رد: هكذا نستقبل العام الجديد
إهدار وقتك. . ليس حقك
كل إنسان حر في وقته, ينفق ساعاته وأيامه ولياليه
كيفما يشاء, يمضيها لهوا ولعبا أو جدا وكدا, أو يمازج
بين النقيضين, وليس لأحد حق التدخل أو الاعتراض.
هذا التصور سنكتشف جميعا زيفه وبطلان حجته عندما
نقف بين يدي الله يوم العرض عليه, ونجد أنفسنا مضطرين لأن
نعرض امام رب العرش العظيم تقارير عما صنعناه طيلة اعمارنا.
فهل نفكر كيف يكون الحال إذا لم
نجد شيئا يستحق أن نقوله وقتها؟
وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلي الله عليه وسلم:
لاتزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع: عن عمره
فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه
وفيما أنفقه, وعن علمه ماذا عمل فيه.
أي أن المسلم ـ رغم مايبدو له من حرية في اضاعة وقته
الا أنه سيجد نفسه محاسبا علي هذا الوقت, لأن الله لم
يخلقه عبثا أو لمجرد الوجود في الدنيا, ولكن جعله سببا
لتعميرها وكلفه بمسئوليات ومهام تجاه نفسه, وتجاه غيره,
كما أعلي الله من قيمة العمل والسعي والاجتهاد. ورفض
لعباده الكسل والتقاعس والتواكل والاستسلام للشيطان
باضاعة الوقت في اللهو وكثرة الكلام والعبث..
ونجد أن الحديث الشريف يذكر لنا السؤال عن العمر
ككل أولا, ثم يخص بعد ذلك مرحلة الشباب باعتبارها مرحلة
التكليف الشرعي والانطلاق نحو انجاز المهام والمسئوليات
علي كل المستويات, كما أنها مرحلة الصحة والقوة التي تتيح
للمسلم القيام بأكبر قدر من الأعمال والطاعات التي يستطيع
ان يذكرها لربه عندما يسأله عما فعله في شبابه.
وفي حديث آخر لرسول الله صلي الله عليه وسلم قال فيه:
(خذ من شبابك قبل هرمك, وخذ من فراغك قبل شغلك)..
وتفسير ذلك ان الانسان في فترة شبابه يكون أقدر بالنسبة
للعبادة مثلا علي الخروج للحج والعمرة والصلاة في جماعة
بالمسجد, وقيام الليل, والصيام, وقراءة القرآن, وكذلك بالنسبة
للسعي والعمل ومساعدة الآخرين, ولكن اذا ماكبرت سنه فقد
تقعده امراض الشيخوخة فلا يستطيع الخروج للحج أو الذهاب
للمساجد, ولاتعينه عافيته علي قيام الليل وصيام التطوع وغير
ذلك, فلعله يكون قد ادخر في شبابه مايعتبر رصيدا له في آخرته,
كما ان المسلم قد يكون في بعض مراحل حياته لديه فسحة
من الوقت يمكنه استثمارها في تحقيق أكبر قدر من الانجازات
والعبادات, فقد ينشغل بعد ذلك بأعباء كثيرة تجاه عمله
وأسرته تقلل من فراغه.
ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون
فيهما كثير من الناس: الصحة, والفراغ) والغبن هو شراء
سلعة بأضعاف ثمنها, أو بيعها بأقل من ثمنها, ومعني
الحديث أن من صح بدنه وتفرغ من الاشغال, ولم يشغل
نفسه ووقته بالعبادة والأعمال الصالحة والنافعة
فهو كالمغبون في البيع.
والزمن من النعم التي أنعم الله بها علي العباد,
لذا نجده يقسم بها في قوله تعالي: والعصر إن
الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات..
أي أنه ـ عدا الأعمال الصالحة ـ في خسران ونقصان.
ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله (ان كل مفقود عسي
أن نسترجعه إلا الوقت فهو إن ضاع لم يتعلق بعودته أمل)..
ويكون حساب المضيع لعمره ووقته أشد اذا كان هذا
العمر مديدا, ومع ذلك لم يحسن صاحبه استغلاله, يقول
رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أعذر الله لامرئ أخر
عمره حتي بلغه ستين سنة).. أي أن الله أزال عذره
ولم يجعل له مجالا للاعتذار بقصر العمر أو عدم اتساعه.
ويقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:
( خيركم من طال عمره وحسن عمله)
هكذا نستقبل العام الجديد
رد: هكذا نستقبل العام الجديد
اختبر عملك في سؤال وجواب
عندما نتحدث عن محاسبة المسلم لنفسه, قد ينصرف
ذهنه للتفكير فيما أداه أو لم يؤده من عبادة كالصلاة والصيام,
رغم أن مجال المحاسبة للنفس أكبر وأعم من ذلك بكثير,
فهناك الكثير من الجوانب التي يجب أن يسأل المسلم
نفسه إذا ما كان قدأحسن فيها أم أساء, أصاب أم أخطأ.
ويمكن للمسلم أن يحاول الاجابة عن الأسئلة التالية,
بل ويطرح هو نفسه أسئلة مشابهة ومكملة لها.. ويعطي
نفسه درجات عن اجاباته شرط أن يتحلي في اختباره هذا
بالصدق مع الذات والموضوعية, وألا يكون تقييمه لنفسه في
ضوء مستوي الآخرين, فيقول مثلا أنا أفضل من غيري ممن
لايصلي مطلقا ولايهم أنه يؤخر الصلاة أو يضيع أوقاتها!!
أو تقول فتاة يكفي التزامي الأخلاقي وليس مهما
الالتزام في الزي والملبس بدعوي أن هناك
محجبات ينقصهن الخلق الطيب.
فالرسول صلي الله عليه وسلم ينهي المسلم عن أن
يكون (إمعة), إذا أحسن الناس أحسن مثلهم, وإذا أساءوا
فعل مثلهم, ولأن الله تعالي سيحاسب كل انسان علي
عمله يوم القيامة ولن يشفع له أنه أفضل حالا من غيره
أو أن المجتمع غلب عليه الفساد مثلا..
فكل انسان مسئول عن عمله ومحاسب عليه
في ضوء ثوابت الدين وشريعته وقرآنه وسنته, ووفقا
لقواعد الحلال والحرام, والحق والباطل.. لاقواعد
البشر أو المجتمع الذي يعيش فيه.
وهنا نماذج من هذه الأسئلة عساها تنجح
في إثارة حوار داخلي بنفس وعقل كل مسلم
يدفعه إلي الأفضل:
*أولا: الجانب الإيماني:
* هل تشعر بأنك قريب من الله, أم بعيد عنه؟
* كم مرة بكت عيناك من خشية الله؟
* عدد المرات التي ختمت فيها قراءة القرآن هذا العام؟
* هل لك ورد يومي من الذكر والاستغفار والتسبيح؟
* مدي صبرك أو تذمرك من مشكلات وابتلاءات مررت بها؟
* هل تشعر بالحب والاشتياق لله ولرسوله؟
* هل تقدم رضاء الله علي رضاء أي مخلوق سواه؟
* ثانيا: الجانب التعبدي:
* هل تداوم علي الصلاة.. وفي أوقاتها. أم تصليها في نهاية اليوم؟
* هل صمت رمضان وقمته ايمانا واحتسابا؟
* ما أخبار( الزكاة).. هل أخرجتها كاملة هذا العام؟
* ماذا عن الحج والعمرة؟
* هل صمت أياما أخري بعد رمضان:
( الست من شوال ـ الاثنين والخميس ـ أوائل ذي الحجة)
* هل تؤدي ـ ولو أحيانا ـ صلاة السنن أو قيام الليل؟
* ثالثا: الجانب الاجتماعي:
* مدي قيامي بواجباتي المادية والمعنوية تجاه الأسرة
(الزوجة والأولاد)؟
* هل أؤدي لوالدي حقوقهما من الرعاية والبر؟
*( صلة الرحم).. مقطوعة أم موصولة قدر الاستطاعة؟
*( جيراني) الذين أوصي بهم سيدنا جبريل عليه
السلام هل نراعيهم أم نؤذيهم ونسيء إليهم؟
* رابعا: الجانب العلمي:
* مدي التزامي بدراستي, وسعيي للتزود من العلم والثقافة؟
* ما الذي أعرفه عن السيرة النبوية, وآل البيت, والصحابة؟
* هل أقرأ في احد تفاسير القرآن أو كتب السنة؟
* خامسا: الجانب الأخلاقي:
* هل أتناول سيرة زملائي وزميلاتي بالسوء؟
* هل أحفظ سمعي وبصري
عن المواد الإباحية في وسائل الاعلام؟
*( غض البصر),( إماطة الأذي)
هل هناك التزام بهما في الشارع؟
* ماذا عن( الكذب), والحلف بالله؟
* سادسا: الجانب المهني:
* هل نتقن عملنا ـ أيا كان ـ ونعطيه وقته وحقه؟
* هل نتقاعس عن السعي والعمل وطلب الرزق؟
* مدي ثقتنا بأننا نحصل دخلا حلالا؟
هكذا نستقبل العام الجديد
رد: هكذا نستقبل العام الجديد
اختر لنفسك الفلاح أم الخيبة
الخير أم الشر.. التقوي أم الفجور بدائل أتاح لنا الله
الاختيار فيما بينها لتكون مضمونا وعنوانا لنفوسنا
المخلوقة علي الفطرة والاستواء, وأيا كان قرارنا
فسيظل الأمر محض إرادة بشرية لا إلهية.
قال تعالي :
(ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها
قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)
فنجد الله تعالي يقسم بالنفس الانسانية التي جعلها سوية,
مستوية في خلقتها واعتقادها وطاعتها وأخلاقها, وهي الفطرة
التي فطر الله الناس عليها, يأتي بعد ذلك (الإلهام) أي البيان
والتوضيح والتعريف لهذه النفس بالفارق بين الفجور وهو قمة
المعاصي والضلال, وبين التقوي وهي مطلق الطاعة والهداية,
وقدم ذكر (الفجور) علي (التقوي) لأن درء المفسدة مقدم
علي جلب المصلحة, والتخلية تسبق التحلية.
وقد جعل سبحانه فجور النفس أشد عجبا من تقواها
لغلبة أسباب الفجور من الشهوات والشبهات والأهواء
عليها, ولتلذذها به واستمتاعها بمحرماته رغم علمها
بكونه أقبح القبح, وأنه سبب لهلاكها, في الوقت الذي
تجد فيه التقوي أمرا ثقيلا وعبئا عليها.
بعد هذا القسم الإلهي يأتي الجواب الظاهر بأن من زكي
نفسه بمعني أنه أصلحها وظهرها ومنعها المحرمات, فقد
أفلح أي فاز بكل الخير, ونجا من كل مكروه, أما من (دساها)
أي أخفاها بالفجور وأهلكها بالخبائث وقبائح النيات والأعمال
فالخيبة هي جزاؤه ونصيبه, وخسر بذلك آخرته.
والمستخلص من الآية الكريمة أن النفس البشرية مدركة
تماما للخير وللشر, وكل إنسان يستطيع أن يحدد ما إذا كان
مايفعله حراما أم حلالا, وإن حاول إنكار ذلك أمام الآخرين
فليس أقل من أن يعترف به لنفسه علها تكون نقطة بداية
إصلاح وتغيير, وعلي الانسان أن يدرك بطلان ما يتقول به
البعض من أنها إرادة الله أن ينشأ شخص ما خبيثا أو فاجرا,
وينشأ غيره طيبا.. تقيا, وإلا ما كان الحساب في الآخرة.
هكذا نستقبل العام الجديد
رد: هكذا نستقبل العام الجديد
خطورة تصدي البعض لمهمة محاسبة
غيره وإصدار أحكام قطعية وفقا لمحاسبته
(فلان) سيدخل الجنة.. و(فلانة) مصيرها جهنم.., صلاتك
غير مقبولة.. وحجابك مرفوض!.. هذه نماذج لأحكام بشرية
نصدرها تجاه بشر مثلنا لمجرد سلوك أو مظهر أو طريقة
حياة لم توافق أحكامنا.. فهل هذا من حقنا؟
الأصل أن يحاسب كل إنسان نفسه, ويدرس أعماله ويضعها
في ميزان الحلال والحرام قبل أن يحدث ذلك له يوم القيامة,
وهو ما أشار إليه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذ
قال:[ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوا أعمالكم قبل
أن توزنوا] ومن الخطورة تصدي البعض لمهمة محاسبة
غيره وإصدار أحكام قطعية وفقا لمحاسبته هو.
والأفضل للمسلم أن يحاسب نفسه في نهاية كل يوم, وقبل
أن يخلد لفراشه فيحاول أن يحصي ما عمله من خير أو شر,
ويتعرف علي جوانب التقصير ليتلافاها في يومه التالي, وعلي
الرغم من كون محاسبة الآخرين ليست من حق البشر,
إلاأنه يظل من حقهم, وحق الآخرين عليهم إسداء النصح
إليهم بشرط الالتزام بألا يكون هذا النصح علنا أمام الآخرين,
وألا يتضمن الأحكام القطعية وعبارات التوبيخ واللوم الشديد
والوعيد, كأن أقول له إنك ستدخل النار, أو لن تخرج من جهنم,
أو لن تشم رائحة الجنة.. فهذه كلها أمور لا يعلمها سوي الله
مهما بدا لنا عصيان المسلم أو بعده عن الطاعات, فقد يتوب
الله عليه ويصبح أفضل حالا منا, أو قد يكون هناك خيط موصول
في الخفاء بينه وبين ربه لا تدركه بشريتنا المحدودة.
وفائدة تغيير المنكر بالقلب الذي جعله العلماء من حق
العامة أنه يتضمن إنكارا للسلوك أو الفعل السييء لغيري..
فلا أفعله أو أرتضيه مع الوقت.
ويتبقي حق المحاسبة من بشر تجاه بشر غيرهم في
حالات المسئولية, وكما قال رسول الله صلي الله عليه
وسلم: كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته..
فالرئيس في العمل مسئول عن تقصي الحقائق ومحاسبة
الآخرين عن كل ما يضر بالعمل ورب الاسرة مسئول عن نصح
أبنائه وزوجته والتزامهم بالطاعات والعبادات لأنهم ضمن
رعيته, التي يسأل يوم القيامة عن التقصير في حقها.
هكذا نستقبل العام الجديد