+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 21 1 2 3 4 5 6 7 8 9 11 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 105
  1. #1
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    Icon3 مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الحلقة الاولــــــى


    خلف لنا التراث الاسلامي الثر ثروة علمية لا تضاهى ناهيك أن مساحة الحديث النبوي الشريف تمسح مئات من الالاف من النصوص ولما كانت إرادة الله سبحانه قاضية بحفظ الذكر فانها قيضت له كتابا وجامعين وحفظة وعلماء وفقهاء ورجال نخل وسبر وغربلة وفحص فكان زيد بن ثابت ومن معه للقرآن الكريم حتى استوى على المصحف العثماني المحفوظ من لدن الام الكريمة حفصة عليها رضوان الله ولن تزال عين الحفظ الالهي وحرس الصون الرحماني بالمرصاد وربما حولت عاد يريد النيل منه الى خادم يهرق دمه لحفظ آخر كلمة من كلمات الله الى العبيد وكان البخاري ومسلم ومالك واحمد والترمذي وابن ماجه والنسائي وابوداوود وغيرهم كثير للسنة خاصة والسيرة عامة وكان علماء الحديث قديما وحديثا عسسا قويا أمينا يحرس التخوم من كل متسلل مغشوش رسموا لهم آلات ثاقبة تكشف الزور والخطأ مهما كان صغيرا لطيفا دقيقا مستورا تماما كما يفعل صيارفة المال وخبراء العملات او مخافر الحدود فكانت علوم الرواية والدراية وميز الفقهاء بين السنة التشريعية وغيرها وبين ماهو عام وخاص وبين ما هو مرتبط بمناسبة او مطلق وبين مايرشد الى ثابت او مقصد فيتخول اليه بوسيلة متغيرة او غيرذلك وبين ماهو من الكمالات والتحسينيات والمكارم او غير ذلك وبين ما هو قول مؤيد بالعمل سواء تواتر او تخلف او عمل لم يسبق بقول او قول لم يشفع بعمل لعدم توفر شرط او لحكمة اخرى وسائر ما تحتمله مقاماته عليه السلام ولسائر من يريد لنفسه فقها في السنة ييسر له ولي النعمة سبحانه اليه طريقا كلما وفر شروط الفهم الصحيح السليم الدقيق فصبر على ذلك واستشار واستنار وسأل وقلب ونظر وهو في اثناء ذلك يكابد عاجفات الحياة بايمان ويقين وثقة وجماعة .

    مقصدي من العمل :

    رأيت بعضا من الناس يسرحون في ادغال شاسعة من الحديث النبوي لا شطآن لها فتراهم ينتقلون من ابهى الضيعات رونقا وازهاها حلة الى ادناها دون ادنى تمييز فيستوي عندهم صحيح البخاري مثلا مع طبقات ابن سعد لا بل يستوي عندهم المتفق عليه او مرويات الجماعة مع حكايات القصاصين وبعضها منسوب اليه عليه السلام وذلك السرح البعيد في بيداء تضم مئات من الالاف من الحديث يحتاج الى سلاح ماض وبوصلة هادية تماما كما هو الحال في الدنيا فهل ترى سارحا يمرح في نزلها الفخمة ينتقل الى ادناها فخامة دون تمييز أليس هو عندها يأبى علىنفسه دفع ذات المقدار والامر ذاته مع الاشجار وسائر النعم ولاشك اننا نحن الان اسعد حالا اذ انتهى الينا علم السنة محفوظا فكيف نقدم على المتفق عليه سوى ما عند الجماعة كائنا من كان الراوي او الداري فلا يحسبن حاسب ان في الضعيف بكل اصنافه الكثيرة رواية او دراية فضلا عن الموضوع مهما اشتهر على الالسنة من فضل يساوي او يفوق فضل الصحيح او الحسن واذا كان ذلك كذلك فان معنى حفظ الذكر ساقط لا محالة ففي الصحيح مندوحة دوما وأبدا عما سواه ولو عددت ما اتفق عليه الشيخان فحسب دون غيرهما لالفيت ما يربو عن الفي حديث فاذا علمت ان السنة بالجملة لا تزيد سوى عن التفسير والتبيين والتفصيل اي بمعنى انها لا تستقل بالتشريع الا قليلا جدا وفي مناطق لا تتعلق بسداد الحياة واستقامة بوصلتها اي مناطق الايمان المسمى عقيدة وان ما يلي ذلك مباشرة من العبادة الموقوفة المعزرة للايمان والمكتسبة له هو من باب السنة العملية التي حملها الاجماع العملي المتيقن حتى اضحت كنور شمس او ضوء قمر فان الهرولة سيما من غير اهل العلم والتحقيق بغرض الدراسة والفقه وراء المرويات الضعيفة والبضاعة المزجاة مما ينسب الى الحديث هي هرولة عميان وراء ناعق فار لا هو ينجدهم ولا هم به بظافرين فاذا كانت تلك الهرولة وراء سراب خادع مقرونة بجهل مدقع باسس اخرى من مثل علاقة القران بالسنة سيما في المجال التشريعي او درجات السنة والحديث وعلاقات التكامل الناشئة بينها جميعا او موضوع الحديث غيبا ام شهادة او دلالة اللغة المستخدمة او صلاحية الوسيلة الواردة فان النتيجة لن تكون سوى كارثة تصم عقل الطالب او تفتنه عن دينه وكلاهما غلو لا يرضاه الانسان لنفسه ولا يرضاه ولي نعمته له ولن تكون نظرته ومن ثم تفاعله مع الناس اقرباء واباعد سوى نشوزا متدثرا بالاصلاح ومما يغذي ذلك كله ويدفع اليه دفعا ويطلبه طلبا مريبا استدراجا خبيثا حال الهجوم على الاسلام والازراء باهله ومؤسساته سواء خيانة من بعض اهله المرتدين كما هو حال بعض حكام اليوم سياسة وثقافة وادارة ومالا او تغطرسا من العدو المتربص .

    فالمقصد من هذا العمل هو اذن التنفير الى الاهتمام بالصحيح من المرويات ففيها ما يكفي لادارة شؤون الدنيا والفوز بنعيم الاخرة فلا هي قليلة العدد ولا مزجاة العدة وفي المقابل نبذ تحكيم الواهن في امر ديننا ودنيانا معا والقرآن الكريم فيصل حاكم وفرقان صارم فهو المتواتر جملة وتفصيلا دون السنة وهو تنفير يطلب الحفظ كما يطلب الفقه وهما شرطان لازمان للاستخدام اصلاحا واستصلاحا واستشهادا ومعالجة وذبا لراديات الهوى والحمق سواء بسواء .

    المشهود بالسنة الصحيحة اولى بالاصلاح وحاجات اليوم اولى من حاجات الامس :

    كلمة قالها قائل اوتي الحكمة وفصل الخطاب نحن اليوم اولى بها واحرى " ليس لنا من عالم الغيب سوى الاسماء " وهو يعني ان كل ما غاب عن عقلنا بحكم ازدواجية تكويننا فلا سبيل الىكنه الحقيقة منه فارشدنا اليه تسديدا لحياتنا ليس هو سوى اسم لا تدرك عقولنا مسماه على وجه الدقة كما نفعل بعالم الشهود وهو ادعى الى الايمان واجدر باليقين واولى الامثلة لذلك هذا النفس الذي لا ينفك عن حركة دائبة ولوجا وخروجا فينا وهو صدى للروح فهل ادرك فينا واحد حقيقتها او لامسها ولو من بعد ام بقيت وتبقى الى الابد سرا من امر وليها وولينا ولا شك ان غيبا ابعد منها ومنا اولى بالانحجاب والانستار وبذلك يغدو كل خصام بين الناس اليوم حول دقة تلك المعطيات الغيبية ووصف لهيئاتها وصورها ولو مع ايمان بحقائقها واصولها عبثا لا طائل منه سوى بعثرة صف لما يلتئم وجمع لما ينشمل .

    لنا اليوم حاجات ملحة ومشهود نحن مطالبون باصلاحه فهل نعلق ذلك على سلف امتحن وادى ومضى ام على خلف يلهو الان باكوام التراب او مستورا في اصلابنا ام نتوكل على الرحمان سبحانه بايدينا اسلحة كثيرة منها القران والسنة والعقل والحكمة والجماعة والشورى والتجربة والمال والصبر فنصيب خيرا مما اصاب السلف بالتاكيد فان ابينا فلا معنى لذلك سوى ان الرحمان سبحانه جائر في خلقه فيمنح هذا فرصة للعبادة ازكى من ذاك سوى انه اقرب الى قرون الخير او زمن الوحي فليس الزمان يفسد ولكن الانسان حين يضل يفسد .

    من حاجاتنا الاكيدة اليوم : كرامة الانسان وقيمة المال والدنيا والمقاومة والجهاد والتحرير والتحرر والدعوة الى الاجتماع ولم الكلمة وتقدير سنن الاختلاف والتعدد والتنوع وفهم الدين والدنيا معا ودور العلم في كل ذلك وحاجات اخرى اكثر بالتاكيد غير ان مردها جميعا فيما اظن الى ثلاثي لا بد لنا منه خروجا من وهدة الاحتلال والتخلف والقابلية لهما ومقاربة لقمم العز والذكر والشهود والخيرية وليس ذلك الثلاثي سوى : العلم وسائر ما يمت اليه وفي كل اتجاهاته وكذلك الجماعة ملتزمة بالشورى من جانب والحرية من جانب اخر وكذلك القوة بسائر معانيها وامتداداتها وسيما المادية والمالية منها فهو ثلاثي وسائلي يمهد لمقصد خلقنا اي العبادة والتعمير والشهود والدعوة وتكريم الانسان فليس سوى القوي يقدر على التكريم والاستخلاف والقوة ثلاثية الابعاد قوة العلم المؤدي الى اليقين وقوة الجماعة المتعزرة بالحرية والالتزام وقوة الدنيا المتوشحة بالمال والمعرفة وحسن الدفاع وحسن الهجوم .

    لكل ذلك اخترت مائة مصباح من مشكاة النبوة لعلها تصلح لنا حالا حاضرا وتبني غدا اسنى أرجو حفظها وفهمها واصلاح أمرنا بها على قاعدة حاكمية القرآن الكريم

     
  2. #2
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثانية



    اخرج الشيخان عن معاوية رضي الله عنه قوله عليه السلام " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين".



    بداية أدعوك أخا الصحوة الى حفظ هذا الحديث .ومن شأن حديث اتفق عليه الشيخان وهو بتعبير أهل الحديث متفق عليه أن يجمع كل أركان القوة رواية .

    شاهده من الحاكم الاعلى القرآن الكريم : كثيرة منها قوله " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ".

    1 ـ ماهو الدين وما معنى الفقه فيه ؟

    2 ـ الخيرية وارتباطها بارادة الله سبحانه من جهة وبالفقه في الدين من جهة أخرى .

    الجملة شرطية إسم الشرط هو من يرد الله به خيرا وجوابه يفقهه في الدين والتلازم دوما محكم بين الشرط وجوابه تلازم السبب والمسبب او الشارط والمشروط .وهي جملة شرطية بأداة عموم وهي " من ". بما يعني ان الفقه في الدين ليس خاصا بطبقة بل هو فريضة على الامة فيأتي العزم على قدر أهله.

    ماهو الدين ؟:لابد لنا بداية من الاتفاق على الحقل محل التفقه وهو الدين هنا اذ لا نقدر بداهة على فقه شئ غير محدد لدينا تحديدا دقيقا . ولاشك ان كلمة دين تحيلنا على مصادرها القطعية وهي الوحي قرآنا وسنة فليس لمن يريد معرفة الدين سوى الرجوع الى الوحي . والوحي لئن تعددت نصوصه فناهزت مئات الالاف واختلفت درجات صحته وصراحته فانه الى جانب ذلك يحتوي على جذر مشترك قوي متين يتسم بكامل الصحة رواية والصراحة دراية والاجماع العام المطلق المتيقن من سائر المتدينين اجماعا قوليا وعمليا امتد على مدى قرون طويلة . ولذلك الجذر المشترك بين كل تلك النصوص الكثيرة رسالة محددة وبيان خاص وعنوان عام وليس ذلك سوى ما عبر عنه الفقيه المرحوم الزرقاء في سفره الكبير " المدخل الفقهي العام "حيث قال " وظائف التشريع مطلقا ثلاث وهي العلاج لسائر المشكلات والمعضلات في سائر مسالك الحياة والوقاية مما قد يتصور حدوثه من انزلاقات ومطبات والتوجيه الى الهدف من الوجود والمقصد من اتباع التشريع " ويقول " للاسلام اهداف ثلاثة وهي تحرير العقل البشري من رق التقليد والخرافات وذلك عن طريق العقيدة والايمان وتوجيه العقل نحو الدليل والبرهان والتفكير العلمي الحر واصلاح الفرد نفسيا وخلقيا وتوجيهه نحو الخير والاحسان واصلاح المجتمع اي الحياة ليسود الامن والعدل والحرية والكرامة " ويقول " لكل تشريع ناجح ضمانات لسريانه وهي الوجوب الالزامي في الاتباع والتأيد بنظام عقابي زجري وآخر جزائي تنويهي ". فالدين اذن هو مجموع الواردات من الوحي بقصد اصلاح الدنيا بدء باصلاح المهيمن عليها بتعبير المرحوم بن عاشور وهو الانسان والدائرة الوسطى بين الانسان فردا وبين الدنيا هي الاسرة وسائر الروابط على اختلاف مشاربها . غير ان ذلك المجموع ليس كما مكدسا لا يخضع لترتيب وتنظيم ومنطق وسلاسة ومنهج وعلاقات مفهومة بل هو متأسس على اصول ومبادئ وقيم ومثل ومقاصد في الفكر والخلق والمعاملة هي المعول عليها قبل غيرها وسائر ما يليها ليست سوى تفاصيل وجزئيات لا تنصلح لو فارقت اصولها . ويبقى اهم شئ في ذلك كله ان المقصد الاسنى من كل ذلك هو انصلاح حياة الانسان فردا واسرة وجماعة نفسا وعقلا وبدنا ومالا وذوقا فان تخلف ذلك الانصلاح وفق ما عليه سنن الفطرة المركوزة في كل حي فانه لا معنى لدين ولا لاصول ولا لجزئيات .



    ماهو الفقه المطلوب ؟: الفقه هو حسن الفهم صحة ودقة وشمولا وتكاملا وانسجاما مع الفطرة وعالم الاسباب والسنن . والفقه في الدين معناه حسن فهم بنائه الكلي الشامل العام بدء بالمعالم الكبرى والاصول المؤصلة والمقاصد المتيقنة ثم نزولا الى ما يليها أولا بأول فلو قرب الرائي اليه عدسة العين اكثر من اللزوم لكبرت الجزئيات في عينه اضعاف ما هي عليه في الواقع ولو ابعدها عنه اكثر مما يتطلب لغدت القرية الكبيرة في عينه حبة رمل وهي في الواقع ليس كذلك وبمثل ذلك المقياس من النظر يجب تعديل عدسة العين عين العقل حيال الدين الا لغرض دراسي يتولاه اهله كطبيب يفحص عضوا صغيرا في جسم كبير عينه على حياة الجسم دوما وهو يعالج عضوا متناهي اللطف دقة . كما ان الفقه في الدين وفق تلك الصورة الجامعة بين الاصول وبين جزئياتها في كل مجال من مجالات الحياة في تكامل لا في تقابل فضلا عن تضاد وتناف انما يقصد منه انصلاح حال المتفقه ومن ثم انصلاح حال اسرته وسائر علاقاته وامتداداته وبالتالي انصلاح المجتمع باسره وذلك ارتباطا مع ما اشير اليه سالفا وهو ان الدين ليس له من مبرر نزول وحياة بيننا لو اغفل اصلاح الدنيا فمن باب اولى واحرى ان يكون مقصد الفقه فيه اذن انصلاح حال الانسان في سائر دوائره .



    ماهي الخيرية وما علاقتها بارادة الله سبحانه وبين الفقه في الدين ؟: الخيرية هي الانسجام مع الفطرة من جانب ومع السنن والاسباب من جهة اخرى وذلك على اساس ان الانسان فرع في هذا الوجود السابق له وليس اصلا ولا ينفي ذلك ان يكون فرعا مكرما محرما كل شئ مسخر له . فاستصحاب علاقة العابد بالمعبود والمالك بالمملوك بين الخالق والمخلوق خير ضمان لحسن الفهم وحسن العمل . فالانسان هو صنيعة فطرة مركوزة فيه يجدها في بكائه وفرحه وهو بعد ذلك ضمن تفاعلات من السنن والاسباب هو احدها فان تساوق معها ومع الفطرة فهو على الخير والطريق المستقيم لان الفطرة والسنن امر ثابت وليس متحولا وان صادمها او تجاهلها او جهلها فهو شقي بقدر قربه او بعده من ذلك . اما عن علاقة الخيرية بارادته سبحانه فهي ان المالك لا يريد لمملوكه الذي صنعه بيديه واستخلفه على ارضه واستعبده استعبادا ليحرره من سائر الكائدات حتى تلك الغائرة فيه سوى الخير وهي علاقة معروفة في دنيا الاصول والفروع . اما عن العلاقة بين الخيرية وبين الفقه في الدين فهي ان الخيرية انسجام مع ثوابت الفطرة والسنن والدين هو كذلك تلبية لنداء الفطرة وتعريف بالسنن فكلاهما دال على الفطرة وعلى طبيعة الكون والحياة وسائر السنن والاسباب المودعة فيهما وبذلك يغدو الدين لمن فقهه خيرا وتغدو الخيرية مرهونة بحسن فقه الدين علىاساس التكامل بين اصوله وجزئياتها لا على اساس الانشطار والتبعثر فضلا عن التناقض وكذلك بمقصد اصلاح الحياة بانصلاح الانسان .



    مجالات معاصرة لحسن فقه الدين واجتناء الخيرية : المجالات في الحقيقة هي هي على مر العصور غير ان ما يبرر عصرنتها هو حصول تضخم في جانب منها على حساب انكماش في جانب اخر كمريض يمنعه طبيبه من تناول كذا من الماكولات بسبب طغيان جانب فيه على حساب آخر . من تلك المجالات المعاصرة : شرعية المقاومة المسلحة لطرد الباغي المحتل او التخفيف من وطأة ظلمه وكذلك التوغل في قضايا العلم والمعرفة الكونية بشتى صنوفها خدمة لشرعية الدعوة وتحقيقا لتكليف الشهود واستجلابا لخيرية الامة وكذلك كرامة الانسان حفظا لادميته المخلوقة من نفخة رحمانية كريمة لطيفة وكذلك اجتناء سائر شروط الجماعة في الامة اعتصاما بالحق وعليه . تلك هي في رأيي اكبر واهم واخطر حقول حسن الفقه في الدين اليوم فبقدر ما ينضم طالبي الفقه فيها تحت راية الاسلام الى بعضهم بعضا نتهيأ لحسن فقه ومن ثم لحسن عمل وبقدر غمطها سواء باسم انها ثانوية ليست من صميم أم الدين او غير ذات موضوع اليوم تحديدا او يأسا منها او من المجتمعين عليها او كثرة للمخاصمين لها منا او من عدونا في اعيننا او باي اسم اخر نتهيأ لسوء فقه في الدين ومن ثم لسوء مصير وازراء خاتمة .

     
  3. #3
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الثالثــــــــــة



    أخرج الشيخان عن إبن عمر رضي الله عنهما عنه عليه السلام قوله "الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة ". وورد في رواية أخرى " لا تكاد تجد فيها راحلة ".



    أجدد الدعوة إليك بحفظ الحديث فهو متفق عليه وشواهده من القرآن الكريم كثر منها قوله " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " و" ما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " و" قليل ما هم "

    و" ثلة من الاولين وقليل من الاخرين " وغيرها كثير .

    1 ـ ما معنى الراحلة التي يعز وجودها بين الناس ؟

    2 ـ ماهي الاسباب لذلك وما تفسير ذلك هل هو اليأس من الناس ام لحكمة في ندرة الرواحل ؟

    الجملة إسمية تسمي شيئا محددا وتخبر عنه فهي تقريرية لحال ما وسواء أثبتنا " لا تكاد " أو لا فإن المعنى لا يتغيرفليس المعنى أن الراحلة في الناس لا وجود لها مطلقا ولكن المعنى ندرتها حتى مع حذف " لا تكاد ".أما وجه الشبه بين الناس وبين الابل فكثيرة منها أن كليهما يعول عليه في إنجاز ما تتطلبه الحياة فوق الارض بما زودا به من قدرة على الصبر وتجديده وبما فطرا عليه من بطء في الحركة البدنية مقارنة مع مخلوقات أخرى كثيرة غير أنه بطء لو تراكم وتتالى ولو بتقطع تفرضه حالة إستراحة المحارب وقيلولة الكادح كفيل بوصول منتهاه بعد أمد وبما جبلا عليه من قدرة على التفاعل والتأقلم مع سائر دروب الحياة ومنحنياتها من عز وذل وضعف وقوة ولاشك أن التمثيل بالابل يومها هو كتأثير الفنون اليوم فليس كالعرب أعرف بالابل والخيل ولمن يعرف حال الابل فإن وجود الراحلة فيها ضمان لتآلفها وتجانسها وإنضمامها إلى بعضها بعضا حال الرعي وحال الظعن ولسر مازال مدفونا لم تبح به آية "سنريهم آياتنا ..."قال جل من قائل

    "أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت " فهل رأى واحد منا كيف خلقت الابل ويوم يرونها تظل تلك آية لها الاعناق خاضعة غير أنه لكل أجل كتاب ولا ينبئك مثل خبير .



    ماهي راحلة الناس ؟:راحلة الابل يستخدمها صاحبها لغرضين وهما تخصيصها دون غيرها من سائر الابل ولو كانت مائة لحمل الرحل من أناسي وأمتعة فتشق به عباب محيطات لا شطآن لها من الرمال الثابتة والمتحركة في سراء يزيدها فيه حاديها صبرا على الالم وأملا في قيلولة هنيئة ومع ذلك فإن الراحلة لو حطت بمكان بليل مثلا مرة في عمرها فإنها كفيلة بالرجوع إليه ولو بعد عقود كلما وجهها حاديها صوبه وهذا مجرب ومعروف شأنها في ذلك شأن الكلب اذ ليس للابل من طرق سيارة ولا عادية تهديها إلى مبتغاها في بيداء قاحطة لا يعمرها على مد البصر ردحا بعد ردح سوى كثبان من الرمال كالجبال .لا بل يقول أصحاب الابل بأنها تتعرف على الطقس المنتظر سويعات قبل حدوثه فتسرع لو غشيتها نسائم المطر وكذا لو لفحتها أنواء الهجير وهي تمخر عباب الصحراء في يم ليل ضن عليها ببدر غار منزله فغاب أو حجبته سحب متلبدة.كما يستخدم الحادي راحلته بغرض لم شتات الابل سواء في الرعي سيما حال حدوث ما يعكر صفو المرعى أو في السير والانتقال من مكان إلى آخر وهو أمر قد يدوم شهورا طويلة إذ عادة ما يمتطي الحادي صهوة الراحلة فيتقدم الابل وهي تظل تتبع في طاعة لا تعرف النشوز . فراحلة الابل هي إما قوية على حمل الرحل بصبر وثبات أمينة على بلوغ هدفها حتى لو إرتاب صاحبها فيه أو هي هادية الرحل بأسره لكبر سن وتقدم تجربة جامعة لنثره فإذا جمعت الراحلة بين هذا وذاك بقوة وأمانة فهي راحلة الرواحل .

    وليست راحلة الناس سوى الانسان الجامع بين القوة العقلية والامانة الخلقية يهرع إليه الناس يوم الفزع فيستنبط لهم الحكمة ويهديهم بفصل الخطاب يبث الامل زمن اليأس لا زمن الخصب كما يستأمنه الناس على ودائعهم لا فرق بين حاقد فيهم ولا كريم والراحلة من الناس عبر عنه القرآن بالامامة التي طلب إلينا طلبها وأرشدنا إلى أن مادة الامتحان فيها متكونة من الصبر واليقين وتماما كما هو الحال عند الابل فإن الراحلة من الناس منها من يكون راحلة أي إماما يؤدي ما يكلف به بكل قوة وأمانة وصبر ويقين غير آبه بمن حوله سواء قدحوا أو قلدوا ومنها من يكون راحلة يفعل ذلك ويزيد عليه قيادة الناس لذلك مدح الله الصالحين ولكن مدحه للمصلحين أشد .



    ندرة الرواحل في الناس هل يبعث على اليأس أم على الامل ؟:لابد بداية من التسليم بالحقيقة لا من منطلق النص الذي هو وحي يوحى فحسب بل كذلك من منطلق التجربة العملية التي يطلع عليها كل جيل فالتسليم بالحقائق والمسلمات القطعية اليقينية الثابتة من شأنه بناء العقل العلمي السليم .ثم لابد لنا من إطلاق كلمة الناس وعدم حصرها في المسلمين رغم أن ندرة الرواحل تبقى هي هي لا تتغير حتى لو خصصناها بهم ولكن الاوفق بقاء العموم على عمومه ما لم يرد ما هو أقوى منه فيخصصه .فكل مسلم هو بالنسبة لغيره من غير المسلمين راحلة يتجشم أعباء الحياة بقدر من حسن الفهم والتعاطي والاحسان .ولابد لنا قبل ذلك من معرفة دور الراحلة في الناس وليس هو سوى القيادة أو الاستقامة الشخصية على الاقل فإذا كان بالمعنى الاول فإن من طبيعة الاشياء أن تكون الرواحل في الناس أقلية تبعا لتفاوت الناس في طلب الخير وفي إنفاقه ومن ثم الصبر على طلبه وعلى إنفاقه عقدا بعد عقد ومن ذلك تفاوت الفرص المتاحة لهم في ذلك وليس الراحلة سوى إنسان جمع بعض أسباب النبوغ والقيادة ثم أتيحت له فرصة مزاولتها وتحكم الانسان في الفرص توفيرا نسبي جدا بخلاف توفير عزمه على توليد راحلة من نفسه .وبذا نتبين أن ندرة الرواحل في الناس على مدى الزمان والمكان سنة إجتماعية بها يصلح أمر الوجود وتقتضيها طبيعة الاختلاف وتوزع الاهتمامات فهي باعث أمل وليست باعث يأس باعتبار أن مائة من الناس وأكثر يكفيهم إمام واحد فما بالك اليوم وقد توزعت العلوم وانقسمت المعارف فأصبح بامكان كل إنسان أن يكون إماما في فن ما ووفق تلك السنة تجد شمسا واحدة وكواكب تعد بالمئات وقمرا واحدا ونجوما تعد بما لا يعلم حده غيره سبحانه وعددا محددا من الانبياء والرسل في عدد لا يحصى من الناس .



    إنما الراحلة في الناس القيادة والامامة :الراحلة في الناس من يقودهم في دروب الحياة ويرسم لهم سبل الخلاص ويذكرهم بالاصول والمبادئ وليس من يعلمهم التفاصيل والجزئيات في هذا الفن أو ذاك فالراحلة من الناس من تعبأ اكثر من غيره بفقه الحياة وفقه الدين وهما في الحقيقة واحد ثم تحرق قلبه كمدا على حال الناس فسعى مصلحا وشق طريقه وليس مشروطا أن يكون من الملمين بهذا العلم أو ذاك فهذا النبي الكريم محمد عليه السلام يقود البشرية جمعاء و يعرف طبيعة نخل المدينة فيؤبره على غير علم صحيح فهل شانه ذلك .



    ما هي مواصفات رواحلنا اليوم وكيف نصنعهم : مواصفات رواحلنا تنبع من تحديات عصرنا إرتباطا بالاسس الفكرية الكبرى والثوابت العلمية العظمى التي تؤسس الانسان وتبني به الحياة إذ لكل تدين معاصر لونه الخاص به ولا ضير في تبدل اللون إنما الضير في تبدل العمود الفقري أو الهندسة الجينية . من مواصفات رواحلنا اليوم الدعوة إلى الجماعة لا إلى الفرقة وإلى العلم لا إلى الجمود والتقليد وإلى الاعتصام بالثوابت الثابتة والاختلاف فيما دونها لا إلى نبذ تلك وتخصيب هذه وإلى المقاومة والجهاد والاجتهاد في كل حقل بما يناسبه من أسلحة وإلى التحرر والتحرير لسائر الانسان والاوطان وإلى الامل والصبر ومع ذلك يكون هو قدوة وأسوة ومثلا فيما يدعو إليه ولا يضيره في ذلك الخطأ بل والاخطاء وبعد ذلك يحوز على ثقة وحب أغلب الناس وليس كلهم طبعا . هل نصنع رواحلنا ؟ الحقيقة أن عملية الصناعة متبادلة بيننا وبينهم فالازمة تلد الهمة كما قال المرحوم عبده وأزماتنا تجعلنا نصنع رواحلنا ثم تجعل رواحلنا تصنعنا .



    كن راحلة أو شبه راحلة أو جزء من راحلة أو عونا لراحلة ولا تكن غير ذلك : لايولد الناس رواحل وحتى الانبياء لا يولدون كذلك فلا تعجز أن تكون راحلة أو دون ذلك بقليل أو بكثير ومن علامات النهضة تعدد الرواحل فينا وشبه الرواحل وأجزاء منهم ولو تعلقت همة إبن آدم بما وراء العرش لناله كما قيل .

     
  4. #4
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الرابعة

    أخرج الشيخان عن أبي هريرة عليه الرضوان عنه عليه السلام قوله " إذا مات إبن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث : ولد صالح يدعو له أو صدقة جارية أو علم بثه في صدور الرجال ".

    أجدد الدعوة إليك أخا الصحوة بحفظ الحديث فهو متفق عليه ولا تلتفت إلى الذين لا يحسنون في عالم الحديث سوى الشغب على من وصفه عليه السلام بأنه وعاء من العلم فروى عنه عليه السلام أكثر من خمسة الاف حديث وليس ذلك إحتطابا بليل بل لفرط الملازمة وشدة الولع وسعة الحافظة ودعاء النبي الكريم له عليه السلام ومظهرا من مظاهر وعد رب السماء بحفظ ذكره وأيما رجل جاوز بسلام عتبة رجال علم الرجال فليس أمام الامة سوى تصديقه فيما يروي عن مبعوث ربه رحمة للعالمين .

    ماهي التجليات المعاصرة لتلك الاعمال الثلاثة وكيف نهيئها ؟


    بداية لابد من الاشارة إلى أن شواهد الحديث في القرآن كثيرة منها قوله في سورة يسن "إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين ".كذلك لابد من التسليم بأن الادمي المعني هنا خاص بالمؤمنين دون سواهم في الاصل والغالب .

    المؤمن لا يموت بل ينتقل من دار إبتلاء الى دار سعادة :

    لقد ذكر ذلك عليه السلام في حديث للترمذي " الموت تحفة المؤمن " فالموت للمؤمن هدية ورحمة وكم من ميت ملا الناس من بعده الدنيا لفراقه عويلا وهو في عليائه يسخر منهم ويشفق عليهم ولا يعذب الميت ببكاء أهله عليه إلا بسبب توصيته بذلك لجهله أو عدم تربيتهم على خلق الصبر والاحتساب في حياته أو كان من أهل النار إبتداء فبكاء على بكاء وعذاب فوق عذاب .

    للمؤمن فحسب إمكانية بناء مشروع للمستقبل يدر عليه الحسنات بعد تقاعده في قبره:

    وهي من الرحمان رحمة ما تساويها رحمة إذ من أصول العدل أن الاجير ينقطع أجره بعد موته مباشرة بل تنقطع حتى معاشاته وفي أحسن الاحوال تنتقل في النظم الاجتماعية التي فيها شئ من العدل إلى بعض ورثته كالزوجة مثلا غير أن الله لا يعاملنا سبحانه بالعدل بل بالاحسان و بالرحمة التي سبقت غضبه فكان الرحمان حتى لا يقنط جاهل من حلمه ولا ييأس ساخط من عفوه. وتماما كما يعمد الاثرياء إلى بناء مشاريع في حياتهم تحسبا لانقلاب الظروف على أبنائهم يعمد تجار الاخرة إلى بناء مشاريع تدر الاحسان عليهم بعد تقاعدهم في قبورهم ولك أن تحصي الحسنات التي تظل تدر على الميت من يوم موته إلى أن تقوم الساعة مع مطلع كل شمس ومغربها بل ربما يجني منها ما لا يجنيه أصلح المصلحين في حياته فللمؤمن في الحقيقة عمران عمر قبل موته يجني منه الكسب لنفسه وعمر بعد موته يجني منه كسبا آخر لنفسه بما بنى من مشاريع الخير وظل الناس يتفيؤون ظلالها يمينا وشمالا .

    مشروع الولد الصالح يتطلب نكاحا صالحا وتربية صالحة وبيئة صالحة :

    ربما يكون مشروع الولد الصالح أبقى المشاريع باعتبار أنه لا يفنى فالولد يورث ولده الدعاء وجلب الصالحات لابائه مهما علوا وتتوالى حلقات الصلاح حتى يوم القيامة وللوالد الاول منها نصيب ولاشك كبر أو صغر نصيبا مفروضا . غير أن هذا المشروع بحاجة إ لى إعداد بداية بالمنكح الصالح فالام مدرسة كما قال الشاعر لو أعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق وعماد الاسرة الام ولا شك فالتفكير في المستقبل بعد الموت يبتدأ في عنفوان الشباب وكذلك هي المشاريع الحياتية الكبرى تنشأ مبكرا ثم تكون الاسرة الكريمة يعتق القرآن جنباتها وتمطر السنة بوابلها الطيب الصيب عرصاتها ولا سبيل لاسرة كريمة صالحة أن تصمد في بيئة ملوثة فلا بد من مزاولة الدعوة إلى بيئة صالحة كتربة صالحة لا تجتث الاعاصير الهوجاء أشجارها المثمرة ومعلوم أن الولد لغة يشمل الذكر والانثى بخلاف ما عليه أعرافنا الاجتماعية .

    مشروع الصدقة الجارية وتجلياته المعاصرة :

    الصدقة لغة مناط الصدق لذلك جاء في الحديث أن الصدقة برهان أي أن التصدق بالمال سواء زكاة مفروضة أو مستحبة دليل على إيمان في القلب وصدق في العبادة وهي جارية بإعتبار أن أثرها لن يزال ماثلا للعيان يؤدي للناس أو للبهائم خدمة وفي كل ذات كبد حرى أجر ومن هنا يكون أجر الصدقة الجارية كما وكيفا بقدر إنتفاع الناس بها وسد ثغرة في الدنيا وذلك هو المنطق التجاري الذي طولبنا به في قوله " يرجون تجارة لن تبور " وعدم بوارها في الاخرة ناتج عن عدم بوارها في الدنيا . ومعلوم أن الصدقة الجارية تنقطع حسناتها يوم إنقطاع أثرها لذلك يرجى من أهل الخير فينا بذل صدقاتهم في المشاريع النافعة طويلة المدى فلو أحييت بمالك أما أشرفت على الهلاك من الجوع مثلا فحيي بحياتها الولد فإن صدقتك الجارية تمتد إلى ولد الولد الذي لو لم يقيض الله لامه الاولى حياة على يديك ما كان له وجود ولا عمل صالح ولو إستثمرت مالك في تحرير بلد من الاحتلال أو علمت أميا أو جاهلا أو ساهمت في بناء مصلحة للناس كمدرسة أو مسجد أو مستشفى أو سوق أو طريق أوما إلى ذلك فإن صدقتك تظل عليك مدرارة كلما إنتفع بذلك الاستثمار منتفع ولو بظل يدفع وهج القيظ . وإندفاعك إلى إستثمار مالك في المشاريع المستقبلية طويلة المدى ما يجب أن يصرفك عن الصدقة الانية العاجلة أي غير الجارية لانها لو حل زمانها ومكانها وحالها ووجبت في حقك كإنقاذ كافر غير محارب من هلاك بيم أصبحت واجب وقت وفريضة يوم في حقك لا يعذرك أنك تدخر مالك لمشروع حياتي جار كما أن إشتراك عدد من الناس في صدقة جارية مقبول ولا ينقص بعضهم أجر بعض إلا بما يتفاوتون في الاستثمار سيما أن المشاريع الكبرى تتطلب إتحاد الناس عليها .

    مشروع العلم المبثوث في صدور الرجال :

    أنبه مرة أخرى إلى أن كلمة الرجال هنا هي للجنس أي تشمل الرجال والنساء معا والامر ذاته للعلم لا ينحصر في العلم الديني أو الشرعي لان الفقه في الدين كما مر بنا في حلقة سابقة هو فقه في الحياة بدينها ودنياها وما سوى ذلك خاص بالمسيحية حيث تنفصل الدنيا عن الاخرة أما في ديننا فإن الله يقول " أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين " فالتفريق بينهما ظلم أما التمييز أيهما أولى الان وأيهما يؤجل إلى غد وما إلى ذلك فذلك هو عين الفقه . وإلا فما رأيك في رجل كإبن رشد هل يكتب له العلم الديني دون كونه طبيبا وفيلسوفا وأمثاله بالالاف في تراثنا ؟

    كما لا تغرنك كلمة " في صدور" بل لعل اليوم الناس ينتفعون فضلا عمن بعدهم إلى يوم القيامة بما هو مبثوث في الكتب والمخطوطات وسائر ما في حكم ذلك أكثر من انتفاعهم بما هو مبثوث في الصدور وجل أولئك ممنوع من بث ما في صدره إما لسجن أو مراقبة أو مصادرة وهو في كل الاحوال مرشح للاغتيال في كل لحظة. فكل علم تكتسبه هو نافع للناس طرا سواء تعلق بدينهم أم بدنياهم أو بكليهما وسواء بثثته في الصدور أو في الكتب أو في الفنون كالمسرح والسنما وما إلى ذلك وسواء إنتفع به الرجال أو النساء أو الاطفال و هو حساب بإسمك مفتوح إلى يوم ينقطع أثر علمك عن الناس ولن ينقطع لان الناس يتوالدون ويتناسلون ويورثون علمك إلى ولدهم كابرا عن كابر ولك منه ولا شك نصيب مفروض بإذنه سبحانه .

    الخلاصة :

    النبي الكريم يرشد إلى أخصب حقول الاستثمار نفعا في الدنيا : وهي الاسرة عبر الولد الصالح والعلم عبر كل ألوان المعرفة في الدين والدنيا ومعالم عمارة الارض عبر الصدقة الجارية فلا تموتن إلا وقد ضربت لك بسهم في إحدى تلك الحقول الثلاث على الاقل .

     
  5. #5
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: مــــائة مصباح من مشكاة النبــــوة

    الحلقة الخامسة

    أخرج الشيخان عن أبي سعيد الخدري أنه عليه السلام سئل عن أفضل الناس فقال " مؤمن يجاهد في سبيل الله بماله ونفسه ثم مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره ".
    ــــــــــــ
    أجدد الدعوة إلى حفظ الحديث المتفق عليه أما عن شواهده من القرآن الكريم فكثيرة وهي سائر الايات المحرضة على الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس والقرآن .

    الناس أول من تنسحب عليهم نواميس التنوع والتعدد : سنة الاختلاف التي سماها القرآن زوجية أقوى السنن الحاكمة ليس لان الوحي نبه إليها فحسب ولكن لان العقل شهد لها وهي أقوى سنة ماضية بسبب أنها مصدر سائر القوانين الاخرى المطردة سواء في عالم المادة أو النفس وكذلك بسبب أن قوانين التمايز والتفاضل والتدافع ومن ثمة قوانين الحركة والحياة ومن ثمة إطراد ومضاء إرادة الله سبحانه كلها فرع عنها ولو تفرس عاقل في ذلك كله لالفاه في نفسه وفي الناس من حوله .

    عنوان الفضل الاول : الايمان والجهاد .
    الايمان بالله سبحانه وفق ما بينه الوحي الكريم ككل قيمة في حياتنا تخضع لعدد من المقاييس والابعاد كما تخضع المقاييس المادية لابعاد الطول والعرض والعمق والوزن وغير ذلك وشر ما يأتي على تلك القيم مادية كانت أم معنوية هو قصور النظرة إليها تماما كما تمثل ذلك في قصة العميان الذين تجمعوا حول فيل يتحسسونه فلما فرغوا ظل كل واحد منهم لوحده يصف ما وقعت عليه يداه فهل يمكن لعاقل جمع صورة فيل حقيقية دون ضم شتات ما وصفوا منفردين وليس لغير ذلك وهبنا ولي النعمة سبحانه عينين ولسانا وشفتين وقبل ذلك لبا وخيالا لاستجماع سائر شروط الاحاطة الباصرة بما حولنا من قيم مادية ومعنوية والحكم على الشئ كما قال المناطقة فرع عن تصوره . والناس في حقبات الانحطاط حيال الايمان غالبا ما ينشدون الى الصورة مستبعدين الحقيقة أو إلى الجوهر متلهين عن الجسد ولاشك أن الايمان جسد له روح واطراف وقوة وضعف وأغذية وأدوية وأمراض وسقطات وأصول وفروع تماما كشجرة لا بد لها من جذر وجذع وغصن وورق وثمر وظل ومساحة وماء وتعهد وتقلب في سائر أحوال اليوم والفصل والعمر. فلو نظرت إلى الايمان على أنه إعتقاد في أركانه الخمسة أو الستة المعروفة ثم توقفت عند ذلك كان كلامك صحيحا ولكنه منقوصا وكذلك لو توقفت عند كونه عملا بالاركان أو عند كونه قولا باللسان أو عند كونه شكرا وصبرا وأثرا... والحاصل أن الايمان كل ذلك وأكثر منه وفق بعده التكاملي بين سائر مكوناته الظاهرة والباطنة والفردية والجماعية والقولية والعملية وفي سائر أحواله من قوة وضعف ولذلك يستشكل على بعض الناس وبعض العلماء أيضا أحيانا إشادته عليه السلام أيما إشادة بالمؤمن وببشارته له بالجنة وإن سرق وزنى فينقسمون طوائف منهم من يلوي الفهم ليا بحثا عن تكامل منشود ومنهم من يفرض النسخ لهذا الحديث أو ذاك ومنهم من يحكم القرآن ومنهم من يعمل بالارجاء ورغم إصابة بعضهم الحق أو بعضه في هذا الموطن أو ذاك فإن الذي كثيرا ما يغيب عنا جميعا هو أن الايمان المقصود ليس هو سوى الايمان الراسخ الذي لا يقضي صاحبه حياته في إصابة ال أو الزنى أو الظلم فضلا عن الريب والشك والقول على الله بغير علم ولكنه يصيب كغيره من الناس طرا من ذلك لمما فسرعان ما يؤوب وكل أوبة منه مضيقة لمساحة الظلم لما بعدها كطالب علم يترقى في علمه يوما بعد يوم حتى يصبح مجتهدا فيه لا تكاد تلفى له زلة .

    ماهو الجهاد :
    الجهاد في سبيل الله سبحانه هو كل جهد يقوم به مؤمن يبتغي به رضوان الله وله في الوحي الكريم صورة أو صورة لا تناقض الوحي ولو كانت مبتدعة وبهذا المعنى فإن المؤمن الحقيقي لا يكون سوى مجاهدا في سبيل الله تعالى سواء بماله أو بنفسه أو بسائر ما وهبه ولي النعمة سبحانه غير أن هذه الصورة التي يستصحبها كل مؤمن حقيقي قد ترتقي إلى درجة الطلب المؤكد إلى حد كونها أولوية الاولويات وذلك حال تعرض أركان الوجود الاسلامي في النفس أو في الواقع إلى التهديد و تلك الاركان خمسة لابد منها لمجرد قيام الدين في النفس وهي الدين والحياة والعقل والمال والعرض وحياة الجماعات والاوطان ترتكز على ذات الاركان تلك فليس لمؤمن حقيقي أن يحيا بنفسه معرضا غيره للموت مدعيا في ذات الوقت تحصنه بالايمان فذلك هو محض النفاق
    وبذلك يكون الجهاد غير منحصر الصور ولئن تحدث القرآن الكريم كثيرا عن الجهاد بالمال وبالنفس فلانهما أصلان لكل تلك الصور الممكنة فتحت الجهاد بالنفس تلفى الجهاد بالبدن وبالعقل وبالفكر وبالقلم وبالتدبير وبالتنفير إلى الخير ويصل حده عندما يلقي المؤمن روحه أغلى ما يملك فوق راحته ملقيا بها في مهاوي الردى نشدانا لحياة ماهو مقدم عليها وهو الدين ومنه حياة بقية الناس وعادة ما يقترن الجهاد بالمال وبالنفس مع غلبة هذا أو ذاك حسب الموطن .
    والحاصل أن صور الجهاد بالمال وبالنفس لا تأتي تحت حصر وإنما يتعين على كل مؤمن منها ما يعينه عصره ومصره وإجتهاده وسعته وفق حاجة الجماعة وأفضل الجهاد ما ناسب زمانه ومكانه وحال صاحبه قوة وضعفا ولبى داعياته المعاصرة الاولى فالاولى فلو أحتل وطن مثلا فإن أفضل الجهاد هو الاستنفار لتحريره بالمال وبالنفس حتى يتحرر أو نموت دونه .

    درجة الفتنة أو درجة اضعف الايمان : هي درجة المفضول التي نص عليها حديثنا اليوم :
    يوهم ظاهر هذا الحديث بأن الدرجة الثانية بعد درجة الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس من لدن المؤمن هي درجة الانعزال عن الناس وملازمة العبادة والحقيقة خلاف ذلك لذلك لابد لكل طالب علم من التأني في فهم كل آية و كل حديث عساه يرتهن فهمه لفهم سواه وهذا كثير بل هو الاكثر . ومن ذلك أنك تلفي خاصة في الحديث دون القرآن مئات مما يسميه العلماء أحاديث الفتنة أي التي يرشد فيها عليه السلام الناس إلى أفضل عمل زمن الفتنة لا زمن العصمة منها فإذا كان لا يشير إلى ذلك صراحة فإن العقل المسلم مطالب بفرز ذلك تكريما للانسان وإستخلافا له ومن عادة الناس أن يختلفوا كثيرا حول تحديد زمن الفتنة فيمتشقه هذا لتخويل فرار وينتهكه ذاك لحصد رقاب أبرياء وتظل الوسطية مهجورة إلا من ثلة سرعان ما تؤوب إليها أسياف هؤلاء وأولئك على حد سواء وتلك هي بلية الابتلاء وذروته وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ولا شك . والناظر إلى مجموع الوحي الكريم سرعان ما ينقدح في ذهنة أمر سرعان ما تؤيده الحجج الناصعة وهو أن الجماعة فرض الفروض في الاسلام فرضت قبل الصلاة وسائر العبادات وعلى خلفيتها عوقب الصحابة بالهجران خمسين يوما حتى من أزواجهم وردا للسلام واجب الرد من أفضل من وطئ التراب طرا وبناء عليه فإن هجران الجماعة مع المحافظة على العبادة وعلى كف الاذى بكل ألوانه كما أشار الحديث الذي نحن بصدده مشروط بأمرين أولهماعدم مخالفة هذا الاصل الاصيل الذي هو لزوم الجماعة في السراء والضراء وثانيهما هو حصول الفتنة العظمى التي يستحيل معها أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو دعوة إلى خير وهذا في الحقيقة قليل جدا وجوده في الامة فهي أمة لا يخلو خاليها من قائمين كثر على الحق . فالحاصل أن المؤمن المشار إليه في الدرجة الثانية بصيغة " ثم " في الحديث هو مؤمن الفتنة القاصمة وعلى أية حال لسنا في زمانها ونحن نتطلع إلى عهد صحوة إسلامية رشيدة تعيد الاعتبار للاسلام دينا ودنيا وجهادا وإجتهادا ومما يؤكد ذلك أنه عليه السلام أشار في آخر الحديث إلى أن ذلك المؤمن يدع الناس من شره مما يشير إلى أن المعتزل صاحب شر في الاغلب وهو كذلك في فكر الاسلام القائم على الجماعة لا على العزلة والانانية وهو بذلك يلتقي مع حديث آخر يؤكد فيه عليه السلام لسائله الذي ظل يدنو به من محطة خير إلى أخرى نزولا إذ قال له في النهاية ".. كف أذاك عن الناس " . فكن مؤمن الدرجة الاولى دوما ولا تقنع بكف أذاك عن الناس بل إطمح إلى بث خيرك اليهم .

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 21 1 2 3 4 5 6 7 8 9 11 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك