السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المزاج الصعب

أعجبتني لافتة مكتوبة على ناصية أحد الشوارع وجاء فيها: قُد سيارتك وكأن أسرتك في السيارة الأخرى، هذا هو ما جاء في اللافتة، ولكن مع الأسف فبعض الناس يقودون سياراتهم وكأن أعداءهم هم الذين في السيارة الأخرى، ولم أسلم أنا من هذه (النقيصة)، وذلك عندما تجاوزت قبل سنوات السرعة المصرح بها، حينما كان (طيشي) أكثر من طيشي الآن، وأخذت مخالفة مستحقة، وذهبت إلى مركز المرور لأسددها، وقفت خلف أحدهم في الطابور، وعندما جاء دوره وسدد مبلغ الغرامة سلمه الكاتب إيصال السداد.

فسأل الكاتب وهو يزمجر: ماذا أفعل بهذا؟!

فقال له الكاتب بمرح: احتفظ به يا حبيبي ولا تفرط فيه، وعندما تجمع مثله عشر مرّات، تعال عندنا، وسنمنحك جائزة، هي عبارة عن (بسكليت) بثلاث عجلات.

* * *

صحيح (خيراً تفعل، شراً تلقى)، وهذا هو بالضبط ما لقيته، وأعدكم أنني لن افعل مرّة ثانية ذلك الخير ما حييت.

إذ بينما كنت أتسوق بأمان الله في أحد المتاجر الكبيرة، وكنت على وشك النزول من الدرج، وإذا بطفل لا يتعدى عمره الرابعة يعبر أمامي كالعاصفة وهو يلتفت للخلف غير منتبه للدرج الطويل، فما كان مني إلاّ أن أمسك به من ذراعه وأتداركه في آخر لحظة قبل أن يسقط ويهوي، وأخذ المسكين يرتجف من شدّة الخوف لأنه أدرك بعقله الصغير أنه نجا من كارثة محققة.

وما هي إلاّ دقيقة وإذا بوالدته تأتي راكضة، وبدلاً من أن تشكرني أخذت توبخني قائلة: صحيح ما عندك أدب، كيف تمسك الولد بهذه السرعة وكدت أن تخلع كتفه، وجع في وجهك، تفاجأت من صوتها العالي المزعج، الذي جعل الناس يتجمعون حولي، ويتعاطفون مع كلام هذه الأم الظالمة من دون أن يستوعبوا الموضوع، بل إن بعضهم تلفظ بكلمات مبهمة لم أستوعبها، ولكنها بكل تأكيد ليست في صالحي، وكنت طوال الوقت صامتاً من هول الصدمة، وكل ما فعلته أنني أخذت انظر لتلك الأم متعجباً، فما كان منها إلاّ أن (ردحت) لي قائلة: لماذا تنظر لي هكذا، تعال (كلني).

لا حول ولا قوة إلاّ بالله، ماذا أفعل بتلك (الوليّة)، التي بدأت كلامها متهمة إياي (بقلة الأدب)، وأنهته وهي تدعوني لكي (آكلها)؟!

هل أفعلها؟!، هل أصبح من آكلي لحوم البشر؟!

طبعا لن أكون كذلك، وإذا كان ولا بد، فليس كل لحم بشري مستساغ ويؤكل، لأنني صاحب (مزاج صعب).
_____ _____

منقـــــــــــــول