رد: التعارض الظاهري للنصوص
دفع توهم التعارض بين النصوص
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
في العدد السابق تكلمنا عن التعارض الظاهري بين النصوص، ورأينا أن النصوص مبرأة من التعارض والتناقض، فأدلة الشرع حق، والحق لا يتناقض بل يصدِّق بعضه بعضًا، وأن التعارض إنما يكون في ذهن المتلقي، إما لقصور في علمه أو في فهمه أو في تدبره، وذكرنا أنه إذا ظهر التعارض، فالواجب فعله على الترتيب:
أولاً: الجمع بين المتعارض ما أمكن.
ثانيًا: النسخ.
ثالثًا: الترجيح.
رابعًا: طلب الدليل في المسألة من غيرها.
خامسًا: التوقف.
وسنرى- إن شاء الله- في هذا العدد كيفية دفع التعارض بين النصوص بالأمثلة العملية. وكما سبق أن أشرنا في الحلقة السابقة، فإننا سنركز الحديث عن التعارض المتوهم بين نصوص السنة لطبيعة المقالات التي نكتبها تحت عنوان: "مسائل في السنة".
مثال للتعارض بين آية وحديث:
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلا هلك".
{صحيح البخاري}
وفي الآية، قال الله تعالى: فأما من أوتي كتابه بيمينه (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا
{الانشقاق: 7، 8}.
وجه التعارض:
أن لفظ الحديث عام في تعذيب كل من حوسب، ولفظ الآية دال على أن بعضهم لا يعذب.
كيفية دفع التعارض:
الواجب أولاً الجمع، إذ الأصل في الدليلين الإعمال لا الإهمال.
ووجه الجمع بينه لنا المعصوم صلى الله عليه وسلم عندما سألته عائشة رضي الله عنها عن الآية والحديث؛ لأنها تمسكت بظاهر لفظ الحساب لأنه يتناول القليل والكثير- كما في صحيح البخاري- فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إنما ذلك العرض( يعني الحساب الذي في الآية) وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عُذِّب".
قال القرطبي: معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "إنما ذلك العرض" أن الحساب المذكور في الآية إنما هو أن تعرض أعمال المؤمن عليه حتى يعرف منة الله عليه في سترها عليه في الدنيا وفي عفوه عنها في الآخرة. {فتح الباري ج11-410}
وقد وقع ذلك لغير عائشة رضي الله عنها، فوقع لحفصة رضي الله عنها لما سمعت حديث النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يدخل النار أحد ممن شهد بدرًا والحديبية".
قالت: أليس الله يقول: وإن منكم إلا واردها، فأجيبت بقوله: ثم ننجي الذين اتقوا {مريم: 71- 72}. {فتح الباري ج1-238}
قال الحافظ ابن حجر: ولأحمد وجه آخر عن عائشة: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حسابًا يسيرًا"، فلما انصرف قلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: "أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إن من نوقش الحساب يا عائشة يومئذ هلك".
{فتح الباري ج11-408}
أمثلة للتعارض بين حديثين والجمع بينهما:
1- عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح، فينصرف النساء ملتفِّفات (متلفِّعات) بمروطهن(1)، ما يعرفن من الغلس(2). {صحيح سنن الترمذي 153}
- عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر". {صحيح سنن الترمذي: 154}
وجه التعارض:
في حديث عائشة رضي الله عنها (وهو في الصحيحين أيضًا) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفجر ويخرج الناس في الظلام، وفي حديث رافع حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على الإسفار بالفجر، والإسفار هو ظهور النور قبل طلوع الشمس مباشرة.
قال الترمذي: وقد اختار التغليس بصلاة الفجر غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي #- منهم أبو بكر وعمر- ومن بعدهم من التابعين.
وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق، وهو قول مالك أيضًا.
وقال أيضًا: وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين الإسفار بصلاة الفجر وبه يقول سفيان الثوري، وهو قول الحنفية.
كيفية دفع التعارض:
من العلماء من قال: إن حديث التغليس كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ، ومنهم من قال: حديث عائشة رضي الله عنها فعلي، وحديث رافع رضي الله عنه قولي، فيُقدم القول على الفعل عند التعارض، ومنهم من أوَّل الإسفار بأنه أن يَضِحَ (يضيء) الفجر فلا يُشك فيه... إلى غير ذلك.
وكما قلنا: إنه لو أمكن الجمع وجب لعدم طرح دليل والعمل بآخر، وهذا ما ذهب إليه ابن القيم في إعلام الموقعين، فقال: وهذا بعد ثبوته (يعني حديث الإسفار)، إنما المراد به الإسفار دوامًا لا ابتداءً فيدخل فيها مغلسًا ويخرج منها مسفرًا، كما كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، فقوله موافق لفعله لا مناقض له.
والذي ذهب إليه ابن القيم هو الذي اختاره الطحاوي في شرح الآثار، فقال: فالذي ينبغي، الدخول في الفجر في وقت التغليس والخروج منها في وقت الإسفار على موافقة ما روينا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.
ويؤيد الجمع على ما ذكر الإمامان ابن القيم والطحاوي ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى رضي الله عنه أن صلِّ الصبح بسواد أو قال بغلس وأطل القراءة.
وكذلك ما ورد عن أبي بكر رضي الله عنه في تغليسه في صلاة الفجر وتطويله القراءة فيها حتى خيف عليه طلوع الشمس، وهذا بحضرة أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه أحد.
{سنن الترمذي، تحفة الأحوذي بتصرف}
2- حديث طلق رضي الله عنه: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء؟ فقال: لا، إنما هو بضعة منك.
{أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي}
- حديث بسرة بنت صفوان رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم : "من مسَّ ذكره فليتوضأ".
{صحيح ابن ماجه والنسائي والترمذي}
وجه التعارض:
في حديث طلق قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل هل عليه الوضوء؟ قال: لا، يعني ليس عليه وضوء.
بينما في حديث بسرة أمر النبي صلى الله عليه وسلم من مسَّ ذكره بالوضوء.
كيفية دفع التعارض: من العلماء من قال بنسخ حديث بسرة لحديث طلق، ومنهم من قال بترجيح حديث بسرة، كما قال البخاري: أصح حديث في الباب حديث بسرة.
ومن العلماء من جمع بين الدليلين وهو الأولى- والله أعلم- كشيخ الإسلام ابن تيمية كما ذكر ذلك الألباني في تمام المنة ورجحه.
ونقل الشيخ ابن عثيمين في شرح الأصول من علم الأصول، قول بعض العلماء بالجمع، وقالوا: إن الترجيح متعذِّر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل في الحديث الثاني بعلة لا يمكن رفعها وهي قوله: إنما هو بضعة منك، فهذه علة لا يمكن أن تزول، فإذا ثبت الحكم لعلة لا تزول لا يمكن رفعه، فهو بضعة منك كما لو لمست أذنك أو فخذك أو قدمك لم ينتقض الوضوء... إلى أن قال: واختلفوا في الجمع على طريقين:
الطريق الأول: أن يحمل الأمر في قوله: "فليتوضأ" على الاستحباب.
الطريق الثاني: أن يحمل قوله: "فليتوضأ" على ما إذا مسَّه بشهوة، قالوا: وهذا الحمل يومئ إليه قوله: "إنما هو بضعة منك" لأنك إذا مسست ذكرك على أنه بضعة منك كما تمس سائر الأعضاء لا يحصل بذلك شهوة، وإذا مسسته لشهوة فارق بقية الأعضاء وصار مسُّك إياه لمعنى يختص به، وهو مظنة الحدث مثل النوم، ورجح الشيخ القول بالجمع. {الوجيز: لعبد العظيم بدوي، وتمام المنة للألباني، وشرح الأصول لابن عثيمين}
3- حديث جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم وهو في صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم النحر بمكة.
- حديث ابن عمر رضي الله عنهما- وهو في البخاري ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها (أي الظهر) بمنى.
وجه التعارض: أن النبي صلى الله عليه وسلم حجَّ مرة واحدة في حياته وهي حجة الوداع فكيف يصلي الظهر في حديث جابر- يوم النحر- بمكة، وكيف يصليها في حديث ابن عمر بمنى.
دفع التعارض:
من العلماء من قال بالترجيح فرجَّح حديث جابر لأنه وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم كلها وكان متتبعًا لها ولم يفته عامة أفعاله صلى الله عليه وسلم فيكون أضبط من غيره. ورجَّح البعض الآخر حديث ابن عمر لأنه في الصحيحين، وكما هو معلوم فإن الحديث المتفق عليه بين الشيخين البخاري ومسلم أرجح مما انفرد به أحدهما وحديث جابر لم يروه البخاري.
لكنه يمكن الجمع بينهما- وهو أَوْلى- بدلاً من توهيم جابر أو ابن عمر رضي الله عنهم، فإن هذا بعيد؛ لأنهما يحكيان فعلاً فعله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فالوهم فيه بعيد.
فالجمع بينهما يكون بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمكة في أول الوقت بالحرم، ولما خرج إلى منى وجد بعض أصحابه لم يصلِّ، فصلى بهم لأنه الإمام صلى الله عليه وسلم ، فصارت له نافلة ولهم فريضة، ولا غرابة في هذا، فقد فعل هذا معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو دون النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة، فكان يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخرج إلى قومه فيصلي بهم وهي له نافلة ولهم فريضة، وهذا بعلم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإقراره.
{شرح الأصول: لابن عثيمين. بتصرف}
4- حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس". {متفق عليه}
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس. {متفق عليه}
وجه التعارض: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الداخل إلى المسجد في حديث أبي قتادة أن يصلي تحية المسجد، وهذا عام يشمل كل الأوقات، وأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس في حديث أبي هريرة.
كيفية دفع التعارض: من العلماء من قال: إن النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر نهي عام يشمل جميع الصلوات بما فيها تحية المسجد لذا كره أبو حنيفة والأوزاعي والليث صلاة تحية المسجد في وقت النهي.
والأولى الجمع بينهما فنخص الحديث العام في النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر بالصلاة ذات السبب كمثل تحية المسجد، فهي تصلى في كل الأوقات، ويؤيد هذا ما ذكره الإمام النووي في شرح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك تحية المسجد في حال من الأحوال، بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع أن الصلاة في حال الخطبة تُمنع إلا التحية، فلو كانت التحية تترك في حال من الأحوال لتركت وقت الخطبة.
فوائد:
1- يكتفي الرواتب القبلية عن تحية المسجد لأن المقصود ألا يجلس في المسجد قبل أن يأتي بصلاة، فإذا أتى بالراتبة كفى ذلك، وهكذا إذا جاء وقد أقيمت الصلاة كفت الفريضة عن تحية المسجد. {فتاوى اللجنة الدائمة (7-270)}
2- يلحق بتحية المسجد في صلاتها في كل الأوقات الصلوات ذات السبب، من ذلك سنة الوضوء، فتصلى في أي وقت، وكذلك صلاة الاستخارة، لكن صلاة الاستخارة فيها تفصيل، فإن كانت في أمر يفوت قبل زوال النهي فصلِّها، وإن كانت في أمر لا يفوت فلا تُصلّى وتصلى في غير أوقات النهي.
وكذلك "إعادة الصلاة" لمن صلاها وجاء إلى مسجد فوجد الجماعة فإنه يصلي معهم ولو بعد الصبح والعصر؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجلين اللذين صليا في رحالهما أن يصليا جماعة، فقال صلى الله عليه وسلم : "إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلِّيا معهم فإنها لكما نافلة"، وهذا كان بعد صلاة الصبح".
{صحيح سنن الترمذي، شرح صحيح مسلم للنووي}
5- حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة". فقال أعرابي: يا رسول الله، فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجربها كلها؟ قال: "فمن أعدى الأول"؟ {متفق عليه}.
- حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "لا يُوَرَدَنَّ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ".
{متفق عليه}
- حديث أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم : "... وفر من المجذوم كما تفرُّ من الأسد". {البخاري}
وجه التعارض: الحديث الأول ينفي العدوى، بينما الحديثان الثاني والثالث يثبتانها.
كيفية دفع التعارض: من العلماء من قال إن حديث: "لا يوردن ممرض على مصح" منسوخ بحديث: "لا عدوى".
قال الإمام النووي في شرح مسلم: "وهذا غلط ( أي النسخ ) لوجهين: أحدهما أن النسخ يكون عند تعذر الجمع بين الحديثين، ولم يتعذر.
والثاني: أنه يشترط فيه معرفة التاريخ، وتأخر الناسخ وليس ذلك موجودًا هنا.
وقال آخرون: حديث "لا عدوى" على ظاهره، وأما النهي عن إيراد الممرض على المصح فليس للعدوى، بل للتأذى بالرائحة الكريهة، وقبح صورته، وصورة المجذوم.
والصحيح أن العدوى منفية وغير ثابتة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم : "لا يعدي شيء شيئًا".
والأمر بعدم الدخول على المريض والفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع، أي لئلا يتفق للشخص الذي يخالط المجذوم، أو المريض حصول شيء له من ذلك المرض، بتقدير الله تعالى ابتداءً لا بالعدوى المنفية، فيظن أن ذلك كان بسبب مخالطته له، فيعتقد صحة العدوى وأنها تعدي بطبعها وينسى أن ذلك كله بقدر الله تعالى فيقع في الإثم".
{صحيح مسلم بشرح النووي، التأسيس لمصطفى سلامة}
6- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبول قائمًا، فلا تصدِّقوه، ما كان يبول إلا قاعدًا.{صحيح سنن الترمذي}
- حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سُبَاطة(3) قوم، فبال عليها قائمًا، فأتيته بوَضوء، فذهبت لأتأخر عنه، فدعاني حتى كنت عند عقبيه، فتوضأ، ومسح على خفيه.
{صحيح سنن الترمذي}
وجه التعارض: التناقض بين حديثي عائشة وحذيفة رضي الله عنهما، فهذا ينفي وهذا يثبت.
كيفية دفع التعارض: من العلماء من قال: إن حديث البول قائمًا منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها.
والصحيح الجمع، فنفي أم المؤمنين عائشة هو نفي لما لا تعلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبل قائمًا قط في البيوت.
وإثبات حذيفة رضي الله عنه لبول النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا كان في خارج بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ، والمثبت كما هو معلوم معه زيادة علم.
فالغالب على النبي صلى الله عليه وسلم البول قاعدًا، مع جواز البول قائمًا إذا احتاج إلى ذلك وأمن رشاش البول.
وقد ثبت عن عمر وعلي0 وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قيامًا، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عنه شيء.
{تحفة الأحوذي، تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة}
هذا والله أعلم، وللحديث بقية.
(1) المروط: جمع مِرْط، وهو كساء معلم من صوف أو خز.
(2) الغلس: ظلمة آخر الليل.
(3) سُباطة: هي المزبلة.
يتبع ان شاء الله
رد: التعارض الظاهري للنصوص
النسخ في السنة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
ذكرنا في الأعداد السابقة خطوات دفع التعارض الظاهري بين النصوص، ورأينا أنه متى أمكننا الجمع بين الدليلين وجَبَ ذلك، وضربنا أمثلة عملية على ذلك، وفي هذا العدد- إن شاء الله- سننتقل إلى الخطوات التالية لدفع التعارض، ألا وهي النسخ، والنسخ لا يصار إليه إلا في حالة عدم القدرة على الجمع.
والنسخ هو رفع حكم متقدم بحكم تالٍ متأخر، وهو ليس من السهولة بمكان، حتى قال الزهري- رحمه الله- أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ الحديث من منسوخه.
مثال (1): "إنما الماء من الماء":
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما الماء من الماء". {رواه مسلم}.
- وعن أُبي بن كعب رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال؛ في الرجل يأتي أهله ثمَّ لا ينزل، قال: يغسل ذكره ويتوضأ. {رواه مسلم}
والماء الأول في الحديث هو الماء المعروف، وأما الماء الثاني فهو المني، وهذا من باب الجناس التام، والمعنى أنه لا غسل إلا بنزول المني.
الحديث الناسخ: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب عليه الغسل، وإن لم يُنزل". {متفق عليه، "وإن لم يُنزل" عند مسلم}
فالحديث الثاني ناسخ للحديثين الأولين وما في معناهما، قال العلماء: العمل على هذا الحديث (الناسخ)، وأما حديث الماء من الماء فالجمهور من الصحابة ومن بعدهم قالوا: إنه منسوخ.
{شرح النووي على صحيح مسلم}
تنبيه: في حديث "إنما الماء من الماء" نسخ فيه مفهوم المخالفة لا منطوقه، فالمنطوق وهو إيجاب الغسل بنزول المني، هذا لا خلاف فيه.
أما مفهوم المخالفة وهو عدم إيجاب الغسل عند عدم نزول المني؛ فهو الذي نُسخ.
والنسخ هنا وقع بإجماع الأمة، وأن عدم الغسل إلا بالإنزال كان في أول الأمر ثم نُسخ بالحديث الذي ذكرناه وما في معناه من أحاديث أخرى.
مثال (2): الوضوء مما مست النار:
عن عائشة رضي الله عنها تقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "توضؤوا مما مست النار". {أخرجه مسلم}
الحديث الناسخ: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عرقًا (أو لحمًا) ثم صلى ولم يتوضأ ولم يمس ماءً. {متفق عليه}
- وعن جابر رضي الله عنه قال: كان آخر الأمرين من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. {صحيح أبي داود وغيره}
فالحديث الأول نُسخ بفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وبتصريح جابر رضي الله عنه كما بالحديث الثاني.
فجماهير العلماء من السلف والخلف على أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار.
{شرح النووي لمسلم}
وقد حمل بعض أهل العلم الوضوء مما مست النار على الاستحباب، فقالوا بالنسخ لكن من الوجوب إلى الاستحباب.
مثال (3): الغُسْل من غَسَل الميت:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من غسّل ميتًا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ". {صحيح أبي داود وغيره}
وظاهر الأمر في الحديث يدل على الوجوب.
الحديث الناسخ: حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس عليكم في غُسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم".
- قول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا نغسّل الميت فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل.
قال الألباني رحمه الله: والحديثان موقوفان؛ أولهما حسن، والثاني صحيح ولهما حكم الرفع.
{أحكام الجنائز}
والنسخ هنا انتقال الأمر من الوجوب إلى الاستحباب، من شاء فعل ومن شاء ترك ولا حرج.
مثال (4): القيام للجنازة:
عن عامر بن ربيعة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلِّفكم أو توضع. {متفق عليه}
في الحديث الأمر بالقيام للجنازة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم إذا مرت به الجنازة، حتى إنه قام لجنازة يهودي، وقال: "أليست نفسًا".
الحديث الناسخ: حديث علي رضي الله عنه، وله ألفاظ:
1- قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للجنازة فقمنا، ثم جلس فجلسنا. {مسلم وغيره}
2- كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك، وأمرنا بالجلوس. {أحمد وغيره، وله ألفاظ أخرى مخرَّجة في أحكام الجنائز للألباني}
ونسخ القيام للجنازة على نوعين: نسخ قيام الجالس لها إذا مرَّت، وهو منسوخ بالأحاديث المذكورة.
والنوع الثاني نسخ القيام لها عند تشييعها حتى توضع في قبرها، فعن طريق إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزُّرقي عن أبيه قال: شهدت جنازة بالعراق، فرأيت رجالاً قيامًا ينتظرون أن توضع، ورأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يشير إليهم أن اجلسوا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالجلوس بعد القيام. {أحكام الجنائز للألباني، قال: والحديث أخرجه الطحاوي بسند حسن}
- قال الإمام النووي في "شرح مسلم": اختلف الناس في هذه المسألة (القيام للجنازة إذا مرَّت)، فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: القيام منسوخ، وقال أحمد وإسحاق بن حبيب وابن الماجشون المالكيان: هو مخيَّر.
قال: واختلفوا في قيام من يشيعها عند القبر، فقال جماعة من الصحابة والسلف: لا يقعد حتى توضع... وكرهه قوم.. ثم اختار النووي أن يكون الأمر للندب، والقعود بيانًا للجواز.
مثال (5): صوم يوم عاشوراء:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة صامه، وأمر بصيامه، حتى إذا فرض رمضان كان هو الفريضة، وترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه.
{متفق عليه}
- وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء، ويحثنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما افترض رمضان لم يأمرنا، ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده.
{أخرجه مسلم وغيره}
- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صامه والمسلمون قبل أن يفترض رمضان، فلما افترض رمضان قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إن عاشوراء يوم من أيام الله (عز وجل)، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه".{أخرجه مسلم وغيره}
- وقد اتفق العلماء جميعًا على أن صوم عاشوراء الآن مستحب، ولكنهم اختلفوا في حكم صومه في أول الإسلام، فقال جماعة: إن صومه كان واجبًا ثم نُسخ بالأحاديث التي ذكرناها، وقال آخرون: إن صومه لم يكن واجبًا وحملوا الأحاديث المذكورة على تأكيد الاستحباب ولهم أحاديث أخرى تؤيد استدلالهم، فلتراجع في مظانها. {الناسخ والمنسوخ في الحديث لابن شاهين وهامشه}
مثال (6): الحجامة للصائم:
في الحديث: "أفطر الحاجم والمحجوم".
{أخرجه البخاري}
وقد ذهب جمهور العلماء إلى القول بنسخه للأسباب الآتية:
1- حديث أنس رضي الله عنه قال: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أفطر هذان"، ثم رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة. {رواه الدارقطني وقال: رجاله كلهم ثقات}
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: رخَّص رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في القُبلة للصائم والحجامة. {إرواء الغليل}. والترخيص يكون بعد النهي.
والنبي صلى الله عليه وسلم - كما بالبخاري- احتجم وهو صائم، واحتجم وهو محرم. {إرواء الغليل}
قال ابن حزم: صح حديث: "أفطر الحاجم والمحجوم" بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجمًا أو محجومًا.
{تحفة الأحوذي}
مثال (7): زيارة المقابر:
- عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، {فإنها تذكركم الآخرة}، {ولتزدكم زيارتها خيرًا}، {فمن أراد أن يزور فليزر، ولا تقولوا هُجرًا}". {أصل الحديث رواه مسلم، والزيادات مخرجَّة في أحكام الجنائز للألباني}
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن فيها عبرة، {ولا تقولوا ما يُسخط الرب} ". قال النووي: وكان النهي أولا لقرب عهدهم من الجاهلية، فربما كانوا يتكلمون بكلام الجاهلية الباطل، فلما استقرت قواعد الإسلام، وتمهدت أحكامه، واشتهرت معالمه أبيح لهم الزيارة، واحتاط النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "ولا تقولوا هُجرًا (الكلام الباطل)".
وقال الصنعاني في سبل السلام: الكل دال على مشروعية زيارة القبور وبيان الحكمة فيها، وأنها للاعتبار، فإذا خلت من هذه لم تكن مرادة شرعًا.
- والنساء كالرجال في استحباب زيارة القبور لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "فزوروا القبور".
ولمشاركتهن الرجال في العلة التي من أجلها شرعت زيارة القبور: "فإنها ترق القلب، وتدمع العين، وتذكر الآخرة".
وللأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم بالترخيص لهن والزيارة، وقد روت أم المؤمنين عائشة هذه الأحاديث، بل وعلَّمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ماذا تقول إذا زارت المقابر.
{أحكام الجنائز للألباني بتصرف}
مثال (8): زواج المتعة:
- عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع، قالا: خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا، يعني متعة النساء. {متفق عليه}
الحديث الناسخ: عن ابن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال: "يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئًا". {أخرجه مسلم}
- وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية. {متفق عليه}
وقد كان نكاح المتعة جائزًا في أول الإسلام، ثم ثبت بالأحاديث الصحيحة أنه نسخ، وانعقد الإجماع على تحريمه، فهو حرام إلى يوم القيامة.
مثال (9): قتل شارب الخمر:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة، فاقتلوه".
{صحيح الترمذي وغيره}
قال الترمذي عقب إخراج الحديث: وإنما كان هذا في أول الأمر، ثم نسخ - بعدُ - وروى بسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: إن من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة، فاقتلوه، ثم قال: ثم أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة، فضربه، ولم يقتله.
وكذلك رَوى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن النبي صلى الله عليه وسلم ... نحو هذا، قال: فرفع القتل وكانت رخصة.
والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث.
ومما يُقوِّي هذا، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة، أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيِّب الزاني، والتارك لدينه". {سنن الترمذي}
قال القاري: المراد الضرب الشديد، أو الأمر للوعيد فإنه لم يذهب أحد قديمًا أو حديثًا إلى أن شارب الخمر يقتل، وقيل كان ذلك في ابتداء الإسلام ثم نسخ.
وقال ابن حبان في صحيحه: إذا استحل (الخمر)، ولم يقبل التحريم (يقتل).
وقال المنذري: قال الإمام الشافعي رحمه الله: والقتل منسوخ بهذا الحديث. {حديث قبيصة المذكور فيما سبق} وغيره.
وقد ذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل الشارب وأن القتل منسوخ. {تحفة الأحوذي}
مثال (10): إدخار لحوم الأضاحي:
- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال وهو يخطب العيد: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا (ذبائحنا) بعد ثلاث.
{متفق عليه}
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام. {مسلم}
- عن عبد الله بن واقد رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، قال عبد الله بن أبي بكر: فذكرت ذلك لعَمْرةَ فقالت: صدق، سمعت عائشة تقول: دفَّ أهل أبيات من أهل البادية عند الأضحى زمن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "أخروا ثلاثًا، ثم تصدقوا بما بقي"، فلما كان بعد ذلك قالوا: يا رسول الله، إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم، ويجملون منها الوَدَك، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "وما ذاك؟"، قالوا: نهيت أن تؤكل الضحايا بعد ثلاث، فقال: "إنما نهيتكم من أجل الدافَّة(1) التي دفَّت، فكلوا وادخروا وتصدقوا". والدافة: القوم يُجدبون في القحط. {رواه مسلم}
- عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلاَّ في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكرًا". {رواه مسلم}
قال النووي: واختلف العلماء في الأخذ بهذه الأحاديث، فقال قوم: يحرم إمساك لحوم الأضاحي، والأكل منها بعد ثلاث، وإن حكم التحريم باقٍ كما قال علي وابن عمر.
وقال جماهير العلماء: يُباح الأكل والإمساك بعد الثلاث، والنهي منسوخ بهذه الأحاديث المصرحة بالنسخ لا سيما حديث بريدة، وهذا من نسخ السنة بالسنة. {شرح النووي لمسلم}
وللحديث بقية إن شاء الله رب العالمين.
(1) الدافة: المراد بهم ضعفاء الأعراب.