قال بعض السادة الأخيار لولده لما حضرته الوفاة : يا بنيّ ، اسمع وصيتي ، واعمل ما أوصيك به. قال : نعم يا أبت. قال يا بنيّ ، اجعل في عنقي حبلا، وجرّني إلى محرابي ، ومرّغ خدي على التراب ، وقل : هذا جزاء من عصى مولاه ، وآثر شهوته وهواه ، ونام عن خدمة مولاه . قال : فلما فعل ذلك به ، رفع طرفه إلى السماء وقال : إلهي وسيدي ومولاي ، قد آن الرحيل إليك ، وأزف القدوم عليك ، ولا عذر لي بين يديك ، غير أنك الغفور وأنا العاصي ، وأنت الرحيم وأنا الجاني ، وأنت السيد وأنا العبد ، ارحم خضوعي و ذلتي بين يديك، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك.
قال : فخرجت روحه في الحال ، فإذا بصوت ينادي من زاوية البيت سمعه كل من حضر وهو يقول : تذلل العبد لمولاه ، واعتذر إليه مما جناه ، فقرّبه وأدناه وجعل الجنة مأواه.
[poem=font="Simplified Arabic,5,white,normal,nor mal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إلهي إن كنت الغريق وعاصيا = فعفوك يا ذا الجود والسعة الرحب
بشدّة فقري باضطراري بحاجتي إليك = إلهي حين يشتد بي الكرب
بما بي من ضعف وعجز وفاقة = بما ضمّنت من وسع رحمتك الكتب
صلاة وتسليم وروح ورواحة = على الصادق المصدوق ما انفلق الحب
أبي القاسم الماحي الأباطيل كلها = وأصحابه الأخيار ساداتنا النجب [/poem]
هذا القبول ينادي صبيان الهوى ، الشاب التائب حبيب الله ، ويصيح بكهول الخطايا عسى الله أن يتوب عليهم ، ويهتف بشيوخ الندم : أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي.
وفي الخبر: إذا تاب العبد إلى الله عز وجل ، وحسنت توبته ، وقام بالليل يناجي ربه ، أوقدت الملائكة سراجا من نور، وعلقته بين السماء والأرض ، فتقول الملائكة : ما هذا ؟ فيقال لهم : إن فلان بن فلان قد اصطلح الليلة مع مولاه.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا قام العبد بالليل ، تباشرت أعضاؤه، ونادى بعضها بعضا : قد قام صاحبنا لخدمة الله تعالى".
مواقع النشر (المفضلة)