+ الرد على الموضوع
صفحة 11 من 21 الأولىالأولى ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 55 من 105
  1. #51
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والخمسون



    أخرج البخاري ومسلم عن عبادة إبن الصامت أنه قال " بايعنا رسول الله عليه السلام على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وألا ننازع الامر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخشى في الله لومة لائم ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ



    موضوعه : بين كل مسلم وبين رسوله عليه السلام عهد من أربعة أركان لابد فيها من الوفاء :

    عبادة يتحدث عنا عن بيعة الانصار قبيل الهجرة بينهم وبينه عليه السلام . وقبل الخوض في البيعة وأركانها لابد لنا من إلقاء نظرة عجلى على موقع الامة والجماعة وسائر متطلباتها في الاسلام وأول أمر لابد أن يعلم في البداية هو أن الاسلام بخلاف الاديان السماوية الاخرى جاء لاقامة أمة قوية مهابة وليس مجرد أفراد أو جماعات لا يتعدى تدينهم الاحوال الشخصية وذلك نابع من كون الاسلام خاتم الرسالات ورسوله خاتم الرسل وكتابه مهيمنا على ما سبقه من كتب ومن كونه رسالة للعالمين في كل زمان وفي كل مكان حتى يرث الارض ومن عليها ولذلك جاءت تشريعات الاسلام عامة مطلقة شاملة أي للناس كافة وغير قابلة للمراجعة في أصولها ومبادئها ومعاقدها وفي سائر ما لا يخضع منها للتغير وهو إطلاق يشمل الزمان والمكان وحال الانسان في كل حال وشاملة لسائر مجالات الحياة فكانت من أجل ذلك تلك التشريعات جامعة بين الثبات والتغير من جهة وبين الصلاحية العامة والمرونة من جهة أخرى وكل من يطلع على الناطق بإسم الاسلام أي الكتاب والسنة يكتشف أنه يدعو بقوة إلى التمكين وإعداد القوة ورص الجماعة ووحدة الامة والاخذ بأسباب العلم والشورى والحرية والعدل والعمران بل تجاوز ذلك إلى تنظيم العلاقة العسكرية والسياسية بين الامة وبين جيرانها في حالات الحرب والسلم وإنطلاقا من ذلك قال سائر أهل السنة والجماعة وكثير ممن سواهم بأن إقامة السلطة الاسلامية وفق قيم العدل والحرية والشورى والقوة واجب لا يتم إقامة الواجبات الدينية والدنيوية للناس إلا به بينما إعتبر ذلك من لدن فرق إسلامية أخرى فريضة كالصلاة والصيام والزكاة والحج وهو خلاف ليست له آثار عملية كبيرة ولو عبرنا عن ذلك بلغة معاصرة لقلنا بأن الاسلام كلف الامة بإقامة السلطة الاسلامية التي كانت تسمى قديما خلافة والتي عرفها الفقهاء ومنهم إبن خلدون بقولهم بأنها حمل الكافة على إقامة الدين وإصلاح الدنيا به وقال الغزالي الدين أس والسلطان حارس وغدا هذا ثابتا يقينيا من ثوابت الاسلام عرفوا وظيفة السلطان أو الخليفة ولك أن تسمه بما شئت بخدمة الامة خدمة أجير لصاحب ملك فالامة هي صاحبة القضية وهي الاصل وليس الحاكم سوى خادم مقابل أجر غير أنه يصطفى لذلك وفق قاعدة أولانا قوة وأمانة عبر بيعة شعبية عامة لذلك قال الفقهاء بأن الامامة عقد بالتراضي بين الامة وبين خادمها ولئن جاءت عهود طرحت كثيرا من معاني البيعة والحرية والشورى والرضى وعقد الاجارة والامة والجماعة والعدل فإن حفظ الحد الادنى من ذلك في الكتاب وفي السنة وفي الخلافة الراشدة وفي الثقافة السياسية الشعبية هو من حفظ الذكر الذي تكفل به هو سبحانه وذلك كفيل بإنبعاث صحوة تجدد الدين على رأس كل مائة سنة وهو ما لم يتخلف عن الامة يوما والحمد لله رب العالمين .



    السؤال الحيوي الكبير : هل بينك وبينه عليه السلام عهد ماض أم أنقرض بموته وموت خلفائه:

    لن نتوسع في الاجابة بحكم أن القرآن الكريم صريح بما فيه الكفاية في ذلك حتى أنه قال " ومن أطاع الرسول فقد أطاع الله " و" ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " والايات والاحاديث الصريحة الثابتة وإجماعا عمليا متيقنا من لدن المسلمين على مدى خمسة عشر قرنا كاملة لا تحصى ولم يقل واحد يوما أن الامر مرتبط بحياته عليه السلام وإلا لكانت حروب الردة في فاتحة عهد خليفته عليه السلام وهي إجماع صريح عملي من لدن خير خير القرون المبشرين بالجنة لاغية بل إنه عليه السلام أكد ذلك بقوله " من أطاع أميري فقد أطاعني " وكل أمير إستجمع شروط الامارة الاسلامية الصحيحة الصريحة في الكتاب والسنة هو أمير له عليه السلام يطاع في المعروف لا في المنكر تماما كطاعته هو عليه السلام ولو لم يكن الامر على ذلك النحو لانقرض أمر الاسلام مبكرا .



    الركن الاول من أركان البيعة الاسلامية بينك وبينه عليه السلام : الطاعة والاتباع :

    وطاعته عليه السلام تعني طاعة سنته وإتباعه تعني إتباعها والطاعة والاتباع له يعني طاعة القرآن والسنة وإتباعهما وتفصيل ذلك بين الكبير والصغير والمقدم والمؤخر والتشريعي والخاص والبشري مبسوط في غير هذا الموضع ولكن يهمنا هنا تثبيت الاصل وهو أصل يتطلب تثبيتا تقرأه أنت بنفسك من خلال قوله " في العسر واليسر وفي المنشط والمكره " والطاعة تعني التدين على نحو ما أمر ونهى عليه السلام أما الاتباع فيعني بسط ذلك التدين علىنحو ما بسط عليه السلام على سائر شعب الحياة مع مراعاة فارق الزمان والمكان والحال والعرف وسائر المتغيرات وتفصيل ذلك مبسوط في مظانه فالحاصل أن الركن الاول من أركان بيعتك له عليه السلام هو الطاعة والاتباع في الدين وفي الحياة طاعة لا تتخلف في العسر وإتباعا لا يتخلف في المكره ولو كان المكره هو الموت دونه عليه السلام أي دون خضد شوكة سنته في عصرك .



    الركن الثاني من أركان بيعتك له عليه السلام : الولاء له أي لسنته ولاء ود وحماية وإيثار:

    كلمة الولاء تعني دوما الجانب السياسي أي الولاء للحكم إعترافا بالشرعية وخضوعا لقانونه وذلك بحكم كونه لا ينسحب على المسلمين فحسب بل على سائر المواطنين داخل الدولة ولو كانوا غير مسلمين والولاء السياسي للحكم السائد يختلف عن الطاعة والاتباع فهذا لابد منه من المؤمن غير أنه لايكفي ضمانا لوحدة الصف الداخلي وإشاعة للحرية بين الناس وسدا لذريعة الفتنة الجالبة للعدو الخارجي وإدارة للخلاف الداخلي عبر أسس الحوار الاخوي السلمي ولابد من الولاء من المؤمنين وخير مثال على ذلك كما أسفلنا أعلاه حروب الردة ولما إشترط عليه السلام على الانصار الولاء السياسي رغم إيمانهم ونصرتهم فهو يعلم أن أمر الطاعة والاتباع وهو مضمون من جانب الانصار لا يكفي لترتيب الهجرة وبناء الدولة الجديدة بما يفيد أن الولاء للمشروعية السلطانية العليا أمر سرت عليه علاقات القبائل العربية ولاشك أن عنصر الولاء في تلك المشروعية لا يترجم سوى في الروابط والجامعات وأعلاها جامعة الامة ولا يتأتى لي ذلك ولك بسوى العمل الجماعي مني ومنك على بعث رابطة جامعة لما تيسر من المسلمين ثم تعمل تلك الجامعات في واقع التجزئة على تنفيذ حد أدنى من التنسيق سعيا وراء إعادة بعث الكيان العام للامة بإذن الله ومفهوم الولاء ضروري بعد الطاعة والاتباع ولا يغني أحدهما عن الاخر .



    الركن الثالث من أركان بيعتك له عليه السلام : حراسة الوحدة الداخلية للامة فريضة مقدسة:

    جاء هذا الركن الثالث معقوبا بإستثناء " إلا أن تروا كفرا بواحا لكم فيه من الله برهان " فالاصل هنا بخلاف الركنين الاوليين قد تخترمه الاستثناءات وهو إستثناء يؤكد إحدى قواعد البيعة الاسلامية الصحيحة وهي قاعدة أن السلطان أو الحاكم أجير في مضاربة الامة مقابل أجر غير أنه أجير قوي أمين بويع بالرضى لا بالقهر فالاستثناء يؤكد ذلك من خلال تنبيهه عليه السلام إلى أن الكفر البواح الصراح من لدن الاجير إنشاء أو إقرارا أمر ناقض للبيعة فالمنازعة على الامر وهو أمر الحكم بالطرق غير المشروعة إسلاميا مذهب للريح مبدد للوحدة مغر للعدو والاعتراف بمشروعية الحكم عبر الولاء السياسي فريضة على كل مؤمن طاعة وإتباعا للسنة ولكنه مشروط بإقامة الدين وإقامة الدين وظهور الكفر الصراح البواح لا يلتقيان ولا يتسع لنا هنا المجال لضرب الامثلة على ذلك غير أن التشديد قوي على إقامة الميزان المعتدل المقسط من لدن الامة بين فريضتين لابد لنا منهما : حراسة الوحدة بعدم التنازع على أمر الحكم بالطرق غير المشروعة إسلاميا من جهة وحراسة الدين بإعلان الحرب على مظاهر الكفر الصراح البواح وهنا محل تقديرات مختلفة كثيرة من لدن أهل النظر والرأي فالميزان هنا يخضع للكتاب ولميزان العقل على حد سواء لانه أمر لابد فيه من المصالح والمفاسد والاجتهادات وتغير الواقع وكل من يفرض على نفسه الحول فلا ينظر لسوى الكتاب أو الواقع فلن يظفر بالصواب .



    الركن الرابع من أركان بيعتك له عليه السلام : حراسة حرية الناس :

    قول الحق في الاسلام يعني في خطابنا المعاصر حرية الرأي وما يقتضيه من حرية التفكير وحرية الاعتقاد وحرية العبادة وحرية العمل وحرية المساهمة في رسم مصالح الناس وهي حرية شدد عليها بقوله " أينما كنا " تماما كما شددفي الركن الاول " في العسر واليسر" .



    حوصلة مركزة لنظام البيعة : أربعة أركان هي الطاعة في الدين والاتباع في الدنيا أولا والولاء السياسي للحكم إعترافا بالمشروعية ثانيا وحراسة الوحدة الداخلية بميزان يحفظ للولاء السياسي مشروعيته من جانب ويحفظ لحق الامة في التغيير من جانب آخر ثالثا وحراسة الحريات الخاصة والعامة للناس رابعا .

     
  2. #52
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والخمسون



    أخرج الشيخان عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم ) فلا يقربن مسجدنا ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــ



    من شواهده " يابني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا وأشربوا ولاتسرفوا ".


    موضوعه : من كرامة الانسان عند ربه أنه يمنع إيذاءه ولو بالرائحة تنبعث من ساجد إلى جانبه:

    عجيب أمر هذا الدين عجبا لا يلمسه سوى من درسه بتأن ووله بالعلم وإشتياق إلى المعرفة بأكثر مما تشتاق الابل المثقلة بالاحمال تطوي بها البيداوات طيا إلى قيلولة في فيء ممدود ولذلك تجد أن أصدق الناس ذاك اليهودي الذي قال للفاروق عمر عليه الرضوان لقد نزلت في كتابكم آية لو نزلت علينا لاتخذنا من يوم نزولها عيدا لنا فلما تساءل عنها الفاروق قال له " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " فقل لي بربك هل تجد دينا من السماء أو نظرية من الارض خالها الناس دينا يحيط بحياتك يزينها بسائر أوسمة الفضل تكريما وتحسينا أينما أنخت سوى دين الاسلام ؟ فليس من خير مطلقا مهما يكن مغمورا في حياة الناس إلا أشار إليه ولو قمت بتجربة عملية لاختبار صدق هذا الكلام فخذ إليك مثلا موضوع الزينة والجمال والنظافة وحسن السمت وسائر ما يتعلق بمظهرك الخارجي حسنا وريحا ولونا وكذا بمظهر بيتك وفنائه ودابتك فأبدأ بجمع ما فيه من القرآن الكريم والسنة النبوية وإن شئت زد عليه فعل الصحابة ومن بعدهم ممن فقه رسالة الاسلام فإن فعلت فإنك لاف أن كتابك سيما لو ترجم إلى اللغات المعاصرة الاكثر إنتشارا كتاب موضة الاسلام في أبهى حللها اللائقة بالانسان ولست أشك في أن كل من سيتناوله من الغربيين خاصة سيندهش لشدة ما حفل الاسلام نظرية وتطبيقا بما يكرم الانسان جسدا ومنزلا ومرفقا ويحسن هيئته ويزين منظره وإني لا أكتمك أن من بين المئات الكثيرة من الكتب التي قرأتها لم أعثر من بينها على ما أثار دهشتي وغير كثيرا في مجرى حياتي تفكيرا على الاقل وهو الاهم لفرط ما أصاب أصحابها بتوفيق منه سبحانه في تلبية نداء الفطرة سوى على مالا يتجاوز عدد أصابع يديك ومنها كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة .



    ألم يأن لنا أن نكرم الانسان ببعده المحرم عندنا : الذوق والعاطفة والوجدان ؟:

    يحق لنا أن نصف هذا البعد الاصيل من أبعاد الجهاز الانساني بأنه الحلقة المفقودة أو الفريضة الغائبة كما يحق لنا الاعتراف جميعا بأن تربيتنا في سائر البيئات الخاصة والعامة أهملت هذا البعد الانساني الاصيل أصالة القرآن والسنة اللذين زينا الانسان به إهمالا شديدا وصل أحيانا إلى حد الانكار عن حمق وطيش وكلنا يذكر أن ما تعلمناه ونحن نتربى هو أن الانسان مكون من ثلاثة أبعاد وهي الروح والعقل والارادة وفي أحيان قليلة يضاف إليها البدن غير أنه لا يرتقي إلى أن يكون بعدا ثابتا سوى أن الممارسة عبر الترويض النفسي بالصيام مثلا أو العملي بتمرين العضلات لم تكن دوما غائبة غير أن الغائب الاكبر فيها هو الجانب الثقافي منها ولم يكن يومها واحد منا يفقه كثيرا من القرآن والسنة حتى يسأل عن غياب البعد العاطفي والوجداني والذوقي ولم تكن المادة التربوية تتناول ذلك مطلقا إلا لماما لا يسمن ولا يغني من جوع ولاهو مؤصل في الثقافة كما هو الحال بالنسبة للابعاد الثلاثة الاخرى وخاصة الروحية والفكرية والحركية وهي متعلقة بالارادة ولايعني ذلك أن الواحد منا نشأ مشوه التكوين ولكنه الجمال الذي لا يفقده سوى من تثقف عليه فكرا وعملا وفاقد الشئ لا يعطيه كما تقول العرب أما إذاما وجد بيننا اليوم من مازال يهون من هذا البعد الاصيل فطرة في القرآن والسنة نظرا وعملا فكبر عليه أربعا لفرط ما إنتقص من كينونة الجهاز الانساني كما أراده باريه سبحانه ولم يكن يومها عدم تحلينا بالبعد العاطفي الذوقي الوجداني بما فيه الكفاية ليثير أحدا من غيرنا لسبب واحد وهو أن هذا البعد وقع التفريط فيه من أغلب المسلمين دون سائر الابعاد الاخرى منذ قرون بعيدة سيما أن العرب عموما لم يكونوا قبل الاسلام في أسمى درجات العناية بهذا البعد لظروف جغرافية وحياتية معروفة فما إن نقضت عروة الاسلام الاولى عروة الحكم حتى سرى التفريط إلى سائر الجوانب الاخرى بأقدار فالاسلام بنيان واحد لا ينصدع منه عضو حتى يتداعى له ما يليه .



    مطالب الجمال والزينة في الاسلام ليست ثانوية :

    لايتسع المجال لتتبع مواضع الزينة والجمال في القرآن والسنة ولكن أنصحك بفعل ذلك لتقف على الدهشة التي تغير حياتك بنفسك وليس من رأى كمن سمع كما تقول العرب ولكن لامناص من التذكير بشئ منها ومنها قوله لنبيه بعدما حرم عليه النساء سوى اللائي في عصمته " ولاأن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن .." ومنها زينة الاكوان التي كرر الاشارة إليها كثيرا ومنها كما في الشاهد أعلاه أن المصلي مأمور بالتزين عند كل مسجد والمسجد هو موضع السجود مطلقا ومنها قوله عليه السلام " إن الله جميل يحب الجمال " غير أن كثرة ورود ذلك في القرآن والسنة وشموله لسائر الحياة من السجود إلى فناء البيت إلى غير ذلك لايليق به سوى أن نقول عنه إنه البعد الخامس من أبعاد الفطرة البشرية بعد أبعاد الروح والعقل والارادة والجسم وهو بعد العاطفة والذوق. ولم يعد اليوم ذلك غريبا بعد ما أكده خبراء النفس البشرية ولكن المشكلة الكبرى فينا حيال ذلك هو غياب الثقافة الاسلامية التي تربي الانسان منذ نعومة أظافره على ذلك البعد ولو تتبعت سيرته عليه السلام وهو لا يخرج من بيته سوى مصحوبا بمشطه ومرآته وسواكه وعطره وحسن هيئته التي لا تتخلى حتى عن لحيته متوسطة الكثاثة ولاعن شعر رأسه الذي يغطي شحمة أذنيه لزادك ذلك إحساسا مرهفا بالبعد الذوقي للحياة .



    الاسلام صاحب نظرية خلال الفطرة السوية ونبيه مثال باهر على الانسان السوي الكامل :

    الاسلام دين الفطرة تلك هي أكبر الحقائق الكونية ولو لم يكن له من خير سوى أنه موافق للفطرة السوية لكفاه فخرا ولو كان إبن القيم بيننا اليوم لقال " كل ما خالف الفطرة فليس من الاسلام حتى لو أدخل فيه " وذلك بعد أن قال " الاسلام دين العدل والرحمة وكل ما خالف ذلك ليس منه .." ولو علمت اليوم نفسك درسا لا تلفاه سوىعندك لقلت لها عليك بتلبية كل نداء ينبع من فطرتك ولا حاجز يحجزك دون ذلك سوى أن تكون التلبية مشوبة بالاخسار أو الطغيان أما التلبية العادلة المتوازنة فلن تجد في الاسلام سوى ما يدعو إليها . والاسلام لفرط تكريمه للانسان في بعده البدني والنفسي والذوقي والعاطفي رسم له منهج خلال الفطرة وسمى بعضها من مثل تقليم الاظافر ونتف الابطين وقص الشارب وغسل البراجم وحلق العانة وتطهير الفم والاسنان والانف وغسل اليدين وتخليل الاصابع والشعر وترجيل الشعر وتطييبه وغسل الجمعة وسائر اللقاءات الجماعية والوضوء والختان وقائمة أخرىكثيرة لا تحصى .



    كيف يحرم الاسلام على الناس أنفع الخضر لهم كالثوم والبصل وهو يدعي تحليل الطيبات لهم؟:

    بداية لابد من تعدية حكم الثوم وفي رواية أخرى البصل على سائر ما تنبعث منه رائحة كريهة تؤذي الناس وليس ذكر الثوم والبصل سوى إيرادا للغالب كما يقال ولابد كذلك من تعدية حكم حرمة ذلك عند صلاة الجماعة إلى سائر مناسبات الاجتماع بين الناس ولو كانت إجتماعات أفراح أو أتراح أو رفقة سفر أو على متن حافلة أو على مقاعد الدرس أو زمالة شغل وبذلك نكون قد جنينا المراد الالهي من المنع وإلا كنا أحمرة تحمل أسفارا كما ينسحب كل ذلك على الجشاء ويكثر ذلك عندنا نحن المسلمين المصلين في صلاة التراويح في رمضان لفرط التخمة شماتة ناكية في الصوم والحاصل أن الله لفرط تكريمه للانسان مؤمنه وكافره إلا ظالما حماه من سائر الروائح الكريهة التي تؤذيه فتفسد عليه ذوقه وعبادته وسعيه في الدنيا ولقياه لاخوانه في الدين والانسانية حتى لو كانت منبعثة من ساجد إلى جانبه هو أقرب ما يكون إلى ربه فلو آذى عبده فهو أبعد ما يكون من ربه فهل من مبلغ فقها أفقه من حامله ؟ واليوم إكتشف الاطباء أن هذه الاشجار التي نهى عنها عليه السلام قبل الصلاة عامة لتأذي الملائكة وصلاة الجماعة خاصة لتأذي المصلين وسائر اللقاءات لتأذي الناس عامة هي ذات ثمار عظيمة الفائدة من مثل الثوم والبصل وللناس اليوم وقد تقدمت العلوم تناول ذلك حتى قبل الصلاة بدقائق ثم إستخدام مزيلات الروائح الكريهة في الفم ولمن لا يقدر على ذلك فلا يتخلف عن لقاء الناس في مساجدهم ومنتدياتهم وسائر مرابضهم بل عليه أن يفعل ذلك بعد أن يكون قد مضت عليه ساعات قليلة من أكله لتلك الثمار.



