ما هي العورة المعنوية؟
وهو شمولية معنى العورة اذ يتبادر للذهن ان المقصود من العورة فقط هي العورة الجسمية والحسية ، ولكنني اعتقد ان المفهوم يجب ان يشمل العورة المعنوية وهي قد تكون في بعض المجالات اهم من العورة الحسية. والمقصود بالعورة المعنوية هي المعلومات الخاصة عن المريض في ملفه الطبي اسمه، اسم عائلته، عنوانه، رقم هاتفه والتاريخ المفصل لمرضه وهي امور في كثير من الاحيان يتحرج المريض من ذكرها لطبيبه المعالج فما بالك بمن هم من غير الأطباء اصلا. ان المعلومات التي يذكرها المريض لطبيبه والتي تكون شخصية جدا لم يذكرها المريض للطبيب بصفة شخصية، بل لانه طبيب معالج ولانه محل ثقة المريض ومن هذا المنطلق فان الطبيب لايملك حق التصرف الشخصي في المعلومات الشخصية المعطاة له من قبل المريض وتتجلى اهمية هذه القضية في المسائل الجنائية والاخلاقية والنفسية فلولا وجود الطبيب في موقع العلاج لما ادلى له المريض بمعلوماته، و لذلك فان الطبيب يقوم بتسجيل المعلومات المعطاة له في ملف المريض الطبي وهو امر يصب في صالح المريض ايضا لانه يضمن تواجد المعلومات محفوظة في مكان معلوم حتى في حالة غياب الطبيب الذي دونها اصلا، ولنفس الاسباب السابقة توجب الانظمة واللوائح على الطبيب المعالج كتابة معلومات وافية عن شكاوي المريض بل وتلزمه ادبيات المهنة وعلومها بسؤال المريض اسئلة محددة لاكمال المعلومات المطلوبة عن شكوى المريض. وهنا تبرز المشكلة التي اسميها العورة المعنوية، فكل هذه الامور المسجلة في ملف المريض يمكن ان يطلع عليها اناس كثر، لا علاقة لهم اصلا بعلاج المريض، فالموظفون في قسم الملفات يمكن ان يطلعو عليها، التمريض يمكن ان يطلع عليها، الاداريين يمكن ان يطلعوا عليها، بلا مبالغة أي شخص في المستشفى يمكن ان يطلع عليها بصورة مباشرة,و وبعلم من انظمة ولوائح المستشفى او بطريقة غير مباشرة دون ان تملك المستشفى أي حق في معاقبته ان هي استطاعت كشف هذا الاطلاع الغير مباشر على المعلومات في الملف الطبي للمريض. والمشكلة في هذا الحال هي ان تقع المعلومات الخاصة في الايدي الخطأ وهو امر محتمل الحدوث بل وحدث فعلا في امثلة غير قليلة ومن هنا يمكن ان تؤخذ بعض المعلومات للابتزاز، او للتهديد او لتشويه السمعة اوحتى لو لم تستخدم لشئ مما سبق،بل لمجرد إعطاء معلومات لشركات الدعاية و التسويق للتمكن من الوصول لأكبر عدد من الزبائن المحتملين. لا شك في ان المريض لا يود ان يعرف احد غير طبيبه حقيقة ما قاله لطبيبه،ولا يريد اي شخص أن يعرف أحد خصوصياته دون إذنه وعلمه فالخصوصيات أمر حفظها الشارع بل ووضع العقوبات على منتهكيها ومن الأمثلة على هذا أن الشريعه تسقط الحد عمن فقأ عين متجسس تقصد أن ينظر إلى داخل داره من خلال فتحة في الجدار أو الباب. كشف عورة المريض المعنوية إحتمال قائم في غرفة العمليات وفي أماكن كثيرة في المستشفى اذ ان الملف الطبي بكامل معلوماته يكون مطروحا امام جميع العاملين في غرفة العمليات أو العيادات أو أماكن ألإنتظار...الخ، وهي قضية تحتاج للنظر فيها في مراحلها المبكرة قبل تفاقمها،و لابد لنا من ايجاد آلية لنخفي بها هوية المريض عن اعين المتطفلين ولعل استخدام الشريط الممغنط مثلا احد هذه الحلول، إذ يصبح المريض مجهول الهوية لغير من له دور في علاجه، وكذلك لابد من وجود آليه تسمح بكشف كل من قام بالاطلاع على ملف المريض وهذه القضية في مجملها قضية ادارية تنظيمية لا علاقة فيها للمسألة الفنية الطبية ، وهو امر يضع مسئولية اخرى في قضية الحفاظ على عورات المرضى على الادارة المسئولة عن تقديم الخدمة العلاجية او الصحية وعندما يتذكر الشخص قضية الحاسوب ووجود المعلومات عليه يتحول الخوف من كشف عورات المرضى المعنوية واسرارهم إلى كابوس مخيف، فالمعلومات المتواجدة على الحاسوب الآلي هي في خطورة مؤكدة للسرقة من قبل لصوص الشبكة العنكبوتية وهي بالفعل قضية مخيفة وشائكة ،وينبغي على القطاع الصحي مناقشتها والتصدي لهاعن طريق وضع الضوابط الفنية والادارية والقضائية لها.كما ان توعية المرضى بضرورة المحافظة على اسرارهم لها دور حيوي ويستطييع المرضى المحافظة على عوراتهم المعنوية بفعل ما يلي:- 1. عدم ذكرها الا لمن لهم علاقة بعلاجهم، والتأكد من أنهم يتحدثون لأطباء أو أشخاص معلومين لديهم امر في غاية الاهمية، وفي حالة شك المريض أن هناك من إستجوبه بدون داع فعليه أن يخبر طبيبه المعالج. 2. عدم التهاون مع المستشفيات التي يرى المريض انها لم تتحرى الدقة والحذر في المحافظة على اسراره المعنوية التي اعطاها للاطباء المعالجين وقاموا باداء واجبهم وقيدوها في ملفات المرضى. 3. ومن المهم أن يتذكر المريض دائما(خصوصا في أوروبا وأمريكا) ألآ يوقع على الإذن بالسماح لإستخدام دمه أو أي شيء من جسمة أو إفرازته لأغراض البحث العلمي إلا في أضيق الحدود، بل عليه أن يشير صراحة لطبيبه لذالك و كتابتة في إذن الموافقه على العلاج بأنه لايسمح بإ ستخدام أي جزء من جسمه بأي صورة لغير العلاج وبعد موافقته الخطيه، وأن موافقته أن يقوم الطبيب بعلاجه لا يعد موافقة منه في إستخدام معلوماته الشخصية دون موافقته الخطية. خاتمة: لم نفعل ما يجب تجاه الحفاظ على العورات المعنوية وما زال امامنا الكثير لنفعله للمحافظة عليها وبالذات على وجه التحديد تنظيمات ادارية وقضائية تحمي حقوق المرضي المعنوية والتي هي حق شرعي للمريض.كما أن على المرضى أنفسهم أن يكونوا أكثر وعيا و تحسسا بمن يعطونهم معلومات خاصه بهم من غير أطبائهم المعالجين.