+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 5 من 6
  1. #1
    أبو عاصم الأثرى is on a distinguished road
    تاريخ التسجيل
    11 / 03 / 2007
    الدولة
    مجهولة
    المشاركات
    24
    معدل تقييم المستوى
    234

    افتراضي أطفـالنـا و أطفـالهـم

    إن ركائز الأمة في مستقبلها هم أطفالها في الحاضر، وإن الذين سيحملون رايتها، ويأخذون بناصيتها ويتولون قيادتها في الغد هم صغارها اليوم..

    و بقدر صفـاء عقيدتهم، وسمو أخلاقهم، وسلامة نشأتهم بقدر ما تحقق الأمة من آمالها و أهدافها.. فمن صحت بدايتـه أشرقت نهـايته... ولذا فإن تسطيح اهتمامـات الطفل فلا تتجـاوز أفلام الكرتون، وتحجيم ثقافتهم فلا تتسع لأكثر من أخبار الرياضة والرياضيين، وتلويث آمالهم فلا تتعدى أن يكون كأحد المشهورين في مستنقعات السفاهة، كل هذا يعني جيلاً من أشباه الرجـال في المستقبل تتهـاوى أمـام أعينيهم عزة الأمة ورفعتها فلا تهتز لهم شعرة، ولا تتوقد لهم غيرة.. وهذا العدد الضخم من أشباه الرجال في الأمة اليوم إنما هو بسبب سوء التربية بالأمس، وسيظل هذا العدد يتصاعد كثرة حتى يلتفت المسلمون إلى فلذات أكبادهم، وزينة حياته. التفاتة تتجاوز الاهتمامات البهيمية من توفير الأكل والشراب وتستعلي على التربية القاصرة التي لا تتعدى تعليم الطفل القراءة والكتابة. تتجاوز ذلك كله لتغرس فيه معالم هذا الدين و العمل له...



    أيها الأخوة الأحباب...



    أطفالهم كيف و لماذا...

    أما أطفالهم.. فهم أطفال خير القرون، أطفال سلف الأمة من أمثـال عبدالله بن الزبير، وابن عباس وابن عمر و أسامة وغيرهم ممن غيبت أسماؤهم عن كثير من أطفالنا اليوم لانشغالهم أو لإشغالهم بسفاسف كثيرة حجبت عيونهم بدخانها عن رؤية أولئك النجوم في سماء الطهارة والعفة والرفعة.. وصمت آذانهم بباطلها عن سماع صوت التاريخ الذي ردد مآثر أولئك الأسلاف.. الصغار في أعمارهم الكبار في أعمالهم و آمالهم وهممهم.



    كيف كانت طفولة هؤلاء؟

    نقاء عقيدتهم... ذلك لأن كل مولود يولد على الفطرة الإيمانية: [إني خلقت عبادي حنفاء...] حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و لكن في ذلك الجيل عندما جاءت الشياطين لتجتال وجدت آباءً قد حصنوا أنفسهم و أطفالهم و أهليهم بذكر الله:

    * إذا أراد أحدهم أن يأتي أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان و جنب الشيطان ما رزقتنا...

    * وإذا أراد أن يدخل بيته قال: بسم الله ولجنا... فلم يدرك الشيطان في ذلك البيت مبيتاً...

    * وإذا أراد أن يخرج قال: بسم الله توكلت على الله و لا حول ولا قوة إلا بالله... فكفي ووفي وهدي وتنحى الشيطان عنه جانباً..



    بيئة مطهرة من نزغات الشياطين، فنشأ ناشئ الفتيان فيهم على ما عوده أبوه.. ثم لما دب التمييز في فؤاده.. أخذ الأب طفله فصاحبه وزامله ولم ينشغل عنه، وأخذ يحدثه حديث المربي الحكيم؛ [يا غلام احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف]... التوكل على الله، والملجأ إليه، والثقة به، والتوجه إليه. هذه هي مفردات عقيدة أطفال سلف الأمة...

    كان ابن عمر في سفر فرأى غلاماً صغيراً يرعى غنماً فقال له: أتبيع من هذه الغنم واحدة؟! فقال الطفل: إنها ليست لي، فقال: قل لصاحبها إن الذئب أخذ منها واحدة – يريد أن يختبره بمنزلة المراقبة.. منزلة الإحسان: أن تعبد الله كأنه يراه، فقال الطفل الموحد: فأين الله.. إذا غاب صاحب الغنم فإن رب العالمين لا يغيب..



    أما اهتمامهم بهذا الدين والعمل له والجهاد في سبيل الله لرفع رايته.. فقد كان همهم الأول، يسري في كيانهم مجرى الدم في العروق..

    جاء عبدالله بن الزبير وهو ابن سبع سنين ليبايع رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فتبسم الرسول - صلى الله عليه و سلم - حين رآه مقبلاً إليه ثم بايعه.. رواه الإمام مسلم عن طريق عروة. يبايع على الجهاد و النصرة لهذا الدين وهو ابن سبع سنين.. قال الإمام النووي في شرح مسلم: "هذه بيعة تبريك وتشريف لا بيعة تكليف فإنه دون سن التكليف" وصدق والله، فقد بورك بهذه الطفولة فأصبح الجهاد أكبر همها، والموت في سبيل الله أسمى أمانيها.



    يحدثنا عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - فيما يرويه البخاري وهو في قلب معركة بدر فيقول :وقف غلام على يميني يسألني: يا عم دلني على أبي جهل، فيقول له: مالك يا بنيّ من أبي جهل، فيقول له: والله لو رأيته لن أفلته، لقد كان يؤذي رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، ثم غلام على يسـاري، فسألني مثل الأول، ثم تحتدم المعركة ويشتد بأسها، فيلتفت عبد الرحمن بن عوف إلى الغلامين ويقول لهما: ذاك الذي تبغيان، ذلك أبو جهل، فينطلقان مسرعين بسيوفهما الصغيرة، كل منهما يريد أن ينال شرف السبق في طعن عدو الله و رسوله، فيضربانه ضربة قوية، فيسقط أبو جهل على الأرض، فيتسابقان إلى زف البشارة إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ويقول كل واحد منهما: أنا الذي قتلته يا رسول الله ! فيقول لهما: أرياني سيوفكما، فيرى عليهما آثار الدماء، فيقول لهما: كلاكما قتله فيذهبان والسعادة تغمر قلبيهما لأنهما شعرا أنهما قدما شيئاً في خدمة هذا الدين...



    قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يوم بدر يتوارى، فقلت: مالك يا أخي؟ قال: إني أخاف أن يراني رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فيستصغرني، فيردني، وأنا أحب الخروج.

    يحب الخروج.. الخروج لماذا؟! لعرس من الأعراس، للنزهة في البر؟! كلا.. إنه الخروج لمجالدة السيوف وطعن الرماح حيث الدماء تسفك، والأرواح تزهق.. فاستعرض الرسول - صلى الله عليه و سلم - الجيش فتطاول عمير فوقف على رؤوس أصابعه.. فرده الرسول - صلى الله عليه و سلم -.. وهنا عبر الطفل الغلام عن رد فعلة.. ببكاء شديد، ودموع حرّى سالت على وجنتيه الغضتين، فرقّ له رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فأجازه.. قال سعد بن أبي وقاص: فكنت أعقدُ عليه حمائل سيفه من صغره.. فقاتل فقُتِل.. فهو من شهداء بدر.. أما أطفالنا اليوم.. فقد شغلهم عن هذا كله.. متابعة مسلسل بشار و بحثه عن أمه الضائعة.. وآخر أخبار المعركة القائمة بين توم و جيري.. أما عن سعة ثقافتهم وفقههم وإدراكهم للأمور فهو لا يقل عن عاطفتهم تجاه هذا الدين..

    قال ابن كثير - رحمه الله -: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: توفي رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وأنا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم.. فتفتقت عقولهم وتفتحت على معاني القرآن وكلماته.. وإليك مثالان في دقة فهمهم له، وحرصهم على إدراك معانيه..

    روى أبو يعلى بإسناد حسن عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - قال: قلت لأبي: يا أبتاه أرأيت قوله – تعالى -: [الذين هم عن صلاتهم ساهون] أينا لا يسهو؟! أينا لا يحدث نفسه؟! قال: ليس ذاك.. إنما هو إضاعة الوقت، يلهو حتى يضيع الوقت.

    وأما فقه عبد الله بن عباس لدقيق مسائل القرآن ولمّا يبلغ الحلم فقد بلغ في هذا مبلغ الراسخين في العلم من الصحابة أنفسهم فضلاً عن غيرهم.. ولعل تأويل ابن عباس لسورة النصر أكبر دليل على هذه الطفولة المتميزة في فهمها و فقهها...

    ولم يكن هذا الفهم بدون أدب.. إذ كانوا يرضعونهم الأدب مع العلم.. ويعلمونهم العلم مع الأدب.. فكان الطفل منهم يعرف قدر نفسه، ويوقر الكبير ويعرف لذي الفضل فضله..

    عن ابن عمر وكان طفلاً صغيراً.. قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - إن في الشجر شجرةً لا يَسقطُ ورقُها وإنها مثل المسلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي. قال عبد الله: ووقع في نفسي أنها النخلة فاستحييت.. ولماذا استحي ابن عمر أن يبدي للناس علمه بالشجرة؟!

    قال في رواية: فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر القوم.. وفي رواية ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم.. فلما قمنا قلت لعمر: يا أبتاه.. لقد وقع في نفسي أنها النخلة، فقال عمر: لئن تكون قلتها أحب إلي من أن يكون لي كذا و كذا..



    أيها الأخوة الأحبة..

    أما القدوة عند أطفال الصحابة.. فلها شأن عظيم.. إذ حرص الآباء على غرس وتثبيت إقتداء أطفالهم برسول الله - صلى الله عليه و سلم -...

    إن ما نلاحظه اليوم من أجيال منحرفة تعيش فراغاً في شخصيتها، ومسخاً في عقليتها، وفقداناً لهويتها، تلهث وراء الموضات المتغيرة بتغير الفصول، وتركض وراء الممثلين المائعين، وتهرول خلف المخنثين من الشرق أو الغرب.. إنما هو بسبب فقدانها للقدوة الصالحة و الأسوة الورعة.. وما وجدت أمامها إلا حثالات الغرب أو الشرق الذين يعرضون في الإعلام صباحَ مساء..

    أما أطفال الصحابة، فتعلقت قلوبهم بالمعصوم صاحب الخلق العظيم - صلى الله عليه و سلم -...



    الخطبة الثانية:

    الحمد لله رب العالمين...

    آما بعد..

    هذه هي طفولتهم.. أو شيئاً من معالم طفولتهم وقد أعرضنا عن المقارنة بين أطفالهم و أطفالنا لقول القائل:

    لا تعْرِضن بذكرهم في ذكرنا ليس الصحيح إذا مشى بالمقعد..



    وبقى أن نقول لماذا كانت طفولتهم هكذا..

    أولاً: لأن آبائهم و أمهاتهم كانوا صالحين، فكانوا قدوة حسنة لأبنائهم.. ليس هذا فحسب بل أدركوا أن تربية أبنائهم على الاستقامة تحتاج منهم إلى جهد كبير، وعمل دؤوب.. فقاموا بذلك خير قيام.. سبيلهم في ذلك سبيل الأنبياء.. [ ووصى بها إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ يا بَنِي إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا و أنتم مسلمون]، وهي وصية الله - عز وجل - لهم في أبنائهم و أهلهم [يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم ناراً]

    كما إنهم أدركوا أنهم مسؤولون عن أولادهم فهم أمانةٌ في أعناقهم. [إن الله سائلُ كلَّ راعٍ عما استرعاه أحفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته]..

    ولأنهم ضحوا بكثير من شهواتهم و رغباتهم التي أحلها الله لهم في سبيل تربية الأطفال تربية قويمة.

    أخرج الخمسة عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال له: [هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟ قال جابر: بل ثيباً.. قال: هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك؟ فقلت: توفى والدي ولي أخوات صغار، فكرهت أن أتزوج مثلهن "أي في السن" فلا تؤدبهن، ولا تقوم عليهن، فتزوجت ثيباً لتقوم عليهن و تؤدبهن].

    كانت الطفولة في ذلك الجيل كذلك لأن همّ أحدهم حين يجامع زوجته أن يرزقه الله الغلام الذي يرفع الله به هذا الدين.. قال عمر: إني لأكرِهُ نفسي على الجماع رجاء أن يرزقني الله الغلام المجاهد في سبيل الله.

    كانوا كذلك لأن الآباء ينظرون إلى أبنائهم نظرة الصدقة الجارية التي يرجون الله درّها و غِنْمَها..

    [إذا مات ابن آدم انقطع عملُه إلا من ثلاث.. و ولد صالح يدعو له

     
  2. #2
    جوال نت is on a distinguished road الصورة الرمزية جوال نت
    تاريخ التسجيل
    21 / 02 / 2007
    الدولة
    مجهولة
    المشاركات
    1,034
    معدل تقييم المستوى
    1245

    افتراضي رد: أطفـالنـا و أطفـالهـم

    مشكـــــــــ وبارك الله فيك ـــــــــــــــور
    أخــــــــــ ايهاب السلفى ـــــــــــــــــي

     
  3. #3
    صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute صناع الحياة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية صناع الحياة
    تاريخ التسجيل
    09 / 06 / 2005
    الدولة
    مصر
    العمر
    51
    المشاركات
    21,349
    معدل تقييم المستوى
    26548

    افتراضي رد: أطفـالنـا و أطفـالهـم

    جزاك الله خيرا .. مع الشكر والتقدير

     
  4. #4
    المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute المودة has a reputation beyond repute الصورة الرمزية المودة
    تاريخ التسجيل
    17 / 08 / 2004
    العمر
    32
    المشاركات
    20,806
    معدل تقييم المستوى
    26159

    افتراضي رد: أطفـالنـا و أطفـالهـم

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ... تحياتي .

     
  5. #5
    باسم وان is a glorious beacon of light باسم وان is a glorious beacon of light باسم وان is a glorious beacon of light باسم وان is a glorious beacon of light باسم وان is a glorious beacon of light الصورة الرمزية باسم وان
    تاريخ التسجيل
    14 / 11 / 2006
    الدولة
    العراق-الرمادي
    العمر
    43
    المشاركات
    2,490
    معدل تقييم المستوى
    2750

    افتراضي رد: أطفـالنـا و أطفـالهـم

    صدقت اخي الكريم وبارك الله فيك

    تحياتي لك

     

 
+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

     

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك