https://mwadah.com/images/imgcache/2006/10/327.imgcache
... الدرس السابع و العشرون ...
... للصائم دعوة لا ترد ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه وبعد .
فقد صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( للصائم دعوة لا ترد ) , لماذا ؟ لأن الصائم منكسر القلب ضعيف النفس , ذل جموحه و انكسر طموحه و اقترب من ربه و أطاع مولاه , ترك الطعام و الشراب خيفة من الملك الوهاب , كف عن الشهوات طاعة لرب الأرض و السماوات , صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( الدعاء هو العبادة ) , إذا رأيت العبد يكثر من الإلحاح في الدعاء فاعلم أنه قريب من الله واثق من ربه .
قال الصحابة يا رسول الله : " أربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فأنزل الله عز وجل : (( و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي و ليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) " .
و قد صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( إنكم لا تدعون أصم و لا غائباً و إنما تدعون سميعاً بصيراً إلى أحدكم من عنق راحلته ) .
الدعاء حبل مديد و عروة وثقة وصلة ربانية , صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( لن يهلك مع الدعاء أحد ) , الله ينادينا أن ندعوه , و يطلب منا أن نسأله : (( ادعوا ربكم تضرعاً و خفية إنه لا يحب المعتدين )) , (( و قال ربكم ادعوني استجب لكم , إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين )) .
لو لم ترد نيل ما أرجو و اطلبه *** من جود كفك ما علمتني الطلبا
صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( ينزل ربنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : هل من سائل فأعطيه و هل من داع فأجيبه و هل من مستغفر فأغفر له ) , و شهر رمضان هو شهر الدعاء و شهر الإجابة و شهر التوبة و القبول .
فيا صائماً جفت شفته من الصيام و ظمئت كبده من الظمأ و جاع بطنه أكثر من الدعاء و كن ملحاحاً في الطلب وصف الله عباده الصالحين فقال : (( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغباً و رهباً و كانوا لنا خاشعين )) .
و للدعاء يا صائمون آداب ينبغي على الصائم معرفتها , منها :
عزم القلب و الثقة بعطاء الله عز وجل و فضله , صح عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : ( لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت و لكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له ) , و من الآداب الثناء على الله تعالى و الصلاة و السلام على رسوله صلى الله عليه و سلم في أول الدعاء و أوسطه و آخره , و منها توخي أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل و في السجود و بين الآذان و الإقامة و في أدبار الصلوات و آخر ساعة من يوم الجمعة و بعد العصر و يوم عرفة و منها تجنب السجع في الدعاء و التكلف و التعدي فيه و منها الحذر من الدعاء بإثم أو قطيعة رحم .
أيها الصائم قبل الغروب لك ساعة من أعظم الساعات , قبل الإفطار يوم يشتد جوعك و يعظم ظمؤك فأكثر الدعاء و زد في الإلحاح و واصل الطلب , و لك في السحر ساعة فجد على نفسك بسؤال الحي القيوم فإنك الفقير و هو الغني و إنك الضعيف و هو القوي و إنك الفاني و هو الباقي .
يا رب عفوك ليس غيرك يقصد *** يا من له كل الخلائق تصمد
أبواب كل مملك قد أوصدت *** و رأيت بابك واسعاً لا يوصد
دعا إبراهيم عليه السلام فقال : (( رب اجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي , ربنا و تقبل دعاء , ربنا اغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب )) , و دعا موسى عليه السلام فقال : (( رب اشرح لي صدري , و يسر لي أمري )) , و دعا سليمان فقال : (( رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )) .
و دعا محمد صلى الله عليه وسلم فقال كما في الصحيح : ( اللهم رب جبريل و ميكائيل و إسرافيل فاطر السماوات و الأرض , أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ) .
للدعاء أربع فوائد :
الأولى : عبودية الله عز وجل و تذلل له و ثقة به و هي مقصود العبادة و ثمرتها .
الثانية : تلبية الطلب إما لإعطاء خير أو دفع ضر , و هذا لا يملكه إلا الله عز وجل .
الثالثة : ادخار الأجر و المثوبة عند الله إذا لم يجب الداعي في الدنيا , و هذا أحسن و أنفع .
الرابعة : إخلاص التوحيد بطريق الدعاء و قطع العلائق بالناس و الطمع فيما عندهم .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار , ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
إمامَ المُرسلينَ فداكَ رُوحـــي .. ... .. وأرواحُ الأئمةِ والدُّعــــاةِ
رسولَ العالمينَ فداكَ عرضي .. ... .. وأعراضُ الأحبّةِ والتُّقــاةِ
و أفوض أمري إلى الله
إن الله بصير بالعباد
... محبكم في الله ...
...نجد علي...
http://www.mwadah.com/images/imgcache/notfound.gif