... الدرس الخامس و العشرون ...
... في رمضان تتجلى صور الحب و التآخي بين المسلمين ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و بعد .
فالمسلمون يد واحدة و قلب واحد و كيان واحد , المسلمون كما وصفهم عليه الصلاة و السلام بأنهم كالجسد الواحد و لم يجمع شتاتهم إلا الإسلام , و لن يؤاخي بينهم إلا الإسلام , (( و ألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم , و لكن الله ألف بينهم إن الله عزيز حكيم )) , ليس عند المسلمين وحدة لغة أو دم أو لون أو جنس أو وطن , عند المسلمين وحدة دين , تجمعهم مظلة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم .
المسلمون يتمايزون بالتقوى و يتفاضلون بالعلم (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوباً و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم , إن الله عليم خبير )) .
لما دعا محمد عليه الصلاة و السلام إلى الإسلام جاء المؤذن من الحبشة يقول لبيك اللهم لبيك , و خرج لسان الحال بسلمان الفارسي ليقول : " سلمان منا آل البيت " , و هب صهيب الرومي ينادي الله أكبر , الله أكبر , و تخلف أهل التمييز العنصري : الوليد بن المغيرة و أبو جهل و أبو لهب .
صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( يا بني هاشم ليأتين الناس يوم القيامة بأعمالهم و تأتوني بأنسابكم ) , و في الصحيح عنه أنه قال صلى الله عليه و سلم ( و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ) .
قال الأول :
إذا فخرت بآباء لهم كرمٌ *** نعم صدقت و لكن بئس ما ولدوا
و قال الآخر :
ليس الفتى من يقول كان أبي *** إن الفتى من يقول ها أنذا
المسلمون جمعية كبرى , عضوها كل بار مؤمن راشد , و الإسلام ليس لأمة دون أخرى فالإسلام للعرب و الهنود و الأتراك و الباكستان و الأفارقة بل لكل العالم , أبو بكر الصديق رضي الله عنه قرشي و بلال حبشي و صهيب رومي و سلمان فارسي و محمد الفاتح تركي و إقبال هندي و صلاح الدين كردي , جمعتهم جميعاً لا إله إلا الله محمد رسول الله .
و في رمضان تظهر هذه الوحدة العظيمة , فشهر واحد و صيام واحد و قبلة واحدة و منهج واحد .
نصلي جميعاً وراء إمام واحد يقول لنا : (( و اركعوا مع الراكعين )) , و قال سبحانه : (( و قوموا لله قانتين )) . خاطبنا الله تعالى بالصيام جميعاً فقال : (( يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون )) , حجنا واحد في زمن واحد على صعيد واحد (( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام و اذكروه كما هداكم )) .
دعانا الله عز وجل إلى الاعتصام بحبله و نبذ الفرقة فقال : (( و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا , و اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً )) .
نهانا سبحانه عن الفرقة فقال : (( و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات , و أولئك لهم عذاب عظيم )) .
و صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد و لا يفخر أحد على أحد ) .
إن يختلف ماء الوصال فماؤنا *** عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا *** دين أقمناه مقام الوالد
و صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضاً ) , و في الصحيح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه و لا يخذله و لا يحقره بحسب المسلم من الشر أن يحقر أخاه المسلم , كل المسلم حرام , دمه و ماله و عرضه ) .
من لوازم هذه الأخوة السؤال عن حال أخيك المسلم زيارته في الله , عبادته إذا مرض , السلام عليه عند اللقاء , البشاشة في وجهه , تشميته إذا عطس , إجابة دعوته , تشييع جنازته , الدعاء له بظهر الغيب , الذب عن عرضه , سد حاجته , الوقوف إلى جانبه , نصره إذا ظلم , نصيحته و توجيهه , إلى غير ذلك من الحقوق , كل مسلم في الأرض أخ لك أخوة إيمانية قرآنية شرعية كتب عقدها الله و جاء بصفتها محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم .
اللهم ألف بين قلوبنا و اجمع شملنا و وحد صفوفنا يا أكرم الأكرمين .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
...نجد علي...
مواقع النشر (المفضلة)