تتحول عشرات المقاهي والمطاعم التي تخصص أماكن مستقلة للسيدات، والتي تقابل مياه الخليج على الواجهة البحرية للمنطقة الشرقية، إلى ملاذ لفتيات عدمن الفرص في ايجاد أماكن يلتقين بها أو اندية يطلقن فيها العنان لمخيلاتهن الابداعية.
في المقاهي، يختلط الحديث عن الثقافة، بالكلام المباح عن هموم الحياة، في واحد من هذه المقاهي، بالخبر، شرق السعودية، تحاول (مها) وهي طالبة جامعية، اقناع صديقاتها بفكرتها بشأن رواية «بنات الرياض»، لكنها تجد صدوداً من زميلتها (نازك) التي تصرّ على اعتبار الرواية عمل ابداعي شق طريقه للتعبير عن الفتاة السعودية. تقول إحدى الفتيات، إن النقاش الذي يستعر بين الزميلتين يمثل صورة لنوعية النقاشات التي يتم تداولها بين (شلة المقهى) فالكثير من الحوارات تتم بين الفتيات بشأن أحداث محلية واقليمية ولكن قضايا مثل هموم المرأة والتعليق على ما يطرح في وسائل الاعلام وأخبار الصديقات تستولي على المساحة الأكبر من النقاش. وتحول العديد من محلات الكوفي شوب في مدينة الخبر إلى صالونات أدبيه نسائيه. تتحدث فيها الفتيات عن السياسة والثقافة والمشاكل الاجتماعية.
تقول إحداهن، «نلتقي في المقهى كل أسبوع نتبادل الأفكار ونتحدث عن آخر ما نزل في الأسواق من كتب وروايات وما قيل في الصحافة، فنحن نحاول أن نخرج كل أسبوع بشيء مثمر».
ولكن ذلك لا يمنع حسب زميلة لها أن يتم النقاش في «هموم المرأة والموضة والأزياء».
وبالرغم من التقاليد المحافظة، إلا أن الفتيات يعبرن عن أنفسهن في التواجد في الأماكن العامة، والتي تحفظ لهن خصوصيتهن، وسط شكوى متزايدة من تضييق المساحة التي توفرها الأماكن الثقافية كجمعيات الثقافة والفنون والاندية الأدبية، فضلا عن الأندية الرياضية التي لا يسمح للنساء بالوصول اليها. وفي حين تجتمع العديد من الفتيات كزميلات العمل أو الدراسة في البيوت، فإن بعضهن يفضلن كسر ما يعتبرنه روتينا بالخروج للأماكن العامة، كالمقاهي والمطاعم.
وتعتبر بعض الفتيات الجلوس نهاية الاسبوع في «الكوفي شوب» شكلا من أشكال «البرستيج» أو التقليد الذي تود المحافظة عليه، بينما تجهد أخريات في رسم ملامح هذه المجالس بالتركيز على ما توفره من مناخات فكرية وأجواء ودية بين الفتيات.
من جانها قالت رئيسة اللجنة النسائية في النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية فوزية العيوني «إن جلوس الفتيات في المقاهي هي ظاهرة صحية فنحن امام جيل متعلم طموح يريد أن يقول ما لديه، ويجب إعطاءهن الفرصة الكافية». وعن ظاهرة تحول الكوفي شوب إلى صالونات نسائية قالت العيوني «لا يهم أين يجلسن هؤلاء الفتيات، لكن الأهم من ذلك هو أن يكون لديهن الهم العام والاهتمام بالثقافة في زمن يتوقع الناس أن هذا الجيل ليس لديه أي اهتمام ثقافي، لكن في الحقيقة أن هذا الجيل يريد أن يثبت نفسه بأنه قادر على طرح قضاياه بكل شفافية».
ودعت العيوني الفتيات المهتمات بالشأن الثقافي والأدبي إلى زيارة نادي الشرقية الأدبي لتفعيل نشاطهن وقالت «إننا في نادي أدبي الشرقية ندعو الجميع للمشاركة في النادي والبرامج التي يطرحها النادي، وان يكون النادي الادبي هو المظلة والبوابة التي ينطلقن منها الى هدفهن، وتترجم طوحهن».
ومن جانبها قالت الأديبة المعروفة الدكتورة ثريا العريض «لا أجد في هذا التطور ما يستدعي ان نتوجس من هذه الظاهرة اذا جاز التعبير، فالحوار الذي يدار في الكوفي شوب بين الفتيات دليل واضح على ان هناك من يفكر في المستجدات، وهذه ظاهرة صحية ولا يجب أن نشعر تجاهها بالقلق. . . . تابع
انه امر متوقع ان يكون هذا الجيل هو جيل مثقف ومهتم ومفكرا بما يدور حوله». وأضافت العريض «لا يهم أين تجلس الفتيات، المهم أن يخرجن بحوار مفيد وهذه مبادرة جيدة من الفتيات لكي يملئن أوقات الفراغ بشيء نافع».
|