تأويل سورة الفلق
-----------------
قال الطبري رحمه الله"
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلم [قل يا محمد: أستجير بربّ الفلق من شرّ ما خلق من الخلق.
******************
قال الطبري بعد استعراضه الأقوال في معنى الفلق "
{والصواب من القول في ذلك، أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أمر نبيه محمداًصلّى الله عليه وسلم [أن يقول: { أعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ } والفلق في كلام العرب: فَلق الصبح، تقول العرب: هو أبينُ من فَلَق الصُّبح، ومن فَرَق الصُّبح. وجائز أن يكون في جهنم سجن اسمه فَلَق. وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن جلّ ثناؤه وضعَ دلالة على أنه عُنِي بقوله { بِرَبِّ الْفَلَقِ } بعض ما يُدْعَى الفلق دون بعض، وكان الله تعالى ذكره ربّ كل ما خلق من شيء، وجب أن يكون معنياً به كل ما اسمه الفَلَق، إذ كان ربّ جميع ذلك.وقال جلّ ثناؤه: { مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ } لأنه أمر نبيه أن يستعيذ من شرّ كل شيء، إذ كان كلّ ما سواه، فهو ما خَلق.
--------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله"
وقوله: { وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إذَا وَقَبَ } يقول: ومن شرّ مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه.
*********************
وبعد استعراضه للأقوال في معنى الغاسق قال
{وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، أن يقال: إن الله أمر نبيه [ أن يستعيذ { مِنْ شَرِّ غاسِقٍ } وهو الذي يُظْلم، يقال: قد غَسَق الليل يَغْسُق غسوقاً: إذا أظلم. { إذَا وَقَبَ } يعني: إذا دخل في ظلامه والليل إذا دخل في ظلامه غاسق، والنجم إذا أفل غاسق، والقمر غاسق إذا وقب، ولم يخصص بعض ذلك بل عمّ الأمر بذلك، فكلّ غاسق، فإنه [ كان يُؤمر بالاستعاذة من شرّه إذا وقب---
وكان قتادة يقول في معنى وقب: ذهب.
* عن قتادة { غاسِقٍ إذَا وَقَبَ } قال: إذا ذهب.ولست أعرف ما قال قتادة في ذلك في كلام العرب، بل المعروف من كلامها من معنى وقب: دخل.
-----------------------------------------
قال الطبري رحمه الله"
{وقوله: { وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ } يقول: ومن شرّ السواحر اللاتي ينفُثن في عُقَد الخيط، حين يَرْقِين عليها.
------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله"
وقوله: { وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ }: اختلف أهل التأويل في الحاسد الذي أمر النبيّ [صلّى الله عليه وسلم "أن يستعيذ من شرّ حسده به، فقال بعضهم: ذلك كلّ حاسد أمر النبيّ [IMG] أن يستعيذ من شرّ عينه ونفسه.
وقال آخرون: بل أُمر النبيّ صلّى الله عليه وسلم ] بهذه الآية أن يستعيذ من شرّ اليهود الذين حسدوه
******************
قال الطبري رحمه الله"
وأولى القولين بالصواب في ذلك، قول من قال: أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلم ] أن يستعيذ من شرّ كلّ حاسد إذا حسد، فعابه أو سحره، أو بغاه سوءاً.وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب، لأن الله عزّ وجلّ لم يخصص من قوله { وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إذَا حَسَدَ } حاسداً دون حاسد، بل عمّ أمرُه إياه بالاستعاذة من شر كلّ حاسد، فذلك على عمومه.}