    فالخلاصة هي إذن أن الاسلام حفل كثيرا بذلك البعد الخامس من أبعاد جهازنا النفسي المفطورين عليه وهو البعد العاطفي الذوقي من جمال وزينة وطيب وذلك حرصا على تكامل شخصيتنا بسائر أبعادها في توازن عادل والمسلم شامة بين الناس حتى المسلمين منهم إنما يرغبهم فيه بعد منطقه العذب وصدقه المخلص وحجته القوية ريحه الطيب وهيئته الجميلة وفناؤه النظيف ويكفيك أن الرسل هم أجمل الناس خلقا فضلا عن خلق وليس منهم صاحب عاهة ربما يعسر عليه معها تزكية نفسه بالطيب وتطهير بدنه بالتنقية والعصر اليوم عصر الجمال والزينة وحسن العرض ولا يليق بالمسلم التاجر بين الناس بدعوة الاسلام سوى أن ينجذب إليه الناس لطيب ريحه وسمته وهيئته وسائر ما يتعلق به فإذا رضوا منه ذلك فإنهم بما بعده أرضى وليس التاجر القذر كالتاجر الطيب ومن يظن أن دعوة الاسلام اليوم لا تسوقها الاشهارات والدعايات فليزم بيته.

     
  3. #53
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والخمسون



    أخرج الشيخان وأهل السنن الاربعة عن إبن مسعود أنه قال " لعن عليه السلام الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله " كما أخرجوا كلهم عن إبن عمر " أنه عليه السلام لعن الواصلة والمتستوصلة والواشمة والمستوشمة " كما أخرج الشيخان وإبن ماجة عن أسماء أنها قالت " لعن عليه السلام الواصلة والمستوصلة "كما أخرج أبوداود مثله عن إبن عباس والشيخان عن عائشة وأخرج الستة مثله عن حميد بن عبدالرحمان بن عوف.

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ



    موضوعه : الانسان لا يملك نفسه ولا بدنه بل المالك هو الصانع الخلاق ـ الاعتداء على البدن والنفس دون إذن من الصانع هو إعتداء على الفطرة وعلى حق الصانع ـ التغيير في الخلق قائل بأن الصنعة ينقصها الجمال والكمال :

    هذا حديث متعلق بالمرأة ولا يحسن بأهل العلم سوى التريث في قبول نصوص الحديث المتعلقة بالمرأة فيكتفي بما صح سنده وليس ذلك سوى ما تخيره أهل الحديث سيما الشيخان وأصحاب السنن الاربعة والموطأ والمسند فإذا ما إتفق على ذلك الشيخان فضلا عن أصحاب السنن وهو ما يعبر عنهم جميعا بالجماعة غير أنه قليل أو إنفرد بذلك شيخهم جميعا البخاري فإن طالب العلم يطمئن قلبه ثم يطمئن عقله بحسن التأويل بما ينسجم مع محكمات القرآن وليس ذلك من قبيل النبذ فضلا عن التخير الشهواني والعياذ بالله ولكن من قبيل إطمئنان القلب وإكتساب العلم الصحيح والفقه السليم فوجود المرويات الواهية الضعيفة ورواجها على ألسنة الناس عالمهم وجاهلهم علىحد سواء معلوم لدى طالب العلم وبعد ذلك كله لابد لنا من مداواة الواقع الانحطاطي عندنا أهل الشرق ومعالجة سهام التغريب فينا وبث الدعوة في صفوف أجيال غربية كثيفة تربت عقدا بعد عقد على ثقافة مادية لاتكاد ترى لنا معها سوى علاقة الادمية البعيدة جدا وكل تلك المهمات ليست رحلة مشوقة محفوفة بالورود والبسط بل هي عزائم تحتاج إلى العلم الصحيح والفقه الاحسن والبصيرة بالدنيا من حولنا بصيرة تامة ودون ذلك ليس سوى تقحم أمواج عاتية بسفينة مهترئة قديمة فيهلك ويهلك من معه ويعرض للناس أسوأ بضاعة إسلامية ينتجها عصر فينفر عن الدين الحق ويجرئ الناس عليه ويزيد إنبهار الناس بكل تفث الثقافات ويتخلف الاسلام الذي أريد له أن يقود القافلة ويشهد على الناس والسبب تفريط في العلم الصحيح والفقه الاحسن .

    الحديث كما ترى معي لم يجتمع لغيره ما إجتمع له من أركان القوة سندا على الاقل أفلا يكفي أن يرويه الشيخان وأصحاب السنن الاربعة أي الجماعة فضلا عن الطبراني وغيره مما لم أورد هنا ثم ألا يكفيه أن يكون فيه إبن مسعود وإبن عمر وإبن عباس أي ثلاث من العبادلة أحدهم ترجمان القرآن وأسماء وعائشة وغيرهم ؟ ومما يشهد له من القرآن الايات الناعية على المغيرين لخلق الله سبحانه خاصة في سورة الانعام سورة التوحيد الكبرى وفي غيرها .



    وقفة مع بعض مفردات الحديث :

    الوشم هو غرز البدن بالابر وملء ذلك بالاثمد بغرض تثبيت صورة أو كتاب أو علامة أما النمص فهو نتف بعض شعر الحاجبين بغرض حسن الهيئة في نظر الفاعل وقال بعضهم هو نتف الشعر من الوجه ولكن الاول أولى أما الفلج أو التفلج فهو إحداث فاصل صغير بين الاسنان الامامية العليا لذات الغرض لمن ليس له ذلك خلقيا أما الوصل فهو ربط شعر الرأس كليا أو جزئيا بشعر آخر مجلوب سواءكان مصنوعا أو حقيقيا .



    ملاحظات أولية مهمة بين يدي الحديث :

    لاشك في صحة الحديث سندا وفق ما أسفلت سوى أن من خبر سنته عليه السلام لا يكاد يعثر على ألفاظ اللعن إلا يسيرا جدا فإذا ما إجتمعت لنا هنا الصحة مع اللعن فلا يليق بنا سوى رفع هذه الاعمال إلى مستوى يفوق الكبائر. كما أن شمول اللعن للفاعل والمفعول به سواء بسواء يرفع من خطر تلك الاعمال والشأن في ذلك كما تعلم هو شأن الخمر والربا أي أن اللعن فيهما وصل إلى حد عشرة . وبطبيعة الحال يستثنى من كل ذلك بمختلف ضروبه صاحب الضرورة وهي درجة فوق مجرد الحاجة ولاجلها تباح المحرمات لذاتها بينما تباح الاخرى للمحرمات لغيرها والضرورة المتعلقة بتلك الضروب من تغيير الخلق هي إما لازالة معلم شائه في الجسم سيما في الوجه معقد المحاسن وهو عادة ما يكون إستثناء نادر الوجود جدا والنادر لايقاس عليه غالبا وإما لضرورة طبية صحية .



