القصة التي لن نتمكن من جمع أطرافها من صاحبتها، لحالتها الصحية المتدهورة، لنقابية "قديمة" تنتمي لنقابة رياض الأطفال، تواردت أنباء الأسبوع الماضي بشأن خلاف نشب بينها وبين مديرة الروضة ومالكتها، وأدى إلى أنهيار النقابية كلياً، ونقلها للمستشفى في حال صحية سيئة.
عرف عن بطلتنا النقابية تلك، تبنيها لقضة "حقوق العاملات في رياض الأطفال" على مدى طويل، ونشاطها في العمل النقابي المندرج تحت الاتحاد العام لعمال البحرين، وسعيها الدائم لتوفير حل لمشكلاتها ومشكلات زميلاتها في عقود العمل المؤقتة، ونقص الأجور، وعدم توفير التأمين الإجتماعي.
ولم تعرف بطلتنا النقابية، أنه كأس ستذوق منها يوماً، وأن ما سعت لتطبيقه وماتزال من أجل حقوق طالت المطالبة بها، سوف يمسها شخصياً يوماً ما. عملت النقابية لأكثر من عشرين عاماً في رياض االأطفال، وعندما قررت التقاعد وذهبت للسير في إجراءاته الطويله المعقدة، اكتشفت أن المدة التي احتسبت لها في العمل هي سبع سنوات، وأن عليها أن توقع عقداً جديداً للعمل لعشرين سنة أخرى لتحصل على حقوقها.
تعرضت النقابة لما كانت تحذر منه زميلاتها طويلاً، فكانت توصي زميلاتها دوماً بعدم توقيع أي عقود عمل جديدة إلا بعد استيفائها للشروط التي تضمن الحد الأدنى من الحقوق التي كفلها لهن قانون العمل البحريني، وأن ما حدث حاليا يتعارض مع الأنظمة والمواثيق التي كفلت حقوق المرأة والأم العاملة والقوانين التي يقرها قانون العمل، ذاقت النقابية من الكأس نفسه التي حذرت منها طويلاً، عندما فوجئت بمديرة الروضة ومالكتها تصر عليها أن توقع عقداً غير مستوف للبيانات التي طالبت بها، وإما فصلها. دخلت النقابية في شجار طويل مع المديرة رافضة ذلك الإجراء التعسفي المخالف في نظرها للقوانين التي عانت طويلاً لمحاربتها من خلال عملها النقابي.
وارتفعت حدة الشجار، وتصاعدت وتيرة النقاش، حتى انهارت النقابية، شاهداً على انهيار احلامها، وكل ما سعت طويلاً من أجله.
قضايا شائكة، تزيدها المرأة تعقيداً
القضايا العمالية في البحرين، وفي دول العالم كافة، شائكة دوماً، ومعقدة دوماً، فتربطها غالباً مجموعة من العوامل منها قوانين العمل، أوضاع العاملين، وظروف وبيئة العمل، وغيرها الكثير من العوامل التي ترسم في النهاية صورة لوضع العامل وبيئة عمل، وغيرها الكثير من العوامل التي ترسم في النهاية صورة لوضع العامل وبيئة عمله، ونوعية شكاواه أيضاً.
وعندما يتعلق الموضوع بالمرأة العاملة، يصبح الموضوع أكثر تعقيداً، وتشابكاً. كعادة أي موضوع عندما يرتبط أو يناقش من قريب أو بعيد وضعاً من أوضاع المرأة في المجتمع.
قطاعات شائكة، وملفات ساخنة تلك التي تواجه المرأة العاملة في البحرين، قصصها لا تنتهي، وعلى رغم أن سيناريوهاتها تختلف، إلا أن معالمها متشابهة، ترسم معاناة واحدة.
نقترب فيها من بعض أكثر القطاعات تعقيداً، لنتعرف على الملامح العامة والصورة الكلية لها، ونعرف أننا لو اقتربنا أكثر من ملامح الصورة، سوف نلمس جرحاً أو جروحاً تعرض الكثير من القصص والحكايات.
العلامات في رياض الأطفال
لأننا بدأنا الموضوع بقصة النقابية في رياض الأطفال، يحق لنا أن نعتبرها افتتاحية القضايا الشائكة في واقع المرأة العمالي في البحرين، فهي أو الغيث كما يقولون.
طال الحديث عن هموم ومعاناة العلامات في رياض الأطفال في البحرين، وليس ذلك بغريب ان علمنا أن نحو 5000 امرأة عاملة في الرياض ودور الحضانة يعملن من دون قانون ينظم عملهن ويحمي حقوقهن، ويعانين قلة الأجور وانعدام الترقيات التي لاتحصل مهما طالت سنوات العمل، ناهيك عن تجريد معظم العاملات من حقوقهن في التأمين الاجتماعي والمكافآت والتعرض عن الإجازات إلى جانب التسريح التعسفي من العمل من دون سابق إنذار.
ولآن القضية شائكة، طويلة، وخطيرة "عمالياً" حظيت باهتمام رفع إلى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، إذ حذر الاتحاد أخيراً العاملات في رياض الأطفال من التوقيع على اتفاقات عمل مع أصحاب الرياض إذا كانت مخالفة لقواني العمل وخصوصاً إذا كانت الاتفاقات محددة بأقل من عام أو 12شهراً. وطالب مشاورة الاتحاد قبل توقيع الاتفاقات للتأكد من مراعاتها للقوانين والتواصل مع الاتحاد بشأن قضاياهم العمالية.
جاء ذلك بعد أن رصد الاتحاد مخالفات بدأت تبرز مع بداية العام الدراسي الجاري بالضغط على العاملات لتوقيع عقود غير قانونية وتهديدهن بالفصل إذا لم يوقعنها وذلك من قبل الكثير من أصحاب رياض الأطفال إضافة إلى ذلك تجاهل أصحاب العمل بالرياض من التأمين على العاملات لدى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلى جانب استدعاء عاملات من دون توقيع عقود معهن. لاتتعدى رواتبهن خمسين ديناراً، إضافة إلى تكاليف العاملة بأكثر من عمل لتصبح متعددة الوظائف، إذ تعمل أحياناً معدة للمناهج ومشرفة باص ومنظفة ومعدة للطعام ومهيئة للصفوف للعام الدراسي الجاري، في شهر أغسطس من دون راتب.
ومن بين المخالفات التي تم رصدها أيضاً اتضح بأن ثلث العاملات غير ملحقات بالتأمينات الاجتماعية علما بأن قطاع العمل في الرياض يضم ثلاثة آلاف عاملة، والمؤمن عليهن يبلغ عددهن 1050 عاملة فقط عدا ذلك فان هناك مجموعة من العاملات لايسمح لهن القانون بالدخول إلى سوق العمل لأنهن مرافقات لأزواجهن أو لعائلاتهن، ويعملن بالرياض.
وكان الاتحاد أثار مشكلة العاملات في رياض الأطفال في الشهور الماضية من خلال لجنة مشتركة، في حين يسعى الاتحاد إلى التحرك بطلب عقد لقاء مع وزير التربية والتعليم ولقاء مع وزير العمل ولقاءات مع اللجان المشتركة بين الاتحاد ووزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين لطرح هذه المشكلة.
عاملات مصانع الألبسة والملابس الجاهزة
هو ملف طويل آخر، كله هموم ومشكلات طال الحديث عنها، حتى انتهت بصورة درامية بعد تسريح أكثر من 800 عاملة من عاملات مصانع الألبسة والملابس الجاهزة خلال عام، وإغلاق عدد من المصانع، حتى تبين أن رئيسة وعضوات نقابات العاملات في هذا القطاع سرحن ايضاً ضمن تسريحهن بعد أغلاق تلك المصانع، وبالتالي تعطيل النقابة التي اعتبرت في وقت ما هي النقابة العمالية الأولى من نوعها في العالم تقريباً التي تضم نساء في رئاستها وعضويتها وجميع العاملات فيها.
معاناة طويلة، وعصص مؤلمة أخرى يحملها هذا الملف، لايخلو ن ضرب، وإهانة، وتحرش جنسي تخشى شفاه المتضررات النطق به.
ويصل إجمالي عدد العاملات في مصانع الألبسة الجاهزة نحو 3 آلاف و650 عاملة، وسرحت منهن 800 بحرينية من نحو 6 مصانع خلال العام الجاري. ونتيجة لإحصائية أجرتها النقابة على عينة عشوائية بلغت عاملة، تصدرت نسبة العاملات ممن يحزن الثانوية العامة، تلتها الأبتدائية، تلتها الإعدادية، تلتها الأميات، ثم الجامعيات.
نقلت القصص والشكاوي التي ترددت بشأن معاناة العاملات في هذا القطاع على مدى فترات طويلة، صورة لبيئة غير صحية، يدخلها الفئران، ولا فتحات تهوية فيها. .
بيئة يسيطر عليها الأجانب من أصحاب المصنع ومديري الأقسام فيه، إذ الأجوز زهيدة، وساعات العمل طويلة، ولاحقوق للعامتلات، ولاقانون يحميهن. مطالبات طويلة، قاتها النقابة اليت ما كادت تتأسس، حتى وإد عملها بتسريح عاملاتها، اللاتي صبرن على الظلم والإهانة، طلباً للقمة العيش.
خاتمة
فضلنا أن نقتر من قطاعين، هما الأشد تعقيداً في العمل النقابي "النسائي" في البحرين، إذا المشكلات معقدة وصعوبة الحل، وتنتظر الإنفراج بعد أن تأزم الوضع، ولكن الأمر لايعني أن لامشكلات تعج في قطاعات أخرى ربما تكون أشد تعقيداً، غير أن وضعها لم يشارف بعد على الانفجار، ومع السعي العمالي والنقابي، نتمنى أن لاتنفجر أوضاعها لتصبح ضرورة لاحل لها
|