صرير الذكرى على رمل ملتهب
--------------------------------------------------------------------------------
حين أضع قدمي على رمل الشاطئ تسحبني الذكرى لعمق الزمن الخالي السحيق، وأشعر بكزازة تصك أسناني، وأسمع هسهسة وصريرا وصفيرا كلما سحبت قدمي على الرمل .. كم من الناس مر من هنا بين مصطاف، ومتنزه، وهارب من وقته وعمره، وصياد بحري يتربص بالسمك ليحصل على رزق يعيل أبناءه، وجامع حطب في وقت الشتاء حينما يفيض سيل الوادي حاملا معه أوشاب الطريق من الخليل والنقب إلى غزة.. وصياد فتيات يتربص بفريسته وقتا لينقض عليها في غفلة من عيون الناس ليلوث رمل الشاطئ ويعكر صفاءه ويزيل بهجته ونصاعته ويذبح طهارته .
أمم وأجيال على مر العصور مرت من هنا والبحر يترقبها، ويسجل في مخزون ذاكرته تاريخها في صفحات موجه التي تطوي الذكريات .
وأنا أمضي في مسارب الشاطئ أتكئ بجوار أثلة قديمة طالما صحبتها في صباي وشبابي، لعلي أفيق فأجد نفسي صبيا كان يحلم، وشريط المستقبل يمر في خاطره .. لكن هيهات هيهات فالحقيقة ماثلة والشيب يكسو مفرقي ولحيتي والأجيال تكبر من حولي وأنا أواصل سيري وهسهسهة الرمل تحت قدمي تصر صريرا وتصفر صفيرا .. معلنة اقتراب الرحيل وانطواء الذكرى فلأرفع شراعي في النسيم قبل أن تكسره رياح الغرب لأمضي في سبيلي نحو حلمي وأمانيّ
مواقع النشر (المفضلة)