... الدرس السابع عشر ...
... محبة الله عز وجل تعظم في رمضان ...
الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و سلم وبعد .
فإن امتثال أمر الله عز وجل بصيام شهر رمضان تزيد من محبة اله عز وجل في قلب الصائم , و أولياء الله عز وجل يحبون ربهم تبارك و تعالى حباً عظيماً " يحبهم و يحبونه " و ليس العجب من قوله " يحبونه " فإنه سبحانه المنعم المتفضل , لكن العجب من قوله " يحبهم " يخلقهم و يرزقهم و يعافيهم ثم يحبهم .
و لمحبة الله عز وجل عشر علامات من فعلها فقد أحب الله حقيقة لا ادعاء :
أولها : محبة كلامه الذي تكلم به و أنزله على رسوله صلى الله عليه و سلم و حياً , و الشوق إلى تلاوة هذا الكلام و تدبره و الأنس به , و إصلاح القلب بتعاليمه و تسريح الطرف في رياضه و السهر به في جنح الليالي و حنادس الظلام , و العمل بمقتضاه و تحكيمه في كل شئون الحياة .
ثانيها : محبة رسول الله صلى الله عليه و سلم و اتباعه و كثرة الصلاة و السلام عليه صلى الله عليه و سلم و اعتقاد عصمته و اتخاذه أسوة . (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيراً )) , و العمل بسنته بدون تحرج و لا تهيب و لا تذبذب , (( فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم , ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً )) .
ثالثاً : الغيرة على محام الله , و الذب عن حدود الله أن تنتهك , و الغضب عند إهانة شيء من شعائر الإسلام , و التحرق على هذا الدين , و التألم لواقعه بين أهل البدع و المجاهدة بالقلب و اللسان و اليد ما أمكن لنصر شرع الله و تمكين دين اله في الأرض .
رابعها : التشرف بولاية الله تعالى و الحرص على نيل هذه الولاية , و صف الله أولياءه فقال : (( ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون , الذين آمنوا و كانوا يتقون )) . قال سبحانه : (( إنما وليكم الله و رسوله و الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون , و من ينول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )) .
خامسها : المر بالمعروف و النهي عن المنكر و بذل النفس و النفيس في ذلك فهو قطب رحى الإسلام و سياجه و ترسه الذي يحتمي به (( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون )) , و تزيد هذه الصفة إشراقاً في شهر رمضان , و يبذل الصائمون الصادقون نصيحتهم و دعوتهم لعباد الله محتسبين الجر من الله تبارك و تعالى .
سادسها : الاجتماع بالصالحين و حب الأخيار و الأنس بمجالسة أولياء الله و سماع حديثهم , و الشوق إلى لقائهم و زيارتهم و الدعاء لهم و الذب عن أعراضهم , و ذكر محاسنهم و نفعهم بما يستطاع فالله عز وجل يقول : (( إنما المؤمنون أخوة )) , و يقول : (( و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا )) .
سابعها : التقرب إلى الله بالنوافل و التوصل إلى مرضاته بالأعمال الصالحة , صلاة و صياماً و صدقة ً و حجاً و عمرة و تلاوة و ذكراً و براً و صلةً إلى غيرها من الأعمال . قال سبحانه : (( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا عابدين )) , و يقول سبحانه في الحديث القدسي الصحيح : ( و ما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ) .
ثامنها : تقديم حب الآخرة الباقية على الدنيا الفانية و التهيؤ للقاء الله عز وجل , و التزود ليوم الميعاد و إعداد العدة لذاك الرحيل المرتقب .
تزود للذي لابد منه *** فإن الموت ميقات العباد
أ ترضى أن تكون رفيق قوم *** لهم زاد و أنت بغير زاد
تاسعها : التوبة النصوح و ترك المعاصي و المخالفات و الإعراض عن اللاهين اللاعبين من أهل الانحراف و الفجور فإن مجالسهم حمى دائمة وسم زعاف و داء مستمر (( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين )) , و يقول عليه الصلاة و السلام في الصحيح ( المرء يحشر مع من أحب ) .
عاشرها : تمني الشهادة في سبيل الله و ارتقاب ذاك اليوم الذي تقدم النفس فيه خالصة لله و بيع النفس و المال و الولد و عدم العود في هذا البيع العظيم و الصفقة الرابحة .
قال سبحانه : (( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون )) .
اللهم زدنا لك محبة , و فيما عندك رغبة , و إليك إنابة , إنك على كل شيءٍ قديرٍ .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
...نجد علي...
مواقع النشر (المفضلة)