غريب هو والله عالمنا العربي منذ نشأته ..
ولا أضيف جديدا ان قلت أن طبيعة الانسان العربي وقفت كمسألة مستعصية بحق أمام العديد من كتاب ومؤرخى الغرب ..
ولأن الجيل الحالى .. عربي ولو حتى بالنسب ..
فلابد له من التفرد بالغرابة بين سائر شعوب العالم ..
فان تفرد أجدادنا قديما وأثاروا ذهول حروف التاريخ ذاته باتحادهم وتماسكهم وتكوينهم لدولة شاسعة متكاملة الأطراف فى أربعة عشر عاما فقط ..
دوله دان لها المشرق والمغرب .. بحضارة ما زال الغرب ينهل من أفكارها وآثارها ..
وكذلك نحن أيضا ,,
أثرنا شعوب العالم أجمع وأغرقناهم ضحكا وسخرية وتعجب من انقلابنا على أنفسنا وتنازعنا فى كل شيئ وأى شيئ ..
فأصبح خلفاء العمالقة أقزاما يتوارون عن النظر فى متاهات التاريخ وبقاياه ..
أصبحنا نحن أحفاد من أسسوا أروع الديمقراطيات وأشجع أساليب الحوار وحساب المحكومين للحكام
أصبحنا أشلاء وضحايا لقنابل الصمت التى ألقيت علينا فأطارت العقول من الرؤوس ..
وخلفتها شوهاء فارغة الا من تقديس الحاكم والهتاف له ..
أصبح أحفاد من أسسوا معنى أمانه الكلمة بأعظم رساله ..
هم أنفسهم من يلوكون الآيات والأحاديث لتطابق هوى من لهم الأمر غصبا لا اختيارا وبيعة ..
وامتلأت صدورنا وحناجرنا بثقافة الخوف ان جاز التعبير ..
نعم نحن أحفاد من قصروا ألفاظ التعظيم والتفخيم والتقديس للاله الواحد الأحد ..
فجئنا نحن لنقصرها أيضا ..
ولكن على الحاكم وأبناء الحاكم وزوجة الحاكم ..
ولكم أن تسألوا .. سؤالا واحدا .. ثم تأتوا بأحد القدماء ليجيبه .. ومعه واحد منا ليجيب ذات السؤال وتأملوا الاجابتين لتعرفوا الفارق الصاعق ..
اسألوهما ..
من صاحب الجلاله .. وصاحب الرفعة وصاحب الفخامة وصاحب المعالى ؟!!!
نعم نحن أحفاد من جعلوا الخوف مقصورا على يوم الحساب ..
فجئنا نحن لنجعل الخوف والرعب والذعر قبلة .. وأسلوبا ولكن لكلاب الحاكم ..
ومن أوجه الغرابة المحرقة ..
أن الانهيار الكامل الذى نعيشه .. لم يصل لهذه الدرجة من القتامة .. الا فى الخمسين عاما الماضية
فقبلها كانت الصورة مقبولة نوعا ما ..
ومن غرائب مفارقات القدر ..
أن الخمسين عاما الذى ازداد فيها الخضوع .. واستيقظ فيها الخنوع ..
اقترنت بحركات التحرر التى سادت العالم العربي للخلاص من الاحتلال الغربي للأراضي العربية |!!
وهنا سيبرز السؤال الذى أعجزتنا اجابته ..
هل تحررت البلاد العربية فعلا وحقا ؟!!!!!
ثم السؤال الأكثر أهميه ..
ماذا جنت البلاد العربية من مكاسب الثورات التى قامت .. وهل تعادل خسارتها يا ترى ؟!
فما رأيكم لو أجبنا السؤالين بشيئ من الحيدة والمنطق والانصاف ..
وجيلنا بالذات ..
شباب المثقفين اليوم بالطبع .. وليس هؤلاء الغارقين فى متاهات التغريب ..
هذا الجيل المثقف ..
هو الجيل الأكثر صلاحية لاجابة هذا السؤال .. بالحيدة المطلوبه ..
ودافعى فى اعتقادى هذا أننا جيل خرج غير مؤيد أو معارض لأى من التيارات السياسية التى تطاحنت فيما بينها فى القرن الماضي ..
فاذا أخذنا مصر مثالا على ذلك .. .
فجيلها الحديث هو الجيل الذى تفتحت عيناه على التاريخ مكتوبا وموثقا ..
أى أنه جيل لم يعش لا التجربة الملكيه ولا الناصرية ولا الساداتيه ..
وهى المذاهب التى تضارب بعضها البعض وكل يظن نفسه على الحق ..
هذا الجيل هو الذى بحث فى التاريخ المكتوب والموثق والمصور لهاثا خلف الحقيقة والحقيقة وحدها
وهو ذات الجيل الذى اصطدم بكم الزيف والتزوير فى قراءة التاريخ ..
فلكل جانب من الجوانب والأطراف السابق ذكرها كتب التاريخ عبر مؤيديه ومؤرخيه كما يحلو له فى محاولة لجذب ذلك الجيل الضائع الى زمرته ..
وكل من كتب التاريخ بهذه الطريقة ..
يظهر وكأن الاتجاه الذى يمثله هو الحق وما عداه هو الباطل ..
وبعد الجهد والبحث المضنى والشاق فى قراءة كل المكتوب ومتابعة كل المسجل ..
ثم النزول الى أرض الواقع الحالى والتأمل مليا فى الوضع الراهن ..
وبعد برهة من الوقت ..
واسترجاع كل ما خزنته الذاكرة ..
خرجت طليعة هذا الجيل المثقف بنتيجة مؤداها ..
أن كل من كتبوا ووثقوا التاريخ تبعا لأهوائهم على الحق .. وعلى الباطل أيضا ..
هم على الباطل فى كل ما ذكروه من مزايا لا توجد .. ومساوئ لا تنكر ..
وهم على الحق عندما اتهموا بعضهم البعض بالزيف والاختلاق ..
وصار حالهم كحال اليهود والنصاري فى المثال القرآنى الشهير ..
ولذلك فان هذا الجيل من المثقفين الشباب هم الأقدر والأجدر على اجابة السؤالين السابقين بكل ما يحيط بهما من أشواك المنع .. ووعورة التخويف ..
لأنهم جيل يحكم بلا هوى أو غرض ..
جيل قرأ عن الماضي ولم يعشه ..
هو الأجدر بالحكم على من أضاعوا مستقبله ..
ليصبح جيلا بلا ماض .. ولا مستقبل ..
فقط .. واقع مر ..
وللحديث بقية .. ان شاء الله ..
مع محاولة البحث عن اجابة شافية للسؤالين ..
مواقع النشر (المفضلة)