حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين[/align]
قال تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) الحج.
هذه الآية تثبت بكل وضوح أن الشيطان قادر على أن يلقي من أقواله في أمنية الأنبياء والمرسلين في حال تمنيهم.
ظاهر هذه الآية أنه قد يحصل خلط بين ما هو وحي من الله تعالى وما يلقيه الشيطان، والله تعالى يبطل هذا الخلط بعد حدوثه بالنسخ والتثبيت.
ومثال على هذا الخلط ما ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتلو سورة النجم على الكافرين أنهم سمعوه يذكر آلهتهم بخير، ويقول فيها "تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى" أو "لترتضى" وقد ورد هذا القول بأكثر من صيغة ، بعد قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) النجم، ففرح المشركون لذلك، فلما انتهى إلى السجدة في آخر السورة سجد النبي عليه السلام وسجد معه الكفار، وانتشر الخبر بإسلام أهل مكة، فعاد بعض المهاجرين من الحبشة.
وأصاب النبي عليه الصلاة والسلام الغم مما سمعه المشركون، وهم لا يشكون أن ما سمعوه هو من النبي عليه الصلاة والسلام، وليس من غيره.
وتصدى من تصدى من العلماء لبيان فساد هذه القصة؛ لأن فيها إخلال بعصمة النبي صلى الله عليه السلام.
ولا أريد أن أناقش صحة هذه القصة أو عدم صحتها ... إنما أريد أن أدخل في تعريف الأمنية ... لأن فيها البيان الشافي إن شاء الله تعالى .
فعندنا تسأل امرأ عن أمنيته سيجيب لك بالشيء الذي يمتناه؛ كسيارة حديثة غالية الثمين مثلاً، أو بيت واسع وجميل، أو بستان مليء بأنواع الفواكه والخضار، أو ما يحبه من الأنعام، أو أي شيء آخر له قيمة، أو تكون أمنيته أن ينال شهادة في علم ما، أو ينال وظيفة ذات مكانة ومنزلة عالية، أو عودة حبيب غائب أو مسافر بالسلامة، ... والأماني كثيرة ومتنوعة، وهذه الأشياء الذي يمتناها هي أشياء خارج نفسه وذاته، وليست جزءًا منه ... فما يتمناه المتمني لا يكون في داخله، بل هو في الخارج، منفصل عنه، كان ذلك فاكهة مشتهاة، أو قصرًا مشيدًا، أو تعلق بفرد عزيز أو جمع من الناس.
فالأمنية هي غير ذات المتمني، وإن كان القلب محل كل نية، والتطلع إلى كل رغبة وشهوة.
فإلقاء الشيطان في الأمنية لا يكون في نفس المتمني، ولا في قلبه، ولا على لسانه، بل يكون الإلقاء في نفس الأمنية التي هي خارجة عن ذات المتمني ... ولا يلقي الشيطان إلا في فيمن له عقل.
وأمنية الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن شيئًا من متاع الدنيا ،، إنما كانت هي ذات قومه، متمنيًا إسلامهم، وتركهم لما هم عليه من الشرك والكفر، والصد عن سبيل الله.
والرسول صلى الله عليه السلام مكلف من الله تعالى بتبليغ الرسالة، وليس عليه هدايتهم، وكان عليه الصلاة والسلام حريصًا على هداية قومه، ويحب لهم كل الخير في اتباع هذا الدين، وكان يؤلمه عدم إيمانهم، وصدودهم عن دين الله .. فتمنى وهو يبلغهم أن يتحولوا عن كفرهم إلى الإيمان ... فكانت هذه فرصة للشيطان لأن يلقي في نفوس الكافرين، وأن يسمعهم غير ما يتلوه النبي عليه السلام من القرآن ... فكان ما كان من سجودهم على غير ما تلاه عليه الصلاة والسلام.
هذه الآية تبين وترشد أن على النبي، والأمة من بعده ألا تنشغل إلا بالتبليغ، وتترك أمر الهداية إلى الله عز وجل، وجدية المبلغ تضعف تأثير الشيطان على المبَلََغين .
وأن التمني بهدايتهم مدخل للشيطان إلى أنفسهم، وحاجب من وصول البلاغ إليهم، وفتنة لهم لأن في التمني رغبة في توجه المبلَغين من أنفسهم لهذا الدين، ولو لم تكن عن كامل قناعة منهم، وليس توجههم بسبب قوة الحجة، وإقامة البرهان والدليل، والأثر المباشر لدعوته وتبليغه بأمر الله .... وذلك يكون منه بعدما يلاقيه الداعي إلى الله من العداوة من قومه، والشدة والكرب في تبليغهم، وعدم استجابتهم،
فما جاء في الآية وقصة الغرانيق لو صحت ليس فيها طعن بعصمة النبي عليه السلام في تبليغه عن ربه، لأن الإلقاء لم يكن في نفس النبي عليه السلام، ولا قلبه، ولا على لسانه، مما لم يرد لفظه في الآية، كالذي وقع فيه بعض المفسرين لوصف ما جرى، وإنما كان ذلك في نفوس الكافرين، لأن الأمنية لا تكون إلا لشيء غير مملوك، وخارج عن ذات المتمني، وبعيد عن نفسه ويده، وأن محل أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم هي قومه، وتمنيه هو أن يتركوا الكفر الذي هم عليه، ويؤمنوا بالله ورسوله، وفي هذا إرشاد من الله عز وجل ودرس آخر للنبي عليه السلام وللأمة من بعده؛ يعلمنا الله تعالى فيه الحكمة في الدعوة لدينه.... وأن إعادة وتكرير البلاغ عليهم، بعين الألفاظ التي أمر بتبليغها؛ ينسخ ما يوقعه الشيطان في أنفسهم إن حدث ذلك، ويثبت بعدها الله تعالى آياته على الوجه الذي نزلت عليه.... والله تعالى أعلم.
[align=center]أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي[/align]
رد: حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
َقَالَ الْقَاضِي عِيَاض فِي كِتَاب الشِّفَا بَعْد أَنْ ذَكَرَ الدَّلِيل عَلَى صِدْق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّ الْأُمَّة أَجْمَعَتْ فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ أَنَّهُ مَعْصُوم فِيهِ مِنْ الْإِخْبَار عَنْ شَيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ , لَا قَصْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَغَلَطًا : اِعْلَمْ أَكْرَمَك اللَّه أَنَّ لَنَا فِي الْكَلَام عَلَى مُشْكِل هَذَا الْحَدِيث مَأْخَذَيْنِ : أَحَدهمَا : فِي تَوْهِينَ أَصْله , وَالثَّانِي عَلَى تَسْلِيمه . أَمَّا الْمَأْخَذ الْأَوَّل فَيَكْفِيك أَنَّ هَذَا حَدِيث لَمْ يُخَرِّجهُ أَحَد مِنْ أَهْل الصِّحَّة , وَلَا رَوَاهُ بِسَنَدٍ سَلِيم مُتَّصِل ثِقَة ; وَإِنَّمَا أُولِعَ بِهِ وَبِمِثْلِهِ الْمُفَسِّرُونَ وَالْمُؤَرِّخُونَ الْمُولَعُونَ بِكُلِّ غَرِيب , الْمُتَلَقِّفُونَ مِنْ الصُّحُف كُلّ صَحِيح وَسَقِيم . قَالَ أَبُو بَكْر الْبَزَّار : وَهَذَا الْحَدِيث لَا نَعْلَمهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِل يَجُوز ذِكْره ; إِلَّا مَا رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس ( فِيمَا أَحْسَب , الشَّكّ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِمَكَّةَ . . . ) وَذَكَرَ الْقِصَّة . وَلَمْ يُسْنِدهُ عَنْ شُعْبَة إِلَّا أُمَيَّة
وَهَذَا الْحَدِيث الَّذِي فِيهِ هِيَ الْغَرَانِيق الْعُلَا وَقَعَ فِي كُتُب التَّفْسِير وَنَحْوهَا , وَلَمْ يُدْخِلهُ الْبُخَارِيّ وَلَا مُسْلِم , وَلَا ذَكَرَهُ فِي عِلْمِي مُصَنِّف مَشْهُور ; بَلْ يَقْتَضِي مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث أَنَّ الشَّيْطَان أَلْقَى , وَلَا يُعَيِّنُونَ هَذَا السَّبَب وَلَا غَيْره . وَلَا خِلَاف أَنَّ إِلْقَاء الشَّيْطَان إِنَّمَا هُوَ لِأَلْفَاظٍ مَسْمُوعَة ; بِهَا وَقَعَتْ الْفِتْنَة . ثُمَّ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي صُورَة هَذَا الْإِلْقَاء , فَاَلَّذِي فِي التَّفَاسِير وَهُوَ مَشْهُور الْقَوْل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظ عَلَى لِسَانه . وَحَدَّثَنِي أُبَيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ لَقِيَ بِالشَّرْقِ مِنْ شُيُوخ الْعُلَمَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ مَنْ قَالَ : هَذَا لَا يَجُوز عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمَعْصُوم فِي التَّبْلِيغ , وَإِنَّمَا الْأَمْر أَنَّ الشَّيْطَان نَطَقَ بِلَفْظِ أَسْمَعَهُ الْكُفَّار عِنْد قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى . وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى " [ النَّجْم : 19 - 20 ] وَقَرَّبَ صَوْته مِنْ صَوْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اِلْتَبَسَ الْأَمْر عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَقَالُوا : مُحَمَّد قَرَأَهَا . وَقَدْ رُوِيَ نَحْو هَذَا التَّأْوِيل عَنْ الْإِمَام أَبِي الْمَعَالِي . وَقِيلَ : الَّذِي أَلْقَى شَيْطَان الْإِنْس ; كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : " وَالْغَوْا فِيهِ " [ فُصِّلَتْ : 26 ] . قَتَادَة : هُوَ مَا تَلَاهُ نَاعِسًا .
رد: حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة توفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
َقَالَ الْقَاضِي عِيَاض فِي كِتَاب الشِّفَا بَعْد أَنْ ذَكَرَ الدَّلِيل عَلَى صِدْق النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَّ الْأُمَّة أَجْمَعَتْ فِيمَا طَرِيقه الْبَلَاغ أَنَّهُ مَعْصُوم فِيهِ مِنْ الْإِخْبَار عَنْ شَيْء بِخِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ , لَا قَصْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَغَلَطًا : اِعْلَمْ أَكْرَمَك اللَّه أَنَّ لَنَا فِي الْكَلَام عَلَى مُشْكِل هَذَا الْحَدِيث مَأْخَذَيْنِ : أَحَدهمَا : فِي تَوْهِينَ أَصْله , وَالثَّانِي عَلَى تَسْلِيمه . أَمَّا الْمَأْخَذ الْأَوَّل فَيَكْفِيك أَنَّ هَذَا حَدِيث لَمْ يُخَرِّجهُ أَحَد مِنْ أَهْل الصِّحَّة , وَلَا رَوَاهُ بِسَنَدٍ سَلِيم مُتَّصِل ثِقَة ; وَإِنَّمَا أُولِعَ بِهِ وَبِمِثْلِهِ الْمُفَسِّرُونَ وَالْمُؤَرِّخُونَ الْمُولَعُونَ بِكُلِّ غَرِيب , الْمُتَلَقِّفُونَ مِنْ الصُّحُف كُلّ صَحِيح وَسَقِيم . قَالَ أَبُو بَكْر الْبَزَّار : وَهَذَا الْحَدِيث لَا نَعْلَمهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِل يَجُوز ذِكْره ; إِلَّا مَا رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس ( فِيمَا أَحْسَب , الشَّكّ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِمَكَّةَ . . . ) وَذَكَرَ الْقِصَّة . وَلَمْ يُسْنِدهُ عَنْ شُعْبَة إِلَّا أُمَيَّة
وَهَذَا الْحَدِيث الَّذِي فِيهِ هِيَ الْغَرَانِيق الْعُلَا وَقَعَ فِي كُتُب التَّفْسِير وَنَحْوهَا , وَلَمْ يُدْخِلهُ الْبُخَارِيّ وَلَا مُسْلِم , وَلَا ذَكَرَهُ فِي عِلْمِي مُصَنِّف مَشْهُور ; بَلْ يَقْتَضِي مَذْهَب أَهْل الْحَدِيث أَنَّ الشَّيْطَان أَلْقَى , وَلَا يُعَيِّنُونَ هَذَا السَّبَب وَلَا غَيْره . وَلَا خِلَاف أَنَّ إِلْقَاء الشَّيْطَان إِنَّمَا هُوَ لِأَلْفَاظٍ مَسْمُوعَة ; بِهَا وَقَعَتْ الْفِتْنَة . ثُمَّ اِخْتَلَفَ النَّاس فِي صُورَة هَذَا الْإِلْقَاء , فَاَلَّذِي فِي التَّفَاسِير وَهُوَ مَشْهُور الْقَوْل أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظ عَلَى لِسَانه . وَحَدَّثَنِي أُبَيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ لَقِيَ بِالشَّرْقِ مِنْ شُيُوخ الْعُلَمَاء وَالْمُتَكَلِّمِينَ مَنْ قَالَ : هَذَا لَا يَجُوز عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الْمَعْصُوم فِي التَّبْلِيغ , وَإِنَّمَا الْأَمْر أَنَّ الشَّيْطَان نَطَقَ بِلَفْظِ أَسْمَعَهُ الْكُفَّار عِنْد قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفَرَأَيْتُمْ اللَّاتَ وَالْعُزَّى . وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى " [ النَّجْم : 19 - 20 ] وَقَرَّبَ صَوْته مِنْ صَوْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اِلْتَبَسَ الْأَمْر عَلَى الْمُشْرِكِينَ , وَقَالُوا : مُحَمَّد قَرَأَهَا . وَقَدْ رُوِيَ نَحْو هَذَا التَّأْوِيل عَنْ الْإِمَام أَبِي الْمَعَالِي . وَقِيلَ : الَّذِي أَلْقَى شَيْطَان الْإِنْس ; كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : " وَالْغَوْا فِيهِ " [ فُصِّلَتْ : 26 ] . قَتَادَة : هُوَ مَا تَلَاهُ نَاعِسًا .
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الأخ توفيق على هذا النقل الطيب
لم أورد هذه قصة الغرانيق على أنها صحيحة، ولذلك لم أرجع سند هذه القصة لأي كتاب من كتب الحديث أو التفسير
وقلت بصيغة المبني للمجهول "ومثال على هذا الخلط ذُكر أن ..." وأهل العلم يعرفون أن صيغة المبني للمجهول صيغت تعليل
ثم قلت: "وتصدى من تصدى من العلماء لبيان فساد هذه القصة؛ لأن فيها إخلال بعصمة النبي صلى الله عليه السلام".
فحكمت عليها بالفساد وإخلال بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم
ثم بينت أني لا أريد مناقشة صحتهما من عدمه " ولا أريد أن أناقش صحة هذه القصة أو عدم صحتها"
ولو قلت فيها لقلت مثل قول بعض العلماء هي من نسج الزنادقة
لكنني مهما بينت من فساد هذه القصة وعدم وجود أصل صحيح لها ووجد ولو رواية واحدة متصلة كما جاء في نقل الأخ توفيق "وَهَذَا الْحَدِيث لَا نَعْلَمهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِل يَجُوز ذِكْره ; إِلَّا مَا رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ أَبِي بِشْر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس ( فِيمَا أَحْسَب , الشَّكّ فِي الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِمَكَّةَ . . . ) وَذَكَرَ الْقِصَّة . وَلَمْ يُسْنِدهُ عَنْ شُعْبَة إِلَّا أُمَيَّة"
لكانت كافية أن يفسر رفضي لهذه القصة أنه عن حب وتعصب وحمية لديني ولنبي ولكتابي
وأني لا أملك الحجة القاطعة في نفي هذا القصة
لذلك قلت " إنما أريد أن أدخل في تعريف الأمنية ... لأن فيها البيان الشافي إن شاء الله تعالى" .
وهذا البيان الشافي هو الذي يقطع على كل قادح بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم، أو أن الشيطان اخترق هذا العصمة، ثم ما يبنى على ذلك من دخول الوحي ما ليس منه، وأن كلام الله دخل عليه من كلام الشيطان ... فيجعل ذلك سبيل إلى هدم الدين.
ويستشهد بالآية بأن الشيطان قادر على فعل ذلك بالتفسير الدارج
فأكن ضعيفًا في الدفاع عن دين الله، ورفع التهمة عنه، وقد يفتن من يسمع ذلك من ضعفاء الناس .
وقد راجعت أكثر من ثلاثين تفسيرًا
وقد ذكر فيها بعبارات اختلفت من تفسير إلى آخر مثبتة الإلقاء في نفس النبي وليس في نفس الأمنية:
:أن الشيطان ألقى في نفس النبي
:أن الشيطان ألقى في قلب النبي
:أن الشيطان ألقى على لسان النبي
فكيف إذا استشهد عليك أحد بهذه التفاسير
ولم أجد من يفرق بين التمني كفعل قلبي مثله مثل الحب والرغبة والاشتهاء وبين الأمنية كشيء خارج النفس واليد فما تحبه وترغب فيه وتشتهيه وتتمناه هي أشياء خارج نفسك وملك يدك وكلهم رحمه الله تعالى ورضي الله عنهم تكلموا عن فعل التمني القلبي ولم يتكلموا عن الأمنية نفسها ولم يتطرقوا للفرق بينهما.
وأمنية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في قومه؛ يحب لهم الهدى والرشاد، وترك الكفر والشرك، والتحول إلى فئة المؤمنين بالله، وكان يحزنه بقاء قومهم على ما كانوا عليه من عبادة الأصنام والكفر بالله.
فإلقاء الشيطان كان في الأمنية كما صرح القرآن الكريم بذلك ولم يكن في فعل التمني.
وهذا التفريق هو الذي يحفظ عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من القول باختراقها، ويبعد القول والطعن في كتاب الله، ويسلم دين الله تعالى
وليق الشيطان بعدها ما يلق؛ في نفوس ؛في قلوب الكافرين ما يلق، فلن يضر ذلك عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ولا شرع الله تعالى
لقد جمعنا مجلس من غير ميعاد مع قس ولم يكن فيه مسلمًا إلا نفسي وأخي
ورأى القس كتابي "أحبك أيها المسيح" الذي أهديته لصاحب البيت، وهو كتاب دعوي لم يعتمد إلا على القرآن الكريم وفيه 140 بابًا تتحدث عن المسيح عليه السلام في القرآن في 301صفحة في طبعته الثانية.
فأثار شبهات على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (ووجدك ضالا فهدى) بأن النبي كانت منه معاصي لله قبل النبوة فبينت له أن هذه الآية لو كان يفقه في اللغة بأنها شهادة تبرئة من الله تعالى لنبيه من الكفر والشرك
مع أن الدكتور عبد الصبور شاهين قال على قناة المستقلة عندما سئل عن هذه الآية : كان الناس كلهم ضالين ... فحزنت من رده هذا.
ثم ذكر القس قصة الغرانيق العلى، وقال إن القرآن يثبتها في آية الحج التي شرحتها ليبني عليها عدم سلامة القرآن من اختلاطه بغيره.
فبينت له شرحها الحقيقي وفرقت له بين فعل التمني والأمنية
فرأيت الانكسار في عينيه _وقد كان كل الحاضرين يبجلونه، ويظهرون له التعظيم، والتوجه بالأسئلة له للتعلم منه_ فقال أول مرة أسمع بهذا التفسير، ولم يتمادى في الباطل، ولم يتطرق لشبهات أخرى، وقد ناقشته في مساءل عن المسيح، ورأيت في عيون بعض الحاضرين كتمهم الغيظ، والغضب من عدم تمادي القس واستسلامه، حتى ظننت أنه يخفي في صدره بعض الإيمان
أما أنا فحمدت الله تعالى أني لم أقف عاجزًا الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب الله، وهان علي كل التعب الذي تعبته السنوات الطويلة في دراسة "فقه استعمال الجذور" الذي مكنني من الإجابة عليه، والقدرة على الدفاع عن دين الله، ونبيه وكتابه .. ولله الحمد والمنة
فأحببت أن أنشر هذين الموضوعين ليعم نفعهما للمسلمين والانتفاع بما فيهما في الثبات على دين الله والدفاع عنه.
رد: حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخي الكريم
رد: حقيقة إلقاء الشيطان في أمنية الأنبياء والمرسلين
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة توفيق
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخي الكريم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيكم يا أخي الكريم
وجزاكم الله بكل خير