+ الرد على الموضوع
صفحة 13 من 21 الأولىالأولى ... 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة
النتائج 61 إلى 65 من 105
  1. #61
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والستون

    أخرج مسلم عن جابر وعن أنس أنه عليه السلام قال " إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليمط عنها الاذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان "
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    من شواهده " وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا " وغيرذلك كثير ...

    موضوعه : الكبر والاسراف خلتان لامكان لهما في الاسلام :

    قد يقول بعض السذج من الناس بأن مثل هذا الحديث يتعلق بحياة بدو الجزيرة العربية الذين بعث فيهم محمد عليه السلام وربما ينسحب الحكم على سائر من في حكمهم اليوم من فقراء المسلمين ومساكينهم من ساكني أدغال آسيا ومجاهيل إفريقيا أولئك الذين مازالوا بعيدين عن الحضارة والتقدم وإستخدام الموائد والشوكات والملاعق لا بل أولئك الذين ما زالوا لا يقدرون سوى على الطعام الذي لابد له من إستخدام الايدي لتناوله أولئك الذين لو سقطت من يد أحدهم لقمة واحدة من طعامه لاخترمته أنياب الجوع لفرط قلة يده أولئك الذين مازالوا يعتقدون أن الشيطان قابع بجانب كل مائدة يقتله الجوع يرقب كل لقمة ساقطة يلتهمها أولئك الذين لا يعلمون شيئا عن عالم الجراثيم التي ينوء بها عالمنا الفضائي فهي لفرط جهلهم ونهمهم وراء لقمة لفتها الاتربة والاوساخ تستبد بهم الامراض وتفتك بهم الاوبئة ... أما نحن أهل تقدم العلوم الطبية والموائد الفاخرة والاطعمة الجاهزة والمشروبات الكثيرة اللذيذة الذين لم نعد بحاجة إلى الايدي القذرة لتناول الطعام فقد أغنتنا الملاعق والشوكات والسكاكين عن ذلك ... فإننا لا يزيدنا هذا الحديث سوى أننا نؤمن به في أحسن الاحوال أما معالجته لشؤوننا المتطورة المتقدمة فهو أمر بعيد .

    الدرس الاول من الحديث : الانسان لا يأنف عن تربية نفسه حتى على مائدة الافطار:

    التربية حيال الانسان صغيرا وكبيرا وقويا وضعيفا وحاكما ومحكوما وفي كل أحواله أمر لا يفارقه أبدا ومن أعجب ما قرره الكاتب الاسلامي الكبير مالك بن نبي عليه رحمة الله سبحانه هو أن قيم الحضارة والتقدم والرقي والثقافة التي نروم سلوكها والتغني بها تبدأ من صغائر حياتنا الشخصية في طريقة أكلنا وقعودنا وقيامنا ونومنا وتحيتنا وسائر ما يلي ذلك فإذا فاتنا ذلك فإن بلوغ أكابر مراقيها ومعاظم مراميها لعسير وأنت تلفى في دراستك للسنة والسيرة محمدا عليه السلام له في كل شأن دعاء أو ذكر أو مراسيم معينة يذكر فيها ربه شكرا وحمدا أو يصل فيها غيره بحسن ومعروف أو يعافس فيها مرفقا من مرافق الدنيا حتى لو كان خلاء يقضي فيه حاجته البشرية بأدب جم فهل يفعل ذلك تضييعا للوقت أم لزوما لطقوس لا تغني ولا تسمن من جوع ؟ كلا بل يظل عابدا في كل آن وأوان لولي نعمته سبحانه وفي كل لحظة تغفل فيها عن ربك سبحانه فأعلم علم اليقين أن الطبيعة تأبى الفراغ فالشيطان رابض بجانبك يرقب كل غفلة منك ليملاها بذكره وأول ما يلقي في نفسك أنك أنت ولي النعمة الجدير بالحمد أو بأن فلانا أو فلانة من الاموات أو الاحياء هو ولي ذلك فيوقعك في عبادة ذاتك أو غيرك دون الله سبحانه فتهلك .

    الدرس الثاني من الحديث : أول ما نتربى عليه هو أن التواضع له سبحانه طريق العلا:

    ليس أقسى على القلب البشرى من خلة الكبر حتى أنه عليه السلام قال " لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر" وكأن الكبر لتطاير شرره عقيدة لا يرضى سبحانه فيها بسوى التمام والكمال حتى أن ذبابة واحدة قربها رجل إتقاء شر قطاع الطرق أودت به إلى قعر جهنم بينما رفض ذلك رفيقه فضربت عنقه فأودت به ذات الذبابة إلى فراديس الجنان وسائر خلال الاسراف والتبذير وما في حكمها جميعا لا ترتد عند سبرات التحقيق سوى إلى داء الكبر وليس الكبر خلة نستوردها من الخارج بل خميرتها فينا أصيلة لان مبعثها الهوى الساري فينا سريان الهواء في الفضاء وكل الخلال السيئة التي لا نستوردها من الخارج بل نذعن لها عبادة للشهوة رتب الله عليها جزاء موفورا في الاتجاهين حلاوة إيمان لمن قمعها أو لباها في الحلال المباح وشقاء للاخر والكبر كما تعلم ليس معصية عادية بل هي معصية مركبة كيف لا وهي التي أودت بإبليس إلى النار وظاهر الامر أنه لم يزد على أنه عصى ربه تماما كما عصى آدم ربه وجاء في الحديث " ثلاثة أقسم عليهن : منهم ماتواضع عبد لله سبحانه إلا زاده به عزا" والعلاقة بينك وبين ربك هي علاقة بين مالك ومملوك فالمملوك يرفعه مالكه يوم يتواضع له ويخفضه يوم يتكبر عليه ولك أن ترى في حياتك فيمن حولك أي الناس اليوم أقرب إلى قلوب الناس ومن ثم إلى الرحمان سبحانه هل هم المتكبرون حتى لو أضطر الناس إلى مصانعتهم أم المتواضعون حتى لو كانوا سجناء أبد الدهر ؟ مثلك مع التواضع والتكبر أي مع العز والذلة هو مثل السحاب يرتفع وهو وضيع والقمر يتواضع حتى لتراه في الماء الصافي ليلا وهو رفيع كما قالت حكمة الشعر وأعلم أن الذي تسقط من يده اللقمة فيهملها أو يتجاهلها سواء كان غنيا أم فقيرا وجائعا أم شبعا فيه من الكبر ما فيه والعجيب أن خلتي التواضع والكبر لا تحكمها المظاهر كما هو معروف اليوم في حياتنا بل تحكمها تلك التصرفات الصغيرة التي لا نلقي لها بالا كلقمة ساقطة ذلك أن بعض عتاة المستكبرين يملؤون الشاشات كذبا يظل طول حياته متلفعا بما حاكى ملابس العامة وأكل مثلهم وهو يكفيه كبرا ومقتا أنه سخر من إمام المتواضعين محمد عليه السلام وفي المقابل تجد الرجل جميلا أنيقا جاوز إزاره أسفل كعبه وهو يحكي سيرة الصديق أبي بكر في صدق التواضع لله .

    الدرس الثالث من الحديث : اللقمة نعمة قيض لها الرزاق سبحانه مالا تحصيه من الخدم:

    من تمام إيمان الانسان أن يظل متفكرا ذاكرا بقلبه وعقله على الاقل متدبرا في كل ما يقع له وعليه وبجانبه فإن التفكر في كل شئ سوى في ذاته سبحانه لا يأتي سوى بالعقل والحكمة ولو تدبر الواحد منا في لقمة لا تزن عشرة غرامات تسقط منه فيهملها لالفى أن ما لا يحصيه هو ولاغيره من العملة والخدم والالات والعمليات التي قيضها الرزاق سبحانه مذ كانت بذرة في يد فلاح بسيط فقير يبعد عنه ألاف الاميال حتى تجهزت له لقمة سائغة يسد بها رمقه ولو ذكر الانسان ذلك فأستحى إهمالها لكان وفيا مخلصا فيكف لو زاد على ذلك أن الرزاق سبحانه من عليه هو بذلك رغم عصيانه وكفره ومنعه عن كثير من عباده الذين يتضورون جوعا فيعمدون إلى تمضية الوقت في الركوع والسجود والتضرع والتلاوة والعبادة ولايسألون الناس إلحافا.

    الدرس الرابع من الحديث : لو عمل كل واحد منا بهذا الادب لمات الفقر ومامات أحد جوعا:

    كثيرا ما أكون في حاجة لي في بعض شوارع ألمانيا فألفى في كل يوم مرة على الاقل رغم الخدمات البلدية التي لا توصف جودتها قطعة من الخبز ملقاة تكفي لاعالة نفر واحد على الاقل يوما كاملا في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية أما لو حدثتك عن جودة وكمية الاطعمة والاشربة التي يلقى بها في الفضلات من البيوت الخاصة فضلا عن المطاعم المخصصة للمآوي والنزل وغيرها وأقف على ذلك بنفسي بحكم إشتغالي في مجال التنظيف ربما لعسر عليك التصديق ولن يزال خبر إلقاء كثير من الدول المحتكرة لكميات رهيبة من القمح وسائر الاطعمة في البحر لعبا بالاسواق والاسعار وحرمانا للفقراء منها يجعل كل مؤمن بالله سبحانه في شك مريب من الشعارات التي ترفعها هذه الحضارة الدجالة الكاذبة من كرامة الانسان والعدالة والحرية ولعلك تهمس إلي الان أن أمر الاسراف والتبذير في دنيا المسلمين يضاهي كل منافس في التبذير وهوحق غير أن السفهاء سيما فينا كلما ذكر الفقر لا يتهمون سوى الاسلام وثقافته المحرضة على التناسل والتوالد أما إتهام أخلاق الكبر والاثرة والاسراف والتبذير وجحود نعمة ولي النعمة مما يولد تفاوتا رهيبا بين الفقراء والاغنياء فوق هذه البسيطة فهو أمر دونه سيف الحجاج وذهب المعتز كما يقولون ولاعاشت الجبناء كما قال سيف الله المسلول سيدنا خالد عليه الرضوان .

    الدرس الخامس من الحديث : حسبنا عالم الشهادة نفهمه أما عالم الغيب فحسبنا الايمان به :

    لتجدن كثيرا من الناس إذا ما عرض عليهم مثل هذا الحديث يهرعون إلى إتهامك وإتهام محمد عليه السلام بعد ذلك بمعاداة العقل وحرية التفكير وذلك لان الشيطان عندهم لا يأكل فلا يجب عليك سوى عدم التطرق إلى كل ما يمت بصلة إلى الغيب حتى لا تثير حفيظتهم . قتل الانسان ما أكفره . وهل أحطت أيها الانسان بسائر مشاهد عالم الشهادة حتى تستخف بالغيب وها أنت مجهول إبن مجهول في نفسك تكوينا بدنيا ونفسيا فلم الكبر ولم الغرور ولم عدم التسليم لربك الذي خلقك فسواك فعدلك بعالم الغيب وما يضيرك أن الشيطان يأكل لقمتك التي منعك كبرك عن إلتقاطها وما يضيرك أن يكون ذلك حقيقة لا نعلم كنهها أو مجازا يتوسل فينا إلى نبذ خلق الكبر والاسراف والغفلة عن الرزاق وعمن سخرهم الرزاق لاطعامك فقل لهؤلاء هل تنكر حياتك فإن قال لا فقل لي أين هي حياتك وأين هي روحك وأين هي نفسك وأين هو عقلك وأين أين ...؟

    الخلاصة: الحديث رسالة مؤداها أن الانسان كائن أخلاقي أو لا يكون وأسمى خلقه التواضع لله والشكر لعباده الذين قيضهم لخدمته وأرذل خلقه الكبر والاسراف والتبذير وأن طريقه إلى العلا في الدنيا والاخرة يمر حتما عبر إلتزام الخلق الاسلامي النبيل في صغائر حياته الخاصة مهما كان في منأى من الملا فالله دوما معه يراه وأن حسن الاقتصاد وإطعام الفقراء وتحرير الناس من ذل السؤال والموت جوعا لا يحتاج شعارات كثيرة بل يحتاج إيمانا بالله سبحانه ينبذ عنك الكبر ويزينك بالتواضع والشكر كما يحتاج سلوكا يوميا يدخر للمسكين لقمة وأن جمع كل تلك اللقمات الساقطة يسد رمق ملايين من الاطفال يقضون جوعا ومرضا أما مسالك الكبر والاسراف فضلا عن التبذير والاحتكار فلا تعود على البشرية سوى بنكد المفارقات .

     
  2. #62
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والستون



    أخرج مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وإبن ماجة عن جرير أنه عليه السلام قال " من سن في الاسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ



    من شواهده " وإفعلوا الخير " و" ونكتب ما قدموا وآثارهم " وسائر الايات الداعية إلى السعي في الارض والضرب في مناكبها وغير ذلك كثير لا يأتي على حصر ...


    موضوعه : لاقيام للحياة الاسلامية بدون الاجتهاد والتجديد بغرض العبادة والابتداع :

    ليس مفهوما كيف أن سائر ما يحرض من الدين على التقيد والاتباع وإجتناب البدع والاحداث شاع بين الناس في أحاديثهم ومروياتهم وأسلوب تعاملهم مع التدين وفي المقابل غاب سائر ما يحرض من الدين ذاته على الابتداع والاختراع والاكتشاف والنظر والتأمل والاجتهاد والتجديد والاحداث والنقد والمراجعة والنخل وحسن الفقه وتحمل المسؤولية الشخصية في تعمير الدنيا بالدين غير أن المفهوم هو أن ذلك الاختلال الرهيب كان ولن يزال المسؤول الاكبر عن تخلفنا وتأخرنا وإنحطاطنا فأنت لو قمت الان بتجربة بسيطة بين من حولك من الناس طارحا سؤالا : هل يكره الاسلام الاحداث في الدين ونبذ البدع لحصلت على حديث محدد صحيح واحد على الاقل عن كل مسؤول ولو طرحت السؤال : هل يحث الاسلام على الابتداع في الدنيا والاجتهاد والتجديد والنظر وشق تجارب الحياة بالمحاولة والاستقراء لما ظفرت بسوى الصمت المطبق ولو كان بحضرة عملك ذلك سؤالا وإجابة نفر من غير المسلمين لما نفث في روعهم سوى أن الاسلام هودين الجمود والاتباع والتقليد بإمتياز شديد فهل أنت معي في أن نهضتنا المنشدوة يحدونا إليها مليون مليون أمل ورجاء ويقين فيه سبحانه وفي عبده الانسان تاج صنعته إنما معضلتها الراهنة المؤلمة ليست سوى المعضلة الثقافية الفكرية بمعناها العقلي العام الواسع فإذا ما تحرر العقل من الاوهام والاساطير وعبادة الاوثان بما فيها أوثان التقليد والجمود وتركة الاباء وإرث الاجداد كان ما كان صلاحهم وإصلاحهم أينعت أفجارها وحان قطافها أما دون ذلك فمسكنات لا تسمن ولا تغني من جوع يمنحها طبيب لمريضه الميت سريريا كما يقال .



