السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مالي حيل! :

هل تتوقع إذا طلبت من ابنك ان ينفذ لك طلباً أن يقول لك "سم" كما كان يحدث في الماضي؟.
إذا كنت كذلك فأنت تحلم! فهذا الجيل الاستهلاكي الذي نتعامل معه لا ينتمي إلى كلمة (سم) بل الى كلمة (هاه) واذا طلبت من ابنك صاحب العشر سنوات أن يساعد جدته في نزول الدرج فسيقول لك (بابا مالي حيل) وجرب مع الثاني لتسمع "اوه ليش انا بس تعبوتن" وجرب مع الثالث لتسمع (يا أخي انا ما نيب فاضي).

وهو صحيح مشغول ولكن بالهاتف أو التلفزيون أو ألعاب التلفزيون!

لاحظ انك لم تطلب منه إحضار البرسيم للبقرة، ولا التسوق، ولا المشي على الأقدام من حارة الى أخرى لإيصال رسالة، ولا (الرواسة) في المزرعة، وانما هو مجرد طلب بسيط يتم داخل المنزل، ومع ذلك تجد الأبناء يبتعدون عن أي عمل يتضمن الحركة وتجذبهم الأعمال التي تشجع على الكسل وتمضية وقت طويل دون توازن بين حركة الذهن وحركة الجسم.

عندما تكون كلمة (سم) هي السائدة في العلاقات الأسرية فهذا يعني وجود علاقة احترام، وأن الصغير في خدمة الكبير، وهذا المصطلح يعني أن المتلقي للأوامر مستعد لتنفيذها مهما كانت نوعية هذه الأوامر فهو بمجرد أن يسمع والده يناديه يقول (سم).

الآن نسمع كلمة (سم) من الأب لأبنائه ربما بشكل أكبر، فهو يعطي ويعطي بلا حدود ويحرص على توفير كل ما يرغبه الأبناء سواء كانت احتياجات أساسية ضرورية أو كمالية.. المهم أن يرضيهم ويسعدهم وكذلك تفعل الأم بل الأم هي منبع العطاء والبذل والحب، والعاطفة، وهما الأب والأم لا يفعلان ذلك انتظاراً لمردود وانما بدوافع الحب وتحقيقاً لمفاهيم تربوية يعتقدان بها.

اخصائيو التربية يعتقدون أن كلمة (سم) المطلقة من الوالدين لأبنائهم قد تنطوي على بعض السلبيات ولهذا يقترحون ان لا يتم توفير كل شيء، والاستجابة بنعم لكافة الطلبات والرغبات لأن سهولة الحصول على الأشياء ليست في صالح الأبناء، ولا تستقيم مع طبيعة الحياة، واذا كان الطفل سيحصل على كل شيء داخل المنزل ويسمع كلمة (سم) فإنه لن يحصل على نفس الخدمة خارج نطاق الأسرة، ففي بيئة العمل لن يسمع كلمة (سم) من رئيسه أو زميله، كما أنه لو تعامل مع أوامر الرؤساء في العمل بكلمة مثل (مالي حيل) فسوف يقال له "إقضب الباب".

في ظني ان معظم مشكلات المجتمعات ترجع في جذورها الى الأسس التربوية التي تنطلق منها الأسرة في التعامل مع الأطفال، فقضية الثقة، والتعاون، والمبادرة، واحترام الكبار، والرؤساء، وحب العمل، هي قضايا تربوية لا يجدي فيها التدريس المباشر، وانما تولد داخل جدران المنزل في بيئة الأسرة وكما يقال في المثل الشعبي "العود على أول ركزه" فإذا استجاب الطفل لأمر أبيه برد مثل: "مالي حيل" وتجاوز الأب عن هذا الرد السلبي، وصحبه معه الى السوق فيما بعد ليختار ما يشاء من الهدايا فهذا سلوك يعني فيما يعني مكافأة الطفل على سلوك سلبي!

جيل اليوم لا يريد المقارنة بالماضي، ولا يريد أن يقوم بأي عمل داخل البيت حتى إحضار كوب ماء ولو كان لا يبعد عنه خمسة أمتار فإنه ينادي على المستخدمة لتوفير الخدمة. جيل اليوم وبدعم من الكبار أحيانا يعتقدون أن الحياة هي فندق خمسة نجوم.

____ ____
منقـــول