كيف تكون قيادياً وتُحرك الناس؟
يعرّف الإداريون القيادة بأنها :"القدرة على تحريك الناس نحو هدف معين".
وقيادة الناس أمانة، وهي من أصعب الأمور، وذلك بسبب اختلاف طبائعهم، والأمور المحيطة بهم، ويحتاج القائد إلى فن في التعامل، ورُقي في أسلوب المحاورة للوصول إلى الهدف المنشود.
وحتى يكون القائد بهذه المثابة، فلا بدَّ من أن يكون صاحب تجربّة فذّة، وممارسة لهذه الصنعة.
والمتتبع للقادة المهرة، يجد أنهم شاركوا في ميادين العمل كثيراً، وصاغتهم التجارب منذ أن كانوا مقودين متبوعين ينصتون للأوامر، إلى أن أصبحوا قادة يُشار إليهم.
وما من شك في أن صحة العزائم، والصبر المتواصل، وشيئاً من الصفات النفسية والخُلُقية والخَلْقية، ودُربة على القيادة متدرجة، تكفل نجاحاً للقائد بإذن الله، وبالتالي ؛فإن القيادة لا تشترط سناً بعينها، أو من له سلالة عريقة.
وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن صفات قائد عظيم، هو طالوت. قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247]. وجاء في تفسير الآية الكريمة "قيل عن طالوت: كان سقاء، وقيل: دباغاً، ولم يكن من سبط النبوة أو الملك، بل إن الله اصطفاه، وزاده بسطة في العلم الذي هو ملاك الإنسان، وأعظم وجوه الترجيح، وزادة بسطة في الجسم الذي يظهر به الأثر أثناء الملمات" [فتح القدير: الشوكاني 1/338]. فأمر القيادة لا يُورّث إذاً، ولكن يُعطى لمن له خبرة ودُربة، وحُبي بصفات أهّلته لذلك.
وقد يعجل بعض الدعاة باختيار قائد لم تصهره الشدائد، ولم يعرف حقيقة التعامل مع الناس، فيخلط بين الواجب والمندوب، وقد يسيء أكثر مما يصلح. وهناك خطأ آخر مكرور، وهو تعيين قائد صغير لم يتمرّس على هذه الصنعة، ومعه من هو أعلى منه قدراً وفهماً ووعياً وعلماً!.
ونظن أنه بهذه الطريقة نستطيع أن نكوِّن القدوات، ولو على حساب عثرات كبيرة، مستأنسين بشاهد السيرة المشهور، من قيادة أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- في بعثه لغزو الشام ومعه أبو بكر، وعمر، وكبار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين!.
ونقول: لعلنا قد استعجلنا، ولم ندرك حقيقة الأمر. فعلى صغر سن أسامة - رضي الله عنه - وقد بلغ ثمانية عشر عاماً، ومعه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر، وقد تولى قيادة جيش المسلمين لغزو الروم، إلا أن فنون القيادة، ومهارة القتال كانت واضحة عنده.
فمما يرويه الإمام الذهبي عنه : "أنه كان خفيف الروح، شاطراً، شجاعاً، ربّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحبّه كثيراً".
فهذه الصفات التي رواها الإمام الذهبي -رحمه الله- عن أسامة بن زيد، بيّنت لنا كثيراً من الأمور التي نغفلُ عنها عند النظر في تعيين صغار القادة على الكبار.
فأسامة رضي الله عنه كان "خفيف الروح"، يستطيع بهذه النفسية التأثير على الناس، وتحريكهم نحو ما يريد.
كما أنه كان "شاطراً"، فطناً، ذكياً، ألمعياً، فاهماً لمجريات الأمور، ذا إدراك عميق للمواجهات، والتحديات التي تقابله.
وكان "شجاعاً" قوياً، قدوة لإخوانه وقت الأزمات والملمات.
وتربية النبي - صلى الله عليه وسلم - له، تبيّنُ لنا أن هذا القائد أخذ كثيراً من صفات القيادة، عن طريق القدوة، كما أنه تعلّم كثيراً من فنون التعامل، وحسن التوجيه، والتخطيط السليم، والنظر العميق. وهذا ما عناه الإمام الذهبي بقوله عنه: "رباه النبي صلى الله عليه وسلم". وأضف إلى ذلك جملة الأخلاق الكريمة الفاضلة، والمعاملة الحسنة مع ربه ومن ثم إخوانه.
ومن التأملات في هذه الحادثة أنه عندما نختار القائد الواعي ذا الصفات المؤهلة للقيادة، فإن علينا أن نوكل له مهام القيادة، وإن كان هناك من هو أكبر منه. وقد تكلم الناس في قيادة أسامة رضي الله عنه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ عليهم ظنّهم السيئ فيه، وعدم قدرته على القيادة.
ومن هنا نرى أنَّ من الخطأ أن نتدخل في أمر القائد، واختياره لبعض الأمور التي قد يخالف فيها إخوانه، وذلك في الأمور الاجتهادية، التي يرجع الحكم النهائي فيها لوجهات النظر. فلا يزال القائد هو الفيصل النهائي لهذه المسائل، ولا يصح أن يُعاتب عليه، في مسائل اجتهادية لا تأثير فيها.
وهنا لا نعني إلغاء أمر الشورى بين القائد ومن معه، كلا، ولكن نعني إعطاء الحرية في عمله القيادي بقدر ما. لذا فإن من الضرورة الاهتمام بتربية النشء الذين يكتسبون صفات القيادة، ويملكون شيئاً منها، وذلك بالتربية المنظمة في درجات القيادة، حتى ينشأ لدينا قياديون مهرة ذوو خبرة وإمرة جيدة.
منقول للفائدة
:n200673:
رد: كيف تكون قيادياً وتُحرك الناس؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باسم وان
ومن هنا نرى أنَّ من الخطأ أن نتدخل في أمر القائد، واختياره لبعض الأمور التي قد يخالف فيها إخوانه، وذلك في الأمور الاجتهادية، التي يرجع الحكم النهائي فيها لوجهات النظر. فلا يزال القائد هو الفيصل النهائي لهذه المسائل، ولا يصح أن يُعاتب عليه، في مسائل اجتهادية لا تأثير فيها.
وهنا لا نعني إلغاء أمر الشورى بين القائد ومن معه، كلا، ولكن نعني إعطاء الحرية في عمله القيادي بقدر ما. لذا فإن من الضرورة الاهتمام بتربية النشء الذين يكتسبون صفات القيادة، ويملكون شيئاً منها، وذلك بالتربية المنظمة في درجات القيادة، حتى ينشأ لدينا قياديون مهرة ذوو خبرة وإمرة جيدة.
:n200673:
قام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما على المنبر فخطبَ الناسَ فقال: "أيها الناس اسمعوا وأطيعوا! فقال له سلمان الفارسي رضي الله عنه لا سمع لك اليوم علينا ولا طاعة يا عمر! فقال عمر رضي الله عنه: ولمه؟! قال سلمان: حتى تبين لنا منْ أين لك هذا الثوب الذي ائتزرت به، وأنت رجل طوال لا يكفيك برد واحد كما نال بقية المسلمين! فلما بين له عمر رضي الله عنه أن البرد الذي ائتزر به هو برد ابنه عبد الله، قال سلمان: " الآن مُر نسمع ونطع "
الصحابة سمعوا ورأوا سلمان وهو يحاسب عمر ويعلن عن عدم السمع والطاعة له فسكتوا جميعا ولم ينكر أحد منهم عليه ذلك مع أنه من الأمور التي تنكر فكان سكوتهم هذا إجماعا منهم على وجوب محاسبة الحاكم إن أساء أو قصر، ومساءلته إن وجدت مظنة الإساءة أو التقصير ..... هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن إجماعهم هذا يعني أن الأمة بمجموعها كانت أمة سياسية تعرف حقوقها وواجباتها، تعرف مصلحتها، وتعلم أن الحاكم يجب أن يرعى شؤونها ويسوسها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن العمل بالسياسة فرض من الفروض التي أوجبها الله تعالى على المسلمين، فسكتوا عن سلمان رضي الله عنه وعنهم أجمعين عندما عمل بالسياسة وأعلن على عمر خليفة المسلمين ما يسمونه اليوم العصيان المدني " لا سمع اليوم لك علينا ولا طاعة يا عمر " أو أن يبرئ نفسه فيبقى له السمع والطاعة.... لكن عندما تخلت الأمة عن حقوقها وتركت العمل بالسياسة وتركت محاسبة حكامها آل حالها إلى ما هي علي اليوم من انحطاط وتخلف وفساد وتشرذم؛ فهدمت دولتهم التي كان بها صلاح حالهم وكان بها عزتهم وكرامتهم، وقسمت إلى دويلات
بارك الله فيك اخي باسم
رد: كيف تكون قيادياً وتُحرك الناس؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اصبت اخي الكريم
ولكن لم اقصد هنا ان لا نعارض القائد ابدا لا اخي ولكن هناك امور اجتهادية الاختلاف فيها جائز
والمبدء الاساس لنا بيان الحق واجب كما قال الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود
اذا بيان الحق واجب ولكن ان نختلف فهذا شر
يعني ارد على القائد اذا اخطا ولم يكن على الجادة والطريق الصواب ولكن لا انشق عنه وافرق المسلمين وانهي ذلك القائد بسبب امر اجتهادي
الاختلاف فيه كبير
يعني على سبيل المثال
عندما ارسل ابى بكر اسامة بن زيد على راس الجيش عارض الكثير من الصحابة حتى انهم ارسلو عمر الى ابى بكر فقال ابى بكر غاضبا
استعملة رسول الله وتريدني ان انزعة
وعلى الرغم من مخالفة الصحابة له في الراي الا انه ارسل الجيش وعلى رأسة اسامة
اذا يجب ان يكون للقائد راي حازم وقوة ارادة ويفكر بالصواب والمصلحة العامة
هذا رأيي اخي وبارك الله فيك
لك الحب والتقدير اخي الكريم
دمت بحفظ الرحمن
رد: كيف تكون قيادياً وتُحرك الناس؟
رد: كيف تكون قيادياً وتُحرك الناس؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باسم وان
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اصبت اخي الكريم
ولكن لم اقصد هنا ان لا نعارض القائد ابدا لا اخي ولكن هناك امور اجتهادية الاختلاف فيها جائز
والمبدء الاساس لنا بيان الحق واجب كما قال الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود
اذا بيان الحق واجب ولكن ان نختلف فهذا شر
يعني ارد على القائد اذا اخطا ولم يكن على الجادة والطريق الصواب ولكن لا انشق عنه وافرق المسلمين وانهي ذلك القائد بسبب امر اجتهادي
الاختلاف فيه كبير
يعني على سبيل المثال
عندما ارسل ابى بكر اسامة بن زيد على راس الجيش عارض الكثير من الصحابة حتى انهم ارسلو عمر الى ابى بكر فقال ابى بكر غاضبا
استعملة رسول الله وتريدني ان انزعة
وعلى الرغم من مخالفة الصحابة له في الراي الا انه ارسل الجيش وعلى رأسة اسامة
اذا يجب ان يكون للقائد راي حازم وقوة ارادة ويفكر بالصواب والمصلحة العامة
هذا رأيي اخي وبارك الله فيك
لك الحب والتقدير اخي الكريم
دمت بحفظ الرحمن
بارك الله فيكاخي الكريم و الحبيب باسم
اخي هناك امور يجب ان نفهمها و نفرق بينها فديننا و الحمد الله واضح لا لبس فيه
اولا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا
رد الامر في النهاية عند الاختلاف لله و الرسول فقط
ثانيا :لا يتبنى رئيس الدولة أي حكم شرعي معين في العبادات ما عدا الزكاة والجهاد، ولا يتبنى أي فكر من الأفكار المتعلقة بالعقيدة الإسلامية.
والدليل عليها أن التبني من حيث هو مباح للخليفة وليس بواجب عليه، فكما أن له أن يتبنى أحكاماً معينة فكذلك له أن لا يتبنى أحكاماً معينة، فهو ليس أمراً يلزم الناس به لأنهم ليسوا هم الذين يتبنون، وإنما هو أمر خاص به فله أن يتبنى وله أن لا يتبنى، يفعل ما يراه. وقد ظهر من حوادث المأمون في فتنة خلق القرآن أن التبني في الأفكار المتعلقة بالعقائد قد أوجد مشاكل للخليفة وفتنة بين المسلمين، وظهر من تبني الفاطميين لمذهب الإمام جعفر تبرم من أصحاب المذاهب الأخرى وتذمر من هذا التبني، وخاصة في الآراء المتعلقة في العقائد وفي أحكام العبادات، لهذا فإن الخليفة يرى أن لا يتبنى في العقائد والعبادات إبعاداً للمشاكل، وحرصاً على رضا المسلمين وطمأنينتهم، أي رأى أن لا يختار التبني في هذين الأمرين، والشرع لم يوجب عليه التبني، فكان له أن لا يتبنى فيهما
ثالثا:العقائد والعبادات علاقة بين الإنسان والخالق، وهي لا تسبب حدوث علاقات تترتب عليها مشاكل بخلاف المعاملات والعقوبات فإنها علاقة بين أفراد المجتمع، وتسبب حدوث علاقات تترتب عليها مشاكل. والأصل في المعاملات هو قطع المنازعات بين الناس، والأصل في تبني الخليفة هو رعاية شؤون الناس، وشؤونهم تظهر رعايتها من قِبل الخليفة فيما بينهم من علاقات ولا محل لها في علاقاتهم بالله أي في العقائد والعبادات
رابعا :قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (...ليس لأحد أن يحكم بين أحد من خلق الله لا بين المسلمين ولا الكفار ولا غير ذلك إلا بحكم الله ورسوله، ومن ابتغى غير ذلك تناوله قوله تعالى: ﴿"أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون"﴾ (المائدة، 50) وقوله تعالى:﴿ "فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما"﴾ (النساء، 65)وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: (وتحكيم شرع الله وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسوله هو المتبع المحكم ما جاء به فقط، ولا جُردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك، والقيام به فعلاً وتركاً وتحكيماً عند النزاع ...
و الكلام في ذلك يطول
بارك الله فيك