... الدرس السادس و العشرون ...
... شهر رمضان موسم مبارك للدعوة الإسلامية ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و بعد .
فالدعوة الإسلامية مهمة للأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام , ما من نبي إلا قام داعية و معلماً كلهم يقول : (( أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره )) . و يقول الداعية منهم لقوله : (( و ما أسألكم عليه من أجر )) .
يقول عز من قائل : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن )) , و يقول تبارك اسمه : (( قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا و من اتبعني و سبحان الله , و ما أنا من المشركين )) , و البصيرة هي العلم النافع و العمل الصالح . و يقول تعالى : (( و من أحسن قولاً ممن دعا إلى الله و عمل صالحاً و قال إنني من المسلمين )) .
الدعوة إلى الله لها آداب خمسة مع خمس و سائل و خمس نتائج :
أما آدابها الخمسة فهي :
أولاً : الإخلاص لله و الصدق مع الله و طلب ما عند الله تعالى , يقول تعالى : (( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين )) , و قد أخبر المعصوم عليه الصلاة و السلام أن من أول ما تسعر بهم النار ثلاثة و منهم : عالم تعلم العلم ليقال عالم و قد قيل. و هو حديث صحيح .
ثانياً : العمل بما يدعو إليه فإن مخالفة الفعل للقول فضيحة و عار , قال سبحانه : (( أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون )) , يقول الشاعر :
يا أيه الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا تعليم
تصف الدواء لذي السقام و ذي الضنا *** كيما يصح به و أنتم سقيم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
ثالثاً : التدرج في الدعوة و البدء بالأهم فالمهم , كما فعل عليه الصلاة و السلام في دعوته للناس , و كما قال لمعاذ لما أرسله إلى اليمن فقال : ( إنك تأتي قوماً أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ان لا إله إلا الله و اني رسول الله , فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم و الليلة ) متفق عليه .
خامساً : مخاطبة كل قوم بما يناسبهم و ما يحتاجونه فلأهل المدن خطاب , و لأهل القرى خطاب , و لأهل البوادي خطاب , و للمتعلم مقام و للجاهل مقام , و للمجادل أسلوب و للمذعن أسلوب , (( و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً )) .
و وسائل الدعوة خمس :
أولها : الدعوة الفردية و هي مخاطبة المدعو منفرداً عن الناس إذا كانت المسألة تخصه .
ثانيها : الدعوة العامة في هيئة محاضرة , أو موعظة و هي تنفع العامة و جمهور المسلمين .
ثالثها : الدرس الخاص بطلبة العلم كل في فنه و هذه مهمة العلماء القائمين بفنونهم .
رابعها : الدعوة بالمكاتبة و المراسلة و التآلف و الهدايا و تقديم النفع للمدعو .
خامسها : الدعوة بالوسائل الحديثة الإعلامية و استغلالها في رفع كلمة الحق .
أما نتائجها الخمس :
أولها : إحراز منصب وراثة الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام فهم الدعاة الأوائل و المنائر السامقة في عالم الدعوة .
ثانيها : استغفار المخلوقات لمعلم الناس الخير حتى الحيتان في البحر كما صح به الحديث .
ثالثها : كسب أجور عظيمة بقدر أجور المدعوين فقد عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( من دعا إلى سنة حسن كان له من الأجر مثل أجور من تبعه دون أن ينقص من أجورهم شيئاً ) .
رابعها : انتقال الداعية من منزلة المدعو إلى منزلة الداعي فيؤثر في غيره و لا يتأثر بغيره من دعاة السوء .
خامسها : إمامته في الناس و الاقتداء به , فإن الله عز وجل و صف الصالحين و ذكر أنهم يدعون و يقولون : (( و اجعلنا للمتقين إماماً )) .
و في رمضان تهيج مشاعر الدعاة و تنطلق ألسنتهم و تجود أقلامهم و ترحب بهم المنابر لسماع دعوتهم و كلامهم فهل من داعية يجود بالعلم في هذا الشهر لينفع الله به .
اللهم زدنا علماً نافعاً و عملاً صالحاً و فقهاً في الدين .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
...نجد علي...
مواقع النشر (المفضلة)