دلع الجسد في النص.. إلى أين؟
نهجت أغلب الكتابات الأدبية التي نسجها قلم امرأة أو تلك النصوص التي تسكنها المرأة بقلم امرأة، أبعاداً متنوعة، سادت الإبداعية الأدبية البعض اليسير منها، وغلبت الكثير منها ما اعتبره دلع وغنج قلم المرأة على النص دون دواعي هادفة في الفكرة المزجاة فيه، والنص الأدبي له فنياته العالية من جهة وانسيابية الإحساس المنبعث منه من جهة أخرى في ضوء رسالة مشفرة يستهدفها النص بعيداً عن العبثية أو مجرد كتابة جوفاء على الصفحات أو سرد لاهي لا طائل منه، وإجمالاً يسود هذا الإطار العشوائي أيضاً كتابات أدبية للرجل وهو غير معفي من تلك الرؤية النقدية في هذه الاتجاهات. وإجمالاً اتجاهات الكتابة بكافة أجناسها الأدبية، بلوغاً مساحات المسرح والدراما التلفزيونية والسينمائية أخذت تنحو في مساراتها مناحي الانسحاب من الثقافة العربية وأطرها القيمية، في ظلال لغة دلع الجسد في النص بدواعي الانفتاح والحداثة، ومن وجهة نظري يمكن التوفيق بين اعتبارات الثقافة العربية وأطرها القيمية وبين تيارات الحداثة والانفتاح من خلال قنوات التعاطي الواعي معها المؤطر برؤى إبداعية تجديدية تبتعد عن التقليد الإمعي بكافة الأبعاد لطبيعة الرؤى التعبيرية المؤطرة للنصوص الأدبية الغربية، وربما لنا شاهد في كافة معطيات الثقافة اليابانية في هذا الاتجاه بين التأكيد على قيم التراث الياباني ومراعاة أبعاد الانفتاح الثقافي الواعي. وهذه الهوية الثقافية للنصوص ليست أمراً عابراً لاعتبارات عدة منها أنها تشكل قيمة المادة المكتوبة من خلال البنية الأيدلوجية لها من جهة والرسالة التعبيرية المشفرة في ضوئها من جهة أخرى، وهذا يؤكد حقيقة أن هناك مساحات واسعة للانفتاح والتعبير في ظل مفرزات الحداثة دون كسر لبنية القيم ولغة الانتماء للثقافة العربية. ولكن المتتبع للكتابات الدائرة اليوم في مخاضها سواء من الرجل أو المرأة يبرز له ظاهرة الانسحاب المستعرة من قيم الثقافة العربية والإبحار غرقاً في لغة الجسد وإغراءاته، وهذه قضية التزام وانتماء في ضمير الأدباء ومساحات انسياب مخيلتهم الخصبة على النصوص في استشعار الولاء للثقافة العربية التي نشأت حروفه وبحار تجلياته في ظلالها، وليست مسألة مرجعية دينية يتم تبادل رحى الاتهامات فيها ولغة التكفير وغير ذلك من الرؤى الانفعالية الصارمة، وتقييد تلك القضية الأدبية المستجدة ودراستها على موائد الأدب والنقد في رؤى موضوعية ومحاكمة هادئة وإخراجها من الدوائر الأخرى التي يتم من خلالها تبادل الاتهامات هو الأسلم حتى توضع النقاط على الحروف، وأهل مكة أدرى بشعابها. وانطلاقاً مما سبق لابد من وقفة حاسمة لدلع الجسد في النص، ورفع أثر انعكاس أطياف الثقافة العربية في النصوص، لأنها ا لبنية الفكرية المحركة للنصوص في ظل المغزى الماسي للنص المؤطر بفكرة لامعة وعاطفة صادقة وإبداعية التصوير الفني على لوحة النص.