بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تبارك وتعالى " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى " 33 الاحزاب
يحدثنا الله عز وجل فى تلك الآية عن جاهلية اطلق عليها لفظ الاولى ..
و تلك الآية تدفعنا الى التساؤل .. هل هناك جاهلية اخرى ؟
وللاجابة على هذا السؤال لابد لنا من معرفة بسيطة بالتاريخ وخاصة تاريخ العرب .. وما تعنيه كلمة جاهلية ... وذلك للمقارنة بين صفات الجاهلية الاولى والجاهلية الاخرى ....
اولا..... من الناحية الدينية .... الكل يعلم ان العرب كانوا وثنيين يعبدون الاصنام .. ولكن هل كانوا مخلصين لتلك الاصنام ام كانت بالنسبة لهم نوع من انواع ترويج تجارتهم ... نعم كانت كذلك .. اذا عبادتهم لها عبادة صورية الهدف منها الدنيا فقط والمصلحة الشخصية
ثانيا ... من الناحية الطبقية ... قسم العرب فى الجاهلية الاولى البشر الى اسياد وعبيد .. بل كانت لهم ايضا نزعاتهم القبلية العنصرية ... فهذا ابن فلان وهذا ابن علان ... وهذا من قبيلة كذا وهؤلاء من قبيلة كذا ...
ثالثا ... الناحية الاخلاقية ... تلك هى الخاصية الوحيدة التى تميز بها العرب عن باقى الامم ... الكرم ... الشهامة ... نصرة المظلوم " حلف الفضول " ..
الشرف ... الكرامة ... الموت فى سبيل الغايات النبيلة
رابعا ... الدنيا عامة ... كانوا يجرون وراء ملذاتهم وشهواتهم دون قيد او شرط الا القليل مما يتعارض مع اخلاقيات معينة مثل الخيانة على سبيل المثال ورغم انهم كانوا يحبون الدنيا ويجرون ورائها الا انهم كانوا على استعداد كبير للموت فداءا لكرامتهم وعزة انفسهم دون تردد
خامسا ... المراة ... والمراة السبية او الجارية ليس عليها لوم ان تعرت او زنت
اما الحرة الشريفة فلا يجوز لها فعل هذا .. ومن اقوالهم " تموت الحرة ولا تاكل بثدييها " ...
سادسا .... الناحية العلمية .. اكثر ما برع فيه العرب هو علم اللغة او علم الكلام ... فهم لغويا فى منتهى التمكن من الفاظها ومعانيها ومتى يقولون .. كرى .. ومتى يقولون نوم ... ومتى يقولون غفوة ... ومتى يقولون سنة ... تخيلوا قوم يضعون اكثر من اربعون اسما لحيوان واحد فقط وهو الاسد .... اى براعة لغوية هذه ... بالاضافة الى انهم متحدثون وشعراء بارعون محترفى اللعب بالكلمات ..... انه لموضوع كبير يستحق الدهشة !!!!!
وهذا مما ساعدهم كثيرا على فهم القرآن فهما صحيحا ... وبمناسبة اللغة العربية .. فكلمة جاهلية مصدرها جهل ونقيضها معرفة ... فكلمة جهل تعنى عدم المعرفة بالشىء ... ولا تعنى هنا الجهل بكل الاشياء بل يكفى عدم المامك بمعرفة شىء واحد مما يجعلنى اتهمك بالجهل ... والجهل هنا هو جهل بمعرفة الله المعرفة الصحيحة وعبادة غيرة من الاوثان
هذه بعض الجوانب وليست الكل عن حياة العرب او الجاهلية الاولى قبل ظهور الاسلام ... فماذا عن الجاهلية الاخرى التى تحدث الآن ... قارنوا معى بما يحدث الآن ....
اولا .. الناحية الدينية ... الكل يدعى انه مسلم ولا علاقة له بالاسلام سوى ماهو مكتوب فى بطاقته الشخصية ... يدعى انه مسلم ولا يتقن عمله .. يذهب ويغدو من والى المسجد ويؤذى صاحبه وياكل مال ذويه ... يدعى الاسلام ويبيعه من اجل عمله او تجارته
ثانيا ... الناحية الطبقية ... ابن الباشا باشا وابن الجناينى جناينى ... هذا مصرى وهذا سعودى وهذا سورى ....... الخ
ثالثا ... الناحية الاخلاقية .... رغم التشابه الكبير بين الجاهلية الاولى وجاهليتنا الحالية فى كثير من النقاط الا اننا نتميز عنهم باننا اسوا منهم اخلاقيا ....
رابعا ... الدنيا عامة .. حب الدنيا وكراهية الموت هو الصفة السائدة لدى ابناء الجاهلية الحالية ... رغم انهم اكثر الناس علما ويقينا بما سيحدث لهم بعد الموت ... يؤمنون بالله وبالموت والحساب والجنة والنار .... والكثير من الاشياء التى كان يجهلها اصحاب الجاهلية الاولى .... وليس عندهم اى دافع للتضحية والموت وبيع الدنيا فى سبيل ما يؤمنون به وهو الحق
فى الجاهلية الاولى يضحون بانفسهم من اجل شىء زائل يموت معهم الا وهى الكرامة وعزة النفس
فى الجاهلية الحالية لا يضحون بانفسهم من اجل شىء آت بل وباق ابد الآبدين وهى الجنة
خامسا ... المراة .. تتعرى وتزنى الحرة بل وتاكل بثدييها فى الجاهلية الحالية .. ولا اعلم سببا لهذا التدهور الاخلاقى الحالى سوى ضياع العقل وتنحى الرجل عن مهمته وضياع اخلاقيات امة الجاهلية الحالية ... ومن هنا اعود بكم الى " صاحبات الرايات الحمر " او بيوت الدعارة آنذاك ... فقد كانت معلومة اماكن تواجدها اما الآن فتجدهم فى كل مكان متسترين تحت قناع الفضيلة .. وليس هناك ما هو اخطر من قناع الفضيلة .. يتفنن فى ارتداء كل ما هو عار لا يستر شيئا تحت ستار الموضة والحرية الشخصية... وتدعين الشرف وحسن الخلق .. يطالبن بالمساواة وذلك فقط فيما يرتديه الرجل وما يرتكبه من اخطاء ويتركن ما عليهن من واجبات تجاه المجتمع من تربية نشأ مفيد لاهله ومجتمعه ... وتلك هى الغالبية العظمى وما شذ عنها الا القليل مما رحم ربى ..
سادسا... الناحية العلمية ... بالرغم من التقدم التكنولوجى الهائل فى عصرنا الحالى ... واتساع الهوة العلمية بيننا وبين عصر الجاهلية الاولى ... الا اننا فى جاهلية بالله عز وجل كما هو معناها فى الآية الكريمة ... وبرغم ان كل الاكتشافات العلمية تؤكد على طلاقة قدرة الله ... الا اننا جاهلون به وبقدرته سبحانه وتعالى عما يشركون ... " ادعوكم للاطلاع على ملفات الفيديو للعالم هارون يحيى جزاه الله خيرا على هذا
