عيونه حلوة و"مسبلاتي" أو شايف نفسه فالنتين مستحوذ على قلوب البنات العذراوات والفاتنات المتزوجات ، ورغم كل مزاياه الفتّاكة بالمشاعر قد يكون بخيلاً أو مهملاً لزوجته أو لا يقوى على تحمل مسئولية أسرته . وقد يغضب بلا سبب فيرمي زوجته بيمين طلاق بل ذنب اقترفته أو جرم ارتكبته . وبما أن ثقافة المجتمع الشرقي تعتز بترسيخ نظرية " ديك البرابر " القادر على إذلال زوجته ، لأنه على وعي بأن المجتمع يرفض تواجدها ، ولمزيد من التأديب ربما يلقي عليها اليمين شفاهياً ويرفض توثيقه على يد مأذون ليكون شر الانتقام وينعتها بكل سعادة بالأرض "البور" أو البيت الوقف ، كي لا تجد أرضاً صلبة تقف عليها .
خطة للخلع ====== ولأن الخلع أول القوانين المناصرة لجبروت وظلم الرجل ، حيث تعفيه من جميع حقوق زوجته عليه ، بعضهم يشعل الجحيم في المنزل ويطلق زوجته شفاهياً ، لتجأ إلى الخلع ويتبرأ من النفقة وتوفير مسكن الحضانة ، ... إلخ على الرغم من ثراء زوج نورهان الموظفة البسيطة والتي لديها ابن في الخامسة من عمره لم يكن أفضل من النوعية التي نخصها بالذكر ، وتؤكد ذلك قائلة : كان زوجي متيسر الحال وكان يعمل تاجر سيارات ، إلا أنه ينفق علي أنا وابني "بالقطارة" فلا تكاد احتياجاتنا الضرورية من الأكل والشرب تكفينا ودائما كانت كل مشاكلنا تقريبا تنحصر في هذا الإطار ، فاضطررت لرفع قضية نفقة زوجية. لكنني فوجئت بأن محامي زوجي يدعي أن زوجي قد طلقني شفاهيا ورفض التوثيق على يد مأذون ، بعدها هددني طليقي بمجامعتي رغم أني محرمة عليه شرعاً وضغط علي أكثر من مرة خاصة وأنه لا يوجد دليل على طلاقي منه ، فأصبحت مأساتي معه أكبر واضطررت لرفع قضية خلع لأنجو من جبروته وأثبت طلاقي ، وهذا ما كان يريده .
أما أماني ربة منزل حالها ليس أفضل من نورهان ، وتروي قصتها بمرارة تنعي حظها قائلة : تزوجت وأنجبت أربعة أبناء أكبرهم في الخامسة عشرة والصغير في الثالثة من عمره وقد دب الخلاف بيني وبين والدهم بسبب بخله الشديد علينا خاصة بعد مرض أحد الأبناء واحتياجه لعلاج طويل وهو ما جعله يتقاعس عن أداء مصروفات العلاج ويتركني أتحملها أنا وأسرتي وزاد الأمر بعد أن بدأ يتعرض لي بالضرب والإهانة لدرجة أنه طلقني ثلاث مرات علي فترات وذلك "شفاهة" وأصبحت بذلك محرمة عليه ولكن للأسف لم يوثق ذلك عند المأذون وقال لي بالفم المليان "اخبطي رأسك في الحيط" وتركني ورحل.
إثبات الطلاق مرفوض ============= تشير حنان سلام المحامية بالاستئناف العالي المصري ومجلس الدولة بحسب ما ورد بصحيفة الجمهورية ، إلى أن مكاتب الأسرة ليس من اختصاصها إثبات الزواج وإثبات الطلاق إثبات وفسخ عقود الزواج وعلي الرغم من ذلك فبعض الدوائر ترفض النظر في قضية إثبات الطلاق إذا لم يتم عرضها علي مكتب التسوية أولا.. وهو ما حدث في إحدى القضايا التي رفعت إحدى المدعيات واضطررنا لاستئناف الحكم. أما مديحة عبدالرازق رئيس مكتب تسويات روض الفرج بمحكمة الأسرة فتقول : علي الرغم من أننا لسنا جهة اختصاص لإثبات الطلاق إلا انه كثيرا ما ترد إلينا شاكيات تؤكدن أن الزوج رمي عليهن اليمين ولا تعرفن كيف تثبتن الطلاق.
أن أولئك الزوجات غالبا ما يتجهن إلي دار الإفتاء للتأكد من وضعهن الشرعي خاصة في حالة الطلاق لثالث مرة وبالتالي فإذا كانت الزوجة متأكدة من أنها أصبحت شرعا محرمة علي هذا الزوج فهي تسعي لإثبات الطلاق في هذه الحالة يمكن للزوجة أن تقدم طلبا للتسوية تطلب فيه نفقة زوجية وبالتالي فالزوج في هذه الحالة إذا كان طلقها بالفعل فسوف يقر في أغلب الأحيان بالطلاق حتي لا تحصل علي نفقة باعتبارها في عصمته وهو ما حدث بالفعل في إحدى الحالات التي وردت إلي المكتب. وترى رئيس مكتب تسويات روض الفرج بمحكمة الأسرة ، أن العناد يتدخل إلي حد كبير في هذه المشكلة ، فغالبية هؤلاء الأزواج يتصفن بالبخل وعدم الرغبة في الإنفاق في حين يكون للزوجة معاش من والدها مثلا ، وبالتالي فحينما يطلقها الزوج شفاهة فهي لن تتمكن بسهولة من الخلاص وإنما ستضطر إلي اللجوء لإجراءات إثبات الطلاق أو إقامة دعوى خلع .
بين نارين .. طلاق الضرر والخلع =================== تصف لاشون جيفرسون، المديرة التنفيذية لقسم المرأة بمنظمة هيومن رايتس ووتش ، مأساة المرأة المصرية التي تسعى للطلاق قائلة : إن المرأة المصرية التي تسعى للطلاق تجد نفسها بين شرين أحلاهما مر ، فإذا طلبت تطليقها للضرر، تعين عليها مكابدة الحيرة وعدم اليقين سنوات طويلة ريثما يحسم القضاء دعواها ، وإذا سعت للحصول على طلاق سريع عن طريق الخلع، وجدت نفسها مضطرة للتنازل عن كافة حقوقها المالية . ويؤكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش ، أنه أياً كان نوع الطلاق الذي تختاره فلا يزال المسئولون من الرجال هم الذين يسيطرون علي كل مرحلة من مراحل الإجراءات في الأغلب والأعم, إذ لا توجد بمصر سوي قاضية واحدة من بين القضاة الجالسين علي منصة القضاء.
وفي دعاوى الطلاق لا تكاد النساء أنفسهن يتمتعن بأي قدر من سلطة اتخاذ القرار, وعلي النقيض من ذلك فإن القانون المصري يمنح الرجل العديد من الضمانات التي تحمي حقوقه, فإذا تركت السيدة زوجها بدون موافقته فبمقدوره أن يرفع دعوى عليها بموجب قوانين الطاعة المصرية مما قد يؤدي الي سقوط حقها في النفقة إذا ما طُلِقت, وبسبب مثل هذه العقبات التي تواجه المصريات في إجراءات الطلاق قد تضطر كثيرات منهن للتنازل عن حقوقهن. ويضيف التقرير أن لهذا النظام في الطلاق عواقب وخيمة ماليا وعاطفيا علي المرأة , بل قد تنطوي هذه العواقب علي إخطار بدنية تصيبها في بعض الأحيان, فعدم المساواة في حقوق الملكية عند الطلاق يمنع الكثيرات منهن من ترك منزل الزوجية الذي يتعرضن فيه للعنف والإيذاء الجسدي.
وترجع جيفرسون استمرار النساء في هذه الحياة الزوجية العنيفة إلى نظام الطلاق القائم علي التمييز, كما تضيف إن عدم وجود مخرج سهل للزوجة يسمح للأزواج بالتمادي في الإساءة لزوجاتهم دون أن ينالوا أي عقاب. ويوضح التقرير إلى أن الحكومة المصرية بذلت محاولات جادة لمعالجة أوجه اللامساواة بين الجنسين في الحصول علي الطلاق, حيث أنشأت محاكم الأسرة المختصة بالنظر في المنازعات العائلية بهدف تنظيم اجراءات الطلاق بتجميع كل المنازعات في دعوي واحدة تنظرها محكمة واحدة, الا أنها شأنها شأن نظام الخلع فشلت في القضاء علي التمييز الذي مابرحت تكابده النساء, فهذه الاصطلاحات لم تحدث تغييرا جوهريا في قضية الطلاق غير المتكافئة .
تمييز واضح في القوانين ============== كشف تقرير آخر لمنظمة هيومن رايتس ووتش عن أن قوانين الأحوال الشخصية في مصر نموذجاً صارخاً للتمييز بين الرجل والمرأة ، فقوانين الأحوال الشخصية التمييزيـة التي تحكم الزواج والطلاق والحضانة والميراث في مصر تنكر على المرأة كثيراً من الحقوق التي يحميها قانون حقوق الإنسان الدولي، ففي جميع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رسخت هذه القوانين، مُؤَسسياً، مكانة المرأة الدنيا في الأسرة، فقوضت موقفها القانوني في المجالين الخاص والعام. فقوانين الأحوال الشخصية تعامل المرأة أساساً باعتبارها قاصراً في نظر القانون وخاضعة على الدوام لوصاية أفراد الأسرة الذكور، وهذه القوانين "تعامل المرأة باعتبارها جزءاً من تنظيم مؤسسة الأسرة، لا باعتبارها فرداً يتمتع بحقوقه المستقلة أو المساوية لحقوق الرجل" . ويوضح التقرير أنه على الرغـم من جوانب التقـدم الذي أحرزته المرأة في مصـر في مجالات أخرى، مثـل التعليم والعمل في الحياة العامة، فإن قانون الأسرة ما زال نسبياً دون تغييـر، وهو يواصل تقويض الشخصية الكاملـة للمرأة فـي المجتمع.
ولقد ثبت أن قوانيـن الأحوال الشخصية أكثر استعصاء على التغيير من غيرها، لأنه في مصـر "تعتبر المرأة العنصر الـذي يحمل ويكتب الـدوام للقيـم الثقافيـة والأعـراف الاجتماعية"، الأمر الـذي "يزيـد من مقاومة أي تغيـير في مكانتـها أو القوانيـن التي تحكـم حياتها". ورغم أن الشريعة الإسلامية حفظت كرامة المرأة أولاً وحقوقها من ثمّ ، فقد قال تعالى : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" لذا أعطى المرأة الحق في طلب الطلاق وإنهاء العشرة القائمة بينها وبين زوجها إذا أصدر من أفعال ما مؤذية بعدها لا تستقيم العشرة بينهما ، ولا طاقة لها بالصبر عليه ، أو يكون قد خدعها بأنه موسر ثم تتبين أنه معسر ولا يجد ما ينفق به عليها ، أو يكون به عيب شرعي ينافي الزوجية أو يغيب عنها غيبة طويلة أو يمتنع عن الإنفاق عليها مع قدرته ، وقال مالك في المفتدية من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر وضيق عليها وعلم أنه ظالم لها امضي الطلاق ورد عليها مالها". إلا أن التمييز يتجلى في التشريع لهذه القوانين وتطبيقها ، ويشير التقرير نفسه إلى أن رؤساء الجمهورية المصرية الثلاثة منذ الاستقلال، أي جمال عبدالناصر وأنور السادات وحسني مبارك، ورغم الاختلافات الواضحة في توجهاتهم السياسية، يدعون ويناصرون علناً حقوق المرأة، ولو بدرجات متفاوتة، ومع ذلك فقد تحاشوا جميعاً أي تَصَدٍّ مباشر لعدم المساواة والتمييز البارزان بين الجنسين، المنصوص عليهما في قوانين الأحوال الشخصية التي يرجع تاريخ وضعها إلى العشرينيات من القرن العشرين.
|