مواقف ابليس والناس يوم القامة ومن هو ابليس لعنه الله
وما إبليس ؟ لقد عُصي فما ضـرّ ، ولقد أُطيع فما نفـع .
( هذا من أقوال العالم الزاهد سلمة بن دينار رحمه الله )
إن إبليس لـيُـقِـرّ بذلك قبل غيره ، ويعترف به بنفسه .
وإنه ليقف يوم القيامة خطيبا في أتباعه فيُعلن هذه الحقيقة
( وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )
تأمل في قوله : ( وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي )
لم يكن لي عليكم من أمر ولا نهي
ولم يكن لي عليكم من قُدرة
بل كان كيدي ضعيفاً ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا )
لم يكن بيدي سلاح أُقاتلكم به
لم يكن بوسعي سوى الإغواء والتزيين !
ولم يكن منِّي إلا أن دعوتكم فسارعتم إلى الاستجابة لي !
فمن الملوم الآن في يوم الدّين ؟
( فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم )
فتزداد عندها حسرتهم
ويزداد ألمهم وتالّمهم عندما يُعلن لهم هذه الحقيقة ( مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ )
فلستُ بنافعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه !
فليس أمامكم سوى الحسرة الطويلة ، والنّدامة المديدة !
هذه براءة الشيطان من أوليائه في الآخرة ، وهو قد تبرأ من أوليائه في الدنيا بعد أن ورّطهم !
فهذه صورة فردية عامة
( كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ )
وهذه صورة جماعية خاصة
( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
فقد تمثّل يوم بدر بصورة سراقة بن مالك
قال ابن جرير : قال للمشركين ببدر وقد زين لهم أعمالهم : لا غالب لكم اليوم من الناس ، وإني جار لكم ، فلما تراءت الفئتان وحصحص الحق ، وعاين حدّ الأمر ونزول عذاب الله بِحِزْبِه ( نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ، فصارت عداته عدو الله إياهم عند حاجتهم إليه غروراً كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه . اهـ .
قد أخبرنا ربنا سبحانه وتعالى عن عداوة الشيطان ، بل أخبر بعداوته المبينة ، وأمرنا أن نتّخذه عدوا فقال تبارك وتعالى : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا )
أما لماذا ؟
فلأنه ( إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )
شقي الشيطان فما هان عليه أن يتفرّد بالشقاوة !
وطُرد من رحمة أرحم الراحمين فأراد تكثير سواد المطرودين !
حتى لا يكون في صفِِّـه وحيدا
ولا في مجاله فريدا !
فيا لشقاء من أطاع الشيطان
ويا لحسرته
ويا لطول ندامته
عبد الله
إن الشيطان ليس له سبيل على المؤمنين
وقال رب العالمين : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ )
قال ابن القيم رحمه الله :
فتضمن ذلك أمرين :
أحدهما : نفي سلطانه وإبطاله على أهل التوحيد والإخلاص .
والثاني : إثبات سلطانه على أهل الشرك وعلى من تولاه .
وفي قوله تبارك وتعالى : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً )
قال رحمه الله :
ليس له طريق يتسلط به عليهم ، لا من جهة الحجّة ، ولا من جهة القدرة ، والقدرة داخلة في مسمى السلطان ، وإنما سميت الحجّة سلطانا لأن صاحبها يتسلط بها تسلط صاحب القدرة بيده ، وقد أخبر سبحانه أنه لا سلطان لعدوه على عباده المخلصين المتوكلين . اهـ .
وقال رب العزّة سبحانه : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ )
فالغاوي هو من عرف الحق ولم يعمل به !
فما جزاء الغاوين ؟
( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ )
هذا جزاء من عصى مولاه وأطاع عدوّه !
يُكب على وجهه في نار جهنم .
فكُن على حذرٍ قد يفع الحذرُ
كُن على حذر من عدوّك المبين الذي يتربّص بك في كل حركة وسكنة ، ومع كل نفس
وكُن على حذر من خطواته ( وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )
رد: مواقف ابليس والناس يوم القامة ومن هو ابليس لعنه الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جاء في الحديث الصحيح الذي في البخاري وغيره قال فيه : (لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ( فبي يسمع وبي بيصر وبي يبطش وبي يمشي ) ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه)
فإذا كان العبد من هؤلاء فرق بين حال أولياء الرحمن وحال أولياء الشيطان
بارك الله فيك
رد: مواقف ابليس والناس يوم القامة ومن هو ابليس لعنه الله
جزاك الله خيرا اخي الكريم
دمت في حفظ الرحمن
رد: مواقف ابليس والناس يوم القامة ومن هو ابليس لعنه الله
رد: مواقف ابليس والناس يوم القامة ومن هو ابليس لعنه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيت اخي الكريم
بارك الله فيك
دمت بحفظ الرحمن