+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3
  1. #1
    جوال نت is on a distinguished road الصورة الرمزية جوال نت
    تاريخ التسجيل
    21 / 02 / 2007
    الدولة
    مجهولة
    المشاركات
    1,034
    معدل تقييم المستوى
    1245

    افتراضي وحيدا في مواجهة أصحاب المعاطف البيضاء

    وحيدا في مواجهة أصحاب المعاطف البيضاء

    تورطت في قبول دعوة كريمة بأن أكتب مقالا في مجلة طبية متخصصة تصدر تحت إشراف أحد أكبر الصروح الطبية في منطقة الشرق الأوسط، هو مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بمدينة جدة، وقد وجدت نفسي في تلك المجلة غريبا وسط أصحاب المعاطف البيضاء، الذين كتبوا عن السرطان والصرع وسلس البول وزراعة الأعضاء وسوء التغذية، بينما انتحيت أنا جانبا قصيا عنهم أكتب عن صولات وجولات المعلم «أبو سداح» الطبية، كرمز من رموز العلاج البدائي في مدينة جدة قبل أن تغدو واحدة من أبرز المدن في مجال السياحة العلاجية.

    في ذلك المقال اضطررت أن اتبع المثل: «دارهم ما دمت في دارهم» فتجنبت الإسهاب في الحديث عن العم «أبو سداح»، الذي كان طبيب المدينة وحلاقها و«مجبرا» خواطرها وكسورها، خاصة ما يتصل بموقفه العدائي من الأطباء، الذين أحدثوا انقلابا ضده، بعد أن كان ملء سمع تلك المدينة وبصرها وأوجاعها وأنينها..

    كان أبو سداح ـ رحمه الله ـ حلاقا شعبيا له صالونه المتواضع في قلب مدينة جدة حتى منتصف القرن العشرين تقريبا، يلجأ إليه الناس ـ قبل عصر المستشفيات ـ لعلاج أمراضهم المتفشية آنذاك كالحصبة والجدري والرمد والصدفية وغيرها، كما اعتاد أن يخصص يوما في الأسبوع لختان الأطفال تجري فيه الدماء على أرضية الصالون أنهارا.. لكن تكالبت على الرجل المحن والحظوظ العواثر حينما شهدت تلك المدينة ظهور أول طبيب هندي يتبع قنصلية بلاده، يتجول في الطرقات على صهوة جواد أبيض، وبجواره حقيبة الأدوية، يعالج الناس في دورهم بأدوية حديثة غير «الشمر»، و«الزنجبيل»، و«الكمون» التي شكلت مفردات «أبو سداح» العلاجية.. فنشأت على أثر قدوم ذلك الطبيب الهندي أول معركة ضارية قادها أبو سداح والعطارون في المدينة ضد ذلك الطبيب، الذي عطل مصالحهم، وهدد وجودهم، فقاطعوا كل من تسول له نفسه من الأهالي التعامل مع ذلك الطبيب الهندي.

    ولم يكد أبو سداح يشفى من تلك الضربة، حتى تلقى ضربة أخرى بطلها مركب أسنان لقبه «الشرقاوي»، سلم له سكان المدينة أضراسهم، فبدت على ثغورهم تلك الأسنان الذهبية اللامعة، فثار أبو سداح ـ وهو الذي كان معنيا بخلع الأضراس ـ ضد الميوعة التي جعلت الناس يغطون أسنانهم التي ضربها السوس بالمعادن البراقة بدلا من خلعها، أو يطلقون شعورهم تنسدل إلى خارج «الطواقي» بعد أن كانوا يحلقونها في صالونه بالموسى أسبوعيا.

    وقد مات أبو سداح واقفا كما تموت الأشجار، بعد أن عاش وحيدا في مواجهة أصحاب المعاطف البيضاء، من دون أن يظفر خصومه ـ من الأطباء ـ بفرصة الكشف عليه.. فلقد تحمل الرجل بصلابة آلام شيخوخته، ورحل عن الدنيا، وهولا يزال متمسكا بحقه في عرش هذه المدينة الطبي الذي حاول أصحاب المعاطف البيضاء إنزاله منه.. رحمه الله.
    ----------
    منقـــول

     
  2. #2
    المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية المودة
    تاريخ التسجيل
    17 / 08 / 2004
    العمر
    32
    المشاركات
    20,806
    معدل تقييم المستوى
    26159

    افتراضي رد: وحيدا في مواجهة أصحاب المعاطف البيضاء

    شكرا لك ... بارك الله فيك ... تحياتي .

     
  3. #3
    جوال نت is on a distinguished road الصورة الرمزية جوال نت
    تاريخ التسجيل
    21 / 02 / 2007
    الدولة
    مجهولة
    المشاركات
    1,034
    معدل تقييم المستوى
    1245

    افتراضي رد: وحيدا في مواجهة أصحاب المعاطف البيضاء

    مشكور لتشريفك للموضوع

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك