الهدي النبوي بالوصية بالجار
الهدي النبوي بالوصية بالجار
الحمد لله الواحد الأحد، العزيز الماجد، المتفرد بالتوحيد، والمنفرد بالتمجيد، الذي لا تبلغه صفات العبيد، ليس له مثل ولا نديد، وهو المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، جل عن اتخاذ الصواحب والأولاد، وتقدس عن ملابسة الأجناس والأرجاس، ليست له عثرة تقال، ولا حد يضرب له مثال، لم يزل بصفاته أولا قديرا، ولا يزال عالما خبيرا، استوفى الأشياء علمه، ونفذت فيها إرادته، فلم تعزب عليه خفيات الأمور، ولم تغيره سوالف صروف الدهور، ولم يلحقه في خلق شيء مما خلق كلال ولا تعب، ولا مسه لغوب ولا نصب، خلق الأشياء بقدرته، ودبرها بمشيئته، وقهرها بجبروته، وذللها بعزته، فذل لعظمته المتكبرون، واستكان لعز ربوبيته المتعظمون، وانقطع دون الرسوخ في علمه العالمون، وذلت له الرقاب، وحارت في ملكوته فطن ذوى الألباب، وقامت بكلمته السماوات السبع، واستقرت الأرض المهاد، وثبتت الجبال الرواسي، وجرت الرياح اللواقح، وسار في جو السماء السحاب، وقامت على حدودها البحار، وهو الله الواحد القهار فنحمده كما حمد نفسه، وكما هو أهله ومستحقه، وكما حمده الحامدون من جميع خلقه، ونستعينه استعانة من فوض الأمر إليه، وأقر أنه لا منجى ولا ملجأ إلا إليه، ونستغفره استغفار مقر بذنبه، معترف بخطيئته .
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقرارا بوحدانيته، وإخلاصا لربوبيته، وأنه العالم بما تظن الضمائر، وتنطوي عليه السرائر، وما تخفيه النفوس، وما تجن البحار، وما تواريه الأسراب، (وما تفيض الأرحام وما تزداد، وكل شيء عنده بمقدار) ، لا توارى عنه كلمة، ولا تغيب عنه غائبة، (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) من الآية (59) .
ويعلم ما يعمل العاملون وما ينقلب إليه المنقلبون ونستهديه بالهدى، ونسأله التوفيق لمجانبة الردى .
ونشهد أن سيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، ونبيه وأمينه وصفيه، أرسله إلى خلقه بالنور الساطع، والسراج اللامع، والحجج الظاهرة، والبراهين والآيات الباهرة، والأعاجيب القاهرة، فبلّغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وجاهد في الله حق جهاده، حتى تمت كلمة الله عز وجل، وظهر أمره، وانقاد الناس إلى الحق خاضعين، حتى أتاه اليقين، لا وانيا ولا مقصرا، فصلوات الله عليه من قائد إلى هدى مبين، وعلى أهل بيته الطيبين، وعلى أصحابه المنتخبين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين .
عرَّفنا الله به الشرائع والأحكام، والحلال والحرام، وبيَّن لنا به شريعة الإسلام، حتى انجلت عنا طخياء الظلام، وانحسرت عنا به الشبهات، وانكشفت عنا به الغيابات، وظهرت لنا به البينات .
وجاءنا بـ (كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد) من الآية (41 -42)
جمع فيه علم الأولين والآخرين، وأكمل به الفرائض والدين، فهو صراط الله المستقيم، وحبل الله المتين، فمن تمسك به نجا، ومن خالفه ضل وغوى، وفي الجهل تردى، وحـثـنا الله في كتابه على التمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل: (وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) من الآية (7) ، (2/ 11) وقال عز وجل: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) من الآية (63) ، وقال تعالى: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) من الآية (83) ، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) من الآية (59) ، يقول: إلى كتاب الله وسنة رسوله: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يـوحى).
