... الدرس الرابع عشر ...
... ذكرياتنا في رمضان ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و بعد :
فأجمل ذكرياتنا نحن المسلمين في شهر رمضان , أنزل كتابنا العظيم و الذكر الحكيم فيه , (( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان )) .
نزل كتابنا في رمضان فكانت ذكراه أحلى الذكريات , و أيامه في الدهر خالدات .
نزل القرآن الكريم على أمة أميَّة , ليخرجها بإذن الله من الظلمات إلى النور .
كلما جاء رمضان تذكرنا لهذه المنة العظيمة بإنزال هذا الكتاب الحكيم على الرسول الكريم (( لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )) .
و في رمضان انتصرنا و غلبنا – بإذن الله – الباطل و دحرنا الكفر في بدر الكبرى .
و في رمضان انتصر رسولنا صلى الله عليه و سلم و أصحابه من المهاجرين و الأنصار . قال تعالى : (( و لقد نصركم الله ببدر و أنتم أذلة , فاتقوا الله لعلكم تفلحون )) .
انتصر الإسلام على الكفر في رمضان , و ارتفعت لا إله إلا الله محمد رسول الله في رمضان , و اندحر الإلحاد في رمضان (( يوم التقى الجمعان )) .
بدر الكبرى كانت في السابع عشر من هذا الشهر , فكلما مر بنا هذا اليوم ذكرنا بتلك الغزوة المباركة .
في رمضان كانت غزوة الفتح , فتح مكة . قال تعالى : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ً )) .
فتح رسولنا صلى الله عليه و سلم القلوب بالقرآن الكريم في رمضان , و فتح مكة بالتوحيد في رمضان في رمضان , فاجتمع الفتحان , و انتصر الإيمان , و علا القرآن , و فاز حزب الرحمن , معارك المسلمين الكبرى تقع في رمضان , و انتصارات المسلمين الخالدة في رمضان .
و من ذكرياتنا في رمضان أن أمين الوحي جبريل ( عليه السلام ) كان ينزل على رسولنا صلى الله عليه و سلم في هذا الشهر كثيراً فيدارسه القرآن الكريم و يراجع معه آيات الله البينات , و يثبت حفظه و يتدبر معه تلك الحكم العظيمة و الآيات الكريمة , و يعيد عرض هذا الكتاب عليه , و يتأنق معه في التلاوة , و يجوِّد معه الوحي , فكانا في أعظم عبادة و أجل قربة و أحسن مجلس .
و من ذكرياتنا في رمضان اجتماع الصدر الأول من الصحابة في صلاة التراويح فكانوا يسمعون لإمام واحد و هو يتلو عليهم كتاب ربهم فيخشعون و يبكون و يتدبرون .
يطول بهم الليل فيقصرونه بالقيام , فلو رأيتهم و قد سألت منهم الدموع و ثبت في قلوبهم الخشوع , فهم في قيام و سجود و ركوع ٍ .
و لو رأيتهم و قد هلت منهم العبرات و ارتفعت منهم الزفرات و ضجوا إلى رب الأرض و السماوات .
و لو رأيتهم و قد وجلت منهم القلوب و اقشعرت منهم الجلود و جادت بدمعها العيون .
و من ذكرياتنا في رمضان أنه الشهر الذي تفتح فيه أبواب الجنان و تغلق فيه أبواب النيران , و تقيد فيه الشياطين و هذه من أحلى الذكريات يوم يشعر المؤمن أنه مرحوم في هذا الشهر الكريم , و إن إغواء الشياطين مصروف عنه في هذه الأيام المباركة , ثم إن لكل صائم في هذا الشهر فرحتين يفرح بفطره و يفرح بلقاء ربه تبارك وتعالى , فكلما تجدد هذا الشهر تجدد معه الفرح و زاد الإنس و السرور .
و هذا الشهر كفارة لما بينه و بين رمضان الماضي كما أخبر بذلك عليه الصلاة و السلام في الصحيح , فهو شهر يحمل ذاكرة مجيدة , لكل مسلم يوم يعلم أنه مطهر له من السيئات و الخطايا . و رمضان شهر الفقراء و المساكين فهم يجدون فيه السخاء و العطاء من الأغنياء , و يجدون العون و المدد من الأثرياء , فكثير منهم يسعد في هذا الشهر بما يجود الله به على أيد الباذلين .
صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( إن في الجنة باباً يقال له الريان , يدخل منه الصائمون , فإذا دخلوا أغلق فلا يدخل منه غيرهم ) .
فباب الريان له مكانة عظيمة في رمضان في رمضان عند عباد الرحمن .
أتاك شهر السعد و المكرمات *** فحيه في أجمل الذكريات
يا موسم الغفران أتحفتنا *** أنت المنى يا زمن الصالحات
اللهم أعد علينا رمضان أياماً عديدة , و أعوماً مديدة , في ثياب من البر و التوبة الجديدة .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
مواقع النشر (المفضلة)