+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 الأخيرةالأخيرة
النتائج 6 إلى 10 من 33
  1. #6
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    الكـعـبـة ::




    الكَعَب: هو النتوء والبروز، ومن هنا سمي الجزء المرتفع والبارز من القدم كعباً. وورد في اللغة أنّ الكعبة: هي البيت المكعب، أي المربع، وقيل المرتفع. وصحّح بعضهم المعنى الأول، أي أنّ الكعبة: هي كل بيت مربع. وبما أنّ الكعبة هي أول بيت وُضِع للناس من أجل العبادة، كما ينص القرآن الكريم، فلا يبعد أن تكون التسمية ربّانية المصدر، ولأنّ الكعبة بُنيت مربعة فقد أصبح الناس يَصِفون كل بيت مربع بأنه كعبة، ثمّ اشتق منه المكعّب ليعني المربع، ثم أُطلِق المكعّب على المجسّم ثلاثي الأبعاد ذي الأوجه المربعة. وبما أنّ الكعبة هي أول بيت مرتفع وبارز فوق الأرض، فقد كانت كل الألفاظ المشتقة من هذا الاسم تدل على الارتفاع، وبالتالي لا داعي لأن نُرجّح معنى على آخر. ولأنّ الكعبة هي قبلة المسلمين في الصلاة والحج، فقد وجدنا الناس يجعلون لفظة الكعبة مرادفة للفظة القبلة.

    جاء في الآية 97 من سورة المائدة: " جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَام... ".

    واضح أنّ البيت الحرام كان في البداية لا يزيد عن مساحة الكعبة، والتي تقارب (100 م2). من هنا نجد أنّ الآية تُصرّح بأنّ الكعبة هي البيت الحرام. أمّا اليوم فإنّ مساحة البيت الحرام ضخمة جداً، ويمكن أن تزاد وتلحق بها مساحات أخرى حتى تصل الحدود التي حددها الرسول، صلى الله عليه وسلم، كمنطقة حرام، لها أحكام خاصة. ويبقى للكعبة مركزيتها، بل إنّ كل ما أحاط بها اكتسب مكانته لصلته وقربه منها.

    جاء في الآية 5 من سورة النساء: " وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ": فقد جعل الله تعالى المال قوام الحياة، فلا تقوم الحياة، ولا تثبت، ولا تستمر، إلا بالمال. وهذا معلوم وبدهي، وليس هو محل جدال أو تشكيك. واللافت للنظر أنّ القرآن الكريم لم يستخدم مثل هذا التعبير مرّة أخرى إلا في سورة المائدة، في قوله تعالى: " جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَام..." فجَعْلُ المال من مقومات الحياة أمر مفهوم ومجمع عليه بين الناس. ولكن الأمر الذي قد لا يُفهم بداهة، وليس هو محل إجماع، فهو الإيمان، الذي يولّد في النفوس مفهوم القداسة، ومفهوم الواجب، ومفهوم الحرمات. وقد نزلت الرسالات الربّانية لتقيمه، وتحرسه، وتعززه.

    فالحياة البشرية لا تقوم بالمال وحده، ولا مجال لاستمرار الوجود المجتمعي الإنساني بعيداً عن المفاهيم التي يغرسها الدين في النفوس. من هنا يمكن للمستقرئ أن يُلاحظ ذلك؛ فالمجتمعات التي يضعف فيها تأثير الدين، وتزلزل فيها قِيمهُ ومفاهيمه، لا بد أن تظهر فيها عوامل التفكك والانحلال، بل إنّ الإنسان، في مثل هذه المجتمعات، يفتقد هدفية وجوده ومسوّغ استمراره. ومن هنا نجد، مثلاً، أنّ الفلسفة الوجوديّة في الغرب، والتي ترفع شعار: (لا إله)، هي أيضاً التي ترفع شعار (العبثيّة)، بل إنّ من أساسيات مبادئهم: " لا شيء له معنى إلا الموت، وغاية إمكانيات الإنسان الانتحار ". ولا شكّ أنّ للدين دوراً متنامياً في المجتمعات البشرية المختلفة، ولذلك يصعب أن نجد اليوم مجتمعاً يتجرّد من الإيمان، ومن مفهوم القداسة، والواجب، والحرمة، إلا أنه بالإمكان أن نلاحظ التناسب الطردي بين قوة الإيمان وقيمهِ في المجتمع، وقوة التماسك الاجتماعي. وقد ثبت بالتجربة أنّ توافر المال، والذي هو القوام الأول، غير كافٍ إلى أن يتحقق الإيمان، والذي هو القوام الثاني. ويمكن ملاحظة أثر فقدان القوام الثاني في المدارس المادّيّة، مثل المدرسة الوجودية، وذلك على المستوى الفلسفي، ومثل المدرسة الماركسية، وذلك على المستوى الفلسفي والواقعي. وما تجربة الاتحاد السوفييتي عنّا ببعيد، فهي غنيّة الآن عن البيان.

    فالأحكام المتعلقة بالكعبة والحجّ إليها، والأحكام المتعلقة بالأشهر الحُرُم، والأحكام المتعلقة بالهَدي والأضاحي، وغير ذلك من الأحكام ذات العلاقة بمكانة الكعبة، تُشكّل في شِقّها الإيماني وشقّها السلوكي القوام الثاني. وقد يكون من السهل على الناس أن يدركوا أهمّية نظام العقوبات، مثلا، وضرورته لقيام الحياة المجتمعيّة المستقرّة، إلا أنّهم قد يغفلون عن أهمّية وضرورة تشريعاتٍ كالحج وأحكامه؛ فيلتبس على البعض فَهْم كيف يمكن أن تكون الكعبة قياما للناس. ويبدو أننا بحاجة إلى إعادة نظر ومزيد تدبُّر لأحكام وأسرار الركن الخامس من أركان الإسلام.

     
  2. #7
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: سليمــان عليه الســلام ::


    تكرر اسم سليمان، عليه السّلام، في القرآن الكريم 17 مرّة، واللافت للانتباه أنّ القرآن الكريم لم ينص على أية علاقة لسليمان، عليه السلام، ببني إسرائيل، ولا بد من دلالة لهذا السكوت. نعم، فالقرآن الكريم قد نصّ على نبوة سليمان، عليه السلام، وكونه ملكا، ولكنه لم يذكر شيئاً عن قومه، ولا عن الأقوام والأمم التي تبعته وآمنت به، عليه السلام، وانضوت تحت لوائه، فكانت من رعاياه. بل إنّ في قصة ملكة سبأ لدلالة واضحة على اتساع ملكه وتعدد الأمم التي استجابت لدعوته. فلم يكن، عليه السلام، ملكاً لليهود، كما يعتقد الكثير من الناس متأثرين في ذلك بكتب العهد القديم.

    ورد ذكر سليمان، عليه السلام، باستفاضة في سفر الملوك الأول، والذي يقال إنه قد دوّن في القرن السادس قبل الميلاد، في حين يقال إنّ سليمان، عليه السلام، قد مات في القرن العاشر قبل الميلاد. ووردت قصته مفصلة أيضاً في سفر أخبار الأيام الثاني، والذي يقال إنّه قد دوّن في القرن الخامس قبل الميلاد. ولا يستطيع المسلم أن يصدّق الكثير مما ورد في هذه الأسفار؛ فصورة سليمان، عليه السلام، في القرآن الكريم في غاية السمو والجمال، أمّا هذه الأسفار فتزعم أنه - وحاشاه- قد عبد الأصنام إرضاءً لزوجاته الوثنيّات. انظر هذا النص من سفر الملوك الأول: " فغضب الربُّ على سليمان، لأنّ قلبه ضلّ عنه، مع أنّه تجلّى له مرتين، ونهاه عن الغواية وراء آلهة أخرى، فلم يطع وصيته، لهذا قال الله لسليمان: لأنّّك انحرفت عني ونكثت عهدي، ولم تطع فرائضي التي أوصيتك بها، فإني حتماً أمزّق أوصال مملكتك، وأعطيها لأحد عبيدك، إلا أنني لا أفعل هذا في أيّامك …" أمّا صورته عليه السلام في القرآن الكريم فيكفيك ما جاء في سورة ص: " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب ".

    يبدو أنّ ملك سليمان، عليه السلام، كان يشمل عدداّ من الأمم التي اتبعت دينه الحق، وانضوت تحت لوائه، وهذا ما جعل المنحرفين من بني إسرائيل يحقدون على هذا النبي الصالح، لأنهم يريدونها مملكة عنصرية، تجعل من اليهود سادة يُسخّرون الشعوب لخدمتهم، ثم هم يريدونها يهوديّة تتناقض مع نبوة سليمان وإسلامه لله: " وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ". فليس غريباً إذن أن يشوّه اليهود سيرة هذا النبي الصالح، ويصبّوا عليه جام غضبهم، حتى عندما كتبوا قصّته بعد وفاته بخمسمائة سنة. ومن يتدبر النص الذي اقتبسناه من سفر الملوك الأول يلاحظ أنّهم يحقدون عليه وينقمون من فترة ملكه، ويجعلون الرّب غاضباً منه، ومقرراً أن يدمّر هذا الملك. وإذا صحّ ما ورد في أخبار الملوك الثاني فإن الأمر يصبح واضحاً؛ فهذا سليمان، عليه السلام، قد أذلهم، وكذلك فعل ابنه رَحُبعام من بعده. ويصبح الأمر أشدّ وضوحاً عندما نعلم أنّهم قد شقّوا الدولة بعد وفاته، عليه السلام، بأيّام.

    تدبّر هذا النص الوارد في أخبار الملوك الثاني، والذي إن صحّ يكون دليلاً آخر على أنّ سليمان، عليه السلام، لم يكن ملكاً لليهود فقط، بل هو نبي صالح وملك عادل، يحارب العنصريّة ويقمع المنحرفين: " فجاء يربعام وكل جماعة إسرائيل وقالوا لرحبعام بن سليمان: إنّ أباك قد أثقل النّير علينا، فخفف أنت الآن من عبء عبودية أبيك وثقل نيره الذي وضعه علينا فنخدمك. فأجابهم بعد أيّام قائلاً: أبي أثقل عليكم النير وأنا أزيد عليه. أبي أدّبكم بالسياط وأنا أؤدّبكم بالعقارب". فكان أن تمرّدوا، وشقّوا عصا الطاعة، وشقّوا الدولة. ويبدو أنّ ذلك كان بداية فسادهم وعلوهم، المنصوص عليه في القرآن الكريم: " لتُفسِدُنّ في الأرض مرّتين...". فقد أرادوها عنصريّة غاشمة، ويهوديّة متسلطة، وكان منهم ما أرادوا، فتحقق فيهم وعد الله الأول. وفي القرن العشرين كان مكرهم الثاني، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

     
  3. #8
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: الشــهيـد ::




    الشهيد: اسم من أسماء الله الحسنى، فعلم الله تعالى يحيط بكل شيء، فهو، سبحانه وتعالى، عالم الغيب والشهادة. جاء في سورة الرعد: "قل كفى بالله شهيداًً" وقد كرّم اللهُ بعض خلقه فجعلهم شهداء على النّاس، جاء في سورة النساء: " فكيف إذا جئنا من كل أمّة بشهيد، وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ". فالأنبياء شهداء على أقوامهم، والرسول، عليه السّلام، شهيد على الأمّة الآخرة، والأمّة الإسلامية شاهدة وشهيدة على باقي الأمم حتى تقوم السّاعة. جاء في سورة البقرة: " وكذلك جعلناكم أمّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً " .

    وحتى تكون الأمّة شهيدة على الناس، لا بد أن تكون ممثلة لحقيقة الإسلام في إيمانها، وسلوكها، ولا بد أن تحيط بالواقع من حولها، وتكون قادرة على تقييم هذا الواقع، والحكم عليه، على ضوء مقاييس الإسلام. ويكتمل معنى الشهادة في الأمّة عندما تقدّم البدائل للواقع السلبي، وبذلك تكون شهيدة في الدنيا، وهذا يؤهلها لأن تكون في مقام الشهادة يوم القيامة، أي في مقام التكريم. جاء في سورة النساء:" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً". وجاء في سورة الزمر: " وجيء بالنبيين والشهداء..".

    إنّ الشهداء في الآخرة هم الشهداء في الدنيا، فهم الذين يعملون على إقامة العدل، على أساس من شرع الله. جاء في سورة المائدة: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوّامين لله شهداء بالقسط ". وجاء في سورة النساء: " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ". ومعلوم من النص القرآني الحكيم أنّ الله تعالى قد أرسل الرسل وأنزل الكتب من أجل أن يقوم الناسُ بالعدل، جاء في سورة الحديد: " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط ". وللقيام بالعدل، ولإقامة العدل، لا يكفي قوة الفكرة وتماسكها، وسمّوها، بل لا بد من القوة التي تحق الحق، أي تجعله واقعاً راسخاً في الأرض. انظر تتمة الآية من سورة الحديد: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ".

    والقيام بالقسط، والسير في سبيل الله قد يترتب عليه موت أو قتل، وهذا في منطق الذين لا يؤمنون مجازفة وخسارة. جاء في سورة آل عمران: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غُزّى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم، والله يحيي ويميت، والله بما تعملون بصير ". يستفاد من هذه الآية أيضاً أنّ القرآن الكريم يفرّق بين الموت في سبيل الله، والقتل في سبيل الله. جاء في الآية 157 من سورة آل عمران: " ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ". ويظهر مثل هذا الفرق في اعتبار من يُقتل في سبيل الله شهيداً حيّا. والشهادة اختيار ربّاني، جاء في سورة آل عمران: " ويتخذَ منكم شهداء ". والشهيد شاهد بفعله على صدق مبدئه، وعمق إيمانه، وهو شاهد على تقاعس المتقاعسين، ثم هو يوم القيامة من الشهداء الذين يشهدون على الناس. ولا يصح في إيمان المؤمن أن يظنّ أنّ الشهيد ميت، ولا يجوز لنا أن نتفوّه بذلك، بل نحكم له بالحياة عند ربّه، لأننا ملزمون بالأخذ بما يظهر لنا من حاله.

    من اللافت للانتباه أنّ كلمة شهيد هي من الكلمات التي لا مرادف لها في اللغة العربية، وهي من الألفاظ الإسلامية التي يستخدمها حتى غير المسلمين، وغير الموقنين، إذا أرادوا تكريم قتلاهم، أو حتى موتاهم. وفي الوقت الذي استبدل فيه هؤلاء مصطلح الجهاد، مثلاً، فقالوا: كفاح، ونضال، و قتال، … فإننا نجدهم يحرصون على استخدام مصطلح شهيد. وقد يَشهَد هذا الموقف بحقيقة ما تُكِنّ صدورهم من شكّ وتردد تجاه عقائدهم، وما تستشعره عقولهم وقلوبهم من جلال الإسلام وأحقّيته.

     
  4. #9
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: عـرفـات ::


    المتدبّر لمناسك الحجّ يجد أنّها ترمز إلى أساسيّات الفكرة الدينيّة، بل قد تلخّص المقاصد والأهداف من نزول الرسالات؛ فالطواف يرمز إلى ضرورة الانسجام مع قوانين الخلق والفطرة. أمّا السعي بين الصفا والمروة فهو يرمز إلى قطبي الخوف والرجاء ودورهما في البناء الحضاري الإنساني، وقد فصّلنا القول في ذلك في مقام آخر. ونريد هنا أن نتوقّف قليلاً عند ركن الوقوف بعرفة، والذي هو الأهم في كل مناسك الحج، إلى درجة أنّ الحج يتلخّص في هذا الوقوف؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " الحجُّ عرفة ". ومن لم يقف بعرفة فحجُّه باطل.

    إذا أعلن كلُّ حاج بطوافه عن انسجامه، في حركته وسلوكه، مع حركة الكون من حوله، أو بمعنى آخر أعلن عن استسلامه طوعاً كما استسلم الكون، أو بمعنى ثالث أعلن عن رغبته في تحقيق جوهر الإسلام. نعم، إذا تحقق هذا، ثمّ قام الحاج بالإعلان عن خوفه وطمعه، رغبته ورهبته، بسعيه وتردّده بين الصفا والمروة، إذا حصل كل هذا، فقد آن لكل هؤلاء أن يقفوا في صعيد واحدٍ في عرفات. نعم، لقد آن لهم أن يتعارفوا، وآن لهم أن يعترفوا لله بالربوبيّة، وأن يعترفوا بفقرهم والتجائهم إليه عز وجل. وآن لهم أن يتعرّفوا إلى الله ليعرفهم. جاء في الحديث الشريف: "...تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدّة..".

    يصح لغةً أن تكون عرفات جمع عرفة. وكلّ قطعة أرض يقف عليها حاج فهي عرفة، وكلّ موقف لكلّ حاج عرفة. لذا فالموقف كلّه عرفات. إنّه موقف تعارف، واعتراف، وتعرّف. وما يهمنا في هذه العجالة هو التعارف؛ ففي يوم عرفة تسقط الفوارق والحواجز، وتقف الأمم والشعوب أمام الحقيقة التي تُذكّر بصلة الرحم: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا…": إنّه صوت الدين الخالد يتواصل عبر العصور يَرُدُّ مسيرة البشرية إلى الطريق المستقيم. ما أكثر النزعات والدعوات والشهوات، التي تحاول أن تنحرف بالمسيرة البشريّة، وتجهد في محاولة طمس حقيقة الأخوّة الإنسانية. وتبلغ البشاعة مبلغها عندما تلبس هذه الدعوات لباس الدين، كما هو في العنصريّة الصّهيونيّة، وليدة اليهوديّة المنحرفة.

    لم ينزل الدين ليحقق القناعات الفكرية فقط، بل جاء ليجعل الفكرة عاملة وفاعلة في الواقع البشري. وتكتمل الصّورة عندما يتطابق الواقع المحسوس مع الفكرة، فيكون الانسجام بين النظرية والتطبيق. ويظهر ذلك جلياً في إجابة عائشة، رضي الله عنها، عندما سُئلت عن خُلق الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقالت: " كان خلقه القرآن". وفي الوقت الذي يكون فيه الواقع هو الانعكاس الحقيقي للفكرة الإسلاميّة، والتعبير الصادق عن صدقها وفاعليتها، عندها سيشهد الناس اكتمالين؛ الاكتمال الأول، ويكون بتجلّي يأس أعداء الحقيقة الدينيّة من إمكانية تطويق الدين، أو تطويعه، أو الوقوف حجر عثرة أمام مسيرته. ويكون ذلك نتيجةً لمشاهدتهم الواقع غير القابل للنقض والإفناء. أما الاكتمال الثاني، فهو تحقق المقاصد من إرسال الرسالات، وتجلي الفكرة بتجسدها الكامل في أرض الواقع.

    في التاسع من ذي الحِجّة، في يوم عرفة، من السنة العاشرة للهجرة، وبينما الناس جميعاً يقفون في عرفات، يشهدون الموقف، ويشهد لهم الموقف، نزل الوحي بالإعلان الآتي: "... اليومَ يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون، اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نعمتي، ورضيتُ لكم الإسلام ديناً ": في عرفات اكتملت المعرفة، واكتمل العمل. أمّا البداية فقد كانت في غار حراء والرسول، عليه السلام، في الغار وحده. وبعد سنين وسنين، وبعد أن بُنيت الأمة لَبِنة لبنة، كان لا بدّ للبناء أن يكتمل في العلن، وفي ضوء الشمس. كيف لا، وقد أُخرِجت الأمّة وتخرّجت ؟!

    أمّا اليوم فإنّ كلّ الوقائع تُرهص بالاكتمال، كما يرهص الهلال باكتمال البدر، مع يقيننا بأنّ التاريخ لن يعيد نفسه، ومع يقيننا بأنّ أمّة الصحابة هي المثال البشري الأعلى الذي لن يتكرر، لأنّه وجد ليكون المقياس. ولكن المؤشّرات كلها تقول إنّ الغد، بإذن الله، خير من اليوم. وقد يَعجبُ البعض من هذا القول، كما عَجِب آخرون من بشريات الرسول، عليه السلام، عندما حاصر الأحزابُ المدينة المنورة، وما علموا أنّ هذا الحصار، والذي كان يمثّل أوج الكيد الكُفريّ، هو في حقيقته وواقعه، الامتحان الذي سيتمّ بعده تخريج خير أمّة أخرجت من أجل الناس.

     
  5. #10
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    الزبـور ::




    ورد في السنّة الصحيحة أنّ الله، سبحانه وتعالى، أنزل التوراة على موسى، عليه السّلام. ولكن اللافت للانتباه أنّ القرآن الكريم لم ينص صراحة على ذلك. ومعلوم أنّ الله تعالى أنزل الإنجيل على عيسى، عليه السلام، وقد نص القرآن الكريم على ذلك. والمشهور أنّ الله تعالى قد أنزل الزبور على داود، عليه السلام، فهل نص القرآن الكريم على ذلك ؟!

    المستقرئ لآيات الله الكريمة يجد أنّ القرآن الكريم قد نص في موضعين فقط على أنّ الله تعالى آتى داود، عليه السلام، زبوراً، ولم ينص على إيتائه (الزبور). جاء في الآية 163 من سورة النساء: " وآتينا داود زبوراً". وجاء في الآية 55 من سورة الإسراء: " وآتينا داود زبورا ً". أمّا قوله تعالى في سورة الأنبياء: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرض يرثها عبادي الصالحون ". فلا دليل على أنّ المقصود هو زبور داود، عليه السلام. ومن يرجع إلى كتب التفسير يلاحظ اختلاف المفسرين حول المقصود بالزبور في سورة الأنبياء.

    قال تعالى في الآية 25 من سورة فاطر: " وإن يكذبوك فقد كذّب الذين من قبلهم، جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزُّبر وبالكتاب المنير ". نستفيد من هذه الآية الكريمة أنّ الزُّبر، والتي هي جمع زبور، نزلت على الرسل. ويستفاد أيضاً أنّ الزبر تحمل معنى يختلف عن معنى الكتب. وقد نص العلماء على أنّ الزبور هو الكتاب، وأنّ الزُبُر هي الكتب. وهذا صحيح، لأن الزُبُر هي فعلاً كتب نزلت وحياً على الرسل، ولو كانت الزبر لغةً ترادف في معناها الكتب لاستشكلنا قوله تعالى: " وبالزُّبر وبالكتاب المنير ". من هنا قد يجدر بنا أن نبحث عن معنى الزبر في القرآن الكريم.

    جاء في الآية 53 من سورة المؤمنين: " فتقطّعوا أمرهم بينهم زُبُرا، كل حزب بما لديهم فرحون ". وجاء في الآية 96 من سورة الكهف: " آتوني زُبَرَ الحديد... ". أي: قِطع الحديد. وهذا يعني أنّ الزَّبْر: هو التقطيع، وأنّ الزُبرة: هي القطعة، وجمعها زُبَر. وعليه يمكن أن نقول إنّ الزبور: هو كتاب اقتطع من غيره من الكتب، أي أنّ هناك احتمالاً أن يكون الزبور جزءاً من كتاب ربّاني سبق نزوله، أو جزءاً من كتاب سينـزل، فكان الكلُّ كتابا، والجزءُ قطعةً أي: زبوراً.

    الخلاف بين أهل السنّة والجماعة، وبين المعتزلة، في القول بخلق القرآن مشهور، ومعلوم أنّ أهل السنّة والجماعة يرون أنّ القرآن الكريم هو من كلام الله تعالى، والكلام صفة المتكلم، والمتكلم أزلي غير مخلوق. وعليه يكون القرآن أزليا غير مخلوق. وهذه مسألة يجدر بنا ألا نثيرها، في عصر تجاوز فيه الإنسان المسلم هذه الجدليّات، ولكن دفعنا إلى هذه الإشارة الرغبة في التذكير بأنّ القرآن الكريم هو في اللوح المحفوظ قبل نزوله على الرسول، صلى الله عليه وسلّم: " إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون …". وهذا يعني أنّ الأسبقية التاريخية في النزول لا تدل على الأسبقيّة في اللوح المحفوظ، وأنّ أسبقيّة النزول لا تعني أسبقية الكتابة. وبهذا الفهم قد يزول بعض الإشكال في فهمنا لقوله تعالى من سورة الأنبياء: " ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر …". فمعلوم أنّ الذكر مُعرَّفا في القرآن الكريم لم يرد صريحا في أيٍّ من الكتب المنزّلة سوى القرآن الكريم.

    جاء في الآيات: (192-196) من سورة الشعراء: " وإنّهُ لتنزيلُ ربّ العالمين، نزلَ به الروحُ الأمينُ، على قلبكَ لتكونَ من المُنذِرين، بلسانٍ عربيٍّ مبين، وإنّهُ لفي زُبُرِ الأولين ". فكيف يكون القرآن الكريم في كتب الأولين ؟! هل المقصود أنّ الكتب السابقة قد بشّرت بنزول القرآن الكريم، أم أنّ المقصود هو معاني القرآن الكريم دون الألفاظ، أم أنّ المقصود المعاني والألفاظ جميعاً ؟

    هذه مسألة خاض فيها العلماء، والذي قصدنا إليه من هذا المقال أن نلفت الانتباه إلى احتمال أن يكون قد تنـزّل بعض القرآن في كتب الرسل السابقين، فأوتيَ كل رسول جزءاً، أي زبوراً، حتى جاء الوقت المعلوم لنزول القرآن الكريم كاملاً للبشرية جمعاء. ويصبح الأمر مستحقاً للبحث عندما نقرأ الحديث الصحيح الوارد في البخاري: " خُفّف على داود القرآن، فكان يأمرُ بدوابّه فتُسرّج، فيقرأ القرآنَ من قبل أن تُسرّج دوابه …". والحديث الوارد في مسند أحمد: " ألا أُعلمكَ خير ثلاث سور أُنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، قال: قلت بلى ... ". وقد جاء هذا المعنى في أكثر من حديث شريف.

    خُتِمت سورة الأعلى بقوله تعالى: " إنّ هذا لفي الصُحُفِ الأولى، صُحُفِ إبراهيمَ وموسى ". والأصل أن نأخذ بظاهر النص فنقول: إنّ ما ذُكر في السورة الكريمة كان قد تنزّل في صحف إبراهيم وموسى، عليهما السلام. ويعزز هذا ما جاء في سورة النجم، ابتداء من الآية 36: " أم لم يُنبّأ بما في صُحفِ موسى، وإبراهيمَ الذي وفّى... ". وإذا أردتَ أن تعلم ما جاء في هذه الصحف فاقرأ الآيات الكريمة حتى نهاية السورة.

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك