعَمْ اَخِي اِنَّهُ الْاَمْرُ الرَّبَّانِيُّ الرَّهِيبُ الَّذِي يَكُونُ دَائِماً فَوْقَ الْاَمْرِ الْعَسْكَرِيّ{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ اِلَّا هُو(سُبْحَانَهُ هُوَ الْوَحِيدُ الْقَادِرُ عَلَى اَنْ يَنْصُرَ دِينَهُ وَبِاَضْعَفِ مَخْلُوقَاتِهِ وَاَقْوَاهَا اَيْضاً؟ بَلْ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَالْمَرْاَةِ الْفَاجِرَة؟بَلْ بِاَعْدَائِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ حَيْثُ لَايَشْعُرُونَ حَتَّى وَلَوْ اجْتَمَعُوا بِكُلِّ قُوَّتِهِمْ عَلَى حَرْبِ الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِين؟ وَهَاهُوَ الْهَلَاكُ قَدِ اقْتَرَبَ مَوْعِدُه بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ؟اَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب(بَلَى يَا رَبَّنَا اَلصُّبْحُ قَرِيبٌ جِدّاً حِينَمَا يَكُونُونَ نَائِمِينَ؟ فِي سُبَاتٍ عَمِيقٍ هَادِئِينَ مُطْمَئِنِّينَ؟ تَنْزِلُ عَلَيْهِمْ صَاعِقَةُ الْعَذَاب وَيَنْزِلُ عَلَيْهِمُ التَّدْمِيرُ وَالْهَلَاكُ وَالْاِهْلَاك بَعْدَ اَنْ قَضَوْا اَكْثَرَ لَيْلِهِمْ عَلَى شُرْبِ الْمُعَسَّلِ وَالتَّدْخِين؟وَالْغَيْبَ ةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالتَّطَاوُلِ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاسِ وَسَبِّ اللهِ وَالدِّين؟وَخَاصَّةً حِينَمَا يَسْمَعُونَ اَذَانَ الْفَجْرِ مِنْ اَجْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَنْهَاهُمْ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَتَدْعُوهُمْ اِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم؟فَاِذَا بِهِمْ يُوَلُّونَ ضَارِطِينَ؟ هَازِئِينَ؟ مُسْتَكْبِرِينَ؟ عَلَى اللهِ وَاَذَانِهِ وَمَسَاجِدِهِ اِلَى فِرَاشِ نَوْمِهِمْ غَيْرَ عَابِئِين؟ بِمَا يَدْعُوهُمْ اِلَيْهِ رَبُّهُمْ مِنْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاة خَيْرِ الْعَمَل حَيَّ عَلَى الْفَلَاح فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالدِّين{اِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ؟ اَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيب(بَلَى يَا رَبَّنَا اِنَّ الصُّبْحَ قَرِيبٌ وَانْتِقَامُكَ مِنَ الظَّالِمِينَ قَرِيب وَعَلَى رَاْسِهِمْ طَاغِيَةُ الشَّامِ يَامُنْتَقِمُ يَا جَبَّارُ يَا شَدِيدَ الْعِقَابِ يَااَلله{فَلَمَّا جَاءَ اَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا(يَقُولُ الْقُرْطِبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَفْسِيرِه؟اَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام وَضَعَ جَنَاحَهُ تَحْتَ قُرَى قَوْمِ لُوطٍ مِنْ اَسَاسِهَا وَقَوَاعِدِهَا؟ وَكَانَ عَدَدُهَا خَمْسَ قُرَى؟ثُمَّ قَلَعَ الْاَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا مِنْ تُخُومِهَا؟ ثُمَّ صَعَدَ بِهَا وَرَفَعَهَا اِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟فَسَمِعَتْ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا نَهِيقَ الْحَمِيرِ وَاَصْوَاتَهُمْ؟ وَصِيَاحَ الدِّيَكَةِ؟ وَنِبَاحَ الْكِلَاب؟وَاسْتِغَاثَاتٍ رَهِيبَةً مُخِيفَةً جِدّاً مِنْ قَوْمِ لُوطٍ هَؤُلَاء؟وَمَعَ ذَلِكَ عِنْدَمَا رَفَعَهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟لَمْ يَنْهَدِمْ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهِمْ؟ وَلَمْ تَنْكَسِرْ جَرَّةٌ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي يَشْرَبُونَ مِنْه؟ وَلَمْ يُعَكِّرْ صَفْوَ اَجْوَائِهِمْ شَيْءٌ اِلَّا مَا شَعَرُوا بِهِ مِنَ الْخَوْفِ الْهَائِلِ الشَّدِيدِ الْمُرْعِبِ مِنْ اَصْوَاتِ حَيَوَانَاتِهِمْ وَاسْتِغَاثَاتِهِمْ وَصُرَاخِ نِسَائِهِمْ؟وَلَكِنْ مَاذَا فَعَلَ جِبْرِيلُ بَعْدَ ذَلِك؟حِينَمَا رَفَعَ قُرَاهُمْ بِمَنْ فِيهَا اِلَى عَنَانِ السَّمَاء؟ فَاِذَا بِهِ فَجْاَةً يُنَكّسُهَا وَيَقْلِبُهَا رَاْساً عَلَى عَقِب؟فَهَوَتْ عَلَى الْاَرْضِ وَاَتْبَعَهَا الْمُنْتَقِمُ الْجَبَّارُ شَدِيدُ الْعِقَابِ بِحِجَارَةٍ مِنْ عِنْدِه{فَلَمَّا جَاءَ اَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا؟ وَاَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُود(وَالسِّجِّيلُ فِي الْاَصْلِ هُوَ الطّين؟ثُمَّ تَصَلَّبَ هَذَا الطِّينُ وَاَصْبَحَ جَامِداً قَوِيّاً كَالْحَدِيد؟وَكَلِمَة مَنْضُود بِمَعْنَى مَتَرَاصّ مُتَتَابِع بَعْضُهُ وَرَاءَ بَعْض وَيَتْبَعُ الْبَعْضَ الْآخَر؟بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ اَلْحَقَ قُرَاهُمُ الْهَاوِيَةَ بِحِجَارَةٍ قَوِيَّةٍ مُدَمِّرَة كَانَتْ تُمْطِرُ عَلَيْهِمْ كَزَخَّاتِ الْمَطَرِ الشَّدِيد{مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّك(يُقَالُ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَوَّمَ النَّاقَةَ بِمَعْنَى اَطْعَمَهَا وَغَذَّاهَا لِتَقْوَى؟وَهُنَا فِي الْآيَةِ اَتَتْ كَلِمَةُ مُسَوَّمَة بِمَعْنَى مُعَلَّمَة؟بِمَعْنَى اَنَّ كُلَّ حَجَرٍ مِنَ السِّجِّيلِ الْمَنْضُود كَانَتْ تُصِيبُ هَدَفَهَا وَلَاتُخْطِئُهُ اَبَداً؟بِمَعْنَى اَنَّهَا كَانَتْ حِجَارَةً كَالصَّوَارِيخِ الْمُوَجَّهَةِ الذَّكِيَّةِ الَّتِي اَرْسَلَهَا اللهُ تَعَالَى فَاَهْلَكَهُمْ عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِمْ اِلَى نَارِ جَهَنَّمَ الْاَبَدِيَّةِ فَكَانُوا وَكَاَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ اَدْهَى وَاَمَرّ{وَمَاهِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيد(وَهُنَا يَاْتِي الْاِنْذَارُ الْاَخِيرُ لَنَا فِي هَذِهِ الْآيَة؟وَهُنَا تَكُونُ الْعِبْرَة؟فَعَلَيْنَا اَنْ نَعْتَبِرَ اَيَّهَا الْاِخْوَة؟عَلَيْنَا اَنْ نَسْلُكَ طَرِيقَ الله حَتَّى لَايَنْزِلَ بِنَا مَا نَزَلَ بِاُولَئِكَ الظَّالِمِين؟وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا الْآنَ عَلَيْهِ اَنْ يُحَاسِبَ نَفْسَهُ وَيَقُول هَلْ اَنَا ظَالِمٌ اَمْ مَظْلُوم؟ فَوَاللهِ الَّذِي لَااِلَهِ اِلَّا هُوَ؟اِذَا كُنْتَ مَظْلُوماً اَخِي فَهَنِيئاً لَك؟وَاِذَا كُنْتَ ظَالِماً فَوَيْلٌ لَك؟نَعَمْ اِنَّه الْحِسَاب؟فَعَلَيْنَا اَوّلاً اَنْ نُحَاسِبَ اَنْفُسَنَا قَبْلَ اَنْ نُحَاسِبَ غَيْرَنَا؟وَكَمْ مِنَ الْمَرَّاتِ اُكَرِّرُهَا وَاَقُولُهَا لَكَ اَخِي الظَّالِم؟وَكَمْ مِنَ الْمَرَّاتِ سَاَبْقَى اَقُولُهَا لَك؟هَيَّا مِنْ اَجْلِ اَنْ يَصْفَحَ عَنْكَ اَخَوكَ الَّذِي ظَلَمْتَهُ وَيُسَامِحَك؟ هَيَّا فَاَعِدِ الْحُقُوقَ اِلَى اَصْحَابِهَا؟نَعَمْ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تُعِيدَ الْحُقُوقَ اِلَى اَصْحَابِهَا؟وَاَنْ تَحْذَرَ مِنْ{يَوْمِ الآزِفَةِ اِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِين؟مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَاشَفِيعٍ يُطَاع؟يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْاَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُور(نَعَمْ يَعْلَمُ سُبْحَانَهُ حَتَّى النَّظْرَةَ الظَّالِمَةَ الْغَادِرَةَ اللَّئِيمَةَ فِي غَيْرِ مَحَلّهَا فِي الدُّنْيَا وَسَيُحَاسِبُ الظَّالِمَ عَلَيْهَا{يَوْمَ لَايَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُون اِلَّا مَنْ اَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ( مِنْ ظُلْمِهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَهُ{اِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ(لَهُ سُبْحَانَهُ؟وَقَلْبٍ سَلِيمٍ مِنْ ظُلْمِ عِبَادِهِ اَيْضاً؟مَاذَا تَنْفَعُكَ الدُّنْيَا بِمَالِهَا وَبِجَاهِهَا وَبِعِزِّهَا اَخِي اِذَا لَمْ تَكُنْ عُنْصُرَ خَيْرٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاة تَنْشُرُ العدلَ وَالْعَدَالَةَ وَالْاِحْسَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالْاَمْنَ وَالْاَمَانَ وَصِلَةَ الْاَرْحَامِ النَّسَبِيَّةِ وَالرَّضَاعِيَّةِ وَالتَّصَاهُرِيَّةِ وَالْبَشَرِيَّةِ جَمْعَاءَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجْمَعُنَا دِينُ الْاِسْلَامِ مَعَهُمْ بِقَاسَمٍ مُشْتَرَكٍ يَفْرِضُ عَلَيْنَا رَغْماً عَنَّا صِلَةَ الْاَرْحَامِ الْكُبْرَى وَهُوَ اَنَّنَا جَمِيعاً اِخْوَةٌ مِنْ اَبِينَا آدَمَ وَاُمِّنَا حَوَّاءَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَهَلْ عَسَيْتُمْ اِنْ تَوَلَّيْتُمْ اَنْ تُفْسِدُوا فِي الْاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا اَرْحَامَكُمْ اُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَاَصَمَّهُمْ وَاَعْمَى اَبْصَارَهُم(وَكَلِمَة الْاَرْضِ فِي هَذِهِ الْآيَة هِيَ اَكْبَرُ دَلِيلٍ عَلَى اَنَّ صِلَةَ الْاَرْحَامِ الْمَطْلُوبَةِ لَاتَكُونُ عَلَى مُسْتَوى اَرْحَامِ الْاُسْرَةِ الْوَاحِدَةِ فَقَطْ؟وَلَاتَكُونُ اَيْضاً عَلَى مُسْتَوَى الْبَلَدِ اَوِ الْاِقْلِيمِ الْوَاحِدِ فَقَطْ؟ بَلْ لَابُدَّ اَنْ تَكُونَ عَامَّةً شَامِلَةً تَشْمَلُ جَمِيعَ مَنْ فِي الْاَرْضِ مِنْ مُسْلِمِينَ وَغَيْرِ مُسْلِمِين مُحَارِبِينَ وَمُسَالِمِين؟ وَلَكِنْ بِالضَّوَابِطِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا وَالَّتِي تَجْعَلُ اَعْدَاءَ هَذَا الدِّينِ يَعْشَقُونَهُ رَغْماً عَنْهُمْ؟وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا اِذَا اَرَدْنَا اَنْ يُنْقِذَنَا سُبْحَانَهُ مِنَ الْهُمُومِ وَاَنْ يُفَرِّجَ كَرْبَنَا؟فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَرُدَّ لِاَخِيكَ حُقُوقَهُ الَّتِي لَوَّعْتَهُ عَلَيْهَا؟حَتَّى لَايُلَوِّعَكَ اللهُ بِالْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْمُنَغّصَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ الْاَلِيمِ فِي الْآخِرَة؟لِمَاذَا اَخِي تَرْفَعُ دَعْوَى بَاطِلَة عَلَى اَخِيكَ فِي الْمَحْكَمَة ظُلْماً وَاَنْتَ تَعْلَمُ اَنَّكَ ظَالِم؟وَاَنَّ مَنْ يَدْعَمُكَ مِنْ مُحَامِي وَقُضَاةِ السُّوءِ الْمُرْتَشِينَ الْخَائِنِينَ لِشَرَفِ الْمِهْنَةِ هُمْ اَظْلَمُ مِنْكَ وَاَعْظَمُ جُرْماً عِنْدَ الله؟لِاَنَّهُمْ اَقْسَمُوا عَلَى تَحْقِيقِ الْعَدَالَةِ بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ الْغَمُوسِ الَّتِي سَتَجْلِبُ الْخَرَابَ اِلَى بُيُوتِهِمْ؟لِاَنَّهَا تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِع؟فَبِاللهِ عَلَيْكَ اَخِي وَاَسْاَلُكَ وَاَسْتَحْلِفُكَ بِالله؟