أما بعد
فإنني أحببت أن أضع بين أيديكم هذه الرسالة راجيا من المولى عز وجل أن ينفع بها المسلمين والمسلمات فإنها كلمات من وحي النبوة تتكلم عن حقوق الجار في الإسلام التي قد ضيعها كثير من المسلمين إما لجهلهم بما أمر به الله سبحانه وتعالى وإما لانشغالهم بالدنيا وغفلتهم عما أنزل على رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وكل هذا سببه الرئيسي البعد عن ( مجالس العلماء ) وتعلم العلوم الشرعية التي لابد لكل مسلم ومسلمة من طلبها والسعي إليها ولكن الغفلة سيطرت علينا وحب الدنيا أخذ قلوبنا وأجسادنا وركنا إلى الأرض مع معرفتنا بحقيقة هذه الدار وأنها ( دار ممر وليست دار مقر) والآن أترككم مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيفية التعامل مع الجار :
(باب الوصية بالجار)
حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني أبو بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال Y ما زال جبريل صلى الله عليه و سلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه . صحيح
حدثنا صدقة قال أخبرنا بن عيينة عن عمرو عن نافع بن جبير عن أبى شريح الخزاعي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال Y من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت . صحيح
(باب حق الجار)
حدثنا أحمد بن حميد قال حدثنا محمد بن فضيل عن محمد بن سعد قال سمعت أبا ظبية الكلاعي قال سمعت المقداد بن الأسود يقول Y سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه عن الزنى قالوا حرام حرمه الله ورسوله فقال لأن يزنى الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزنى بامرأة جاره وسألهم عن السرقة قالوا حرام حرمها الله عز و جل ورسوله فقال لأن يسرق من عشرة أهل أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره . صحيح
( باب يبدأ بالجار )
حدثنا محمد بن منهال قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عمر بن محمد عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم Y ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه . صحيح
حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن داود بن شابور وأبى إسماعيل عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو أنه ذبحت له شاة فجعل يقول لغلامه أهديت لجارنا اليهودي أهديت لجارنا اليهودي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول Y ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه . صحيح
(باب يهدي إلى أقربهم بابا)
حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني أبو عمران قال سمعت طلحة عن عائشة قالت قلت Y يا رسول الله ان لي جارين فإلى أيهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا . صحيح
حدثنا محمد بن سلام قال أخبرنا عبد الوهاب الثقفى قال سمعت يحيى بن سعيد يقول حدثني أبو بكر أن عمرة حدثته أنها سمعت عائشة رضي الله عنها تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول Y ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه ليورثه . صحيح
( باب يهدى إلى أقربهم بابا )
حدثنا حجاج بن منهال قال حدثنا شعبة قال أخبرني أبو عمران قال سمعت طلحة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ان لي جارين فإلى أيهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا . صحيح
حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبى عمران الجوني عن طلحة بن عبد الله رجل من بنى تيم بن مرة عن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا . صحيح
( باب الأدنى فالأدنى من الجيران )
حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا الفضل بن موسى عن الوليد بن دينار عن الحسن Y أنه سئل عن الجار فقال أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره حسن
حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا عكرمة بن عمار قال حدثنا علقمة بن بجالة بن زبرقان قال سمعت أبا هريرة قال Y ولا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن يبدأ بالأدنى قبل الأقصى . ضعيف
( باب من أغلق الباب على الجار )
حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا عبد السلام عن ليث عن نافع عن بن عمر قال Y لقد اتى علينا زمان أو قال حين وما أحد أحق بديناره ودرهمه من أخيه المسلم ثم الآن الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دونى فمنع معروفة . حسن لغيره
( باب لا يشبع دون جاره )
حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن أبى بشير عن عبد الله بن المساور قال سمعت بن عباس يخبر بن الزبير يقول سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع . صحيح
( باب يكثر ماء المرق فيقسم في الجيران )
حدثنا بشر بن محمد قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا سعيد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال أوصانى خليلي صلى الله عليه و سلم بثلاث أسمع وأطيع ولو لعبد مجدع الأطراف وإذا صنعت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فاصبهم منه بمعروف وصل الصلاة لوقتها فإن وجدت الإمام قد صلى فقد أحرزت صلاتك وإلا فهي نافلة صحيح
حدثنا الحميدي قال حدثنا أبو عبد الصمد العمى قال حدثنا أبو عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال قال النبي صلى الله عليه و سلم Y يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماء المرقة وتعاهد جيرانك أو اقسم في جيرانك. صحيح
( باب خير الجيران )
حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا حيوة قال أخبرنا شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره . صحيح
( باب الجار الصالح )
حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبى ثابت قال حدثني خميل عن نافع بن عبد الحارث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنىء .صحيح لغيره
( باب الجار السوء )
حدثنا صدقة قال أخبرنا سليمان هو بن حيان عن بن عجلان عن سعيد عن أبى هريرة قال كان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقام فإن جار الدنيا يتحول . حسن
حدثنا مخلد بن مالك قال حدثنا عبد الرحمن بن مغراء قال حدثنا بريد بن عبد الله عن أبى بردة عن أبي موسى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تقوم الساعة حتى يقتل الرجل جاره وأخاه وأباه . حسن
( باب لا يؤذى جاره )
حدثنا مسدد قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الأعمش قال حدثنا أبو يحيى مولى جعدة بن هبيرة قال سمعت أبا هريرة يقول قيل للنبي صلى الله عليه و سلم يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق وتؤذي جيرانها بلسانها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا خير فيها هي من أهل النار قالوا وفلانة تصلى المكتوبة وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم هي من أهل الجنة . صحيح
حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه.K صحيح
( باب لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة )
حدثنا إسماعيل بن أبى أويس قال حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي عن جدته أنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم يا نساء المؤمنات لا تحقرن امرأة منكن لجارتها ولو كراع شاة محرق . صحيح
حدثنا آدم قال حدثنا بن أبى ذئب قال حدثنا سعيد المقبري عن أبيه عن أبى هريرة قال النبي صلى الله عليه و سلم يا نساء المسلمات يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة . صحيح
( باب شكاية الجار )
حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا صفوان بن عيسى قال حدثنا محمد بن عجلان قال حدثنا أبى عن أبى هريرة قال قال رجل يا رسول الله إن لي جارا يؤذينى فقال انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا ما شأنك قال لي جار يؤذينى فذكرت للنبي صلى الله عليه و سلم فقال انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه فقال ارجع إلى منزلك فوالله لا أؤذيك . حسن صحيح
حدثنا على بن حكيم الأودي قال حدثنا شريك عن أبى عمر عن أبى جحيفة قال شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم جاره فقال احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه فجعل كل من مر به يلعنه فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال ما لقيت من الناس فقال إن لعنه الله فوق لعنتهم ثم قال للذي شكا كفيت أو نحوه . حسن صحيح
( باب من آذى جاره حتى يخرج )
حدثنا عصام بن خالد قال حدثنا أرطاة بن المنذر قال سمعت يعنى أبا عامر الحمصي قال كان ثوبان يقول ما من رجلين يتصارمان فوق ثلاثة أيام فيهلك أحدهما فماتا وهما على ذلك من المصارمة إلا هلكا جميعا وما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك على أن يخرج من منزله إلا هلك . صحيح
وبعدما رأينا هذا الهدي النبوي في معاملة الجار كيف ستكون معاملتنا لجيراننا اسأل الله سبحانه وتعالى على إعانتنا على العمل بما جاء به النبي صلوات الله وسلامه عليه.
الأدب المفرد للإمام البخاري رحمه الله تعالى
رد: الهدي النبوي بالوصية بالجار
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رد: الهدي النبوي بالوصية بالجار
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية اخي بحر.
رد: الهدي النبوي بالوصية بالجار
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رد: الهدي النبوي بالوصية بالجار