+ الرد على الموضوع
صفحة 15 من 21 الأولىالأولى ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 75 من 105
  1. #71
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والسبعون

    أخرج مسلم والترمذي عن أنس أنه عليه السلام قال " من عال جاريتين حتىتبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو " وضم إصبعيه عليه السلام .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ



    من شواهده " ولا تقتلوا أودكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ..."



    موضوعه : الانسان ذكرا وأنثى رأسمال إسلامي منتج مكرم وليس معرة للدفن :

    لابد لنا كالعادة دوما لحسن فقه هذا الحديث العظيم الكريم وكل ما يصدر عنه عليه السلام مبعث كرامة وإعتزاز لدينا من فقه ملابسات قوله وهي ملابسات تناولها القرآن الكريم كثيرا لا بل من أجل تصحيحها نزل شانا حملة ضارية غير مسبوقة على العادة الجاهلية القاضية بقتل الاناث تجنبا لتعرض الاباء العربي الكاذب للمعرة في مجتمع يستعبد فيه الذكر والانثى بإسم الفحولة والقوة البدنية والوفرة المالية وهذا وجه من وجوه الثورة الاسلامية التحريرية للمرأة والمتابع لسائر الوحي الكريم فإنه يلفى أن الاسلام لم يكتف بالنهي عن قتل الاناث فضلا عن تصحيح العقل الكامن والمسؤول عن سائر عمليات الاهانة والابتذال ولكنه تجاوز ذلك إلى الايجابية التي تحتمها الحياة الانسانية فوق الارض عبورا إلى الحياة الاخرة وذلك في مثل ما ورد هنا في هذا الحديث الحاض على أن الاحتفال بالاثنى بل بالاناث ميلادا وتربية وإعالة بسائر ما تعنيه الاعالة نفسيا وعقليا وماديا وماليا وعاطفيا سبيل ليست نهايته سوى بلوغ مرتبة النبوة لبوثا في الجنة لا بل في فراديس فراديسها فهل تجد في الفطرة الانسانية السوية ما يدفع إلى تكريم الانثى في مثل ماتجد هنا أي ضمان المستقبل الابدي السرمدي الخالد في أحسن الظروف المادية والنفسية لا بل هل تجد من يبلغ تحريره للمرأة وتكريمه لها هذا المبلغ ؟

    فبخلاصة أولى مقررة فإن المناخ الاولي الذي ظهر فيه مثل هذا الحديث الذي يرفع المرغبات إلى أقصاها أملا صادقا يعطينا فكرة صحيحة عن مدى حفل الاسلام بالانسان عامة والمرأة خاصة غير آبه بالعوائق المنتصبة يومها عادات وتقاليد وثارات قبلية وإباءات مستكبرة كاذبة وتلك هي عادة الاسلام دوما حيال القضايا الحيوية الكبرى المتعلقة بالانسان آدمية مكرمة لا تقبل الضيم والهون والقتل والمداهنة على حساب القيم النبيلة والمثل العظيمة وكان يمكن ربما في منطق بعض القاصرين لنبيه عليه السلام التغاضي عن إعلان حرب حامية الوطيس شيد لها العرب يومها من ساحات الوغى ما به تتلظى سائر القيم والمثل التي بها يكون الانسان إنسانا لا بل كان له ربما عليه السلام أن يسلك كما جرى في بعض التكاليف الاخرى سنة التدرج رعاية لواقع صاغته العادات والتقاليد العربية المكابرة بإحكام غدا معه قتل الاناث مفخرة عربية يحتفى بها ويعد صاحبها فارس حرب مغوار أو شاعر قبيلة نحرير لا يشق له غبار .



    هل إختفت فينا العادات العربية الكريهة أم زادت تأججا وما علاقتها بالفطرة ؟:

    لابد لنا منذ البداية من التقرير بجلاء ووضوح بأن تلك العادة العربية الكريهة ليست سوى تعبير عن غريزة مغروزة فينا غرزا مكينا وهي غريزة حب البقاء وهو غريزة مشروعة وكل غريزة فطرية هي مشروعة لا صلاح لحياة الانسان فوق الارض بدونها تماما كمثل كل آلة أو جهاز يرجع إلى صانعه لمعرفة الحكمة من ذلك كلما كان يحتفظ بحق الاختراع التي تضمنه سائر القوانين الوضعية اليوم سوى أن الاعتداء اليوم منا على ذات تلك الحقوق في جنب الصانع الاول عز وجل سبحانه سواء بإسم النمص أو محاولة تغيير الجنس أو الاستنساخ لا يلقى معارضة وكأنه سبحانه لا يعترف له بحق الاختراع أو بحق الصنعة أصلا . غير أن غريزة حب البقاء وهي ضرورية لعدم إقدام الانسان على إتلاف نفسه عبر الانتحار بسائر الطرق والصور أو التعرض للقتل المجاني ليس متروكا لنا أن نلبيها كيفما أتفق ولو إقتضى الامر وأد البنات وإستحياء الذكور بل لابد لها من ضوابط تعصم سائر المصالح الاخرى ومعلوم أن تلك الطريقة العربية الموغلة في الجريمة الحاملة على تلبية غريزة حب البقاء عبر وأد الاناث شكلها الواقع المستحكم يومها وهو واقع يجعل الرجل يمتلك سائر مظاهر القوة جلبا للمال ومنافحة عن العرض وردا للثارات صاعا بصاعين تربية نفسية وعملية من المهد بينما تكون المرأة كائنا مستعبدا لا يصلح سوى لما تصلح له الكائنات المسترقة في أسواق النخاسة العربية اللئيمة ولذلك فإن المرأة بحكم ذلك المنطق المتخلف لن تكون سوى مبعث معرة سيما لو باعت جسدها أو أرغمت على بيعه أو وقعت في الاسر ولا يحسن بحكم ذات المنطق سوى التخلص من عبء ثقيل لا يجر سوى العار والفضيحة بما هو بطن تجوع وليس يدا تضرب في الارض أو فرج يستحل بالقهر فلا يحمي نفسه بنفسه أو عرض يغتصب ويؤسر فتذهب خيرة قوى القبيلة شبابا ومالا لتحريره . تلك هي إذن مواطن القضية نفسيا وغريزيا وليس سوى سوء التعامل معها هو ماجعلها محل نكير من الفطر السليمة ومن البيان القرآني والارشاد النبوي .



    تلك جاهلية مازالت فينا بعض آثارها تشوش إيماننا بالقدر وموقفنا من المرأة :

    المسألة كما أسلفت آنفا تشترك فيها الغريزة الفطرية البشرية مع العادة العربية المستكبرة ذات الحمية الجاهلية غير أن ما يعنينا من كل ذلك أو بعده بالاحرى هو أن تلك الحمية مازالت تفعل في نفوسنا فعلها وهو فعل يصل إلى حد لا يبعد كثيرا اليوم عن مآسي الاهانة والاحتقار أو قل القتل المعنوي للانثى بل إنها حمية ربما لا يعزى إلى التدين السليم الصحيح علما وعملا مزية الحد من آثارها سيما في البيئات الاكثر تقليدية بل يعزى ذلك أو كثير منه على الاقل إلى الغزو الحداثي وما ينبغي لهذا لا أن يصحح إيماننا بالقضاء والقدر على النحو الذي يحرر الانسان ويكرمه وفق ما يريد منه خالقه سبحانه ولا أن يصحح موقفنا من المرأة صدورا عن الرؤية الاسلامية الوسطية المعتدلة بين وافد غاز يزعم التحديث وبين موروث قابع طاعم كاس .



    كيف صحح القرآن الكريم فينا كل ذلك عقلا ونفسا وفردا وجماعة ؟:

    نجد ذلك في مثل قوله " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما " و" وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت " وعبر مرة بقوله " نرزقهم وإياكم " ومرة " نرزقكم وإياهم " وغير ذلك . فبين أن تأنيث الولد أو تذكيره بالكلية أو جزئيا فضلا عن التعقيم إرادة ربانية ومشيئة رحمانية خالصة يدبرها تماما كما يدبر سائر ما ليس لنا فيه من خيار كجريان الشمس وهو يفعل ذلك سبحانه إبتلاء للوالد والمولود سواء بسواء وهل يسأل مالك عن حضيرته زيادة أو نقصانا في الكم أو الكيف ؟ كما بين أن مسألة الرزق التي من أجلها توأد الاناث لا تنتمي سوى إلى الطائفة الاولى من الاختصاصات والمشمولات رغم فريضة السعي في طلبه ولكنه سعي لا يبعد عن سعي مريم البتول عليها السلام منهكة في أثر الوضع مطالبة بذلك " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا " فالرزق بأسبابه وسننه ومنها الانسان وسعيه وحاجته مقدر منه سبحانه لحاجة الموؤودة قبل حاجة الوائد فإن قدر لهذا قبل ذاك ففيه كفل مقدر ونصيب معين لذاك قبل هذا .



    الانسان المغرور حين لا يدري أي ولده أقرب له نفعا :

    " آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا " هو هنا نفع الميراث غير أن ذات القانون ينسحب على الذكورة والانوثة في الولد وإذا كان ذلك قد حسمته العادات العربية المشينة بالاسلوب الذي تعلم قديما فإن حاضرنا ينبئ بأن العقل حيال ذلك لم يتطور كثيرا رغم التحسن النسبي أو التحضر الظاهري وذلك بالرغم من أن أحداثه تبين بأن نفع الانثى قبل زواجها وبعده سواء في رفع الذكر وحفظ النسب وجلب العز بل والمال وسائر ما يحب الانسان يكون في حالات كثيرة أرقى من حصة الذكر في ذلك .

    والانسان في عصرنا ما زال يفتخر سرا وعلنا بولده الذكر على غيره ويستخدم في ذلك ما لايحصى من الايماءات والاشعارات والتلميحات بل مازال يعتمد تربية يقوم عمادها رغم كثير من المزيفات والمزينات الساترة للعورات على تفضيل الذكر على الانثى ويتم ذلك عادة في الاسرة المحضن التربوي الاول والمحدد لسائر أطوار حياة الانسان على نحو يمهد لدونية المرأة في ما بعد ذلك من البيئات .



    الجاهلية العربية القديمة أعمتها الكبرياء الذكورية إلى حد تسفيه الله في خلق وخلق الملائكة :

    هذا في الحقيقة يمكن أن يكون لنا درسا معاصرا مفاده أن التمادي في الغي أي غي لا يستند إلى منطق الرشد يمكن أن يؤدي إلى مقارفة الحدود الكبرى التي تحول الانسان متمردا ليس على جنسه محكما مؤشرات القوة البدنية والمالية بل متمردا على أصله الاول ليس بمجرد الكفر المحض الناشئ عن الانكار بل بمزاولة الظلم في أقبح صوره وهو ذات الدرس الذي لم يفقهه العرب يومها فوقعوا في غلو شنيع حين سخروا من الملائكة التي هي ركن من أركان الاعتقاد جزء لا يتجزء من الايمان بالغيب وذلك بزعمهم أن الملائكة إناث فيكف يؤمنون بالاناث غيبا وعقيدة والحال أن الاناث في دنياهم ليس لهن من الحظ سوى الاهانة والضرب والهوان والقتل والوأد وسجل القرآن ذلك بمرارة في مواضع عديدة ولك أن منشأه الاول ليس هو سوى إحتقار الانثى ووأدها .



    شبه ردة فينا ولا عمر لها :

    معلوم عند الناس اليوم جميعا أن الفاروق عمر عليه الرضوان ليس قبل إسلامه سوى جلف غليظ غوى بمثل ما غوت به العرب حين أقدم على وأد إبنته فلذة كبده بيديه لم يرحم لها توسلا وهي تنفض تراب قبرها الذي ضم أضلعها حية على لحيته الكثة فلما جاء الاسلام صنع منه كائنا آخر مخالفا تماما لما عهد نفسه وعهده الناس ففتح الله على يديه بالسلطان وبغير السلطان ما لم يفتح به على أحد غيره ربما حتى أبي بكر ذاته في دنيا العقول ودنيا القوة سواء بسواء فهل أن الاسلام فعل ذلك مع عمر دون غيره أم أن الاسلام بحاجة إلى أمثال عمر في الجاهلية وفي الاسلام حتى يكرع من الالتزام النفسي والخلقي والعلمي والحضاري وهل من عمر لشبه ردة فينا نحن المسلمين قبل غيرنا حيال الانثى خاطرة في النفس لا ترضى بها وليدا أو لغو لسان هماز فضلا عن حيف يبرره الوالد والوالدة سواء بسواء بنفع قريب مرتقب من الذكر وهو ماء شربته أرض سبخة لا أنبتت كلا ولا سقت ظمأنا عند الانثى .



    الخلاصة : الانثى في الاسلام سبيل إلى منازل النبوة في الجنة لا بل إلى الوسيلة والفضيلة التي لا يستظل بظلها سوى سيد الانام محمد عليه السلام فمن لزمها بالحق والعدل فهي سفينته إلى تلك الدوحة ومن إختار الاخرى فالاسلام برئ من جاهليته في الدنيا والاخرة .

     
  2. #72
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والسبعون



    أخرج البخاري ومسلم عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالامام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع ومسؤول عن رعيته ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ


    موضوعه : الاسلام دين المسؤولية والالتزام حيال الناس بعيدا عن السلبية فضلا عن الخيانات :

    لو تقيض لهذا الدين العظيم الكريم رجال يكتبون الانتاج الاسلامي في مادة الاجتماع الانساني إستئنافا لاعمال المصلح الكبير عبد الرحمان إبن خلدون لكانت الارض اليوم غير الارض تأكيدا فنقص الارض من أطرافها كما وعد أو توعد سبحانه في كتابه العزيز ربما يتجاوز دحيها الظاهري خصما من قطبيها كما قال بذلك الدكتور عماد الدين خليل إلى دحي أهلها أو خصم بعضهم ممن حقت عليهم آيات الابادة والاذهاب بطي الذكر وذهاب الريح ورفع الاخرين فهو الرافع والخافض سبحانه والمعز والمذل في هذه الدنيا قبل الاخرة . والعلاقة وثيقة وطيدة بين تقيض الائمة في كل فن ومهارة وعلم ومعرفة من الامة الشاهدة على البشرية جمعاء لعمل الانتاج الثقافي الاسلامي وبين حسن فقه مسؤوليات الرعاية والامامة والبيت والمرأة والخدمة والالتزام وهي ذات المفردات تقريبا التي نضح بها الحديث الكريم العظيم إذ أن تلك الكلمات والمفردات هي ذاتها التي يستخدمها منظرون ينسجون بها عقودا إجتماعية ونظريات سياسية كفيلة بتحصيل أقدار كبيرة معتبرة من التقدم والنهضة والتسخير .



    الدرس الاول : للحديث جذع واحد مشترك هو أصله وأمه والباقي أمثلة حية :

    هو ذات الدرس الذي نلفاه دوما في أحاديث كثيرة وهو درس حيوي لنا اليوم لان الكثير منا يغفل الجذر العام الاصيل المشترك منه منصرفا إلى الامثلة وخير مثال لذلك كما قلت دوما هو حديث الاحسان فبمقتضى عقلية جزئية فإن الاحسان قيمة مثالية مجردة سابحة في الهواء الطلق لا تتنزل على دنيانا سوى في حال ذبح شاة أو نعم حدا للشفرة وإراحة للذبيحة ولم يكن ذلك عليه السلام مقصده يوما ولكنه سطر في حديث الاحسان مثلا القاعدة الكلية وهي أن الاحسان مكتوب منه سبحانه على كل شئ أي كل عمل وأمر ونهي وحركة في هذه الدنيا وكمثال على ذلك هاهي قضية الذبح وهو ذات المقصد والدرس هنا بالتحديد فالقاعدة الكلية المقصودة هنا هي أن كل الناس طرا مسؤولون عن كل أعمالهم وأنهم كلهم رعاة في هذه الدنيا فلا سبيل إلى التعلق بالامثلة الواردة بعد ذلك الاصل المقرر دون حسن فقه المعنى فقها يحسن التنزيل عند ملابسة الامثلة التي لم يذكر منها هنا عليه السلام سوى ثنتين أو ثلاثا وعلق الباقي على حسن فقهنا وحسن تعاملنا .



    الدرس الثاني : الرعاية والمسؤولية في الاسلام لا يستقيل من تكاليفها مسلم قط إلا مخدوعا :

    هذا هو مخ الحديث فالرعاية مسؤولية كل مسلم وذلك صريح من قوله " كلكم " كما أنه صريح من تكرر تلك الجملة الاسمية المقررة للاصل والمؤكدة له " كلكم راع ومسؤول عن رعيته " وهو تكرر أحاط بالامثلة من كل جانب فوردت في بداية الحديث وبها هي ذاتها ختم وهو أكبر دليل على صحة ما ذهبنا إليه في الدرس الاول في الفقرة السابقة وكذلك في هذا الدرس الذي نحن بصدده الان . وربما لهذه الرعاية التي لا يستقيل منها مسلم قط مهما كان وضعه علاقة وثيقة وطيدة بإخباره عليه السلام بأن ما من نبي إلا ورعى الغنم . وليس ذلك سوى أن الرعاية فن وحكمة وعلم ومعرفة ومهارة وشطارة لا يؤتاها كل أحد ولكن لا يعفى منها أحد . والرعاية كل رعاية تتطلب بالضرورة الاجتهاد لجلب المصلحة ودرإ المفسدة عن محل الرعاية وأكد ذلك عليه السلام بتثبيت المسؤولية في عنق الراعي كل راع . وذلك حتى لا يعذر راع مفرط من ناحية ولا تسند مسؤولية الرعاية أي رعاية لسوى المؤهلين لها . ولاشك أن رعاية الناس تتطلب المعرفة بالناس أي تتطلب فقه الانسان فلو رعيت آلة صماء لوجب عليك صونها بما يقتضيها حالها برودة وسخونة وإشتغالا وإنطفاء وتزيينا وتشحيما وغسلا ونقلا وتعهد وتجديدا ولاشك أن رعاية الانسان عملية معقدة طويلة كبيرة تعقد الجهاز الانساني تكوينا وأزدواجا وطول طفولته وعمره وكبر حجم المسؤوليات التي تنتظره في شبابه وكهولته وفي سائرأوضاعه فكيف بك إذا كانت الرعاية تشمل أسرة وليست فردا واحدا أو شركة أو مؤسسة أو إقليما أو شعبا أو أمة بل ما بالك لو كانت الرعاية في ظروف تتسم بالتغير وتبرج العدو الخصيم . على أن تعبيره عليه السلام بقوله " كلكم " يعني أمرين كبيرين أولهما أن كل واحد منا راع في موطنه وموقعه المناسب له خلقة وزمانا ومكانا وأهلية وهذا هو الواجب العيني على كل واحد منا سوى الحالات العرضية بطبيعة الحال من مرض وسفاهة وسفر وعجز ونسيان وإكراه أما الامر الثاني الذي يعنيه الحديث في قوله " كلكم " فهو أن كل واحد منا يضيف إليه بعد مسؤوليته العينية من موقعه المناسب مسؤولية أخرى وهي مسؤولية التعاون على الرعاية العامة وهو الواجب الكفائي وليس قولنا الكفائي أنه لو لم يقم به من يجب أن يقوم به أو قام به دون ذلك عددا أو عدة ... معناه سقوط المسؤولية عنا فالكفائية هنا يأتيها كل واحد منا ولكن تختلف درجاتها كثيرا أما نوعها فهو واحد وحدة المسؤولية العامة . فتخلي الناس اليوم عن الشؤون العامة للامة بكل معاني التخلي حتى لو كان إهتماما إعلاميا عن بعد مخالف لهذه الفريضة التي تقول " كلكم " .



    الدرس الثالث : الشعور بالمسؤولية الفردية حيال الشؤون العامة هو الحارس الذي لو نام هلكنا:

    لو يعثر كثير من الغربيين على مصطلح الرعاية والمسؤولية في تراثنا عامة سيما في النص المقدس من الوحي قرآنا وسنة فإني زاعم بأن كل منصف منهم وجاد آئل بإذنه سبحانه إلى الاسلام لان قوام أمرهم العام اليوم هو على هذين الكلمتين : الرعاية والمسؤولية . وفي واقعنا العربي المريض هل يزعم زاعم كاذب أنه ليس سوى غياب الشعور بالمسؤولية حيال حاضرنا ومستقبلنا في سائر وجوهه لم يكن وراء الهزائم والنكبات والمصائب لا بل إني أزعم أن مرض الغفلة عن واقعنا فضلا عن حسن فهمه وحسن علاجه وحسن الاجتماع حوله وحسن الاخلاص في سائر ذلك هو الداء الوبيل الاول الذي ينخرنا ولست اليوم لاف في سائر المجتمعات العربية والاسلامية سوى ثقافة تنتسب إلى الاسلام تكذب عنه بقولها بأن أمر السياسة للسياسيين والاقتصاد للاقتصاديين والاصلاح للمصلحين وليست لغيرهم وهو ما إهتبلته قوى الردة فينا وموالاة العدو حسن إهتبال فجعلته برنامجا يلقن في المدارس والاعلام فلو نام فينا الشعور بالمسؤولية متنا والسلام وليس لقاء العنت ولو أدى إلىالقتل في عقيدة المسلم صارفا عن المسؤولية غير أن المرض قديم يرجع إلى يوم تخلت الامة عن عقيدة المسؤولية الفردية والجماعية عن الاعمال والتصرفات في سائر الشؤون الخاصة والعامة للانسان أي عقيدة الاسلام الصافية لصالح عقيدة الارجاء الخبيثة بالنتيجة ولو حسنت الطوايا وصلحت النوايا .



    الدرس الرابع : الامثلة المذكورة في الحديث هي عقدة التغيير :

    الكون قائم على التوازن فقولنا بأن الحديث يؤصل للقاعدة الكبرى قاعدة الرعاية والمسؤولية ولا يتناول الامثلة سوى ضربا يتكامل مع قولنا الان بأن الامثلة الواردة فيه لم تكن إعتباطا أو أختيارا غير مسؤول لامثلة ثلاث من سائر أمثلة الحوادث غير المتناهية . وهو عليه السلام يريد بأن أول الحقول التي لابد لنا فيها من ترجمة الرعاية الفردية والجماعية ثقافة وعملا ليست هي سوى الحقول التي عليها تتأسس عمارة الدنيا أو خرابها وهي : الامامة السياسية والاسرة والميدان الاجتماعي والاقتصادي . وهي ذات الحقول التي نحتاج اليوم تفعليها بالرعاية والمسؤولية لحسن تأدية مقاصد الاسلام منا أي الخلافة والعمارة والعبادة .فالحديث ينصب القاعدة الكبرى قاعدة الرعاية والمسؤولية ثم ينصب أماراتها الكبرى الثلاث فالانسان يفتح عينيه علىأسرة تعلمه فن الرعاية ومعرفة المسؤولية ثم يكون عامل إنتاج إجتماعي وإقتصادي فيحسن فقه الرعاية والمسؤولية على الاعراض والاموال والانفس في سائر الشركات والمؤسسات ثم يكون مشاركا في الامر العام أمر الامامة السياسية الكبرى التي بصلاحها يصلح الانسان وبفسادها يفسد فليس له سوى حسن فقه الرعاية والمسؤولية سواء كان حاكما أو محكوما وسواء كان مواليا أو معارضا وسواء أدت المعارضة إلى عنت السجن أو القتل وكل تخل منه سواء في الاسرة أو في المجتمع أو في باب الحكم والسياسة وسائر الشأن العام هوتخل عن حراسة بوابة من بوابات حصن الانسان وصلاح الدنيا وحفظ الكون . ولا يسقط المثال الثاني من الحديث وهو المتعلق بخدمة العبد لسيده بعد تجفيف الاسلام لمنابع الرق وذلك عبر القياس المنطقي المرسل المتخلي عن الالفاظ والحافظ للعبرة والمقصد وهو حفظ ما ينبغي حفظه من قبل الاجير ومن قبل المستأجر. على أن الحديث يشير إلى درس آخر لا يتسع له المجال هنا وهو أن صلاح تلك الحقول الثلاثة مرتبط بعضه ببعض من ناحية بما يعني أن فساد بعضها كما صلاحه يؤدي إلى الذي يليه أما الدرس الاكبر من ذلك كله وهو اليوم لايجد قبولا لدى سائر المسلمين ـ بلىأقول لا يجد قبولا لدى سائر المسلمين ـ هو أنه عليه السلام بعد تثبيته لاصل الرعاية والمسؤولية مفتاحا للانصلاح تناول مثل الامامة السياسية مثلا أولياحاكما مفتاحا لما سواه من الامثلة المذكورة وغير المذكورة وهو ما لا يلقى اليوم قبولا لدينا نحن المسلمين الذين أخرنا حقل الاصلاح ا لسياسي إلى آخر الحقول إن لم نستبعده أصلا والحديث عمن لا ينطق عن الهوى يصرح بوضوح بأن رعاية المسؤولية في مستوى الامامة السياسية حفيظ على ما سواه .



    الخلاصة : لاأمل لنا في إستعادة نهضتنا الاسلامية الغابرة سوى بحسن فقه الانسان على أساس فهم أن صلاحه مرتبط بمدى ثقافته في الرعاية والمسؤولية وأن حالنا اليوم هي سليلة ثقافة إرجائية بإسم الاسلام لا سبيل لنا إلى تصحيحها سوى بثقافة إسلامية تعيد الاعتبار لفقه الانسان كائنا مسؤولا راعيا في سائر أبعاده وأن حقول المسؤولية الكبرى ثلاث أولها القيوم عليها جميعا برغم رفضنا نحن المسلمين لذلك قولا وعملا هي المسؤولية في مستوى الامامة السياسة التي تبني وتؤثر بوازع السلطان والعلم مع

     
  3. #73
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والسبعون

    أخرج البخاري وأحمد عن أنس أنه عليه السلام قال " إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن إستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ".
    ـــــــــــــــ

    موضوعه : أرحب أبواب الجنة وألحب فراديسها : تعمير الارض .

    الفسيلة هي في الاصل النخيلة الصغيرة حين تكون نبتة ناشئة وتطلق لغة على سائر أصول النباتات والاشجار .

    كلما تعرضت لحديث من هذا الضرب توقفت طويلا متمليا متأملا خاشعا في حضرة فقه نبوي عظيم لما نشارف نحن مسلمي هذه القرون المتأخرة على جني ثمره وأنى لنا ذلك ونحن نتغذى من أنهار أخرى آسنة ومما يزيدني تأملا وتدبرا أننا اليوم نحن مسلمي هذه القرون المتأخرة أحوج ما نكون لمثل هذا الفقه النبوي الكريم كيف لا وليس فوق الارض اليوم كائن حي لا يشكو من مشكلته الاقتصادية يستوي في ذلك الافراد مع الحكومات .

    أزعم دوما أن المسلمين اليوم في أغلبهم لا يعرفون نبيهم محمدا عليه السلام حق المعرفة فهو عندهم رجل دين وآخرة ومعلم جنة أو مجاهد بسيفه ضد الكفار أما علاقته بعمارة الدنيا بشتى فنون التعمير المادي والمدني والفلاحي والزراعي والعلمي فهو أمر يلبسه العلماء في سنته عليه السلام تحكما وتعسفا كيف لا وهو نبي الزهد والتقشف وركل الدنيا بقدميه ولو طلبت من هؤلاء بينة واحدة أو دليلا واحدا ما فر واحد منه إلى القرآن أو إلى السنة بل تلفى الواحد منهم يحفظ عن ظهر قلب مئات من الابيات الشعرية في مدحه عليه السلام تشيد بزهده وتقشفه وعزوفه عن الدنيا وحصده للكفار بسيفه البتار فإذا ما أدلى لك بذلك فقد كبتك في حسابه وأقام عليك ألف حجة وحجة ثم لا يستنكف هو ذاته أن يفر إلى الدنيا يعمرها بالحلال والحرام سواء بسواء . بلى أزعم أن أغلب المسلمين اليوم يجهلون الكثير عن نبيهم بل أزعم أن الكثير الذي يجهلونه عنه عليه السلام هو ذاته الذي يعزى إليه اليوم تأخرهم في قافلة الامم وذيول الشعوب فلاحا في الدنيا ونجاحا في التجارة والاقتصاد والصناعة والزراعة ولو رجعت إلى أول إحصاء يليك سواء تقادم زمانه أو كان إبن لحظته لمللت من مطالعة الارقام الاقتصادية الناطقة بأسرها بأن العالم الاسلامي بأسره مدين إلى العالم الغربي سيما إلى بنوكه الاستعمارية بعدد شعور رؤوس كل الناس فلو فررت مللا من مطالعة الارقام الاحصائية إلى تملي الواقع المعيش على الارض لالفيت أن تسعة أعشار المهجرين من أوطانهم سواء بسبب فقدان الامن أو لقمة العيش مسلمون وليس ما بقي منهم متحصنا بأرض الوطن بأحسن حال فهاهي المجاعات تفتك بالناس فضلا عن الحروب الاهلية وإنتشار الامراض الخطيرة المعدية . فلو نظرت مثلي في هذا الحديث مليا متدبرا الرسالة العامة التي جاء يؤكدها ثم نظرت في واقعنا الراهن من زاويته الاقتصادية مثلا لازددت إيمانا بأن معلم الناس الخير عليه السلام إنما جاء إلينا بالشفاء من عند ربه سبحانه وهو شفاء لا يضيره تبدل الازمان والمكان وهوشفاء لا يقتصر كما نعتقد نحن اليوم على الجانب الروحي بل يشمل سائر أبعاد الانسان فردا وجماعة غير أن الشرط المشروط لتأهل كل دواء لجلب النفع ليس هو سوى تناوله من لدن المحتاج إليه أما لو ظللنا نعتقد في أحقية الدواء بالشفاء دون تناوله وفق الوصفة الطبية فإن ذلك لا يغير من الامر شيئا .

    الدرس الاول : تأشيرة العبور إلىالجنة تسلمها سفارة إسمها : جلب النفع للناس .

    لك أن تقول أن هذه المبالغة في الحديث وهي تحض على إدارة معركة الوقت مع قيام الساعة لغرس فسيلة لن ينتفع بثمرها غارسها وربما لا ينتفع منها حتى أحفاده ولكن ينعم بثمرها من يجئ بعده سواء كان وارثا أو مشتريا أو ربما غاصبا أصلا ... لك أن تقول أن تلك المبالغة غير مفهومة كثيرا إذ من عادة الناس إذا ما أزفت ساعة المحاسبة وقرب الاجل الهرع إلى الاستسلام والخنوع وكف الاذى والانحجاب عن الناس لعل الانسان يلقى ربه بأقل ذنب ممكن . غير أن الاسلام في هذا الحديث جاء يحارب ذلك الفهم السقيم الذي يعتبر أن كف الاذى هو قمة رجاء الانسان ولو عمل الناس على جمع سائر ما ورد عنه عليه السلام في أذهانهم بطريقة عقلية مرتبة لالفوا أن حديثا آخر يجعل كف الاذى عن الناس هو أضعف الايمان وليس قمته غير أن الناس عامة بقدر ما تغبط فيهم سعيهم ضربا في الارض تنقم منهم قصر ذلك الطموح على أضعف درجاته ضربا في أرض الايمان . جاء الاسلام لغرس عقيدة في الناس رسالتها هي أن الطريق إلى الجنة بل إلى فراديس فراديسها يمر حتما عبر جلب النفع للناس سواء كان نفعا ماديا أو معنويا ونحن اليوم متأخرون عن هذا المعنى تأخرا رهيبا وليس الذين يحملون ذلك منها عقيدة بأفضل حال من غيرهم الذين يستبعدونه تعلقا بأنه عليه السلام نبي زهد لا نبي دنيا .

    الدرس الثاني : الايجابية العملية ميسم المسلم حتى في سكرات الموت وقيام الساعة .

    لا مناص لك من تدبر الحديث مرة بعد مرة حتى تلفى أن تلك المبالغة منه عليه السلام في الحض على غرس فسيلة ربما تذروها الرياح قبل أوان نضوجها لا تريد سوى غرس النفسية الايجابية والعقلية العملية فينا حتى آخر لحظة من سكرات الموت أو حال قيام الساعة ذلك أن الناس عادة حال الاضطراب والفتنة وإدلهمام الخطوب وإشرئباب الاعناق نحو الخلاص الفردي ينطوي كل واحد منهم نحو نفسه ينجيها وعندها فحسب تدرك من يعيش لغيره ممن لا يعيش سوى لنفسه فمن عاش لغيره شارك غيره جنتهم يوم القيامة حقا محقوقا أما من عاش لنفسه فحسب فبالكاد يسعه مقعده من الجنة لو ولجها . الكيس منا اليوم من يجمع بين القوة النظرية وبين الايجابية العملية حتى يكون بمنأى عن صنفين من المسلمين اليوم لا يزيدان الامة سوى حطة وسوء أولهما يتعمق في إحكام قضايا العقل والفهم والتدبر تصحيحا للبنية النظرية الاسلامية عند الناس إلى حد نسيان واقعهم المرير وثانيهما يبحر في ذلك الواقع إصلاحا دون حد أدنى من العلم والمعرفة فيغرس فيهم من الفهم السقيم ما لا يزيدهم سوى تأخرا . والانطواء على خويصة النفس اليوم هو الميسم العام الذي يلهي الناس عن معاناة المحتاجين ولهم في ذلك ما لا يحصى من الشواهد الدينية والواقعية حتى لوجادلك واحد منهم لاقنع نفسه بأنه أتى لك بأصح قراءة معاصرة لرسالة الاسلام.

    وليس كالايجابية العملية التي تصدر عن أخلاص وحرقة وأمل وحب للناس وحرص على جلب النفع لهم بإعتبارهم صنعة للرحمان سبحانه كفيلة بغرس الامل واليقين والصبر والثقة وسائر ما نفتقر إليه اليوم من معان إسلامية عظيمة كريمة .

    الدرس الثالث : الامل في نفوسنا هو بمثابة الدماء في عروقنا .

    لا يمكنك وصف من يسابق قيام الساعة وهي تهم بالقيام وقد أقبلت مشاهدها مصطكة مزدحمة مهددة متوعدة بغرس فسيلة لا تغني ولاتسمن عن جوع في حسابنا نحن الذين يقتلهم اليأس بأكثر مما يقتلهم العدوان الصهيوني والامريكي وأذياله ... لا يمكنك وصف ذلك سوى بأنه مملوء أملا وثقة ويقينا وليس كالامل حياة تبعث الحياة والهمة فينا تماما كالدماء النقية المتدفقة في شرايين عروقنا تضخ الحياة فيها وهل تموت الشعوب والامم سوى عند ما يقتلها اليأس لا بل إن اليأس هو العدو الالد للانسان وهل الاسلام سوى رسالة تبعث الامل في إبن آدم وأنت تلفى اليوم أن الناس يستبد بهم اليأس وهو يأس يبدأ من يأسهم من الناس ثم ينتهي بالنتيجة ولو دون تصريح منهم بذلك إلى اليأس من رب الناس سبحانه فالامل لا يتجزأ ومن يئس من صنعة الرحمان ييأس بالنتيجة بعد برهة من الصانع ذاته واليائسون اليوم من الاصلاح في سائر ميادينه يائسون من صنعة الرحمان ثم من الرحمان سبحانه لا بل سرعان ما ينقلب ذلك اليأس اللعين إليهم هم أنفسهم فيقدمون سواء على الانتحار في صورته البشعة المعروفة وهذا قليل رغم كثرته أو على الانتحار المعنوي وليس الانتحار المعنوي سوى حصر الاهتمام في خويصة النفس فرارا إلى الذات والشهوة واللذة ثم يتهم نفسه ثم ينقم عليها ويعنفها ثم يصيب نفسه بأمراض نفسية عاتية معقدة ثم يقضي حياته ميتا بين الاحياء .

    الدرس الرابع : الفسيلة رمز للعمل والبناء والاصلاح في سائر المجالات .

    هل يمكن لنا أن نستخلص من الحديث بأن أفضل الاعمال هي الفلاحة أو الزراعة أو غراسة النخيل ؟ طبعا لا . والحياة في هذه الدنيا مبنية على أساس أن بعضها يرمز إلى بعض لان الرمز يعبر الزمان والمكان فيتلقفه العقل ناسجا على منواله ومتدبرا في مغزاه . فالفسيلة ليست لها هنا معنى مستقلا يخصها لوحدها بل هي رمز لكل عمل وبناء وإصلاح والغرس يتخذ له صورا معنوية عديدة فغرس المصانع النافعة هو من ذلك الضرب وقس على ذلك كل عمل نافع ماديا كان أو معنويا كلما كان خادما لمصلحة الانسان المحتاج إليه سواء في حاضره أو في مستقبله الذي ربما لا يدركه هو بل يدركه أحفاده والاجيال التالية له وهو ذات المعنى الذي جعل الفاروق عمر عليه الرضوان يتأول آية تخميس الغنائم في أرض السواد بالعراق وفق ما تعلم . ونحن اليوم بحاجة إلى فسائل كثيرة نافعة في أكثر من ميدان إعلامي وتربوي وتعليمي وإجتماعي وإقتصادي وسياسي وعلمي .

    الدرس الخامس : فسيلتان لا غنى بنا عنهما اليوم : فسيلة المقاومة وفسيلة الاصلاح .

    فسائل الحياة لا يغني بعضها عن بعض سوى أن واقعنا الراهن يتطلب منا حدا أدنى من ترتيب الاولويات على أساس الحاجة والامكان وواقعنا الراهن اليوم موسوم بأمرين لا يختلف عليهما عاقلان وهما الاحتلال الصهيوني والامريكي لارضنا وفي الاسلام كل أرض الاسلام هي أرض كل المسلمين عقيدة لا تحكم فيها وثانيهما خضوع بلادنا العربية والاسلامية بأقدار متفاوتة إلى ضرب من الظلم في سائرالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ظلمامبرحا يتحول فيه الانسان الحاكم إلى سيد مطاع بل إلى إله في الارض والانسان المحكوم إلى عبد حقير سقط المتاع أرفع منه قدرا ولا غنى عنا تخفيفا من وطأة هذا وذاك من غرس فسيلتي المقاومة والاصلاح . كما أن الحديث في درس آخر لا يتسع له المجال هنا يرشد إلى أن غرس فسائل الخير في كل مجال لا يرتبط بزمان دون آخر ولا بمكان دون آخر ولا بحال دون أخرى بل هو حال الضنك والشدة والضيم أشد طلبا قياسا على قيام الساعة وهل أشد كربا على الناس من كرب قيام الساعة ولتدارك قيام الساعة ساعة الامة وساعة الشعب وساعة الحكومة وساعة الناس وساعة هذا المجال أو ذاك لابد من ريه بفسيلة خير والفسيلة كما ورد في حديث آخر صحيح تعرضنا له هنا في هذه السلسلة مبعث برد وسلام على الميت في قبره فهي على صدر الحي أكثر بردا وسلاما فإلى فسائلكم يا أهل الخير لا يغرنكم تقلب الظلم ففسائلكم له بالمرصاد.

    الخلاصة : الفسيلة رمز أمل ورمز إيجابية عملية ورمز نفع للناس ورمز إصلاح يظل لواؤه مرفوعا شامخا في أحلك الظروف وهل أحلك من قيام الساعة والفسيلة المغروسة في الدنيا هي دوحتك في الجنة لك فيها الظل الممدود والثمر الطيب والجمال الباهي فلابد لاهل الفسائل من الاجتماع والتعاون والتآخي لتعهد فسائلهم المغروسة بالماء الزلال .

     
  4. #74
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السادسة والسبعون



    أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " إجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله والسحر وقتل النفس والربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــ



    موضوعه : الانسان في كون ربه ضيف راحل ونزيل مؤقت يحسن به الوقوف عند حد مضيفه :

    الاجتناب لا يعني مجرد الابتعاد والانتهاء كما يحلو لبعض المتفيقهين الجدد سيما من الذين يريدون أن يمرقوا من الدين بإسم المقاصدية أو غيرها بل الاجتناب يعني كما يدل عليه جذره بصيغة المبالغة ملازمة أقصى درجات الابتعاد عن جنب الشئ فإذا كانت ملازمة الجنب كفيلة بإنشاء نوع من الابتعاد عن الجوف فإن الاجتناب بصيغة الافتعال التي يأتيها الفاعل من تلقاء نفسه مبالغة وحملا لنفسه على ذلك يعني الابتعاد الاكبر والاجتناب أبلغ دوما من الانتهاء حتى أن القرآن إستخدمه فيما هو بالغ الضرر على الانسان في مثل قوله في سورة الحج " فأجتنبوا الرجس من الاوثان وإجتنبوا قول الزور " وكلاهما أقصى ما نهى الله عنه سبحانه لان الاول متعلق به سبحانه ينفي عنه صفة التوحيد الالهي والثاني متعلق بالانسان يوري نيران الحرب التي لا تبقي ولا تذر . كما إستخدم القرآن لغة الاجتناب في ما يتعلق بالخمر وبناتها في قوله " إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " فالخمر أم الخبائث وعادة ما يأتي المخمور سائر ما بعد إحتسائه لها لذلك تصدرت قائمة الاجتناب هنا كالميسر والانصاب والازلام وهي بعد ذلك تمحق القدرة العقلية عند الانسان الذي يهون عليه بعد سنوات من الادمان عليها إتيان الميسر ومعلوم أن الخمر اليوم هي مشهد ثابت من رقعة مسرحية كاملة متكونة من السيجارة فالخمرة فالزنا فالمخدر فالكذب فال فالسجن فالجريمة ففقدان المناعة فالمستشفى فالموت . فالاجتناب إذن ليس مجرد الانتهاء أو الابتعاد وكلما ألفيت النهي بهذه الصيغة فأعلم أنه موبقة من الموبقات . والموبقات ومفردها موبقة قادمة من جذر أبق أي هرب وفر وبعد ومنه إباق العبد فهو آبق وإسم مفعوله موبق وهو الامر الذي أدى بالابق إلى الاباق كالعصيان مثلا وسميت هذه السبع موبقات من لدنه عليه السلام لانها محل إباق العبد عن ربه سبحانه أي تصرفه عنه وتجعله يفر عنه ومنه وهي كناية عن إبتعاده من مجال رحمته سبحانه وذلك مؤذن بضياعه كمركبة تأبق من مجال جاذبيتها أو مدارها الفلكي . والموبقات هي أكبر الكبائر فالاثام قلبية وظاهرية من جهة وهي صغائر وكبائر من جهة أخرى والكبائر هي أصناف ثلاث : أكبر الكبائر ثلاث وهي : الشرك والزنا بحليلة الجار وقتل الولد مخافة الفقر . والكبائر التي نحن بصددها وهي سبع وتسمى موبقات وهي درجة ثانية في إتجاه الاسفل والدرجة الثالثة والاخيرة من الكبائر هي الكبائر التي قال عنها إبن عباس أنها سبعين وعدها بعض من كتب في ذلك من مثل الذهبي وغيره . وقال العلماء بأن الكبيرة بصفة عامة في القرآن هي كل ما رتب عنها سبحانه لعنة أو حدا أو وعيدا أو ما هو في حكم ذلك من مثل الغضب ويعرف ذلك من سياق الاية بيسر ومعلوم أنه سبحانه وعد ووعده حق وعدل وصدق بالتجاوز عن الصغائر لمن إجتنب الكبائر والتوبة خير سبل الاجتناب إذ التائب من الذنب كمن لا ذنب له حتى قال بعضهم " لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع إستغفار " .



    الدرس الاول : إجتناب الموبقات هو الوجه الاخر لحقوق الانسان في الاسلام :

    لو قمت بنظرة سريعة شاملة معي الان تحدج بها تلك الموبقات السبع لالفيت بيسر بأن إجتنابها مفض بالضرورة إلى تحرير الانسان وتكريمه وتلك هي رسالة الاسلام في أكبر عنوان ومعنى لها . أليس من حق الانسان جلب سائر أسباب الحرية لعقله فيهديه إلى ما شاء من الاديان والمعتقدات ؟ وذلك أمر يضمنه إجتناب الشرك ولن يهدي عقل صاحبه إلى أي ضرب من ضروب الكفر مطلقا بل لن يهديه سوى إلى الدين الحق شأنه في ذلك شأن نحلة تقودها جبلتها المفطورة عليها إلى الازهار تستل رحيقها لا إلى الجيف والقاذورات . ثم أليس من حق الانسان تحرير إرادته وعقله ونفسه بالعمل والامل والتوكل ونبذ الحلول السحرية الكاذبة ؟ وذلك هو ما يضمنه له إجتناب السحر فالساحر كاذب حتى قال سبحانه " يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى " ولم يكن يوما للسحر ولا للساحر أية قوة ولكن يكون المسحور المغلوب المفتون الهالك الطامع الخائف اللاهث وراء الدنيا دوما ضعيفا نفسيا فاقدا لمناعته الداخلية تماما كما يفقدها مريض الايدز عافاكم الله وإيانا جميعا ووالذي نفسي بيده بعد ما جرى معي منذ ثلاثة عقود في حالة مشابهة لاجدني دوما بقرآن ربي سبحانه تواقا إلى تحدي كل ساحر مهما نبغت شهرته فهلا آن للمسلمين الذين تمتلا دنياهم بمصحات الدجل ومشافي الشعوذة أن يفيؤوا إلى صيدلية القرآن ؟ ثم أليس من حق الانسان حماية نفسه وصون حياته بدنا ونفسا وعقلا ورحا ومالا وعرضا ؟ وذلك ما يضمنه له إجتناب قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق . ذلك لان القاتل مقتول في كل الشرائع سوى ما يخرص به المخدوعون اليوم حماة القتلة وشريعة قريش والعرب من قبلهم أحكم من شريعة ثورة حقوق الانسان الامريكية والاروبية وذلك يوم قررت مبدأ تبناه الاسلام دون غضاضة لانه مبدأ فطري " القتل أنفى للقتل ". ثم أليس من حق الانسان حماية ماله من جشع المرابين عطاء ومنعا ؟ وذلك هو ما يضمنه إجتناب الربا أخذا ودفعا وليس الربا مهلكا للنفوس بالجشع والطمع والتواكل ولا مهلكا للضعفاء بأكل أموالهم ظلما فحسب بل مهلكا للدورة الاقتصادية المالية كذلك وفق ما بين الخبراء من مثل المرحوم عيسى عبده وغيره كثير. ثم أليس من حق الانسان تلبية أشواقه الروحية حال يسره وأشواقه البدنية والنفسية حال عدمه وذلك بحفظ مال اليتيم والضعيف والعاجز وسائر من في حكم أولئك ؟ وذلك يضمنه إجتناب أكل مال اليتيم . وليس اليتيم صورة إجتماعية واحدة نمطية بل هو كل عاجز وليس ذلك رحمة باليتيم فحسب بل رحمة بالمجتمع بأسره أن تخذله الصراعات الطبقية التي يبشر بها من لم يعجبهم من أصلنا سوى أن نكون حفدة القردة ممسوخين كما فعل بيهود العصاة . ثم أليس من حق الانسان الدفاع عن وطنه الذي فيه أهله وماله وتراثه ؟ ذلك ما يضمنه إجتناب التولي يوم الزحف . ومقاومة المحتل فطرة مفطورة قبل أن تكون دينا مدينا فكيف يشقى بعض من فينا اليوم بإنكارها ؟ ثم أليس من حق الانسان صون عرضه وهو شخصيته المعنوية عن ألسنة السوء وأقلام الفجور ؟ وذلك ما يضمنه إجتناب قذف المحصنات . فلو مات عرض أحدنا مات والسلام بخلاف العجماوات لا تموت سوى بموت أجسادها .



    الدرس الثاني : الموبقات السبع موزعة على أطراف ثلاثة تحيط بالانسان :

    لعلك لو قلبت معي الحديث على وجه آخر لالفيت سريعا بأن تلك الموبقات السبع الابقة بصاحبها بعيدا عن رحمته سبحانه رغم شمولها كل شئ " ورحمتي وسعت كل شئ " .. تتوزع على أطراف ثلاثة تحيط بالانسان : الله سبحانه وينعكس ذلك في إجتناب الشرك ثم الانسان وينعكس ذلك في إجتناب ما يحط من حريته وكرامته كالقتل والسحر والربا ومال اليتيم والقذف ثم الوطن وينعكس ذلك في إجتناب الفرار يوم الزحف . وهل الانسان سوى مخلوق لخالق مالك معبود له عليه حق العبادة والعبادة والشرك لا يلتقيان أبدا وهو بعد ذلك أخ للانسان كما قال علي كرم الله وجهه لعامله الاشتر" الناس له إما أخ في الدين أو نظير في الخلق " له عليه حق الاخوة وهو بعد ذلك إبن تربة عليها ولد ومنها صنع وفي أديمها نشأ وترعرع وهي جزء منها وهي وطنه وهو بذلك فطري الوطنية أحب أم كره وللوطن عليه حق الحماية . فالانسان إذن وهو يدعى لاجتناب الموبقات السبع إنما يدعى لحماية نفسه وأصوله الثلاث أو الدوائر الثلاث التي تحيط به : خالقه وأخوه الادمي وبلاده .



    الدرس الثالث : إجتناب الموبقات السبع تشمل الكيان الانساني بأسره دون حول :

    أنت تعلم أن السبب وراء فشل النظريات الجديدة الحديثة في مجال الانسان تربية وإصلاحا وتحريرا وتكريما ليس هو سوى حولها الذي لا ينظر إلى الانسان على أساس أنه كائن كامل متكامل متعدد الابعاد وليس السر في نجاح الاسلام في ذلك سوى لاحاطته بسائر أبعاد ذلك الجهاز البشري أحاطة كاملة متكاملة شاملة عادلة متوازنة وهو ما تبصره بأم عينيك هنا في هذا الحديث الذي يصون الانسان في أبعاده التالية : البعد الروحي وذلك بحمايته عن الشرك والبعد النفسي بحمايته من السحر والبعد الارادي بحمايته من التولي يوم الزحف والبعد البدني بحمايته من القتل والبعد العرضي بحمايته من القذف والبعد المالي بحمايته من الربا وأكل المال بالباطل والبعد العقلي بحمايته مجددا من الشرك ومن السحر. فإجتناب الموبقات السبع محرر للانسان من داء الانخرام في تكويناته وموازينه ومقاديره ومكرم له بإستعادته لسائر أبعاده الفطرية وكل جهاز لا يشتغل كأحسن ما يكون وفق تصميم صانعه له سوى بتحرير سائر إراداته وبواعثه دون غمط ولا جحود .



    الدرس الرابع : إجتناب الموبقات السبع إشارة إنطلاق لتعمير الارض بالخير المادي والمعنوي :

    معلوم لديك أن الانسان كائن متحرك فاعل مريد مختار لابد أن يملا حياته ودنياه بالشر أو بالخير وهو ما يعبر عنه بأن الطبيعة تأبى الفراغ وهو تعبير متفرع عن قانون الحركة وبعد ذلك هذا مشاهد اليوم فلا يخلد للدعة والراحة التامة سوى المشلولين وحتى هؤلاء لا تخلد عقولهم ونفوسهم لذلك بل تظل متحركة مريدة فاعلة ولو تفرست معي في هذه الموبقات السبع التي ندعى لاجتنابها فإنك تدرك معي بأن إجتنابها مفض إلى الحركة في الاتجاه المعاكس وهو إتجاه تعمير الدنيا بالخير فالمشرك يعود موحدا يملا نفسه ونفوس غيره بالامل والعمل والقوة النفسية والساحر والمسحور يتحولان إلى عاملين أريبين حريصين متوكلين ناظرين في الاسباب والسنن والاقدار بل يتحول كل منهما إلى قدر مقدور من الرحمان سبحانه وسبب من أسبابه وسنة من سننه يؤثر ويتأثر ضمن المشهد الكوني العابد السابح والقاتل يعود محييا للناس بالعلم والمال والقوة والمرابي يعود مزكيا متصدقا غياثا للملهوفين مجيرا للثكالى عائلا للايتام ناصبا الموازين القسط في الدنيا بماله وآكل مال اليتيم يعود زعيما للسعاة على الارملة والمسكين وقاذف المحصنات يعود كافا لاذاه عنهن حييا ستارا للعيوب محييا للاعراض ذائدا عنها باللسان والقلم والسيف والمتولي يوم الزحف يعود معبئا للجيوش الشعبية محررا للاوطان دافعا للعدوان بنفسه وماله وفكره وعلمه .



    الخلاصة : الموبقات السبع هي بمثابة الامراض الفتاكة العظمى التي تفتك اليوم بملايين مملينة من البشرية من مثل الايدز والسرطان وغيرهما أو هي بمثابة الجاذبية الارضية التي لا يخرج منها سوى من أراد الانتحار إلا بسلطان أو هي بمثابة علامات المنع الخطيرة في الطرقات كالضوء الاحمر وعلامة الوقوف الاجباري وإسداء الاولوية وفعلها في صاحبها هو تماما كفعل تلك العلامات أو الجاذبية أو الامراض في أصحابها غير أن هذه الموبقات تقتل الانسان نفسا قبل قتله بدنا وهو الموت الحقيقي .

     
  5. #75
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السابعة والسبعون



    أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ".

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ



    من شواهده " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله بكم رحيما " و " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق".



    موضوعه : الانتحار جريمة جارمة لا مناص من بحث أسبابها وتجفيف منابعها :

    ألست ترى معي أن هذا الحديث مؤلم الوقع على من أختار قتل نفسه ولعله أشد وقعا وإيلاما اليوم على ذوي المنتحر وهم يؤمنون أنه " في النار خالدا مخلدا فيها أبدا " وهو تعبير نادر وجوده حتى في القرآن الكريم فضلا عن السنة وفيه ما لايخفى عليك ولا علي من التهديد . ألست ترى معي أن قاتل نفسه إختار لنفسه مصيرا لم يختره سوى عتاة الظالمين وأكابر المجرمين في حين أنه ربما عاش عقودا من حياته فقيرا معدما منهوكا لم يسعد يوما برغد ولم يطعم لذة نفسية ولا بدنية ثم هو بعد دهر من العذاب يختار الخلود في النار حقيقة لا مجال للمجاز فيها . ألست الان تزفر معي من زفرات الالم والحسرة والاسى على منتحر تعرفه بعينه ما يكاد يسطو بك لفرط ألمه ؟ .



    ما الذي يدفع الانسان إلى قتل نفسه بيده وهو يضن بها ضنا مريبا يوم يدعى للجهاد ؟.

    لن أزال مصرا على أن الانسان " ذلك المجهول " في جانبه النفسي مازال مجهولا فينا وعندنا إلى حد كبير جدا يجعل كثيرا من الحقائق النفسية التي باتت مسلمة في حياتنا مجرد إحتمالات لا تصمد كثيرا مما يحول كثيرا من العلاجات النفسية المقدمة اليوم لنا ولسوانا لا ترتقي حتى إلى مسكنات بل كثيرا ما تكون بلة طين ومن صور ذلك الانسان المجهول أنه يدعى من لدن ولي نعمته سبحانه إلى الجهاد في معركة يعسر أن يرجع بعدها سوى بنعي حار فيضن ضنا مريبا وهو يعتقد جازما أن موته في تلك المعركة ليس سوى حياة جديدة لا تدانيها حياة في الاخرة دار الحيوان فضلا عن الدنيا ويضل يتحين فرص التفصي وتمحل المعاذير إلى درجة السخافة والسذاجة وهو يعتقد أن الموت الذي منه فر شر فر ملاقيه يوما وعندها يكون الموت هوالذي إختاره فريسة في حين كان يمكن له بالامس أن يكون هو الذي إختار الموت نفيسة ترصع حياته وربما تمور الحياة مورتها وتدور الدنيا دورتها ويقلب ربك سبحانه الليل والنهار كرا على كر فيقدم الضان بنفسه بالامس القريب على ولي نعمته سبحانه حرا مريدا مختارا مطمئنا على قربان ذات النفس ولكن إنتحارا وهو يعتقد تماما كما كان يعتقد بالامس القريب في الجنة أن النار تنتظره خالدا مخلدا فيها يصحبه ذات التمحل وعين التفصي الذي زين له بالامس القريب الضن بنفسه . ألست ترى معي أن الانسان لا يصدق عليه في جانبه النفسي سوى " الانسان ذلك المجهول ". ولا تظنن بي مروقا عن الاعتقاد السمح الجاد سوى أني اوطئ من ذلك للقول بإختصار شديد ربما نتوقف عند تفاصيله بعد حين بأن أسباب الانتحار ذات المعدلات المرتفعة في دنيانا وفي الدنيا الاسلامية منها مازال المجهول يكتنفها من كل جانب فلا يستقيم أن نكلها بسرعة وإختصار وطيش حامق كما يفعل الدهريون المعاصرون ومن في حكمهم عقيدة وتفكيرا إلى الاسباب الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية ثم نختم على ملفها بخاتم السلطان الجائر لا يفض له وكاء.



    كيف نحصن أنفسنا والناس عامة من غائلة الانتحار ؟:

    هذا سؤال عملي صحيح سوى أنه يفتقر إلى بحث أسباب الانتحار التي لا أطمئن فيها كما أنف القول إلى التسطيح الدهري أو العضل العلماني فهو قول من " يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون " وما ينبغي في رأيي لمن حرم نفسه من الايمان بالاخرة التي يتأسس عليها فقه الانسان وفق التصميم الرحماني القول في قضية لا يبري فيها قوسا سوى ليخمد بها الانفاس بإسم العلم المعاصرفالنفس ليست صناعة مادية يتاح لكل من هب ودب القول في صحتها ومرضها فهي لطيفة لا تأذن بالدخول إلى عتبات حماها سوى لمن تسربل باللطف أما تغشيها بالنظريات المادية السوداء فهو تطبب عليه ضمان . فأسباب الانتحار في رأيي أسباب نفسية ذهنية باطنية بحتة وليست وجوهها الاقتصادية والمادية سوى ظاهرا ويتأسس ذلك على حقيقة نفسية مطلقة يقينية وهي أن الانسان لا يملك في حياته ما هو أعز عليه وأغلى من نفسه التي يضن بها حتى على حياة خالدة مخلدة في الجنة فكيف يهرقها مسفوحة رخيصة قربانا لغادة جميلة بهية أو لقب علمي سام أو قرش مالي فلا بد إذن أن يكون السحر المنسكب في نفسه مقنعا إياه بقتلها رخيصة دون الضن بها غالية سحرا فتاكا وليس ذلك السحر الفتاك سوى إنقلابا رهيبا سرى في جهازه النفسي الباطني ربما أطاح بالعقل أو بالروح أو بكليهما معا من مثل أن مقدار محلول الخوف في النفس طغى على مقدار محلول الرجاء طغيانا كبيرا فنشأ الانقلاب .

    ومن هنا فحسب يجدر بنا التعرض لكيفيات صون أنفسنا ضد مخاطر ذلك الانقلاب ومعلوم أن كل إنسان سوى المعصومين من الانبياء والمرسلين عليه السلام جميعا معرض إلى إنقلاب مماثل في مستوى مقادير المحلولات النفسية في باطنه مما يؤدي إلى الموت إنتحارا غير أن الله سبحانه أهدانا في مضمار المعالجة قانونا رائدا لايكذب وهو أن جنس العلاج لابد له بالضرورة أن يكون من جنس الداء وهو قانون ينحسب أحيانا على المعالجات المادية أما في المعالجات النفسية فهو مطرد لا يتخلف . فإذا إتفقنا بأن السبب النفسي الخالص هو المسؤول عن الانتحار وفق ما أنف القول في بعض تفاصيله وعزل ظواهره عن أن تكون سببا فإن الدواء الوقائي ضد ذلك هو نفسي بالاساس ولم يجد الناس بما فيهم أشدهم كفرا وأوقحهم كبرا بالامس واليوم وغدا سوى بلسم الايمان بالغيب علاجا ضد الانتحار ويستوي في ذلك الان لدينا وقوفا عندما نحن بصدده أن يكون ذلك الايمان صحيحا أو كاذبا فالايمان هنا رمز لحاجة فطرية إنسانية في التدين ولاشك أن أصرح الاحصائيات الدولية تقول بأن معدلات الانتحار تنخفض كلما كانت البيئة متدينة محافظة وترتفع كلما كانت مادية متبرجة وليس من المفارقات أن ترتفع معدلات الانتحار في بلد كالسويد منذ عقود بسبب التخمة المادية والفراغ الروحي وهو ذات الارتفاع الذي تشهده مناطق أخرى في الدنيا بسبب الضيق المادي والفراغ الروحي وبذا نتبين أن إدعاء الدهريين بأن الاقتصاد وسائر مظاهر المادة هي المسؤولة عن الانتحار وجودا وعدما كذب صراح ولايعدو ذلك أن يكون الشجرة التي تخفي الغابة . وربما يحاول بعض المتنطعين نقض ذلك بقولهم بأن إرتفاع درجات معدلات الانتحار عند المسلمين لا يفسرها الخواء الروحي وهذا وهم لان مجرد إدعاء الاسلام والايمان من لدن نفس خاوية من كل قيم الصبر والرجاء والامل واليقين والثقة والجلد والشكر لا يصمد في وجه أعاصير قوية تدفع إلى الانتحار .

    لكن المشكلة الكبرى في موضوع الوقاية ضد أسباب الانتحار تكمن في كون تلك الوقاية لابد لها من مناخ إجتماعي مشيد بالتربية الروحية والفكرية مشيع للامل بالتكافل والسلام والامن وهو مالا يتوفر دوما سيما في جمهوريات الرعب التي يحول فيها الحاكم البلاد بأسرها إلى مقبرة جماعية للاحياء أو معتقل كبير يسجن فيها الملايين المملينة ثم يحصد سائر مقومات تماسكهم الاجتماعي والقيمي حصدا مريعا فأنى لجمهورية مثل هذه أن تصمد أمام أسباب الانتحار ؟



    الاسرة محضن الوقاية ضد أسباب الانتحار :

    ليس من باب صرف النظر عن سائر مؤسسات المجتمع القول بأن الاسرة هي الحصن الاخير الذي لا يلجه طاغية ولا يطؤه مجرم تدجج بما تدجج ولكن عندما نفرط في مؤسسة الاسرة سواء حسن إختيار وحسن بناء وحسن تربية فإن الصائل الباغي يمكنه بعد ذلك إغتيال القلوب والعقول والناشئة وجيل المستقبل دون مقاومة ودون حاجة إلى سلاح أبدا سوى أن بعض الناس سيما من المنتسبين إلى حركة التغيير والاصلاح يهملون أمر الاسرة أو لا يحيطونها بما ينبغي لها من العناية فإذا إنهدم الجدار الاجتماعي بفعل هجمة شرسة غازية لم تكن الاسرة لتصمد سوى لايام قليلة ثم ما تلبث أن تنهار وعندها فحسب يمكن لنا القول بإطمئنان كبير بأننا في حالة كارثة لا قبل لنا بها . فالتغيير إن شئت قلت يبدأ بإختصار من أدنى درجات سلمه من الاسرة ثم الادنى فالادنى وذلك توقيا لحالات إرتدادية محتملة تماما كما يبدأ البناء وضع حجر الاساس لبنايته مؤجلا ما يليه إلى إبانه والاسرة إن شئت قلت بإختصار كذلك هي مجمع لسائر البيئات والسلطات فيمكن تحويلها إلى مدرسة وشارع وناد وحزب وجمعية وصحافة وحكومة وذلك من باب قراءة أسوإ الاحتمالات فهي الملجأ حين تنغلق البيئات الاخرى ولو لم تكن كذلك لما عدها الله سبحانه في دائرة التوقيفيات القطعية المضبوطة بتشريع ثابت ومفصل في الان ذاته لا يتغير بتغير الزمان والمكان والحال والعرف .



    الخلاصة : إذا كانت الظروف العامة سياسية وإقتصادية وإجتماعية مرشحة لتنمية معدلات الانتحار فإن على المنتمين لحركة الاصلاح والتغيير مضاعفة الجهود لتنمية معدلات التحصين النفسي سيما عند الشباب بغرس فسائل القوة الروحية كالامل والصبر واليقين على أساس الايمان الواعي المتبصر بالتاريخ وبسنن الدنيا مركزين على دور الاسرة في ذلك سيما في البلاد التي تنغلق فيها يوما بعد يوم منافذ الحرية والعدل والكرامة وعليهم أن يعلموا أن إنقاذ إنسان من الانتحار يساوي إنقاذ أمة بأسرها من القتل والموت فهم في سباق مع قتلة الانسان بإشاعة اليأس

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 15 من 21 الأولىالأولى ... 5 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك