ياتائها فى الضلال بلا زاد
يا تائها في الضلال بلا دليل ولا زاد
متى يوقظك منادي الرحيل فترحل عن الأموال والأولاد؟
قل لي : متى تتيقّظ وماضي الشباب لا يعاد
ويحك كيف تقدم على سفر الآخرة بلا زاد
ستندم إذا حان الرحيل ، وأمسيت مريضا تقاد
ومنعت التصرف فيما جمعت ، وقطعت الحسرات منك الأكباد
فجاءتك السكرات ، ومنع عنك العوّاد
وكفنت في أخصر الثياب ، وحملت على الأعواد
وأودعت في ضيق لحد وغربة ما لها من نفاذ
تغدو عليك الحسرات وتروح إلى يوم التناد
ثم بعده أهوال كثيرة ، فيا ليتك لمعاينتها لا تعاد
[align=right]فاغتنموا بضائع الطاعات، فبضائع المعاصي خاسرة " كلا بل تحبّون العاجلة وتذرون الآخرة "[/align]
وأنشدوا:
[poem=font="Times New Roman,5,white,normal,norm al" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/21.gif" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
احذر دنياك وغرّتها = واحذر أن تبد لها طلبا
تبغى ودّا ممن قدما = لك قد قتلت أمّا وأبا
وعلى الجيران فقد جارت = كلا قهرت أولت عطبا
كم من ملك ذي مملكة = قد مال لها سكرا وصبا
أضحى في اللحد ومقعده = بتراب اللحد قد احتجبا
اطلب مولاك ودع دنياك = ففي أخراك ترى عجبا
كم من قصر قد شيد بنا = بالموت وها أضحى خربا
يا طالبها لا تله بها = كم من تاه ملك غضبا
أين الماضون قد سكنوا = لحدا فردا خربا تربا
كانوا ومضوا ثم انقرضوا = فتأدب أنت بهم أدبا
فالعمر مضى والشيب أتى = والموت لجبينك قد قربا
فأعدّ الزاد فما سفر = عمر الأيام قد انتهبا
بادر بالتوب وكن فطنا = لا تلق بجريتك النصبا
فلعل الله برحمته = يلقي بالعفو لنا سببا[/poem]
[align=right]قال أبو سليمان الداراني رحمه الله : كنت أحمل الحطب من الجبال وأتقوّت به ، وكان طريقي فيه التقوى والتحري ، فرأيت جماعة من صلحاء البصرة في النوم ، منهم الحسن ومالك بن دينار، وفرقد السّبخي.
فقلت لهم : أنتم أئمة المسلمين فدلوني على الحلال الذي ليس فيه تبعة ، ولا للخلق فيه منّة ، فأخذوا بيدي وأخرجوني من طرسوس إلى مرج فيه خبّازي ، فقالوا لي : هذا هو الحلال الذي ليس فيه لله تبعة ، ولا للخلق فيه منة.قال : قعدت آكل منه دهرا نيئا ، وآكل منه مطبوخا ، فأوجدني الله تعالى قلبا طيبا. قلت : إن كان أهل الجنة بالقلب الذي لي ، فهم والله في عيش.فخرجت يوما على باب البلد ، وإذا بفتى يريد البلد ، وكانت لي قطيعات بقيت لي من الحطب الذي كنت أبيعه قبل ذلك ، فقلت : هذه لا أحتاج إليها، أدفعها لهذا الفقير ينفقها ، فلما دنا مني ، أدخلت يدي لأخرجها له ، فرأيته قد حرّك شفتيه ، وإذا كل ما حولي من الأرض ذهب وفضة ، حتى كاد يخطف بصري.
قال : ثم خرجت مرة أخرى، فرأيته قاعدا وبين يديه ركوة وفيها ماء ، فسلمت عليه ، ثم طلبت منه أن يكلمني فمدّ رجله، فقلب الركوة بمائها ، ثم قال : كثرة الكلام تنشفّ الحسنات ، كما تنشف هذه الأرض الماء ، يكفيك.
قال محمد بن غسان صاحب الكوفة وقاضيها : دخلت على أمي في يوم عيد أضحى، فرأيت عندها عجوزا في أطمار رثة ، وإذا لها بيان ولسان ، فقلت لأمي : من هذه؟ فقالت : خالتك عانية أم جعفر بن يحيى البرمكي ، وزير هارون الرشيد ، فسلمت عليها ، وسلمت علي ، فسألتها عن حالها ، وقلت لها : صيّرك الدهر إلى ما أرى!.
قالت : نعم يا بنيّ ، إنما كنا في عوار ارتجعها الدّهر منا.
فقلت : حدّثني ببعض شأنك.
قالت: خذ جملة ، وقس على ذلك. لقد مضى عليّ عيد في مثل هذا منذ ثلاث سنين ، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة ، وأنا أزعم أن ابني عاق ، وقد كان بعث إليّ برسم الضاحي ألف رأس من الغنم ، وثلاثمائة رأس من البقر، دون ما يتبع ذلك من الزينة واللباس ، وقد جئتكم اليوم أطلب جلدي شاتين أجعل إحداهما شعارا ، والآخر دثارا، تعني غطاء بليل.
قال: فغمّني ذلك من قولها ، وكربني ما رأيت من حالها ، وأبكاني والله قولها ، فوهبت لها دنانير كانت عندي .
فانظر أخي حال الدنيا ، وكيف يحوّل نعيمها وكيف يذهب ويزول، فالمغرور، والله من اغترّ بها ، والمسعود من رأى عيبها وفرّ منها والمصائب في الدنيا أعداد : فواحد يصاب في الأموال والأولاد، والآخر يعرى من الإسلام بالطرد والإبعاد.
قال: بعض السادات : كنت جالسا عند الحسن البصري رضي الله عنه ، فمرّ بنا قوم يجرون قتيلا ، فلما رآه الحسن البصري ، وقع مغشيا عليه ، فلما أفاق من غشيته ، سألته عن أمره فقال : إن هذا الرجل كان من أفضل العبّاد والزهاد وكبار السادات، فقلت له : يا أبا سعيد أخبرنا بخبره ، وأطلعنا على أمره.
قال : إن هذا الشيخ خرج من بيته يريد المسجد ليصلي فيه ، فرأى في طريقه جارية نصرانية ، فافتتن بها ، فامتنعت عليه ، فقالت : لا أتزوجك حتى تدخل في ديني ، فلما طالت المدة ، وزاد به الأمر جذبته شهوته ، ثم غلبت عليه شقوته ، فأجاب إلى ذلك، وبريء من دين الحنيفية ، فلما صار نصرانيا، وكان منه ما كان ، خرجت المرأة من خف الستر، وقالت : يا هذا، لا خير فيك ، خرجت من دينك الذي صحبته عمرك من أجل شهوة لا قدر لها ، لكن أنا أترك دين النصرانية طلبا لنعيم لا يفنى عني طول الأبد في جوار الواحد الصمد ، ثم قرأت : " قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "
فتعجب الناس من أمرها ، وقالوا لها : أكنت تحفظين هذه السورة قبل هذا؟! قالت : لا والله ما عرفتها قط ، ولكن هذا الرجل لما ألحّ عليّ ، رأيت في النوم كأني دخلت النار، فعرض عليّ مكاني منها ، فارتعبت وخفت خوفا شديدا، فقال لي مالك : لا تخافي ولا تحزني ، فقد فداك الله بهذا الرجل منها ، ثم أخذ بيدي ، وأدخلني الجنة ، فوجدت فيها سطرا مكتوبا. فقرأته ، فوجدت فيه : " يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" ثم أقرأني سورة الإخلاص ، فأقبلت أردّدها ، ثم انبتهت وأنا أحفظها.
قال الحسن: فأسلمت المرأة ، وقتل الشيخ على ردّته نصرانيا. نسأل الله العافية.[/align]
رد: ياتائها فى الضلال بلا زاد
رد: ياتائها فى الضلال بلا زاد
شكرا للأخ الفاضل على الحضور الطيب
جزاك الله خيرا