+ الرد على الموضوع
صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 20 من 33
  1. #16
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: الصـافنـات الجـيـاد ::






    جاء في سورة ص: " ووهبنا لداود سليمان، نعم العبدُ إنه أوّاب، إذ عُرض عليه بالعَشي الصافناتُ الجياد…".

    تصف الآية الكريمة الخيل بأنّها صافنات، وبأنها جياد. واللافت أنّ الصفة الثانية هي نقيض للصفة الأولى؛ فمعلوم أنّ الخيل عند راحتها تكون قائمة لا تتحرك، بل تنام وقوفا، وصمتها فيه هدوء ووقار، فأنت تعجب من هذا الحيوان الذي يمضي حياته واقفا، وتعجب كيف ينام واقفا، وتعجب كيف لا يرهقه الوقوف! ويزول العجب عندما نعلم أنّ القانون في خلق الخيل، يختلف عنه في خلق الإنسان، وخلق الكثير من الحيوانات التي تنام مستلقية، فراحة الحصان في وقوفه. والهدوء العميق لهذا الكائن، وصمتُهُ ووقاره، كل ذلك هي المقدّمات الضرورية التي تُفجّر حيويّته ونشاطه.

    نعم إنّه الجواد الذي يجودُ بالحركة، ويفيضُ بالنشاط. ويندر أن نجد في الحيوانات حيواناً يماثله في هذه المتناقضات؛ فهو الساكنُ المتحرك، والصامتُ المتفجّر.

    آية في سورة ص، جاءت عقب الآيات سالفة الذكر، لا تزال لغزاً على الرُّغم من أقوال المفسرين الكثيرة فيها: " ولقد فتنا سليمانَ وألقينا على كُرسيّه جسداً ثمّ أناب". وليس هذا مقام الإفاضة في تفسيرها، وأكثر ما جاء فيها من تفسير لا يستند إلى دليل معتبر. وقد يكون الأقرب إلى الصواب أن نقول: بأنّ الجسد الذي حلّ في كرسي المُلْك هو سليمان، عليه السلام. وقُلنا (حلّ) لأننا وجدناها أليق بمقام سليمان، عليه السلام. ومن لطائف القرآن الكريم أن يقول سبحانه وتعالى: " وألقينا على كرسيّه"، ولم يقل: " وألقيناه على كرسيّه". هذا إذا كان المقصود سليمان، عليه السلام؛ لأنّ كلمة ألقيناه تفيد الإلقاء مع النبذ على خلاف ألقينا. والذي يبدو لنا راجحاً هو احتمال أن يكون سليمان، عليه السلام، قد أصيب بمرض أقعده عن الحركة، أو تحول إلى جسد ساكنٍ لا حراك فيه، واستمر على هذه الحال مدّة من الزمن، ثم شفاهُ الله وعافاهُ مما حلّ به، عليه السلام. وقد يعزز هذا القول أنّ الآيات التي تلي هذه القصّة جاءت على ذكر أيوب، عليه السّلام، وما حلّ به من بلاء: " واذكر عبدنا أيّوب إذ نادى ربّهُ أنّي مَسَّنِيَ الشيطانُ بنُصْبٍ وعذاب ". ويعززهُ أيضاً قوله تعالى: " ثمّ أناب "، لأنّ من معانيه أنّهُ رجع إلى حالة الصّحّة والمعافاة. واستخدام ثُمّ التي هي للتراخي يؤكّدُ ذلك؛ لأنّ سرعة الإنابة، التي فيها معنى التّوبة، هي من مستلزمات صفة الأوّاب التي وصف بها سليمان، عليه السلام. وهذا يعني أنّ الإنابة هنا لا علاقة لها بالرجوع إلى الله، بل الرجوع إلى الصّحة والمعافاة بعد وقتٍ فيه طول.

    المدّة الزمنية التي يُحتمل أن يكون سليمان، عليه السلام، قضاها فاقداً للقدرة على الحركة، والقدرة على إدارة شؤون الدولة، لا بُدّ أن تكون فرصة للتدبر والتأمّل، وإعادة النظر في أمر المُلْك والسلطان، والنظر فيما يمكن أن يفعله الحاكم الذي يملك الجاه والسلطان والقوة. ويمكننا أن نتصوّر الأماني والأمنيات التي تجول في خاطر من فقد القدرة على الإدارة والحكم، وهو لا يزال على كرسيّه سلطاناً معترفاً به. إنّ هذه اللحظات الجليلة تجعل المرء يدرك أنّ الحَوْل والطَوْل كله لله. ومن يمرّ من الصالحين بمثل بهذه التجربة لا يمكن أن يغترّ بالقوة والسلطان، وعلى وجه الخصوص عندما يكون أواباً منيباً لله تعالى.

    من يقرأ الآيات التي تلي هذه الآية يجدها مفعمة بالحركة، والقوة، والتسخير، والعطاء الوفير. ويجد سلطاناً يُعطى من كل شيء، ثم هو لا يحاسب: "هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب". والمتدبر للآيات يجد أنّ سليمان، عليه السلام، قد انتقل من النقيض إلى النقيض، تماماً كحالة الصافنات الجياد؛ فسكون تلك الصافنات هو المقدمة الضرورية للحيويّة المتفجرة، والحركة الفعّالة. وقد لاحظنا هذا في حالة سليمان، عليه السلام، بعد شفائه من مرضه؛ فقد أصبح سلطاناً يوظّفُ كل ما سُخّر له من أجل رعيته، ومن أجل الحقيقة التي يؤمن بها، وقد بلغ عهده في الحضارة والمدنيّة الأوج، إلى درجة أن نجد الأمم التي جاءت من بعده تنسب كل شيء خارق وعظيم إلى عصره، عليه السّلام. فإذا كانت حالة الصفون في الخيل هي المقدّمة الضروريّة لحالة الجَود، فإنّ حالة سليمان، عليه السلام، في سكونه على كرسيّهِ كانت المقدّمة لإطلاق طاقاته الفاعلة، الموهوبة له من الله تعالى، لإحداث نقلة عظيمة في حياة البشر، وتكون على يديه، عليه السلام، تكريماً له

     
  2. #17
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: الأرض المقـدســة ::





    جاء في الآية 21 من سورة المائدة على لسان موسى، عليه السلام:" يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ...". الراجح أنّ المقصود بالأرض المقدسة، في هذه الآية الكريمة، أرض فلسطين. ولسنا هنا في مقام تحديد حدودها الجغرافية في المنظار الديني. وواضح، في الآية الكريمة، أنّ موسى، عليه السلام، قد طلب من قومه أن يدخلوا الأرض المقدسة، التي فَرض الله عليهم دخولها في حينه. وقد ارتبط هذا الفرض بوعد أن يتم دخولهم بسهولة ويسر: " ادخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ...". ولسنا أيضاً في مقام رفع الالتباس الذي وقع عند البعض في فهم هذه الآية، فظنّوا أنّ المعنى: " الأرض المقدسة التي كتبها الله لكم .." أو " كُتِبت لكم "، في صيغة المبني للمجهول. وإنّما نريد هنا أن نلقي الضوء على بعض دلالات عبارة: الأرض المقدّسة.

    القُدُسُ أو القُدْس: هو الطُهر. والأرض المقدسة: هي الأرض المطهّرة. وهناك فرق بين قولنا: الأرض الطاهرة، وقولنا: الأرض المطهّرة؛ فالطاهرة هي التي لا يلابسها دنس. أمّا المطهّرة فقد يلابسها الدّنس، ولكن لا تلبث أن تُطهّر، فكلما تكرر وجود الدنس تكرر التطهير. ويُفهم من هذا أنّ لفلسطين وظيفة مباركة، تتعلق بمسيرة البشرية كلها: " الأرض التي باركنا فيها للعالمين ". فهي الأرض التي لايتجذّر فيها باطل، ولا يدوم فيها شر؛ لأنها الأرض المطهرة من ذلك كله. وقد يُعّبر عن هذا المعنى ما ورد من أنّها لا يُعمّر فيها ظالم.

    فيها كانت نهاية سلطان الرومان الشرقيين، وكان ذلك في معركة اليرموك. أما نهاية البطش المغولي فكانت في عين جالوت. ولا تسأل عن نهاية نابليون، ولا تنس أنّ نهاية المسيح الدجّال ستكون في الأرض المقدّسة ، وكذلك نهاية يأجوج ومأجوج. أمّا اليوم، فإنّ وجود إسرائيل يكاد يُنسينا حقيقة وجوهر هذه الأرض، بل قد يظن البعض أنّ عجلة التاريخ ستتوقف عند هذه اللحظة، أو أنّ سنة الله في المجتمعات ستتخلف، وأنّ كينونة فلسطين المتميّزة في كونها مُطهّرة ستزول، وما أدركوا أنّ وجود إسرائيل على الصّورة التي وجدت فيها، وبلوغ الإفساد الصهيوني أبعاداً عالمية، بحيث يصدر هذا الفساد عن هيمنة وسيطرة كونية الامتداد، لهو الدليل على أنّ الأمور تسير في طريق التقاء أقدار المفسدين بقَدْر فلسطين، الأرض المقدسة.

    جاء في الحديث الشريف: " إنّ الأرض لا تُقدّس أحداً، ولكن يُقدِسُ الرجلَ عملُهُ ". فوجود الإنسان في الأرض المقدسة لا يطهره من ذنوبه وأدرانه، بل لا بد من العمل الصالح حتى تتطهر النفس من أمراضها وأدرانها: "...ولكن يُطهر الرجلَ عملُه ". فعمر الشرّ في الأرض المقدسة قصير إذا ما قورن بما سواها من أراضٍ وبلاد. وقد يفسر هذا اضطراب المنطقة المستمر عبر العصور؛ فقدسيتها تأبى عليها أن تتقبل على ظهرها الإفساد. ولا ننسى أننا ننظر هنا بمنظار غيبي، بغض النظر عما يؤيده في عالم الشهادة. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى النظرة المستندة إلى بُعدين؛ بُعد واقعي يرفده بُعد غيبي، حتى لا يؤدي ثقل الواقع المحسوس إلى الإحباط والتحلل. والدارس للتاريخ يجد أنّ صلاح الدين، ومن عاصره من المسلمين، كانوا يملكون هذا المنظار الثنائي المتكامل.

    فإذا كانت فلسطين متميزة في كينونتها على باقي بقاع الأرض بأنّها مطهّرة، فإن ذلك من أهم العوامل التي تساعد أهل الجدّ والإخلاص في تحقيق العدالة، في الوقت الذي طغى فيه الشّر واستشرى. وأخيراً نذكّر بما قاله الرجلان في الآية 23 من سورة المائدة: " ادخلوا عليهم الباب ...".

     
  3. #18
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: الســّبت ::


    السبت فيه معنى الانقطاع، وفيه معنى الخلود إلى الراحة والدّعة. وقد وردت كلمة السبت في القرآن الكريم (5) مرات، وإذا أضفنا كلمة (سبتهم) و (يسبتون) يكون المجموع (7) مرات. واللافت للانتباه أنّ السبت عند اليهود مرتبط بالعدد (7)، ولم يرد السبت في القرآن الكريم إلا عند الحديث عن شريعة السبت عند اليهود. والمتدبر للآيات القرآنية المتعلقة بالسبت يدرك أنّ هناك خصوصية لهذا اليوم عندهم، وإذا أخذنا ما ورد في التوراة الحالية بعين الاعتبار ندرك أنّ خصوصية يوم السبت تكمن في كونه يوماً ينقطع فيه اليهود عن العمل الدنيوي، ويفترض أن ينقطعوا فيه إلى العبادة، ولا يتناقض هذا مع ظلال معاني الآيات القرآنية الكريمة.

    واضح أنّ تسمية السبت جاءت من خصوصيته وأحكامه عند اليهود؛ فهناك علاقة بين الاسم وما يفترض أن يمارس فيه من عبادات، مثل ما أنّ اسم يوم الجمعة يناسب ما يكون فيه من اجتماع المسلمين في المسجد للصلاة. وخصوصية يوم السبت عند اليهود، وخصوصية يوم الجمعة عند المسلمين، يدللان على أنّ تقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام يرجع إلى أساس ديني، ولا نعلم له أساساً فلكياً. وقد نص القرآن الكريم، وكذلك نصت التوراة المحرّفة على أنّ الله تعالى قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام. وقد يعني هذا أنّ اليوم السابع هو اليوم الذي جاء بعد تمام الخلق، أي أنّه اليوم الذي لم يكن فيه خلق يتعلق بالسماوات والأرض، أي أنّه يوم انقطاع. وقد يكون هذا التفسير مقبولاً في توضيح العلاقة بين السبت والعدد سبعة. ولا يُقبل إطلاقاً ما يزعمه اليهود من أنّ الله تعالى قد استراح في اليوم السابع.

    لا نستطيع أن نركن إلى التوراة الحالية لما طرأ عليها من إضافات وحذف عبر القرون. ولكنّ الدارس يلاحظ أنّ مفهوم السبت عند اليهود يتعلق بيوم السبت الذي هو اليوم السابع من الأسبوع، ثم هو يتعلق بالسنة السابعة، التي يجب أن تكون السنة التي لا تزرع فيها أرض فلسطين، بل تكون راحة للأرض. ويتكرر هذا كل سبع سنين. وبعد سبع سبوتات، أي (49) سنة، تكون السنة أل (50) هي سنة اليوبيل، ولها أحكام فُصّلت في السفر الثالث من أسفار التوراة. ويلحظ الدارس للتوراة أنّ عدم احترام اليهود لهذه الشريعة يكون سبباً لإخراجهم من الأرض المقدسة، وسبباً لتشتيتهم في الأرض. ويبدو أنّ ذلك أدى إلى الربط بين الرقم (7) والزوال والانقطاع. لذا يعتقد اليهود بأنّ دنيا الإنسان تكتمل سنة (6000) عبري، أي أنّه في الألف السابعة يكون الزوال بزعمهم. وبالرجوع إلى القرآن الكريم نلاحظ أنّ السبع مرات التي ذكر فيها السبت تكرر ثلاث منها في السورة السابعة، وهي سورة الأعراف. وآخر ورود لكلمة السبت في القرآن الكريم كان في الآية (124) من سورة النحل والتي هي (128) آية، ثم تأتي سورة الإسراء التي تتحدث عن زوال الإفساد الإسرائيلي من الأرض المقدسة: "إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه…..".

    واضح أنّ جعل السبت كان بعد الاختلاف فيه، وهذا يعني أنّ (جعل) السبت يختلف عن (فرضه)؛ فاحتيال اليهود لانتهاك حرمة السبت، وذهابهم في هذه الحيل مذاهب شتى، أدى إلى التشديد عليهم في أحكام السبت، فكان السبت من الإصر الذي حملوه نتيجة فسوقهم وعصيانهم وانتهاكهم لحرمات السبت ابتداءً. والمتدبر لسياق الآيات من سورة النحل يلاحظ أنّ هناك شيئاً آخر، ألا وهو حكم الله عليهم بالانقطاع، فلم يعودوا ضمن المسيرة المتصلة لدعاة الخير، ولم يعودوا من قادة الهداية، ولم يعودوا يسيرون تحت لواء التوحيد. فكان اعتداؤهم واحتيالهم، وتفرقهم باتباعهم الأهواء، سبباً في حذفهم من قافلة الخير، فانقطع وجودهم وذكرهم في عالم الصلاح والإصلاح، فلا تجدهم إلا أئمة للفسق وقادة للشر.

    وأخيراً نقول: من يقرأ عجائب صنع اليهود في احتيالهم للقفز عن المقدسات، يدرك أنّ يهود اليوم على استعداد أن يتنكروا لكل مقدس، بشرط أن ينسجم ذلك مع مصالحهم المادية، أي مع عجلهم المقدس المصنوع من الذهب.

     
  4. #19
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    الإيمـــان ::




    الإيمان هو التصديق، ولكنه التصديق الذي معه أَمْن. والإيمان في الدين يحقق الأمن الفردي والجماعي، الدنيوي والأخروي. وأنّى لغير المؤمن أن يحس بالأمن ؟! لقد استعاض العلماء في فترة ما عن هذه اللفظة (الإيمان) بلفظة (العقيدة) والتي تدل على الجزم في التصديق. وتبقى لفظة (الإيمان) هي اللفظة التي نص عليها القرآن الكريم، والسنّة الشريفة.

    يأخذ الإنسان المعرفة إمّا عن طريق العقل؛ كالمبادئ الرياضيّة. وإمّا عن طريق الحس؛ كالألوان. وإمّا عن طريق الخبر الصادق؛ كالمعارف التاريخيّة، والوحي الرّباني. ولا يوجد طريق رابع معروف لأخذ المعرفة. أمّا الإلهام والرؤى الصادقة فهي من الخبر الصادق، وهو ما يُعرَف في الدين بلمَّة المَلَك. ويمكن إرجاع ما يُسمّى بالتّخاطُر إلى حاسّة مجهولة في الإنسان. وإذا ما استعرضنا أركان الإيمان في الإسلام نجد أنّ ركن الإيمان بالله تعالى يثبت عن طريق العقل فقط. وأمّا ركن الإيمان بالملائكة فثبت عن طريق الخبر الصادق (الوحي). وأمّا ركن الإيمان بالكتب فثبت عن طريق العقل، إذا كان المقصود القرآن الكريم، أمّا إيمان المسلم بالتوراة والإنجيل فيكون عن طريق الخبر الصادق، وكذلك الأمر في ركن الإيمان بالرسل؛ فإذا كان المقصود الإيمان برسالة محمد، صلى الله عليه وسلّم، فلا يكون ذلك إلا عن طريق العقل، ومن هنا كانت المعجزة. وأمّا إذا كان قصدنا الإيمان بباقي الرسل فيكون ذلك عن طريق الخبر الصادق، والذي هو هنا الوحي الثابت بالعقل. أمّا ركن الإيمان باليوم الآخِر، وركن القضاء والقدر، فيثبتان عن طريق الخبر الصادق.

    على ضوء ما سلف نجد أنّ أركان الإيمان في الإسلام لا تثبت إلا من طريقين؛ العقل والخبر الصادق. أمّا الحس فليس من طرق إثبات القضايا الإيمانية، لأنّ الإيمان يتعلق بالمسائل الغيبيّة، ولا يتعلق بالمحسوسات؛ فالمعارف التي تؤخذ عن طريق الحس لا يتعلق بها إيمان. فلا نقول: نؤمن بوجود اللون الأحمر، مثلا. ولا نقول نؤمن بأنّ النار تحرق، وبأنّ الماء يروي …الخ. وبذلك يتبين لنا خطأ من ينكر بعض القضايا الإيمانيّة بذريعة أنها غير محسوسة، لأنّ الحس هو طريق من ثلاث طرق تؤخذ بواسطتها المعرفة، وكل طريق يقودنا إلى معرفة تختلف تماماً عن المعارف التي تقودنا إليها الطرق الأخرى. فمعلوم أنّه يستحيل على الأعمى، مثلاً، أن يدرك حقيقة الألوان، ولكنه يؤمن بوجودها عن طريق الخبر الصادق. فالألوان بالنسبة للمبصر هي قضية حسيّة غير إيمانيّة، وهي بالنسبة للأعمى قضية إيمانيّة غير حسّية.

    عُرّف الإيمان الديني بأنّه: ما وقر في القلب وصدّقه العمل. وبهذا يظهر الفرق بين الإيمان الفلسفي والإيمان الديني؛ فالإيمان الفلسفي لا يستلزم سلوكا، ولا يوجب التزاما، أمّا الإيمان الديني فلا يصح حتى ينعكس سلوكا. فالدين لا يقبل أن يكون الإيمان ترفاً فكريا، بل إن الإيمان الذي لا يصدقه عمل يوشك أن يموت؛ فالفكرة كالجسد إذا لم تعمل تموت. ومن هنا ليس عجيباً أن نجد في الواقع أنّ أشدَّ الناس إيماناً أشدّهم التزاما، وأنّ قوة الإيمان تتجلى في الذين يتحركون بالفكرة.

     
  5. #20
    توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future توفيق has a brilliant future الصورة الرمزية توفيق
    تاريخ التسجيل
    11 / 09 / 2006
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    51
    المشاركات
    4,013
    معدل تقييم المستوى
    4386

    افتراضي رد: من أسرار الأسماء في القرآن الكريم

    :: الأرض المبـاركـة ::




    بوركت فلسطين في القرآن الكريم خمس مرّات، وقدّست مرّة. وسبق لنا أن ناقشنا مفهوم القداسة، وبالتالي مفهوم الأرض المقدسة، أي المطهرة، والتي لا يُعَمَّر فيها ظالم. ولقد تميزت فلسطين على باقي بقاع الأرض بأنها المقدسة والمباركة. جاء في الآية 18 من سورة المائدة على لسان موسى، عليه السلام : " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة... " وجاء في الآية 71 من سورة الأنبياء في حق ابراهيم، عليه السلام: " ونجيناه ولوطاً إلى الارض التي باركنا فيها للعالمين ". واللافت للاهتمام في هذه الآية أنّ فلسطين مبارك فيها للبشرية جمعاء، وهذا يدعو إلى التدبّر، لعلنا ندرك بعض أسرار هذه البركة.

    البركة فيها معنى الثبات والاستقرار، وفيها معنى الاستمرار والملازمة، ومنه سمي المكان الذي هو محبس للماء بركة. وعليه فالبرَكَة هنا _ كما جاء في قول المفسرين _ هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء، أو هي الخير المستقر في الشيء اللازم له. وهذا يعني أنّ الخير الإلهي حَلَّ في كينونة فلسطين، وهذا الخير يلازمها في كل العصور، إلى يوم القيامة. وتتجلى بركتها في كونها مقدّسة ومطهّرة من الشّر، ولا يتجذر فيها باطل.

    لقد نجحت الحملات الصليبية في احتلال مساحات شاسعة من العالم العربي والإسلامي، وكانت فلسطين هي الهدف المركزي لهذه الحملات، وعندما حُسم الصراع على أرضها المباركة، رجع الصليبيون الى بلادهم وقد تأثروا تأثراً بالغاً بفكر وأخلاقيات الشرق الاسلامي. وكانت هزيمتهم من اهم المقدمات للنهضة الغربية في كافة المجالات. وكان لهذه التجربة الأثر الكبير في انسياح الأوروبيين غرباً مما أدّى الى اكتشاف الأمريكيتين. وإذا كانت حطين هي نقطة تحوّل هامّة في تاريخ المسلمين والأوروبيين، فإن عين جالوت كانت المنعطف الحاد الذي نقل المغول من أمّة مفسدة، وسافكة للدماء، إلى أمّة متحضّرة، تقيم العدل على أساس من الدين الاسلامي الحنيف.

    لا نستطيع أن نتخيل صورة العالم لو نجحت حملة نابليون في الشرق العربي، ومعلوم أنّ هزيمته في فلسطين هي التي قضت تماماً على طموحه في السيطرة على الشرق الإسلامي، بل وقوّضت سيطرته في أوروبا، وقلبت موازين القوى في حينه. واليوم شكّل الاحتلال الصهيوني لفلسطين تحدياً كبيراً للعرب والمسلمين، ولا يزال هذا التحدي يشكل استفزازاً لوعي الشعوب في المنطقة؛ فالإخفاقات قد تسبب إحباطاً مؤقتاً ولكنها تسرّع في الوعي، وتسقط الكثير من الأصنام والوثنيّات، وتدفع بقوة نحو العودة إلى الذات الحضارية الواعيّة.

    لقد شكلت القضيّة الفلسطينيّة حاجزاً صلباً حمى وحفظ شعوب المنطقة من الذوبان في الحضارة الغربيّة. وقد وقع ذلك في الوقت الذي كان فيه الإنسان في العالم العربي والإسلامي يعاني من الأمية والتخلف؛ فعندما شعرت الشعوب العربية والإسلامية بعداوة الغرب الشرسة، وعندما رأت هذا الغرب يبذل المال والسلاح والخبرات ليقيم الكيان الصهيوني على تراب الأرض المباركة، أدركت أنّه العدو التاريخي، وأنّه النقيض الحضاري، فأصبح الإنتماء إلى الذات الحضاريّة يقود بالضرورة إلى رفض التغريب. إنّ الإخفاق في حل المسألة الفلسطينيّة يعني أنّ الأمّة لم تصل بعد إلى طور العالميّة. وفي الوقت الذي نستطيع فيه أن نحل هذه المسألة حلاً عادلاً نكون قد أصبحنا في المستوى اللائق بحمل رسالة الاسلام للعالم. وإذا تكلمنا بمنطق من يدرس التاريخ، ويراقب الواقع، ويرصد التحولات، فلن نتردد لحظة في القول بأنّ حل المسألة الفلسطينيّة هو مسألة وقت. وتاريخ الأرض المباركة يشهد بذلك. ولسنا بحاجة إلى الإصغاء إلى المحبطين، لأنّهم حالة مرضيّة، وعقيدة وثنيّة، وبمثل هؤلاء لا يزداد الناس إلا سقوطاً

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك