السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا تخافني المرأة؟!
والدي رحمه الله، قضى آخر سنوات من حياته في مزرعته، وكنت أذهب لزيارته بين الحين والآخر، وفي احد الأيام حينما كنت عنده، انطلقت أتجول في المزرعة لعدة ساعات، ويبدو لي انه شاهدني من بعيد، لأنني عندما رجعت له سألني: ماذا رأيت؟! فقلت له: لا شيء، فاعتراه العجب وشيء من الغضب، وقال لي: كيف لا شيء؟! هل أنت أعمى؟! أم انك كنت خلال تجوالك تسير وأنت مغمض العينين، شارد الذهن، غائب عن الوعي؟!
ولا اكذب عليكم، انني ساعتها شعرت بخجل شديد من نفسي، ولم استطع أن أجيب عن أي سؤال من أسئلته التقريعية.
كان هذا في الصباح، وفي نهاية اليوم وقبل أن تغرب الشمس انطلقت مرّة ثانية أتجول في أرجاء المزرعة، وهالني ما رأيت من سنابل القمح وهي تتماوج مع حفيف النسيم العليل، والعصافير تتسابق إلى أعشاشها على قمم الأشجار بعد أن ملأت بطونها، وثغاء الخراف وهي عائدة من المرعى والغبار يتطاير تحت اضلافها، وجرادة تفر من تحت قدمي خوفاً من أن ادهسها، وجربوع يتقافز من جحر ثم يلج في جحر آخر، ونهيق حمار على البعد خمنت انه يدعوني لزيارته، وصوت (ماكينة) تنزف الماء من أعماق الأرض، وطيور (الغرانيق) مصطفة على بركة الماء وكأنها حرس شرف، وغيوم متلبدة في الشمال البعيد يومض ويغازلني برقها، وسرب من الطيور المهاجرة تشق طريقها في كبد السماء ولا تلتفت لأحد، وحداء راع أو عاشق أو مهموم يأتي ويذهب حسب عزف الرياح، ومجاميع هائلة من النمل يمسك بعضها بتلاليب بعض تحمل غلالها بمشيه عسكرية تمتد مئات الأمتار إلى أن تصل إلى ممالكها.
شاهدت الأزهار والثمار، وحتى التراب والحصى تفرستها وأمسكتها وضممتها وشممتها ولو كان بمقدوري أن آكلها لأكلتها.
رحم الله والدي، فقد علمني بأسئلة ثلاثة ما لم أتعلمه في مدرستي طوال أعوام ثلاثة، ومن يومها إلى الآن لم اذهب إلى أي مكان إلاّ وعايشته واقتحمته وذبت فيه.
**
قال لي احد (المتفلسفين): إن ثياب النساء كلها مجرد حل وسط بين الرغبة المعترف بها في لبس الثياب والرغبة غير المعترف بها في التجرّد منها.
أجبته: هذه من وجهة نظرك، أما أنا فلا تعنيني ملابس النساء لا من قريب أو بعيد، وليس لدي لا حل وسط ولا متطرف، ولا افرق بين الخمار ولا البرقع ولا المسفع ولا لا شيء.
إنني فقط (صائد فرص)، ومن الممكن أن تسميني (قاطع طريق).
لهذا تخافني وتكرهني المرأة عموماً.
_____ _____
منقــــــول
مواقع النشر (المفضلة)