    عمل كبير ينتظر المصلحين : إحداث التوازن الثقافي في الغذاء المقدم للبنية العقلية :

    كلمة لن أنساها من المرحوم الغزالي عليه رحمة الله سبحانه حيث قال إنه ألفى يوما كتابا قديما جمع فيه صاحبه سائر ما يزهد الناس في الدنيا ويرغبهم في إعتزالها من القرآن والسنة فخشي أن يتأثر بهذا الكتاب صحيح المادة من تهفو نفوسهم إلى إعتزال الناس والفرار إلى الكهوف ونبذ العلم والحرف والصنائع فتحدث فتنة وينشأ هلاك فعمد إلى إعادة التوازن المفقود في ذلك الكتاب وذلك بجمع سائر ما يرغب في الدنيا ومخالطة الناس والترغيب في الانفاق والجهاد والعلم والاجتهاد والتجديد من ذات القرآن وذات السنة لعل طالب العلم يجد ما ينشده هو وتنشده حياتنا من توازن . وليس سوى ذلك مطلوب اليوم من طبقة واسعة من العلماء والفقهاء والدعاة والمصلحين رتقا لخروقات الانخرام في ميزاننا بين الاتباع والابتداع فأولئك مسؤولون عن الغذاء العقلي الذي يكون الشخصية الاسلامية المعاصرة لا بل إني أدعو الازهر وغيره من المؤسسات العلمية التي لا تحسن سوى الرقابة على الاغذية العقلية التي سرت فيها جراثيم العلمانيين فتنصرهم من حيث لا تشعر هي ولاهم يطمحون إلى فرض الرقابة على تراث واسع ضخم كبير مترامي الاطراف يتهافت عليه اليوم شبابنا وليست جراثيم الفساد التي تفعل فعلها الخبيث فيه بأقل شأنا ولا أهون خطرا من تلك التي يقدمها أعداء الاسلام سيما أن هذه سرعان ما تلفى الرفض والتجاهل بينما تلك سرعان ما تستقبل بالحفاوة والترحاب فهل من صاحب عزمة؟



    بين يدي الحديث :

    كغيره من أحاديث أخرى كثيرة يفتتح الحديث ب" من " العامة الصالحة لان يتقمصها الفرد والثلة سواء بسواء والعابرة لقارات الزمان والمكان أما السنة هذه الكلمة المظلومة فينا اليوم لاننا لانرى فيها سوى معناها الاصولي وهو ليس سوى معنى واحد مما لا يقل عن سبعة معاني أخرى وهو إختزال شنيع للدنيا بأسرها وللدين بأسره وللغة بأسرها وتعسف وتحكم لا مثيل له فالسنة يا صاح لا يجب أن تصرف عن معناها اللغوي وهو الاصلي وهي السبيل والطريق والمنهج والمسلك مادة ومعنى إلى معانيها الاخرى الكثيرة سوى بقرينة ثابتة وهي هنا لا تعني سوى معناها اللغوي مثلها في ذلك مثلها في قوله " من رغب عن سنتي ..." أي عن منهجي وليس عن جزئية صغيرة واحدة من منهجه فالعبرة دوما حتى في الدنيا وهي معيار لنظام الدين بالاغلب وليس بالاصغر لا بل يجب على كل طالب علم اليوم أن يتساءل في نفسه سؤالا هو ورب الكعبة مدخل عظيم إلى الفقه النبوي العظيم وهو : كيف يشنع في مواضع أخرى من شأن الاحداث في الدين والارتداد عنه والرغبة عن سنته ويحرض هنا على الابتداع في الاسلام ؟ فلو هرعت يا صاح خلف كل نص وحده أتعبتك النصوص وأرهقتك المعاني وما ظفرت بسوى عي وحمق . ولعل السقف الواقي هنا هو قوله " في الاسلام " بما يعني أن سائر الاتباعات في الدين وسائر الابتداعات في الدنيا ما يجب عليها حتى تكون مقبولة نافعة سوى أن تستظل بظل الاسلام وهنا يجب علينا معرفة الهيكل العظمي للاسلام بسائر مكوناته الكلية والمقاصدية رأسا وذروة وعمودا فإن التغاضي عن ذلك إتباعا للذيول التي لا تحصى تبديد للطاقة وتضييع للجهد وقبل ذلك وبعده إهمال للبوصلة الهادية في مسالك الحياة ودروب العبادة وليست السنة المقصودة هنا سوى كونها حسنة والحسن بعيدا عن مذاهب الناس أهو بورود الشرع أو بحكم العقل فينا مفطور لابد من التقوي عليه بمربع الفطرة والعقل والدين والتجربة المعضدة بالجماعة والشورى والمحاسبة وبذلك نتجنب جدلا نظريا عائقا أمام مباشرة سن السنن الحسنة في الاسلام في واقعنا فكيف نفرط في أجر مضاعف مليون مليون مرة حتى إن صاحبه الاول فردا أو جماعة يكونون في قبورهم وحنفيات الحسنات عليهم هطالة بوابل من الرحمة بعدد ما عمل الناس من بعدهم بإحداثهم الذي أحدثوا لا بل إن المانع من ذلك هو إنبناء عقلنا الاسلامي على الخوف من البدعة فظللنا أسرى السلبية والانتظارية التي أهلكت يهودا والنصاري وتكاد تفعل بفرقة منا اليوم ذات الامر.



    نظام الاسلام التشريعي عماده طريق ذي إتجاهين : ذريعة للفتح وأخرى للسد :

    من المصائب الفكرية التي ورثناها أن الناس كلهم اليوم بدون أدنى إستنثاء تقريبا سوى من رحم ربي لا يذكرون حين يذكرون الذرائع سوى بالسد حتى عدوها أصلا من أصول التشريع وكأن التشريع إنما جاء علىخلاف طبيعته تماما بالسد والاغلاق والتحريم والتجريم وهو ما لم يشكل سوى جزء يسير جدا لا يكاد يذكر في نظامه العام القائم على الاباحة والتحليل لا بل على الدفع نحو التعمير وتحمل المسؤولية في ذلك والنظام التشريعي الاسلامي يقوم على طريق سيار في الاتجاهين وليس بسوى ذلك تصلح الحياة يا صاح فلو سدت سائر الذرائع المفضية إلى الشر سيما بالتوسع الفقهي الذي نراه بإسم الحيطة من الفتنة خاصة في قضايا المرأة والحرية الانسانية دون فتح الذرائع المفضية إلى الخير علىمصراعيها فإننا نحفر قبورنا بأقلامنا وعقولنا تماما كما يحفر المترفون النهمون الجشعون قبورهم بأسنانهم وكذلك الامر اليوم هنا فما من بدعة في الدين إلا لها بديل من سنة حسنة فيه أما في الدنيا وهو ما عبر عنه هنا بالاسلام ولذلك ألف ألف دلالة لو يتسع لها المجال فإنه لا مجال للقول بالبدعة الحسنة كما يروج لذلك الانحطاط وأذنابه بل لا بد من إستصحاب قولنا السنة الحسنة وهو القول النبوي الصحيح الصريح هنا فهل نتعبد نحن بأقوال العلماء والفقهاء أم بقول خاتم الرسل سيد البشر عليه السلام ؟ أمرنا عجيب عجاب ورب الكعبة.



    السنة الحسنة في الاسلام هو منهج المبشرين بالجنة فهل نتبعهم في ذلك أم نرميهم بالابتداع ؟:
    لا يعرف تاريخنا الاسلامي مبتدعا مثل الفاروق عمر عليه الرضوان حتى إنه اليوم محير لعقول طائفتين فينا لا منا أحداها تتبناه لهدم الدين بالكلية ولها فيه مرتع وأخرى لوضع الحياة في سجن الريبة ومحابس الشك والتعطيل ولها فيه مرتع . عمر هو صاحب الاوليات كما يقال فقد إبتدع يوم أحدث في ديننا صلاة التراويح ويوم مصر الامصار ودون الدواوين وأرخ بالهجرة وإبتدع أخ له في ديننا يوم جعل أذان الجمعة ثلاثا بدلا عن واحد والبدع في الدين من جانبهم لا تحصى فكيف كان الامر إذن بالبدع في الدنيا ويكفيهم أنهم ملؤوها بدعا محدثة حتى فتحوا الارض وحرروا الملايين المملينة من العقول الحائرة ومكنوا للاسلام ولولاهم لكنت اليوم عبدا من عبيد الروم .



    سنن حسنة لابد لنا منها اليوم في الاسلام يتوقف علينا حسن تديننا فقها وعملا :

    تولي جمع الزكاة مالا وفطرا ـ شراء المساجد في الغرب ـ دارترجمة ـ تكوين الهيئات الجامعة للكلمة ـ تفعيل سلاح المقاطعة ـ تكوين الهيئات الاغاثية ـ التمكين للاعلام الفضائي ـ إجتماع الجيران في الاعياد على موائد الاكل ـ التمكين للهيئات الحقوقية والنقابية والانسانية ـ التمكين للمصالحات في سائر مجالاتها فكرا وعملا ـ التمكين للحوار في سائر مجالاته ـ الاحتفاء بالحج إرسالا وإستقبالا ـ الاحتفاء بسائر الاعياد والذكريات الاسلامية ـ ملء الساحات والطرق بما يذكر بالله سبحانه ـ إحياء سنة الاعتكاف ـ القيام الجماعي في الثلث الاخير من الليل ـ إختيار الاسماء الحسنة لمواليدنا بدل التقليد الاعمى ـ وما لا يحصى من السنن الحسنة في سائر المجالات ...



    الخلاصة : لابد لنا من تجديد ثقافتنا الاسلامية على أسس إحداث الموازنة بين تجنب الابتداع في الدين الموقوف الصحيح الصريح وبين القيام الجماعي على الابتداع في سائر ما هو دون ذلك في سائر مناحي الحياة إذ لا مطمح لنا في تحقيق النهضة الاسلامية المنشودة بسوى التعبؤ الثقافي أولا ثم المبادرة إلى ساحات الاجتهاد وليكن خاطئا ألف مرة ومرة وساحات التجديد فتحا لذرائع الخير وسدا لذرائع الشر وبذلك نعرض بضاعتنا الاسلامية نقية تحت الشمس ونكسب له زبائن أكفاء في الاجتهاد الدنيوي والتجديد العلمي لا ينقصهم سوى هداية رحمانية دعانا وأهلنا لتقديمها هدية بالمجان للناس إذ لا ينتظر منهم أن ينام الواحد منهم ليلا فيصحو مسلما ولا ينتظر منهم أن يغرى بالاسلام الواحد منهم وسائر حالنا تدعو إلى الجمود والتقليد ونبذ العلم والمعرفة والتعمير والقوة وليس من شأن الضعيف سوى إستدرار رحمة الناس أما النسج علىمنواله فلا أظنه.

     
  3. #63
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والستون

    أخرج البخاري ومسلم والنسائي وإبن ماجة والترمذي عن أبي هريرة عليه الرضوان أنه عليه السلام قال " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب" وفي بعض الروايات " لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا ".


    من شواهده " وقولوا قولا سديدا " و " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ".
    موضوعه : سعر الانسان يحدده لسانه سفير قلبه واللسان هو أوسع مناطات التكليف :

    حكم الله سبحانه في الخلق لا تعد ولا تحصى فهي نعم لا شطآن لها " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها " وهي حكم لايقف عندها عاقل حتى يطفق مسبحا بحمده سبحانه وأبلغ مواطن التسبيح ذخرا هي في إثر التدبر في ملكوته والنظر في عجيب خلقه وتصاريف آياته ولاشك أن لكل عبادة ذكر محلها الخاص بها دون غيرها سيما إذا إنفردت فهل تصف الانسان بالعبادة والعقل والخشوع والطاعة لو سبح بدل الحمد في إثر الفراغ من الاكل مثلا أو لو حوقل قبله ولذلك تجده عليه السلام وهو الحكيم الراضع من حكمة المشكاة الرحمانية ينهى صحابيا صرعه أخوه في مقابلة بيضاء ودية عن الحسبلة قائلا له " إستعن بالله ولا تعجز " فقد إعتبر الحوقلة هنا وهي ذكر محبب هي من غراس الجنة في مواضع أخرى إهراقا للذكر الحكيم في غير موضعه وليست الحكمة سوى وضع كل شئ وكل أمر في كل زمان وفي كل مكان وفي كل حال في موضعه المناسب له من جميع الجوانب وحتى الذكر والتسبيح وسائر ما في حكمه له مظانه ومحكماته في الزمان والمكان والحال والشاهد هنا هو أن هذا الحديث الذي ربما يغفل عنه كثير من الناس علما وعملا يورث التسبيح حقا في إثر النظرفي ملكوت حكمته سبحانه ودنيا بدعته عز وجل . والحكمة هنا أن الانسان وفيه بعدد أيام السنة مفاصل وعضلات وعظام وعصب وماء ودم تجد أن أشد مواطن الخطر فيه هي أقلها حجما حتى قال عليه السلام " المرء بأصغريه قلبه ولسانه " فهذا العضو الصغير الذي لا يزيد عن رطل من اللحم مستترا قابعا في جوف الفم ليس فيه عظم واحد هو المسؤول عن حياة الانسان ومستقبله في الدنيا والاخرة سواء بسواء وهو سفير القلب في الحقيقة لذلك يكذب كل من أراد أن يزين لنفسه أو لغيره بأن قول كذا من فلتات اللسان ففلتات اللسان تحدث عندما يتعثر اللسان في نطق كلمة ما أو حرف ما وهذا يحدث للانسان في كل أحواله والناس من حوله يعرفون منه ذلك فلا يؤاخذ وهي تحدث كذلك عندما يخطئ اللسان في إختيار كلمة مناسبة وسائر من حوله يعرفون كذلك ذلك منه دون فرصة للاتهام أما حين يقال مثلا حروب صليبية بدل تعبير آخر فذلك ليس من باب فلتات اللسان بل هي من باب سفارة اللسان بوفاء عن مكامن القلب وليس معنى ذلك أنه مطلوب من الناس عدم إختيار العبارات والافصاح عما تكنه القلوب بحياد عقلي فإزاء من نكره مثلا كثيرا ما تقتضينا مصالح الدعوة لتعديل تلك المكنونات والتعبير بدلها بما لا يثير حفيظة المكروه غير أن الحكمة النبوية في ذلك تجمع بينه وبين الالتزم بقول الحق بشكل لا يضاهى من مثل قوله عن رجل " بئس أخو العشيرة" فلما وفد عليه أكرمه وألان له الكلام . والحكم كثيرة في الحقيقة ليس هنا محل تتبعها فهذا العضو الصغير المستتر منوط به قول الحق الذي يملا الضلوع أحيانا وتعديل ذلك في أحيان أخرى وكذلك إلانة الخطاب حينا وبذات العضو يغلظ القول ربما لذات الرجل في موقع آخر وحينا يطلب منه التغزل بما رق من الشعر والادب وربما بعد لحظة واحدة صب سائر ما يملك من أقذع الكلام وأبذئه وربما على ذات من كان به يتغزل قبل لحظة واحدة وهو ذات العضو المطلوب منه حينا لزوم الصمت المطبق حتى لو تعرض صاحبه إلى حرب ضرام تقشعر لها أبدان الوحوش الكاسرة فضلا عن المشاعر الانسانية وربما بعدها بلحظة واحدة تحريض ملايين من الناس على الجهاد مثلا أو الانفاق لساعات طويلة يضل فيها يرعد ويزبد كأنه لم يكن ساكنا منذ قليل ولصمته عند الناس والفقهاء حكم " السكوت في معرض الحاجة بيان " ولنطقه عندهم من لدن السفهاء بما لو مزج به البحر لمزجه حكم آخر فلا يؤبه له وأحيانا يتكلم اللسان بشطر كلمة تزج بصاحبها مدى حياته في السجون والمنافي وأسباب الشقاء وربما نطق بشطر ذلك على نحو آخر فهشت الدنيا في وجهه وبشت وحمل محمل الملوك الظافرين ورب لسان إمتلك ناصية الحيلة فنجى صاحبه من موت محقق في شر قتلة وربما أجاد النطق الخلاب فعاش بين ظهراني عدوه عيشة الملوك ولا يسع المرء تتبع حكمته سبحانه في هذا العضو الصغير فسبح بحمده سبحانه .

    الكلمة التي تهوي بصاحبها في النار سبعين خريفا نوعان : إزاء الله وإزاء الانسان :

    ليس مطلوبا منا إنجاز قائمة إسمية في تلك الكلمات سواء حيال الله سبحانه أو حيال عبده الانسان تاج صنعته لان ذلك ليس ممكنا ولكن المطلوب منا حصر الاطار العام الذي تندرج فيه تلك الكلمة وليس إطارها سوى إلتزام حكمة اللسان حيال ما يحيط به أي بصاحبه فاللسان كائن لابد له من حسن التعامل مع محيطه ومحيطه هو الله خالقه سبحانه وولي نعمته وهو من جانب آخر الانسان ذاته مثيله في الخلق وأخوه في الدين كما قال علي كرم الله وجهه ومحيط الانسان يجمع الانسان ذاته صاحب اللسان إذ له على نفسه ولنفسه عليه حقا .

    الكلمة الهاوية بصاحبها في النار سبعين خريفا إزاء الله سبحانه ثلاث :

    أولها كلمة الكفر وما في حكمها وهي وإن لم تكن ضارة ضررا مباشر بالانسان أي غير صاحبها كلما كان كفرا مسالما فإنها صارفة للانسان عن طريقه المعبد تماما كما ينصرف قطار طويل يحمل مئات من الناس عن سبيله فيهلك ويهلك وللانسان في هذه الدنيا طريق معبد هدي إليه بعقله فإن إلتزمه شكرا لولي النعمة سبحانه سعد وإلا شقي وكفي بالكفر بعد تبين الرشد من الغي أنه لظى يستعر على النفس بالشقاوة في هذه الدنيا حتى لو رؤي صاحبه سعيدا في مظهره فلا يغرنك ذلك فأنت لا تعيش معه نفسه حتى تؤكد لنا سعادته لا شقاوته أما في الاخرة فالمصير معلوم .

    ثاني تلك الكلمات هي ما شدد عليها القرآن كثيرا وسماها القول على الله سبحانه بغير علم وهي كلمة لا تشمل الكافرين دون سواهم بل تضم إليها كثيرا من المسلمين الذين يتجرؤون على الله سبحانه بغشيان غيبه الذي لم يكلفنا بغشيانه بل أوضح لنا أن غشيانه لا يظفر بسوى الندم لسبب بسيط واضح وهوأن أجهزتنا النفسية خلقت على نحو آخر لا تقدر على الاحاطة به تماما كما هو الحال مع عيوننا التي لا ترى سوى لامد معين وأسماعنا وسائر حواسنا فلم يكون الاستثناء خاصا بحواسنا العقلية والنفسية والروحية والباطنية ويكفي هذه شرفا ومزية أنها عرفت الله سبحانه وما دون ذلك وبعده فتطفل بغير عناء وتتبع القرآن بنفسك فستجد أنه شدد على هذا الضرب من الكلمة التي تهوي بصاحبها في النار سبعين خريفا كثيرا وعلل ذلك بأن القول عليه أي على سائر ما أخفاه ولم يرد إظهاره بغير علم وأنى للعلم بذلك دون الوحي مضل للناس وهو مضادة لرسالة الاسلام بتمامها وكمالها ولا تستوي درجات القول على الله بغير علم طبعا فهي عادة تكون عند المؤمن أخف وطأة قياسا لما هو عند غيره ولكنها في كل الاحوال مهلكة لانها تنشئ البدعة في العبادة والشبهة في الفكر وعادة ما تؤول بصاحبها إلى أصحاب الكلمة الاولى أي كلمة الكفر .

    الكلمة الثالثة هي التألي عليه سبحانه وهي قولك بأن الله لا يغفر لفلان أو فلانة وهو أمر يغضب الله غضبا شديدا لانه إستيلاء بغير حق على أخص خصوصياته وهي تصريف عباده بين الكفر والايمان والقبول والغضب وهي كلمة كثيرا ما يقع فيها المتدينون المتحمسون المبتدؤون زيادة في الاخلاص المغرور والتقوى الكاذبة والقلوب لا يملكها سوى باريها فرب قلب هدى الله به ملايين من الناس ثم أضله على علم ورب قلب ضلل مثل ذلك من الناس ثم هداه على علم .

    وسائر الكلمات الاخرى التي تهوي بصاحبها سبعين خريفا في النار والمتعلقة به سبحانه تندرج تحت إحدى هذه الكلمات الثلاث والله تعالى أعلم .

    الكلمة الهاوية بصاحبها في النار سبعين خريفا إزاء الانسان تاج صنعته أيضا ثلاث :

    الكلمة الاولى هي كلمة القذف بمعناها الواسع جدا تبدأ من التكفير والتفسيق والتبديع وبخاصة إذاكان الامر على غير ما يرى القاذف وبصفة أخص لو كان المقذوف مؤمنا أو مؤمنة حتى أنه لم يرض سبحانه بسوى العقوبة في الدنيا جلدا وإهانة ونبذ شهادة إنتقاما لعبده المظلوم .

    الكلمة الثانية هي كلمة الظلم بمعناها الواسع جدا تبدأ بالسب والنم والشتم والقت والبهت والسخرية والهمز واللمز والغمز وما في حكم ذلك وأوسع منه وكلما كان المظلوم بريئا كانت الكلمة أبشع مكانا وهي كلمة تتوسع لتشمل العمل الذي ينشأ من كلمة تقال ثم يتولى الزبانية بتنفيذ ذلك عيثانا في العرض والمال والبدن بغير حق .

    الكلمة الثالثة هي كلمة الفتنة والصد عن سبيل الحرية أمام الانسان تبدأ من الكذب والاحتيال والزور وسائر ما يتوسل إلى الشر والباطل بغير الطرق التي يسلكها الظالم الوقح الصريح المستند إلى قوته وتمر بالنفاق وتنتهي بنصب سائر العوائق أمام الانسان لئلا يختار سبيله الذي رآه حقا كان أو باطلا حتى أنه سبحانه عد الفتنة أشد وأكبر من القتل .

    كل ذلك لا يلغي مسؤولية هذا العضو على خط منهج سليم لحياة إسلامية صحيحة :

    تلك هي من بعض مصائبنا التي جعلتنا نعتقد أن اللسان الساكت دوما حتى عن قول الحق هو أفضل من اللسان الضليع في الكلام أبدا بحق وبباطل وهي مفارقة لمنهج التوازن والاعتدال فكل عضو فينا هو مؤهل فطرة لفعل الخير ولفعل الشر سواء بسواء وليس مطلوبا من الانسان سلبية تمنع لسانه من قول الباطل في حق الله وفي حق الانسان بالصور الست التي بينا آنفا بل مطلوبا منه بعد ذلك قول الحق في كل آن وأوان ولكل وقت حقه الذي لابد منه ولابد لنا في هذا الجانب كذلك من تصحيح ثقافتنا على ضوء القرآن والسنة .

    الخلاصة : أصغر عضو فينا سفير لنا عند الناس وهو سفير محايد يصلح لحسن السفارة عند الله سبحانه ولحسن السفارة عند عباده وليس على الانسان سوى إستخدام سفيره في الخير دوما مع الله ومع الناس فإن ذلك يكفر عنه سفارة الشر التي لابد له منها ولو لمما وليس البكم بديلا حسنا عن ذلك سوى عند السفهاء من الناس اليائسين من رحمته سبحانه .

     
  4. #64
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السادسة والستون



    أخرج الترمذي والحاكم عن عبدالله إبن عمرو أنه عليه السلام قال " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ



    من شواهده " وأما بنعمة ربك فحدث " و" إذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه ...".


    موضوعه : إلتزام الشكر لولي النعمة نعمة لا يلقاها سوى الشهم الكريم الحيي :

    كلما إزددت علما بالاسلام لم أزدد سوى يقينا بأن الاسلام هو نظام الفطرة ودين الانسان وأن منطقه في سائر مواضعه هو منطق حياتنا هذه ذاته لا بل إني لاحسب أن الفقه في الحياة يؤدي بالضرورة إلى الفقه في الاسلام ومؤدى ذلك أن الاسلام ليس ظاهرة غريبة ولا جسما لقيطا في حياتنا بل هو مصمم بحسب ملاءمة الحياة الانسانية في سائر أطوارها وملابساتها وإذا تراءى لك هذا الحديث ناشزا أو غير ذي موضوع لفرط بداهته فإني أحيلك إلى الانساق الفكرية التي يصدر عنها كثير من المتدينين اليوم لا بل أكثر الذين يحدثون أنفسهم توبة بذلك فإنك لاف لا محالة أن تعاملهم مع التدين شبيه بمن يتعامل مع جهاز جديد غريب حديث تأنفه بعض جوانب الحياة على الاقل أو قل هو ضريبة باهظة الثمن سرعان ما تضع النفس في سجن مظلم ضيق وفي تقديري فإن تلك الرؤية العدمية للاسلام من لدن أهله فضلا عن غيرهم هي المسؤولة عن تصيد المتدين لاول فرصة فسوق يزينها التدين زورا وخذ إليك أمثلة عديدة اليوم من أبرزها قضايا الربا وأختلاط الفتاوي حوله وطرائق تناول الناس لها حتى لكأنك لا تكاد تقف على منطق ناظم يطمئن إليه ضميرك وغير ذلك كثير كما أن تلك الرؤية العدمية للتدين بحسبانه ضريبة عالية أو صرما لحبال الحياة دون مقصد معقول سوى مقصد الطاعة العمياء لطقوس تتجاوز الحالة الشخصية إلى الحياة الاجتماعية مسؤولة أيضا عن تصيد المتدين لاول فرصة تشدد ومغالاة لا تفسر نفسيا بسوى ضرورة تفريغ شحنات غضب ماردة رد فعل على حاجة عملية التدين بمعناها المتمحل إلى عملية ولادة قيصرية عنيفة فيها ما فيها من العسف والتحكم بغرض إحداث الملاءمة المطلوبة بينها وبين الحياة وفي رأيي فإن المعالجة الكفيلة بتجنب الايلولتين سواء نحو الفسوق أو نحو الغلو من قبل التدين لا بد لها من تجديد فهم الاسلام بسائر مظاهر تدينه ولكنه تجديد للفهم ينصب على فهم الوجود فالحياة فالانسان فالدين فالتدين فالظروف المحيطة وبدون فهم الاسلام ضمن فهم الحياة فإن عوائق ذهنية عسيرة تظل تلازم كل متدين سرعان ما تفخخ مسيرته فتؤدي به نحو الفسوق ومن ثم الشبهة أو نحو رفض الواقع المستعصي عن تقبل التدين .



    من شروط إظهار أثر النعمة فقه النعمة :

    ليس مستغربا أن تجد عبدا غير شاكر أو قليل الشكر فضلا عن الكفور الجاحد بالمعنى اللغوي أو الجزئي على الاقل دون الديني الشرعي الباهظ عذره في ذلك أنه عديم الفقه بمادة الشكر أو حسن الفهم لاسبابه وداعياته لذلك لا يحسن بالدعاة سوى التذكير بالنعمة قبل المطالبة بأداء شكرها كما أن عليهم قبل ذلك أيضا رسم الامثلة العملية الحية في حياتنا وهي خير مساعد على فقه النعمة ثم الاندفاع نحو أداء شكرها فأسلوب التمثيل فن قرآني ونبوي عظيم أناط الوحي به جزء كبيرا من عملية الهداية وبذلك ينخرط الدعاة في الاتجاه الواقعي للدعوة وهو الاتجاه العامل دوما على الانطلاق من الفطرة الانسانية والرجوع إليها ولابأس بغرض التمثيل والتقريب من الاستشهاد بنعمة الام وفطرية الشكر من لدن الوليد والامر ذاته ينسحب على المعلم وطالبه والدال إلى الخير مادة أو معنى والمرشود إلى ذلك وعندها يعسر على الموعوظ أن يكابر في أن ولي النعمة بأسرها بسائر تفاصيلها ومظاهرها هو الخلاق سبحانه من عدم وتظل عمليات التذكير التي تتابعه كلما حل في مسجد أو عثر على واعظ كفيلة برده إلى ولي نعمته سبحانه لا بل لابد قبل ذلك وبعده للدعاة من تسخير المعطيات العلمية التي أضحت اليوم ملكا مشاعا لسائر الناس دون حد محدود وذلك بغرض تفصيل الاثر المادي للنعمة أمام الابصار والبصائر كما لا بد لهم من إعتماد فقه المقارنة بين المنعم وبين غيره وكذلك بين المتمتع بالنعمة وبين المحروم منها وخاصة عبر الدربة العملية التي تشترك فيها الابصار مع البصائر والاسماع والافئدة وبذلك تنغرس يوما بعد يوم عملية فقه النعمة وردها إلى صاحبها الاول سبحانه فإذا تم ذلك فإن أداء شكرها لا يتطلب بعد ذلك لا قبله جهدا جهيدا ولو شئت تلخيصا حسنا لكل ذلك فلك أن تقول بأن شكر النعمة عملية ذهنية عقلية بالاساس سرعان ما يلتقطها القلب بنياطه الحساسة فتعمره بالرحمة والرفق .



    أثر النعمة وجوه ثلاثة تتكامل تكامل النعمة :

    من عجيب ما عثرت عليه أن جل من كتب في أثر النعمة في القديم والحديث في حدود إطلاعي لم يتجاوز أثرا واحدا وهو المتعلق بحسن الهيئة المعبر عن شكر الانسان ربه لنعمته سبحانه فكأن الله سبحانه لا يحب من المنعم عليه من عبيده وكل عبيده محل نعم لا تحصى سواء كفروا أم آمنوا سوى أن يحسن هيئة جسمه وملبسه ومطعمه ومشربه ومسكنه وبذلك يكون قد أظهر أثر نعمة ربه عليه ولا يخفى على أحد أن ذلك ليس سوى مظهر صغير وليس هو قبل ذلك الاولى والاجدر ولست أرى سوى أن وجوه النعمة التي لابد لنا من إبراز أثرها علينا ثلاث وسائر ما دونها أو يليها هو بالضرروة جزء منها وهي :



    أثر الشكر: وليس كالشكر من كل منعم عليه حيال ولي نعمته تعبيرا عن سلامة الفطرة وزكاة النفس وكرم الشهامة حتى أنه عليه السلام قال " لم يشكر الله من لم يشكر الناس " لا بل حتى سمى سبحانه نفسه شاكرا وشكورا فهل سأل واحد منا علام يشكر ربنا ومن يشكر وهو ليس سوى الشكر المرتد أي أنه سبحانه لفرط رحمته بعبده وغيرته عليه وحنوه بأكثر من حنو المرضعة على وليدها يشكر عبده الذي إستجاب له بعبادة الشكر لا بل حتى إنتهى المحققون إلى أن عبادة الشكر أعظم أجرا وأجزل عطاء من عبادة الصبر وعللوا ذلك بأن ملازمة الشكر في كل الاحوال وخاصة في حالة الضيق والشدة التي يتوقف فيها المؤمنون تحت مظلة الصبر هو أرفع منازل القلب فالشاكر حال العطاء منسجم مع فطرته سواء كان الشكر حيال الانسان صاحب الفضل عليه أو حيال ولي النعمة الاكبرسبحانه أما الشكر حال الحرمان والمصيبة والشدة والالم بدل الصبر فلا يستريب عاقل في أن صاحبه بلغ درجة الصديقين والشهداء وليس مجرد الصالحين فضلا عن المؤمنين والمسلمين ومن أروع ما قال إبن عطاء " ما بسقت أغصان ذل إلا على بذر طمع " ومؤدى ذلك عمليا أن من أراد بلوغ مرحلة الشكر إلتزاما دائما في سائر الحالات فعليه بإلتزام الطمع المورث للذل ولكنه طمع لا تتوجه عيونه لسوى الواهب الاول وذل لا تستكين غصونه سوى تحت سقف الرحمان سبحانه ويقول العلماء أن ذلك يورث الرضى ولست في مقام نفسي يؤهلني عن الحديث عن الرضى والرضى لا تنفع فيه الكلمات لاستنباته ولكن تحدثك عنه مسالك الشاكرين دوما حتى في مقام الصبر فعليك بهم إن عثرت بهم سوى أن الشكر لا بد له من مستويات ثلاث تتكامل ولا تتعارض وهي شكر القلب وهو أهمها وأغلاها سعرا وشكر اللسان بإدامة الحمد ولو مع الغفلة اليسيرة وشكر الجارحة أي بالعمل عبادة وإنفاقا.




    أثر الجمال والقوة : وهو المستوى الذي قصر الناس حديثهم عنه كما أسلفت آنفا حسن هيئة في البدن وقوة في النفس وعزمة في الارادة وطهارة ثوب ورحابة مسكن ومركب وفق قاعدة " وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا " و" كل وألبس ما أخطأتك خصلتان : سرف ولا مخيلة " و" إن الله جميل يحب الجمال " وهو الذي من أجله أعفي أبوبكر وسائر من تبعه في ذلك من حرمة إسبال الازار وسائرما في حكمه حتى لو جاوز الكعبين كلما كان جميلا في عين صاحبه وعين الناس عرفا معروفا وتطهر القلب من السرف والمخيلة حتى أنه عليه السلام قال "إن لله عبادا يحييهم في عافية ويميتهم في عافية ويطيل أعمارهم يضن بهم عن القتل ويعطيهم منازل الشهداء " فالعافية بإختصار هي وجه آخر من وجوه الابتلاء بالخير والفائز في إختبارات إمتحانها شهيد .


    أثر تسخير الكون علما وبسطا للعدل : وأظن أن هذا المستوى من إبراز أثر النعمة هو الاكثر قصدا منه سبحانه من هذا الحديث مباشرة بعد أثر الشكر قلبا ولسانا وعملا والسبب في ذلك هو أن هذا الاثر ينسجم مع طبيعة الاسلام التي تعلمنا أن الله أشد حبا لعباده الاكثر نفعا للناس وهل ينتفع الناس أكثر بحسن هيئتك وقوة بدنك وعافيتك أم ببسط أسباب العدل بينهم نصرة للمظلوم وقمعا للظالم ودوحا للقوة العلمية التي تسخر لهم الكون ومرافقه سعادة في حياتهم عقلا ومادة غير أن هذا لا سبيل له بسوى ذلك لذلك قال عليه السلام " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير " .




    النعمة والنعمة :

    النعمة بفتح النون وتشديدها لم ترد سوى في معرض النكير على المترفين الذين دخلوا النار بسبب غفلتهم عن شكر نعمة ربهم عليهم " ونعمة كانوا فيها فاكهين " و" وذرني والمكذبين أولى النعمة " أما بكسر النون فترد في معرض الادلاء من لدنه سبحانه بنعمته " وأما بنعمة ربك فحدث " ولذلك تناسب لغوي ساحر فتناسب الكسر مع ذل الانكسار من المنعم عليه حيال ولي نعمته الاول سبحانه لا يضاهيه سوى تناسب الفتح المشدد بما فيه من تعقيد ولجلجة وحجاج مع تبرج جحود النعمة وناكر الفضل المتمرد على فطرته والماسخ لنفسه فأبشر بكتاب جمع بين تحدي الالسنة مهما سحرت ببيانها الانام وبين تحدي العقول مهما وفرت بعلومها لهم السعادة .



    الخلاصة هي إذن أن إظهار أثر نعمة ولي النعمة علينا سبحانه مؤمنين وكفارا فريضة وهي قبل ذلك خلة من خلال الفطرة لا تند عنها العجماوات البكم وهي ميراث الرضى الحائل دون كل الامراض النفسية التي تضج بها كرتنا الارضية في زمن البذخ وعصر الترف ودهر العلم وأثر النعمة أثر شامل لا يقتصر على حسن الهيئة بل يشمل أثر الشكر حتى حال الصبر على الفاجعة وأثر الفرد في حياته الخاصة وأثر تعدية النعمة إلى عباد الله كلهم بسطا للعدل ودوحا للقوة.

     
  5. #65
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السابعة والستون



    أخرج أبوداود عن جابر وإبن ماجة عن إبن عباس أنه عليه السلام قال "قتلوه قتلهم الله فهلا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال وإنما كان يكفيه أن يتيمم ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ



    شواهده سائر الايات الناعية على القائلين على الله بغير علم .


    موضوعه : ليس بعد إثم القول على الله بغير علم إثم يستوجب الدعاء على صاحبه بقتل الله له:

    إختلف الرواة في ما إذا كانت المسألة متعلقة بجنابة أو بجراحة وحوصلة القصة أن ثلة من أصحابه عليه السلام كانوا في حاجة لهم فلما أدركهم الليل وباتوا أصبح أميرهم جنبا على رواية بعضهم أو مريضا مرضا معتادا أو من جراحة على رواية آخرين فأشاروا عليه بالطهارة المائية رغم البرودة الشديدة للماء ففعل فمات فبلغ ذلك النبي الاكرم عليه السلام فقال الذي قال أعلاه .



    الحديث يرفع العملية إلى أقصى درجات حالات الطوارئ ويكاد يساوي بين المؤمن والكافر:

    أعرف أن ما قلته في هذا العنوان الفرعي كبير فمهلا علي وتدبر معي الحالة القصوى التي عليها الحديث وأولها إتهامه لزمرة العلماء الذين إستشيروا في قضية فقهية فأشاروا بما عندهم من زاد علمي بالقتل وكان يمكن له عليه السلام أن يقول " سامحهم الله " أو " تسببوا في قتله " أو شيئا من ذلك بما يوحي بالتخفيف كما كان يمكن له أن يعد ذلك من باب الاجتهاد الخاطئ قياسا على ما جرى في صلاة العصر في الطريق إلى بني قريظة بعد الخندق ومما يرجح ذلك أن الصحابة ـ وأرجوك تدبر معي أنهم صحابة وليسوا إخوانا ولا أحبابا مثلي ومثلك إن كنا نصلح للاخوة أو الحبة نسبة إليه عليه السلام ـ لم يكونوا يقصدون قتل أميرهم ولا إيقاع أي ضرر به ولكن إجتهدوا بما عندهم من فقه فأخطؤوا. كما أرجوك إلى عدم نقض الشريعة بالافراط في إستخدام المجاز سيما عند تخلف شروطه اللغوية والشرعية والعرفية ولعلك تدرك معي جيدا أنه عليه السلام أفضل من تكلم بلغة الضاد فإذا كان بعض الانبياء من قبله أوتي الحكمة وفصل الخطاب فلا ريب أنه وهو خاتمهم وناسخ شرائعهم والمهيمن عليها لم يؤت لا حكمة ولا فصل خطاب بل هو ليس سوى الحكمة عينها وفصل الخطاب ذاته ولذلك يغدو قوله على أصحابه المجتهدين هنا " قتلوه " بريئا من كل مجاز محكما خطابه . ثم نمضي كماترى معي فلا نجد بعد ذلك سوى ما يجزم ويؤكد ما قلناه وذلك عندما دعا عليه السلام عليهم أي على أصحابه المجتهدين بالقتل من لدن الله ولا تظنن أنه عليه السلام في حالة غضب فهو لا يقول سوىحقا محقوقا في سائر حالاته من غضب وفرح وفقر وغنى ويسر وعسر ولعلك كذلك تعلم أن كل ذلك بما فيه الدعاء عليهم بإعتبارهم صحابة مجتهدين بالقتل من لدن الله وليس من لدن واحد آخر سواه هو وحي يوحى فلعلك تطمئن الان إلى أن القتل من جانب الاصحاب المجتهدين لاميرهم كان حقيقة لا مجال للتخفيف من أثر وطأتها وأن القاتل لهم ليس هو سوى الله سبحانه وهو دعاء تردد كثيرا في القرآن ولكنه ضد الكافرين . ثم مضى الحديث يعلل سبب إتهام الصحابة المجتهدين بقتل أميرهم وينسب إليه سبحانه قتلهم جزاء ما فعلوا فبين أنهم إستحقوا ذلك بسبب أنهم " لم يسألوا لما لم يعلموا " وبسبب أنهم " أعياء – ( جمع عي أي أحمق جاهل أخطل أخرق ) لم يبحثوا لهم عن شفاء "وهو شفاءعقلي يتحصل بالعلم الذي كان على الصحابة المجتهدين القاتلين بإجتهادهم الخاطئ وهو التيمم سواء كان الماء يضر أميرهم بسبب مرضه أو جراحته أو جنابته .



    الدرس الاول من الحديث : الاسلام بسائر تكاليفه رحمة مهداة للانسان وليس نقمة :

    وددت والله لو أن العلماء والمصلحين اليوم تجندوا لحشد مظاهر كرامة الانسان في الاسلام من خلال نصوصه وتراجمه العملية نبويا وراشديا وإني والله مرة أخرى لعلى يقين لا يضاهيه يقين بأنهم لافين من ذلك ما تضج به الارض أسفارا مسفرة وتجف منه البحار والانهار ولو جاء ربك بمثل ذلك مددا والسبب بسيط : تلك من كلمات الله " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد..." لابل وددت لو أن العلماء والمصلحين بسطوا تلك الاثار كلها فنخلوها وسبروها تماما كما يفعل بالمادة الخام ثم إستخلصوا خمسا من الثوابت العظمى التي على الناس أجمعين أن يحفظوها عنا ونحفظها نحن كما يحفظ تلاميذ المدارس نشيدا أو مثلا وتكون تلك الثوابت هي نشيدنا الرسمي وزينة أعلامنا ومعالم أرضنا وبيتنا حتى لا تندرس تحت أقدام الطغاة ولا تحت دبابات المحتلين ولو فعل المصلحون ذلك لزعمت بأن ثابت كرامة الانسان قبل الاسلام وفي الاسلام وبعد الاسلام هو الثابت الثاني مباشرة بعد توحيده سبحانه وقبل ثابت الجماعة والامة حياة وشهادة وخيرية وبعدها لن تبقى لي سوى أمنية واحدة وهي أن يترجم كل ذلك إلى لغات العالم ثم يترجم في واقعنا. وهذا الحديث يعلمنا درسا لن ننساه مفاده أن الانسان سواء كان مجنبا أو مريضا أكرم على الله حتى من دينه وكعبته وقبلته وسائر ماخلق حتى الملك المسبح بحمده لا يفتر والسبب : من يتدين بالدين المنزل من السماء لو قتلنا الانسان بفقه أعمى أو بفتنة صارمة أو بدبابة محتل لا بل لمن الجنة لو فعل به ذلك وكان يمكن له عليه السلام أن يقول كما نقول نحن اليوم الذين نزعم إتباعه وحبه " قضاء وقدر " بلى نقول اليوم نحن ذلك ببلادة غير مسبوقة متجاهلين أن قتل الانسان بالفقه البليد الذي نسميه دينا هوكفر بالقضاء والقدر وهل الانسان سوى قضاء الله وقدره يسلط صالحه على طالحه فيهديه ومجاهده على ظالمه فيردعه .



    الدرس الثاني : لامجاملة ولامهادنة على حساب الثوابت الكبرى :

    كثير من المتدينين لا ينتظرون منه عليه السلام هذا الموقف الصارم فهم يجهلونه وكم منا من يجهله اليوم عليه السلام سوى أن دثارا من الله يواري سوءاتنا وكثير من أولئك يودون ألا يوصف الصحابة الذين دعا عليهم هنا بالقتل من الله سبحانه بالعياء وهم يجهلون طبيعة هذا الدين الذي لا يعرف المجاملة في الحق فهاهو الوحي يعاتب صاحب القلب الذي وعاه وبلغه في مواضع بعدد أصابع يمناك وفي ذلك درس بليغ لنا اليوم جميعا حتى نتوسط في خلق المجاملة فنحفل بها خلقا ساميا نبيلا تأليفا للقلوب وننبذها يوم تطغى على الموازين القسط وأي ميزان أقسط قبل ميزان تكريم الانسان فحتى التوحيد وهو الميزان الاعلى لم يعلمنا إياه سوى تكريما لنا وإلا فهو سبحانه لغني عنا لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين .



    الدرس الثالث : الفقه المتعفن ضار بالعقول ضرر الغذاء المتعفن بالاجسام وكلاهما قتل للانسان:

    بلى قتلوهم قتلا إستوجب دعاء المؤيد بالوحي عليهم بالقتل من لدن رب الحياة ورب الموت بلى قتلوهم بفقهم الجاهل ولو أخطأ أحدهم فقتل هذا الامير المقتول هنا بسيفه لاستغفر له الرسول ولوجد الله توابا رحيما أما حين أخطؤوا في الاجتهاد خطأ يصل إلى حد قتل الانسان فإنه لا يليق بهم سوى الدعاء عليهم بقتل الله لهم وأي نكير غفر الله لهم ولنا جميعا وهذه هي المعضلة التي طالما يقف عندها الناس اليوم حيارى : كيف يعامل عليه السلام أصحاب صلاة العصر في الطريق إلى بني قريظة على غير ما عامل به هؤلاء وكلاهما مجتهد وحل المعضلة هو أن الاجتهاد المأجور صاحبه حتى لو أخطأ مليون مليون مرة له حدود لا يتعداها حتى يستحق ما إستحق هؤلاء وتلك الحدود هي عدم تأدية ذلك الاجتهاد مهما كان خاطئا إلى قتل الانسان قتلا ماديا أو معنويا والسبب هو أن الانسان هو تاج صنعة من أحسن الصنعة سبحانه والله أشد منا جميعاغيرة .



    الدرس الرابع : أمثلة حية عملية معاصرة من الفقه القتال للانسان بحكم إنتهاء صلاحيته :

    بعض الاحكام وإن شئت أن تكون أكثر تحديدا ودقة فقل بعض الفتاوى إنتهت صلاحيتها فكيف نداوي بها أنفسنا بينما نرمي عرض الحائط بمثيلاتها من الاغذية البدنية ومنها : ـ منع السفارة السعودية بباريس في موسم الحج الفارط 1425 كل إمرأة فرنسية مسلمة من تأشيرة حج بدعوى عدم توفرها على محرم فقل لي بربك من أين تأتي المرأة الفرنسية المسلمة بمحرم وهي شريدة طريدة في مجتمع يحارب الله ورسوله والحريات لا بل قل لي بربك هل يخاف على عرض هذه المرأة المسافرة من بيتها إلى المطار في سيارة ثم في طائرة مليئة بالحجيج ثم تزاحم إخوانها في الطواف والرمي كرها بحكم الكثرة ثم ترجع في طائرة ـ منع مفت سعودي على إحدى الفضائيات سمعته بنفسي يفتي إمرأة سورية مات والدها في دمشق وهي لم تره ولا عائلتها لاسباب سياسية منذ عقود بعدم جواز سفرها بالطائرة من ألمانيا إلى سوريا لهذا الغرض لعدم وجود محرم رغم صحبة إبنها وهو صبي مميز كما يقولون ـ إصدار مفتي السعودية قبل شهرين لفتوى سمعها العالم بأسره على الفضائيات تقول بحرمة المقاومة والجهاد في العراق المحتل ضد الامريكان ـ إفتاء كبير أساقفة الازهر ورئيس كردينالاته السيد طنطاوي بحلية الربا بسائر أصنافه حتى ربا النسيئة ذي الصورة البدائية المعروفة وهو محل التعامل اليومي الاقتصادي البنكي ـ إفتاء جلول جريبي كبير قساوسة تونس قبل عام ببطلان صلاة الجمعة التي لا تتضمن دعاء لفخامة الرئيس .



    الخلاصة : ليس الاحتلال الصهيوني والامريكي ولا الشيوعية وبناتها من مادية وعلمانية ولا الاستشراق الصليبي المتدثر بدثار البحوث الدراسية ... ليس كل ذلك ولا غيره كثير بأشد عداوة للاسلام ودعوته المعاصرة من مؤسساتنا الدينية الرسمية والدليل قوله " إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ..." ولما قال عدي بن حاتم له عليه السلام وهو ينزع عنه سوارا أحاط بعنقه " إنهم لم يعبدوهم " قال عليه السلام " أليس أحلوا لهم الحرام فأستحلوه وحرموا عليهم الحلال فأستحرموه" قال عدي " بلى" قال عليه السلام " فتلك عبادتهم إياهم ".

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 13 من 21 الأولىالأولى ... 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك