ظالم ...أم مظلوم....؟
مع بداية الخليقة برزت نوازع الشر لدى إبليس عندما أحس بالغيرة و الحسد تجاه آدم uفاستخدم نعمة الله في معصيته و كاد لآدم حتى أخرجه من الجنة و في نفس الوقت تعلم آدم العصيان بأكله من الشجرة و بعد هبوطه إلى الأرض سارع أدم بالاستغفار و التوبة فقد كان الحرمان من الجنة بالخروج منها عقاباً رادعاً له لأن نزعة الخير كانت أقوى من نزعة الشر غير أن النتيجة كانت عكسية مع إبليس فقد دعاه غروره و عجبه بنفسه و حسده لآدم للاستمرار بالعصيان بدافع الانتقام لنفسه من الجنس البشري الذي فضله الله تعالى عليه فكانت النتيجة بأن يظلم نفسه بعدم التراجع عن قراره المعلن بالعصيان فبرزت أول أنواع الظلم على الإطلاق و هي ظلم النفس ثم و عندما قتل قابيل هابيل ظهر نوع آخر من الظلم ألا وهو ظلم الآخر و بدقة أكثر نقول ظلم الإنسان لأخيه الإنسان و برزت في قابيل نوازع الشر الناتجة عن الغيرة و الحسد لتقوده من جديد إلى دائرة الظلم .
و على مر العصور كان و لا يزال من تسيطر عليه نوازع الشر لتقوده لنفس الدائرة موجهة بكثير من المبررات التي يعتبرها الظالم منطقية و قد برزت لنا عبر التاريخ نماذج عديدة تمثل نفس الدوافع و النتائج و لم يسلم من ذلك أحد فمن ينسى سيدنا يوسف u و ظلم إخوته له و غير ذلك من القصص التي لا تنسى و لقد جمع الله تعالى لنا في القرآن الكريم الكثير من هذه القصص و الجدير هنا بالتدقيق أن حال المظلوم لم يخرج عن أربع حالات
المظلوم المعرض عن الرد على الظالم كما كان الحال في قصة هابيل و قابيل عندما قال له (( لئن بسطت يدك إلىَّ لتقتلني ما أنا بباسطٍ يديَ إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين _ إني أُريد أن تبوأ بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار و ذلك جزاؤا الظالمين )) "28-29 المائدة"
q المظلوم الذي رزقه الله سلطاناً كما كان حال سيدنا يوسف u إذ صار عزيزاً عند فرعون ( أي وزير مالية) فمكنه الله من دفع ظلم امرأة العزيز التي نشأ في بيتها و النسوة اللاتي قطعن أيديهن و كذلك رفع مكانته على إخوته الذين كادوا له حسداً لمكانته عند أبيه
q المظلوم الذي لم يتجرأ عليه الظالم جسدياً أو بالأحرى قتلاً لأن القتل يعتبر اشد أنواع الظلم و العدوان لمكانة قومه كما حدث مع سيدنا شعيب عندما قال له قومه (( و إنا لنراك فينا ضعيفاً و لولا رهطك لرجمناك)) " 91 هود "و كذلك سيدنا محمد r فقد سخر الله له عمه ليحميه من بطش قريش .
q المظلوم الذي قواه الله بالمال و أيضاً أبرز مثال على ذلك هو رسولنا الكريم محمد r فقد كانت السيدة خديجة ذات مال سخرته لنصرته r
q المظلوم الذي سخر الله له من ينصره و يؤمن بقضيته و بما يسعى إليه كما فعل الأنصار رضي الله عنهم مع المصطفى r
و الحصيلة لما قدمنا هي أن الظلم قل أو كثر فهو من شر النفس الذي قواه الشيطان لدى الظالم , و لا بد للمظلوم من قوة تعينه أو يستعن بها لدفع الظلم عن نفسه ....
جاه
سلطان
مال
أنصار
لذلك أمرنا الله تعالى أن نعد لأعدائنا ما استطعنا من قوة على المستوى الشخصي و المجتمعي بل و على مستوى الأمة .
q فعلى الفرد أن يتقوى من مصادر القوي الثلاث ( قوة العقل بالعلم و قوة القلب بالإيمان و قوة الجسم بالحفاظ على الصحة و التقوية بالرياضة و تعلم المهارات اليدوية و العقلية و النفسية فالحكمة ضالة المؤمن أنا وجدها فهو أحق الناس بها)
q على مستوى المجتمع القوة تكون بالتكافل الاجتماعي و حب الخير للآخرين كما نحبه لأنفسنا و نصرة بعضنا البعض بالحـــق .
q على مستوى الأمة ينبغي نبذ الفرقة و الإتحاد بكل مقياس و على كل مستوى ( مادي- تقني – علمي - حربي) لنكمل بعضنا بعضاً فلا يقوانا أحد .....
ااااه يا أمة كفى فرقة
أصبتي الصدر بالحرقة
علت نيران فرقانا
و سال الدم أطنانا
و صرنا ننظر سقوط الضحايا عَدَانا
و لا يتحرك فينا إنسانا
و ننظر للثور الأبيض أول ضحايانا
و ننسى أنه يوم أُكل أُكل أقوانا
و قد نسينا شخصية مهمة ما بين الظالم و المظلوم لم تكن إلا شيطان اخرس ألا وهو المتفرج الساكت عن الحق و عن نصرة المظلوم سواء كان لضعفه أو لخوفه أو لأي سبب كان أكثرهم على كل الأصعدة
و ما و ذلكلأننا نهينا عن أن نكون متفرجين بدون أي فعل لا بل و قد جاء الأمر من الرسول الكريم بقوله ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوما ً)
ألا تعتقدون أن عليهم وزراً اكتسبوه من جراء سكوتهم و تفرجهم على ما يفعل الظالم بل ربما لا يضمدوا جرحاً لمظلوم
مواقع النشر (المفضلة)