كَمْ تُوقِعُ اَخَاكَ فِي الْكَرْبِ وَالْحُزْنِ وَالْمَشَقَّةِ حِينَمَا يُسْتَدْعَى اِلَى الْمَحْكَمَةِ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ وَتَاْجِيلاً مِنَ الْقَاضِي لِلدَّعْوَى بَعْدَ تَاْجِيل؟وَاِذَا سَاَلَكَ اِنْسَانٌ لِمَاذَا تَفْعَلُ ذَلِكَ بِاَخِيك؟فَاِنَّكَ تَقُولُ بِالْفَمِ الْمَلْآن بَدِّي نَشِّفْ دَمُّو؟ هَلْ تَرِيدُ اَنْ تُنَشِّفَ لَهُ دَمَه؟ اَمَا تَخْشَى اَنْ يُصِيبَكَ اللهُ بِبَلَاءٍ اَوْ مَرَضٍ فِي دَمِكَ وَلَاتَسْتَطِيعُ اَنْ تُشْفَى مِنْه؟هَلْ بَابُ الْمَحْكَمَةِ يَسَعُ الْجَمَلَ اِلَى هَذِهِ الدَّرَجَة؟اَمَا تَخْشَى اَنْ يُغْلَقَ بَابُ الْجَنَّةِ فِي وَجْهِكَ اِلَى الْاَبَدِ وَلَايَسَعُكَ اِلَّا الدُّخُولُ عَبْرَ اَبْوَابِ جَهَنَّمَ اِلَى جَحِيمِهَا؟اَمَا تَخْشَى اَنْ تَكُونَ مِمَّنْ{لَاتُفَتَّحُ لَهُمْ اَبْوَابُ السَّمَاءِ؟وَلَايَدْخُلُو نَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاط(بِمَعْنَى حَتَّى يَدْخُلَ الْجَمَلُ فِي ثُقْبِ الْاِبْرَة؟بِمَعْنَى اَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ مُسْتَحِيلٌ عَلَى اَمْثَالِ هَؤُلَاء؟هَلْ تُرِيدُ مِنْ اَخْيكَ يَامَنْ ظَلَمْتَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ اَنْ يَقْضِيَ حَيَاتَهُ اَلَماً وَجَلْطَةً قَلْبِيَّةً وَلَوْعَةً عَلَى حَقّهِ تَحْتَ رَحْمَةِ الْمَحَاكِمِ وَقُضَاةِ السُّوءِ وَمُحَامِيهِمُ الَّذِينَ لَايَهُمُّهُمْ اَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ بِقَدْرِ مَا يَهُمُّهُمْ مِنْ تَعْبِئَةِ جُيُوبِهِمْ بِالْاَمْوَالِ الْحَرَام؟ هَلْ تُرِيدُ اَخِي الظَّالِم مِنْ اَخِيكَ الْمَظْلُومِ اَنْ يُبَلّطَ الْبَحْر؟اَمَا تَخْشَى اَنْ تَقِفَ بِاَخْمَصِ قَدَمَيْكَ مِنْ اَسْفَلِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا عَلَى جَمْرَتَيْنِ مِنْ بِلَاطِ جَهَنَّم تَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُك؟اَمَا عَلِمْتَ اَنَّ هَذَا هُوَ اَخَفُّ عَذَابِ اَهْلِ جَهَنَّم؟اَمَا تَخْشَى اَخِي اَنْ تَصِلَ اِلَى اَشَدِّ الْعَذَابِ مَعَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَجُنُودَهُمَا اِذَا احْتَكَرْتَ الْمُحَامِينَ وَقُضَاةَ السُّوءِ مِنْ اَجْلِ مَصْلَحَةِ الْبَاطِلِ وَالظُّلْمِ الَّذِي اَنْتَ عَلَيْهِ لِاَخِيك؟نَعَمْ اَخِي رُوحْ بَلّطِ الْبَحِرْ؟وَبَابُ الْمَحْكَمَةْ كَبِير؟وَيَدْخُلُ مِنْهُ الْجَمَلُ الْكَبِير؟وَاِذَا اَردْتَّ اَدُلُّكَ عَلَيْه؟هَذَا مَا يَقُولُهُ الظَّالِمُ لِلْمَظْلُومِ الَّذِي جَاءَهُ لِيُطَالِبَهُ بِحَقِّه؟فَهَلْ هَذَا كَلَامُ الْمُؤْمِنِين؟هَلْ هَذَا كَلَامُ الَّذِينَ اِذَا رَفَعُوا اَيْدِيَهِمْ اِلَى اللهِ قَالَ اللهُ لَبَّيْكُمْ؟وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ نَحْنُ عَلَيْنَا اَوَّلاً اَنْ نُصْلِحَ اَنْفُسَنَا؟اَنْ نَسْتَقِيمَ عَلَى طَرِيقِ اللهِ؟عَلَى مَنْهَجِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟وَاِلَّا فَلَنْ يَتَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا دُعَاءً اَبَداً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيّ[قُلْ لِلظَّالِمِينَ لَايَدْعُونِي وَلَايَرْفَعُوا اَيْدِيَهُمْ اِلَيَّ؟فَاِنِّي لَنْ اَسْتَجِيبَ لَهُمْ مَادَامَ لِوَاحِدٍ مِن اِخْوَانِهِمْ مَظْلَمَةٌ فِي رَقَبَتِه(نَعَمْ اَخِي لَوْ ضَرَبْتَ اِنْسَاناً ظُلْماً عَلَى وَجْهِهِ بِكَفّكَ؟ فَاِيَّاكَ اَنْ تَكُونَ مِنَ الَّذِينَ{يَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيم(عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؟حِينَمَا كَانَ يُوَجِّهُ وُلَاتَهُ اِلَى الْاَمْصَارِ وَالْبِلَادِ؟كَانَ يَقُولُ لَهُمْ لَاتَضْرِبُوا اَبْشَارَهُمْ وَوُجُوهَهُمْ؟وَلَاتُذِلّ ُوهُمْ؟لِاَنَّ الضَّرْبَ يُؤَدِّي اِلَى الْمَذَلَّةِ وَالْخُنُوع؟وَالْمُؤْمِنُ هُوَ الْمُوَاطِنُ الصَّالِحُ؟وَيَجِبُ عَلَى دَوْلَتِهِ اَنْ تُمَكِّنَهُ مِنَ الْعَيْشِ فِيهَا كَرِيماً عَزِيزَ النَّفْسِ بِعِزَّةِ الْاِيمَانِ الَّتِي تَمْنَعُهُ وَتَمْنَعُ دَوْلَتَهُ اَيْضاً مِنَ الظُّلْمِ وَالطُّغْيَانِ وَالِاعْتِدَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِه؟وَتَمْنَعُ الِاعْتِدَاءَ عَلَى حُقُوقِهِ وَحُقُوقِ الْآخَرِينَ اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ عَلَيْنَا اَنْ نُعَاهِدَ اللهَ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟اَنَّ اَيَّةَ مَظْلَمَةٍ لِاِنْسَانٍ عِنْدَنَا سَتَجْعَلُ النَّوْمَ يَطِيرُ مِنْ اَعْيُنِنَا وَلَانَهْنَاُ بِطَعَامٍ اَوْ شَرَابٍ حَتَّى نَذْهَبَ اِلَى اَخِينَا الْمَظْلُومِ وَنَسْتَسْمِحَهُ وَنُعِيدَ لَهُ حَقَّه؟نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟رَسُولُ اللهِ كَانَ عِنْدَهُ غُلَام؟وَقَدْ قُتِلَ هَذَا الْغُلَامُ فِي اِحْدَى الْغَزَوَات؟وَكَانَ شَهِيداً فِي نَظَرِ النَّاس؟فَاَخَذَ النَّاسُ يُثْنُونَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ الْجَمِيلَ وَيَمْدَحُونَهُ قَائِلِين؟هَنِيئاً لَهُ بِجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْض؟فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام يَارَسُولَ الله؟صَاحِبُكَ هَذَا فِي النَّار؟لَقَدْ غَلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ شَمْلَة؟بِمَعْنَى سَرَقَ مِنْ غَنَائِمِ الْحَرْبِ مَايُسَمِّيهِ اَهْلُ الْخَلِيج شْمَاخْ اَوْ كُوفِيَّة؟فَهِيَ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارَا؟نَعَمْ سَرَقَهَا وَوَضَعَهَا فِي ثِيَابِهِ وَاَخْفَاهَا؟ثُمَّ مَاتَ شَهِيداً وَهِيَ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارَا؟ وَكُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ شَمْلَة قَدْ يَتَكَبَّرُ عَلَيْهَا الْفَقِيرُ فِي هَذِهِ الْاَيَّام وَيَزْهَدُ فِيهَا وَلَايَرْتَدِيهَا عَلَى رَاْسِه؟ فَمَا بَالُكَ اخي بِمَنْ يَسْرِقُ الْمَلَايِينَ وَالْمَلَايِينَ الَّتِي لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى وَقَدْ تَكُونُ بِحَاجَةٍ اِلَى حَاسُوبٍ آلِيٍّ حَتَّى يُحْصِيَهَا؟وَلَا اَدْرِي كَيْفَ هَؤُلَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَيُسَاقُونَ اِلَى النَّار؟وَيَا لَيْتَ الظَّالِمَ يَدْرِي كَمْ سَيَتَحَمَّلُ مِنْ اَهْوَالِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَوْ اَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْاَرْضِ لَافْتَدَتْ بِه؟ وَاَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَاَوُا الْعَذَاب(فَيَامَنْ تَغُشُّ فِي صَنْعَتِك؟وَيَامَنْ تَكْذِبُ فِي مَوَاعِيدِك؟اَمَا عَلِمْتَ اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تُلَوِّعَ اَخَاكَ وَلَوْ عَلَى حِذَائِهِ اِذَا اَرَادَ اِصْلَاحَهُ عِنْدَك؟فَعَلَيْكَ اَنْ تَنْتَهِيَ مِنْ اِصْلَاحِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَدَّدْتَّهُ لَهُ؟وَاِلَّا فَانْتَظِرِ الْوَيْلَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَيْلٌ لِلصَّانِعِ مِنْ غَدٍ وَبَعْدَ غَد(وَيَامَنْ تَاْكُلُ اُجْرَةَ الْاَجِير بِكَامِلِهَا؟وَيَامَنْ تَبْخَسُ حَقَّ الْعَامِلِ وَتُعْطِيهِ اَقَلَّ مِنْ حَقّه؟وَيَامَنْ تَاْخُذُ اَكْثَرَ مِنْ حَقّكَ مِنْ دُونِ تَرَاضِي بَيْنَكَ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْعَمَل وَبِسَيْفِ الْحَيَاءِ وَبِالْعَبْطَا وَالْخَجْلِي كَمَا يُقَال؟وَيَامَنْ تُمَاطِلُ فِي دَفْعِ الدَّيْن؟وَيَامَنْ تَبْخَلُونَ عَلَى اَخِيكُمْ فِي مُسَاعَدَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ بِدَيْنِهِ؟مِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ اَيْضاً فِي الْوُصُولِ اِلَى حَقِّهِ وَعَدَمِ لَوْعَتِهِ عَلَيْه؟نَعَمْ تِلْكَ اللَّوْعَةُ الَّتِي تَجْلِبُ الْاَمْرَاضَ النَّفْسِيَّةَ وَالْجَسَدِيَّةَ الْخَطِيرَةَ مِنَ الْهَمِّ وَالْغَمِّ لِكِلَيْهِمَا مَعاً؟اَمَا عَلِمْتُمْ اَنَّ اللهَ قَدْ خَصَّصَ سَهْماً فِي صَدَقَاتِ آيَةِ التَّوْبَةِ مِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ الْمَدِينِينَ الْغَارِمِينَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْحَقُّ؟ وَمِنْ اَجْلِ مُسَاعَدَةِ الدَّائِنِينَ الَّذِينَ لَهُمُ الْحَقُّ مِنْ اَجْلِ الْوُصُولِ اِلَى حَقِّهِمْ؟وَقَدْ يَكُونُ كِلَاهُمَا بِجَاجَةٍ اِلَى هَذِهِ الْمُسَاعَدَةِ اَكْثَرَ مِنْ حَاجَةِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَالْاَرْمَلَةِ وَالْيَتِيم؟وَخَاصَّةً ذَلِكَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ مِنْ اَجْلِ نَجَاتِهِ مِنَ السِّجْنِ وَالْاِذْلَال؟وَمِمَّا يَدُلُّ وَبِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ الْقُرْآنِيِّ الْقَاطِعِ عَلَى اَنَّ الْغَارِمِينَ لَهُمُ الْحَقُّ الشَّرْعِيُّ الْكَامِلُ فِي اَسْهُمِ الصَّدَقَاتِ تَمَاماً كَاَصْحَابِ اَسْهُمِ الصَّدَقَاتِ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ مِمَّنْ قَالَ اللهُ فِيهِمْ{اِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ؟وَالْمَسَاك ِينِ؟وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا؟وَالْمُؤَلَّفَة ِ قُلُوبُهُمْ؟وَفِي الرِّقَابِ*وَالْغَارِمِين َ*وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ؟فَرِيضَةً مِنَ الله(مَاذَا سَتَقُولُونَ جَمِيعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِرَبِّكُمْ؟اَلْاَمْرُ لَيْسَ سَهْلاً هَيِّناً اَيُّهَا الْاِخْوَة؟اَللهُ تَعَالَى قَدْ يَتَسَامَحُ فِي حُقُوقِهِ؟ وَلَكِنَّهُ لَايَتَسَامَحُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ اَبَداً؟اِلَّا اِذَا سَامَحُوا هُمْ اَنْفُسُهُمْ مَنْ ظَلَمَهُمْ؟وَحَتَّى لَوْ كَانَ صَاحِبُ التَّوْبَةِ يَسْتَغْفِرُ اللهَ فِي الْيَوْمِ مِلْيُونَ مَرَّة؟ فَلَايَنْفَعُهُ اِلَّا اَنْ يَرُدَّ الْحُقُوقَ اِلَى اَصْحَابِهَا اَوْ يَطْلُبَ مِنْهُمُ السَّمَاحَ وَالْعَفْوَ وَالْمَغْفِرَة؟وَاِلَّا فَلْيَحْذَرْ مِنَ الْخَطَرِ الشَّدِيدِ جِدّاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه(فَهَيَّا اَيُّهَا الْاِخْوَةُ لِنَتُوبَ اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً وَنَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِين{اِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِين(صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم اَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ؟؟؟حَمْداً لِله وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ جَمِيعاً وَبَعْد؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل مَاذَا لَوْ كَانَ اَحَدُ الْغَارِمِينَ الَّذِينَ اُرِيدُ اَنْ اَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَاُسَاعِدَهُ فِي وَفَاءِ دُيُونِه؟مَاذَا لَوْ كَانَ مُمَاطِلاً اَوْ نَصَّاباً مُحْتَالاً يُرِيدُ اِتْلَافَ اَمْوَالِ النَّاسِ وَلَايُرِيدُ اَدَاءَهَا؟وَاَقُولُ لَكَ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تُجَرِّبَهُ ثَلَاثَ مَرَّات فَاِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ فَاِنِّي اُفْتِيكَ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَغَيَّرَ حَالُهُ اِلَى مَايُرْضِي الله؟ وَقَدْ كُنْتُ سَاُفْتِيكَ بِحُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ مُنْذُ الْبِدَايَةِ لَوْلَا وُجُودُ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ مَفَادُهُ اَنَّ رَجُلاً تَصَدَّقَ عَلَى زَانِيَةٍ وَسَارِقٍ وَغَنِيٍّ؟فَاَصْبَحَ النَّاسُ يَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَلْمِزُونَهُ وَيَطْعَنُونَ فِي صَدَقَاتِهِ وَالْعَيَاذُ بِالله؟فَقَالَ الرَّجُل اَلْحَمْدُ لِلهِ عَلَى زَانِيَةٍ وَسَارِقٍ وَغَنِيّ؟وَلَاتَحَسَبَنَّ اَخِي اَنَّ هَذِهِ السُّخْرِيَةَ وَاللَّمْزَ وَالطَّعْنَ مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ لَايُعْجِبُهُمُ الْعَجَب وَلَاالصِّيَامُ فِي رَجَب؟اِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَحْسَبَ اَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ هَيِّنٌ عِنْدَ الله؟بَلْ اِنَّ ذُنُوبَهُمْ عَظِيمَةٌ جِدّاً اِلَى دَرَجَةِ النِّفَاقِ وَالْعَيَاذُ بِالله بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَايَجِدُونَ اِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ اَلِيم(وَذَلِكَ اَنَّ رَجُلاً جَاءَ فَتَصَدَّقَ بِمَالٍ كَثِيرٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام؟فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ مَا اَرَادَ هَذَا اِلَّا رِيَاءً؟ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ آخَرُ فَتَصَدَّقَ بِسَبْعِ تَمْرَات؟ فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ اِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة؟وَنَزَلَ قَوْلَهُ تَعَالَى اَيْضاً{وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَة{وَلَا تَلْمِزُوا اَنْفُسَكُمْ(وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِين؟وَمَا يُدْرِيكُمْ اَنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا اَرَادَ الرِّيَاءَ وَذَلِكَ شَيْءٌ لَايَعْلَمُهُ اِلَّا الله؟وَمَا يُدْرِيكُمْ اَنَّ هَذَا الَّذِي تَصَدَّقَ بِسَبْعِ تَمْرَاتٍ وَرُبَّمَا لَايَمْلِكُ غَيْرَهَا لِاَنَّهُ فَقِير؟مَا يُدْرِيكُمْ اَنَّ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْاِخْلَاصِ لِلهِ مَايُعَادِلُ سَبْعَةَ اَضْعَافِ مَافِي قُلُوبِكُمْ اِنْ كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ اَصْلاً ذَرَّةٌ مِنَ الْاِخْلَاص؟وَحَتَّى الْحَسَنَاتُ فَاِنَّ اللهَ يُضَاعِفُهَا لِلْمُؤْمِنِ عَلَى قَدْرِ اِخْلَاصِهِ مِنْ حَسَنَةٍ اِلَى عَشْرِ حَسَنَاتٍ؟ اِلَى خَمْسِينَ حَسَنَةً؟ اِلَى مِائَة؟اِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف؟فَهُنَاكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَثَلاً مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ اَمْثَالِهَا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ عَمَلَهُ خَالِصاً لِلهِ مِنْ قَلْبِهِ اِلَّا بِالْقَدْرِ الَّذِي يُؤَهِّلُهُ لِلْحُصُولِ عَلَى عَشْرِ اَمْثَالِهَا فَقَطْ؟وَهُنَاكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اَيْضاً مَنْ يُؤَهِّلُهُ عَمَلُهُ لِلْحُصُولِ عَلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ مِنْ اَمْثَالِ هَذِهِ الْحَسَنَةِ؟بِسَبَبِ قُوَّةِ اِخْلَاصِهِ الشَّدِيدَةِ جِدّاً فِي ابْتِغَائِهِ لِوَجْهِ الله؟وَعَلَى قَدْرِ الْاِخْلَاصِ فِي التَّوْحِيدِ وَالْاِيمَانِ وَالْعَمَلِ تَاْتِي الْحَسَنَات؟وَاِذَا اَرَدْتَّ اَخِي الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ اَنْ تَصِلَ اِلَى الْاِخْلَاصِ؟فَعَلَيْكَ اَوَّلاً بِسُورَةِ الْاِخْلَاصِ الصَّمَدِيَّة؟ وَاَنْ تَفْقَهَ مَعْنَاهَا جَيِّداً؟وَلِذَلِكَ اَوْحَى اللهُ اِلَى نَبِيِّ ذَلِكَ الزَّمَان اَنَّ صَدَقَةَ صَاحِبِكُمْ عَلَى الزَّانِيَةِ وَالسَّارِقِ وَالْغَنِيِّ قَدْ تَقَبَّلَهَا اللهُ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ سُبْحَانَهُ؟بِسَبَبِ اِخْلَاصِ صَاحِبِهَا الشَّدِيدِ لِوَجْهِ اللهِ الْوَاحِدِ الْاَحَد؟نَعَمْ وهَذَا الْاِخْلَاصُ كَانَ مُبَارَكاً بِالْحَسَنَاتِ مِنَ الله؟نَعَمْ وَهَذِهِ الْحَسَنَاتُ زَادَتْ بَرَكَتُهَا وَامْتَدَّتْ حَتَّى شَمَلَتِ الزَّانِيَةَ وَالسَّارِقَ وَالْغَنِيّ؟بَلْ اِنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ صَدَقَة؟ بَلْ اِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ هِيَ اَعْظَمُ الْكَلَامِ الطَّيِّبِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَرَكَة بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ اَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي اُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِاِذْنِ رَبِّهَا(وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْغَنِيَّ رُبَّمَا يَخْجَلُ وَيَسْتَحِي بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ بُخْلِهِ وَلَايَجْعَلُ يَدَهُ مَغْلُولَةً اِلَى عُنُقِهِ وَلَايَبْسُطُهَا كُلَّ الْبَسْطِ بِالتَّبْذِيرِ وَالْاِسْرَافِ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْحَرَامِ وَالْحَلَال حَتَّى يُبْقِيَ شَيْئاً مِنَ الصَّدَقَةِ لِنَفْسِهِ وَاَهْلِهِ وَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين؟ وَاَمَّا الزَّانِيَةُ فَلَعَلَّهَا تَسْتَغْنِي بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ عَنِ الزِّنَى لِاَنَّهَا رُبَّمَا تَرْتَكِبُ فَاحِشَةَ الزِّنَى تَحْتَ ضَغْطِ الْجُوعِ وَالْفَقْر؟ وَكَذَلِكَ الْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّارِق وَقَدْ يَخْجَلُ السَّارِقُ مِنْ سَرِقَتِهِ بِسَبَبِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ وَقَدْ تَخْجَلُ الزَّانِيَةُ مِنْ زِنَاهَا اَيْضاً؟وَكَمْ مِنَ النَّاسِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يُؤَثِّرُ فِيهِمُ الْاِحْسَانُ كَثِيراً؟وَقَدْ قَرَاْتُ رِوَايَةً فَرَنْسِيَّةً عَنْ اَحَدِ الْبُؤَسَاءِ وَقَدْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ رَجُلِ دِينٍ مَسِيحِيٍّ بَعْدَ اَنِ اسْتَضَافَهُ الرَّجُلُ وَاَطْعَمَهُ وَاَحْسَنَ اِلَيْه وَكَانَ جَائِعاً جِدّاً؟فَجَاءَ رِجَالُ الشَّرِطَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ وَقَدْ قَبَضُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يَحْمِلُ الْمَسْرُوقَاتِ الثَّمِينَة؟ فَقَالَ لَهُمْ رَجُلُ الدِّينِ لَقَدْ اَعْطَيْتُهُ اِيَّاهَا وَتَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهِ وَهُوَ بَرِيءٌ وَلَمْ يَسْرِقْهَا مِنِّي؟فَمَا كَانَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ اِلَّا اَنْ اَصْبَحَ قِدِّيساً عِنْدَ النَّصَارَى مِنْ كَثْرَةِ اَعْمَالِهِ الْخَيْرِيَّةِ؟بِسَبَبِ اِحْسَانِ رَجُلِ الدِّينِ اِلَيْهِ وَالَّذِي اَثَّرَ فِيهِ تَاْثِيراً عَظِيماً؟ثُمَّ اَصْبَحَ غَنِيّاً وَلَكِنَّهُ وَهَبَ اَمْوَالَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَعَاشَ فَقِيراً وَمَاتَ فَقِيراً بَائِساً؟؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سَائِلٌ كَتَبَ اِلَيَّ اَنَّهُ مَنَعَ النَّارْجِيلَةَ وَالتَّدْخِينَ فِي بَيْتِهِ؟وَلَكِنَّ اُمَّهُ غَضِبَتْ عَلَيْهِ غَضَباً شَدِيداً؟لِاَنَّهُ مَنَعَ مُنْكَراً مِنَ الْمُنْكَرَاتِ يُمَارَسُ فِي بَيْتِه؟وَاَقُولُ لِهَذِهِ الْاُمّ؟بِاللهِ عَلَيْكِ يَااُخْتَاه هَلْ يَحِقُّ لَكِ اَنْ تَفْعَلِي ذَلِك؟بَلْ بِالْعَكْس يَجِبُ اَنْ تَكُونِي مَشَجِّعَةً لَهُ عَلَى تَرْكِ هَذَا الْمُنْكَر وَعَلَى عَدَمِ تَلْوِيثِ جَوِّ الْبَيْتِ وَاِفْسَادِهِ وَاِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِاَهْلِه؟لِاَنَّ الْمُنْتَظَرَ مِنَ الْوَالِدَيْنِ وَالْمُتَوَقَّعَ مِنْهُمَا اَنْ يَكُونَا مُشَجِّعَيْنِ لِاَوْلَادِهِمَا عَلَى الْخَيْر؟ثُمَّ يَقُولُ السَّائِل؟وَاللهِ اَيَّتُهَا الْاُخْتُ سُنْدُس اِذَا لَمْ نَقُمْ بِضِيَافَةِ التَّدْخِينِ فِي بُيُوتِنَا فَاِنَّ النَّاسَ يُثَرْثِرُونَ بِاَلْسِنَتِهِمُ الْقَذِرَةِ وَيَتَّهِمُونَنَا بِالْبُخْل؟وَاَقُولُ لَكَ اَخِي عَلَيْكَ اَنْ تَدْعُوَ اللهَ فِي صَلَاتِكَ دَائِماً وَتَقُول اَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي بَخِيلاً فِي سَبِيلِ شَيَاطِينِ الْاِنْسِ وَالْجِنِّ؟ كَرِيماً فِي سَبِيلِكَ وَسَبِيلِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ مِنَ الْاِنْسِ وَالْجِنّ؟نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟هَلْ مِنَ الْمَعْقُولِ اَنْ نَكُونَ قَدْ وَصَلْنَا اِلَى هَذَا الْمُسْتَوَى الْحَقِيرِ فِي الضِّيَافَةِ وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُول[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَه(وَهَلْ يَكُونُ اِكْرَامُ الضَّيْفِ بِاَذِيَّتِهِ فِي جِسْمِهِ وَرِئَتَيْهِ وَقَلْبِهِ؟بَلْ وَكُلِّ عُضْوٍ مِنْ اَعْضَائِهِ؟بَلْ فِي الْهَوَاءِ الَّذِي يَتَنَفَّسُهُ مَعَ اَهْلِ الْبَيْتِ اَيْضاً؟فَاَيْنَ نَحْنُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[لَاضَرَرَ وَلَاضِرَار( بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِنَفْسِكَ وَلَا بِغَيْرِك؟نَعَمْ اَخِي وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ اَنَّكَ كَرِيمٌ وَلَسْتَ بَخِيلاً؟بَلْ اَنْتَ اَكْرَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْحُثَالَةِ الَّذِينَ يَتَّهِمُونَكَ بِالْبُخْلِ؟ لِاَنَّكَ تَحْفَظُ اَمْوَالَكَ وَ صِحَّتَكَ وَصِحَّتَهُمْ وَصِحَّةَ بَيْتِك؟وَاَمَّا هُمْ فَهُمْ مَلْعُونُونَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَلْاِنْسَانُ بُنْيَانُ الله لَعَنَ اللهُ مَنْ هَدَمَ بُنْيَانَه(فَانْظُرُوا مَعِي اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اِلَى الْحَالِ الَّتِي وَصَلْنَا اِلَيْهَا حِينَمَا تَنْقَلِبُ الْمَفَاهِيمُ وَتَتَزَعْزَعُ الْاَفْكَار؟وَالْخُلَاصَة ُ اَنِّي لَا اَسْتَطِيعُ اَنْ اَمْنَعَكَ مِنْ بِرِّ وَالِدَتِكَ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ اَمْرِهَا وَمَهْمَا جَاهَدَتْكَ عَلَى اَنْ تُشْرِكَ بِاللِهِ اَوْ بِشَرْعِهِ الْاِسْلَامِيِّ مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اَنَّ اللهَ اَنْزَلَ مِنْ اَجْلِهِ سُلْطَاناً اَوْ حُجَّةً عَلَى اِبَاحَتِهِ كَالشِّرْكِ بِاللهِ مَثَلاً والتَّدْخِين؟وَاِنَّمَا عَلَيْكَ اَنْ تَعْلَمَ اَنَّ هُنَاكَ مُؤَشِّرَاتٌ قَطْعِيَّةُ الثُّبُوتِ عَلَى تَحْرِيمِ الشِّرْكِ بِالله؟وَمُؤَشِّرَاتٌ قَوِيَّةٌ جِدّاً فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَاِنْ لَمْ تَكُنْ قَطْعِيَّةً عَلَى تَحْرِيمِ التَّدْخِين؟فَلَا تُطِعْهَا وَلَكِنْ اَنْصَحُكَ اَنْ تَتَحَايَلَ وَتَحْتَالَ مِنْ اَجْلِ اِرْضَائِهَا وَاِنْ شَاءَ اللهُ سَوْفَ تَتَرَضَّى عَلَيْكَ وَتَشْكُرُكَ وَتَدْعُو لَكَ؟وَاَنَا بِدَوْرِي سَاَدْعُو لَكَ وَاَقُول زَادَكَ اللهُ حِرْصاً عَلَى بِرِّهَا وَصِحَّتِهَا وَصِحَّتِكَ وَصِحَّةِ ضُيُوفِكَ وَاَمْوَالِكَ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عَنْكَ وَعَنْهَا وَعَنْ ضُيُوفِك؟ نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة نَحْنُ لَانُرِيدُ اِلَّا اللهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِين؟وَلَانُرِ يدُ اِلَّا مَاقَالَهُ اللهُ وَقَالَهُ رَسُولُهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنَ الْمُؤْمِنِين؟وَاَمَّا مَاقَالَهُ فُلَانٌ وَعِلَّانٌ مِنَ النَّاس فَهَلْ هَؤُلَاءِ سَيُنْجُونَنَا مِنْ عَذَابِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَة؟ وَلِذَلِكَ اَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ جَمِيعُهُمْ عَلَى تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِين؟وَلْنَفْرِض ْ فَرَضاً اَنَّ التَّدْخِينَ مَكْرُوهٌ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الْجُهَّال؟ فَكَيْفَ تُدَخِّنُ شَيْئاً يَكْرَهُهُ اللهُ اَخِي بِاللهِ عَلَيْك؟اِذَا كَانَ هُنَاكَ خَطَاٌ فِي كَلَامِي فَانْتَقِدْنِي اَخِي اَرْجُوكَ؟ وَلَاتَتَاَخَّرْ فِي تَوْجِيهِ النَّقْدِ اِلَيَّ؟لِاَنِّي سَاَتَقَبَّلُهُ بِكُلِّ رَحَابَةِ صَدْرٍ اِذَا كَانَ يَسْتَنِدُ اِلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مِنْ مَصَادِرِ التَّشْرِيعِ الْاَصْلِيَّةِ وَالْفَرْعِيَّة؟فَلَايَجُ وزُ لَكَ اَخِي اَنْ تَتَعَاطَى التَّدْخِينَ اَبَداً؟وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تُضَيِّفَهُ اَوْ تُهْدِيَه؟وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَبِيعَهُ؟وَلَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَشْتَرِيَهُ؟وَاِلَّا فَاِنَّكَ تَحْمِلُ اِثْمَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً؟فَلَوْ جَاءَ خَمْسَةٌ مِنَ الضُّيُوفِ مَثَلاً اِلَى بَيْتِكَ وَدَخَّنُوا وَاَنْتَ فَاضِي رَاضِي بِهَذَا الْمُنْكَرِ؟فَاِنَّكَ فِي مِيزَانِ اللهِ تَحْمِلُ خَمْسَ نُسَخٍ مِنْ اِثْمِ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً بِالْاِضَافَةِ اِلَى اِثْمِكَ اَيْضاً دُونَ اَنْ يَنْقُصَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْء؟بِمَعْنَى اَنَّكَ تَحْمِلُ آثَامَ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً عَلَى شَكْل نَسْخٍ مِنْهُمْ وَ لَصْقٍ عَلَيْك وَلَيْسَ عَلَى شَكْل قَصّ لَصِق؟ وَكَمْ يَتَحَمَّلُ اَصْحَابُ الْمَقَاهِي وَالْمَلَاهِي مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآثَام؟ وَخَاصَّةً تِلْكَ الْمَقَاهِي الْقَذِرَةِ الَّتِي يُشْتَمُ فِيهَا اللهُ عِنْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَة وَفِي وَقْتِ مُبَارَيَاتِ كُرَةِ الْقَدَم؟وَقَدْ اَخْبَرَنِي بَعْضُهُمْ اَنَّ صَوْتَ خَطِيبِ الْجُمُعَةِ يَصِلُ اِلَى بَعْضِ تِلْكَ الْمَقَاهِي الْوَسِخَةِ الْعَفِنَة؟ وَكُلَّمَا رَفَعَ الْخَطِيبُ صَوْتَهُ دَاعِياً اِلَى اللهِ قَامَ اَحَدُ الْمُقَامِرِينَ بِضَرْبِ الشَّدَّةِ عَلَى الطَّاوِلَةِ وَهُوَ يَشْتُمُ اللهَ وَالْعَيَاذُ بِالله؟ اَسْتَحْلِفُكُمْ بِاللهِ اَيُّهَا الْاِخْوَة هَلْ سَنَنْتَصِرُ عَلَى طَاغِيَةِ الشَّامِ وَاَعْوَانِهِ الظَّالِمِينَ بِوُجُودِ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَشْتُمُونَ اللهَ وَلَايُوجَدُ مَنْ يَرْدَعُهُمْ وَيُوقِفُهُمْ عِنْدَ حَدِّهِمْ؟ هَلْ كَانَ قَوْمُ لُوطٍ فِي نَوَادِيهِمْ وَمَقَاهِيهِمْ يَشْتُمُونَ اللهَ كَمَا يَفْعَلُ هَؤُلَاء؟ مَاذَا اَبْقَى هَؤُلَاءِ لِقَوْمِ لُوطٍ مِنْ جَرَائِم؟ لَقَدْ تَفَوَّقَ هَؤُلَاءِ الْخَنَازِيرُ الدَّيُّوثُونَ فِي الْاِيمَانِ وَالْعَقِيدَةِ وَالدِّينِ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ فِي جَمِيعِ جَرَائِمِهِمُ الْبَشِعَة حِينَمَا اَضَافُوا اِلَيْهَا تِلْكَ الْجَرِيمَةَ الشَّنْعَاءَ وَهِيَ شَتْمُ اللهِ وَالدِّين وَهِيَ اَعْظَمُ مِنْ جَرَائِمِ قَوْمِ لُوطٍ كُلّهَا بِكَثِيرٍ هَائِلٍ جِدّاً فِي مِيزَانِ الله؟ بَلْ هِيَ اَعْظَمُ مِنَ الْجَرِيمَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ الْاِشْرَاكُ بِالله؟وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ اَنَّ الْحِمْلَ سَيَكُونُ ثَقِيلاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اَيُّهَا الْاِخْوَة؟ حِينَمَا يَحْمِلُ الْوَاحِدُ مِنَّا الْاَوْزَارَ وَالذُّنُوبَ عَلَى ظَهْرِهِ؟ثُمَّ يَقُولُ يَاوَلَدِي تَعَالَ وَاحْمِلْ عَنِّي؟يَااَبَتِ تَعَالَ وَاحْمِلْ عَنِّي؟يَااُمَّاهُ تَعَالَيْ وَاحْمِلِي عَنِّي؟فَلَا يَلْتَفِتُ اِلَيْنَا اَحَدٌ مِنْهُمْ اِلَّا بِقَوْلِهِ لَا لَا نَفْسِي نَفْسِي؟ وَلَمْ يَعُدْ يَهُمُّنِي وَلَدِي وَلَا اَبِي وَلَا اُمِّي؟ وَلَمْ يَعُدْ يَهُمُّنِي اِلَّا نَفْسِي؟ثُمَّ يَقُولُ النَّصَارَى يَاعِيسَى يَارُوحَ الله تَعَالَ وَاحْمِلْ عَنَّا شَيْئاً مِنْ خَطَايَانَا كَمَا كُنْتَ تَحْمِلُ خَطَايَا الْبَشَرِ جَمِيعِهِمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عَلَى الصَّلِيب؟فَاِذَا بِجَهَنَّمَ تَزْفُرُ زَفْرَةً مُنْكَرَة وَتَشْهَقُ وَتُزَمْجِرُ اَيْضاً مِنَ الْغَيْظ ثُمَّ تَتَخَطَّفُهُمْ بِكَلَالِيبِهَا وَسَلَاسِلِهَا وَاَغْلَالِهَا اِلَى عَذَابٍ اَلِيمٍ اَبَدِيٍّ فِي حَرِيقِ الْجَحِيم؟ثُمَّ يَقُولُ عِيسَى يَارَبّ اِنَّهُمْ لَكَاذِبُون{مَاقُلْتُ لَهُمْ اِلَّا مَااَمَرْتَنِي بِهِ اَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ(يَارَبّ لَا اَسْاَلُكَ قَوْمِي هَؤُلَاء وَلَا حَتَّى اُمِّي مَرْيَم؟ وَلَااَسْاَلُكَ اِلَّا نَفْسِي نَفْسِي مِنْ اَجْلِ النَّجَاةِ مِنْ هَذَا الْعَذَابِ الْاَلِيم؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ اِلَى حِمْلِهَا لَايُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى(فَيَااَللهُ اهْدِ اُمَّة مُحَمَّد؟ حَتَّى تَرْحَمَ اُمَّةَ مُحَمَّد؟ يَااَللهُ اَرِنَا الْحَقَّ حَقّاً وَارْزُقْنَا اتِّبَاعَه؟ وَاَرِنَا الْبَاطِلَ بَاطِلاً وَارْزُقْنَا اجْتِنَابَه؟اَللَّهُمَّ اَعْلِ مِنْ شَاْنِ الْحَقّ؟وَاخْفِضْ مِنْ شَاْنِ الْبَاطِل؟وَاجْعَلِ الْحَقَّ رَايَةً مَرْفُوعَة؟وَاجْعَلِ الْبَاطِلَ رَايَةً مَنْكُوسَة؟اَللَّهُمَّ انْصُرِ الْحَقَّ وَاَهْلَه؟ وَاهْزِمِ الْبَاطِلَ وَجُنْدَه؟وَاشْرَحْ صُدُورَنَا بِالْاِيمَانِ وَالْاِسْلَام؟ وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَاَجْدَادِنَا وَاَبْنَائِنَا واَحْفَادِنَا وَاَرْحَامِنَا وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْنَا وَلِمَالِكِ هَذَا الْمُنْتَدَى وَاَعْضَائِهِ وَجَمِيعِ الْمُشْتَرِكِينَ فِيهِ وَزَائِرِيهِ وَلِكُلِّ فَاعِلِ خَيْر؟اَمَّا بَعْد{وَالْعَصْرِ اِنَّ الْاِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ؟اِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر( نَعَمْ اَلْكُلُّ خَاسِرٌ اِلَّا هَؤُلَاء؟عِبَادَ الله{اِنَّ اللهَ يَاْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْاِحْسَانِ وَاِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون(وَقَبْلَ اَنْ اَخْتِمَ هَذِهِ الْمُشَارَكَةَ نُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْاَسْئِلَةِ حَوْلَ فَرِيضَةِ الصِّيَام؟ وَمِنْهَا مَاحُكْمُ الْعِلْكَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّائِم؟ اَوَّلاً عَلَيْنَا اَنْ نَعْلَمَ اَنَّ الْعِلْكَةَ اَنْوَاع ؟وَمِنْهَا عِلْكَةٌ يَمْضَغُهَا الصَّائِمُ فِي نَهَارِ رَمَضَان؟ثُمَّ تَتَفَتَّتُ اِلَى اَجْزَاءَ؟ثُمَّ تَصِلُ اِلَى مَعِدَتِهِ وَجَوْفِهِ فَهَذِهِ تَجْعَلُهُ يُفْطِرُ حَتْماً؟ وَاَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْعِلْكَةِ فَهِيَ عِلْكَةٌ مَمْزُوجَةٌ بِالسَّكَّرِ لَاتَتَفَتَّتُ؟وَلَكِنَّه َا تَسِيلُ فِي جَوْفِ الصَّائِمِ بِطَعْمٍ حُلْوٍ اَوْ حَامِضٍ يَجْعَلُ لُعَابَ الصَّائِمِ يَسِيلُ اَيْضاً فَهَذِهِ اَيْضاً تَجْعَلُ الصَّائِمَ يُفْطِرُ حَتْماً؟ وَاَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ فَهُوَ الْعِلْكَةُ الَّتِي لَاتَتَفَتَّتُ اِلَى اَجْزَاءَ وَلَيْسَ لَهَا طَعْمٌ حُلْوٌ اَوْ حَامِضٌ وَلَايَسِيلُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ الْمَضْغِ فَهَذِهِ لَاتُفْطِرُ اِلَّا اِذَا دَخَلَ شَيْءٌ مِنْهَا اِلَى جَوْفِ الصَّائِم؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ اَعْلِكَ اَوْ اَمْضَغَ هَذَا النَّوْعَ مِنَ الْعِلْكَةِ فِي نَهَارِ رَمَضَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَا اَخِي لَايَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعاً؟ لِاَنَّكَ بِذَلِكَ قَدْ تَتَشَبَّهُ بِالْمُخَنَّثِينَ وَالْمُفْطِرِينَ عَلَناً وَتَجْعَلُ النَّاسَ يَتَغَامَزُونَ عَلَيْك؟وَقَدْ يَقُومُ بَعْضُهُمْ بِانْتِهَاكِ حُرْمَةِ رَمَضَانَ عَلَناً فَيُفْطِرُون؟ وَقَدْ يَقُومُ الْبَعْضُ الْآخَرَ بِالْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِي حَقّكَ وَيَقَعُونَ بِسَبَبِكَ فِي مَحْظُورِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً اَيُحِبُّ اَحَدُكُمْ اَنْ يَاْكُلَ لَحْمَ اَخِيهِ مَيْتَا(وَتَقَعُ اَنْتَ اَيْضاً اَخِي فِي مَحْظُورِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ(اِيمَاناً صَادِقاً[فَلَا يَقِفَنَّ مَوَاقِفَ التُّهَمِ(وَالشُّبُهَاتِ وَالْغَمْزِ وَالْهَمْزِ وَاللَّمْزِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَلَاتَلْمِزُوا اَنْفُسَكُمْ(لِاَنَّكَ اَخِي حِينَمَا تُعَرِّضُ نَفْسَكَ لِلشُّبْهَةِ فَاِنَّكَ بِذَلِكَ تُلْحِقُ بِهَا الْعَيْبَ مُخَالِفاً قَوْلَهُ تَعَالَى{وَلَاتَلْمِزُوا اَنْفُسَكُمْ(أيْ لَاتَفْعَلُوا فِعْلاً يَعِيبُكُمْ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَلَاشُبْهَةً يُسِيءُ النَّاسُ بِكُمُ الظَّنَّ بِسَبَبِهَا؟وَتَحْتَمِلُ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مَعْنىً آخَرَ اَيْضاً وَذَلِكَ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حَمَّالِ الْاَوْجُهِ لِعِدَّةِ مَعَانِي فِي الْآيَةِ الْوَاحِدَة وَهُوَ بِمَعْنَى لَاتَعِيبُوا غَيْرَكُمْ؟لِاَنَّكُمْ اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ كَنَفْسٍ وَاحِدَة؟ وَمَنْ عَابَ اَخَاهُ فَكَاَنَّمَا عَابَ نَفْسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اَلْمُؤْمِنُ مِرْآةُ اَخِيه[اَلْمُسْلِمُونَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِد[بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ اَنْ يَحْقِرَ اَخَاهُ الْمُسْلِم(أيْ يَكْفِيكَ اَخِي مِنَ الشَّرِّ الْفَظِيعِ الشَّنِيعِ اَنْ تَحْقِرَ اَخَاكَ اَوْ تَعِيبَه[كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُه[بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَجُوزُ لَكَ اَخِي اَنْ تُؤْذِيَ شَعْرَةً اَوْ ظُفْراً فِي جِسْمِ اَخِيك؟وَلِاَنَّ عَمَلَكَ هَذَا مِنَ الْعَلْكِ اَخِي فِيهِ اَذِيَّةٌ لِمَشَاعِرِالنَّاسِ وَاِيحَاءٌ لَهُمْ بِعَدَمِ احْتِرَامِ شَهْرِ الصَّوْمِ فَتَكُونُ بِذَلِكَ مَحْرُوماً اَخِي مِنْ فَضْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَاِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب(وَكَمَا تَعْلَمُ اَخِي اَنَّ الصَّوْمَ مِنْ اَكْبَرِ شَعَائِرِ الله؟لِاَنَّهُ يَحْصَلُ فِي شَهْرِ الْقُرْآن وَ{لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا اَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر}قَدْ يَقُولُ قَائِل؟ هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِي شَرْعاً اَنْ اَجْلِسَ مَعَ الْمُقَامِرِينَ وَالَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ مِنْ اَجْلِ تَعْظِيمِ شَعَائِرِ اللهِ وَحُرمَاتِهِ لِئَلَّا يَنْتَهِكُوهَا اَمَامِي؟وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَجْلِسَ مَعَهُمْ اِلَّا اِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَنْصَحَهُمْ؟ فَاِذَا كُنْتَ تَخَافُ عَلَى نَفْسِكَ مِنْ خَطَرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ حَامَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ اَنْ يَقَعَ فِيه(فَلَايَجُوزُ لَكَ الْجُلُوسُ مَعَهُمْ؟ اِلَّا اِذَا كُنْتَ تَثِقُ بِنَفْسِكَ ثِقَةً قَوِيَّةً جِدّاً اَنَّهُمْ مَهْمَا رَاوَدُوكَ عَنْ نَفْسِكَ لِتَنْزَلِقَ مَعَهُمْ اِلَى مَهَاوِي الرَّذِيلَةِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ فَلَنْ تَسْتَجِيبَ لَهُمْ؟ لَكِنْ عَلَيْكَ اَنْ تَقْطَعَ جُلُوسَكَ مَعَهُمْ فَوْراً فِي حَالِ سَمَاعِكَ مِنْهُمْ كَلِمَةَ الْكُفْر وَبِوَجْهِكَ الْعَبُوسِ الَّذِي يُوحِي بِاحْتِقَارِهِمْ؟ ثُمَّ تُعَاوِدَ الْجُلُوسَ مَعَهُمْ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَعَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ اَنْ اِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَاُ بِهَا فَلَاتَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ اِنَّكُمْ اِذاً مِثْلُهُمْ؟اِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعَا(لِاَنَّ الْمُؤْمِنَ يَاْنَفُ مِنْ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ وَيَتَاَلَّمُ مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ؟ فَاِذَا جَلَسَ مَعَهُمْ فَاِنَّهُ يَبْدُو اَمَامَ النَّاسِ كَالْمُوَافِقِ وَالْمُشَارِكِ لَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَرْتَكِبِ الْمَعْصِيَة؟وَقَدْ يَمُوتُ شُعُورُهُ بِالْاَلَمِ مِنْ مَعَاصِيهِمْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ مِنْ تَكْرَارِهِ لِلْجُلُوسِ مَعَهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ قَدْ يَكُونُونَ مِنَ الْقَوْمِ الْاَشْقِيَاءِ الَّذِينَ قَدْ يَشْقَى جَلِيسُهُمْ اَيْضاً؟ وَاَمَّا مَجَالِسُ الْعِلْمِ فِي الْمَسَاجِدِ فَهُمُ الْقَوْمُ الْاَتْقِيَاءُ الْاَصْفِيَاءُ غَالِباً وَالَّذِينَ لَايَشْقَى جَلِيسُهُمْ غَالِباً اَيْضاً؟ وَلِذَلِكَ وَكَمَا اَنَّ الْمُؤْمِنَ يُؤْذِيهِ مَنْظَرُ الْمَعْصِيَة؟ فَكَذِلِكَ النَّاسُ اَيْضاً يُؤْذِيهِمْ مَنْظَرُ الصَّائِمِ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ يَمْضَغُ الْعِلْكَةَ مُخَالِفاً بِذَلِكَ اُمّاً مِنْ اُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ اُمُّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهَا لَايَمْضَغُ الصَّائِمُ الْعِلْكَة؟ وَاَمَّا مَضْغُ الْعِلْكَةِ اَوْ عَلْكُهَا لِغَيْرِ الصَّائِمِ فَمَا رَاْيُ الْفُقُهَاءِ فِي ذَلِك؟ قَالَ بَعْضُهُمْ اِنَّ الْمَرْاَةَ لَامَانِعَ اَنْ تَعْلِكَ اَمَامَ رَفِيقَاتِهَا؟وَاَمَّا الرَّجُلُ فَلَايُسْتَسَاغُ لَهُ ذَلِكَ الْعَلْكُ اَبَداً؟لِاَنَّهُ قَدْ يَبْدُو كَالطَّانْطِ الْمُخَنَّثِ الْمَايِعِ اَمَامَ النَّاس؟اِلَّا اِذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَة؟ وَهِي اَنَّ هُنَاكَ نَوْعاً مِنَ الْعِلْكَةِ يُسَاعِدُ عَلَى طَرْدِ الْغَازَاتِ مِنْ اَمْعَائِكَ اَخِي؟ مِنْ اَجْلِ اِزَالَةِ رَائِحَةِ فَمِكَ الْكَرِيهَةِ النَّاتِجَةِ عَنْهَا؟ بِسَبَبِ الْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْفِجْلِ الَّذِي يَقُولُ الْعَوَامُّ مِنَ النَّاسِ عَنْهُ اَنَّ اَوَّلَهُ مَنَافِع وَآخِرَهُ مَدَافِعٌ مِنَ الْغَازَاتِ وَالضُّرَاطِ وَالْفُسَاءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ شَرْجِ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ؟ وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِمَا اَيْضاً مُسَبِّباً رَائِحةً كَرِيهَةً مُقْرِفَة؟ وَخَاصَّةً حِينَمَا يُرِيدُ اَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ وَيَنَامَ مَعَهَا فِي فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ الْحَلَال؟ لِاَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ مُضْطَّرَّةً شَرْعاً اِلَى تَحَمُّلِ رَائِحَةِ فَمِهِ اَوْ جِسْمِهِ اَوْ ثِيَابِهِ الْكَرِيهَةِ وَخَاصَّةً اِذَا كَانَ عاَمِلَ تَنْظِيفَات؟ فَعَلَيْهَا وَعَلَيْهِ بِالِاسْتِحْمَام؟ وَالتَّزَيُّنِ جَيِّداً لِزَوْجَتِهِ؟ وَالتَّزَيُّنِ اَيْضاً وَبِمُنْتَهَى الْاَنَاقَةِ لِزَوْجِهَا قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِيَّة؟ وَعَلَى الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ اَيْضاً الِاسْتِعَانَةُ بِاَقْوَى خُبَرَاءِ التَّجْمِيلِ وَالْاَنَاقَةِ وَالْعُطُورِ مِنْ اَجْلِ الْجَاذِبَيَّةِ الزَّوْجِيَّةِ لِلْجِنْسَيْنِ كِلَيْهِمَا اِلَى الْآخَر؟ وَبِضَوَابِطَ شَرْعِيَّةٍ تَجْمِيلِيَّةٍ مَعْرُوفَةٍ لَاتُؤَدِّي اِلَى تَغْيِيرِ خَلْقِ الله؟ فَيَحْصَلُ بِذَلِكَ هَؤُلَاءِ الْخُبَرَاءُ عَلَى الْاَجْرِ وَالثَّوَابِ الْعَظِيمِ عِنْدَ اللهِ وَلَوْ كَانُوا يَحْصَلُونَ عَلَى اُجْرَةٍ مَادِّيَّةٍ عَالِيَةٍ اَوْ رَمْزِيَّة؟ وَصَدَقَ مَنْ قَال نِيَّال اَوْ يَابَخْتِ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ رَاْسَيْنِ بِالْحَلَالِ عَلَى مِخَدَّةِ نَوْمٍ وَاحِدَةٍ بِشَرْط؟ اَنْ تَسْتَلِمَ الْمَرْاَةُ الْمَرْاَةَ مِنْ اَجْلِ التَّجْمِيل؟ وَالرَّجُلُ الرَّجُلَ اَيْضاً لِنَفْسِ السَّبَب؟ وَاَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ضَمَانٌ كَبِيرٌ جِدّاً مِنْ اَجْلِ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي فَاحِشَةِ الشُّذُوذِ الْمَعْرُوفَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِوَاطاً بَيْنَ رَجُلٍ وَرَجُلٍ آخَرَ اَوْ سِحَاقاً بَيْنَ امْرَاَةٍ وَامْرَاَةٍ اُخْرَى؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَايَجُوزُ لِلرَّجُلِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مُضْطَّرّاً اَنْ يَعْلِكَ اَمَامَ النَّاسِ فِي كُلِّ الْحَالَات؟ وَتَتَحَمَّلُ الْاُمُّ مَسْؤُولِيَّةً هَائِلَةً عَظِيمَةً جِدّاً عِنْدَ اللهِ فِي تَرْبِيَةِ اَبْنَائِهَا الذُّكُورِ خَاصَّةً اَكْثَرَ مِنْ اَبِيهِمْ؟ فَاِذَا رَاَتْ وَلَدَهَا يَتَصَرَّفُ اَمَامَهَا كَمَا تَتَصَرَّفُ ابْنَتُهَا وَيُحَاوِلُ اَنْ يُقَلّدَ النِّسَاءَ فِي لِبَاسِهِنَّ وَاُنُوثَتِهِنَّ وَرَقْصِهِنَّ وَخُضُوعِهِنَّ بِالْقَوْلِ اَمَامَ اَزْوَاجِهِنَّ؟اَوْ يَلْبَسَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الذُّكُور وَالْحَلَالِ لِلْاُنْثَى اَمَامَ زَوْجِهَا وَمَحَارِمِهَا فَقَطْ بشرط؟ اَنْ تَاْمَنَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي الْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى مَعَ الْمَحَارِم؟وَاَنْ تَاْمَنَ عَدَمَ السَّرِقَةِ مِنْهُمْ اَيْضاً وَ عَدَمَ الطَّمَعِ بِمَا عِنْدَهَا مِنْ مُجَوْهَرَات؟ وَاِلَّا فَلَايَجُوزُ لَهَا اِبْدَاءُ زِينَتِهَا اَمَامَهُمْ سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الزِّينَةُ ذَهَباً اَوْ فِضَّةً اَوْ حَرِيراً اَوْ غَيْرَهَا مِنْ اَدَوَاتِ التَّجْمِيل؟ فَعَلَى الْاُمِّ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ اَنْ تَمْنَعَ اَوْلَادَهَا الذُّكُورَعَنْ ذَلِكَ فَوْراً؟وَاَوْلَادَهَا الْاِنَاثَ اَيْضاً مِنَ التَّرَجُّلِ وَالْخُضُوعِ بِالْقَوْلِ اَمَامَ غَيْرِ الزَّوْجِ مِنَ الْمَحَارِمِ وَالْاَغْرَاب بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[لَعَنَ اللهُ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النَّسَاء[لَعَنَ اللهُ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاء وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَال[لَعَنَ اللهُ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْاَةِ وَلَعَنَ اللهُ الْمَرْاَةَ تَلْبَسُ لِبَاسَ الرَّجُل(وَيَدْخُلُ فِي هَذَا اللَّعْنِ اَيْضاً مَنْ يَتْرُكُ لَهُمُ الْحَبْلَ عَلَى غَارِبِهِ مِنْ آبَائِهِمْ وَاُمَّهَاتِهِمْ؟وَالْوَي ْلُ لِلْاُمِّ الَّتِي تُحِبُّ اَنْ تَجْلِبَ اِلَى بَيْتِهَا اَوْ خَارِجَ بَيْتِهَا فَاحِشَةَ اللّوَاطِ اَوِ السِّحَاقِ اَوِ الزِّنَى الْمَعْرُوف اَوْ زِنَى الْمَحَارِمِ كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ امْرَاَةُ لُوط؟وَالْوَيْلُ لِلْاَبِ اَيْضاً لِنَفْسِ السَّبَبِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ رِجَالُ قَوْمِ لُوط؟لِاَنَّ الدَّيُّوثَ الَّذِي يَسْكُتُ عَلَى فَاحِشَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ مِنْ هَذِهِ الْفَوَاحِشِ قَدْ يُشَجِّعُ عَلَى ارْتِكَابِ جَمِيع ِاَنْوَاعِ الْفَوَاحِشِ وَاِبَاحَتِهَا؟وَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاء اَنَّ نِهَايَةَ الزِّنَى هِيَ اللّوَاط؟ وَحَرَامٌ رَائِحَةُ الْجَنَّةِ عَلَى الدَّيُّوث؟وَهُنَاكَ دَيُّوثٌ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ اَخْطَرُ وَاَقْبَحُ وَاَحْقَرُ بِكَثِيرٍ جِدّاً عِنْدَ الله وَهُوَ الَّذِي لَايَغَارُعَلَى دِينِهِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَة؟وَحِينَمَا يَبْلُغُ الْاَطْفَالُ الْعَاشِرَةَ مِنَ الْعُمْرِ فَيَحْرُمُ شَرْعاً حُرْمَةً شَدِيدَةً هَائِلَةً جِدّاً عَلَى الْوَالِدَيْنِ اَنْ يَسْمَحَا لِلْاَخِ اَن يَنَامَ مَعَ اَخِيهِ اَوْ اُخْتِهِ اَوْ تَنَامَ الْاُخْتُ مَعَ اُخْتِهَا اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مُرُوا اَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ اَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِين؟وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ اَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِين؟وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِع( وَاِنَّ أيَّ تَحَرُّشٍ جِنْسِيٍّ يَحْصَلُ بَيْنَ الْاَطْفَالِ الْاِخْوَةِ الْمُحَرَّمِينَ عَلَى بَعْضِهِمْ جِنْسِيّاً وَبِحُرْمَةٍ هَائِلَةٍ شَدِيدَةٍ جِدّاً فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيم؟وَلَوْلَا اَنَّ هَذَا التَّحَرُّشَ وَارِدٌ جِدّاً وَغَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ اَحْيَاناً مَا اَمَرَ رَسُولُ اللهِ بِذَلِكَ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ وَاَمَاكِنِ النَّوْم؟ وَلِذَلِكَ اَعُودُ فَاَقُولُ وَاُؤَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ بِقُوَّة؟ اَنَّ أيَّةَ مَاْسَاةٍ قَدْ تَحْصَلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَتِيجَةَ هَذَا التَّحَرُّشِ الْجِنْسِيِّ الْفَظِيعِ بِسَبَبِ نَوْمِ الْاِخْوَةِ مَعَ بَعْضِهِمْ بِغِطَاءٍ وَاحِد؟ فَلَا يَتَحَمَّلُ مَسْؤُولِيَّتَهُ مَبْدَئِيّاً اِلَّا الْوَالِدَانِ وَبِغَضَبٍ شَدِيدٍ جِدّاً مِنَ اللهِ عَلَيْهِمَا؟ لِاَنَّ قَلَمَ التَّكْلِيفِ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّآتِ غَيْرُ مَرْفُوعٍ عَنِ الْوَالِدَيْن؟ وَلَكِنَّهُ مَرْفُوعٌ عَنِ الْاَطْفَالِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ سِنَّ الِاحْتِلَام؟ وَحَتَّى تَبْلُغَ الْفَتَاةُ سِنَّ الْمَحِيض؟ وَاِلَّا فَاِنَّ عَاقِبَةَ الْجَمِيعِ سَتَكُونُ وَخِيمَةً جِدّاً فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ الشُّذُوذِ الْجِنْسِيِّ بِكُلِّ اَنْوَاعِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ؟ وَالْاَخْطَرُ مِنْهُ عَلَى الْاِطْلَاقِ هُوَ الشُّذُوذُ فِي عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ وَخَاصَّةً عِنْدَ غَيْرِ الْمُسْلِمين وَعِنْدَ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ الْمَحْسُوبَةِ عَلَى الْمُسْلِمِين؟ لِاَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي بِصَاحِبِهِ اِلَى جَمِيعِ اَنْوَاعِ الشُّذُوذِ ثُمَّ اِلَى حَرِيقِ الْجَحِيمِ الْاَبَدِيِّ اِنْ لَمْ يَعْتَنِقِ الْاِسْلَامَ عَقِيدَةً وَدِيناً وَاَرْكَاناً واَحْكَاماً وَاَخْلَاقاً؟لِاَنَّ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ اَرْكَانِ الْاِيمَانِ وَالْاِسْلَامِ هِيَ الْاَسَاسُ فِي الدِّينِ الْاِسْلَامِيِّ كُلِّه؟ فَمَاذَا تَنْتَظِرُ اَخِي اِذَا بَنَيْتَ هَوَاكَ وَمُيُولَكَ عَلَى عَقِيدَةٍ شَاذَّةٍ اِلَّا الْاَخْلَاقَ الشَّاذَّةَ الَّتِي تَسْتَحِلُّ كُلَّ شَيْءٍ بِاِبَاحِيَّةٍ حَقِيرَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا؟ وَهَذَا الشُّذُوذُ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ وَالشُّذُوذُ الْجِنْسِيُّ اَيْضاً هُوَ اَخْطَرُ مَرَضٍ نَفْسِيٍّ يُصِيبُ الرَّجُلَ وَالْمَرْاَةَ مَعاً؟لِاَنَّهُ سَيُؤَدِّي بِهِمَا حَتْماً اِلَى اكْتِئَابٍ نَفْسِيٍّ حَادٍّ جِدّاً قَدْ يَقُودُهُمَا وَبِقُوَّةٍ اِلَى الِانْتَحَارِ اِنْ لَمْ نَنْتَبِهْ اِلَى تَصَرُّفَاتِ اَوْلَادِنَا مُنْذُ الْبِدَايَة؟ لِاَنَّ النّغْمَةَ الشَّاذَّةَ لَايُمْكِنُهَا اَنْ تَنْسَجِمَ مَعَ جَمِيعِ النَّغَمَاتِ النِّظَامِيَّةِ فِي السُّلَّمِ الْمُوسِيقِيِّ النِّظَامِيّ؟ وَكَذَلِكَ الشَّاذُّ عَنِ الْاِسْلَام وَالشَّاذُّ جِنْسِيّاً اَيْضاً لَايُمْكِنُهُ اَنْ يَنْسَجِمَ مَعَ اِيقَاعَاتِ هَذَا الْكَوْنِ وَاِيحَاءَاتِهِ اِلَّا بِمَشَقّةٍ بِالِغَةٍ كَبِيرَة تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا عَذَاباً نَفْسِيّاً هَائِلاً يَرْزُقُهُ اللهُ بِسَبَبِهِ اَجْراً عَظِيماً هَائِلاً يَفُوقُ اَجْرَ الشُّهَدَاءِ وَنَعِيماً رُوحِيّاً وَحَلَاوَةً يَجِدُهَا فِي قَلْبِهِ بِشَرْط؟ اَنْ يَعْتَنِقَ الْاِسْلَامَ تَوْحِيداً وَدِيناً وَاَحْكَاماً ثُمَّ يَمْتَنِعَ عَنِ الِاسْتِجَابَةِ لِاِيحَاءَاتِ الشَّيْطَانِ الَّذِي يَسْعَى جَاهِداً مِنْ اَجْلِ اِيقَاعِهِ فِي الْفَاحِشَةِ بِمُسَاعَدَةِ نَفْسِهِ الْاَمَّارَةِ بِالسُّوء؟فَاِذَا وَقَعَ فِي الْفَاحِشَةِ فَلَا اَمَلَ لَهُ اِلَّا اَنْ يَرْتَقِيَ بِهَذِهِ النَّفْسِ الْاَمَّارَةِ بِالسُّوءِ اِلَى مُسْتَوَى النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ الطَّاهِرَةِ الَّتِي تَزِيدُ مِنْ عَذَابِ ضَمِيرِهِ بِسَبَبِ اقْتِرَافِهِ لِلْفَاحِشَة؟ وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الَّذِي فَعَلَ الْفَاحِشَةَ دُونَ اَنْ يَتَوَقَّفَ عَنْهَا حَتَّى آخِرِ حَيَاتِهِ مَحْظُوظاً بِسَبَبِ اسْتِغْفَارِهِ يَوْمِيّاً وَدُمُوعِهِ وَبُكَائِهِ وَذُلِّهِ وَانْكِسَارِهِ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[وَاِنَّ اَحَدَكُمْ ليَعْمَلُ بِعَمَلِ اَهْلِ النَّارِ حَتَّى لَايَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ النَّارِ اِلَّا شِبْرٌ اَوْ ذِرَاع فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اَهْلِ الْجَنَّةِ وَيَدْخُلُ الْجَنَّة(كَمَا حَدَثَ مَعَ امْرَاَةٍ عَاهِرَةٍ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ حِينَمَا سَقَتْ كَلْباً يَلْحَسُ التُّرَابَ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ فَهَدَاهَا سُبْحَانَهُ اِلَى التَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَالِاسْتِغْفَارِ وَعَدَمِ الْاِصْرَارِعَلَى كُلِّ فَاحِشَةٍ كَانَتْ تَفْعَلُهَا بَعْدَ تَوْبَتِهَا؟ حَتَّى وَلَوْ غَلَبَهَا ضَعْفُهَا اَمَامَ الشَّهْوَةِ وَالْاِغْرَاء؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ اِذَا مَرَّتْ عَلَيْهَا لَحْظَةُ ضَعْفٍ شَدِيدَةٌ اَوْقَعَتْهَا فِي الْفَاحِشَةِ مِنْ جَدِيدٍ بَعْدَ تَوْبَتِهَا رَغْماً عَنْهَا فَاِنَّ اللهَ يَرْحَمُ ضَعْفَهَا وَلَايَتَّهِمُهَا بِالْاِصْرَارِ عَلَى الْفَاحِشَةِ بِشَرْط؟ اَنْ تُلَازِمَ الِاسْتِغْفَارَ النَّصُوحَ دَائِماً بِدُمُوعِ الْحَسْرَةِ عَلَى تَفْرِيطِهَا فِي جَنْبِ اللهِ وَاَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيه؟ وُدُمُوعِ التَّوْبَةِ الْاَوَّاهَةِ شَدِيدَةِ النَّدَمِ وَالْوَجَعِ وَعَذَابِ الضَّمِير وَلَاتَقْطَعُ ذَلِكَ اَبَداً؟ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَحْظُوظٍ هَذَا الَّذِي فَعَلَ الطَّاعَاتِ؟ وَاَقَامَ الصَّلَوَات؟ وَعَاشَ طَاهِراً شَرِيفاً عَفِيفاً بَعِيداً عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَات؟ بِسَبَبِ اِعْجَابِهِ بِعَمَلِهِ الصَّالِحِ وَغُرُورِهِ وَاعْتِقَادِهِ اَنَّهُ غَيْرُ مُقَصِّرٍ فِي حَقِّ مَنْ جَعَلَ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ يَحْمَدُهُ بِهِمَا عَلَى مَاوَفَّقَهُ سُبْحَانَهُ اِلَى الصَّالِحَات؟ وَلَكِنَّهُ لَا تَنْزِلُ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَلُومُ نَفْسَهُ اَبَداً عَلَى تَقْصِيرِهِ وَعَجْزِهِ عَنْ شُكْرِ نِعْمَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ اَنْعَمَهَا عَلَيْهِ صَاحِبُ النِّعَمِ الَّتِي لَاتُعَدُّ وَلَاتُحْصَى فِي هَذَا الْكَوْنِ اللَّامُتَنَاهِي بِمَا فِيهِ مِنَ الْاَرْضِ وَالسَّمَوَات؟ ثُمَّ يَرَى نَفْسَهُ بِطَاعَاتِهِ وَعِلْمِهِ وَمَشْيَخَتِهِ عَلَى عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمْ عَلَيْهِ{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ؟ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ؟ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِاِذْنِ الله(وَلَوْ لَمْ يَاْذَنِ اللهُ لَكَ بِالتَّوفِيقِ يَاشَرِيفَ مَكَّةَ فِي الْاَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرَات؟ لَكُنْتَ اَحْقَرَ عِنْدَ اللهِ مِنَ{الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ وَعَبَدَ الطَّاغُوت(اَمَا اَقْسَمَ اللهُ فِي الْقُرْآنِ بِصَاحِبِ النَّفْسِ اللَّوَّامَةِ الْمُقَدَّسَةِ الطَّاهِرَة؟هَلْ اَقْسَمَ سُبْحَانَهُ بِصَاحِبِ النَّفْسِ الْخَبِيثَةِ الَّذِي يَتَاَلَّى عَلَى اللهِ بِقَوْلِهِ اَللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْحَمْ مُحَمّداً وَلَاتَرْحَمْ مَعَنَا اَحَداً مِنْ اَصْحَابِ الْمُوبِقَات؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ مَاهَذَا يَاهَذَا لَقَدْ ضَيَّقْتَ وَاسِعاً مِنْ رَحْمَةِ اللِه الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى التَّائِبِينَ وَالتَّائِبَات؟ فَاِيَّاكَ ثُمَّ اِيَّاكَ اَنْ تَكُونَ مِمَّنْ قَالَ رَسُولُ اللهِ فِيهِمْ[وَاِنَّ اَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ اِلَّا شِبْرٌ اَوْ ذِرَاع فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا(ثُمَّ يَكُونُ{كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا(مِنَ الطَّاعَات؟بِسَبَبِ اِغْلَاقِكَ بَابَ التَّوْبَةِ وَعَدَمِ التَّحْرِيضِ عَلَيْهَا وَعَلَى النَّدَمِ وَالِاسْتِغْفَارِ عَلَى الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ وَمَافَات؟ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي جَنْبِ اللهِ بِحَقِّكَ اَيُّهَا الْمَغْرُورُ بِعَمَلِكَ الصَّالِحِ وَالْقُرُبَات؟ وَمِنَ التَّفْرِيطِ فِي جَنْبِ اللهِ بِحَقِّكَ اَيُّهَا الْمُسْتَهْتِرُ الْوَاقِعُ فِي الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَات؟ وَمِنَ الْكُفْرِ بِاللهِ وَدِينِهِ بِحَقِّكَ يَااَيُّهَا الْوَاقِعُ فِي الْاِبَاحِيَّات؟لِاَنَّكَ حِينَمَا تُبِيحُ لِنَفْسِكَ مِنَ الْمُنْكَرَات؟ فَاِنَّكَ تُكَذّبُ اللهَ فِيمَا حَرَّمَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَات؟ فَهَلْ مَنْ يُكَذّبُ اللهَ مُؤْمِنٌ اَمْ كَافِرٌ بِاللهِ وَالْمُعْتَقَدَات؟بِاللهِ عَلَيْكَ اَجِبْنِي مَاذَا بَقِيَ مِنْ اِيمَانِ مَنْ يُكَذّبُ اللهَ فِي اَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ وَالْمُعْجِزَات؟ وَيُنْكِرُ شَيْئاً ثَابِتاً قَطْعِيّاً مَعْلُوماً مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَالْاَدِلَّةِ مِنَ السُّنَّةِ وَالْآيَات؟ بَعْدَ ذَلِكَ هُنَاكَ سُؤَالٌ آخَرُ يَقُولُ صَاحِبُهُ؟ اَحْيَاناً يَزُورُنِي فِي بَيْتِي صَدِيقٌ لِي مَسِيحِي؟ فَهَلْ يَحِقُّ لِي اَنْ اُضَيِّفَهُ مَا يُضَيَّفُ الضَّيْفُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي نَهَارِ رَمَضَان؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ نَعَمْ؟ لِاَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ لَيْسَ مُطَالَباً مَبْدَئِيّاً بِاَرْكَانِ الْاِسْلَام وَهِيَ مَايُسَمِّيهَا الْعُلَمَاءُ فُرَوعَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنِ الْاَصْلِ وَهُوَ عَقِيدَةُ التَّوْحِيد؟ وَلَكِنَّهُ مُطَالَبٌ بِالِاسْتِمَاعِ اَوَّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ اِلَى شَرْحِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيد؟ وَحَتَّى اَنْتَ اَخِي طَالِبَ الْعِلْمِ مُسْلِماً وَغَيْرَ مُسْلِم فَاِنِّي اُحَرِّمُ عَلَيْكَ قِرَاءَةَ مُشَارَكَاتِي اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَكُونَ مُتَمَكِّناً وَبِقُوَّةِ كَبِيرَةٍ وَهَائِلَةٍ جِدّاً مِنْ شَرْحِ فِقْهِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيد فِي كُتُبِ شَيْخِ الِاِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّة وَشَيْخِ الْاِسْلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ الْجَوْزِيَّة وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّاب وَالطَّحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَشَرْحِ هَذِهِ الْكُتُبِ جَمِيعاً بِمُسَاعَدَةِ الْعُلَمَاء اَمْثَال اِبِنْ بَازْ وَابْنُ عُثَيْمِين وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِيَّةِ وَالْوَهَّابِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ اَجْمَعِين؟ لِاَنِّي مَعَ الْاَسَفِ غَيْرُ مُتَمَكِّنَةٍ اِلَى الْآن مِنْ شَرْحِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ كَمَا يَنْبَغِي؟ وَيُمْكِنُكَ اَخِي اَنْ تُتَابِعَ الْاِنْتِرْنِتَّ وَالْاِذَاعَاتِ وَالْقَنَوَاتِ الْفَضَائِيَّةِ مِثْلَ وِصَال وَصَفَا وَالسُّورِي الْحُرِّ وَغَيْرِهَا؟وَاَنْصَحُكَ اَخِي وَبِقُوَّة اَنْ تُتَابِعَ الْمُنَاظَرَاتِ الَّتِي تَجْرِي بَيْنَ الشِّيعَةِ وَالسُّنَّةِ ؟فَلَايُمْكِنُكَ الْوُصُولُ اِلَى حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ اِلَّا بَعْدَ اَنْ تَكْتَشِفَ ضَلَالَاتِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ وَعَلَى رَاْسِهِمْ قَوِمِي النُّصَيْرِيُّونَ الْعَلَوِيُّونَ الْبَاطِنِيَّةُ وَالشِّيعَةُ الِاثْنَا عَشَرِيَّة وَغُلَاةُ الْمُتَصَوِّفَة؟اِلَى مَتَى اَيُّهَا الْاِخْوَةُ سَنَبْقَى نُضَيِّعُ اَعْمَارَنَا عَلَى دَبْلَجَةِ الْمُسَلْسَلَاتِ التُّرْكِيَّةِ وَالْمَكْسِيكِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ اِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ اَوِ اللَّهْجَةِ الشَّامِيَّة؟اِلَى مَتَى وَعَذَابُ الْقَبْرِ قَبْلَ عَذَابِ جَهَنَّمَ يَنْتَظِرُنَا؟اِلَى مَتَى وَالدُّودُ فِيهِ جَائِعٌ لِيَاْكُلَ مِنْ عُيُونِنَا قَبْلَ اَجْسَادِنَا؟لِمَاذَا لَانَقُومُ بِدَبْلَجَةِ جَمِيعِ هَذِهِ الْمُنَاظَرَاتِ صَوْتِيّاً اِلَى اَشْهَرِ اللُّغَاتِ وَاللَّهَجَاتِ الْعَالَمِيَّةِ حَتَّى يَفْهَمَهَا الْاَعْمَى وَضَعِيفُ النَّظَر؟لِمَاذَا لَانَقُومُ بِاسْتِعْمَالِ لُغَةِ الْاِشَارَةِ حَتَّى يَفْهَمَهَا ضَعِيفُ السَّمْعِ وَالْاَطْرَش؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَخِي هِدَايَةَ غَيْرِ الْمُسْلِمِ اِلَى الْاِسْلَام؟فَعَلَيْكَ اَنْ تَكُونَ حَرِيصاً وَبِقُوَّةٍ شَدِيدَةٍ جِدّاً عَلَى اَلَّا يُؤْتَى غَيْرُ المُسْلِمِ مِنْ قِبَلِ هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ؟لِاَنَّهُمْ اِذَا اسْتَطَاعُوا التَّاْثِيرَعَلَيْهِ فَاِنَّهُمْ سَيَقُودُونَهُ اِلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ الْمُرَكَّبِ الْمُضَاعَفِ الَّذِي هُوَ فِي حَقِيقَتِهِ اَكْفَرُ مِنْ كُفْرِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْبُوذِيِّينَ وَالْهِنْدُوس؟بِمَعْنَى اَنَّ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَبْدَاَ مَعَهُ بِتَحْصِينِ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ الْاِسْلَامِيَّةِ مِنْ اَفْكَارِ هَؤُلَاءِ الْكُفْرِيَّةِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْخَطِيرَةِ وَالشَّنِيعَةِ جِدّاً وَالْحَقِيرَةِ التَّافِهَةِ السَّافِلَةِ وَالَّتِي تُدَمِّرُ دِينَ الْاِسْلَامِ مِنْ اَسَاسِهِ فِي عُقُولِ النَّاسِ وَقُلُوبِهِمْ؟ لِاَنَّهُ لَايَنْفَعُكَ وَلَايَنْفَعُهُ مَعَكَ اَيْضاً عِنْدَ اللهِ أَيُّ عَمَلٍ صَالِحٍ اِذَا كَانَ فِي عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ شُذُوذٌ اَوْ خَلَلٌ وَلَوْ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ فِي الْمِائَة؟وَاَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ وَبِصَرَاحَةٍ قَدْ تَبْدُوغَرِيبَةً لَدَى الْبَعْض تَبْرِئَةً لِذِمَّتِي اَمَامَ الله؟ لِاَنَّ اللهَ خَلَقَنِي مِنْ اَبَوَيْنِ عَلَوِيَّيْن؟وَقَدْ كُنْتُ امْرَاَةً عَلَوِيَّةً نُصَيْرِيَّة نَشَاْتُ فِي بِيئَةٍ عَلَوِيَّةٍ مُتَعَصِّبَةِ جِدّاً وَمَلِيئَةٍ بِالْكُرْهِ وَالْحِقْدِ عَلَى اَهْلِ السَّنَّةِ وَالْجَمَاعَة وَالَّذِي مَازَالَ يُعْمِينِي اِلَى الْآنَ مَعَ الْاَسَف عَنْ اِدْرَاكِ حَقِيقَةِ تَوْحِيدِهِمْ؟لِاَنِّي لَا اَجِدُ مِنْهُمْ اِلَّا النَّقْدَ اللَّاذِعَ الْجَارِحَ لِكَرَامَتِي وَاَنَا كَمَا تَعْلَمُونَ اُنْثَى يَصْعُبُ عَلَيَّ تَحَمُّلُ ذَلِكَ كَثِيراً جِدّاً؟ وَمَعَ الْاَسَفِ الشَّدِيد فَاِنِّي لَااَجِدُ مِنْ قَوْمِي الْعَلَويِّينَ اِلَّا الِاتِّهَامَ بِالْخِيَانَةِ الْعُظْمَى؟ وَلَا اَجِدُ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ اَيْضاً في جَمِيعِ الْمُنْتَدَيَاتِ اَحَداً يُشَجِّعُنِي عَلَى الْمُضِيِّ قُدُماً فِي طَرِيقِ التَّوْحِيدِ وَالدَّعْوَةِ اِلَى الله؟ وَقَدْ هَدَانِي اللهُ بِاُعْجُوبَةٍ لَاتَخْطُرُ عَلَى بَال اِلَى مَذْهَبِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَة؟وَمَا اَزَالُ اِلَى الْآن جَاهِلَة بِعَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ وَفِي بِدَايَةِ طَرِيقِي؟ وَلَا اَجِدُ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ اِلَّا مَنْ يَتْرُكُنِي فَرِيسَةً ضَعِيفَةً لِلشَّيْطَان بِنَقْدِهِ الْجَارِحِ الظَّالِمْ؟وَلَا اَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يَدْعُو لِي بِقَوْلِهِ اَللَّهُمَّ طَهِّرْ قَلْبَهَا وَاشْرَحْ صَدْرَهَا وَاغْفِرْ ذَنْبَهَا؟فَهَلْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْجَافِيَةِ اللَّئِيمَة يَدْخُلُ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ اَفْوَاجَا؟وَلِذَلِكَ اَخِي فَاِنَّكَ تَسْتَطِيعُ اَنْ تَدْعُوَ اَخَاكَ غَيْرَ الْمُسْلِمِ اِلَى التَّوْحِيدِ اَوّلاً وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة؟ فَاِذَا اسْتَجَابَ لَكَ وَاَسْلَمَ فَحِينَ ذَلِكَ تَطْلُبُ مِنْهُ مَاطَلَبَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِين؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَقُلْ يَااَهْلَ الْكِتَابِ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام؟ وَاِنَّمَا قَالَ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَام(فَغَيْرُ الْمُسْلِمِ يُطَالَبُ بِفُرُوعِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ مِنْ اَرْكَانِ الْاِسْلَامِ مِنْ صَلَاة وَزَكَاةٍ وَصِيَام وَحَجّ لَاحِقاً بَعْدَ اِسْلَامِهِ لَا فَوْراً قَبْلَ اِسْلَامِهِ؟ وَلَكِنَّهُ يُطَالَبُ فَوْراً بِاَصْلِ الشَّرِيعَةِ وَهُوَ عَقِيدَةُ التَّوْحِيدِ بِمَا فِيهَا مِنَ الرُّكْنِ الْاَوَّلِ مِنْ اَرْكَانِ الْاِسْلَامِ فَقَطْ وَهُوَ شَهَادَةُ اَنْ لَا اِلَهَ اِلَّا الله وَاَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله؟ثُمَّ يُطَالَبُ فَوْراً اَيْضاً بِاَرْكَانِ الْاِيمَانِ بِمَا فِيهَا مِنَ الْاِيمَانِ بِاللهِ اِلَهاً وَاحِداً لَاشَرِيكَ لَه وَالْاِيمَانِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّه وَالْاِيمَانِ بِالرُّسُلِ وَعَلَى رَاْسِهِمْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ جَمِيعاً؟نَعَمْ يُطَالَبُ بِهَا فَوْراً بَعْدَ اِيضَاحِهَا جَمِيعاً لَهُ وَتَفْصِيلِهَا بِشَرْحٍ مُسْتَفِيضٍ يَجْعَلُ غَيْرَ الْمُسْلِمِ يَفْهَمُهَا جَيِّداً حَتَّى يَقْتَنِعَ بِهَا؟نَعَمْ اَخِي؟ وَالْحَقُّ يُقَال؟اَنِّي اَقُومُ فِي بَيْتِي بِتَقْدِيمِ الطَّعَامِ وَالضِّيَافَةِ اللَّائِقَةِ اِلَى بَعْضِ النَّصَارَى فِي نَهَارِ رَمَضَان مِنْ وَرَاءِ حِجَاب فَيَرْفُضُونَ ضِيَافَتِي احْتِرَاماً لِشَهْرِ الصَّوْم؟ وَقَدْ اَخْبَرَنِي مُدَرِّسُ لُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ مِنْ اَهْلِ السُّنَّة اَنَّهُ لَايُفْطِرُ اَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى فِي الْمَدْرَسَةِ الَّتِي يُدَرِّسُ فِيهَا سَوَاءٌ كَانُوا اَسَاتِذَةً اَوْ تَلَامِيذَ احْتِرَاماً لِشَهْرِ الصَّوْمِ اَيْضاً؟ وَاِنَّمَا بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ اِلَى الْاِسْلَامِ وَخَاصَّةً مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ وَقَوْمِي الْعَلَوِيِّينَ فَاِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ عَلَناً وَجَهَاراً نَهَاراً اَمَامَ النَّاسِ احْتِقَاراً لِشَهْرِ الصَّوْم؟ وَقَدْ اَخْبَرَنِي بَعْضُ الْكِبَارِ فِي السِّنّ اَنَّهُ فِي اَيَّاِم الِاحْتِلَالِ الْفَرَنْسِيِّ الْمَسِيحِيِّ لِسُورِيَا كَانَ الْجُنُودُ الْفَرَنْسِيُّونَ الْمَسِيحِيُّونَ يَحْتَرِمُونَ شَهْرَ الصَّوْمِ اِلَى دَرَجَةِ اَنَّهُمْ كَانُوا يَقْبِضُونَ عَلَى مَنْ يُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ وَيَبْقَى مَحْبُوساً فِي السِّجْنِ عِنْدَهُمْ اِلَى مَا بَعْدَ انْتِهَاءِ عِيدِ الْفِطْر؟ وَلَقَدْ كَانَ الْفَرَنْسِيُّونَ قَبْلَ احْتِلَالِ سُورِيّا يَلْعَنُونَ الْاِسْبَانَ الَّذِينَ جَعَلُوا فُتُوحَاتِ الْاِسْلَامِ تَتَوَقَّفُ عِنْدَ حُدُودِ الْاَنْدَلُسِ فِي اِسْبَانْيَا الْحَالِيَّة اِلَى دَرَجَةِ اَنَّ الْفَرَنْسِيِّينَ لَمْ يَكُونُوا مَعَ الْاُورُوبِّيِّينَ جَمِيعِهِمْ مَحْظُوظِينَ بِامْتِدَادِ فُتُوحَاتِ الْاِسْلَامِ اِلَيْهِمْ؟وَكَانَ الْفَرَنْسِيُّونَ مُتَعَطّشِينَ اِلَى اَنْ يَعْرِفُوا كُلَّ شَيْءٍ عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ اِلَى دَرَجَةِ الْمُخَاطَرَةِ بِجُنُودِهِمْ مِنْ اَجْلِ احْتِلَالِ بِلَادِ الْمُسْلِمِين؟وَلَكِنَّهُ مْ مَعَ الْاَسَفِ خَابَ ظَنُّهُمْ؟لِاَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا مِنَ الْقُدْوَةِ الصَّالِحَةِ مَنْ يُمَثّلُ الْاِسْلَامَ حَقِيقَةً عِنْدَ الْمَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ فِي سُورِيَا وَغَيْرِهَا وَمِنْ قَوْمِي وَغَيْرِهِمْ؟ وَاِنَّمَا وَجَدُوا الْاِسْلَامَ فِي وَادِي؟وَاَكْثَرُالْمُسْل ِمِينَ فِي وَادٍ آخَر؟ وَمَرَّةً مِنَ الْمَرَّاتِ قَامَ الْفَرَنْسِيُّونَ بِاِلْقَاءِ الْقَبْضِ عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْحُثَالَةِ الَّذِينَ لَايَخَافُونَ اللهَ وَيُحَارِبُونَهُ عَلَناً وَبِوَقَاحَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا جَهَاراً نَهَاراً بِالْاِفْطَارِ فِي رَمَضَان؟فَجَاءَ ضَابِطٌ وَمَسْؤُولٌ سُورِيٌّ كَبِيرٌ وَمُحْتَرَمٌ جِدّاً عِنْدَ الْفَرَنْسِيِّين؟وَاَرَاد َ اَنْ يَتَوَسَّطَ لِهَؤُلَاءِ الْحُثَالَةِ خَنَازِيرِ رَمَضَانَ مِنْ اَجْلِ اِطْلَاقِ سَرَاحِهِمْ؟فَمَكَثَ مِنَ الْوَقْتِ سَاعَةً كَامِلَةً وَهُوَ يَسْتَجْدِي وَيَسْتَعْطِفُ الْفَرَنْسِيِّينَ مِنْ اَجْلِ ذَلِك؟فَمَا كَانَ مِنَ الضَّابِطِ الْفَرَنْسِيِّ الْمَسِيحِيِّ اِلَّا اَنْ ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى الطَّاوِلَةِ وَكَادَ اَنْ يَكْسِرَهَا قَائِلاً لِلْمُسْلِمِ الْمُنَافِقِ الضَّابِطِ الْمَسْؤُولِ هَذَا؟ اَقْبَلُ وَاسِطَتَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ اِلَّا فِي الدِّين؟اَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟وَاللهِ لَوْ جَاهَرْتَ بِالْاِفْطَارِ مِثْلَهُمْ لَوَضَعْتُكَ فِي السِّجْنِ مَعَهُمْ؟ فَكَانَ رَمَضَانُ لَهُ هَيْبَتُهُ وَوَقَارُهُ وَقُدْسِيَّتُهُ عِنْدَ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْمَسِيحِيِّينَ الْاَطْهَار؟وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ لِاَهْلِ الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ السَّيَاسَةِ الْحَكِيمَةِ الَّتِي كَانَ يُحَاوِلُ الْفَرَنْسِيُّونَ اسْتِخْدَامَهَا مِنْ اَجْلِ اسْتِمَالَةِ الشَّعْبِ السُّورِيِّ اِلَى انْتِدَابِهِمْ وَاحْتِلَالِهِمْ كَمَا فَعَلَ نَابِلْيُون فِي مِصْر؟وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّ الْفَرَنْسِيِّينَ الْمَسِيحِيِّينَ فَعَلُوا مَا كَانَ وَمَازَالَ يَعْجَزُ عَنْهُ حُكَّامُ الْعَرَبِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَرُبَّمَا الْمُسْتَقْبَلِ اَيْضاً مِنْ اِيقَافِ حُثَالَةِ وَخَنَازِيرِ رَمَضَانَ عِنْدَ حَدِّهِمْ؟ وَيَالَيْتَ الْاَمْرَ يَقْتَصِرُ عَلَى وَقَاحَتِهِمْ وَاِفْطَارِهِمُ الْعَلَنِيّ؟ بَلْ اِنَّهُمْ يَشْتُمُونَ الرَّبَّ عَلَناً فِي رَمَضَانَ فِي نَهَارِهِ وَلَيْلِهِ وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ اَيْضاً دُونَ اَنْ يَغَارَ اَحَدٌ مِنْ الْخَنَازِيرِ الْآخَرِينَ الدَّيُّوثِينَ الْمَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَامِ عَلَى دِينِهِ اَبَداً؟وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم وَحَاشَ لِله اَنَّ الضَّرْبَ بِالْاَحْذِيَةِ وَالصَّرَامِي الْعَتِيقَة قَلِيلٌ جِدّاً عَلَى اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْحُثَالَةِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَفْتِنُونَ النَّاسَ عَنْ دِينِهِمْ؟وَلِذَلِكَ وَاَقُولُهَا بِكُلِّ ثِقَةٍ وَصَرَاحَة اَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَسِيحِيِّينَ الشُّرَفَاءَ يَحْتَرِمُونَ شَعَائِرَنَا وَدِينَنَا دُونَ اَنْ نَجِدَ ذَرَّةً مِنَ الِاحْتِرَامِ لِهَذَا الدِّينِ مِنْ بَعْضِ الْمَحْسُوبِينَ عَلَى الْاِسْلَام؟ وَسُبْحَانَ الله؟ فَاِنَّكَ اَخِي تَجِدُ الْمَسِيحِيَّ الْغَرْبِيَّ يَقْبَلُ فَوْراً أيَّةَ فِكْرَةٍ تَعْرِضُهَا عَلَيْهِ اِذَا اقْتَنَعَ بِهَا وَبِكُلِّ حُبٍّ وَرَحَابَةِ صَدْر؟وَاَمَّا الْعَرَبِيُّ الْمُسْلِمُ فَاِنَّهُ يَبْقَى مُعَانِداً حَتَّى وَلَوْ اَقْنَعْتَهُ بِكُلِّ الْاَدِلَّةِ وَالْحِجَجِ وَالْبَرَاهِينِ الشَّرْعِيَّةِ اِذَا لَمْ تَتَّفِقْ مَعَ هَوَاه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا وَصَلْنَا مِنَ الْبَلَاءِ وَالْخَرَابِ وَالدَّمَارِ اِلَى مَا وَصَلْنَا اِلَيْهِ؟ بِسَبَبِ عَنَادِنَا وَتَمَرُّدِنَا عَلَى الله؟ وَسُبْحَانَ الله؟ كَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ نَعُودَ اِلَى الْاِيمَان؟ وَكَمْ نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ نُقَدِّسَ هَذَا الدِّينَ وَلَدَيْنَا الْقَنَاعَةُ الْكَامِلَةُ بِاَنَّهُ دِينُ الْحَقّ؟وَغَيْرُنَا يُقَدِّسُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَنِعْ بِهِ؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نُعَانِي مَانُعَانِيهِ مِنَ الْخَرَابِ وَالدَّمَارِ؟ لِاَنَّ سَبَّ الرَّبِّ اَصْبَحَ عِنْدَنَا كَشَرْبَةِ مَاء؟اَوْ كَمَنْ يَحْمِلُ مِسْبَحَةً يَقُومُ بِشَتْمِ اللهِ عَلَى كُلِّ حَبَّةٍ مِنْ حَبَّاتِهَا وَعَلَى الطَّالِعِ وَالنَّازِلِ كَمَا يُقَال؟ وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّ اَعْظَمَ جَرِيمَةٍ عِنْدَ اللهِ هِيَ جَرِيمَةُ شَتْمِهِ سُبْحَانَه؟وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ اَنَّهَا اَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ جَرِيمَةً مِنْ جَرِيمَةِ الْاِشْرَاكِ بِالله؟ لِاَنَّ الْمُشْرِكِينَ فِي مَكَّةَ حِينَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ الْاَصْنَامَ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَشْتُمُ اللهَ اَبَداً وَاِنَّمَا كَانُوا يَقُولُونَ{مَانَعْبُدُهُم ْ اِلَّا لِيُقَرِّبُونَا اِلَى اللهِ زُلْفَى(بِمَعْنَى اَنَّهُمْ كَانُوا يُحَاوِلُونَ التَّقَرُّبَ اِلَى مَرْضَاةِ اللهِ وَلَكِنْ بَطَرِيقَةٍ خَاطِئَةٍ كُفْرِيَّةٍ شِرْكِيَّةٍ صَنَمِيَّة؟وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ نَسْمَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اَنَّهُ شَتَمَ الْاِلَه؟ وَلَمْ نَسْمَعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ قَوْمِ لُوط الْحُثَالَة اَنَّهُ شَتَمَ الْاِلَهَ اَيْضاً؟وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيم اَنَّ الَّذِي يَشْتُمُ الْاِلَهَ هُوَ اَقْبَحُ عِنْدَ اللهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فِي مَكَّة وَمِنْ قَوْمِ لُوطٍ اَيْضاً؟بَلْ اِنَّ هُنَاكَ مَنْ هُوَ اَقْبَحُ مِنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعاً اَيْضاً؟ وَهُوَ الَّذِي يَاْتِيكَ اَخِي كَالشَّيْطَانِ النَّاصِحِ الْاَمِين؟عَفْواً اَقْصِدُ الْخَائِنَ الْخِنْزِيرَ الْقَذِرَ الْحَقِيرَ الْوَغْدَ الدَّيُّوثَ وَالَّذِي لَايَغَارُ عَلَى دِينِهِ وَرَبِّهِ اَبَداً؟ بِسَبَبِ مَقُولَتِهِ الْكُفْرِيَّةِ الشَّنْعَاء؟ مَالَكُ وْمَالُو؟ هَلْ تُرِيدُ اَنْ تُحَاسِبَه؟تْرِكُو يْفِشْ خِلْقُو وِيْسِبُّ وْيِشْتُمْ عَلَى كِيفُو؟هَلْ سَتَنْزِلُ فِي جُورَتِهِ وَقَبْرِهِ حَتَّى تُحَاسَبَ عَنْه؟وَاُقْسِمُ بِاللهِ الْعَظِيمِ وَحَاشَ لِله اَنَّ اَمْثَالَ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ اَنْ يَبْصُقَ وَيَبُولَ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَنْ يَسْمَعُهُمْ؟ لِاَنَّهُمْ هُمُ السَّبَبُ الْاَسَاسِيُّ وَالرَّئِيسِيُّ وَالْوَحِيدُ لِمَا وَصَلْنَا اِلَيْهِ مِنْ خَرَابٍ وَدَمَارٍ مِنَ الْمُنْتَقِمِ الْجَبَّارِ شَدِيدِ الْعِقَابِ سُبْحَانَه؟ نَعَمْ جَمِيعُ الْاَبْرِيَاءِ يَدْفَعُونَ لله مِنْ دِمَائِهِمْ وَخَرَابِ بُيُوتِهِمْ ضَرِيبَةَ سَبِّ اللهِ وَشَتْمِهِ غَالِياً بِسَبَبِ هَؤُلَاءِ الْحُثَالَةِ الْاَقْذَارِ الْاَنْجَاسِ الْاَوْسَاخِ اَعْدَاءِ الله؟بَلْ هُمْ اَشَدُّ عَدَاوَةً لِلهِ وَلِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِين؟اَللَّهُم َّ انْتَقِمْ مِنْهُمْ شَرَّ انْتِقَامٍ يَارَبّ وَاَرِحْنَا مِنْ نَجَاسَتِهِمْ وَاَلْسِنَتِهِمُ الْمُقْرِفَةِ النَّتِنَةِ الْمُتَعَفِّنَةِ الْقَذِرَةِ اِنْ لَمْ يَتُوبُوا وَيَرْجِعُوا مِنْ جَدِيدٍ اِلَى دِينِ الْاِسْلَامِ بِنُطْقِ الشَّهَادَتَيْن؟ لِاَنَّ الْعُقُوبَةَ فِي مِيزَانِ اللهِ جَمَاعِيَّة وَالْمُكَافَاَةُ جَمَاعِيَّةٌ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ لِلْعُقُوبَةِ الْجَمَاعِيَّة{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة وَاعْلَمُوا اَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَاب(بِمَعْنَى اَنَّ الظَّالِمِينَ وَالْمَظْلُومِينَ مَعاً يَذْهَبُونَ ضَحِيَّةَ اُولَئِكَ الظَّالِمِينَ وَاْجَرَامِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَشَتْمِهِمْ اِذَا لَمْ يَقُمِ الْمَظْلُومَونَ بِاِيقَافِهِمْ عِنْدَ حَدِّهِمْ وَتَرَكُوا فَسَادَهُمْ يَسْتَشْرِي فِي الْاَرْضِ كَالسَّرَطَانِ الْخَبِيثِ الَّذي سَيُصِيبُ الْمَظْلُومِينَ قَبْلَ غَيْرِهِمْ؟ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَافَاَةِ الْجَمَاعِيَّة الَّتِي يَسْتَفِيدُ مِنْهَا الْمَظْلُومُونَ وَالظَّالِمُونَ اَيْضاً{وَلَوْ اَنَّ اَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاء{لَاَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ اَرْجُلِهِمْ} وَسَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ مِنْ اُخْتِكُمْ فِي اللهِ سُنْدُس وَآخِرُ دَعْوَانَا اَنِ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِين