علي اعتبار أن الاثنين يُخاطبا بصيغة المذكر فرض الرجل والقانون وصايتهما على المرأة ليتحكما فيها بداية من ذوات الياقات البيضاء مروراً بعاملات المصانع والفلاحات وختاماً بالخادمات . فكلاً من الرجل والقانون لم يرحما المرأة العاملة التي تبدأ يومها بالتحرش في المواصلات ومعاناتها مع تمييز القانون الواضح ضدها ، لينتهي يومها مع زوجها غير المقدر والمثبط من هممها أحياناً .
وحول مشاكل التي تعانيها المرأة العاملة على كافة الأصعدة الاجتماعية ، عقد صالون المواطنة المكون من لجنة الحريات بنقابة الصحفيين وجريدة وطني ندوة لمناقشة " مشاكل المرأة العاملة " . استهل محمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين الندوة كلمته التي أكد فيها أهمية دور المرأة في بناء المجتمع وحقها في المواطنة . شاهد من أهلها قبل الخوض في أعماق موضوع الندوة فضّل يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطني ، التطرق إلى قضية المرأة والرجل معاً ، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تنال المرأة حقوقها إلا إذا سارت على النهج الصحيح وجلس الرجل بجانبها على طاولة المناقشة وهو على قناعة تامة بالقضية ، مثلما يحدث عندما نتصدى لحل أي مشكلة اجتماعية .
وشدد سيدهم على أن المشكلة في الأصل ترجع إلى ثقافة الرجل بالنسبة للمرأة ، المجتمع ينظر إلى هذا الأمر على أنه ما يجود به الرجل وما يمنحه للمرأة هو معيار سعة صدر الرجل . وأضاف قائلاً : أنا أريد أن أخضع هذا المرجع للمناقشة لأن الدكتور سعد الدين إبراهيم له مقولة وأنا مقتنع بها وأرددها دائماً " إذا اجتمع كل الرجال وأعطوا المرأة كل حقوقها يظل هذا أكبر مهانة لها " ، لأن ليس للرجل دخل بقرارات المرأة، باعتبارها نصف المجتمع لها حقوق حصينة لا تمنع ولا تمنح ، موضحاً أن منح المرأة نسبة ضئيلة في مراكز اتخاذ القرار وفي السياسة لا يعتبر تكرماً من الرجل ، وإنما خطوة لتصل النسبة مستقبلياً 50% . وتعجب رئيس تحرير جريدة وطني من قبول المجتمع بإرسال الفتاة إلى المدرسة ثم الجامعة ومن ثم إلى سوق العمل ، دون أن يرسخ ثقافة حقها في العمل من أجل تحقيق ذاتها ، فالمجتمع عندما يجود على الفتاة يعطيها الحق في المساهمة في رفع دخل الأسرة بثقافة تعطي الرجل السلطة في منع ابنته من هذا الحق إذا كانت الأسرة ليست في حاجة إلى زيادة للدخل .
في نهاية حديثه ، أكد يوسف سيدهم رئيس تحرير جريدة وطنى ، على أننا لازلنا نحيا تحت ظلال مجتمع ذو نزعة ذكورية بحتة يخص المرأة بأعباء يعتبرها أنثوية ومشاركة الرجل فيها تنقص من قدره وكرامته ، مثل الأعمال المنزلية أو تربية الأطفال ، فالزوج يسمح لنفسه أن يستقطع من وقت زوجته لتخرج إلى العمل وتساعده براتبها دون أن يكلف نفسه ويساعدها في تربية الأبناء حتى ، إذاً لدينا ثقافة مغلوطة، وعندما نتحدث عن دور المرأة العاملة يجب أن نضع تثقيف الرجل في حسباننا ليعرف أن زوجته أو أخته أو أمه عندما تعمل يجب أن يكون هناك مشاركة . الإعلام يشوه صورتها فادية مكرم عبيد مديرة إحدى مدارس البنات للغات ، شاركت في الندوة بتقديم شهادة واقعية لامرأة عاملة.
بداية قسمت فادية مكرم عبيد مشاكل المرأة العاملة إلى 3 أقسام :
1- العاملة بالحكومة والقطاع العام
2- العاملة بالقطاع الخاص
3- سيدات الأعمال مؤكدة أن كل واحدة من هؤلاء النسوة لها ظروف ومشاكل ، المرأة في القطاع العام والحكومة مرتاحة لأن لديها قوانين محددة ومشاكل أقل من العاملات بالقطاع الخاص لكنها مكبوتة مقيدة ليس لديها فرصة لتنمو بذاتها لا تستطيع أن تنجز طموحاتها ، حتى الإعلام نفسه يشوه صورتها ويظهرها دائماً إما تعمل بأعمال الإبرة والتريكو أو تُقطف ملوخية داخل المكتب ، فالنظرة العامة لها أنها تقضي عدداً من الساعات وفي نهاية الشهر تأخذ راتبها وتساعد به زوجها .
كما أوضحت هذا الوضع يمكن أن يتحسن إذا نظرت المرأة لعملها نظرة جديدة ، فالعيب ليس في المرأة وإنما في أنظمة العمل والفراغ الموجود في الحكومة بسبب العمالة الزائدة . مشيرة إلى أنه بسبب الإعلام تواجه العاملة في القطاع نظرة مختلفة من قبل المجتمع ، حيث يصورها الإعلام دائماً متجردة من أغلب ملابسها وتستغل أنوثتها لتتملق المناصب العليا دون أن يتطرق إلى المرأة الجادة المربية المكافحة والتي تساعد زوجها ليتطلع إلى مستقبل أفضل . من جانب آخر نجد المرأة في القطاع الخاص رغم أنها لديها راتب أكبر من نظيرتها العاملة بالحكومة إلا أن القوانين تهدد استقرارها بالعمل ، لأن صاحب العمل يمكن أن يرقد في أي وقت ، إنها تفتقد الأمان الموجود بالقطاع العام والسبب أنها غير مدركة حقوقها .
ورغم مميزاتها في الراتب الأكبر وفرصتها الأكيدة في النمو الاجتماعي ، ولكن القوانين دائماً تهددها ، لأنه ليس هناك قانون موحد يجمع شركات القطاع الخاص تحت لوائه ، ليوحد الإجازات جميعها ويحمي العاملين . أما سيدات الأعمال فقد بدأت تتحسن صورتهن بعد أن كانت مشوهة ، ففي المعتقد السائد أنهن ورثن أموالاً يعملن بها ويتعالين بها أيضاً على خلق الله ، وهذه الصورة خاطئة ، لأن أي صاحب شركة سواء كان رجلاً أم امرأة يخاف على مصلحة شركته لأن هذا رأس مالها ورزقها الوحيد .
كما نادت فادية مكرم عبيد بضرورة مساعدة الدولة للمرأة العاملة ، على الأقل بتسهيل المواصلات إذا كانت تريد الدولة رفع شأن المرأة العاملة ورفع كفاءة الإنتاج في العمل، بالإضافة إلى النظر بعين الاعتدال في قوانين إجازات الحمل الوضع وتربية الأطفال ، لتحتفظ المرأة بمكانتها بعد عودتها إلى العمل عكس ما هو حادث الآن .
مؤكدة أنها ليست في موقف الدفاع عن المرأة وإنما هذا أبسط حقوقها ، كما ناشدت الإعلام بتحسين صورة المرأة وإبراز الصور الإيجابية ، أو إبراز الواقع بحلوه ومره . عندما يكون الأهل عقبة بدافع الحب أو التسلط قد يكون الأهل عقبة في طريق ابنتهم وكبتها ، عندما يفرضون عليها اختياراتهم منذ الصغر في التعليم ووصولاً باختيار الوظيفة والزوج مما يحرمها من إثبات ذاتها .
المجتمع أيضاً يفرض على بعض النساء تغيير مهنهن التي درسنها بسبب عدم ملائمتها لظروف الأسرة ، أوضحت فادية مكرم عبيد ذلك قائلة : أقابل في المدرسة متقدمات للعمل كمُدرّسة طبيبات ومهندسات تركن مهنهن الأصلية ، لأن المجتمع غير سامح لهن بالنجاح في المجالات التي تخصصن فيها بجانب مراعاة أسرهن في نفس الوقت ، وكانت النتيجة في النهاية أنهن ألقين دراسة سبع سنوات خلف ظهورهن ليعملن مدرسات تتفق مواعيد عملهن مع مواعيد مدارس أطفالهن . لذا يجب أن يكون هناك نظام أو قانون يساعد المرأة على تنمية قدراتها ، ووظيفتها وفي نفس الوقت تستطيع أن توفق بين البيت والعمل.
إن حل هذه المعادلة هو أكبر مشكلة تعترض طريق المرأة العاملة . المرأة خارج النظام النقدي بدأت نهاد أبو القمصان رئيس المركز القومي حقوق المرأة ، حديثها عن مشاكل المرأة العاملة بعرض مقدمة اقتصادية أشارت فيها إلى عدم وجود المرأة في النظام النقدي في مصر ، فإحصائيات قوة العمل الخاصة بالنساء التي يُدفع فيها أجر تقريباً حوالي 22% .
هذا لا يعني أن بقية النساء لا يعملن ، بدليل أن لدى إحصائيات رسمية تؤكد أن حوالي 30% من الأسر المصرية تعولها امرأة ، هذه النسبة حسب قولها تشير إلى تناقض مع الإحصائية السابقة، مما يكشف عن أزمة حقيقية - يعلمها خبراء الاقتصاد - ألا وهي وجود النساء خارج النظام النقدي ، وعملهن في القطاع الخارجي ، أي عملهن داخل منظومة لا تعود عليهن بنقود ، فمثلاً الفلاحة تعمل مع زوجها في الأرض ، تزرع وتربي الماشية لكنها في النهاية لا تملك نقوداً مقابل عملها وإنما تذهب مباشرة إلى الأسرة .
وأضافت أبو القمصان بلهجة حادة تعتريها مرارة : نحن مجتمع ينظر بشكل كبير إلى قيمة العمل وما يؤتيه من قيمته النقدية ، فربّة المنزل البديهي والراسخ في الثقافة المحلية أنها لا تعمل لأن عملها غير مترجم بصيغة نقدية ، رغم أنها تعمل من الصباح حتى المساء دون توقف . وتابعت أبو القمصان : هذه المقدمة الاقتصادية تكشف لنا أن لدينا مشكلات متعددة تبدأ بالتمييز في القوانين ، حيث نجد تمييز على مستوى الفرص ، بمعنى انه يوجد أماكن مغلقة تماماً أمام النساء ، مثل خدمة العَلَم ، فهو شرف يجب أن تحظى به النساء كالرجال إذا كُنا صادقين في الحديث عن مفاهيم المواطنة وينظر إلى المرأة في هذه البلد مواطنة كاملة .
فحتى الآن تتنازع المرأة على العمل في بعض القطاعات ، مثل القضاء ، وقطاع التعدين بالكامل ، هنا حالة من الوصاية تُفرض على النساء تحت مسمى أعمال خطرة ، لِما لا تقرر المرأة وحدها هل هذه الأعمال خطرة ولا تناسبها !! إن المرأة تعمل في وظائف أكثر خطورة ، والدليل على ذلك أن أحد المؤتمرات حول الأعمال الغريبة التي تعمل فيها النساء كشفت عن عمل بعض النساء مقاولات بناء وسائقات لوري ، بالإضافة إلى أعمال أكثر خطورة مما يصنفها القانون أعمالاً خطرة ، لكن المجتمع ما زال ينظر إلى عمل المرأة بالتفضل .
وأكدت أيضاً رئيس مجلس إدارة المركز المصري لحقوق المرأة على أن القانون لا يقف في التمييز ضد المرأة عند هذا الحد ، بل تطرق إلى التمييز في الحصول على فرص العمل المسموح بها والترقي والامتيازات رغم وجود قاعدة عريضة من النساء ، ولكن عند النظر إلى الهرم وصناعة القرار نكتشف أنها تتقلص لدرجة وجود وزيرة أو اثنين في وزارة تتألف من حوالي 33 وزير. هذه نعمة يجب أن تشكر المرأة الله عليها حيث سُمح لها بتقلد هذا المنصب ، ويجب ألا ننسى هذا العدد بالنسبة إلى 22% اللاتي يعملن في القطاع المسجل !! أما عمل المرأة بالقطاع غير المسجل ينم عن مشكلات ضخمة تبدأ بالصحة ، فالعاملة التي تبيع في محل أو التي تعمل بمصانع " تحت السلم " والتي تعمل في الغيط نظراً لا تجد تأميناً صحياً أو اجتماعياً . معدلات التحرش مرعبة !! بعيداً عن حوادث الأعياد تفتقد المرأة العاملة إلى الأمان في الشارع بسبب تزايد معدلات التحرش اليومية بصورة مفزعة ، فالمركز لقومي لحقوق المرأة يستقبل يومياً منذ خمس سنوات شكاوى عن التحرش بالمرأة العاملة بالشارع ، وإنما المعدلات بدت مخيفة من عام ونصف من شكاوى التحرش في الشارع المصري.
إحصائيات للمركز المصري لحقوق المرأة تؤكد أن الشارع المصري غير آمن لمختلف أعمار النساء ، فالبنات مثلاً من سن 22:18 سنة في الدراسة 22% منهن يتعرضن للتحرش الذي يبدأ بالمعاكسة بكلام يعاقب عليه القانون بتهمة السب والقذف ، وانتهاءًا بفعل فاضح في الطريق العام . لقد كشفت الدراسة حسب الشكاوى المتلقية من قبل المركز أيضاً عن أن السيدات ما بين 40:25 سنة الفئة العاملة وصلت نسبة التحرش بهن إلى 30% وما فوق الأربعين رغم أن هذه السيدة في هذه السن لها قدسيتها إلا أن التحرش لا يبعد عنها .
وبعيداً عن وصايا الأمهات لبناتهن بعدم الخروج ليلاً أو المشي في أماكن هادئة أصبح التحرش يمارس في " عز الظهر " أمام مدارس البنات والجامعات وعلى محطات الأتوبيس . مما جعل نهاد أبو القمصان تتساءل مستنكرة : إن لم يكن الشارع آمن كيف يمكننا أن نأمن على أنفسنا و نخرج إلى العمل أو على أولادنا ليخرجوا للتعليم ؟! بعدها عرضت تصنيف آخر للشكاوى المقدمة إلى المركز غير معتمدة على السن كالدراسة السابقة ، ظهر من خلاله أن 30% من الطالبات يتعرضن للتحرش ، وكان التحرش في المواصلات العامة بنسبة 27% ، أما من يعملن بالسكرتارية والأعمال الإدارية والموظفات تعرضن للتحرش بنسبة20% ، هذا معناه أن مكان العمل المغلق أقل تحرشاً من المواصلات العامة ، أما العاملات فتعرضن لذلك بنسبة 4% وخادمات المنازل بنسبة 2% ،
في حين أن ربات البيوت يتعرضن للتحرش بنسبة 12% عند اختلاطهن بالشوارع والناس . تعليقاً على الدراسة وباعتبار أن التحرش من أكبر المشاكل التي تمنع السيدات والفتيات من العمل، قالت نهاد أبو القمصان : لقد حضر لنا في المركز القومي لحقوق المرأة ، أب مع ابنته التي تدرس بالصف الثالث الإعدادي وتأبى الذهاب إلى المدرسة رغم أن أباها عامل فقير يعتبر أن شهادة ابنته طوق نجاتها من الفقر المؤكد ، البنت رفضت التعليم بسبب عدم قدرتها على احتمال كم المعاكسات اليومية التي تتعرض لها بداية من خروجها من المنزل وركوبها المواصلات وتحرش الرجال المعتاد في المواصلات ثم بعد وصولها إلى المدرسة تصادف من يعرض عليها اصطحابها في سيارته ، إنها اعتبرت أن ذلك شيء مهين لكرامتها لا تقوى على احتماله .
قرارات عشوائية وأضافت أبو القمصان : من المشكلات الأخرى التي نعانيها كعاملات ، القرارات العشوائية للدولة وعدم التنسيق على أي مستوى ، ولتكن الأجازات مثالنا وزيادة العطلة الرسمية يوم مقابل ساعات عمل إضافية ، هنا نجد فجوة وعائق أمام الأم العاملة التي تنتهي من عملها بعد موعد خروج أبنائها من المدرسة بساعة أو أكثر ، هذا معناه أن الأطفال سيمكثون في الشارع فرق التوقيت وبطريق غير مباشر يكون النظام طرد المرأة من سوق العمل بهدوء .
هذا كما أن قانون العمل يؤكد على ضرورة وجود حضانات أبناء المرأة العالمة ، وع دم توفيرها ينم عن مدى عدم رعاية الدولة للمرأة العاملة ، وغياب تطبيق المادة (8) والمادة (11) من الدستور ، هذا بالإضافة إلى القرارات العشوائية التي تؤخذ دون الالتفات إلى تأثير هذه القرارات على المرأة مما يؤدي إلى انسحاب الكثيرات من سوق العمل . وتري نهاد أبو القمصان أن هناك خلل في تطبيق الحكومة المصرية لقوانين العمل مؤكدة أن الحكومة لديها كم كبير من الدراسات والتقارير تتطرق إلى هذه الموضوعات جيداً وتكشف لهم حقيقة الأمر ، حيث تقول : لقد اكتشفت أن هناك تعمد لطرد النساء من سوق العمل ، بسبب عدم استيعاب الحكومة لفرص عمل الخريجين الجدد لا نساء ولا رجال ، لذا تعمد تحريك الثقافة وتشغيل الإعلام سواء كان مكتوباً أو مرئياً أو كاست ، لتتحدث برامج التلفزيون والراديو ليل نهار عن الأطفال المشردين في الشوارع بسبب عمل أمهاتهم ، فتتحمل النساء ذنوب البشرية لأنهن فقط يعملنّ . المنطق لا يؤكد هذه الخرافات إطلاقاً ، لأن تقرير حديث لليونيسيف أثبت أن أطفال المرأة التي تقوى على اتخاذ القرار سواء في العمل أو المنزل يتمتع أطفالها بالصحة النفسية .
حلول سطحية لمشاكل معقدة واستطردت أبو القمصان قائلة : الجزء الثاني والأكبر من المشكلة أن الحكومة دائماً تبحث عن حلول سهلة لمشاكل معقدة بسبب أزمتها في التخطيط والاقتصاد ، وأول من يدفع الثمن النساء ، لأن الموضوع ببساطة أن الدولة إن لم تتحمل جزء من مسئولية المرأة العاملة سيكون الشارع مكان النساء ، هذا بالإضافة إلى النظر إلى أجازات الأمومة على أنها أجازات نسائية .. عفواً يا سادة الموضوع يحتاج لوقفة إنها ليست أجازات نسوية وإنما أجازات اجتماعية بهدف رعاية المجتمع وبنائه ، فالأطفال بدون مبالغة هم أعمدة الدولة القادمة ، ولكن الحكومة عندما تتعامل مع النساء تتعامل بمنطق تفاوضي وليس منطق حقوقي ولا إنساني .
إعالة الأسرة قدر غالبية العاملات أكدت هالة عبد القادر ناشطة المجتمع المدني ، أن المرأة لا تنزل إلى سوق العمل من أجل إثبات ذاتها أو قتل الفراغ فقط ، وإنما من أجل إعالة الأسرة أيضاً ، إنها تعمل لأنها مسئولة عن جزء أساسي من دخل المنزل . متسائلة : طالما أن المرأة في هذه الحالة عماد من أعمدة الأسرة ، لما لا تلقى الحماية الواجبة ؟!! خاصة وأن قانون العمل خُصّص لحماية العاملين سواء كانوا رجلاً أو نساءًا على حد السواء ، ولكنه نظر إلى المرأة في جزء بصفة خاصة ، لأنها تجمع بين دورها في المنزل ودورها في العمل ، وبالتالي تتحمل أعباء أكثر ، نتيجة لذلك تطرق الدستور لعمل المرأة في المادة (11) .
في هذا الصدد طرحت هالة عبد القادر نظرة نقدية لقانون العمل السابق لقانون 12/7/ 2003 الجديد الذي ينظر للرجل والمرأة على حد السواء ، فالقديم ( 137) كان يتعامل مع المرأة بسياسة المنح والمنح بدون مبرر ، مع إن الدور الذي تقوم به في المنزل لا يساعدها أحد فيه . مشيرة إلى أن أهم جزء في الخاص بعمل المرأة في القانون أكثر ما يهم أجازة الوضع ، رعاية الطفل ، الحضانة ، ... إلخ . ففي قانون (137) كان يوجد باب كامل لتشغيل النساء وتحريم بعض الأعمال على المرأة بحجة الخوف عليها مثل العمل في المحاكم أو العمل حتى وقت متأخر من الليل ، وكان من الأفضل أن تترك المسألة مجازة وباختيار المرأة ودون أن يكون القانون وصي عليها .
وتابعت هالة عبد القادر قائلة : بافتراض حسن النية سنجد أن القانون تعرض لحماية المرأة ، فنظر المشرعون إلى القانون 137 وحاولوا تغيير جزء منه وإعطاء المرأة بعض الصلاحيات فكان التعديل كالتالي : إن المنشأة التي بها أكثر من 50 عاملة من حقها الحصول على إجازة رعاية طفل مرتين فقط ، وليس ثلاث مرات كما كان قانون 137 يقول ، بشرط ألا تقل الفترة بعد فترة الإجازة عامان بعدما كانت ثلاثة أعوام ، ولا أدري سبب ذلك ولا أنجد أي تفسير مقنع !! هذا بالإضافة إلى أن إجازة الوضع أصبحت 90 يوماً بعد 50 يوم في مقابل أن شرط هذه الإجازة مرور 10 أشهر على المرأة داخل المؤسسة بعدما كان 6 أشهر فقط ، هذا ينطبق على نساء كثيرات ولكني أخص في حديثي الفئة المهمشة الأدني من المتوسطة والمتوسطة ، فالقانون لا يفيدهن . للقانون ثغرات قاتلة أفادت هالة عبد القادر أن الجزء الخاص بالمنشآت وأصحاب العمل ليس عادلاً ، فبعد أن كان يفرض على صاحب العمل تطبيق لائحة عمل النساء إذا كانت المؤسسة تحتوي على عاملة واحدة فقط ، أصبح ذلكم لا يطبق إلا إذا احتوت على خمس عاملات على الأقل . .
مشيرة إلى أن قانون العمل مليء بالثغرات التي تمنح أصحاب العمل الخاص الحق في التحايل عليه والتنصل من حقوق النساء ، فعندما يشدد القانون على ضرورة توفير صاحب العمل حضانة إذا كانت المؤسسة تحتوي على 100عاملة أو أكثر ، لا غبار على صاحب العمل إن لم يفعل ذلك لأن القوة العاملة من النساء لديه 99 فقط، وحتى إذا تخطى عدد العاملات الـ 100 ولم يطبق صاحب العمل القانون ووصلت المشاحنات بينه وبين العاملة إلى حد الشكوى لن تتعدى غرامته الـ 100 حتى وإن كرر المخالفة لن يكون الوضع أسوأ . في نهاية حديثها كشفت هالة عبد القادر عن أن كل قوانين العمل الجديدة والقديمة نجد استثناء عاملات الزراعة البحتة من حماية القانون ، أي فهن لا يستفدن بأي شكل من الأشكال من القانون ، رغم أن المرأة من أكثر الفئات العاملة في الحقل في الريف ، لذا من حقها أن تنعم بحماية القانون إذا طبقت ، لكن استثناء القانون لهن بدون أي مبرر ولا أسباب . مشددة على أن الظلم ليس واقعاً على الفلاحات فقط ، وإنما تشاركهن الواقع المرير الخادمات أيضاً .
|