
شكل المسجد الاقصى مضلع ، ذو اضلاع اربعة غير منتظمة ، طول ضلعه الغربيى
491م ، والشرقي 462م ، واقصرها الحنوبي 281م ، والشمالى 930م.
يقع هذا المسجد على تلة من تلال بيت المقدس الاربعة الواقعة عليها المدينة
المسورة ، وعلى منحدرها المتجه من الزاوية الشمالية الغربية للجنوبية
الشرقية .
والمسجد الاقصى المبارك هو المسجد الوحيد في العالم قاطبة الذي يضم تفاصيل
عديدة ومتنوعة بمثل هذا الزخم من : مبان ، حواكير ، قباب ، اسبلة مياه ،
سبل مرور ، مصاطب ، مساجد ، مغاور ، اروقة ، مدارس ، برك مياه ، اشجار ،
محاريب ، منابر ، مآذن ، ابواب ، ابار ، مكتبات ، مكاتب لدائرة الاوقاف وما
انبثق عنها ، لجنة الزكاة ، لجنة التراث الاسلامي ، دور القران والحديث ،
خلوات غرف لائمة مباني المسجدين الكبيرين ، وحراس المسجد الاقصى ، ومخفر
الشرطة .

تبلغ مساحة المسجد نحو 142 دونما ، ومن سننه أنه من دخل فيه ، فعليه باداء
تحية المسجد كبقية المساجد ، اينما اداها أجزأه ، سواء كان ذلك تحت شجرة ،
او تحت قبة ، فوق مصطبة ، او عند رواق ، في مسجد قبة الصخرة ، او مبنى
المسجد الاقصى المبارك ، ومن ادى ركعة في أي مكان فيه كان كمن ادى خمسمائة
ركعة فيما سواه سوى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف .

لذا ، فلا تفاوت في مقدار اداة الصلاة فيه ، في أي مكان شاء (على ان تحافظ
الاناث على المكان المخصص لهن للصلاة).
ولما كان هذا هو المسجد الاقصى المبارك ، فان المبنى الذي تعارف عليه الناس
في الجنوبية باسم المسجد الاقصى المبارك سنعرفه باسم مبنى المسجد الاقصى
المبارك وذلك للتمييز .

وعن تسميته يقول الحق عز وعلا :
(سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي
باركنا حوله …) الاسراء اية1 .
ولقد اتخذ الله تبارك وتعالى اسما للمسجد ، اخذه من صفته وهي البعد عن
المسجد الحرام ، والبعد مكانا عن انطلاقه الدعوة الى الله تعالى انذاك .
وقيل في تفسير الاقصى : عدم وجود اماكن عبادة من بعده ، وقيل بعده عن
القذائر والخبائث .
وللمسجد الاقصى صفات مشهورة ، اختص بها دون غيره ، فبقي علما يفتخر به :
فهو اولى القبلتين بعد ان فرضت الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وعلى اتباع هذا الدين الى يوم الدين ، فمكثوا متجهين صوبه بصلواتهم نحو
سبعة عشر شهرا .
وهو ثاني المسجدين بناء بعد المسجد الحرام الذي ارتبط به قرانا ، واستدللنا
على ذلك بحديث ابي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه الذي ذكرناه سابقا .
وهو ثالث الحرمين ، بعد المسجد الحرام والنبوي ، تشد اليه الرحال اذ :
"لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ، الى المسجد الحرام ، والى المسجد
الاقصى ، والى مسجدي هذا " الحديث النبوي الشريف .
لكن المسجد الاقصى يختلف عن سابقيه بانهما حرم وهو بغير ذلك ، وهي من رحمة
الله تعالى على عباده في اكناف بيت المقدس ، اما هما فقد حرم قتل حيوان
فيهما ، او قطع شجر وغيرها من المحرمات ، اما المسجد الاقصى فيسمح فيه ما
حظر فيهما ويحظر فيه ما يحظر في المساجد عامة من بيع وشراء ونشد الضالة .
اما تحديد مساحة المسجد فكانت قبل الفتح الاسلامي لا يتعداها الناس (مع
العلم انها لم تكن مسورة حدوده من حيث مساكنهم في الجهتين الغربية
والشمالية وقسم قليل من الجنوبية في غربها .
اما في الشرقية والجنوبية في شرقها ، فكانت اسوار المسجد هي اسوار المدينة
، ولا يمكن لشخص الانتفاع بها لانحدار الجبل (ولا زال) بشكل شديد …
نعم ، لقد حفظ الله تعالى حدود بيته فلم يتعداه احد ، وقام المسلمون :
ايوبيون ومماليك على ترسيخ حدود المسجد ، فاقاموا الاسوار في الجهتين
الشمالية والغربية ، وبنوا الاروقة العالية والمدارس الشامخة والمرافق
العظيمة .
وخص الله مسجده برحلة الاسراء اليه ، فقد جاءه خير البشر وخاتم الانبياء
والمرسلين من ذاك المسجد البعيد العتيق على دابة خاصة ، هي البراق ، وجمع
فيه خير الانام ، وادوا صلاتهم لله الواحد الديان بامامة المصطفى محمد صلى
الله عليه وسلم ؛ ومن هذا المسجد الذي انتهت في رحلة الاسراء ، ابتدات رحلة
اجل واعظم من هذه البقعة الطاهرة الى سدرة المنتهى في السماوات العلى هي
رحلة المهراج ، حيث فرضت الصلاة على المسلمين ، ولم تنته رحلتنا الاسراء
والمعرتج ، هذ ولم يبعث الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الى مكة المكرمة
، الا بمروره بالمسجد الاقصى المبارك ، تماما كما بدات الرحلة .
ان تاريخنا الحالي لم يخل من مطبات صعبة نالت بيت المقدس عامة والمسجد
الاقصى خاصة ، لا سيما ما تقوم به الحفريات الاسرائيلية في المكان ، للبحث
عن اثار مزعومة لهيكل قديم مكان المسجد المبارك ، وفي المسالة موضوعان :
1-أ) هيكل سليمان عليه السلام ، المزعوم ، وقد صدرت تصريحات جديدة عبر
الصحف اليومية الرسمية مفادها ان سليمان عليه السلام لم يبن هيكلا في حياته
قط .
ب) الزعم الثاني ، ان الهيكل –باعتقاد اليهود- انه مكان المسجد الاقصى ،
وهو اعتقاد لا اصل له لاعتبارات جمة : اولها من الناحية التاريخية ، وهو ان
المسجد الاقصى المبارك ثاني مساجد الدنيا كلها عبادة ، وبناؤه يعود الى عهد
ادم ، عليه السلام ، على اقل تعديل ، وهو زمن لا شك انه سحيق ، وبناء
الهيكل –على حد زعمهم- يعود الى سليمان ، عليه السلام ، أي اقل من الفي سنة
.
ثانيها ، ان مساحتها –وفق تقديرات مهندسيهم- تفوق موقع المسجد الاقصى
المبارك .
ثالثهما ، ان لا اثر صغير او كبير للهيكل في مكان المسجد او بجواره ، وهو
اعتراف مسؤولة عن الحفريات الاسرائيلية في المكان (ايلات مازار) في البحث
عن مكان الهيكل بقولها : اننا لا نعرف عن مكان الهيكل شيئا ولم نصل الى ذلك
بتاتا .
وسبب رابع ، ان الحفريات لم تقتصر في البحث عنه في حفرية واحدة او اثنتين ،
بل تعدت اكثر من خمس وستين حفرية في المدينة منذ سنة 1387هـ الموافق 1967م
وحتى هذه الايام ، وقد عرض معظمها دان باهظ في اطلسه عن القدس مع تواريخها
، ولم تنجم عن ربط بالتاريخ اليهودي القديم والهيكل المزعوم .
سبب خامس ، ان داود وسليمان عليهما السلام عبدا الله تعالى في بيت المقدس ،
في مكان غير مضبوط ، وان صح انهما عبدا الله تعالى في هذا المكان ، فلأنه
مسجد لله تعالى ، ونحن احق باتباعهما من غيرنا .
2- واما الموضوع الثاني فهو الحفريات ذاتها ، وهي نوعان : ظاهر للناس عامة
وخفي عنها ، اشدهما واشملهما ، واما الظاهر فهو النفق الذي افتتح قبل سنة ،
وهو الواقع تحت سور المسجد الاقصى الغربي وعلى امتداده ، بدايته من ساحة
البراق ، وهو ما يدعوه اليهود بالحائط الغربي لهيكل سليمان ، الذي لا دلالة
ظاهرة عليه ، وينتهي شمالي مئذنة الغوانمة ، في طريق المجاهدين "التي تسمى
اليوم بطريق الآلام".
واما الحفريات الخفية –على ما يبدو- فهي اوسع رقعة ولا تقل عن الاولى بل
تزيدها ، وهي من دون ساحات المسجد الاقصى المبارك من الغرب الى الشرق ،
واحدها تجاه مبنى المسجد الاقصى المبارك ، والاخر تجاه مسجد الصخرة
المشرفة.
ولهذه الحفريات مخاطر عظيمة مادية ومعنوية اهمها انها تمس بشكل مباشر صلب
الحياة الروحانية لدى المسلمين .
والحفريات تشكل خطرا بالغا على مباني المسجد الاقصى المبارك وعلى راسها
المسجدين العظيمين ، مبنى المسجد الاقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة ،
وفيها اجزاء تعد من اقدم الاثار العمرانية العظيمة في العالم بل وقبة
الصخرة التي هي اقدم الاثار الاسلامية الكاملة الباقية على الاطلاق .
ولقد قام الاخ الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر
ورئيس مؤسسةالاقصى لاعمار الاوقاف الاسلامية في ايامنا ، وابو مالك –ناجح
بكيرات – عن لجنة التراث المقدسية بزيارة تفقدية لمواطن عديدة في سراديب
وحفريات تحت ارضية المسجد الاقصى المبارك وخاصة في الجهة الجنوبية الغربية
من المسجد ، وانفردت صحيفة صوت الحق والحرية ، الناطقة بلسان حال المسلمين
في البلاد بتقرير مفصل عما رأياه هناك من حفريات وسراديب ، كان قد دخلها
الاسرائليون وجعلوا لاكثرها مغالق حجرية ، حتى لا يتسنى لغيرهم من دخولها .
هذه الحفريات سببت انهيارات في داخل الانفاق وهي تشكل على المدى مستقبلي
ضعفا لاساسات مباني المسجد الاقصى المبارك ، وبالتالي تشكل خطر انهيار لهذه
لمباني ، لا قدر الله