+ الرد على الموضوع
صفحة 19 من 21 الأولىالأولى ... 9 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة
النتائج 91 إلى 95 من 105
  1. #91
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثة والتسعون



    أخرج مسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وإبن ماجة عن أبي ذر أنه عليه السلام قال " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ

    موضوعه : أبغض رداء يلتحف به إنسان رداء الكبر وأبغض إعتداء هو الاعتداء على الانسان .

    أذكر بداية بملاحظة قديمة وهي أن من أراد جمع خطام الكبائر والمهلكات والموبقات من الذنب فليس عليه سوى جمع سائر ما ذكر في ذلك بدء بالقرآن وإنتهاء بالسنة دون الاكتفاء بنص واحد أو بعدة نصوص مهما كانوا شاملين في عينك وهي ملاحظة مرتبطة بمبحث قرآني إسمه تنجيم القرآن أي نزوله متفرقا مبثوثا على مدى عقدين من الزمان ومثله السنة وفي ذلك قال " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث " وعادة ما يقع الناس في الاخطاء عندما يستعجلون فيكتفون بنص أو نصوص في موضوع معين . كما لك أن تلاحظ معي هنا أن الخصال الثلاث التي ذكرها الحديث بلغ النكير فيها درجة لم يبلغها غيرها مما يوحي بكبرها عند ربك سبحانه وبعظيم أثرها في الدنيا على عباده سواء الذين يأتونها أو الذين يكونون ضحاياها " لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم " وقليلة جدا هي الذنوب التي تجمع كل هذا الوعيد فحتى الكافر غير الظالم لا يفعل به كل هذا من العذاب المعنوي والمادي سواء بسواء .

    من هو المسبل ؟:

    المقصود به من يرخي ثوبه إلى أسفل كعبيه . ومعلوم أن أبابكر الصديق عليه الرضوان كان يسبل ثوبه : أخرج الشيخان وأبوداود والنسائي عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة " فقال أبوبكر " يارسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده" فقال له عليه السلام " إنك لست ممن يفعله خيلاء ". ربما يظن بعض الناس أن الاجتهاد مطلقا محل صواب دوما وربما يستندون في ذلك إلى حادثة صلاة العصر في الطريق إلى بين قريظة بعيد الاحزاب وهي حادثة معروفة مشهورة لكل طالب علم في يومه الاول منه وإذا كانت المسألة لها إرتباط بالاصول فيما عرف بالمصوبة والمخطئة فإن الثابت أن الاجتهاد منه المصيب ومنه المخطئ " من إجتهد وأصاب فله أجران ومن إجتهد فلم يصب فله أجر واحد " سوى أن الناس ينطلي عليهم مثل ذلك الازدواج بسبب خلطهم بين القضايا التي يتعين فيها حق واحد لا يتعدد في أصله على الاقل من مثل وحدانية الله سبحانه وسائر العقائد اليقينية الثابتة المطلقة وبين القضايا التي يمكن للحق فيها أن يتعدد ليسع الناس في بيئاتهم وعقولهم وسائر متغيرات أمرهم . وتبعا لذلك فإن بعض الناس يضيقون من دائرة الاختلاف والتنوع فيسقطون في التنطع والغلو والتشدد غير أن بعضهم الاخر يوسعون من تلك الدائرة حتى ليجتمع الامر ونقيضه والعقل الذي جعله سبحانه مناطا للتكليف الشرعي يقوم على التفريق بين المختلفات والجمع بين المتماثلات . ففي موضوعنا مثلا موضوع الاسبال ليس من الحكمة البتة أن نقول أن الاسبال ممقوت لذاته ليس لان رواة الحديث الاول هم ذاتهم الذين رووا عنه عليه السلام بأن أبابكر ليس منهم حقيقة رغم أنه منهم صورة فحسب ولكن كذلك لانه يوجد في كل عصر وفي كل مصر أناس يأتون من الكبر والاستكبار على الله وعلى الناس ضروبا لا تحصى ولاتعد وهم ربما عراة أصلا أو يرتدون تبابين بالكاد تستر منهم العورات المغلظة فنعدهم غير مغضوب عليهم رغم كبرهم الذي تضج منه الخليقة والبسيطة لو نطقت بحجة أنهم لا يسبلون الثياب فنحارب المسبلين أي نحارب أبا بكر الصديق وندع عتاة المستكبرين . هذا وهم وحمق في الفهم وخطل في الفقه وقول على الله ورسوله بغير علم لا يشفع لاصحابه أن الورع حملهم على تحري سنته عليه السلام في كل كبيرة وصغيرة لان تحري السنة في الصغيرة لا يتضارب مع حسن الفهم ودقة الفقه فمن تحري السنة في الصغيرة مثلا إحياء سنة الاكتحال رغم أنها اليوم في بيئات كثيرة أعرفها منفرة ولكن لو تحراها العبد فلا بأس ومنها إرخاء اللحية بحد القبضة وليس دون ذلك ولا أكثر ومنها إلتزام السواك وتتبع أثره في مناسك الحج شبرا بشبر وذراعا بذراع لو إستطاع الانسان ذلك وسوق هذه الامثلة يبرز أن التحري الدقيق شئ وهو أمر محمود ولا شك إلا أن يصرف عن واجب دعوي مثلا أما التشديد في تقصير الثوب فوق الكعبين بما يخالف العرف والعادة بإسم تحري السنة والاعتقاد بأن المسبل غير المتكبر مثل أبي بكر هو في النار فذلك وهم وسوء تدين .

    من هو المنان ؟:

    المن هو القطع لغة وسمي كذلك شرعا لان الاستكبار على الناس ببذل المال والسعي في حاجتهم مؤذن بسرعتهم تعففا ولو مع حاجة شديدة إلى قطع ذلك عنهم وهو في قمة ما يغضبه سبحانه لانه هو المنان إذ لايجوز المن سوى لمالك كل العطايا إسداء ومنعا ملك أصالة لا تبعية كما هو حال الانسان . وإذا أردت أن تعرف غضب الله على المنان فلك أن تراجع أواخر سورة البقرة وتحديدا في بداية آيات الانفاق الطويلة فإنك لاف أن أغلب آيات الانفاق ومنذ البداية لا تدعو إلى الانفاق بل تدعو إلى عدم المن فيه وظلت تضرب لذلك الامثال وتقص القصص حتى ليخرج التالي بدرس بليغ مفاده أن منع الانفاق مع منع المن أولى من بذل الانفاق مع بذل المن فماهو السر في ذلك يا ترى ؟ ذلك هو السؤال الصحيح الذي عليك أن تطرحه كلما ألفيت سلوكا صغيرا رتب عليه الباري سبحانه عذابا أليما . ولك في الاسبال مثال رائع فهو سلوك صغير جدا عادة ما يتعلق بالاعراف والتقاليد لا بالاديان ولكن لم شدد الوحي فيه إذن ؟ الجواب : لان الاسبال يومها كان مصحوبا في الغالب بالكبر فلو جاء زمان مغاير كان الكبر فيه بالتعري جملة وتفصيلا هل نغض الطرف عن الكبر أم ندور مع المقصد الذي من أجله حرم الاسبال دوما ؟ فالسر في تحريم المن إذن هو تحرير ذمم الناس وخاصة الممنون عليهم وعادة ما يكونون فقراء وضعفة من عبودية الاغنياء والموسرين فمن أراد أن يسعى في حاجة الناس دون أذى لكراماتهم أي بإخلاص لله سبحانه فليفعل وله بذلك أجر المجاهدين ومن لا يستطيع ذلك سوى بإستعبادهم فإن ربك أولى بإستعباد خلقه والمن عليهم لذلك يقذف يوم القيامة بالمتكبرين على خلقه سواء كان ذلك عبر إسبال الثوب لتهديد الناس والتبرج بالنعمة وقود الطامعين الخائفين الجائعين إلى سحتهم قود العبيد أو كان ذلك عبر إستعباد العباد بالمن لان المنان ربما يشبع بطنا جوعاء ولكنه يسجن نفسا كريمة ويخفر ذمة محرمة ومعلوم أن رسالة الاسلام إنما جاءت لتحرير العباد من عبادة العباد .

    من هو المنفق سلعته بالحلف الكاذب ؟:

    عبر الاسبال إستكبارا لا عادة أو عرفا بريئا لا يزرع رياء ولا مهابة في صدور الناس وعبر المن إستعلاء يمكن خفر ذمة الانسان المعنوية لذلك كان الاسبال رمز الكبر محرما كما هو حال المن غير أن الانسان لا يتقوم بالذمة المعنوية فحسب رغم أنها الاولى فالانسان كذلك حاجة مادية لابد له من تكريم نفسه بالمال وحتى يحرر الاسلام الانسان بالكلية مادة ومعنى كان لابد لهذا الحديث الكريم العظيم أن يحشر في النار المستكبر على الانسان المستعبد لذمته مع المتعدي على ماله سواء بسواء فكان تحريم أكل أموال الناس بالباطل وهو أسرع طريق للاحتيال والنصب لذلك وعد سبحانه التاجر الصدوق بالحشر مع الانبياء والصديقين والشهداء ولذلك كذلك ليس يسيرا جدا أن يكون التاجر دوما ومع كل الناس وفي كل الازمات صدوقا لان التاجر معرض للكذب في كل لحظة بإعتباره في علاقة مع زبون جديد ويستوي في ذلك أن يكون التاجر صغيرا يعرض سلعته بنفسه أو كبيرا تتولى عرضها آلاف الوكالات وملايين العملة وليس يسيرا جدا على التاجر الذي يمر بضائقة مالية ومنافسة قوية إلتزام الصدق دوما ومع كل أحد ولو كان كافرا إبن كافر وليس يسيرا جدا أن ينجح كل تاجر وكل إنسان في إمتحان المال إذ أن المادتين الرئيستين في إمتحاننا بأسره الذي يظل معقودا عقودا طويلة والتي على أساسهما يرسب الواحد منا في الامتحان أو يفوز ليستا هما سوى مادة النساء ومادة المال فإن فاز الانسان فيهما فاز فيما سواهما وإن سقط فيهما لم يفز ولو بنى لله مليون كعبة وطاف بها مليون طائف مع مطلع كل شمس. وليس يسيرا على التاجر أن يحفظ لسانه من الحلف ومن شأن الحلاف أن يقع في الكذب ولو كذب الانسان مرة فإنه ولج بابا ليس يسيرا عليه أن يخرج منه فليس كثيراعلى المنفق سلعته بالحلف الكاذب إذن أن يحشر مع المعتدين على ذمم الناس بالمن أو بالكبر سواء عبر الاسبال أو عبر غيره وذلك لانه إرتكب آثاما كثيرة مرة واحدة : أولها أنه أكل مال الناس بالباطل وثانيها أنه حلف بالله سبحانه من أجل ذلك فكان المال أغلى عنده من عظمة ربه سبحانه أما لو حلف بغيره فقد أشرك والعياذ بالله وثالثها أنه كان كاذبا في حلفه .

    الخلاصة : مامن كبيرة مبغوضة عنده سبحانه إلاوهي مرتبطة بالعدوان على صنعته التي فضلها على الملائكة وهي الانسان وأبغض عدوان على الانسان يكون بالاستكبار عليه لان الكبر يعبد الناس لغير ربهم الحق ولو لم يكن الكبر كبيرا عنده سبحانه لماقال فيه " لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" وسواء كان الكبر بالاسبال أو بغيره من الصور فإن الكبر محله القلب وفي كل عصر ومصر يتخذ له صورة فلا تكن سليب الارادة سجين النفس حبيس الحرية حتى حيال أشرف من خلق الله سوى الانبياء فالمسلوب حيال أولئك لا يأمن على نفسه أن يكون سليبا حيال هؤلاء اليوم فالامعية هي هي والتميز مطلوب فكن أنت بنفسك لا ترض أن تكون نسخة من أحد ولا تتبع سوى الانبياء وسائر من عداهم مجتهد لا يسلم من كبوة كائنا من كان ثم كن على حذر من ذمم الناس وأموالهم فإن نجحت في مادتي النساء والدنيا فأبشر بالجنة ولو في جهة الاعراف المقابلة لها وإن رسبت في مادتي النساء والدنيا فأبشر بالنار كانت ما كانت عبادتك.

     
  2. #92
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة والتسعون

    أخرج الشيخان عن أنس أنه عليه السلام قال " من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " ــ كما أخرج الشيخان عن عائشة وإبن عمر أنه عليه السلام قال " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ".

    ــــــــــــــ

    من شواهدهما " الذي تساءلون به والاحام " و" والجار الجنب " الخ ...

    موضوعهما : جنتك عند جارك ورحمك أما فردوسك فعند رحمك الذي هو جارك .

    أردت جمع الحديثين معا لصلتهما ببعضهما صلة وطيدة موثقة سيما أن أغلب رحمنا في أرياف وقرى بلداننا العربية هم في الان ذاته جيراننا ولمن أراد حفظ هذا لا يعزب عنه حفظ ذاك فكلاهما معدود الكلمات محدود الخطوات .

    الدرس الاول : تشريعات الاسلام مبناها الترغيب تماشيا مع " وإنه لحب الخير لشديد".

    ورد في سورة العاديات أن الانسان شديد الحب للخير والمقصود به خير الدنيا لا خير الاخرة وهو ليس موضع ذم مطلقا ولا مدح مطلقا لانه من متعلقات الفطرة التي لا يملك الانسان تغيير تضاريسها والدليل على ذلك أن كل تشريعات الاسلام مبناها على الترغيب والترهيب في الان ذاته ففي حديث الرحم هذا مثلا يتوسل التشريع الاسلامي ترغيبا للانسان في فعل الخير بترتيب حصوله على أحب ما يتوق إليه في هذه الدنيا لو فعل ذلك الخير فالانسان يصل رحمه ورغم ذلك يجازى في الدنيا بأحب ما يحبه وهو رزق مبسوط وعمر ممدود وذلك هو سر من أسرار حياة وخلود التشريع الاسلامي دون غيره فكل تشريع مناسب للانسان يلبي له حاجياته هو تشريع يكتب له الخلود حتى لو فسق عنه بعض الناس .

    الدرس الثاني : أحقية الاله في الالوهية تنبع من ملكه لاشد ما يرغب الانسان ويرهب .

    من عجيب ما قال سبحانه " ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه " ولعلك تسأل بل يجب أن تسأل طلبا للفقه الاصلي الحقيقي الذي يجعل منه إنسانا : وهل يملك إنسان برهانا على إله آخر سواه سبحانه ؟ أو تسأل كيف يدعونا من ناحية إلى التوحيد وفي الان نفسه يشترط على مدعي ألوهية أخرى لغيره سبحانه تقديم البرهان ؟ والجواب طبعا هو بناء عقلك على القطع اليقيني المطلق إقتناعا وإطمئنانا في أخطر قضية وجودية تواجه الانسان وهي : من أين ولم وإلى أين ؟ من جهة وبناء حياتك بأسرها على سلطة البرهان لا على سلطة أخرى من جهة أخرى . وهو سبحانه لما عرفنا عن نفسه إلها واحدا معبودا بحق دلل على ذلك بملكيته لامرين لا يملكهما غيره وهما من أشد ما يرغب الانسان فيه ويرهب منه وهما : الرزق والعمر .

    الدرس الثالث : كيف ينبسط الرزق وينسأ الاثر لواصل الرحم ؟.
    لا يستقيم للانسان وجود حتى يجمع بين أمرين : الغيب والشهادة لانهما فيه مجموعان دوما فروحه غيب مطلق لا يشعر سوى بأثرها فهو بها حي وبدونه ميت ولكن لا يعلم عنها شيئا لاكبيرا ولاصغيرا بينما بدنه شهادة فكيف ينفي الغيب كافر دعي ؟. لذلك فإنه لا يملك واحد إجابة كافية شافية مطلقة عن سؤال كهذا وليس معنى ذلك التفصي منه . ولابد لكل إجابة أن تجمع بين أمر الغيب والشهادة معا ففيما يخص الغيب هنا لابد لنا من الايمان بالبركة التي تجعل من الفقير قانعا مطمئنا ومن السجين راضيا مرضيا ومن المريض كأنه أصح الاصحاء والبركة هي التي يفي فيها الرزق الصغير المحدود بحاجيات عائلة كبيرة ويتسع فيها الوقت المحدود لقضاء مآرب كثيرة وليست من المعجزات والخوارق والكرامات الكاذبة بل هي من عادة حياة كل مؤمن قوي الصلة بربه سبحانه فالبركة بالخلاصة لا ترى ولكن يجد الانسان برد ثراها في نفسه طمأنينة رغم دونيته في الرزق والقوة كما يجد أثرها سعة في ماله وقوته قناعة ذلك هو الجانب الغيبي والله أعلم من إنبساط الرزق وإنساء الاثر لواصل الرحم أما شهادة فإن من شأن واصل الرحم توسيع دائرة معارفه وعمله وعلاقاته بما يكسبه الخبرة والاشتراك في الخير وفرص التعاون في مشروعاته فإذا كان معدما محتاجا فإن واصل رحمه يكون محل ذكر منهم يصلونه بزكواتهم وصدقاتهم ومساعداتهم فيما لا يجد ذلك قاطع رحمه لان النفس مجبولة علىحب من أحسن إليها أما الانساء في الاثر فمعناه تأجيل الموت أو مد العمر وهو تعبير فيه ما فيه من المجاز لان الانساء له أجل مأجول وهو ذات الاجل المحدد قبل ولادة الكون بأسره ولكن مضت عادة الوحي أن يرغب الانسان ولو بإستخدام المجاز والاثر لا يعني العمر والحياة فحسب رغم أن ذلك هو السائد ولكن يعني كذلك ما ورد في سورة يس " ما قدموا وآثارهم " فالاثر يعني ما قدمه الانسان في حياته ويبقى بعد موته حيا وخاصة بإنتفاع الناس منه وفي ذلك ذكر حسن له يلبي له غريزة حب البقاء وحسن السمعة حتى بعد الموت حبا للولد وخوفا عليه من النائبات ولذلك كانت العرب في الجاهلية تئد الانثى لانها بزعمهم لا تحمل ذكر الوالد فإنساء الاثر إذن يعني مجازا التمديد في العمر ولكنه يعني حقيقة أمرين : إشباع الحياة بالبركة كأن يعمر الانسان قليلا ويثمر كثيرا والامر الثاني هو توسعة دائرة الاثر الطيب بعد الموت من خلال المشاريع العمرية الحياتية الثلاث التي أشار إليها حديث " صدقة جارية و..." أي يمتد أثرها في الناس كما يمتد أثر الولد الصالح والعلم الصالح فيكون الانسان بذلك حيا بعد موته ولاشك أن واصل رحمه يتمكن من ذلك بخلاف القاطع لان الانساء في الاثر لابد له من المرور عبر بوابة الرحم فلو لم يزك الرحم رحمه في العادة خاصة في المجتمعات التقليدية المحافظة عندنا لا يغنم القاطع أثرا فضلا عن أن ينسأ فيه بعد موته ولذلك زكى الاسلام نظام العاقلة الذي بناه العرب قبل الاسلام وهونظام إجتماعي تعاوني تأميني تضامني تكافلي على غرار ما هو موجود اليوم في الدولة المعاصرة .

    الدرس الرابع : من هم الرحم تحديدا ؟

    هذا سؤال كثير الورود والجواب عنه لا يأتي هنا مفصلا ولكن علىوجه الاجمال فإن الرحم هي الشبكة الانسانية التي ذكرها القرآن في مواضع ثلاث وهي : آيات الفرائض أو الميراث في النساء وآيات النساء المحرمات فيها كذلك وفي موضع ثالث متفرق يشمل سائر أجزاء شجرة الاصول مهما علوا والفروع مهما نزلوا وهذه الدوائر الثلاث في تشابك مع عنصري الرضاعة والمصاهرة ولك أن ترسم شجرة رحمك بناء على هذا الهيكل بنفسك فتحصيهم بأسمائهم واحدا واحدا وترتب برنامجا سنويا لوصلهم وخاصة في المناسبات التي تكون ملائمة لذلك سواء كانت مناسبات خاصة من فرح وترح أو مناسبات عامة كالاعياد كما لك أن تعلم أمرين في الفقه : أولهما أن النفقة على الرحم الكاشح أي الفقير المحتاج واجبة وجوب الصلاة حال وجدك وحاجتهم وفق سلم الاولوية طبعا أولوية قرابة الرحم وهو واجب يجبر عليه القاضي المسلم ويعاقب عليه أما ثانيهما فإن الوالدين ليسا من الرحم بل هما أعلى وأسمى وأولى بكثير. ويستوي الرحم في كفره وإيمانه لانها معاملة إجتماعية وليست دينية محضة .

    الدرس الخامس : الجار رحم وارث في روعه عليه السلام .

    " حتى ظننت أنه سيورثه " ولك أن تسأل من ترث ومن يرثك ؟ أليس هو رحمك نسبا أو مصاهرة ؟ فالجار لفرط إيصاء جبريل أمين الوحي عليه السلام به كاد أن يتساوىمع الرحم في حقه في مال الهالك أي الميت . والجار في الحقيقة شريك لك في بيتك وخاصة نفسك وأرضك ومالك ويراك وتراه صباح مساء ليل نهار كما لا يقع لك ذلك من أحد وكثيراما تطوح بك نوائب الدنيا وتقلب الايام فتعيش مع جار حقبا من الدهر طويلة لا يجمع بينكما دين ولا لغة ولا وطن ولا لون ولا عمل سوى رحم الجوار أفلا يكون هذا لك الرحم الذي تأمنه على نفسك ومالك في حضرتك وغيبتك بينما لا تتمكن من وصل أبيك وأمك وولدك وأخيك وأختك وسائر من أرضعوك وحملوك وحضنوك وربوك وعلموك سوىمرات قليلة في كل عام عبر الهاتف فأيهما تشعر بالقربىمنه ؟ إنه الجار لولا الرحم أما لوكان الجار رحما ومسلما فهو جنتك حقيقة محققة لامجاز فيها وأغلب المسلمين اليوم على هذه الحال . على أن لك أن تعلم أمرين : أن واجب الجار حيال جاره ينسحب على الافراد إنسحابه على البطون والقبائل وعلى البلدان والدول والشعوب والامم سواء بسواء سوى أن مما ورثنا من الانحطاط أن الدين شأن فردي لا يشرع للجماعات بطونا وعشائر وشعوبا وقبائل ودولا وحضارات أما الامر الثاني فإن الجار هنا مطلق يعني الكافر والمسلم علىحد سواء وبالتجربة ظهر بأن جارك الكافر حين يعرف إستقامتك وتمسكك بدينك فإنه يحترم ذلك فيك كثيرا فلا يدعوك مثلا لاحتساء خمر على مائدته وذلك بالرغم من أنك جار له في بلاده وأرضه وأنت غريب إبن غريب.

    الدرس السادس : كن أباحنيفة الذي إهتدى إلى الاسلام تأثرا بأخلاقه يهودي .

    أهل العطالة والبطالة والسلبية فينا سيقولون ذاك أبوحنيفة لا يشق له غبار . كان أبوحنيفة فيما يروى له جار يهودي يبغضه ويضع الشوك يوميا في طريقه فظل الامام يزيح الشوك محسنا إلى جاره المعتدي بلطف أهل اليقين الصابر وذات يوم لم يجد الامام في طريقه شوكا يزيحه كالعادة فسأل عن جاره فأخبر بأنه مريض فعاده ولما شفي من مرضه عاد إلى فعله السابق وعاد الامام إلى ذات الصبر الجميل ملتزما الاحسان وذات يوم لم يجد شوكا يزيحه فسأل فأخبر بأن جاره سجين فذهب إلى الوالي وشفع فيه فشفع وخلي سبيله فلم يجد اليهودي بدا من إعلان أنه لاإله إلاالله وأن محمدا رسول الله عليه السلام . القصص في هذا أكثر من أن تحصى وكلها من مشكاة محمد عليه السلام قولا وعملا ولكن المشكلة فينا أننا نستمع ببلادة ثم ينقضي الامر بتعلة أن جاري ليس هو جار أبي حنيفة والحقيقة التي نتحاشاها هي أنه لم يتبدل في هذه الدنيا سوانا .

    الدرس السابع : ماهو السر في رفع الاسلام لمنزلة الجار والرحم : الجماعة ثابت مقدس .

    بلغ الاسلام شأوا لاقبل لسائر ما سواه به في جمع كلمة الناس حتى أن نداءه للناس سيما في القرآن المكي وهو الاصل الذي بنى الاساس العقدي والخلقي والفكري ظل يجلجل عقدا كاملا من الزمن وكاد يناهز نداء الذين آمنوا ثم نزل إلى مستوى نداء أهل الكتاب فناداهم طويلا وكثيرا نداء كاد يناهز نداء الناس قاطبة ثم أقر أديانهم وجودا وإعترافا ورتب على ذلك تشريعات بيننا وبينهم ولكن دون تصديق منه لها ثم نادى أهل الكتب الثلاث : الاسلام والنصرانية واليهودية إلى كلمة سواء عنوانها التوحيد وتقديم العدل والاعتراف بالاختلاف ضمن جماعة الاديان السماوية ثم نزل إلى مستوى المؤمنين فلم يرض منهم سوى بالتدين الجماعي حتى في التقوى والصلاةوالصيام والزكاةوالحج والذكر فضلا عما سوى ذلك مما هو جماعي بطبيعته وحتى يتأسس كل ذلك بين المؤمنين ثم بينهم وبين أهل الكتاب ثم بين أهل الديانات السماوية الثلاث وبين الناس قاطبة سعى إلى وصل علاقة الجار بجاره والرحم برحمه لانهما نواة سائر تلك العلاقات الانسانية الرحبة تماما كما أن الاسرة نواة المجتمع فأنت ترى معي إذن أن الاسلام بمثابة شبكة واسعة عريضة ممتدة تبني خلاياها خلية خلية لا تتعدى للكبرى حتى تحكم صنعة الصغرى فلو إنهدمت علاقة الجار بجاره والرحم برحمه فمن باب أولى وأحرى أن ينهدم ما يليها. ذلك هو السر الاسنى والمقصد الاعظم الذي من أجله جعل الاسلام دربا خاصا من دروب الجنة التي لا تحصى سماه درب الاحسان إلى الرحم وإكرام الجار : إنه مقصد حفظ الجماعة من أن تؤتى من عقدها الاولى وخلاياها التي تلتقي ليل نهار صباح مساء فكما أن القلب لو توقف عن النبض دقائق معدودات فإن الحياة تفارق الانسان كذلك حياة المجتمع قلبها النابض وخليتها الخافقة هي الجار والرحم والرحم والجار في الحقيقة أسوار الاسرة ففي مجتمعاتنا الريفية ليس هناك لبيت الاسرة أسوار فأذكر أنه كلما خرجت من بيتنا أرى جاري ورحمي لا بل أراهما وأنا داخله فلم يكن لبيتنا باب أصلا لا بل أسمع حديثهما وكأنهما يعيشان معي تحت سقف واحد واليوم ليست الحال بأفضل في علب الكبريت التي يزدحم فيها الناس في نواصي المدن وصياصي العواصم فمقاولات الاستغلال على حساب الحياء شيدوا دورنا علىنحو تنعدم فيه قيم الحياء مطلقا فلا يفصل بين الجار وجاره سوى أنه لا يراه بل لا يعرفه أصلا أما عن سماع نجوى الزوجين فوق فراش الزوجية ليلا فهو متاح لكل جار عن يمين وشمال وتلك هي المادية الكالحة السوداء التي يلهث الناس إليها سرابا خادعا لنيل حطام لا يسمن ولا يغني من جوع لكنه يحول الانسان من كائن حيي إلى سبع مفترس

     
  3. #93
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة والتسعون

    أخرج أبوداود وغيره عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ".
    ـــــــــــــ



    موضوعه : أسباب الذلة التي نحن في يمها مبسوطة أمامنا فهل إلى عز تليد من سبيل ؟.

    الملاحظة الاولى التي لابد لنا منها جميعا هي أن نزع الذلة من خلال نبذ التبايع بالعينة وأخذ أذناب البقر والرضى بالزرع وترك الجهاد رجوع إلى الدين بنص الحديث الصريح وكثير من الناس يتحاشون تسمية ذلك رجوعا إلى الدين فهو عندهم عز ونهضة وتقدم وتحضر وإزدهار ورقي ورخاء وسمه ما شئت سوى أن يكون ذلك رجوعا إلى الدين وأساس مصيبتنا اليوم أن الدين عندنا ليس باعث عز وطارد ذلة أو جالب إستقلال وعدو إحتلال ولا حتى باني إقتصاد وطني عادل كسبا وتوزيعا أو باني حرية وكرامة بل هو في أحسن الحالات عقائد جامدة ميتة موغلة في غيبية يعتبر مجرد الحومان حول فهمها كفر وهرطقة وزندقة أو طقوس تعبدية لا تزكي روحا ولا تقوي نفسا ولابدنا كذلك وبذلك أخذ قيصر حصته كاملة ثم طغى على ما لله سبحانه فينا فيأتي هذا الحديث ليصرح بأن نزع ا لذلة هو رجوع إلى الدين ومن معاني ذلك أن العزة والكرامة والحرية والحق في الدين وليس في غيره إنك لو حققت معي مليا لالفيت بأن ذلتنا اليوم أساسها المؤسس فكري ثقافي تحول بمقتضاها دور الدين في حياتنا من صانع إنسان حر كريم يتأبى على الركوع لغير خالقه سبحانه باذلا دون ذلك حياته رخيصة إلى مخدر إنسان وشتان بين دين صانع ودين مخدر . تلك ملاحظة أولى لابد لك من إستيعابها مليا .

    كما لك أن تتفرس في البناء اللغوي لهذا الحديث وهو بناء شرطي يقدم الاسم ويجمع فيه أربعة شروط ثم يرتب عليه خبره ثم يبسط الدواء الشافي بعد تحليل ضاف كاف للداء وتلك هي مهمة الاطباء والحكماء بدنا ونفسا ولسنا نرى أطب منه عليه السلام للانسان في كل زمان وفي كل مكان وفي كل حال .



    وقفة قصيرة مع مفردات الحديث ومشكلة اللغة :

    التبايع بالعينة : إشتراء بضاعة من بائع بمبلغ مؤجل ثم بيع ذات البضاعة لذات البائع في الحال بمبلغ أقل منه مسلم في الحال وهي صورة محرمة لانها طريق إلى الربا ومن بدائل هذه الصورة المحرمة شراء تلك البضاعة بثمن مؤجل وبيعها لمشتر آخر بثمن أقل من ثمن شرائها مسلم في الحال وهي صورة مباحة وعادة ما يلجأ إليها المدين أو من في حكمه .



    أخذ أذناب البقر والرضى بالزرع : إتباع المناشط الفلاحية والزراعية وتربية الحيوانات وسائر ما يدخل في ذلك .



    مشكلة اللغة : اللغة أداة تواصل بين الناس وهي ألسن متعددة دليلا على عظمته سبحانه وآية على ناموس الاختلاف الخادم ليسر الحياة بين الناس فوق الارض ولوحدانيته سبحانه " وإختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لايات للعالمين " بفتح اللام وكسرها . اللغة ككل كائن حي لها جذر أصيل مشترك لا يتغير كما أن لها فروعا تتغير من بلد إلى آخر ومن زمان إلى آخر ولذلك جاء القرآن على سبعة أحرف أو أربعة عشر قراءة ومن مظاهر تغيرها إنفتاحها على لغات أخرى عبر الاقتباس المتبادل وكثيرا ما تجد في لغتنا العربية مثلا كلمات تعد بالمئات الكثيرة في متون المعلقات العشر المعروفة لم يعد لها اليوم وجود وربما من أهم المباحث اللغوية هي التردد بين الحقيقة والمجاز وللمجاز أبواب كثيرة ومن تلك المباحث أيضا الكناية أي أخذ مظهر واحد من مظاهر مشهد ما عادة ما تعسر الاحاطة بشتى مشاهده ثم التعبير به عن سائر تلك المشاهد وهذا مألوف بكثرة كاثرة في لغة العرب وقريب منه ما يسميه المفسرون للقرآن أنه وارد مورد الغالب فلما كان المشهد الغالب عند العرب في زمنه عليه السلام وغيرهم ضربا في الارض هو مشهد إتباع النعم عامة ومنه الابل والغنم والبقر رعيا وإنتفاعا عاما من جهة ومشهد الحرث والزرع والحصاد من جهة أخرى فإنه عليه السلام إختار للتعبير عن قصر الاهتمام بالدنيا مع التفريط شبه الكامل في الاجتماع مع الناس والاهتمام بشؤونهم مشهدي البقر والزرع وبالخلاصة فإن أغلب الناس عادة ما يقعون في سوء الفهم ومن ثم سوء العمل بسبب جهلهم لمشكلة اللغة سواء في علومها أو في إختلاف مدلولاتها نسبيا من زمان لاخر ومكان لاخر وعجزهم العقلي الفادح عن مطالب التعدية والقياس وبالتالي إصابة المقصد المقصود .



    السبب الاول من أسباب ذلتنا المعاصرة : التبايع بالعينة أو الظلم الاقتصادي .

    يستبعد بعض الناس أن يتضمن الوحي تحليلا للمشاكل الاقتصادية التي تعصف بالناس أو وصفة صالحة لاحلال العدل محل الحيف ومما يزيد من ذلك الاستبعاد إستخدام الوحي وخاصة الحديث لكلمات مستلة من رحم واقع فلاحي بعيد كماهو الحال في حديثنا اليوم ومن هنا فإن جهد المصلحين مضاعفا على أكثر من جبهة . أما إذا شاغبك واحد بقوله بأن أزمة أمتنا اليوم لم تصل إلى حد الذلة المطبقة فإنك نذرت نفسك لعمل أيسر منه زحزحة جبال شامخات راسيات عن مكانها. كما أن بعض الناس لفرط جمود قاس فيهم يستبعدون تعدية صورة التبايع بالعينة رغم الظلم الصارخ الذي فيها قياسا إلى تحريم كل صور تبادلية مالية أو مادية أو خدمية بسبب مقصد الظلم ذاته وكأن الظلم المالي له صورة نمطية واحدة على مر العصور ولاجل ذلك تجد المسلمين اليوم يتهافتون على الربا أكلا وإستسلاما لذلته القاسية . وليس صدفة وأنى للصدفة في الوحي أن يضع عليه السلام شرط التظالم الاقتصادي بين الناس على رأس رزحنا تحت ذلة مهينة وهل ينكر واحد منا اليوم مثلا أن النهم إلى المال والدنيا هو من أكبر دوافع الحكام إلى إحكام القبضة الحديدية على الناس وهو ذات النهم الذي يدفع المحتلين من الصهاينة والصليبيين إلى مداهمة آبار النفط عمود الرخاء الاقتصادي في العراق ومنطقة الخليج بأسرها فالظلم الاقتصادي إذن بصريح السنة الكريمة مؤذن بتنزل الذلة المخسئة بساحتنا وهو أمر نلمس اليوم أثره العملي بمعاناة شاقة.



    السبب الثاني من أسباب ذلتنا المعاصرة : إتباع البقر والرضى بالزرع أو التفكك الاجتماعي .

    إتباع البقر والرضى بالزرع يتعديان قياسا إلى صور كثيرة من صور ذلتنا المعاصرة فهما يعنيان لنا اليوم أمرين : أولهما إنصراف الناس في أغلبهم الغالبة على الاقل إلى شؤونهم الخاصة لاهثين وراء كسب الدنيا لهث الجائع النهم الذي لا يشبع ليس لفقر وحاجة ولكن لتعلق القلوب بالدنيا تنافسا فيها تنافس الوحوش الراكضة في البرايا مع ما يصحب ذلك من تظالم وتعاد ولاشك أن الدنيا أكبر مادة إمتحان لنا في حياتنا الاولى والناجح في تلك المادة هو الموفق إلى إنتحال سبيل التوسط فيها بين عدم إستعبادها له إستعباد الرقيق وبين عدم ركلها برجله بالكلية كذبا وتعرضا للموت وسؤالا وتواكلا وهو توسط ليس دوما ميسورا لانه محفوف بألف ألف مكروه . أما الامر الثاني من معاني إتباع البقر والرضى بالزرع فهو إنصراف الناس إلى شؤونهم الخاصة دون الالتفات والاهتمام بالشأن العام حتى أنه عليه السلام قال " من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" وعبارة ليس منهم تعكس فاحشة الجريرة وإثم المطب وسواء كان عدم الاهتمام بأمر الناس قلبا ومشاركة وصبرا على ذلك بسبب الخوف من بطش الحاكم أو عدم التفرغ له أو يأسا من إنصلاح أمر الناس فإن النتيجة هي أن التفكك الاجتماعي بين الناس يتنزل منزلة الاجتماع والتضامن والتكافل ليس في المستوى الاغاثي فحسب بل أشد منه التكافل في شؤون البلاد والامة . فإتباع البقر إذن والرضى بالزرع يجب أن يفهم منا على أساس أنه مؤذن في عصرنا للتفكك الاجتماعي سواء بسبب الانصراف الكلي من لدن أغلب الناس إلى متاع الدنيا في نهم قاتل أو بسبب الانصراف عن ذلك إلى الاهتمام بخويصة النفس وبناء العوالم الذاتية في شبه جزر معزولة .



    السبب الثالث من أسباب ذلتنا المعاصرة : ترك الجهاد أو السلبية حيال إمتهان كرامة الانسان.

    الجهاد لغة وشرعا بذل أقصى الجهد العقلي والبدني تحصيلا للسعادة وطردا للشقاوة وسعادة الانسان أو شقاوته هي في طريقة تعامله مع نفسه ومع غيره جنسا وكونا وكلما كانت تلك الطريقة منسجمة مع الفطرة والسنن كانت صحيحة والعكس دوما صحيح والفطرة تدل أول ما تدل إلى وحدانية الله سبحانه وكرامة الانسان وضرورة الجماعة وكل ذلك يترجمه الاسلام في القرآن والسنة وما كان فيهما غير جلي يستكمله العقل إجتهادا . كما أن الجهاد وفق ذلك التعريف لا يتقيد بصورة واحدة وليس القتال سوى صورة واحدة مما لا يحصيه حاص أبدا منها وكل جهاد لم يقصد نية وعملا تحرير الانسان وتكريمه هو ظلم ظالم وكل جهاد سعى إلى فرض أمر لا يختاره المجاهد ( إسم مفعول ) ولو كانت عقيدة الاسلام التي فيها تحرر الانسان وكرامته هو ظلم ظالم في نظر الاسلام . وكل جهاد بالقوة يتخلف عنه إجتهاد بالعقل لاحدود لحريته مطلقا هو جهاد فاشل يربأ الاسلام بنفسه عنه . فالجهاد بمعناه الواسع تحت سقف مقاصده تلك وآدابه وشروطه هو فرض فطري وسنني وشرعي مفروض سوى أن بعض صوره لا تتعدى أحيانا مستوى الفرضية الكفائية لتفرغ الناس إلى جهاد آخر من نوع آخر وليس لالتزام مقام الفرجة فضلا عن الابتعاد كما أنه يأخذ أحيانا حكم الفرضية العينية القصوى والمؤمن مجاهد أبدا لا يتخلى عن عقلية الجهاد ونفسية المجاهد لحظة حتى ليعد نومه إستقواء على عمله في الغد جهادا مأجورا. تلك هي أكبر معاقد نظرية الجهاد في الاسلام حبرتها في شكل عناوين كبرى مقتضبة لضيق المجال بموضوع الجهاد الان فإذا ما توضحت معالم نظرية الجهاد في الاسلام يسر ما جاء تحتها من فروع فلا يعمد فلاح إلى غرس غصن أو جذع لنيل ثمر ولكن يعمد إلى غرس جذر يواريه التراب فإذا ما حل أجله وإجتمعت شروطه أينع وأثمر وإطمأن الغارس .

    بعد هذه التطوافة مع نظرية الجهاد في معاقدها الكبرى ومعالمها العظمى لابد لنا من الاقرار خلفه عليه السلام بأن ترك الجهاد ببناء القوة العسكرية والامنية من جهة وترك الاجتهاد ببناء القوة العقلية والثقافية والفكرية في شتى مجالات الحياة من جهة أخرىمن لدننا نحن اليوم سبب كبير جدا من أسباب ذلتنا وكلما كانت فلسطين والعراق تحت الاحتلال الصهيوني والصليبي العسكري المباشر فإن الانسان لا يحتاج إلى دليل على صحة ذلك وكلما كان الانتاج الاسلامي المعرفي والثقافي والفكري حوارا وتفعيلا وتعليما ودعوة في أدنى مستوياته الكونية اليوم إلى حد يعمد فيه إلى تجفيف منابع الاسلام وتبني اللائكية والتغريب دينا ثقافيا للامة فإن الانسان ليس بحاجة إلى دليل على قوله بأن تخلفنا المريع في الاجتهاد العقلي بعد تخلفنا الاروع في الجهاد المادي نماء ورخاء ومالا وقوة عسكرية هما سببا ذلتنا الحاضرة وذلك هو معنى ترك الجهاد في الحديث .



    الخلاصة : نحن في ذلة مذلة من أبرز مظاهرها الاحتلال العسكري وتداعياته وقيام السلطان فينا على أساس التظالم السياسي سواء بالتوارث البغيض أو بالتزييف الشنيع وإبتلاع المؤسسات البنكية الدولية لرساميل بلداننا وفوائدها وتوريثنا الفقر المدقع وطرد التشريع الاسلامي في مجالات إجتماعية وثقافية كثيرة مما ورثنا تفككا إجتماعيا وكل ذلك وغيره طرد عنا مقوماتنا الفطرية كالحرية والكرامة والعزة والعدل والمساواة والتميز عن بقية الامم . نحن في ذلة مذلة حلل عليه السلام أسبابها الكبرى وهي ثلاث : الظلم الاقتصادي والتفكك الاجتماعي وحياة الفراغ بدل الجهاد والاجتهاد . نحن في ذلة مذلة تلك هي بعض مظاهرها وتلك هي أسبابها العظمى ولا فكاك لنا عنها سوى بالرجوع إلى الدين .

    خلاصة الخلاصة : الاسلام هو البلسم الشافي ضد الذلة المعاصرة في كل مجالاتها لانه عدو الظلم الاقتصادي والتفكك الاجتماعي وحياة الفراغ ونبذ الجهاد والاجتهاد فهل يحسن بالمريض تناول الدواء الموصوف من نطاسي حكيم أم يكتفي بالفرجة عليه وتعداد محاسنه ورفع ذكره؟

     
  4. #94
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السادسة والسبعون



    أخرج البخاري عن أبي بن كعب أنه عليه السلام قال " إن من الشعر حكمة ". كما أخرج أنه عليه السلام قال " أصدق كلمة قالها شاعر " ألا كل ما خلا الله باطل ".

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

    من شواهده " والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لايفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وإنتصروا من بعد ما ظلموا .." و" أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .." الخ ...



    موضوعه : الدعوة الاسلامية علم عقلا وفن ذوقا وعاطفة والداعية فنان مرهف الحس أولايكون.

    لابدلنا من التواضع بداية على معنى الفن وهي كلمة تضاف إلى قائمة الكلمات التي جرها الناس مؤمنين وكفارا على حد سواء إلى حقل الظلم عبر الغموض والابهام وسوء الاستخدام شأنها في ذلك شأن أخواتها كالارهاب مثلا وغير ذلك كثير وقديما قالت العرب : الحكم على الشئ فرع عن تصوره . فهل يحتاج الانسان إلى الفن وما دور الفن في الشخصية الاسلامية ؟



    الفن بعد رئيس من أبعاد الشخصية الانسانية يتولى وظائف التحضر والترقية والتهذيب والسمو:

    الفن هو ما كان في فناء الشئ يزينه بأغصانه ومنها كلمة أفنان في القرآن في الرحمان " ذواتا أفنان " أي جنتان ذواتا أغصان والاغصان ليست عضوا أساسيا في الشجرة والنبتة ولكن تكون عادة ثمرة لحياة أمها تزينها وتحمي ثمرتها فهي في فنائها تماما كفناء البيت وهي كلمة توحي بالرقة والجمال لانبنائها على حرفي الفاء والنون فالفن في حياة الانسان يؤدي دور الغصن في حياة الشجرة والنبتة جمالا وزينة ودليل حياة داخلية باطنية مفعمة بالماء الصافي الزلال وحماية للثمرة ولك أن تقول هو من باب التحسينيات بلغة المقاصديين ومن شأن التحسينيات في الشريعة تزيين الحياة وتهذيبها وتحضيرها وترقيتها وتزكيتها وحسن عرضها وتجميلها في عيون الناظرين . والفن هو ما يحتاجه البعد الذوقي في الشخصية الانسانية تماما كما يحتاج العقل إلى العلم والبدن إلى الترويض والنفس إلى التزكية والارادة إلى الشحذ والروح إلى السمو والتطهر. ولو ضربت لك مثلا لقلت بأن الانسان غير المؤمن تلفاه أكثر إنجذابا إلى المؤمن الذي يتغذى ذوقه بالجمال الفني في طريقة الحديث والتحية واللباس والمأكل والمشرب وسائر مشاهد الحياة التي عادة ما يترك أمرها لما يناسب الناس وفق عاداتهم وتقاليدهم وقد يكون ذلك المؤمن لا يمتلك من العلم والقوة شيئا كبيرا بينما تلفى من هو أكثر منه علما وقوة باعث نفرة للناس عنه بسبب فراغ مشكاته الذوقية من طريقة حياة تثير إعجاب الناس وتحقق إنجذابهم إليه فمن هو في رأيك أكثر حظا في نشر الدعوة الاسلامية أو محل توافق إختلافات الناس أو من هو أكثرهما حظا لنفع الناس وبالتالي من هو أكثرهما حظا لنيل أعلى الدرجات في الجنة يوم القيامة ؟



    أمثلة حية على كمال البعد الذوقي النبوي وبلوغه أرقى درجات الجمال والزينة والتحضر:

    في مشيه مثلا كان كأنما يتصبب من عل وفي سلامه " لايوقظ الوسنان ويسمع اليقظان" وفي جمال هيئته كان دائم الاصطحاب لمرآته وسواكه وعطره والعناية بلحيته ورأسه وخلال فطرته وفي علاقته مع غيره كان دائم التبسم فشاء للسلام ردادا له بأحسن منه حييا إلى حد عدم إدامة النظرفي وجه صاحبه كريما إلى حد عدم سل يده من مصافحة صاحبه حتى يفعل هو ذلك أمارا للنساء بالحناء وحسن التبعل وأخذ الزينة المناسبة للانوثة دون إثارة عطوفا على المسن رحيما بالصبيان ملاعبا لهم عذارا للمخطئ صفاحا عنهم مجيبا للدعوة ولو على كراع كريما يبيت على الطوى فإن لم يجد الطوى بحث عمن يضيف ضيفه يسير على قدر أضعف سائر معه منتصرا للمظلوم كائنا من كان الظالم وكائنا من كان المظلوم حريصا على النظافة والطهارة في كل صغيرة وكبيرة من مأكل ومشرب وملبس ونكاح ومسكن الخ ...



    أمثلة حية على كمال البعد الفني الدعوى النبوي وبلوغه أرقى درجات الجمال والزينة :

    شجع الشعر وإتخذ له شاعرا هو حسان بن ثابت وقال للشعراء " إنكم تسفونهم المل " ورد على الرجز ـ بفتح الراء ـ برجز مثله " أعل هبل " فقال " الله أعز وأجل " وإستمع إلى الشاعر مقرا له على إتباعه للطريقة العربية في الوقوف على الاطلال وهو يقول " بانت سعاد ..." فلم يعيره بالزندقة ولا بالهرطقة بسبب التغزل البرئ بسعاد وردد أشعار صحابي كبير شهيد جمع بين الدين والشعر والجهاد وهوعبدالله بن رواحه ولم يكن شاعرا عليه السلام ولكنه يرجز والرجز ضرب من السحر البياني المألوف عند العرب " أنا النبي لا كذب أنا إبن عبد المطلب " وتلقى النساء اللائي ينشدن فرحا بمقدمه بسرور" طلع البدر علينا ..." وهو شعر ملحون ونهى صحابته الذين حصبوا الاحباش المحتفلين في مسجده رقصا وغناء كما حصبوا بعض النساء المسلمات اللائي يشهدن تلك الحفلة وأمر بتزيين عرس أنصاري بشئ من الطرب البرئ والغناء الملتزم قولا وأداء وعلل سماحة دينه بطلب حسن قالة اليهود عنه فقال " حتى تعلم يهود أن في ديننا فسحة " ولم يقتصر على تعليم الناس الحلال والحرام بل إشترك في ذلك فيما يشبه اليوم في عصرنا بالتعليم عبر الصوت والصورة وذلك لما جاء جبريل عليه السلام في حديث مشهور معروف بحديث عمر أو حديث الاسلام والايمان والاحسان وخط خطا مستقيما بيده الكريمة وخط من حوله خطوطا فرعية ورسم من كل ذلك رسما عجيبا بديعا فنيا جميلا لحياة الانسان بين الامل والعمل والموت وإستخدم القصة والمثل كثيرا جدا تأسيا بالمنهج القرآني ومن كل ذلك يأنس المرء إلى إستنباط حقيقة دعوية عظيمة مفادها أن الدعوة حتى وهي تزاول من لدنه هو عليه السلام مؤيدا بالوحي فضلا عن غيره هي فن ومهارة وشطارة وذوق وعاطفة إلى جانب كونها علما وفقها فلا يغني هذا عن ذاك ولا ذاك عن هذا .



    المقصد الاسنى من الشعر وسائر الفنون الاسلامية في عهده عليه السلام : تزيين الدعوة بالفن.

    أسألك سؤالا صريحا مباشرا أرتجي منه لك إجابة صريحة مباشرة : هل تعتقد أنه عليه السلام يعزف عن إستخدام فنون التمثيل والسنما والمسرح والفن التشكيلي والادب بسائر أنواعه لو كانت متاحة له في عصره إنتصارا لقضيته الاولى وهي قضية الدعوة ؟ إذا كنت متفقا معي على أن الشعر والرجز من صلب التعبير الفني البشري وأنه عليه السلام إستخدمهما كثيرا وشجع على ذلك أكثر فإن الجواب يكون قطعا بأنه عليه السلام إستخدم في عصره سائر معطيات الفن المتاحة يومها لحسن عرض بضاعته سيما أنها محل منافسة قوية جدا من لدن الاديان وغير الاديان فإذا كنت كذلك فذلك يعني أن الدعوة يقدر نجاحها في كل عصر ومصر بقدر حسن عرض نفسها من خلال الفنون المتاحة فهل تجد لكثير من الفتاوي المنحطة والاقوال التي إنتهت مدة صلاحيتها من رصيد وهي تحرم الفن عامة وبعض صوره خاصة من مثل التمثيل والمسرح والسنما والنحت والغناء والطرب والموسيقى والشعر والرجز والادب ؟



    الداء الوبيل الفتاك ضد فقهنا المعاصر ودعوتنا الاسلامية اليوم هو: سد ذريعة المباح نبذا للفتنة:

    أنصت إلي لحظة أقص عليك القصة بإختصار: فهم الصحابة الاسلام من جميع جوانبه فهما حسنا فظلوا يفتحون الارض ويجددون الاساليب ويجتهدون فيصيبون ويخطؤون ويستوعبون ببضاعتهم الدينية القليلة جدا ـ لاتتجاوز كلمات قليلة كما كلها تقريبا في الصدور وليس مخطوطات ـ حضارات وثقافات وعادات وتقاليد شرقية وغربية مختلفة إختلافا عجيبا فشغلوا أنفسهم بالدعوة وبالحياة وبالعمارة ثم تقهقر ذلك الافق العقلي العظيم فإنقسم المجتمع إلى رجال دين ورجال سياسة فحصل الفصام النكد ثم ألف الناس ذلك وتعمق الانحطاط في النفوس وراح رجال الدين يعكفون على التقليد عبر التفسير والتحشية والتهميش والتمذهب الجامد وراح الناس من حولهم يضربون في الحياة فتعترضهم الحوادث المستجدة فيرفع رجال الدين في وجوههم سيف الحرمة بإسم سد الذريعة إلى الفتنة فظلمت المرأة ووجد الحاكم الظالم مناخا خصبا للظلم بإسم الاسلام ولم يمنع ذلك رجالا من الضرب في الحياة العلمية ضربا إسلاميا عظيما أما رجال الدين فكلما نبغ واحد منهم سجن لخروجه عن دين سد ذريعة الفتنة وإبن تيمية مثال وغيره كثير ثم بلغ الانحطاط شأوه وعندها نهض الاروبيون وغزوا المسلمين مرتين مرة بالفكر ومرة بالسلاح فما خرجوا من الديار حتى إطمأنوا على أن ثقافتهم فينا إما شريك قوي أو هو الاقوى إن لم يكن الاوحد فنشأت أجيال تدين بدينهم في الفكر والثقافة والحياة تحاكيهم في الفنون وعندها شعر علماء الدين عندنا الذين خرجوا من أجداثهم سكارى من لطمة الحداثة ببضاعة دينية عفا عنها الزمن بأنهم في موقع إنهزام فقرروا سلوك سبيل الكنيسة التي ثار عليها الاروبيون ورفعوا في وجه الفنون صكوك النار بإسم سد ذريعة الفتنة فزاد ذلك من فرار المرأة والشباب إلى الغرب وفنونه بحلالها وحرامها فلما ظهرت الصحوة المعاصرة وجدت أمامها طريقا سدته العادات الدينية المهترئة من جانب والفتنة الغربية من جانبه الاخر لذلك كان عملها يمشي الهوينى بل يتوقف أحيانا . تلك هي قصة الداء الوبيل الذي ينخر الجسم الاسلامي بإسم سد ذريعة الفتنة .



    رجال الدين يحرمون الفن بإسم الدين فأي فرية وأي دين وأي رجال ؟.

    أخرج البخاري عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا" الحديث صحيح صحة الحديث المادح للشعر فهل أن الوحي متناقض أو منسوخ أو أمر الاسلام ليس جدا أو أن الاشتغال بهذا إشتغال بما لايعني ؟ الحقيقة أن المرء بحاجة إلى حد أدنى من العلم البصير للجمع بين أثرين متناقضين وفي قضية الحال فإن تأويل الشعر المضاد لحقائق الاسلام بأنه هو المقصود بهذا النكير الشديد هو التأويل الانسب . واليوم نجد ضربا من الناس يشبهون كثيرا رجال الكنيسة ينظرون في الوحي بعقل أبتر ثم في الحياة المتحركة من حولهم فلا يملكون سوى توزيع صكوك النار على أغلب مناطق الحياة فلن تكون النتيجة في هذه الحال سوى تمرد الناس عليهم ولو بالاهمال الثقافي وليست المشكلة اليوم مع الشعر ربما عند هؤلاء ولكنها عند أنواع أخرى من الفن من مثل السنما والغناء والموسيقى والنحت .



    هذه قناعني هل تشاركنيها : زمننا زمن الفن ونجاح دعوتنا مرهون بتكلمها بلسان الزمن .

    بنيت ذلك على أساسين أولهما أن الحياة في الاسلام قوامها الحرية والاباحة والحلية إلا في مواضع صغيرة محدودة تكفيك شمالك لعدها وثانيهما أنه عليه السلام إستخدم الفن لعرض بضاعته ومن قبله كان القرآن قصة تتلى ومثلا ينحت وكونا نابضا حيا ماثلا إلا ما كان بهيمية معتدية على الذوق السليم سماها الناس زورا فنا نبيلا . أما كون عصرنا لسانه الفن وعملته الذوق ولغته الجمال والزينة فلا يحتاج ذلك إلى دليل . فهل يبرر فقر دعوتنا المعاصرة من الفنون الجميلة المحببة إلى الناس أن رجال الدين فينا حرموها أو ضيقوا فيها تضييقا شنيعا ولك أن تقوم برصد علمي لتعرف كم تساهم الفنون بكل ألوانها في تغيير الناس وتغيير واقعهم حتى تدرك أن عرض رسالة الاسلام اليوم جافة ميتة كأنها تأبين حزين في مأتم وفاة بإسم سد ذريعة الفتنة حجابة عن نور الله سبحانه ورغبة عن سنته التي هي منهجه لغة وشرعا عليه السلام وتنكب عن معرفة الواقع وطبائع الناس ولغة العصر ومواطن القوة ولحم التغيير ولك أن تتصور كم ينصلح تدين الناس ثم يهتدي إلى الاسلام الناس لو حول القصص القرآني والنبوي مثلا إلى ملاحم فنية جميلة تأليفا وأخراجا وعرضا وترجمة في المسرح والسنما والنحت ولو ألفت مقاطع الطرب والغناء ولحنت وأديت بكل ما تقتضيه من الزينة والجمال والعناية معطرة بالموسيقى الهادئة ساكنة في الكلمة الاسلامية الصادقة مؤداة بالصوت الجميل والحركة الجميلة فتمتلا بها القاعات الفنية وتذيعها الفضائيات ولك أن تعلم أن بعض الاغاني الحماسية الوطنية الجميلة فعلت في الناس فعل السحر أيام مجزرة صبرا وشاتيلا وفي كل هجمة صهيو/ صليبية علينا ينبري الشعراء والملحنون والمطربون يثيرون همة الناس فلولا حدود سايكس بيكو التي يحميها العسس العربي الحامي للاحتلال لاندفع الناس صوب المحتل في فلسطين ولحققوا مقولة قذف العدو في البحر حقيقة بعزة الايمان الذي يسوقه الحداء الغنائي لا كما يكذب بيادق الشطرنج المزروعة فوق بلادنا . دعوة الاسلام تحمل قوة حجتها في باطنها فليست هي بحاجة إلينا نحن حتى نقويها بل نحن نتقوى بها ولكنها تحتاج منا إلى حسن عرض فني جميل يدغدغ النفوس المتعبة ويشوق الارواح المكدودة وإلا لما أوتي داود وهي النبي الملك مزامير ولما مدح عليه السلام الاشعري بذلك وهو يجود القرآن ويحبره فكيف تأنف نفس سوية من الموسيقى الهادئة العذبة تروح على الانسان المرهق وتطلق عنان أشواقه في سماء الخيال لذلك فإني على إطمئنان بأن المحرمين للجمال والزينة والفن والموسيقى في الحياة إما مرضى الشعور عديمي الذوق أو ـ وهو الاغلب ـ أصحاب أهواء يتبعون قول قائل إتباع القرود حتى أصبح حال لسانهم يقول " لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جاء به هذا الرجل أو ذاك ".

     
  5. #95
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة السابعة والتسعون



    أخرج أبوداود والترمذي وإبن ماجة وإبن حبان والحاكم عن إبن عمر أنه عليه السلام قال " لعنة الله على الراشي والمرتشي " وعند الطبراني عن إبن عمر والبزار عن إبن عوف أنه عليه السلام قال " الراشي والمرتشي في النار".ّ
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ



    من شواهده " ولاتأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون ".


    موضوعه : حق الانسان في ماله حق مقدس والمعتدي عليه بأي صورة كانت هو في النار.

    الموبقات السبع في الحديث الصحيح منها الربا ومال اليتيم . والمقصود منهما صورتهما العينية المباشرة أولا ثم كل ما هو في حكمها ويحقق مآلهما وهو التعدي على أموال الناس بالباطل وليست الرشوة سوى صورة من صور الربا وأكل مال اليتيم إذ لا يرضى بدفع الربا سوى المضطر الذي ألجأته الحاجة وكذلك الراشي عادة لان من شأن الانسان حفظ ماله الذي هو قوام حياته كما لايسوغ آكل مال اليتيم لنفسه أكله سوى لحصوله على سلطة ولاية أو وصاية أو الامن من خوف الملاحقة والمحاسبة في الدنيا وكذلك المرتشي يستغل حاجة الراشي فيفرض عليه ماشاء ظلما وعدوانا . أما القرآن فقد حرم ذلك صراحا بواحا جهارا نهارا في مواضع كثيرة وخاصة المتعلقة منها بالايات الجامعة في التحريم من مثل آيات الاسراء ولعل أصرح آية في ذلك هو ما ورد أعلاه في الشواهد وهي في البقرة وورد ذكر الحكام كما ورد ذلك في بعض الاحاديث النبوية كذلك بسبب أن الصورة البدائية المألوفة المعروفة للرشوة هي رشوة الحاكم أو القاضي الذي يفصل في الخصومات وكذلك بسبب أن الرشوة في هذا المقام أشد منها في المقامات الاخرى إذ لو قام سلطان القضاء بين الناس على أساس الرشوة والظلم فإن النتيجة معلومة مسبقا : خراب العمران وذهاب الانسان وتعرض الاعداء للاوطان . وكذلك بسبب أن الانسان قد تستبد به أثرته هنا فيعمد إلى إقتطاع حق الناس برشوة الحكام والقضاة كما قد يضطر المظلوم ضعيف الحجة عي اللسان فاقد اللحن إلى دفع الرشوة إستردادا لحقه في ماله المغتصب ولايعني ذلك أن الرشوة فيما يلي من دوائر علاقات الناس بعضهم ببعض حلال مباحة ولكن من عادة الوحي أن يعمد إلى صورة واحدة من مشهد الحياة يبرزه لاعتبارات معلومة ثم يقوم العقل بتعدية القياس المنطقي على سائر الدوائر التي ينسحب عليها ذات المقصد .



    الدرس الاول : منطق الاسلام في التحريم يقول : العبرة بالمشهد العام .

    يتبدى ذلك جليا في مناطق ثلاث من التحريم المغلظ وهي : الخمر والربا والرشوة . ففي الخمر حرم شاربها وحاملها وساقيها وعاصرها ومعتصرها والمحمولة إليه وبالجملة عشرة أصناف بل كان منهم الجالس على مائدتها وهاديها والمتجر فيها وفي الربا نهج ذات النهج فشمل كاتبه وشاهده ومعطيه وفي الرشوة لعن وتوعد بالنار الراشي والمرتشي والرائش بينهما أي الساعي ولو تتبعت دوائر التحريم في الشريعة لالفيت أن كل محرم لذاته لا لغيره بالتغليظ والنكير لا بمجرد الاستكراه وكان متعلقا بحقوق الانسان في نفسه أو ماله أو عرضه يشمله التحريم بالجملة لا بالتفصيل أي يدين المشهد بأسره ولكن بدرجات متفاوتة مختلفة بطبيعة الحال . والسؤال الكبير المهم هنا هو لم ؟ والجواب هو : لان الشريعة حفلت بالمنهيات والمحرمات أكثر من حفلها بالمأمورات . والسؤال الكبير هو لم ؟ والجواب : لان الله خلق الانسان حرا وبرأ ذمته من كل تكليف ليتسنى له القيام بوظائف الخلافة والعمارة والعبادة حرا طليقا إلا ماكان لابد من تحريمه لخدمة تلك الحرية الطليقة فكانت النتيجة التشريعية في الاسلام : كل شئ وكل أمر مباح بإطلاق إلا عددا يسيرا جدا تكفيك شمالك لعده وهو متعلق كله دون أدنى إستثناء بحق الانسان فالشرك مثلا يحرم الانسان من حقه في عقله وقس على ذلك كل محرم . والسؤال الان هو لم كان المشهد التحريمي كله مشمولا به ؟ والجواب : صيانة للانسان من الوقوع في حبائل الحرام جرعة جرعة دون شعور منه لانه مركب من نفس تهوى مالا يحل لها من حق غيرها فلو أحل الجلوس على مائدة خمر لما لبث الجالس سوى أشهر في أقصى حالات ضبط النفس ثم لواقعها وكذلك الرائش والمشارك في مشهد الربا والزنا والظلم حتى أن مشاركة المسلم في حكومة كافرة ظالمة لايجوز في الاصل إلا لتحقيق مصلحة والعبرة بالحكم الاصلي دوما. فقيام التشريع إذن على فلسفة تحريم المشهد العام في المحرمات يقصد منه تضييق مساحات الفساد إلى أضيق درجة.



    الدرس الثاني : الحكمة من تحريم الرشوة: صون حق الانسان في ماله وبناء السلطان على العدل

    لابد لكل إنسان من البحث عن الحكمة من كل الاحكام بغرض فهم رسالة الاسلام على نحو يجعله يعدي كل الحوادث المستجدة غير المتناهية عبر قياسها إلى حكم شرعي جديد أو متجدد ودون ذلك فإنه يغرق في تفصيلات لا حصر لها فيظل يجري وراء هذا المفتي أو ذاك مضطربا بين إضطرابهم رغم أنه أحيانا يكون إجتهادا محقوقا وليس ذلك بعزيز على كل من طلب العلم بصدق وجد ومثابرة وصبر من مظانه وخاصة علم أصول الفقه والمقاصد ولقد يسر كثير من العلماء لذلك مصنفات وكتبا ميسرة جدا لكل متعلم ثم إن البحث عن الحكمة من كل تشريع يفتح آفاق الذهن البشري ويزيح عنه الجمود . الحكمة من تحريم الرشوة هي ذاتها الحكمة من تحريم الانسان أي صونه وتحريره وتكريمه نفسا ومالا وعرضا والرشوة إعتداء صارخ على ماله سواء كان راشيا أو مرتشيا لان المرتشي يخلط ماله الحلال بالحرام فيحرم البركة فيظل لاهثا نهما لا يشبع كمن يشرب ماء البحر ليرتوي فضلا على أن كليهما يعتدي على عرضه بالدنس والرائش ليس بعيدا عن ذلك لانه عادة ما يأخذ أجرا على نقله للمال الحرام . كل تلك الحكم هي في حق الفرد أما في حق الجماعة فهي تعريض للبناء الاجتماعي للهزات العنيفة داخليا ثم للاحتلال الاجنبي خارجيا بسبب قيام السلطان القضائي على الظلم وكل قوامة على الظلم مآلها العاجل أو الاجل حقا لاريب فيه الانهيار. فلوأجملنا القول في بعض الحكم البارزة :



    1 ــ صون حق الانسان في ماله وعرضه .

    2 ــ بناء السلطان القضائي على العدل وعدم تعريض الجماعة للهزات والاحتلال .

    3 ــ بناء جهاز نفسي قوي في الفرد وفي الامة بعيدا عن الطمع واللهث والنهم المفسد للخلق .

    4 ــ إعادة الاعتبار لقيمة العمل والسعي بدل التواكل والتعويل على سلطة المال وشراء الذمم.



    الدرس الثالث : التحايل على الحرام بتغيير إسمه : صناعة إسرائيلية وإختراع يهودي .

    أليس مؤسفا اليوم أنك لاتلفى بلدا عربيا ولا إسلاميا واحدا تحتضن ربع البشرية تقريبا وتمور تحتها موائد النفط والذهب لم تتفش فيه ظاهرة الرشوة في كل مستويات الحياة والفرق الوحيد بينها جميعا هي إختلاف أسماء الرشوة من بلد إلى آخر فهي هنا إكرامية وهنا قهوة وهنالك باللغة الفرنسية ( بوربوار أي لمشربك ) ؟ وأنت تعلم أن سببا من أسباب إهلاك بني إسرائيل هو التحايل على الحرام بتغيير إسمه وطريقة تناوله كما فعلوا مع الشحم فلما أذابوه لم يعد كذلك فأكلوه ومع صيد السبت . أليس ينطبق علينا قانون إجتماعي مطرد " أكفاركم خير من أولئكم "؟



    الدرس الرابع : ويل للحكام وويل لكل مستخدميهم الذين يأكلون السحت . ألا ينتهون ؟

    شدد سبحانه في الرشوة دفعا وأكلا ووساطة لان أغلب رحى عملها تكون في الدوائر الحكومية من أقصاها إلى أدناها لا إختلاف إلا في مقدار الرشوة فعون الحدود ربما ترضيه بعلبة سيجارة أما رئيس الدولة فلا بد له من ضمان ولاية خامسة وسادسة حتى يؤول الامر من بعده إلى إبنه وهي رشوة تدفعها الادارة الامريكية نيابة عن الصهيونية لكل من ينجح في خدمة أهدافها . هل خوت أفئدة هؤلاء من الخوف منه سبحانه بالكلية ؟ وهل هم في حاجة إلى علبة سيجارة أو ولاية موالية وقد من الله عليهم من متاع الدنيا بما لم يمن على أحد ؟ ألا يرى المرتشي أنه أسير راشيه ويوم يقوم للعدل قيام ربما يفضحه ؟ إن عجبي والله لا ينقطع من هذا فإن رميتهم بالكفر باليوم الاخر فهؤلاء مؤمنون ولا ريب وإن تمحلت لهم الاعذار فهم أغنياء ولا شك ولا أقول إلا ما قال الحبيب عليه السلام " الطمع هو الفقر الحاضر" وليس أسوأ من سجن الطمع والنهم والجشع .



    الدرس الخامس : هذا يشكو من طوى وذاك من بشم : الرشوة لاسترداد حق فرض مفروض .

    كذلك هم الناس دوما : فريق خلع ربقة التقوى من عنقه خلعا فهو يأكل أموال الناس بالباطل رغم ما أغناه الله وفريق يبالغ في التحريم معرضا عن جهل عن الحكمة فلا يدفع الرشوة لاسترداد حقه وحق المظلومين فهل تشفع لهذا تقواه وهل تتجرد التقوى عن العلم . أمر الناس عجيب ورب الكعبة . لقد كان الصحابة بعد أن نبههم القرآن إلى عدم إحراجه عليه السلام برفع الصوت وبكثرة السؤال وخاصة الفارغ منه وبعدم مناجاته بدون حاجة إلا بصدقة يريدون سؤاله عن أمر ما فيتهيبون ثم يغتنمون فرصة قادم من الاعراب ويقولون له بالحرف الواحد " نرشيك بردا أي ثوبا على أن تسأله عليه السلام كذا " فيفعل المرتشي . المجال كما ترى ضاق سوى أنه لابد من التذكير بأن النكير على حرمة الرشوة لانها عدوان على حق الناس في أموالهم وأعراضهم لا يعني عدم إستخدامها في حال الضرورة القصوى التي لا بد منها لتحرير سجين أو أسير مثلا أو إسترداد أي حق لك أو لغيرك لانه من باب المصلحة المعتبرة ومنها أنه عليه السلام أعطى غطفان ثلث تمر المدينة لفك تحالفها العسكري مع قريش لولا أن الشورى عطلت ذلك فهل أن لغطفان حق في تمرة واحدة من تمر المدينة ؟ فالشأن هنا كالشأن مع الكذب المحرم لابد منه للاصلاح فالاصلاح إذن بحسن نية وحسن وسيلة يجب كثيرا من المحظورات لانه لاحرج عليكم في الدين ولا عنت .



    الخلاصة : الرشوة لاكل أموال الناس بالباطل ولو بعلبة سيجارة كبيرة موبقة مهلكة يستوي في ذلك الراشي والمرتشي والرائش لعنة ونارا سوى في درجة كبر كل منهم قصدا خاصة وذات الرشوة لاسترداد حق لمظلوم فرض مفروض على القادر على ذلك يثاب الراشي ثواب المجاهدين بأموالهم في سبيل الله سبحانه وتلحق اللعنة والنار المرتشي سيما في الضرورات المضرة المتعلقة بإحياء الانسان نفسا أو مالا أو عرضا عبر تخليصه من السباع البشرية المفترسة وكل توسع هنا في إستخدام الرشوة المفروضة يحاسب عليه الانسان يوم القيامة بمعياري النية وحسن الاجتهاد . والله تعالى أعلم .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 19 من 21 الأولىالأولى ... 9 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك