+ الرد على الموضوع
صفحة 20 من 21 الأولىالأولى ... 10 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة
النتائج 96 إلى 100 من 105
  1. #96
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4387

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثامنة والتسعون


    أخرج مسلم والنسائي وإبن ماجة عن عبدالله إبن عمرو إبن العاص أنه عليه السلام قال " الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ".
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

    من شواهده " فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله .."

    موضوعه : المرأة هي النواة والمحور دوما في الخير والشر على حد سواء .
    بداية لابد من التذكير بنصيحة شخصية أبددها يمينا وشمالا دوما ما حييت وذكرت وهي أن كل من لم يطلع على ما سماه الامام القرضاوي سفر المرأة وهو كتاب تحرير المرأة في عصر الرسالة للمرحوم أبي شقة ليس له أن يتحدث في موضوع المرأة في الاسلام إلا أن يكون فقيها في الدين والواقع معا مشهودا له بذلك من خلال آثاره العلمية والفكرية وأن يكون معاصرا لنا اليوم أو متعلما وإذا ما تعجب أحد من مصادرتي هذه فليعذرني بناء على إعتباري بأن الاسلام اليوم يؤتى من جانب المرأة محورا فكريا إضطربت فيه الانتاجات المعاصرة كثيرا بين تأدية دور الميت في حضرة مغلسه وبين التقليد الببغاوي القرودي الامعي إنبهارا بالغرب وليس معنى ذلك أن سفر المرأة المعاصرة معصوم من الخطإ ولكن لايليق بمؤمن أبدا ممارسة السلبية والتقعر في الان ذاته وأنت تعلم أن كثيرا ممن يتحدث اليوم بلسانه لا يصبر على طلب العلم وإن صبر فإنه كثيرا ما يخطئ مظانه ثم تلفاه يتقعر ويتخلل كما تتخلل البقرة حاشرا أنفه في كل موضوع ببضاعة مزجاة إلى حد الحقارة . الملاحظة الثانية هي أن موضوع المرأة بالذات لا يكتفي فيه الباحث المنصف المحترم لنفسه ولعقول الناس بما ورد في القرآن والسنة بل يضم إلى ذلك ما إستطاع من العلوم الاجتماعية المعاصرة لان التطور الحاصل في ذلك الموضوع وفي غيره كذلك فاق الخيال ولن يزال يأتي بالجديد سواء رضينا أم سخطنا ولان الموضوع في كل فروعه تقريبا ومنها كبرى وعظمى فيه ما فيه من المتغير الذي لابد له من إجتهاد معاصر يسند الثابت ولا ينقضه .

    مسألة المحرم :
    أخرج الشيخان عن أبي سعيد أنه عليه السلام قال " لايحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الاخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو إبنها أو ذومحرم منها ". لابد لطالب العلم أن يسأل أولا: لم ؟ ويأتيه الجواب منه هو نفسه : لان المرأة في العادة أضعف بنية من الرجل وللحيلولة دون أي عدوان عليها لابد لها من محرم ولانها قد تتعرض أثناء سفرها إلى ما يخدش حياءها أو يعرض بسمعتها أو يحول دون قضاء حاجتها .. والدليل أنه عليه السلام وضع في هذا الحديث المتفق عليه مدة عادة ما لا تحتاج المرأة فيها إلى بعض ذلك وهي ثلاثة أيام ومعلوم أن ثلاثة أيام سيرا على الاقدام أو على ظهر دابة من دواب عصرهم تبعد فيها المرأة المسافرة وحدها دون محرم مسافة عشرات الاميال .. الدليل على أنه عليه السلام يقصد توفير الامن اللازم للمرأة خوفا عليها لا خوفا منها ـ كما يروج المرضى الذين ينظرون إلى المرأة على أنها شيطان جنسي ـ قال في حديث آخر "ليتمن الله هذا الامر حتى تسير الظعينة وهي المرأة المسافرة من صنعاء إلى حضر موت لا تخاف إلا الله أو الذئب على غنمها ".. والدليل هو أن الام الكريمة عائشة وهي المأمورة مع نسائه عليه السلام بنص القرآن ـ ظاهرا بالمعنى الاصولي ـ بالقرار في البيت خرجت تحارب عليا كرم الله وجهه فهل أنكر عليها صحابي ذلك وهل صحبها محرم .. نصيحتي لكل طالب علم : العلم الشرعي في الان نفسه يسير بسيط سهل وعميق معقد متشابك ويرجع ذلك إلى زاوية نظر الطالب وموقعه من العلم تماما كبحر هادئ يمتد على مد البصر يراه المبتدئ صفحة ملساء تغريه بالسباحة ثم تعمل الامواج مساء في حركة زجرها على نقله إلى يم الماء ببطء شديد لا يشعر به حتى إذا كان هناك خارت قواه ولم يعد يبصر الشاطئ لبعده عنه ثم يغرق أما البحار الماهر الخبير فإنه يحسب لكل شئ حسابه من حركة موج وإرتفاعها ونوع البحر ومكانه وزمانه وأدواته وحالة الطقس .. فبالخلاصة فإن المقصد من المحرم حماية المرأة وصونها من كل عدوان مادي وأدبي وتيسير حاجتها لو عجزت عنها فإن توفر لها الامن من ذلك غلبة ظن فضلا عن يقين كما هو الحال اليوم في حياتنا بأسرها في كل زاوية من البسيطة فإن فرض المحرم عليها هو عدوان عليها وشتان بين من جاء ليحررها ويكرمها ومن جاء ليستعبدها رقيقا بإسم حيائها وضعفها .

    مسألة حقها في إختيار نمط حياتها :
    أخرج أبوداود عن عائشة أن أسماء دخلت عليه السلام بلباس شفاف فأعرض وقال " ياأسماء إن المرأة إذا حاضت ـ أي بلغت الحيض ـ لم يصلح أن يرى منها سوى هذا وهذا " وأشار إلى وجهه الكريم وكفيه . وفوق ذلك فإن آيات النور والاحزاب صريحة صحيحة في الامر وبعد ذلك فإن إجماع الامة على مدى أربعة عشر قرنا كاملة فيها الانحطاط وفيها الاحتلال على زي المرأة المسلمة هو ذات إجماعها على التوحيد والصلاة والصيام والزكاة والحج . ولك أن تسأل مرة أخرى لم ؟ وكيف نجبر المرأة على لباس معين ونحرمها من معافسة الحياة بعلومها وزينتها وكسبها ؟ أورد القرآن علة واحدة لذلك فقال " ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " ولكنه لم يسم كل المقاصد لانها تختلف أحيانا من زمان لاخر ومكان لاخر . اللباس لكل أمة وإنسان أمارة تميز في الشخصية كطريقة الاكل والحديث .. وهو فرض رباني على المرأة التي إختارت الله ربا ولايجبرها على ذلك أحد ولو أب أو زوج لان الاسلام خيرها فيما هو أكبر من ذلك وذلك حين جاءت إمرأة تشكو أباها له عليه السلام وقد هم بتزويجها من لاترضى فمنعه من ذلك عليه السلام فهل أن عشرة زوج عقودا طويلة وإنجاب الولد منه أكبر أم لباس ؟ فالمقصد الاسنى من زي المرأة هو إذن تحريرها من التقليد الاعمى ومنحها فرصة إختيار نمط حياتها في ملبسها وسائر شؤون حياتها وتكريمها بستر ما يتهافت عنه بعض الرجال فطرة تهافت الذباب وتأهيلها على الجمع بين أمرين فيها وهما أنها دوحة جمال وجبل من الزينة وفي الان ذاته هي عقل مفكر وشخصية مستقلة وإرادة حازمة وهو شرف لم يؤت للرجل سوى أنه سبحانه فضل كلا منهما بأمر حجبه عن الاخر لاحداث التكامل المطلوب ولتفرغ كل منهما لام رسالته . وهل يمنع المرأة لباسها من مباشرة عملها في البيت وخارجه ؟ أما دينا فلقد أخرج الشيخان وغيرهما عن سهل بن سعد قال لما أعرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي عليه السلام وأصحابه فما صنع لهم طعاما ولكن قدم لهم إمرأته أم أسيد بلت تمرات في تور من حجارة وقدمته لهم بيدها " وأما واقعا فإن المرأة اليوم بلباسها المحتشم هي أبرع من غيرها من قيادة الطائرة إلى تعليم الطلبة ومن الطب إلى إقراء كبار المشايخ القرآن من مثل الشيخة أم السعد قارئة الاسكندرية التي تعلم على يديها أغلب المقرئين الذين تخشع اليوم لقراءتهم ولقراءة تلاميذهم .

    مسألة العمل والخروج من البيت :
    أخرج الشيخان عن أبي هريرة أن إمرأة سوداء كانت تقم المسجد أي تنظفه ففقدها عليه السلام يوما فسأل عنها فقالوا ماتت فقال هلا آذنتموني ثم أتى قبرها وصلى عليها . رجوت والله أن أكون أنا هو من في القبر فمن صلى عليه عليه السلام ودعا له ربه لا يدخل النار . إمرأة خرجت من بيتها للصلوات وعرفت الرجال وعرفها الرجال بوجهها وإسمها وتولت العمل خارج بيتها . ولعلك تعلم أن البخاري أسند عن بعض النساء وعلمنه منهن عشرات والشأن ذاته جرى مع العسقلاني صاحب الفتح كما يقول أهل العلم جلس لسنين طويلة تلميذا مؤدبا مهذبا بين يدي عشرات من النساء ولم يقتصر علم المرأة على الجانب الشرعي بل منهم الشاعرات والاديبات والمحاربات وقائدات المعارضة الشرسة في وجه الحجاج وليس هن جميعا سوى نقطة ضوء لامعة من مشكاة مؤسسة المعارضة السياسية والعسكرية الام العظيمة الكريمة الفقيهة في الدين والدنيا معا عائشة عليها الرضوان وأذكرك مرة أخرى بمراجعتي في هذا : كيف أمر القرآن نساء النبي عليه السلام بالقرار في البيت فخالفن القرآن الصحيح الصريح وخرجن كلهن دون إستثناء لقضاء مآرب دينية ودنيوية لا تعد ولا تحصى وعائشة مثال ؟ أجب عن ذلك تكن صاحب فقه.

    مسألة التميز تمحضا لاحسان الدور الام :
    أخرج البخاري وأصحاب السنن الاربعة والطبراني عن إبن عباس أنه عليه السلام قال " لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء ". المرأة إنسان كامل الانسانية محرر مكرم مسؤول مكلف عاقل مستأمن مستخلف معلم . والانسان تماما كالزمان والمكان لابد له من زوجين حتى يكمل فالزمان ليل ونهار وفصول معروفة والمكان شرق وغرب فهل يقول عاقل بتفضيل الليل على النهار أو الشمس على القمر أو الشرق على الغرب وكذلك العلاقة بين زوجي الانسان في تكامل لا تفاضل والتفاضل المذكور في الاية تفاضل متبادل تمحضا لاداء الدور الام الاصلي والمرأة تختار دينها ومذهبها وزوجها وعلمها وعملها ورأيها في كل مسألة كبيرة أو صغيرة وتستقل بمالها وبخلعها حال الفراق ولها أن تقود أمة بأسرها بل أمما كما أخبر القرآن عن بلقيس ملكة سبأ فهي ولي مسؤول عن شأنها الخاص العام من زينة ملبسها وحنائها إلى طريقتها العسكرية والسياسية والاقتصادية ولاية كاملة ومسؤولية تامة سوى أن كل ذلك يتم بينها وبين الرجل في إطار التكامل لا التنافي وفي إطار التخصص وهو الذي سماه القرآن تفاضلا وبلغ ذلك مداه حتى إنها لفرط إستقلاليتها وتميز شخصيتها حتى عن زوجها أقرب الناس إليها لا ترضى لنفسها التشبه بالرجال في الملابس وطريقة الحديث وكيفية الزينة والجمال فالتشبه من هذا بذاك أو من ذاك بهذا هو ضرب من الامعية وخروج عن سكة التخصص الوظيفي الذي تمليه الخصائص البيولوجية والنفسية دون أن ينفي ذلك التكامل والتعاون فيما سوى دائرة التخصص فالرجل يربي الولد مع المرأة والمرأة تفلح الارض وتصنع الالة وتسافر وتقود الطائرة مع الرجل.

    من هي المرأة الصالحة :
    خيرمتاع الدنيا إمرأة يعني أن المرأة دوما في قلب الاهتمام الانساني وبطل قصته الكونية والاجتماعية قديما وحديثا وفي كل مجال خيرا كان أم شرا وذلك فضل آتاه الرحمان الخلاق سبحانه للمرأة فليس من حادثة فساد أمني إستخباراتي ولا فساد مالي ولا فساد جنسي ولا فساد سياسي إلا والمرأة عادة هي بطلته ظاهرا أو باطنا وما من حادثة صلاح في كل ذلك إلا وهي كذلك بطلته والقرآن في قصصه شاهد على ذلك فضلا عن السيرة . بالمرأة الصالحة إذن تنصلح الدنيا بأسرها وبفسادها تفسد لامحالة وتأثيرها في الحالين أشد من تأثير الرجل مرات كثيرة حتى إنك لا تجد إمرأة واحدة إرتدت ولكن تجد رجالا كثرا ثم إسأل نفسك من أول من آمن وأول من إستشهد وأول من حفظ القرآن وديعة في بيته فتلفى أنهن خديجة وسمية وحفصة . المرأة الصالحة هي المرأة المؤمنة العابدة العالمة في الدين والدنيا الناجحة في بيتها وعملها ومع كل الناس وخاصة أهل البيت والجار والرحم والداعية المعاصرة العاملة على تنمية صلاحها قلبا وقالبا وعلى تنمية صلاح غيرها بصبر وعلم وكل من هي كذلك صالحة بقدر ذلك.

    الخلاصة : أزعم أن المرأة على مدى العصور مبتلاة أكثر من الرجل بسبب أنها تعرضت للظلم بإسم الاسلام مبكرا جدا بعيد إندلاع الفتنة الكبرى بقليل ففرض عليها بإسم الاسلام ألا ترتاد المسجد وألا تخرج من بيتها إلا لحاجة موت أو حياة وألاتذبح أضحيتها وشاتها المشرفة على الهلاك إلا بعد صياحها ثلاثا لعل فحلا يقوم لها بذلك وألا تتعلم وإن فعلت فلا تتجاوز حد كتابة إسمها وألا تختار زوجها وليس كل ذلك وغيره مما لايحصى عادة وتقليدا مجردا بل موثقا في كتب الفقه والعلم ومنها كتاب المرحوم عبدالرحمان الجزائري " الفقه على المذاهب الاربعة " وغيره كثير .. فلما شيد الانحطاطا إنجيلا كاملا من إضطهاد المرأة في المجتمع المسلم عاجلها الظلم الانكى وهو ظلم الوافد الغازي المحتل وهو أنكى لانه سراب كاذب يعد بالتحرير فيدس السم الزعاف في الدسم الشهي ففرض عليها التبرج وخلع الحياء والاتجار بثدييها وفرجها وأوحى لها أن الدين عبء ثقيل لابد من التخلص منه ولو تدريجيا وسلب عقلها وخلب لبها وأغواها بالاضواء المزورة .. كما أزعم أن الصحوة المتجددة فينا كفيلة بإذنه سبحانه بإعادة الاعتبار للمرأة المظلومة مرتين : منا ومن غيرنا وذلك بإنخراطها في إهتمامات الصحوة وقيادتها لها ولاأجد خيرا من عنوان " المرأة إنسان كامل الانسانية ولي مسؤول عن سائر شأنه دون أدنى إستثناء ولاية كاملة ومسؤولية تامة في وسطية إسلامية متميزة معاصرة ".

     
  2. #97
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4387

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة التاسعة والتسعون

    أخرج الشيخان عن إبن مسعود أنه عليه السلام قال " لا يحل دم إمرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة " وأخرج الجماعة ـ الصحيحان والسنن الاربعة ـ إلا مسلما أنه عليه السلام قال " من بدل دينه فأقتلوه " .
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

    من شواهده" ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم .."

    موضوعه : عقوبة الردة في الاسلام نابعة من مقتضيات ثلاث : طبيعة النظام الاسلامي وطبيعة نظامه المناعي الذاتي وتوازنه بين حق الفرد وحق الجماعة .
    بداية دعنا مع القرآن في موضوع الردة : لم يتناوله سوى في موضعين ضمن آية خاصة بما يعني أن القرآن ليست قضيته الاولى هي الردة وفي الموضعين لم يرتب عقوبة في الدنيا وهذا مهم جدا لانه فعل ذلك مع سائر الجرائم العظمى الاخرى كالحرابة والزنا والقذف وال ومعلوم أن الشرك والكفر والنفاق أكبر عند الله من كل ذلك سوى أنه لم يرتب عليها جميعا عقوبة دنيوية فبماذا يوحي ذلك ؟ تلك رسالة بأن الانسان خارج خيمة الاسلام حر في عقله وسلوكه مالم يحارب غيره ظلما وهي ذات الرسالة التي نجنيها بداية من عدم نص القرآن على عقوبة المرتد وسيأتي دور السنة وهي صحيحة صريحة في ذلك بعد قليل بإذنه سبحانه. الدرس الثاني من تناول القرآن للردة هو أنه توجه التوجه الايجابي بمعنى أنه غمز المرتد وأرشده إلى سبب ردته وبين لنا ذلك كذلك وهي بإختصار: أن الايمان مبني على الحب بين العبد وربه فكلما قوي الحب صلح العابد وكلما نقص أوشك أن يرتد تماما كما هي العلاقة بين البشر فمن أحب لابد يطيع ومن لم يحب فلا يملك ذلك أصلا حتى يأتيه ـ وثانيها أن الايمان العاصم من الردة مبني على حب المؤمنين بعد حبه سبحانه وبه كذلك إلى حد الذلة أي خفض الجناح وعلى العز حيال الكافرين مطلقا وخاصة الظالمين منهم والعز شعور نفسي فيه الاباء والكرامة والشموخ دون عدوان ولا إحتقار وربط الوحي بين الذل والعز لانهما لئن حواهما قلب واحد فإنه يوزعهما بالقسط على الناس ولو ذل المؤمن نفسيا أمام الكافر وخاصة الظالم فإنه إنهزم هزيمة لانصر بعدها ولو عز أمام أخيه المؤمن فإن حبال الجماعة معرضة للصرم فتنهزم الجماعة ـ وثالثها أن الايمان العاصم من الردة إيمان مجاهد في سبيل الله وحده لا يطلب رضا الشاهد الدولي بل يطلب رضى الله سبحانه بالانتصار له . فعلامات الردة وهي جنين في قلب صاحبها هي إذن : تلاشي الحب بينه وبين ربه والذلة حيال الكافر والظالم في مقابل الشدة والغلظة مع المؤمن ثم تأتي الفاضحة التي يقع فيها اليوم آلاف من المنافقين والمرتدين : نبذ الجهاد مشروعية وأصلا أو تأجيله حتى مقاومة لتحرير الوطن المحتل خوفا على أوليائهم في أمريكا والصهاينة وأروبا من نار الجهاد أو خوفا على أنفسهم يوم تدخل جيوش الاحتلال أي إيثار كامل للعاجل على الاجل.

    الدرس الاول : القرآن يتوجه في موضوع الردة إلى تحليل الاسباب لا إلى إلغاء حياة الناس .
    هو ذات الدرس الذي شرح آنفا سوى أني أردت تلخيصه لان القرآن حاكم على السنة مطلقا ودوما ولو تدبرنا الاسباب التي حللها القرآن وتوسعنا فيها وتعاونا على معالجة الموقف لارتد كثير من المرتدين والمنافقين إلى الاسلام مجددا ولكانوا عونا له لا عليه ولم يكن ليستحي سبحانه لينزل عقوبة مادية في المرتد والمنافق كما فعل مع السارق والمحارب والقاذف والزاني وكل هؤلاء أقل جرما منه فألتقط معي هذا الدرس مليا وهو يقول : الجرائم العقلية لا تواجه بالعقوبات البدنية وإنما بتحليل الاسباب وبسط سبل الدعوة ومناخ السلم وجو الامن وحسن القدوة والصبر.

    الدرس الثاني : من أجل إحاطة أشمل بالموضوع لابد من قراءة في النظام الاسلامي .
    بعض الناس لا يرون في الشيوعية مثلا سوى أنها عقيدة ملحدة متجاهلين أنها شكلت توازنا كونيا مهما مع الرأسمالية فكريا وإقتصاديا والاعتراف بمحاسن شئ لا يعني تبنيه ومنهج الاسلام لم يضره أنه إنبنى على الاقرار بعد الاخبار والانشاء فأقر تشريعات عربية كثيرة فيها صلاح وذلك بعد نزعها من سياقها الجاهلي والامر ذاته في موضوع الردة لو تناوله الناس سيما غير المسلمين معزولا عن فلسفة النظام الاسلامي لما أنتج سوى أن الاسلام نظام مغلق عدو للحرية . عقوبة الردة تنبع من كون الاسلام بخلاف كل الاديان السماوية والفلسفات الوضعية نظام شامل كامل متكامل يتسع لكل إنسان في كل حال وزمان ومكان فالقلب مثلا ليس من مشمولات الفلسفات الوضعية ولكنه في الاسلام مربط الفرس والحياة العامة مثلا ليست من مشمولات الاديان السماوية الاخرى ولكنها في الاسلام أمه وحياته وذلك يعني أن الردة من مشمولات الاسلام بخلاف الفلسفات الوضعية لو كانت عملا أو قولا هو بريد القلب . عقوبة الردة تنبع كذلك من كون الاسلام يمتلك قاعدة دفاعية حمائية مناعية ذاتية ككل كائن حي وهي قاعدة تدافع عنه في قلب الانسان وفي عمله تبعا لخصيصته الاولى وهي أنه دين شامل للحياة . فمتى كان المرتد خطرا على المجتمع الاسلامي وجبت عقوبته بإسم ذات المجتمع الحاضن للنظام الاسلامي والذائد عن جسمه الداخلي ضد خلية شذت عن نظام نموها العادي وهو أمر مفهوم في نظام الاجسام الحية والمعنوية اليوم وليس الاسلام وحده هو من يملك نظاما مناعيا أو يشيد حوله عسسا وحرسا ويغذي دمه بالكرويات البيضاء ويضع للداخل فيه عن رضى وحرية إرادة وإختيار قانونا عاما يبسطه أمامه قبل الدخول . عقوبة الردة تنبع من كون الاسلام يوازن بين حق الفرد وحق الجماعة وهو ذات الامر الذي ألغته من حساباتها أديان سماوية وحاولت فيه فلسفات وضعية عبر مقاربات لكننا نعتقد أنها فشلت فالرأسمالية مثلا طغى فيها حق الفرد على حق الجماعة والشيوعية على العكس من ذلك ومن حق الاسلام أن يقدم لمعتنقيه مقاربة في ذلك فإن رضوا بها دخلوا فيه وإن أبوا فلن يجبرهم على الدخول فيه فحق الفرد في المجتمع الاسلامي في الكفر مكفول بقدر ما يظل الامر بينه وبين خالقه أو في أطر ضيقة جدا لا تتجاوز أسرته وقرابته وصديقه وكل من يثق بهم لييسروا له حياته الشخصية دون شن معركة على عقيدة إرتضاها الناس لانفسهم وأرادوا التفرغ لغيرها من المعارك ويقابله حق المجتمع في فرض عقوبة معينة على الفرد الذي دخل إلى دارهم حرا مختارا ثم أراد زعزعة بنائهم من أسه وبدون تلك الموازنة بين حق الفرد وحق المجتمع فإن الحياة على البسيطة بأسرها تغدو عبثا معبوثا . تلك هي إذن الاسس الثلاث لعقوبة المرتد في الاسلام : طبيعة جامعة للاسلام و نظام وقائي ذاتي وعلاقة توازن بين حق الفرد وحق المجتمع .

    الدرس الثالث : عقوبة الردة بين أضلاع أربعة : القرآن والسنة والاجماع والاجتهاد المعاصر.
    السؤال الاول هو : هل أن عقوبة الردة أمر ثابت صحيح صريح كما هو الشأن في الزنا مثلا ؟ والجواب هو: أصل الحكم ثابت ولكن لابد من تفصيل في ثبوته . هوثابت بالسنة لا بالقرآن فهو إذن في مرتبة الثبوت الثانية لا الاولى .وهو ثابت بالسنة القولية لا العملية والقولية أقوى من حيث المبدإ والاصل من العملية سوى أن العملية لو لم تقدح فيها صوارف الخصوص أقوى حين تسند القولية .هو ثابت بالسنة في موضعين صحيحين صريحين كما هو مبين أعلاه سوى أن الموضعين مختلفان على نحو يجعل أحدهما " التارك لدينه المفارق للجماعة " مبين للاخر" فأقتلوه " بما يعني إجتهادا أن القتل لا يشمل سوى المرتد الجامع إلى ردته مفارقته للجماعة ولا تعنينا الان لضيق المجال صور مفارقة الجماعة . أما الاجماع فهوثابت متيقن كذلك وهو أعلى مراتب الاجماع أي صريح صحيح عام وهوقتال أبي بكر للمرتدين غير أن علة القتال محل إختلاف والراجح أنها علة الجمع بين مفارقة الجماعة بمنع حقها في الزكاة وبين الردة فهي ردة ليست ضد الدين الشخصي للانسان ولكنها ردة ضد الوجود الاسلامي ودولته الناشئة وحقها وهو حق الامة في مال الناس أي الزكاة . أما الاجتهاد المعاصر فهو كذلك ثابت في إتجاهين : يقول أحدهما بأن المرتد يقتل أبدا ولو كانت ردته بينه وبين نفسه بينما يقول الاخر بأن الاسلام في مظهره الجماعي يهتم بالردة التي تتوفر فيها الشروط التالية : العدوان على المعلوم من الدين بالضرورة باللسان أو بالقلم فضلا عن العمل ـ الدعوة إلى الردة بدل الاكتفاء بالتصريح بها ملزما بها نفسه فحسب ميسرا حياته على مقتضاها دون عدوان ـ أما إذا تطور الامر إلى حد الخيانة الوطنية موالاة لعدو ضدنا وهزا لاركان جبهتنا الداخلية فالمسألة لا خلاف عليها.
    خلاصة ما تحصل لدينا : قرآن يكتفي بتحليل الاسباب ووعيد الاخرة وسنة يبدو والله أعلم أنها تخص المرتد المفارق للجماعة لا مجرد الردة الشخصية الموادعة الصامتة وإجماع يترجح فيه جانب الردة الجماعية ضد حق الامة في مالها وينسحب ذلك من باب أولى وأحرى حقها في كرامتها وعزتها وإستقلالها وإجتهاد معاصر يترجح فيه جانب الردة المعتدية لا المسالمة .

    الدرس الرابع : حصر الردة في القطعيات الدينية للحولان دون كبت حرية الرأي .
    مشكلة الانسان دوما هي إما تضييق لواسع أو توسيع لضيق وبين كل طغيان وإخسار تضيع الحقيقة لذلك كان الاسلام وسطيا في كل شئ حتى في عقائده المحكمة فلا تثليث ولا إلحاد ينكر الالوهية جملة . ويخشى دوماعلى كل مجتهد من أمرين : الاستجابة لضغط التراث أو الاستجابة لضغط الحاضر ولذلك كان الفكر الوسطي هو الاقمن بإصابة الحق . ثمة طريقتان لرؤية الحقائق: الطريقة الجزئية الميكروسكوبية التي يحتاجها الباحث عن شارع في خريطة مدينة هوموجود فيها والطريقة الكلية التي يحتاجها الباحث عن موضع بلاد في قارة أو قارة ضمن خريطة هو بعيد عنها والانسان يحتاج دوما إلى الطريقتين ولكن يتحدد الصواب في قربه وبعده من موقع الامر المبحوث عنه ففي مسألة الردة لا يحصل على الحق سوى من ينظر من بعد أولا في موضع الاسلام في التاريخ والحاضر وبين الاديان والفلسفات ثم يدقق النظر عن قرب ثانيا في موضع الردة فيه فالمشكلة دوما في نظر الانسان مؤمنا وكافرا. النظرة الوسطية تقول أن الاسلام يجمع بين أمرين : يحمي نفسه من الداخل بعقوبة المرتد المستعلن المهاجم لا المسالم الموادع ويفسح حرية الرأي للناس كافة في ما لايتصل بثوابته الاساسية التي إنبنى عليها وهي قليلة العدد جدا . لم يضق الاسلام بالمدارس الكلامية التي إختلفت في فروع العقيدة إختلافا كبيرا كلما كانت متوحدة على تنزيه الله مثلا سبحانه وفضلا عن ذلك لم يضق بالاختلاف الاصولي ولاالفقهي ولاالمذهبي ولا اللغوي والعرقي والجنسي فكيف يضيق بحرية الرأي فيما هو أقل شأنا من ذلك بكثير لا بل لم يضق الاسلام بالتعدد الديني إذ إعترف بالاديان السماوية وعرض حججها في القرآن وناقشها ورتب بيننا وبينهم علاقات حميمية من المصاهرة والتوارث فضلا عن التعاون العام وهو إعتراف متوسط أي إعترف بصحة الاصل وبالوجود الواقعي و لم يسبغ عليها الاعتراف الشرعي الديني . فالردة المعنية لا تتجاوز القطعيات الدينية التي إختلف أهل الكلام في فروعها كثيرا وكل القطعيات الدينية تحتفظ بأصل لايختلف عليه لانه من صميم الفطرة والسنن كما تحتفظ بفروع لاحصر لها بقدر تنوعها وإختلاف الناس حولها يحرك الحياة ويسعد البشر. ومادون ذلك من فروع العقيدة إلى ما يليها مما لا يخطر على بال هو محل حرية رأي لامجال فيه لرمي القائل كائنا من كان بالردة بل هو مجتهد مأجورولو أخطأ ألف مرة ومرة .

    الدرس الخامس : عقوبة الردة ليست خاصة بالاسلام لانها فطرة وسنة .
    ليس ثمة ما أغلى من قاعدة أن الاسلام دين الفطرة والقانون الكوني والاجتماعي . والدليل أن الكافرين يحمون أنظمتهم الدينية والاجتماعية بقوانين معروفة وعقوبة الخيانة الوطنية اليوم محل إجماع كل الخليقة فوق الارض ولكل نظام ثوابت لا يسمح بتجاوزها فأروبا وهي كالفأر المذعور بين مليار ونصف مسلم وبين قوة صهيونية طاغية تقوم على مبدأين : أروبا نادي مسيحي والمحرقة مكون تاريخي أصيل لابد من الوفاء له بعقوبة نقد السامية واليهود بل وصل الامر إلى حد عقوبة نقد الصهيونية المغتصبة لفسلطين وبضخ الاموال التي يعجز قلمك عن مجرد كتابتها. وقبل ذلك لابد من التذكير بأن الغرب المعتدي علينا بإسم عقوبة الردة هو من قتل حرية الرأي العلمي لا الديني من خلال قاليلي وكوبرنيكس وكل من خالف الجمود الكنسي وقال بكروية الارض أو غير ذلك من العلوم الكونية وهو ذاته الذي لم يقل بأن للمرأة روح سوى قبل قرنين ولك أن تراجع سجل الحروب الدينية في أروبا فستجد عجبا عجابا من عدم التسامح .

    خلاصات : ــ القرآن صريح في أن المشكلة هي مشكلة حرية وليست مشكلة ردة وهوحالنااليوم.
    ــ عقوبة الردة ثابتة من حيث المبدإ والاصل وتنزيلها يحتاج إلى مزيد من الاجتهاد .
    ــ تنفيذ العقوبة من صلاحيات الحاكم برا كان أو فاجرا وماعدا ذلك هو إفتئات غلمان .
    ــ مشكلتنا اليوم ردة حكام ودوائر توجيه وقيادة وليست ردة مواطنين هم ضحايا ردة الحكام .
    ــ محور الردة تفرضه اليوم ثقافة الغالب أما أولوية أولوياتنا فهي الجهاد من أجل الحرية .
    ــ لايضيق الاسلام بحرية رأي أبدا ولكنه يضيق بمن يستغل مناخ الحرية فيه لنقض أسه .
    ــ مقصد العقوبة : حماية الجبهة الداخلية من الانهيار .
    ــ أنجع دواء ضد الردة : بسط الحرية لتحرير الانسان وتكريمه ولم شمل الوحدة الداخلية

     
  3. #98
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4387

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة المائــــــــــــة



    أخرج البخاري عن أم كلثوم بنت عقبة أنه عليه السلام قال " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا ". وعن سهل بن سعد أن أهل قباء إقتتلوا حتىتراموا بالحجارة فقال عليه السلام " إذهبوا بنا نصلح بينهم ".

    ـــــــــــ



    من شواهده " فأصلحوا بين أخويكم " و " والصلح خير " وغير ذلك كثير ...



    موضوعه : الاسلام دين الصلح والاصلاح والمؤمن إنسان صالح مصلح والناس كلهم إخوة.

    دعني ألفت إنتباهك هنا إلى أن راوي الحديث إمرأة ممن نقل عنها البخاري صاحب أصح كتاب بعد كتاب الله سبحانه أجل علم بعد علم القرآن وهو حديثه عليه السلام وتشدد الامام البخاري معروف في رواية الحديث حتى إنك تجد كثيرا من الاحاديث بعنوان " على شرطهما " أو " على شرطهما ولم يخرجاه " أي أنهما ـ البخاري ومسلم ـ وضعا شروطا محددة لرواية الحديث فهل من مقام أسمى للمرأة من مقام الرواية عنه عليه السلام وكسب ثقة رجل عظيم كالبخاري وصاحب الفتح فتح الباري وهل من مرقى أعظم شرفا وتكريما من مرقى التوقيع عن رب العالمين سبحانه فالدين هو كل شئ للانسان إما أن يكون مزيفا فيحيل حياته إلى شقاء وإما أن يكون صحيحا فيسعد الانسان في عاجله وآجله .



    الاصلاح أكثر خطاب القرآن الكريم :

    لو تلوت القرآن الكريم مرات ومرات وتدبرت لالفيت أن خطابه جله حول الاصلاح فعنوان الذين آمنوا هو دوما " وعملوا الصالحات " ولم يمدح القرآن فئة مدحة للمصلحين وليس ذلك سوى لاهتمامهم بالناس في ملماتهم وأشجانهم ومساعدتهم على تجاوزها وإذا كان اليوم مفهوم الاصلاح إنصرف منا إلى الدعوة إلى الخير فحسب دون التهيء جماعيا وبما يكفي من الوسائل لفض النزاعات وطرد أسباب الخصومات فإن الاسلام ليس مسؤولا عن هذا التحريف .



    في سبيل الصلح بين الناس جوز الاسلام ما هو أشد تحريما كالكذب والحنث في اليمين .

    الكذب من أخس الصفات الانسانية التي ينهى عنها الاسلام حتى أنه عليه السلام أفاد بأن المؤمن يمكن أن يكون جبانا وبخيلا أما أن يكون كاذبا فضلا عن كذاب فهو خط أحمر ما يجاوزه غير مسف مهين لنفسه ولكن لفرط إعتبار الاسلام لاجتماع الناس حول أخلاق كريمة حتى لو إختلفت أديانهم وأعراقهم ولفرط إعتباره للاخوة بينهم حتىمع إختلاف الاديان واللغات والاجناس ولفرط إعتباره لمصلحة التعاون والسلم والامن والحب وسل سخائم العداوة والبغضاء فإنه جوز الكذب في سبيل الاصلاح وهو واضح صريح في هذا الحديث وأحاديث أخرى كلها تدور حول الاصلاح سواء بين الزوج وزوجته أو بين كل متخاصمين . والامر ذاته بالنسبة للحنث في اليمين فمن حلف بالله العظيم سبحانه على شئ يفعله أو لايفعله ثم تبين له الخير في سواه كفر عن يمينه وأتى الخير وهو في قوله " ولاتجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس "

    فمن أجل الاصلاح بين الناس وفعل البر يحنث الحالف في يمينه به سبحانه مكفرا عنه ولك أن تلاحظ أنه سمى ذلك تقوى " وتتقوا" فالتقوى التي محلها القلب تتبع النية وهي ليست دوما البر باليمين الذي تبين أنه أدنى خيرا وبرا وإصلاحا بين الناس ولكنها تجتبى ولو مع الحنث في اليمين المعقودة من أجل بلوغ أرقى درجات الاصلاح بين الناس . وهذا يسميه الاصوليون : الامور بمقاصدها والعبرة بمآلات العمل كماهو واضح من قصة الخضر مع موسى عليهما السلام فلا تكون الشريعة عرضة للاصلاح بين الناس وإقتراف أرقى مراتب الاحسان سوى عند الجهلة بها أو الجامدين لان الشريعة إنما جاءت لمصلحة الانسان ومصلحة الانسان في نزع فتائل الخصام بينه وبين أخيه الانسان .



    سيرته عليه السلام عنوانها الاكبر : الاصلاح بين الناس وإليك غيض من فيض من ذلك .

    1 ـ صلح الحديبية : فيه قبل عليه السلام الرجوع عن عمرته وليس بينه وبينها سوى عشرة أميال تقريبا وهو آت من المدينة التي تبعد ضعف هذه المسافة أربعين مرة كما قبل بمعاهدة كلها لمصلحة قريش حتى تململ الصحابة وكاد يهلك عمر .

    2 ـ صحيفة المدينة : جوهرها مصالحة وطنية شاملة بين كل مكونات المدينة من أوس وخزرج وسائر القبائل اليهودية لا تلزم سوى بالدفاع المشترك على المدينة ولكل لون مزاولة حياته الدينية والعامة بحسب ما يرضى هو دون عدوان من أحد على أحد .

    3 ـ توجيه صحابته مرتين إلى الحبشة : ينم عن بحثه عن مصالحة بين الاديان السماوية لمقاومة الظلم ـ إعتماده على إستراتيجية الاجارة طلبا ( رجوعه من الطائف ) وإسداء ( مجارأم هانئ) ـ إغتنام كل فرصة لحقن الدماء من الجانبين ( مصالحة غطفان على ثلث تمر المدينة ـ إعتبار المنافقين الذين إشتد كيدهم مواطنين دون التعرض لهم بأي أذى ـ إرسال السفراء إلى الدول المجاورة ودعوتهم للاسلام أو السلم ) .

    4 ـ مصالحة لم يصدقها التاريخ مع قريش التي قاتلته وأخرجته وحرضت ضده وذلك يوم الفتح.

    5 ـ خطبة حجة الوداع : مصالحة دينية مع قريش ( السدانة ) وسائر بنودها مصالحة سواء أسرية أو عالمية إنسانية عامة بحكم الاصل الادامي الواحد ...

    الاصلاح بين الناس أفضل من الصلاةوالصيام والصدقة .

    أخرج الترمذي أنه عليه السلام قال " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة " قالوا بلى يا رسول الله فقال " إصلاح ذات البين فإن ذات البين هي الحالقة ". ليس معنى ذلك ترك الفرائض وإنما معناه أن الاصلاح بين الناس أفضل من أداء النوافل حال التعارض إذ أن الفرائض معين يزود الانسان بالايمان الذي يجعله يحب لاخيه ما يحب لنفسه فيصلح حاله مع خصومه .



    من أكبر عناصر النظام الدفاعي الاسلامي الداخلي : الواقعية ـ فالتخاصم بين الناس ممكن .

    ثمة محورأوصى المرحوم الشيخ الغزالي قبيل موته بضرورة بحثه وهو النظام المناعي في الاسلام فهلا علمت وعلّمت ؟من عناصر ذلك النظام : الواقعية . ومن مظاهرها في موضوعنا اليوم أن الانسان مفطور على قدر من الشر يخاصم به غيره وذلك من باب الابتلاء ومقتضى التفاضل والتدافع . القرآن يعلمنا في سورة الحجرات بأن المبشرين بالجنة تقاتلوا بالاسياف وذكر ذلك في معرض التوجيه إلى كيفية معالجة الحالقة وذلك قبل وقوعها بحوالي نصف قرن " وإن طائفتان من المؤمنين ... " وفعلا وقع الامر وتقابل المبشرون بالجنة : الام عائشة وطلحة والزبير في صف وعلي ومن معه في صف آخر وقتل بعضهم بعضا ورغم ذلك لم تنفسخ عنهم بشارتهم بالجنة . هل يعني ذلك شيئا ؟ ذلك يعني أن الاسلام دين الواقعية النابعة من التكوين الفطري للانسان سيما أن المتقاتلين يومها متأولون بالكلية ليس في قلب واحد منهم ذرة من هوى وهو ما يدعيه المتقاتلون اليوم فينا وهو هراء وسفاهة إضافة إلى أن قوة الامة يومها إستوعبت الخصومة أما في حالنا فإن كل خصومة لن تزيدنا إلا ضعفا على ضعف . ولوتتبعنا آيات الحجرات حتى النهاية فسنجد أن الخصومة بين المؤمنين أمر وارد وممكن الوقوع سوى أن الناس يختلفون عند ذلك في مسألتين : أولهما نية القلب هل هي خصومة لله خالصة أم فيها للنفس حظ وثانيهما الطريقة التي بها تشن الخصومة وبها تفك إشتباكاتها إذ ليس من حقل خصب يفرخ فيه الشيطان فينمو ويكبر ويعربد ويهلك الناس في النار جبالا مجبولة سوى حقل الخصومة . فآيات الحجرات من أجل الاصلاح بين الناس وإفشاء مناخ السلام وجو الامن تأمربقتال الفئة التي لا تفئ إلى الصلح فلك أن تقول إذن أن الاسلام لحفظ وحدة الناس وبسط المصالحة بينهم يجيز ثلاثة أفعال تعد خارج ذلك من الكبائر وهي : الكذب والحنث في اليمين وقتال البغاة بالنار.



    محاور الاصلاح المعاصر : لابد من تجفيف منابع الخصومة وبسط شروط المصالحة .

    لابد من التأكيد بأن ثقافة الاصلاح من منطلق إسلامي خير كفيل لتجفيف منابع الخصومة وبسط شروط التعارف والتآخي أما القوانين مهما تكن عادلة فإن دورها ضئيل جدا سيما لو كانت ثقافة السخط والحسد والعدوان هي السائدة . وهذه بعض محاور الاصلاح المعاصر :

    ــ المصالحة بين الناس وهوياتهم إذ المخاصم لهويته لن يكون سوى مخاصما لغيره .

    ــ المصالحة بين مختلف مكونات الهوية الاسلامية وخاصة بين المذاهب الكلامية من مثل اللهيب المستعر بين الصوفية وبين السلفية وبين المذاهب الاصولية من مثل الاتهام المتبادل بين الشيعة والسنة وبين المذاهب الفقهية وبين المذاهب اللغوية وأحسن ما قيل في ذلك حكمة بليغة : الاسلام طائر العرب قلبه والفرس جناحه الايمن والترك جناحه الايسر .

    ــ المصالحة بين المشارب الدينية والفكرية والسياسية في الامة وخاصة بين المسلمين والمسيحيين وبين العلمانيين والاسلاميين وبين الحكام وشعوبهم وخاصة فئات المعارضة .

    ــ المصالحة بين التفكير الاسلامي والغربي على أساس الحوار العلمي الهادئ بدل الاتهام .



    الخلاصة : الصلح بين الناس أفرادا وأسرا وجماعات من أفضل القربات إليه سبحانه لانه مهد التآخي ومسرح التعاون وباعث على التعارف الذي به تنداح حقول الامن والسلام بين الناس وتجفيف لمنابع التظالم وسل لسخائم القلوب وخير معين على مشاريع الاصلاح بين الناس أمران: ثقافة إسلامية صحيحة وقلوب راضية طاردة للشح والاثرة صابرة شاكرة فالمؤمن الصالح لابد يدفعه إيمانه وصلاحه إلى الاصلاح بين الناس وهو لايعني إلغاء الاختلاف والتنوع في كل مستوياته بل يعني خدمة سنة التكامل والحوار بدل التنافي والتحارب. وأمتنا اليوم بحاجة إلى إصلاح داخلي بين سائر مكوناتها مهما تباعدت تأهلا لمقام الشهادة .

     
  4. #99
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4387

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحــــــــلقة الاخيــــــــــرة

    أخرج الشيخان عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " أرأيتم لو أن بباب أحدكم نهرا يغتسل منه كل يوم خمس مرات فهل يبقى من درنه شئ فذلك مثل الصلوات الخمس يحمو الله بها الخطايا".

    ـــــــــــــــــــــ

    موضوعه : جنة الانسان في الدنيا الصلاة فمكارمها تحرر الانسان ومحاسنها تزين حياته .

    الحديث عن الصلاة شيق حبيب عذب عادة ما يكون حديث قلوب وأرواح لا حديث ألسنة وجوارح سوى أنه حديث لا يكنه معناه ولا يجد ثرى برده في فؤاده شهدا زلالا إلا من ذاق فعرف وإشتاق وليس عسل الصلاة حكرا على أحد فجرب الصلاة وجرب الخشوع فيها وجرب حسن إقامتها سيما البردين في جماعة بالمسجد وجرب الصبر على ذلك سنوات وعندها ينبجس من قلبك نور يضئ لك كل درب مهما كان مظلما . هذه بعض مكارم الصلاة ومحاسنها :

    1 ـ أول مادة في إمتحان الدنيا يحاسب عنها الانسان يوم القيامة :

    قال عليه السلام " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة صلاته فإن صلحت صلح ما بعدها وإن فسدت فسد ما بعدها " تماما كمادة الرياضيات أو بعض اللغات وكل مادة إختصاص في برنامج التلميذ أو الطالب فهي تأشيرة الجنة بإمتياز شديد وهي مانحة صكوك القبول لما سواها من المواد. وليس ذلك عبثا ولكن لان من لم تصلح حياته في الدنيا الصلاة فليس أهلا للجنة .

    2 ـ الصلاة محطة تخلص من الديون :

    أخرج مسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا إجتنبت الكبائر " تماما كما أن المدين المثقل لابد له من طلب جدولة ديونة لدى دائنه أو طرحها سواء كان فردا أو دولة سيما أن الانسان بحكم تكوينه المزدوج مفطور على الاثم ولو بنظرة حرام أو ظن حرام فأول موعد صلاة يكفر عنه ذلك .

    3 ـ الصلاة فرصة لتلاوة القرآن :

    قد يكون الانسان أميا أو لايجد الوقت للتلاوة أو لايجد المصحف أصلا فأكرمه سبحانه بسورة الفاتحة وهي السبع المثاني وأفضل مافي الكتاب العزيز يجدد بها توحيده وحاجته لربه وشكره له وتبتله في محرابه فيغفر له سبحانه ذنبه أما لو كان قارئا فإنه بقدر إطالة القراءة بخشوع وتدبر ومناجاة لولي نعمته سبحانه يكون في جنة ولك أن تعلم أن قصة من بترت ساقه في صلاته وهو لايشعر قصة صحيحة لا يكذبها سوى مادية سوداء رانت على قلوبنا وصدق الحبيب عليه السلام إذ قال في حديث الترمذي " أول علم يرفع علم الخشوع " فسماه علما وليس وجدا هائما كاذبا .

    4 ـ الصلاة توفر للانسان السجن اللازم :

    أخرج مسلم عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " فالمؤمن مطالب بأن يضع نفسه طيلة حياته في سجن يتصرف تصرف السجين الذي إختار سجنه بنفسه لم يكرهه عليه أحد فالسجين لا يتكلم بماشاء وقتما شاء ولا يأكل ما شاء وقت ما شاء وكذلك شربه ونظره ومشيه وقيامه ووصلت السجون في تونس إلى حد معاقبة الدكتور شورو عام 1991 على رؤيا رأى فيها محمدا عليه السلام أما المؤمن فإنه يسجن شهوته وهواه فلا يتطرق سمعا وبصرا ويدا وجارحة ولسانا وظنا لو إستطاع لما لا يحل له والصلاة خير من يوفرله ذلك السجن المطلوب لانها تطرد عنه حجاب الغفلة بمعدل مرة كل أربع ساعات على مدار الحياة .

    5 ـ الصلاة قرة عين وملاذ نفسي آمن ومرفأ دافئ يعين على مغالبة مصاعب الحياة :

    قال عليه السلام " حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة " فأنطر كيف يجمع عليه السلام في حياته بين الطيب والنساء من جهة وبين الصلاة من جهة أخرى وذلك يدل على أن الصلاة ليس عبئا ثقيلا يتخلص منه الانسان يؤديها نقرا كمن يؤدي دينا لدائن كاشح بل هي لذة نفسية وراحة شعورية يجدها المصلي كما يجد الطفل المروع دفئا حانيا لذيذا في حضن أم كريمة فمن ترك الطيب والنساء ولذائذ الدنيا بدعوىالعبادة فهو كاذب شانئ لسنة سيد المرسلين عليهم السلام جميعا ومن ترك الصلاة بدعوى عدم التفرغ أو تحصيل الراحة النفسية في غيرها فهو كذلك كاذب أغواه الشيطان . فكان عليه السلام دوما يقول " أرحنا بها يا بلال".

    6 ـ الصلاة نور :

    قال عليه السلام " .. الصلاة نور والصبر ضياء والصدقة برهان .." نور يجده المصلي الخاشع في حياته لا في صلاته فحسب فمن فقد الخشوع في حياته فقد الخشوع في صلاته لان الصلاة جزء من الحياة والانسان ليس زرا كهربائيا بحيث يكون سائر يومه وليلته عابثا غافلا آبقا من السجن الذي إختاره لنفسه بإختياره للاسلام ثم يطلب الخشوع بدون مقدمات في لحظة الصلاة فهذا لا يستقيم مع منطق الاشياء . نور يجعل الانسان متوازنا معتدلا متوسطا سمحا في سائر حاله ولك أن ترى ذلك في الفلاحين الفقراء في سنوات الجدب يظلون مطمئنين بينما يهتز مالك المليارات الممليرة إهتزاز الجان إلىحد المرض والغيبوبة لو فقد جزء بسيطا من ثروته .

    7 ـ الصلاة عماد الدين :

    قال عليه السلام " .. رأس الامر الاسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد.." لفهم هذا الحديث لابد لك من رسمه على حائط أو ورقة رسما فينا مفيدا واضحا ثم بادر إلى قطع عمود الرسم الذي رسمته فهل يستقر الرأس أو يثبت السنام في مكانه ؟ كذلك الصلاة هي التي ترفع الاسلام والجهاد فوق جمجمتها وعمودها الفقري ولك أن تعلم التالي : الصلاة عماد الدين والدين عماد الاسلام والاسلام عماد الحياة والحياة عماد الوجود والوجود بأسره مسبح بحمد ولي النعمة سبحانه فالصلاة هي الخلية الاساسية للوجود كالاسرة خلية المجتمع والانسان عماد الاحياء .

    8 ـ الصلاة مطهرة الحياة والحياة بدونها مزبلة قذرة تشقى بها العجماوات فكيف بالانسان :

    قال تعالى " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر" والانسان لو تورط في مستنقع الفحشاء والمنكر لحولته الامراض البدنية إلى هيكل متهالك يفر منه أقرب الناس إليه من أم وولد وكذلك نفسه تنبعث منها روائح كريهة لا يحتملها كل من حوله من أهل الطيب والخير سوى بقدر حاجتهم إليه لكثرة ماله أو جاهه .

    9 ـ الصلاة قنبلة موقوتة إما تفجرها في وقتها أو تنفجر عليك فتهلكك :

    قال تعالى " إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا " الكتاب معنها أمر موثق لا يجدي فيه الانكار والتفصي والتأقيت معناه أن ذلك الكتاب لو حل أجله فإنه يفعل تماما كما تفعل القنبلة الموقوتة إما يفجرها صاحبها أو يغفل عنها فتنفجر عليه وتهلكه فأقم الصلاة على نحو أن كل صلاة دخل وقتها تهيأت قنبلتها للانفجار فإن خرج وقتها إنفجرت عليك قنبلة عذاب لن تدركها إلى يوم القيامة وإن أديتها فجرتها أنت بإرادتك الحرة فكانت قنبلة رحمة تسعد بها أو قنبلة طيب.

    10 ـ من رحمته سبحانه أنه عفا عن السهو في الصلاة بينما يعاقب على السهو عنها :

    " الذين هم عن صلاتهم ساهون " أي مضيعين لها " أضاعوا الصلاة وإتبعوا الشهوات " ولو حاسبنا عن السهو فيها لا عنها لهلكنا فكيف تكسب الخشوع ؟ أولا بالخشوع في الحياة ما إستطعت وثانيا بدوام التلاوة بتدبر وثالثا بحشد أكبر ما يمكن من طاقات التركيز في الصلاة من ذكر للموت والبلى وعذاب القبر ومشاهد القيامة وأنك في حضرته سبحانه وذكر ذنوبك ولكن لا تستعجل على تحصيل الخشوع فهو لايأتي إلا بالخشوع في الحياة وبمرور الزمان . ومما يساعدك على عدم السهو عنها مصاحبة المصلين والقرناء الطيبين جارا ورحما وزميلا ...

    11 ـ عنوان الفلاح في الدنيا : خشوع في الصلاة ومواظبة عليها :

    " قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ... والذين هم على صلاتهم يحافظون " الفلاح لا يعني الفلاح الديني كما نفهمه نحن اليوم ولكنه يعني الفلاح في الحياة بأسرها والخاسر في الدنيا خاسر في الاخرة والمفلح في الدنيا مفلح في الاخرة لانهما شوطان متتاليان لا ينقطعان والفلاح في الحياة يجمع بين شكل الصلاة " يحافظون " وروحها " خاشعون " .

    12 ـ الصلاة عنوان تطهر وتحضر ورقي في البدن والثوب والدار :

    وذلك من خلال الطهارة التي تسبقها من إتيان خلال فطرة وغسل ووضوء وسواك وطيب ...

    13 ـ الصلاة بوصلة زمنية تنظم رزنامة الحياة وترتب برنامجها العام في توازن وإعتدال :

    وذلك من خلال تقسيم اليوم والليلة ثم أيام الاسبوع ثم أيام السنة وأيام العمر إلى محطات معروفة.

    14 ـ الصلاة فرصة يومية وأسبوعبة وسنوية للقاء الناس والاهتمام بأمرهم :

    من أكبر مقاصد الصلاة جمع الناس مرة واحدة في الاسبوع فرضا على الاقل لان الجماعة دين .

    15ـ الصلاة مدرسة أخلاقية تعلم التواضع والادب مع الناس :

    السجود لله سبحانه لا يعلم الساجد الخضوع لولي النعمة سبحانه شكرانا على فصله فحسب ولكن يعلم كذلك التواضع للناس لان ذلك من مشكاة التواضع لرب الناس سبحانه فلا يليق بالساجد التكبر على إخوانه من الناس كما تعلم الصلاة من خلال صلاة الجماعة أدب الحديث مع الناس وكسب الحس الجماعي والتربية الاجتماعية والمجاملة والابتسام والمصافحة وذلك يكسب الناس خبرات ومهارات عن طريق التعارف .. حتى أنه عليه السلام في الحديث المتفق عليه هدد بحرق المتخلفين عن صلاة الجماعة ولو أدى الامر إلى قطع صلاته وإستخلاف من ينوبه وليس ذلك لكسب الاجر الاخروي فحسب لان أولئك يصلون في بيوتهم ولكن كذلك لتمتين أواصر الجبهة الداخلية بالتآخي والتعارف والتضامن والتعاون والتكافل ...

    16 ـ الصلاة مجال للاحسان وإقتطاع مبكر لتذكرة في فراديس الجنان

    أخرج أحمد ومسلم وثلاث من أصحاب السنن أنه عليه السلام قال " من قتل وزغة في أول ضربة كتبت له مائة حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية كانت له كذا حسنة وفي الثالثة كذا "

    حديث عجيب في الاحسان فالمؤمن القوي دوما خير وأحب فكيف بالمصلي الخاشع الملتزم بالجماعة المجود للقرآن . ثم إستمع إلى هذا : أخرج الشيخان عن أبي هريرة أنه عليه السلام قال " يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب في الارض عرقهم سبعون ذرعا وإنه ليلجمهم حتى يبلغ آذانهم ". لاشك أن المصلين يومها " لاخوف عليهم ولاهم يحزنون " لانهم كانوا من المشائين في الظلمات إلى المساجد فزكوا أبدانهم بالعرق في الطريق إلى الصلاة فالامن والخوف لايجتمعان على إنسان في الدنيا والاخرة معا فأحذر الغرور والحذر الحذر فإنك لاتدري متى تموت ؟

     
  5. #100
    أحمد محمد is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    17 / 06 / 2007
    الدولة
    مجهولة
    العمر
    37
    المشاركات
    314
    معدل تقييم المستوى
    521

    Icon1 رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله كل خير
    [align=center]لو كانت الدنيا تحسب بعدد لحظات السعادة .. فاكتبوا على قبرى [/align][align=center]
    (((((((((((((مات قبل ان يولد)))))))))))))))))))
    http://all4u.enterneted.com/f[/align]

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 20 من 21 الأولىالأولى ... 10 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك