[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
تحذير الإنسان من عداوة الشيطان
عبدالفتاح آدم المقدشي
بسم الله، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاعلم أنَّ الشياطين - لعنهم الله - أعداءٌ ألِدَّاءُ لبني البشر، وقد بدأ تاريخُ عداوتهم منذ أن أمر الله إبليسَ - لعنه الله - أن يسجدَ لآدم، ولكنَّه أَبَى واستكبر.
ولقد حذَّر الله أبانا آدم من عداوة إبليس، ولكنَّه لَم ينتبه؛ حيث قال له في أول الأمر: ﴿ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ﴾ [طه: 117]، حتى وسوس له إبليس، وغرَّه على اقتراف المعصية.
وقد استخدم إبليسُ في إيقاع آدم - عليه السَّلام - في شباكه شَيْئين:
أوَّلهما: عرض الإغراءات الخطيرة، وهي الملك والخلود في الجنة.
ثانيهما: القسم بالحلف الكاذب.
وبعد الوقوع في المعصية قال الله - تعالى - لآدم:﴿ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [الأعراف: 22].
وأعظمُ المصائب التي تَصرِف العبادَ عن خالقهم شيئان، وهما: الافتتان بالدُّنيا ولَذَّاتِها، والانصياع إلى أوامر الشياطين، كما كان كذلك في أول الابتلاء.
وقد حَذَّرنا الله - سبحانه - من هاتين الخصلتين الخطيرتين في كتابه العزيز؛ كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 5 - 6].
كما حَذَّرنا الله - سبحانه - كذلك في سورة الأعراف بعد ما قصَّ لنا ما دار بين إبليس وآدم وحواء - أن لا يفتننا الشيطان، كما فتن إبليسُ أبَوَيْنا، وأخرجهما من الجنة، حتى نزع عنهما لباسهما.
ثُمَّ أخبرنا الله في هذا السياق نفسِه عن صور من إضلال إبليس، التي أضل بها قريشًا، وهي أن يفعلوا الفواحشَ، ويَستدِلُّوا على ذلك بأنَّهم وجدوا آباءهم يفعلون ذلك، مع افترائهم على الله الكذب؛ ليقولوا: الله أمرنا بها, وإنَّما هو محض الكذب والافتراء.
وقد كانوا يطوفون بالكعبة وهم عُريانون، حتى كانت المرأةُ العريانة التي تطوف حولها تقول:
الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ
فَمَا بَدَا مِنْهُ فَلاَ أُحِلُّهُ
وهذا كان سبب نزول قوله - تعالى -: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].
ولكن كان يَجوز لقريش أن يطوفوا بلباسهم، وكانوا يسمون أنفسَهم "حُمْسًا"، وقد يلقون لباسهم إلى بعض الطَّائفين العُريانين، الذين لَم يتيسَّر لهم شراء ملابس جديدة، فكانوا يُسمُّونهم "لقيًا"، وكل هذا كان من إضلال الشياطين لهم؛ حيث أقنعوهم أنَّ لباسهم الذي عصوا الله فيه لا يُمكن أن يعبدوا به ربَّهم إلاَّ الحمس، فنزع عنهم لباسهم بذلك، وفتنهم كما فتن إبليسُ أبوينا، ونزع اللباس عنهما.
ثم إنَّ الشياطين - لعنهم الله - لا يولد للإنس مَولود جديد في هذا العالم إلاَّ نخسوه؛ لشدة عداوتهم لهم، وعندها يستهل المولود بالبُكاء كما هو مشاهد، إلاَّ أن الله أنجى مريمَ وابنها من ذلك؛ لدعوة أمهما: ﴿ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾ [آل عمران: 36 - 37].
دروس وعبر:
العنصرية والحمية تحمل على الكبر والحسد.
العنصرية والحمية جعلت إبليسَ يُخاصم ربه حتى اتَّهم حكمته.
العنصرية والحمية تسبب العداواتِ الدامية.
العنصرية والحمية تُعمي البصرَ حتى يرتكب مثل هذه الأخطاء.
العنصرية والحمية تعلم الأنانية وسوء الأخلاق، حتى قتل قابيل أخاه هابيل, وقد كان مرضه كمرض إبليس: الأنانية والكبر والحسد.
ماذا يجب على ابن آدم؟
الحذر من عدوِّه اللدود، وهو الشيطان، والانتباه إلى مَكايده، وهي كثيرة، منها الافتتان بالدُّنيا، وأخذ وسوسته وتسويله، وعدم اتخاذ الكتاب والسنة منهجًا متبعًا، وغير ذلك.
الاستعانة بالله وحده والاستعاذة منه، الالتزام بالأذكار والأوراد اليومية، الابتعاد عن المحرمات وما يغضب الرحمن
مواقع النشر (المفضلة)