    رسالة الحديث وعلاقتها ببعض أسبابه :

    من خلال مختلف الروايات يكتشف طالب العلم بيسر أن ضروب تغيير الخلق تلك كانت مألوفة في المجتمع الجاهلي وإنتقل بعضها إلى بعض نساء المجتمع الاسلامي وذلك مفهوم جدا لمن له معرفة بفقه الحياة وفقه التغيير حتى أن بعض العلماء ومنهم العلامة المرحوم إبن عاشور قال بأن ذلك نزل بقصد تطهير التوحيد الصافي من معافسة عادات المشركين كما هو الحال في بعض التشريعات الاخرى كزيارة القبور بين المنع والاباحة وغير ذلك ولاشك في أن ضروب التجميل المزيف تلك مألوفة عند المشركين ولكن قصر تحريمها سدا لذريعة الشرك فحسب لا أرى له وجها وجيها وهذا ينقلنا إلى الحديث عن رسالة الحديث وهي أن التميز من لدن المؤمنين حتى في وجوههم وجمالهم وزينتهم وسائر حياتهم فريضة من شأنها إكتساب التوحيد الصافي ومخالفة كل ضروب الشرك الظاهر والخفي وذلك من باب قوله " لكل أمة جعلنا منسكا " أولا ثم إن الرضى بصنعة الخلاق العظيم سبحانه وهي صنعة على أتم صور السواء وحسن التقويم مادة ومعنى من شأنه كذلك توطيد أركان ذلك التوحيد الصافي ثانيا ثم إن طموح الانسان عامة والمرأة خاصة بحكم غلبة غريزتها الفطرية في ذلك على الرجل حكمة منه سبحانه إلى الجمال والزينة في أعين الناس إثباتا للذات وتفاضلا ما يجب أن يتعدى الحدود الفطرية المعقولة ثالثا فمن ذلك مثلا أن وصل الشعر لغير حاجة ملجئة أو ضرورة صحية سوى إشباعا للنزوات تباهيا وإستكبارا تزييف خادع للناظر وكذب على الرائي سيما لو كان خاطبا أو ناويا للخطبة ومن عادة الشعر الخلقي الطبيعي إسباغ ما يكفي من الجمال على المرأة وأن النمص من الحاجب لا من الوجه لان ذلك ضرورة لابد منها للمرأة هو في الحقيقة نبذ للصنعة الاصلية الطبيعية ورفض لهيئتها سوى كون شعيرات ندت ونشزت عن السياق العام الجميل فذلك من باب التزيين المطلوب وهو بعد ذلك إعتداء على الفطرة الجمالية عند الانسان وحمل له على الاعتقاد بحكم الالف والعادة بأن الحاجب المنمص أجمل وهو غير صحيح وأن الفلج أو التفلج لمن لم تحظ بذلك خلقة هو كذلك تزوير وكذب على الناظر وترسيخ لمظهر خادع من مظاهر الجمال الذي هو عند المتفلجة خلقة وغيرالمتفلجة خلقة واحد وهو بعد ذلك مرتبط بالشفتين وهيئة البسمة والضحكة وسائرمكونات المشهد من الوجه معقد المحاسن أما الوشم فهو أشد الضروب إرتباطا بالشرك الجاهلي القديم والحديث سواء بسواء وهو أمر لم تسلم منه حتى العجماوات لاقديما ولا حديثا سواء شركا أو وسما توقيا للضياع وسواء كان الوشم إعتقادا أو تجملا فلا يشك أحد في كونه تشويه للوجه خاصة وللجسم عامة سيما أنه لا يزاح مع الايام إضافة إلى أنه تعذيب للانسان ومعلوم أن الجاهلية المعاصرة إستصحبت من ذلك مصيبتي الوشم والنمص والوصل على نطاق واسع عند المسلمات وعند غيرهم سواء بسواء ولايعلم سوى الله وحده الاثار الصحية للوشم والوصل وخاصة النمص وسيقول الطب يوما كلمته في ذلك وعندها يقلع الناس عنه مصلحة لا دينا .



    فالخلاصة هي إذن أن الحديث جمع كل أسباب الصحة وبذلك يغدو اللعن ثابتا ضد النساء المسلمات اللائي يفعلن الوصل والوشم والنمص في أجسادهن أو في أجساد غيرهن سواء إعتقادا شركيا وهو الانكى والاخطر أو تجملا وتزينا بشئ مصنوع أو طبيعي والسر في ذلك هو أن ذلك يكرس عقلية مضادة لخلوص التوحيد والرضى بقضاء الله أو إستنقاصا من كمال الصانع وجمال الصنعة وإعتداء على حقه في النسخ والطبع والاخراج وهي حقوق معترف بها للمخلوقين فما بالك بالصانع الخلاق أو تنمية لغرور بارز ودعارة متبرجة تغرس الاستعلاء على الناس وتعلي من شأن المظاهر المادية على حساب الحقائق الروحية أو إمعانا في الاغواء والاغراء وتدليسا خاصة في حق الخاطب ومن يحدث نفسه بذلك وبكلمة فإن النمص والوصل والوشم إفتئات على حق الصانع وتدليس في حق الناظر وتشويش ضد النفس معل للمادة ومطمر للروح .



    أما خلاصة الخلاصة فإنه ينبغي على المرأة المسلمة تحرير نفسها بنفسها من الاستلاب الحضاري الغابر والحاضر نشدانا للتميز الذي يحقق لها الوسطية بين الناس ومن ثم تقوم بدوها في الشهود عليهم باليقين والعلم والفقه وحسن السلوك وحسن المعاملة والقوة في سائر مظاهرها.أما الامة ( مؤنث العبد ) أو الجارية فلا يطلب منها تحرير غيرها قبل تحرير نفسها

     
  4. #54
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السادسة والخمسون

    أخرج الشيخان عن أبي هريرة عليه الرضوان أنه عليه السلام قال " قال الله تعالى : يسب بنوآدم الدهر وأنا الدهر أقلب ليله ونهاره " وفي رواية " وأنا الدهر بيدي الليل والنهار وإذا شئت قبضتهما" وفي رواية لمسلم " يؤذيني إبن آدم يقول يا خيبة الدهر ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ

    من شواهده " وتلك الايام نداولها بين الناس " و " يقلب الله الليل والنهار..." وغيره

    موضوعه : تعليق فشلنا على مشاجب الدهر لا يليق بحرية إرادتنا وحملنا للامانة :

    أشكل قول الحديث القدسي هذا " وأنا الدهر " على بعض العلماء وذلك بإعتماد الفهم الحرفي المقتضي لكون الدهر إسم من أسمائه سبحانه وهو ما لم يرد مطلقا بل يتعارض مع القرآن الكريم حاكيا عن الملاحدة قولهم " وما يهلكنا إلا الدهر " فأول بعضهم ذلك بنصب كلمة الدهر فيصبح المعنى أنا الدهر أقلبه وأقبضه . ومعلوم أنه سبحانه أقسم بالعصر وهو الدهر في رواية في سورة العصر أما قسمه بمكونات مشهد الدهر من شمس وقمر ونجم وليل ونهار وضحى وفجر فهو كثير وإيراده لها ولغيرها مما يغرس التوحيد الصافي في النفوس فهو أكثر والدهر لغة هو العصر في سائر أزمنته الماضية والحاضرة والمقبلة فالدهر هو الزمان مطلقا ولاشك أن المعنى الاقرب إلى الصواب هنا هو قولنا أنه سبحانه لايرضى للناس سب الزمان والمكان وسائر ما هم ليسوا بمخيرين في فعله لان من شأن ذلك تعويدهم على تبرير فشلهم وإنغماسهم في حياة السلبية وعدم تحمل المسؤولية والركون إلى تعليق الاخفاقات التي ليسوا سوى هم سببها الاول على مالا ناقة له ولاجمل فيها كالزمان والمكان والحال والعرف وسائر المتغيرات وكافة الجامدات وغير المكلفات بصفة عامة وهو ما يتناغم مع تكريم الله للانسان وتأهيله بالعقل وبالحس لحسن الخلافة عنه ولو إنغرس هذا الشعور من سب الدهر ولعن المكان والتطير والتشاؤم في قوم إلى حد بعيد لانتقلوا إلى ما إنتقل إليه إخوانهم من المشركين الاوائل الذين نزل عليهم القرآن يصحح عقائدهم ونظرتهم إلى أنفسهم وإلى الحياة والوجود ومعلوم أن بعض المشركين يعبدون الشمس وهي من أبرز مشاهد الزمان والدهر والعصر وبعضهم يعبد القمر وبعضهم يعبد الليل وبعضهم يعبد النهار وبعضهم يخاف الجن فيعبده في القفار ولم يسلم واحد منهم من عقيدة شركية تخضد العقل وتحط من قدر الانسان فراحوا يعبدون مختلف مظاهر الطبيعة من زمان ومكان ومعالم حتى قال شاعر مصححا الامر " نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ".

    فالحاصل أن الله هو الدهر بمعنى أنه هو الاول والاخر والظاهر والباطن كما ورد في فاتحة سورة الحديد وكذلك الدهر بالنسبة للانسان قصير النظرة هو أول وآخر فالانسان ولد والدهر كائن ويرحل عن الدنيا وهو دوما كائن لا ينقضي والله هو الدهر بمعنى أنه يقضي فيه ما يشاء ويقلب ليله ونهاره ويخلق ما يشاء في كل حقبة منه من الانسان ومن سائر ما شاء سبحانه فالدهر هو وعاء عبادتنا ومناخة إبتلائنا ومسرح خلافتنا فلا يسبه سوى متهرب من مسؤوليته ومتفص من أمانته وعاجز متواكل عن عمله وخائر الارادة فاقد للامل بظنه أن الدهر يمكنه أن يغير من حاله دون عمل منه وهو قريب مما يفعله السحرة والمشعوذون والكهان وقارئو الفنجان والكف والمتعلقون بطوالع النجوم فهؤلاء يعبدون الدهر ومعالمه ورسومه ومشاهده ويعلقون فلاحهم وطلاحهم عليها والاسلام لم يأت سوى لمحاربة هذا الوهن العقلي والكسل النفسي .

    نحن اليوم أيضا نسب الدهر فهل وعينا وإنتهينا ؟:

    السب والشتم واللعن وسائر ما في حكم ذلك هي بنات لام واحدة هي الانتصار للنفس بغير حق والحط من قيمة المسبوب وفيه ما فيه من التطير والتشاؤم وكل كلمة تؤذي غيرك عاقلا كان أم جمادا هو سب سواء كان المسبوب يحمل ذلك أو لا يحمله ومن أروع ما ورد في ذلك من الحكمة النبوية العظيمة نهيه عليه السلام المؤمن من لعن الشيطان الرجيم معللا ذلك بأن اللعن بالنسبة للشيطان يقويه ويجعله ينتفش ويفتخر دالا عليه السلام إلى إستبدال ذلك اللعن بالبسملة وهوأمر خاص بالشيطان فلا يوجد مخلوق في هذه الدنيا يزيده اللعن زهوا سواه والحكمة في ذلك هي أن اللاعن ولو لشيطان رجيم عادة ما يكون سلبيا خائر الارادة يعتقد ولو خاطرة دقيقة رقيقة لا ترصدها أشد المجاهر النفسية قوة في الرصد أن للشيطان قوة وحولا وذلك الاعتقاد هو الذي يجعل الشيطان يزهو ويفتخر أما العدول عن ذلك وإستبداله بذكر إسم الله سبحانه فإنه يعكس إرادة قوية ونفسا سوية لا تأبه بالمعوقات والحبائل بل تمضي دوما قدما رغم كثرة الحواجز . فالسب إذن بالخلاصة هي خصلة العجزة حتى لو كان ذلك ضد الشيطان الرجيم والسب مكروه عنده سبحانه بشكل لا يصدق حتى أنه نهى عن جرالانسان السب لوالديه فلما إستعجب الصحابة ذلك قال بأن سب الوالدين هو سب الناس الذين يسبون والديك والامر ذاته ورد في القرآن في شأنه سبحانه " فيسبوا الله عدوا بغير علم " فليس السب ممقوت فحسب بل سائر الذرائع المفضية إليه مهما كانت بعيدة أو خفية وليس ذلك سوى أن السب خلق العاجزين وهو مورث للتواكل والكسل ونبذ العمل ولسائرما يهين الانسان الساب .

    أمثلة حية من سبنا للدهر :
    قولنا " زمان نكد " وسائر ما يدخل تحت ذلك وليس معنى ذلك أن كل قائل لذلك يعي حقيقة ما يقول منتبها غير غفلان ولكن أغلب المسلمين اليوم الذين يستعملون مثل تلك العبارات إنما تجري على ألسنتنا جميعا بحكم الالف والعادة وإضافتنا النكد للزمان هو سب له لا يشفع لنا أننا نقصد أن زمانا تنفذ فيه الظالمون وبرز فيه المنافقون وغمط فيه أجر المخلصين والمؤمنين هو زمان نكداء أهله من أهل الظلم وليس هو نكد .

    قولنا " من سخرية الاقدار " وهذا يسري على ألسنة الاعلاميين سريان الماء والهواء وللامانة فلم أر ناكية أنكى على اللغة العربية مباني ومعاني من الاعلاميين ولا يزيد تلك الناكية نكاء سوى أن الناس اليوم يتأثرون بالاعلاميين في كل شئ تقريبا حتى في أسلوب الخطاب وطريقة اللكن والرطن وكلمة سخرية الاقدار سب للاقدار والاقدار هي من الله سبحانه سواء كان للانسان فيها ناقة أو جمل أو لا ناقة له فيها ولا جمل كما وقع في تسونامي أخيرا سوى ناقة بعيدة خفية لا نتعرض لها الان فكلمة سخرية الاقدار هو سب لله سبحانه وهو أعظم من سب الدهر فالاقدار لا تسخر ولا تقع صدفة ولكن كل شئ عند ربك سبحانه بقدر مقدر .

    قولنا " تهود الزمن أو تصهين أو تنصر أو تعس الدهر ..." وغير ذلك كثير وفي ظني أنه يلتحق بسب الدهر وعادة ما تسرح أقلام الادباء بعيدا وتند بهم ريشاتهم الساحرة طويلا فينسبون مثل ذلك وغيره للزمان والدهر والليل والنهار ولا ينكر الناس عنهم ذلك بفعل سحره البياني وبديعه البلاغي ولكن الفن في الاسلام محكوم بالاسلام وليس حاكما عليه وليس ذلك من باب الحجر على الابداع الفني في كل ضروبه ولكن ذلك من باب تهذيبه لان رسالة الفن الاولى هي تهذيب الاذواق وتنمية العواطف وترشيد الحس بالجمال والزينة ولابأس ربما باليسير من تلك العبارات لماما أما أن يدندن حولها الاعلامي والاديب والشاعر بإسم الابداع وحرية التعبير حتى ينغرس في عقله وفي عقل من هو به متيم إلى حد تحول الشخصية من التوكل إلى التواكل ومن القوة إلى العجز ومن أخذ الامانة والمسؤولية بقوة إلى التفصي والتهرب فذلك هو عين ما جاء الاسلام لحربه والكلمة بمختلف فنونها بالامس واليوم وغدا هي التي تصنع الناس وليس غير الكلمة يصنع الناس في كل زمان وفي كل مكان لذلك لابد من تسديد الكلمة وترشيد العبارة .

    قولنا " فسد الزمان " وما في حكم ذلك وهو شبيه برواية مسلم " يا خيبة الدهر " وهو كذلك في ظني من باب عدم ضبط التعبير وفق المنهج القرآني بدقة وذلك رغم أن كلمة فساد الزمان سارية على ألسنة كثير من خيرة العلماء والفقهاء والصلحاء والدعاة ولكن الحق أحب إلى كل مؤمن من كل صاحب حق فالزمان لا يفسد ولكن يفسد أهله وهو لا يتصهين ولا يتهود ولايتنصر ولكن يفعل ذلك كله وأكثر منه أهله .

    ملاحظة ختامية مهمة :

    ليس فيما سلف كدر عيش على أحد علا كعبه في العلم والحكمة أو في الادب والفن أو فيهما معا سوى أن من تمام كمال المنهج الاسلامي قرآنا وسنة أنه علمنا حتى كيف نتكلم ونخاطب ونشيد الفنون والاداب ولكن بالجمع في ذلك بين الكلمة الصادقة البليغة الهادية الحكيمة المبينة في مبناها ومنزلتها ووزنها حسب سائر الظروف المحيطة بها وبين غرس معاني الاسلام وخاصة التوحيد الصافي في قلوب كل الناس فالقرآن مثلا وهو يحدثنا عن الحياة الجنسية وكثير من جوانب الحياة الخاصة جدا بالانسان بلغ حد الكمال في التعبير عن المقصود الذي لم يخطئ فهمه أحد بكلمة مجازية تربي الناس على الطهر مقرونا بالفقه في آن واحد وقس على ذلك سائر ما تناوله المنهج البياني الاسلامي جمعا بين خير مبنى وخير معنى ولنا في ذلك ولاريب درس بليغ في إختيارعباراتنا في كل حال ونحن جديرون بالحكمة وفصل الخطاب

     
  5. #55
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السابعة والخمسون



    أخرج إبن ماجة وإبن حبان عن إبن عباس والترمذي عن إبي أمامة أنه عليه السلام قال " ثلاثة لاترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا : رجل أم قوما وهم له كارهون وأخوان متصارمان وإمرأة باتت وزوجها عنها ساخط ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ



    موضوعه : حسن العلاقة مع الله لا سبيل إليها سوى بحسن العلاقة مع عبادالله :

    هذا كغيره من بعض الاحاديث الاخرى تهديد مزعج وتأنيب شديد وتوبيخ كبير لا يملك قلب فيه بقية من حياة عند المرور به سوى الانحناء حياء والامتلاء خوفا كيف لا وهو يرسم طريق القبول عند الله سبحانه بمنهج آخر غير ذلك الذي درج عليه العلماء والفقهاء الذين حبروا طويلا في نواقض الصلاة فلم يتجاوز مبلغ علمهم ظاهرا من الامر لا يغني ولا يسمن من جوع يوم يخرب الباطن وتتعفن الرئى لا بل كيف لا ولا يكاد يسلم واحد منا اليوم من الاصطدام بواحدة على الاقل من تلك العثرات التي نصبها محمد عليه السلام بوحي من ربه سبحانه في طريق السالك إلى الله سبحانه فالتصارم بيننا أصبح خبزا يوميا يندر جدا أن تجد مسلما اليوم في نجاء من ذلك الداء الوبيل وأندر منه من يتهم نفسه في ذلك بحضرة المصارم أو المصروم أما عن حال الاسر والبيوتات فلا تسأل . أظن أن من لم يزلزله حديث من هذا فليس له سوى أن يعود طبيبا نطاسيا مختصا في شفاء النفوس وإبراء القلوب وهو طبيب واحد وعيادة واحدة تسندها صيدلية واحدة ويعمرها صيدلاني واحد فأما الطبيب فهو القرآن الكريم وأما العيادة فهي التلاوة فجربها يرحمك الله ولكن ليس على أساس أنه ورد يومي تتخلص منه ثم تتباهى عند نفسك بل لا تبرح آية واحدة طال ما طال الزمان بك كلما وجدت وقعها في نفسك مسيلا للدمع واعظا للقلب مداويا للنفس نادما على ذنب ولو كان ذنب الغفلة والتفريط في الانس بقربه سبحانه فالعبرة بعيادة طبيبك هي بتأثير الدواء فيك وتحسن حالتك الصحية وأما العيادة فهي السنة والصيدلاني لهو محمد عليه السلام فعش معه في سنته وسيرته طويلا متوقفا متأنيا متريثا جامعا بين حسن الفهم وحسن التأثر دون إستعجال الناقرين وفرار المذعورين وجرب هذا أيضا . إذا ما إطلعت على هذا الحديث اليوم فلا يحسن بي وبك سوى تفقد الحال ومحاسبة النفس بشرح وصرامة وعبسة لعل السبيل إلى ربك عبر معراج الصلاة التي تتباهى مع نفسك بإقامتها موصدا مذ صارمت فلانا أو صرمك فلان أو مذ أممت الناس بكل أشكال الامامة المعروفة عند الناس وهم لك أو لامامتك كارهون أعني في أغلبهم أو مذ ولول السخط في جنبات البيت الدافئ فألجأ زوجة إلى رد فعل غاضب أو مرد به الزوج على جلب موجبات السخط الالهي والعياذ بالله سبحانه إلى زوجته ثم إستأنف صلاتك وعبادتك وراجع أمرك وفق هذا المنوال مرة بعد مرة ألست تزيح حاجزا من أمام سيارتك أودابتك ينغص عليك سلامة الدرب أو يهدد حياتك جيئة وذهابا إلى عملك أو مدرستك ؟



    هذا مجال حي لتجديد التدين وتجديد الفقه فدونكه :

    مر بنا فيما مضى حديث عن تجديد الدين من خلال حديث فيه واليوم نلتقي مع مثالين عمليين لذلك أحدهما لن أتوقف عنده وهو ما شرحت منه آنفا ما تيسر لي وملخصه أن تجديد التدين يعني هنا محاسبة النفس ومراقبة السلوك عبر تنظيم عيادات دورية لجهازي القلب والعقل لدى طبيب القرآن وصيدلية السنة وهو تجديد عملي يصقل الروح ويشحذ الارادة وتحتاجه النفس إحتياج الجسم لحمام بارد يقضي عنه قحط الهجير أو لحمام دافئ يسكن لوعة البرد فيه فالتجديد سنة كونية وإجتماعية ماضية مطردة ألست ترى شمسك وهي هي تتجدد لك مع كل صبح متزينة بضحى جديد وشعاع جديد وكذلك ليلك ونهارك وقمرك بل وخلايا جسمك وعمرك لولا أنه يتجدد ليهرم فكيف تمنع التجديد عن تدينك ؟ أما المجال الثاني للتجديد هنا فهو تجديد الفقه أي تجديد العلم بمسالك التدين وهو أمر لم يأخذ منه تراثنا حظه الاوفر وخاصة فيما يهم فقه القلوب وفقه النفوس أي البعد الباطني من الانسان ولكم أرجو من كل مسلم ومسلمة على وجه هذه البسيطة أن يجمعوا إلى جانب تفقهم في التدين من خلال مادة الفقه المعروفة بكتبها الكثيرة فقها آخر لم يهمله القرآن ولا السنة لا نظرا ولا عملا بل ركزا عليه كثيرا وهو مبثوث في القرآن من خلال القصة والمثل والكون والموت والقضاء والقدر لا يفارق صفحة واحدة تقريبا من صفحات القرآن الكريم وإذا كان من كتب في ذلك قليل فإن ذلك لا يدعو لاهماله كلما كانت أسفارا جليلة من مثل إحياء الغزالي وكثير من كتب إبن القيم موجودة بيننا ومما دعا إليه أكثر من فقيه معاصر منهم الدكتور عبد المجيد النجار وغيره كثير منذ سنوات بعيدة هو إعادة التأليف الفقهي ضمن موجهات ثلاث وهي : الحكم الفقهي و علته ومقصده و معناه الروحي وبذلك يكتمل لطالب العلم الغذاء النفسي والوجبة القلبية التامة فهل من فقيه نحرير أو مجمع علمي أو ثلة من الفقهاء يتصدون لعمل كبير عظيم جليل الفائدة مثل هذا .



    أليس من الغمط إيصاد الباب أمام صلاة الناس نحو ربهم وربها :

    سؤال مشروع لو كنا مسيحيين أما ماهو مقرر في ديننا بما فيه الكفاية فهو أن الطريق إلى الله إبتغاء غرفة آمنة هادئة مطمئنة تجبى إليها ثمرات كل شئ في طور المستقبل الحقيقي الابدي بعد الموت الذي يتخطفنا صباح مساء شبانا أصحاء فضلا عن شيوخ هرمين .. تحرسه بوابات في يد ملائكة تماما كما هو الحال عندنا في الدنيا في بعض الطرق السيارة في أوربا لا تدع سالكا يمر دون الاستظهار بما يثبت دفع الاداء والاداء نحو السماء هو ما ذكره عليه السلام في هذا الحديث من إمامة مزكاة من الناس وأسرة ينأىعنها السخط وأخوة لا صرم فيها والهوية هي الاسلام والصلاة . وليس في تلك الحراسة والاجراءات المفروضة على الطريق إلى السماء من غمط لان صاحب السماء ( وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله ) أراد بناء كونه على ذلك المنوال فهل يسأل مالك عن فلسفة تنظيم ملكه لا بل مالكك هذا شرح لك بما فيه الكفاية علة ذلك ومقصده منه وقال لك بصريح العبارة بأن ذلك لمصلحتك أنت وحدك اليوم وغدا فلم الاعتراض بينما تبكت ألسنتنا تكبيتا لو كان الامر متعلقا بتنظيم بشري فيه ما فيه من الحيف والجور ؟



    الحديث يرسم المقصد الاسنى من الصلاة وهو : الصلاة منهج لبسط الامن والسلام في الارض :

    لو إستخدمنا آلية معروفة عند الفقهاء إسمها مفهوم المخالفة أو قرأنا الحديث قراءة عملية لقلنا بإطمئنان بأن الحديث يرسم مقصد الصلاة الاسنى منها وليس هو كما ترى معي سوى أن كل تلك التشديدات في قبولها وفتح الابواب أمامها إلى السماء لاقتناء تذكرة إلى الجنة إنما المقصد منها إعادة إقامتنا جميعا للصلاة وهو تصاحبنا بمعدل أربع ساعات على مدار الحياة على أساس أن تكون منهجا لبسط السلم والامن والطمأنينة والحب والتعاون والتضامن والاخوة بين الناس أجمعين سواء في إمامة الصلاة أو إمامة الدنيا أو في البيت من باب أولى وأحرى أو في المجتمع.



    المركز الاول للتفتيش على الطريق إلى السماء هو : مركز الامامة الشورية لا الاغتصابية :

    ليس ثمة دليل واحد يقصر الحديث على إمامة الصلاة دون غيرها بل إن منهج الاسلام يقول بأن الامامة في الدنيا أخطر من الامامة في الصلاة واليوم أخطر الامامات هي الامامة السياسية تبعا لمعطيات معروفة عندكم جميعا ولكن لك أن تسألني قبل ذلك هل يصلي حكامنا حتى تقبل منهم الصلاة أصلا ؟ وسائرالامامات في الدنيا وفي المساجد هي معنية بالتفتيشات في هذا المركز الحدودي الاول حتى أن الامام القرضاوي أفتى بجواز إنتخاب إمام الصلاة لو كانـت أيلولة أمر حسن التعامل والادارة والاخوة والتفاهم في المسجد وخاصة في الغرب لايتم بسوى ذلك على ألا يكون ذلك أسلوبا دارجا عاما ولكن للخروج من سوء تفاهم يعصف بالمؤسسة بأسرها .



    المركز الثاني للتفتيش على الطريق إلى السماء هو : مركز المجتمع المتآخي لا المتصارم :

    الحد الادنى المطلوب من الاخوة حتى لا يكون إنعدامها ناقضا من نواقض الصلاة هو إفشاء السلام عند اللقاء إنشاء وردا سواء بسواء ثم يليه التدخل حال الترح والفرح تعزية وتهنئة ولو بكلمة وليس لحدوده القصوى حد سوى حد الايثار بمثل ما فعل الانصار مع المهاجرين أما الحب والكره ودرجاتهما فهي عادة ما تكون من الامور التي لا يملكها الانسان كثيرا رغم مسؤولية عنها إنشاء وتغذية وقتلا غير أن ذلك يمكن أن يفضي إلى ماهو أنكى من رفض قبول الصلاة وهو الحسد والناس في ذلك قلبا وقالبا درجات كثيرة وبقدر ما تكون درجة تلك الاخوة الاسلامية متعززة بمقومات أخرىمن مثل الرحم والجيرة والحاجة وسبق الفضل تكون المصيبة أو النعمة .



    المركز الثالث للتفتيش : مركز الاسرة المتآلفة رغم المشاكل لا المليئة سخطا بعضها على بعض:

    للزوج على زوجته حقوق عظيمة تماما هو الشأن بالنسبة إليها عليه والقاعدة في ذلك هي " ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف " و" النساء شقائق الرجال " غير أن الحديث يشير إلى أمر عادة ما تقع فيه بعض النساء وهو إستخدام بعض ماوقع في اليوم من سوء تفاهم تعلة لهجران زوجها ليلا وهو تخبيل وخلط فإذا ما أوى الزوجين إلى فراش الزوجية الدافئ ليلا فإنه أحرى بهما سوية تبادل التسامح أو تأجيل الثارات للغد أما أن يبيت كل واحد منهما ساخطا على الاخر سواء على ذات الفراش أو متفرقين فلن يزيد المشكلة سوى تعقد سيما إذا كان الزوج يهم بسفر طويل أو تغشى الزوجة ما يغشى بنات جنسها من ألم دوري .



    فالخلاصة هي إذن أن ناقض الصلاة الاكبر الذي لم يتعرض له الفقهاء وتناساه كثير من المسلمين هو حجز الصلاة عن تأدية مقصدها في الحياة وهو بسط الامن في الاسرة والمجتمع والمسجد والحياة بأسرها عبر التشاور والتراضي وتلك هي بوابة القبول وتأمين المستقبل الارغد ليوم غد.

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 11 من 21 الأولىالأولى ... 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك