قد جاء هذا
الكتاب مختصرا نظرا لما امكن ان يحوي من معلومات كثيرة ، وذلك بما مر على
مسجدنا الاقصى المبارك من ازمان وحقبات تاريخية ، وهذا عطاء الامة
الاسلامية بقياداتها الاولى لاولى القبلتين ، وهذه هي صيانة وترميمات معالم
ثاني المسجدين ، وكذا حفاظ الجناح العسكري على ثالث الحرمين ، والحقبة
التاريخية التي مر على مسجدنا صعبة شرسة ، إذ ابى أبى مسلمو العالم ان
يحذوا حذو أبي طالب موقفه من ابرهة الأشرم ، يوم ان جاء ثاني القبلتين
بدباباته (الفيلة) لهدمها وتحويل الناس عتها ؟!
فأولى القبلتين يتجه اليه شعب كامل كله ابرهة وكله جيش ابرهة ، وكل كتيبة
منه تجرب أرذل الطرق لهدمه وبناء هيكل مزعوم مكانه ، وبداوا بذلك منذ ما
يزيد على مائة سنة ، إذ اخذوا يدنون من جوانب المسجد ، وأداء الصلاة بالقرب
من حائط البراق ، ثم أخذت تتكشف الحقيقة بعد ان أخذت دائرة هيمنتها تسيطر
على العالم ، أخذت تدنو منه رويدا رويدا ، إلا ان الأمر ظهر جليا لكل البشر
، تماما كما أبداه الله تعالى في معرض دستوره الكريم، واخذ السلب يوجه
للمسجد الأقصى المبارك ، فقد أخذت الحفريات منه كل مأخذ ، وعملت الحوامض
الكيماوية ، التي صبت على أساسات المسجد الأقصى المبارك منذ عشرات السنين
على إضعافها ، وحاولوا فرادى وجماعات تدنيس المسجد الأقصى المبارك وتهديد
امن أميه ، فهذا معتوه يحاول حرق المسجد ، وذاك آخر ، بل قل آخرين ، يدخلون
كميات من المتفجرات لساحات المسجد لتدميره ، في محاولات متكررة ، وقام
آخرون وعلى فترات متقطعة بدخول ساحات المسجد وإطلاق الرصاص الحي على
المصلين وفي كل اتجاه ، واثار ذلك بادية على الجرحى ، ومواطن عدة من ساحات
المسجد الأقصى المبارك ومبانيه .
ولما لم تقطف الثمار التي رسمت للأمر بعد ذلك ، أخذت المؤسسة الحاكمة زمام
الأمر بيدها وقررت تجريد المسجد او بعضه من أيدي المسلمين ، وقامت بمجزرة
رهيبة ، ارتفع من جرائها شهداء قربهم الله تعالى منه ، ثم كان دخول احد
القيادات في المؤسسة الحاكمة لباحات المسجد الأقصى المبارك ، إهانة صارخة
لمسلمي العالم ، الا ان النتيجة كانت غير محسوبة ، وان شئت قلت ان حساباتهم
للموضوع لم تكن دقيقة ، فقد ثار كل مسلم غيور في جميع أقطار الأرض ، وأنحاء
الدنيا للأقصى الوحيد ، الذي تشد إليه الرحال ، وأصبح موضوع الساعة في كل
قطر من أقطار الدنيا ، ورفع الشهداء بالمئات ، وجرح المسلمون بالآلاف ، ولا
زالت القلوب مطمئنة ، والنفوس تواقة ، والعيون مراقبة ، لإتمام وعد الله
تعالى في كل لحظة وأصحاب هذه القلوب والنفوس والعيون لا يالون جهدا في
التفتيش في كل مكان ، وفي كل برهة عن المشاركة في اتمام وعد الله تعالى على
أيديهم ، وهم يرددون قول الله تعالى :
(يسألونك متى هو قل عسى ان يكون قريبا)
انني وبهذا
الجهد المتواضع ، لأسأل الله تعالى ان يصل الى
غايته المنشودة ، فان نقص فيه شيء فهو مني والا فذلك فضل من الله ، والله
لا يضيع اجر من أحسن عملا ، وبالله التوفيق .