+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1
    غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future غالية الروح has a brilliant future الصورة الرمزية غالية الروح
    تاريخ التسجيل
    21 / 08 / 2009
    الدولة
    السعودية
    العمر
    44
    المشاركات
    1,687
    معدل تقييم المستوى
    2065

    Icon4 أحداث في السيرة بين القبول والرد


    نحو توثيق السيرة النبوية المباركة :
    أحداث في السيرة بين القبول والرد


    تكمن أهمية دراسة السيرة المباركة في تقديم صورة صادقة وأمنية عن
    حياة سيد الأنبياء ، وهذا الهدف ليس بالأمر السهل ، فمنذ بداية تدوين السيرة
    والعلماء يضعونه نصب أعينهم ، فيتوقفون أمام المدونات والأخبار
    التي تصل إليهم وينظرون إليها بعين التمحيص والنقد إلا إن
    هذا المجهود لم يكن ليقف أمام تسرب عناصر إخبارية غير
    مرضى عنها عملياً إلى كراسي الوعظ والقصص – وهم الذين تسموا باسم " القصاص " وتحملوا تبعة ترويج البضاعة الإحبارية التي رفضت – عمليا – بين طبقات الناس المختلفة . ومن ثم تحصل محصول من الأخبار في السيرة والشمائل المحمدية يحتاج إلى إبراز الموقف الحديثى باعتباره الموقف النقدي المعتبر منها ، وهذا هو ما ستحاول هذه السطور تقديم نماذج منها – تنبيها إلى أهمية توثيق السيرة المباركة والرجوع إلى المصادر الاإحبارية والنقدية الموثوق بها حين دراستها .

    قصة بحيرا الراهب :
    من أشهر القصص في كتب السيرة والدلائل قصة اصطحاب أبى طالب
    للنبي إلى الشام ، وتعرف الراهب ( بحيرا ) عليه ، ومعرفته نبوته ،
    وذكره ذلك لأبى طالب في طفولة النبي وتحذيره إياه من استمرار
    اصطحابه إلى الشام خوفا عليه من اليهود ، الأمر الذي حدا بأبي طالب
    إن يرجع بمحمد إلى مكة – في قصة طويلة مختلفة في سياقها
    وتفاصيلها بين أصحاب السير ( ) :
    1. فقد ذكر الحديث ابن إسحاق في سيرته – بدون إسناد .
    2. ورواه أحمد بن حنبل والترمذي والخرائطي وغيرهم – من حديث قراد
    – أبى نوح – وزاد فيه إن أبا بكر كان معهم في هذا السفر وإنه لما رجع
    أبو طالب به إلى مكة بعث معه بلالاً .
    3. ورواه معتمر بن سليمان والزهري بدون ذكر اسم الراهب .
    وهذه الرواية اقتصر عليها المقريزي في ( إمتاع الأسماع ) .
    وهذه الروايات أثارت مناقشة كبيرة بين علماء النقد من المحدثين :
    • فقد استغرب هذا الحديث جماعة من المحدثين ، منهم الإمام الترمذي ، فقد قال بعد سياقته : " هذا الحديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه " يقصد بذلك طريق قراد – المشار إليه .
    • وضعفه جماعة واستنكروه جداً منهم الحافظ الذهبي الذي ذكره في ( تاريخ الإسلام ) تحت عنوان : " سفره مع عمه – إن صح " ثم قال : وهو حديث منكر ، جداً بل لقد تعقب الحاكم في تصحيحه إياه بقوله : أظنه موضوعاً . وكذلك الظاهر من صنيع الحافظ ابن كثير إنه يستغربه جداً .
    • ومن النقاد من صححه بشواهده المختلفة ، ومنهم الحاكم في ( المستدرك ). والحافظ جلال الدين السيوطي في ( الخصائص الكبرى ) قال " ولها شواهد عدة سأوردها تقضى بصحتها " . ومال الحافظ ابن حجر في ( الإصابة ) إلى قبولها جملة ، وإنكار الزيادة التي تروى وجود أبى بكر وبلال قال " الحديث رجاله ثقات ، وليس فيه منكر إلا هذه اللفظة " بل قد قطع في ( الفتح ) بقبوله ، قال : " إسناده قوى "

    تدقيق الروايات ههنا والجزم بصحة القصة :

    إلا إن المدقق في روايات الخبر وفي صنيع هؤلاء المحدثين والنقاد يلاحظ مجموعة من الملاحظات .
    أولها :إن الخبر قد جاء من طرق مختلفة ،وأوجه متباينة تؤكد إن له أصلا صحيحاً :
    • فقد خرجه ابن سعد من طريق أبى المليح عن عبد الله بن محمد بن عقيل – مرسلا .
    • وابن عساكر من طريق محمد بن سعد بإسناده إلى أبى مجلز .
    • والواقدي بإسناده إلى داود بن الحصين .
    • والطبري بإسناده عن هشام بن محمد – مرسلاً ، أو معضلاً .
    • وعبد الرزاق من حديث الزهري – مرسلاً .
    • وابن عائد من حديث الوليد بن مسلم عن سليمان بن موسى – مرسلاً هكذا .
    • غيرهم من طرق أخرى ، أضربنا عنها اكتفاء بما ذكرنا .

    والملاحظة الثانية : إن العلماء لا يختلفون في تقوية أمر الحديث الضعيف إذا جاء من طرق متعددة ، أو كانت له شواهد أخرى – كما هو مشهور في مصطلح الحديث ( ) .

    والثالثة : إن الحديث المرسل مقبول عند مالك والحنابلة ، وقد قبله الشافعي إذا جاء من طريقين مرسلين كل منهما مشتهر أخذ الحديث عن غير الذي يأخذ عنه الأخر – وهذا هو حال مرسلات هذه القصة ( ) .
    أما الرابعة فهي : إن النكارة إنما جاءت لهذه الحديث من قبيل الزيادة التي قراد أبو نوح ، وهي ذكر أبى بكر وبلال في الحديث ، مع إن عمر أبى بكر في هذا الوقت لم يكن يزيد على عشر سنوات ، وإنه لم يكن قد اشترى بلالاً بعد ، وهي زيادة منكرة حقا ، إلا إنها تدل على خطأ قراد – رواى الحديث – أو يونس بن أبى إسحاق – الذي رواه قراد عنه ، لكنها لا تفدح في أصل الحديث الذي رواه جماعة كثيرة من الرواه .
    من هنا نميل إلى صحة الرواية وقبولها – على النحو الذي رواه نعيم في " دلائل النبوة " من حديث على ، وهي أخصر الروايات ، وقد ذكرها السيوطي في الخصائص ولم أجدها في نسختي من دلائل النبوة لأبى نعيم .

    خيانة استشراقية :
    فإذا ما عدلنا عم هذا الجو العلمي – الذي أشاعه البحث في خبر " بحيرا " الراهب – إلى النظرة الاستشراقية لهذا الخبر – فسنشعر بغير قليل من رائحة التدني المنهجي والزيف العلمي ، فتحت اسم " بحيرا " من دائرة المعارف الإسلامية ( ) كتب المستشرق " فنسنك " بحثاً لخص فيه القصة ،
    ثم قال :
    " وهذه القصص قسم خاص من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي  ، ولها نظائر كثيرة من النوع نفسه وكلها ترمى إلى أن أهل الكتاب عرفوا من كتبهم من قبل بعثة النبي  .
    وهذا " الصنيع من ( فنسنك ) يحاول أن يسجل حكما عاماً على كل الأخبار التي تواترت بتعرف الأحبار والرهبان والكهان على النبي قبل مولده ، وقبل مبعثه ، وبعد مبعثه ، وهو صنيع يضرب ببديهيات المنهج العلمي عرض الحائط ، إذ لا يدخل في غمار البحث المنهجي حول رواية القصة ونقلتها ، والدراسات التي صيغت حولها ، وإنما يبادر إلى القول الفج غير المعلل بأنها أسطورة ، ويلحق هذا اللهاث الجري بلهاث آخر ينهى فيه القضية من أساسها ، فيرى إن ( نظائرها ) من هذا النوع الأسطوري نفسه ومن هنا يقوض – بأمنيته – مبدأ إن أهل الكتاب قد تعرفوا على بعثة محمد من خلال كتبهم ، على الرغم من إنه مبدأ موجود في القرآن الكريم أصلاً وليس مستقى من هذا القصص ، وإن كانت هذه القصص تعد تأكيدا وتطبيقاً لهذا المبدأ القرآني .

    أما أن المجال مجال مناقشة هذه النتيجة فلا وإنما المراد هو إطلاع القارئ على صورة البحث العلمي عند المسلمين وصورة هذا البحث العلمي عند رؤوس الاستشراق ، وطريقتهم في الاستنتاج . ولكن مضرب المثل في الوقاحة الدراسية – إن صح التعبير – هو ما اكتشفه فنسنك حول شخصية بحيرا ، والذي حرص على ذكره ، وهو إن " الروايات الإسلامية حول شخصية بحيرا قد جمعت كلها بالتفصيل في ( سفر بحيرا ) لكاتب مسيحي في حوالي القرن الحادي عشر أو الثاني عشر – يدعى " إشو عيب " وقد ورد في الكتاب كيف لقن سرجيوس ( وهو الاسم الحقيقي لبحيرا ) محمداً  عقيدته وشرائعه وأجزاء من القرأن ، وذلك بقصد إن يجعل العرب يعترفون بإله واحد .
    ولم يعلق الأستاذ العالم المنهجي ( فنسنك ) بحرف واحد يدل على القيمة التاريخية لهذه المقولة ، وكأن الروايات إذا أريد بها إظهار معرفة أحبار أهل الكتاب برسول الله صلوات الله عليه قبل مبعثه فهي أساطير كلها ، وإذا أريد بواحدة منها إن " محمداً نبي كاذب كان يتلقى توجيهه من راهب ملحد " فهاهنا لا تعليق . وهذا هو نتاج المنهج العلمي والأمانة العلمية عند المستشرقين .

    أول الخلق :

    إلا إن قصة " بحيرا " لم تسجل في الضمير الشعبي للأمة مثلما سجلت مجموعة من التصورات والمواقف حول النبي المبارك الكريم ، وهذه التصورات والمواقف محتاجة إلى عرضها على ميزان النقد العلمي الذي رأيناه آنفاً عند المسلمين ، فكثير من المآذن في (مصر) مثلاً تردد – بعد الأذان – الصلاة على ( أول خلق الله ) ، ومع ذلك لم يتبادر إلى ذهن أحد من المصلين إن المقصود هنا هو ( آدم ) عليه السلام ، وإنما المستقر في ضميرهم جميعاً – سواء أقره بعضهم أو رفضه البعض الآخر – هو إن أول خلق الله هو محمد، وقد تضافرت على صنع هذا التصور مجموعة
    من الأحاديث لمشتهرة على اللسنة ، مثل :
    • كنت أول الناس في الخلق وأخرهم في البعث " .
    • كنت أول النبيين في الخلق وأخرهم في البعث " .
    وهذه الأحاديث وما في معناها ليس مما يتوقف عندما لوهاء أسانيدها ( ) :
    - فقد رواه ( أبو نعيم ) في دلائل النبوة ، وابن أبى حاتم في تفسيره ، وتمام في فوائده ، كل هؤلاء من طرق عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبى هريرة مرفوعاً .

    وهذا إسناد ضعيف فيه شذوذ يزيده ضعفا وسبب الضعف هو سعيد بن بشير، ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي ، وحسبك هؤلاء ( ) ، وضعفه غيرهم ، قال ابن حبان في المجروحين . " وكأن ردئ الحفظ ، فاحش الخطأ ، يروي عن قتادة مالا يتابع .

    قلت : وهذا الحديث من طاماته وغرائبه فقد أوردة الذهبي في ( الميزان ) مثالاً على غرائبه ( ) .
    والذي يدل على شذوذ هذا الإسناد أن غير سعيد بن بشير قد رواه عن قتادة مرسلاً ، ومنهم من رواه عنه موقوفاً . فهذا اضطراب في الإسناد إلى جانب ضعف سعيد .
    فإن صح المرسل كان ضعيفاً لإرساله ، ولأنه مخالف للفظ أصح منه ، وهو الحديث الذي رواه أحمد في ( السنة ) والطبراني في المعجم الكبير عن ميسرة الفجر -  - قال : " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد " .
    وذكره الحافظ بن حجر في ( الإصابة ) في ترجمة ميسرة الفجر ، قال " وهذا سند قوى ، ثم ذكر إسناد الإمام أحمد وقال : " وسنده صحيح " ( ) .
    قلت وهذا اللفظ هو الذي رواه الأئمة ، وصححه من صححه منهم مثل ابن حبان والحاكم ، ورواه الترمذي عن أبى هريرة إنه قال للنبي " متي كتبت نبياً ؟ " قال " كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد " .
    واللفظ هنا يدل على أن النبي صلوات الله عليه كتبت نبوته قبل خلق آدم ، لا أنه خلق قبل آدم ، وهو من شريف قضاء الله الذي قضاه في الأزل . فوقع سوء الفهم من الناس ، ثم حملوا قتادة رحمة الله – احتملها . ومن ثمة قال الشيخ الألباني بعد تضعيفة للحديث الأول ، وذكره لهذا اللفظ .
    وسنده صحيح لكن لا دلالة فيه على إن النبي أول خلق الله تعالى – خلاقاً لما يظن البعض – وهذا ظاهر بأدنى تأمل " ( ) .
    هذا ولا بد من إشارة إلى وهم وقع بعض جامعي الحديث ، أوقعهم فيه عدم الدربة الكافية في نقد الأسانيد أو التعجل في الحكم أو التقليد ، فقد قال السخاوي في(المقاصد الحسنة ) ، وتابعه العجلوني في ( كشف الخفا ) عن الحديث الأول :
    " وله شاهد من حديث الفجر " .
    وقال الشوكاني – بعد أن ذكره في ( الفوائد المجموعة ) ( ) :
    " وله شاهد صححه الحاكم بلفظ : كنت نبياً وآدم بين الروح والجسد " .
    وهذا من الوهم ، لأنه هذا اللفظ لا يصلح شاهداً للفظ الأول ، فالأول يزعم إن رسول الله  قضى نبوته قبل خلق آدم وشتان بين المعنيين فليس تشابه الحروف المتراصة دليلا على تشابه المعاني . ومن هنا أرى إن تضعف لفظ هذا الحديث – الذي نحن بصدده – فيه قدر من التسامح وقد حكم جماعة من العلماء بأنه موضوع منهم ( الصنعاني ) ، و ( ابن تيميه ) ( ) وتابعهما الشيخ التليدي في مقدمته لكتابة ( تهذيب الخصائص الكبرى ) ( ) .

    وعموماً فمنزله النبي ومكانته عند ربه – سبحانه – أعلى من إن تحتاج إلى الأحاديث الواهية لإثباتها أو تأكيدها ، وقد صحت الأحاديث الصريحة بأنه سيد ولد آدم يوم القيامة ، وإن أول من يفتح باب الجنة ، وأنه أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة ، وإنه أوتى من الفضل في الدنيا ما لم يؤته نبي قبله ، وإنه صاحب الشريعة الحاكمة المهيمنة على الشرائع السابقة ، والمبطلة للتشريعات اللاحقة ( ) إلى مالا يحصى من الفضائل الصحيحة . والمناقب الواضحة الصريحة ، التي لا مزيد بعدها بأحاديث ساقطة ، فيها غلو في قدر بما لا يحاج قدرة إليه / وهو -  - القائل " لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم ( )
    والإطراء : الزيادة في المدح ، والغلوفي الوصف .

    الحمامة والعنكبوت :
    ومن القصص التي تسللت إلى العقل الجمعي للأمة ، وساهم الخيال الشعبي في رواجها بصورة لم يسلم منها بعض المتخصصين ما رواه أصحاب الأخبار من إنه لما هاجر النبي واختبأ في الغار بعث الله العنكبوت فضربت نسجها نحو باب الغار . وأمر حمامتين وحشيتين فوقعتا بجوار نسج العنكبوت ، فلما كان الكفار ينظرون إلى الغار بحثاً عنه، كان يردهم عن ذلك ما يرون من الحمامة والعنكبوت ( ) .
    وقد اتخذت هذه الحادثة ألوانا متعددة من القص ، ودخلت في إطار الإنشاد الشعبي ، وطالت مكوناته وقصرت حسب حاجة الراوي إلى ذلك ،

    وسنختار الوجوه المسندة لهذه القصة لنعلق عليها بملاحظات النقاد :
    1. فقد رواها الطبراني في المعجم الكبير وابن سعد في الطبقات والبزار في مسنده كلهم من طريق عون بن عمرو القيسى ، عن أبى مصعب المكي عن المغير بن شعبة وأنس وزيد بن أرقم ، هذا سياق يذكر الحمامتين والعنكبوت .
    2. ورواها الإمام أحمد في المسند وعبد الرزاق في المصنف من طريق عثمان الجزري إن مقسماً مولى ابن عباس رواه عن ابن عباس ، وهذا سياق يذكر العنكبوت وحده .
    3. رواه الديلمي من حديث أبى بكر الصديق بلفظ : " جزى الله عز وجل العنكبوت عنا خيراً ، فأنها نسجت على وعليك يا أبا بكر في الغار … "
    وهو حديث مسلسل بقول كل راو : " إنا أحبها ( يعنى العنكبوت ) منذ سمعت فلاناً ..
    وهذه الروايات روايات ضعاف ، فاللفظ الأخير – كما هو مسلسل بهذه اللفظة – وهو مسلسل بجماعة من المجاهيل ، منهم إبراهيم بن محمد شيخ عبد الله بن موسى السلامي ، وعبد الله بن موسى هذا موسى هذا أيضاً ضعيف ، فقد قال عنه أبو سعيد الادريسي الحافظ :
    " كتب عمن دب ودرج من المجهولين وأصحاب الزوايا " وهذا يدل على إنه حاطب ، دليل يحدث عمن يعرف ومن لا يعرف من القصاص والمتحدثين في الزوايا ، والذي يؤكد ذلك جهالة شيخه إبراهيم بن محمد . فالحديث في غاية الضعف .
    أما اللفظ الأول المروي عن ثلاثة من الصحابة فلا يغنك لأن الافة من رواية عنهم ، ومن تلميذه الرواي عنه .
    • وأما شيخه أبو مصعب المكي هذا فهو مجهول لا يعرف ، قال العقيلى : " وأبو مصعب رجل مجهول " ( ) .
    ولذلك قال ابن كثير عقب سياقته له : هذا حديث غريب جداً من هذا الوجه .

    قلت : وهذا الاستغراب لا يحمل إلا على الضعف الشديد ، لما علمت من حال عون بن عمرو وشيخه .
    ولعل حال اللفظ الثاني لهذه الروايات أحسن قليلاً من هذين ، فقد حسنه الحافظ بن كثير قال : " وهو أجود ما روي في قصة العنكبوت على فم الغار " وتعقبه العلامة الألباني بقوله : " كذا قال . وليس بحسن في نقدي " .
    ودلل على ذلك بضعف عثمان الجزري ، وساق تحقيقاً لاسمه ، وحاله ، أما الإمام المحدث الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند فإنه اكتفى بقوله : " في إسناده نظر " ( ) .
    إلا إن الشيخ الألباني استشهد بقوله تعالى  وأيده بجنود لم تروها  - [ التوبة / 40 ]
    وهو القول الذي ورد في سياق هجرته، استشهد به على إن هذه الجنود لابد إن تكون خافية عن العين لا ظاهرة لها ، كالحمائم والعناكب والأشجار . ثم قال :
    " والأشبة بالآية إن الجنود فيها إنما هم الملائكة نزلوا يصرفون وجوه الكفار وأبصارهم عن الرؤية " .

    وقال في موضع آخر :
    " وأعلم إنه لا يصح شيء في عنكبوت الغار والحمامتين ، على كثرة ما يذكر ذلك في بعض الكتب والمحاضرات التي تلقى بمناسبة هجرته إلى المدينة ، فكن من ذلك على علم " ( ) .
    وإذا كان كاتب هذه السطور يميل إلى رأى الشيخ ، فهو لا يستبعد إن يكون هناك أصل لحديث العنكبوت – إلا إن الصحيح الواضح في مثل هذه المناقب يغنى عن الضعيف الذي تحوم حوله الشبهات العلمية .


    خواتيم ، وضوابط :

    ونكتفي بهذا القدر – خشية الإطالة ، وفراراً من الملالة – وقد يكون هناك مجال أرحب لذكر المزيد ، مشيرين إلى أمور نرى أهميتها ك منها : إن كتابة السيرة النبوية تحتاج في عصرنا هذا إلى علماء محدثين واعين ينفقون عن هذا الموروث خبثه ، ويكتفون بالصحيح منه . ولعل كتاب الأستاذ رزق الطرهوني خطوة جادة على هذا الطريق ( ) .

    ومنها كان هناك دراسات حول فقه السيرة والمناحي التربوية فيها ككتاب الأستاذ محمد الغزالي – رحمة الله ، وكتاب الأستاذ الدكتور البوطي ، وكتاب الأستاذ الغضبان ، وكتاب الشيخ أحمد فريد ، وهي كتب فيها من البحث في موضوعها الكثير من الفائدة ، إلا إن هذا اللون من الكتابة يحتاج إلى التسلح أيضاً بسلاح النقد للمرويات التي ينبني عليها حكمهم العلمي واتجاههم التعليمي ، كما إن بعضها قد تجاوز في أمور ينبغي إن تناقش في صياغة الدراسات المستقبلة للسيرة .

    ومنها : إنه حبذا لو شكلت لجنة من العلماء لعمل الأمرين السابقين معاً – أعنى الإفادة من الجهود المخلصة للمحدثين في كتابة كتاب موثق في السيرة النبوية يتتبع كل جزئياتها بالبحث ، فلا يترك صحيحاً إلا سجله ، ولا ضعيفاً إلا أشار إليه ، حسب الطاقة – وأظن إن طاقة جماعة تتعاون على هذا الأمر سيبارك الله فيها – هذا إلى جانب إن تضم هذه اللجنة ما يصفون من فقه السيرة وجوانبها العملية والتربوية إلى كا باب من أبوابها أو موقف من مواقفها .

    والحديث في سيرة المصطفى ذو شجون ، و ( تطويل أخبار الهوى لذة أخرى ) – كما يقول الشبراوى – إلا إن المكان وطبيعة المجال عموماً تستحث القلم على الراحة والإراحة راجياً الله إن ينفع بما كتب ، إن ولى قدير .


    أرجو ان تسامحوني في عدم مجيء الحواشي مع البحث .....

    وأرجو أن تعذروني في الأخطاء الطباعية .....

    بقلم/ محمد القاضي .


    .
    .


     
  2. #2
    ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute ابو مالك has a reputation beyond repute الصورة الرمزية ابو مالك
    تاريخ التسجيل
    20 / 03 / 2007
    الدولة
    الأردن
    العمر
    50
    المشاركات
    6,574
    معدل تقييم المستوى
    7059

    افتراضي رد: أحداث في السيرة بين القبول والرد

    شكرا وبارك الله فيك لك مني أجمل تحية عطره

     

 
+ الرد على الموضوع

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك