[align=justify]
الولاء لا يكون إلا لله أو للشيطان ولا يوجد ولاء ثالث بين الاثنين ومعنى الولاية ضد العداوة ، وأصل الولاية المحبة والقرب وأصل العداوة البغض والبعد وقد قيل أن الولي سمي وليا من نحو موالاته للطاعات أو متابعته لها والأول أصح والولي القريب فيقال هذا يلي أي هذا يقرب منه فأولياء الله هم الذين يحبون الله ويحبهم ويقربون منه وهو يقرب منهم أكثر مما يقربون ، ولقد قال صلى الله عليه وسلم : (يقول الله أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) والأتقياء لا يوالون إلا الله وكل ما خلا الله فهو في حسابهم من معسكر الباطل حتى دعا ذلك الفهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول:" أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد: ألا كل شىء ما خلا الله باطل" فهم على هذا الفهم لا يوالون الكفار أيا كانوا حتى ولو كانوا من أقرب الناس إليهم رحما وهؤلاء وصفهم الله بقوله:" لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون).الولاء
وهذا أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح يقتل أباه في معركة بدر وهذا الصديق يهم بقتل ولده... وهنا يبرز سؤال أَوَ يَكره الابن أباه والأب ابنه؟ لا لا يكرهه لذاته إنما يكره الباطل الذي يتبعه وما دام الله هو وليه فهو لا يحب إلا من والى الله وأما غيره فليس له في قلبه شىء من المودة ذلك لأنه باطل.
ومن أجل هذا الولاء الذي عقده المؤمنون مع ربهم كانت المكافأة نفيسة أما في الدنيا فإن الله .
" يدافع عن الذين آمنوا " بل ينزل جنوده لتقاتل معهم ويحارب كل من يعاديهم وذلك ما ذكره صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها" فليس يحارب من يعاديهم فحسب بل يكون معهم بكل شىء حتى لا يسمعون ولا يبصرون ولا يبطشون ولا يسعون إلا كما يحب لهم ربهم ويرضى. أما في الآخرة فإنه يجزيهم بسلعة الله الغالية ألا وهي الجنة.
وصنف آخر من الناس يذكرهم الله بعدوهم الأول قائلا: " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه " .
ثم يحذرهم عن موالاته وينكر عليهم اتباعه فيقول: " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا " هذا الصنف من الناس يحبونه وهو يبغضهم ويتقربون إليه بقلوبهم وبأعمالهم وهو يكيد لهم المكائد ويوقعهم بالمصائب تماما كما قال الشاعر:
ومن البلية من تحب ولا يحبك من تحبه
ويصد عنك بوجهه وتلـــح أنت فلا تغبه
حقا إنه لبلاء أن تحب وتتقرب وتفني حياتك كلها ليلك ونهارك في سبيله وهو لا يحبك.
وحتى تكون على بينة من الأمر بالحب الذي ينجي من عذاب الله والحب الذي يوجب غضب الله نتعرض لما ذكره الامام ابن القيم قال:" وههنا أربعة أنواع من الحب يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها.
أحدها - محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله.
الثاني - محبة ما يحب الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.
الثالث - الحب لله وفيه وهي من لوازم محبة ما يحب الله ولا يستقيم عن محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله.
الرابع - المحبة مع الله وهي المحبة الشركية وكل من أحب شيئا مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذ ندا من دون الله وهذه محبة المشركين.
وبقي قسم خامس ليس نحن فيه وهي المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه كمحبة العطشان للماء والجائع للطعام ومحبة النوم والزوجة والولد فتلك لا تذم إلا أن ألهت عن ذكر الله وشغلته عن محبته فمن اتخذ الشيطان وذريته أولياء من دون الله وما يحب الله فقد حق عليه غضب الله وكان كاذبا بادعائه محبة الله فالمحب لله كما ذكر الإمام يحب ما يحب الله ويبغض ما يبغض الله ويحب لله ويبغض لله فإذا ما استبدل فيستبدل لله لا لهوى أو شهوة كما يفعل أولئك الصنف من الناس "بئس للظالمين بدلا".
هذا الصنف من الناس لا يستبدلون إلا عندما يصدون عن سبيل الله وهذه هي سنة الله في خلقه فئة يصدون عن الحق وفئة يتبعونه وكلما غفل أهل الحق ووسوس لهم الشيطان ليصدهم عن طريقهم تذكروا تحذير الله لهم وعادوا مرة أخرى سائرين في طريقهم ليقتلعوا الأشواك التي تعترضهم فيه... وماذا يكون بعد الولاء إلا الاتباع لعدو الله لا لشىء سوى الفوز بالدنيا وزينتها وما دروا أن مثل الحياة الدنيا" كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور "
عذاب شديد للذين اتبعوا خطوات الشيطان ومغفرة من الله ورضوان للذين اتبعوا طريق الحق " اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون " .
[/align]