https://mwadah.com/images/imgcache/2006/10/792.imgcache
... الدرس الثاني عشر ...
... كيف يصوم البطن ...
الحمد لله , و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و بعد
الطعام حلا ً و حرمة له أثره على حياة الإنسان و سلوكه و أخلاقه و لذلك أمر الله سبحانه و تعالى رسله فقال : (( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحاً )) , و قال سبحانه للمؤمنين : (( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم و اشكروا لله إن كنت إياه تعبدون )) , و الطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم , فالله يقول عنه : (( و يحل لهم الطيبات و يحرم عليهم الخبائث )) .
و صيام البطن اجتنابه للحرام , زيادة عن اجتنابه الطعام و الشراب , و كل ما يفطر من نهار رمضان , لكن يصوم أيضا ً عن الحرام عند إفطاره فلا يأكل الربا إذ أنه بأكله الربا يغضب المولى تبارك و تعالى , يقول سبحانه : (( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة )) , و قال سبحانه : (( و أحل الله البيع و حرم الربا )) .
صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( لعن الله آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهديه , و قال كلهم سواء ٌ ) , آكل الربا يضحك على نفسه , يملأ بطنه من الحرام , و يدعو ربه و قد سد طرق الإجابة و أغلق باب القبول .
صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه ذكر الرجل أشعث أغبر يطيل السفر يمد يديه إلى السماء و مطعمه حرام و مشربه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب له )) , فهذا الرجل عابد كثير العبادة و لكنه آثم في طعامه , غير متق ٍ لله في أكله و شرابه .
كيف يصوم البطن و قد أفطر على الحرام طعامه الربا و السحت , و الغش و مال اليتيم و الغصب , فسدت و الله الأذواق لما فسد الطعام و الشراب , قست القلوب لما خبث المأكل و المشرب , انطمس النور لما فقدت اللقمة الحلال .
صح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه انه تغذى يوما ً من الأيام ثم سأل خادمه من أين هذا الطعام ؟ قال من كهانة أتكهن بها في الجاهلية , فأدخل أبو بكر يده و انتغر فأخرج ما في بطنه من الطعام , فرضي الله عنه ما أصدقه و ما أطيبه و ما أطهره .
اللقمة تبقى في بطن صاحبها و يبقى أثرها مع اللحم و الدم و أي جسد نبت من الحرام فالنار أولى به .
كان السلف الصالح يعرفون من أين يأكلون فصفت أذواقهم و صحت أبدانهم و أشرقت قلوبهم , فلما فسد طعام المتأخرين و شربهم انطمست معالم الهدى في قلوبهم .
صح عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( ما أكل عبد طعاماً خيراً من أن يأكل من كسب يده , و إن نبي الله داود عليه السلام , كان يأكل من طعام يده ) .
فزكريا كان نجارا ً و داود عليه السلام كان حداداً , و محمد صلى الله عليه و سلم و الأنبياء عليهم الصلاة و السلام كانوا يرعون الغنم .
و الإسلام يدعو إلى الكسب و طلب الرزق لكن من أبوابه المشروعة , يقول سبحانه : (( لا تأكلوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن )) , و قال تعالى : (( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ً إنما يكلون في بطونهم نارا ً و سيصلون سعيراً )) , و قال عز وجل : (( و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و تدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم و أنتم تعلمون )) , و قال عز اسمه : (( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )) .
و صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( لعن الله الراشي و المرتشي ) .
يقول سبحانه ذاما ً من فسد من اليهود و النصارى : (( و ترى كثيراً منهم يسارعون في الإثم و العدوان و أكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون )) .
يقص علينا ابن الجوزي في صيد الخاطر أنه أكل أكلة من شبهة فتغير قلبه و أظلم عليه فترة من الزمن , و لذلك لصفاء قلوبهم أحسوا بالتغير , أما الكثير اليوم فيأكل ما أراد من الحرام فلا يرى تغير قلبه لأنه :
من يهن يسهل الهوان عليه **** ما لجرح بميت إيلام
و تناول بعضهم الخمر و المسكر بأنواعه محرم لذة العبادة و حلاوة الطاعة , و غاش منغصا ً قلقاً محروماً ,من السعادة و من ساعة الإجابة
فيا أيها الصائم هناك صيام البطن من لم يصمه فكأنه ما صام , فهل من صائم عن الحرام , ورع الشراب ليدخل دار السلام .
اللهم اجعلنا ممن يحلل حلال الشريعة و يحرك حرامها
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
... نجد علي ...
http://www.mwadah.com/images/imgcache/notfound.gif