مَضيتَ تعاني في المَعاني تساؤلا
وكمْ جَنَّ فيكَ الليلُ للفجرِ طائلا؟
وقد باتَ حُلماً تائهاً في سَريرةٍ
إذا ما السجايا عايَنَتهُ تَفاؤلا
وإن عِشتَ تَشكو لوعةَ الحبِّ خلسةً
فقدْ ذابَ عُمْرٌ في خَيالكَ ماثلا
يسيرٌ...مضى نحوَ الهنيهةِ رَكبهُ
إلى رُبَّ وَهمٍ قد تمَثّلَ حائلا
أما كنتَ تَرجو ثمّ تأبى فَترْتَجي
ضَياعاً تَهادى ثمّ أصبحَ عاجِلا
تفانى قُنوطاً كي يصافي لِتنْطَوي
بِضِفّة كأسِ البَينِ سُقياً ثمائلا
هو الشوقُ يَرْقى، ثمّ يرقى ليَرْتقي
على ركْبِ قلبٍ لا يودُّ تمايلا
فلو كانَ يَرْضى أنْ يُحلِّق هِجرةً
جنوباً ، شمالاً،عاجلاً ثمّ آجلا
وكمْ أثخَنَتْ منّا الحياة بحَسْمِها
وكم أولجَتْ حَلاً، ولم أكُ سائلا
فتلكَ تآويلٌ لِحالة مُرْهَفٍ
فيا ليْتني ما ضاع عُمْر تأوّلا
غريبُ صُنوفِ الشوقِ، هَبْني بِعلّتي
جريحَ فؤادٍ، هل شفائي تمَاثلَ؟
أرى أروعَ الآمالِ تبني بِدوْرِها
على كلِّ صَعْبٍ، كم بَنَيْتُ مَنازلا
فأُلقي بِرَحْلِ الصَبِّ حيثُ ديارها
لأُلقي بقلبي حيثُ يهوى المَعاقِلا
وحيث مضى في مُقْلَتَيكِ تَسَوّلاً
وإنْ كانَ يَقْضي في هَواكِ المسائلا
وإن كان يُفْضي في العَذابِ محبّةً
منَ الصبرِ،كمْ تمضي بصَدْري تَداولا؟
ولم أرْتَجي يوماً سُكونَ برودةٍ
ولا ساكنٌ في القلبِ يَرجو التنَقُّلا
فوالله لا أدرِ بأيِّ شَواطيءٍ
رُميتُ هياماً، إذ قَطَعْتُ المراحلا
هوَ العمْر، أجيالٌ تلاحِق بَعْضها
وتأبى سِباقاً، لا تريدُ تعجّلا
هوَ العمرُ مَلقيٌّ بدنيا، خِصالها
فناءٌ تتالى كالصُفوفِ تراتلا
فإنْ تَلحقي رَكْباً تَسارَعَ في الخُطا
خُطاكِ الهوينا، وادْفَعيها تَضاؤلا
لكِ القَلب منّي كي يُساوي بحبّكم
ولَكنَّ عُمري باخْتِلاسٍ تَعاملَ
لتأتي تَجاعيدُ الزمانِ فترْتمي
بما شابَ مِنها في الإرادةِ مَقْتلا
تعالي نداوي الشوقَ منْ عِلّة الهوى
تعالي إلينا كي نطيبَ تفاؤلا
الدكتور الشاعر جعفر الدندشي
مواقع النشر (المفضلة)