السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا شيء يدل على أنه غني!
لا شيء يدل على أن الرجل الذي جلس إلى جواري مليونير.. آسف مليونير ألف مرة..
ولكن ما الذي يدل على أنه يملك أي شيء أكثر مما أملك أنا.. لا البدلة ولا الساعة ولا «الكرافتة»، ولا الولاعة ولا السيجارة، بل إن كل شيء يدل على انه يعمل سائقا عند واحد وليس من الضروري أن يكون مليونيرا.. فالبدلة مكسرة ـ بدلتي أحسن ـ والساعة بجلدة سوداء ـ ساعتي أفضل.. الحذاء متآكل جدا.. وحذائي أمتن.. ثم إنه كثير الابتسام.. ومجامل.. وهو الذي قام وقدم لي كوبا من الماء.. وهو الذي قدم نفسه لي قائلا: أنا فلان.. والتي تجلس هناك زوجتي.. وقدمت له نفسي.. ونهض الرجل، وبمنتهى الحفاوة انحنى وصافحني.. مع أن اسمي ومركزي والدار التي أعمل بها لا يمكن أن يكون لها أية دلالة عنده.. ولكنه كرجل أعمال.. مجامل.. وكرجل أعمال ناجح جدا.. فهو مجامل جدا.. ولأنني رجل أقوال، فلست مجاملا..
ولا بد أنني تصورت، كغيري من الناس، أن الإنسان الغني جدا لا بد أن يكون مظهره كذلك.. البدلة لا تهم، فلا أقل من خاتم ثمنه مئات الألوف.. حتى لو وضع هذا الخاتم في أصبعه، فهناك ملايين مثله من الأغنياء قد فعلوا ذلك.. ولكن الفقراء أمثالنا هم الذين يشعرون بأنهم فقراء.. فهم يكرهون أن يعرف الناس هذه الحقيقة.. ولذلك فإنهم يضعون كل ما يملكون في أصابعهم وفي أعناقهم وجيوبهم، ليتأكد لديهم أولا، أنهم ليسوا فقراء.. وليرى الناس أنهم قادرون على شراء الخاتم الماسي والولاعة الذهبية و«الكرافتة الديور» والحذاء «الساكسون» والسيارة «المرسيدس»... الخ
ولكن الأغنياء جدا عندهم قناعة، وعندهم يأس بأنهم لا يستطيعون أن يحملوا كل ثرواتهم في جيوبهم أو أصابعهم أو على صدورهم.. وهذا اليأس مع البساطة جعلهم هكذا لا شيء يميزهم عن بقية مئات الملايين من الناس الذين لا يملكون الملايين..
وبدلا من أن ينفق أصحاب الملايين جانبا من أموالهم على المظهرية ولفت نظر الناس إلى ثرواتهم، فإن قناعتهم وبساطتهم وفرتا لهم هذه المبالغ.. بينما الفقراء ينفقون المال الذي يحتاجونه على المظهرية، وبذلك تنطبق على الفقراء والأغنياء الحكمة التي جاءت في الإنجيل: إن الذي معه يعطى له، والذي ليس معه يؤخذ منه!
_____ _____
منقــــــول
مواقع النشر (المفضلة)