"افقئي عينيه... اركليه بين رجليه». يصيح بهذه العبارات خبير الكاراتيه دونكان بومبا أمام 200 تلميذة كينية كن يتابعن حركاته باهتمام وهو يهاجم بوحشية زميلاً يقوم بدور المغتصب. وبحياء تحاول فتاتان بزي المدرسة وبشعر معقوص بإحكام وجوارب مرفوعة حتى الركبة أن تقلدا حركات بومبا وهو يقوم بدور المهاجم. وتلقى الفتاتان تصفيقاً حاداً وضحكاً عالياً من زميلاتهما وهما تحاولان دفعه بعيدا.
وفي دولة يقول نشطاء إنها تشهد حال اغتصاب كل نصف ساعة بدأ عدد متزايد من النساء والفتيات الصغار يتعلمن كيف يدافعن عن أنفسهن ضد أي هجوم.
قال بومبا قبل أن يبدأ الدرس في مدرسة ابتدائية في العاصمة الكينية نيروبي «إنها فكرة مبتكرة». وأضاف «تبدو فكرة فريدة وغريبة ولكننا يمكن أن نقلص حالات الاغتصاب». ويقود بومبا جماعة دولفين التي تقول إنها الوحيدة في كينيا التي تعلم النساء كيف يدافعن عن أنفسهن أمام محاولات الاعتداء الجنسي. وتقوم الجماعة بجولات في المدارس والكنائس والجماعات النسائية في أنحاء البلاد لتعليم فنون القتال والمصارعة الأساسية وحسن التصرف في مثل هذه الحالات.
يقول بومبا: «نحن نوضح لهن كيف يمكنهن استخدام المتاح لديهن لضرب نقطة الضعف في خصمهن». ويضيف انه إذا كانت الفتاة مصابة ببرد يمكنها أن تطلق المخاط في عيني المهاجم لإفقاده القدرة على الرؤية أو تستخدم الطين أو الرمال في عمل الشيء نفسه.
ومنذ تأسيس الجماعة في العام 1998 بعد حادث اغتصاب وحشي في بلدته الدوريت في غرب كينيا قال بومبا إن الجماعة دربت ما يقرب من 350 ألف طالبة على الدفاع عن نفسها. ويقول بومبا في دروسه: «انظري إلى هذا الرجل على انه قاتل، انظري إليه على انه الايدز. انظري إليه على انه حمل غير مرغوب فيه». والاغتصاب شائع في كينيا من ضواحي نيروبي الفقيرة غير الآمنة إلى طرق الريف المظلمة على رغم أن من الصعب تحديد عدد جرائمه على وجه الدقة.
ولا يبلغ عن الاغتصاب سوى عدد ضئيل من النساء بسبب ما يلحق بالضحية في مثل هذه المجتمعات من وصمة. ولكن قصص اغتصاب فتيات صغيرات والكثير منهن على يد أفراد أسروهن مازالت تهمين على الصحف المحلية. وجاء في تقرير أعدته في العام 2003 منظمات معونة محلية وأجنبية أن الاغتصاب والاعتداءات الجنسية الأخرى زادت أربعة أمثال عن العام .1999
وفي يونيو/ حزيران أعادت كينيا النظر في قوانين الاغتصاب للمرة الأولى منذ العام 1930 لترفع فترات السجن للمذنبين من خمس سنوات إلى السجن مدى الحياة. ولكن النشطاء قالوا إن هذه خطوة ضعيفة جداً ومتأخرة للغاية.
قال بومبا: «القانون يأتي بعد أن يقع الضرر. ولا يمكن أبداً إصلاح ما حدث». وتقول طالباته إن دروسه كان لها تأثير مساعد. ففي يوليو/ تموز اقترب مسلحان من مولي ادهيامبو بينما كانت تجلس في سيارتها. وقفزت خارجة من السيارة وضربت احدهما بكوعها في بطنه وصرخت الطالبة النجدة. وقالت مولي التي تبلغ من العمر 41 عاما: «في نيروبي عادة ما تمتثل الضحية لأوامر المهاجمين. ما كنت لأفعل ذلك لو لم اشعر أن بإمكاني أن أؤذيهما». وتقول إحدى وكالات المعونة انه كلما كانت الفتاة أصغر سناً كلما كانت أكثر عرضة للاغتصاب.
وقال بومبا إن طفلة في الثامنة من عمرها دربها أعضاء في جماعة دولفين استطاعت أن تقاوم مهاجما حاول اغتصابها في ضاحية كيبيرا سيئة السمعة في نيروبي بأن غرست أصابعها في عينيه. وعلى رغم النتائج الايجابية التي يرويها بومبا إلا أن تركيزه على العنف ولد شكوكاً لدى البعض. .
قال رئيس مستشفى أمراض النساء في نيروبي سام ثينيا التي يتردد عليها أكثر من عشر ضحايا للاغتصاب كل يوم نصفهن اصغر من 16 عاما: «لا أدري كيف يمكن لفتاة في العشرين من العمر حتى مع تلك المهارات أن تتصدى لخمسة من المجرمين؟». وأضاف أن المرأة التي تحاول الدفاع عن نفسها ربما تزيد من غضب مهاجمها. ويتابع «يمكن أن تثير رد فعل اشد قسوة وربما تتعرض للقتل». ولأن الاغتصاب على أيدي أقارب أمر شائع في هذه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا قال ثينيا إن أفراد الأسرة والجيران يجب أن يتعلموا كيف يتعاملون مع النساء والفتيات الصغيرات. وقال: «يجب أن يبحث الجميع عن سبل لحماية الأطفال وان يبحثوا عمن يمكن أن يقترف هذا الأمر داخل المنزل».
وأكد بومبا على أن أساليب الدفاع عن النفس التي يتبعها هي الملاذ الأخير وان تلميذاته يقضين نصف دروسهن في تعلم كيفية تجنب المواقف الخطيرة مثل عدم السير ليلاً من دون صحبة أو قبول الركوب مع الغرباء. ويقول انه إذا ما وقع هجوم فإنه يتعين على المرأة أن تبلغ الشرطة.
ويضيف أن بعض الصبية والشبان يشاركون في جلسات الدروس التي يشجعهم خلالها على احترام النساء. وأفكار جماعة دولفين تنتشر إلى أماكن تتجاوز حدود البلاد وتعمل معها الآن جماعة من موريشيوس لنقل تدريب الدفاع الذاتي الذي يقوم به بومبا إلى النساء هناك. وقال بومبا وهو يستعرض عضلاته في المدرسة الابتدائية بنيروبي: «التعليم قوة، يمكننا أن نحوي أية مشكلة بالمعرفة الكافية».
|